المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إِسْــفَار!



حسين العفنان
20/07/2007, 03:31 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

((لمْ تَستطعِ (الهَيْئةُ) أنْ تَردَنِي عَنكِ ،
استطعتُ أنْ أخرجَ من حَبْسِهم وَأَنَا رفيعُ الرَّأسِ ،
لمْ يَجِدوا ذرّة تُدينني(والتفتَ إليها) :
تَحملتُ كلَّ ظُلمِهم مِن أجلكِ يا حَبيبتِي...!))

/
إِسْــفَار!
بدأتْ خفقاتُ قلبِّها تَتَريث ، ونَفَسها يعودُ إلى طبيعتِهِ ، فقد خَرجا من السُّوقِ ،وغابتْ سيارتُهما فِي سُحُب كَثيفةٍ من المُنعطفاتِ ، لكنْ ما زالتْ متوترةً...قلقةً...حائرةً!! لم تستطعْ أنْ تَتَبسط مَعَه كالسَّالفِ، فهذِهِ أولُ مرةٍ يُلح عليها بالخُروج في هذا الوَقتِ المُبكرِ ، عبثًا حاولتْ إقناعَه بالجلوسِ في المَطعمِ كانَ مُضطربًا لا يستقرُ على حَالٍ ، مُتلونًا لا ينفكُ بَصرُهُ عَن هَاتِفِه!!
فلما تَزعزتْ قالتْ مُوبخةً نَفْسها :
ما بكِ..؟!كأنّكِ أَول مرّةٍ تخرجينَ معه؟! أ ليسَ بينَكِ وَبينَه عَلاقة حَالمة تُحْسدينَ عليها؟! لم يَتجرأْ ـ على كثرةِ مجالسِكما ـ أنْ يمسكِ بسوءٍ، بلْ كانَ طاهرًا شريفًا ، وقدْ وعدكِ وعدَ حُرٍّ بِالزَّواجِ ـ فأشرقَ وَجْهَها حِينَ ذكرتِ الزَّواجِ ـ ثمّ حَدقتْ فِي وَجهه والغرورُ يُداعبُها : لعلَّ شَغفَه بي دَفعه إلى هَذا...!!
***
كانَ قريبًا مِن (خَالدٍ) تَشوشُ سَكِينتِها واضطرابُها ، فَدافعَ قَلقَه وقالَ:
ـ لمْ تَستطعِ (الهَيْئةُ) أنْ تَردَنِي عَنكِ ،استطعتُ أنْ أخرجَ من حَبْسِهم وَأَنَا رفيعُ الرَّأسِ ، لمْ يَجِدوا ذرّة تُدينني(والتفتَ إليها) تَحملتُ كلَّ ظُلمِهم مِن أجلكِ يا حَبيبتِي...!
ـ فَقَطعته حِينَ ذكرَ (الهَيْئة) فائرةً :
ـ كُرهِي لـ(لمُطاوعة) وُلدَ مَعي! واشتدَ حِينَ أَلقوا القَبضَ عَليكَ!لا أَدرِي كَيفَ قَضيتُ تِلكَ اللّياليَ خِلوًا مِنكَ؟! دعْ ذِكرَهم فإنّه ينغصُ العيشَ...!
(وَأضافتْ ) أُبشرُكَ صَرختُ فِي أَهلي وَ رَددتُ الخَاطبَ(سعودا) وفاءً لكَ..!!
فَتفاقمَ تَوترُهُ !وَطفَا على وَجهِهِ وَقيادتِهِ، فارتجَّ عَليهِ...!واسْترسلتْ :
ـ كمْ سيبتهجُ أهلِي حِينَ تقفُ فِي بَابِنا...!
***
فقطعَ حديثَها وُقوفُهُ المُفاجِئُ أمامَ إحدى الاسْتراحَاتِ!! وَاصطدمتْ بِقولِهِ :
ـ ها..وصلنا...!!
فَردّتْ والرهبةُ تَتصورُ فِي قلبِّها:
ـ ألمْ تقلْ: إنّنا نُريدُ أنْ نَتنزهَ قَليلا ثمّ نَعودُ إلى السُّوقِ؟!
فأمسكَ يَدها بِقوةٍ ، وَهو يَبتسمُ ابْتسامةً مُنكرةً:
ـ بَلى بَلى يَا حَبيبتِي...!! سَنعودُ... سَنعودُ..!!
فآبَ إليها عَقلّها..!!فهمّتْ أنْ تصرخَ...فَسلخَ صوتَها رَجلٌ خشنٌ جَبذَها خَارجَ السَّيارةِ وأَدخَلها الاستراحَةَ بِشدةٍ!!
***
حِينَ رَأتْ أَصاحِيبَ (خَالدٍ) يَأكلونَها بِنظراتِهم الجَائِعة، وَضحكاتُهم الخَبيثةُ، ونياتُهم القذرةُ، تقرعُ سمعَها وَبصرَها ، علمتْ أنّها حلتْ بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ! فتحيرتْ في عينِها دمعةٌ خرساءٌ، فصرختْ حَتى كَادتْ نَفْسُها تَتَمزقُ:
ـ أيها الخَائنُ..!! أيها المُجرمُ..!!أيها الكَنودُ..!!
لكنْ تشتتِ الضَّعيفةُ فِي غَياهِبِ دُونيتِهم، فاشرأبّتِ الأعْناقُ وَتطاولتِ الأيدِي كلٌّ لِنفسهِ!! وَما فتِئ قَذَرُ ألسنتِهم يَتَهاوى على رَأْسِها كالصَّخرِ!!
***
وَفِي طَرفةِ عَينٍ لبسَهمُ الذُّعرُ! خَبتْ ضحِكاتُهم! التَفَتُوا عَنها!!
سَمعُوا وقعَ أقدامٍ في البَاحَةِ !
فتَطَايروا مِن أمامِها كالذُّبابِ وهم يرددونَ:
الهيئةَ...الهيئةَ...!!
فأضاءتْ قسماتُها، وتَماطرتْ عَبراتُها: (الهيئة...)!!
وتحدرَ هذا الاسمُ النُّوراني كَالماءِ الشَّبم على نفسِها الهَشيمةِ، فكانتْ كالذَّابلةِ بَاكرَها الغَيثُ ، فتوهجتْ وَرَبتْ وَأحستْ أنَّها وُلِدتْ كَرّةً أُخرى...!
بقلم : حسين العفنان ـ حائل الطّيبة

