المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معاني في الإسراء والمعراج



هيا الشريف
08/08/2007, 09:57 PM
يولع بعض الباحثين بالمبالغة في تصوير حياة النبي صلى الله عليه وسلم على أنها حياة بشر عادية وذلك من خلال الإطناب في بيان أن حياته صلى الله عليه وسلم ، لم تكن معقدة وراء الخوارق والمعجزات .. بل ان الخوارق والمعجزات ليست من شأنه وليس له إليها سبيل ويكثرون في هذا من الاستشهاد بمثل قوله تعالى (قل إنما الآيات عند الله)
بحيث يخيل للقارئ او السامع ان سيرته صلى الله عليه وسلم بعيدة كل البعد عن المعجزات والآيات التي يؤيد بها الله في العادة أنبياءه الصادقين
وإذا أمعنا في منبع هذه النظرية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد أنها في الأصل فكرة بعض المستشرقين والباحثين الأجانب من امثال غوستاف لوبون واوجست كونت وهيوم وجولدزيهر وغيرهم.
ثم نظر محترفو التشكيك وارباب الغزو الفكري فوجدوا في هذا مايفتح افاق وميادين جديدة لغزوهم الفكري .. فراحوا يرجون صفات معينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كالبطولة والعبقرية والقيادة في عبارات من الإعجاب والإطراء ويبالغون في الوقت نفسه في تصوير حياته العامة بعيدة عن كل مالايدركه العقل من المعجزات وخوارق العادات كي يتم إنشاء صورة جديدة للنبي صلى الله عليه وسلم في أذهان المسلمين مع مرور الزمن قد تكون صورة (محمد العبقري) او تكون صورة (محمد القائد)او تكون صورة (محمد البطل) ولكنها لا ينبغي ان تكون على أي حال من الأحوال صورة (محمد النبي الرسول)إذ تكون جميع حقائق النبوة بما يحف بها ويستلزمها من وحي وغيبيات وخوارق ذلك لأن ظاهرة الوحي والنبوة تعتبران في رأس المعجزات.......:

وعليه ... على المسلم كل المسلم ان يستشعر دائما وابدا في ذكرى الإسراء والمعراج معاني على غاية من الأهمية منها:

• إن من أعظم الدروس التي تتضمنها حادثة الإسراء والمعراج توحيد الله سبحانه ووصفه بكل صفات الكمال وتنزيهه عن كل نقصان ن ودليل ذلك بداية الآية الكريمة " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً .." .


• إن حادثة الإسراء والمعراج أعلنت أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس من طراز القادة والزعماء الذين لا تتجاوز مواهبهم وجهودهم حدود الشعوب والبلاد ولا تسعد بهم إلا الشعوب التي يولدون فيها والبيئات التي ينبعون منها إنما هو من جماعة الأنبياء والرسل الذين يحملون رسالات السماء إلى الأرض ويحملون رسالات الخالق وتسعد بهم الإنسانية على اختلاف شعوبها وطبقاتها وعهودها وأجيالها.

0أن الإسراء والمعراج كان بكل من الروح والجسد معا، على ذلك اتفق جمهور العلماء المسلمين المتقدمين منهم والمتأخرين.. وفي ذلك يقول ابن حجر في شرحه على البخاري " ان الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه وإلى هذا ذهب جمهور علماء الحديث والفقهاء والمتكلمين وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة ولا ينبغي العدول عن ذلك إذ ليس في العقل مايحيله حتى يحتاج إلى تاويل".





• إن حديث الإسراء والمعراج متفق عليه بين أهل الحديث والسيرة وثبت بآيات قرآنية وبأحاديث نبوية فهو قطعي الثبوت . وهو بإجماع جماهير المسلمين من معجزاته وفي إنكاره صلى الله عليه وسلم إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة .

• إن الاقتران الزماني والمكاني بين إسرائه صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس والعروج به إلى السماوات السبع لدلالة باهرة على مدى ما لهذا البيت من مكانة وقدسية عند الله تعالى وفيه دلالة واضحة أيضاً على العلاقة الوثيقة بين ما بعث به كل من عيسى بن مريم ومحمد بن عبد الله عليهما السلام وعلى ما بين الأنبياء من رابطة الدين الواحد الذي بعثوا به وفيه دلالة على واجب المسلمين في الحفاظ على هذه الأرض وحمايتها من مطامع أعداء الإسلام
ومن يدري ؟ فلعل واقع هذا الإسراء العظيم هو الذي جعل صلاح الدين الأيوبي رحمه الله يسبسل ذلك الاستبسال العظيم ويفرغ كل جهده في سبيل صد الهجمات الصليبية عن هذه البقعة المقدسة حتى ردهم على اعقابهم خائبين.

• كان البداية الحقيقة لرحلة الإسراء والمعراج بشق صدره للمرة الثالثة وغسل قلبه صلى الله عليه وسلم وبملئه بالإيمان استعدادا للقاءه مع الأنبياء والملائكة والمثول بين رب العالمين هو أمر من معجزاته عليه الصلاة والسلام تقضيه تلك الرحلة إلى الحضرة الإلهية والاطلاع على عوالم الغيب ، ومثل هذه الأمور الخارقة للعادة يجب التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته لمقدرة الله تعالى التي لا يستحيل عليها شيء .


• حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إخبار قومه بما منَّ الله تعالى عليه بهذا الإكرام رغم توقع التكذيب درس واضح كذلك أن علينا أن نمضي في سبيل الله لا نعبأ بمن يحارب أويستعد للمحاربة لأننا ماضون على خطى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام : " يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين ".

• فوز أبو بكر رضي الله عنه بلقب الصديق فهو صديق هذه الأمة وهو الذي علّمنا كيف يكون التعامل مع ما يأتي من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .


• إن فرض الصلوات الخمس في ليلة المعراج دليل على أهمية هذا الركن من أركان الإسلام الذي يجب أن يكون معراجاً يرقى بالناس كلما تدلت بهم شهوات النفوس وأغراض الدنيا . كأنما الصلاة للمؤمن معراج مُصغَّر يتجه المؤمن بقلبه إلى الله سبحانه وتعالى . وحري بالمسلمين والمسلمات أن يحافظوا على هذه الصلوات الخمس ويتطهروا بها يومياً من ذنوبهم فهي بأجر خمسين صلاة عند الكريم العليم .


• لعل الحكمة في مرور هذه الرحلة ببيت المقدس ولم تكن من المسجد الحرام إلى سدرة المنتهى مباشرة هو أنه عندما أهدر اليهود كرامة الوحي وأسقطوا أحكام الله حلت بهم لعنة الله وتقرر تحويل النبوة عنهم إلى الأبد على الرغم من أنها ظلت فيهم زماناً طويلاً ومن ثم كان مجيء الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم انتقالاً بالقيادة في العالم من أمة على أمة ومن بلد إلى بلد ومن ذرية إسرائيل إلى ذرية إسماعيل وهو انتقال فيه احترام للإيمان الذي درج قديماً في رحابه .



** وفي ذلك دلالة على مدى ما ينبغي أن يوجد لدى المسلمين في كل عصر ووقت من الحفاظ على هذه الأرض المقدسة وحمايتها من الدخلاء وأعداء الدين وكأن الحكمة الإلهية تهيب بمسلمي هذا العصر أن لا يهنوا ولا يجبنوا ولا يتخاذلوا أمام عدوان اليهود على هذه الأرض المقدسة وأن يطهروها من رجسهم ويعيدوها إلى أصحابها المؤمنين .