محمد الزهراني
20/07/2007, 10:57 AM
الأستاذ الأخ الحبيب الأديب البليغ : حسين العفنان..

أعجبتني (إسفار) كثيراً بل انسابت في حناياي كالماء البارد على وقدة الرمضاء و صهد القيظ.

ما شاء الله..

-هدف سامٍ
-توجيه أريب
-لفتة وفية..
-موعظة قوية..
-لغة رفيعة بليغة نقية.
-حرف سامق عليه نداوة الحق.
-ذكاء في اختيار العنوان الموحي والذي يعكس لحظة التنوير في القصة. (مجيءَ رجال الهيئة إلى الاستراحة، وإنقاذهم للتي كانت تصرح ببغضها لهم قبل ذلك..)

أثلجت صدري بهذه الدرة بعد أن أثلجت صدري خطبة الجمعة هذا اليوم.
كانت رؤية قصتك مفتتحاً طيباً لي هذا اليوم في الشابكة.!
ورأيتُ لوحة المفاتيح تسهو في:
- (..أشرقَ وجهَها، وجهها مرفوعة أم منصوبة في السطر السادس ..)
-لـ(لمُطاوعة)، سقطت الألف.
-عَقلّها ، عقلُها.

وفقك الله لما يحب ويرضاه ووفقني.
أخوك..

د.ألق الماضي
20/07/2007, 06:59 PM
الأستاذ الفاضل ...حسين العفنان...
لا حرمك الله الأجر...
أوافق شاعرنا الكريم أبا إياد...في إعجابه بالعنوان...( إسفار ) ؛ إذ هو في حد ذاته حكاية...

حسين العفنان
21/07/2007, 11:21 AM
الأستاذ الأخ الحبيب الأديب البليغ : حسين العفنان..



أعجبتني (إسفار) كثيراً بل انسابت في حناياي كالماء البارد على وقدة الرمضاء و صهد القيظ.


ما شاء الله..


-هدف سامٍ
-توجيه أريب
-لفتة وفية..
-موعظة قوية..
-لغة رفيعة بليغة نقية.
-حرف سامق عليه نداوة الحق.
-ذكاء في اختيار العنوان الموحي والذي يعكس لحظة التنوير في القصة. (مجيءَ رجال الهيئة إلى الاستراحة، وإنقاذهم للتي كانت تصرح ببغضها لهم قبل ذلك..)


أثلجت صدري بهذه الدرة بعد أن أثلجت صدري خطبة الجمعة هذا اليوم.
كانت رؤية قصتك مفتتحاً طيباً لي هذا اليوم في الشابكة.!
ورأيتُ لوحة المفاتيح تسهو في:
- (..أشرقَ وجهَها، وجهها مرفوعة أم منصوبة في السطر السادس ..)
-لـ(لمُطاوعة)، سقطت الألف.
-عَقلّها ، عقلُها.


وفقك الله لما يحب ويرضاه ووفقني.

أخوك..



الأديب الموفق والصديق القريب م/ محمد بن أحمد الزهراني
سقط وجهي خجلا من هذه الحروف التي تدل على جلال صدرك وسعة خلقك!
وأشكرك شكرا كبيرا على تسريح نظرك في حروفي المتواضعة ، وعلى استدراكاتك المباركة!
رفع الله قدرك وزادك شرفا ورفعة وتوفيقا!

حسين العفنان
21/07/2007, 11:24 AM
أخي الحبيب / محمد الزهراني

كلمة (للمطاوعة) أي ألف تقصد؟!

حسين العفنان
21/07/2007, 11:27 AM
الأستاذ الفاضل ...حسين العفنان...



لا حرمك الله الأجر...


أوافق شاعرنا الكريم أبا إياد...في إعجابه بالعنوان...( إسفار ) ؛ إذ هو في حد ذاته حكاية...



الأديبة المكرمة الجليلة د.ألق الماضي
حضور شرف وبارك فجزاك الله كل توفيق وخير!