المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كبريت ..كبريت ..



السناء
31/03/2005, 12:09 PM
[align=center:4e5bfdd540]



صدى صوتها كان يخترق الطرقات كقطرات المياه المنسابة بخفة من سطوح المنازل المهترئة ..تعزف عزفا هادئا فوق الأرصفة تنقش بسيلانها دروبا متعرجة بين ركام الثلوج المسهدة هنا وهناك ..تمازجت و صيحاتها التي تبحث عمن يشتري عمن يبتاع ..عمن يريد .."كبريت ..كبريت .."

لم يكن أحد ليهتم ..ولم يكن صوتها ليهدأ ..ظلت تهمس ..ظلت تدندن "كبريت كبريت ..."وكأنه شدو بلبل عذب الترانيم ..يبعث الدفء كيفما حل وأينما ارتحل ..يقشع غيوم المدافيء الرمادية ..بائعة صغيرة رقيقة هشة ..وبضاعتها أعواد من الكبريت ..الكثير الكثير من الكبريت..


البرد والثلج والصقيع ..والطريق الطويل ..كلها كانت كالليل العتيم غامضة وغريقة ..وكانت تسير قدميها الحافيتين العاريتين إلا من مسامات جلدها المصتكة ..تقفز قفزا فوق الأرض الباردة ..تحدق عيناها عاليا ..علّها تطرق حنين ما في عيون الآخرين ..الكبار الكبار الذين كانت خطاهم تسير أماما دافعة كل ما هو صغير ..داهسة كل مالا تراه ..نافثة زفرات باردة ..ولهاث جائع يطلب المزيد ..



البرد يتشابة والكثير من الأشياء ..يشبه الكره في جفوته والحقد في يبسه والحسد في جفائه والأنانية في قسوتها وسطوتها ..وكلها بغيضة وكلها لا تحتمل ..موجعة ..ومؤلمة ..وقارسة
رمت جذعها النحيل على حائط باطنه فيه الدفء وكل معانيه التائهة ..وخارجه ما يعني الصقيع ..تهاوت أرضا ببطء..كي لا تنزعج منها أحلام الكبار ..


كانت تزفر بنسمات دافئة ينفثها ثغرها المتلأليء الوردي .. رغم زرقة البرد ..نظرت لسلة تعانقها منذ الأزل ..تلك التي روتها الحكايا لنا ..مليئة مليئة بأعواد الكبريت ..بعضها ابتل وبعضها تكسر ..وبعضها لا زال فيه رمق ..



"لم لا

..أشعلها لي ..لي وحدي.."
>>
/هكذا هو البرد ..يعلّم الأنانية ../>>


وعاشت أنانيتها لحظة لحظة ..وبدأت بالإشتعال..بالتوهج ..



أحلام لفقير هنا ..غث الثياب .. وأماني للمحروم هناك تشتاقه الأحضان ... وكثير من السعادة لبعض التعساء والبؤساء ..وضمادات للمجروحين ..المكلومين العاشقين لحياة دافئة دفئا ربانيا غادقة بالكثير ... وهاهو عود آخر تشعله للباعة الصغار ..الذين تاه بهم المسير ..وإذ بهم ينتهون لأنفاق مظلمة أو متاهات مشقية ..علّهم يئوبون ..يتوبون ..يعودون..وآخر لجباه ما طأطأت الأرض ساجدة ولكن كي تسترزق فتمسح أحذية المهمّين .. ..وعود آخر صغير لقهر يسكنا ويأس يعشش فينا وموت يتسلل يقتنص بعضا منا>>




لم يرها أحد ...لم بعبأ بعبثها أحد ...فالكل مشغول ..ملهوف ..مسرع ..مليء بفراغات وفقاعات تحتله وتكتظ في دواخله فيبدو بدينا ..بدينا جدا ..هكذا دوما هم ..المهمّون ..بدينون ..دائما منتفخون ..متخمون ..




..والبرد لا يتلذذ إلا بها ..وحدها وبعودها النحيل ..الذي لا يملك سوى أعواد من الكبريت ..تشعلها عود عود .. .. وقليل من الأحلام تراودها..توميء لها بالإشتعال بقليل من الحياة ..وسط البرد الذي يحاصرها من كل إتجاه .



تعثر أحد المارة الكبار ..بقدمها الصغيرة وحظها العاثر ودفئها الغض ..لم يقع ..فمثله لا يقع ..و مع ذالك زمجر غضبا وتعجرف زجرا وزأر مستاءا ..وركل برجله كل أعواد الكبيرت المشتعله والمنطفئة ودهس ما بقي منها وهشم كل الأحلام التي كانت تبعث الدفء ..طحن بغضبه الكبير كل ما كان في ثنايا الرصيف ..وكل ما تخبئه أعواد الكبيرت ..كل اشتعال وكل توهج ..وكل النور ..


فالبرد كان حرفته واللثلج ينهمر منه يغمر كل رمق بالإخضرار بالتورق ..بالحياة ...

...>>

أرغمها على النهوض ..والمضي بعيدا ..حيث لا يراها ..فما كان مسطيعا أن يراها ..وما كان له أن يفعل ..


ظلت تهمس ..ظلت تدندن ..
هذه المرة ..ما كانت تملك شيئا من أعواد الكبريت ..كانت تمخر عباب الأرصفة ..وركام الثلوج ...وانهمارات المطر ..ما كانت تطلب الكثير ..
كانت فقط تبحث عن
"كبريت ..كبريت .."
\\
//
\\


في بكرة اليوم التالي ..حزنت الشمس فما اشتعلت ..وحبست المطر ..فما تقاطرت ..وضاقت أرصفة الطرقات ..حتى من بوح لأعواد الكبريت .>>[/align:4e5bfdd540]

طارق شفيق حقي
31/03/2005, 11:08 PM
البرد يتشابة والكثير من الأشياء ..يشبه الكره في جفوته والحقد في يبسه والحسد في جفائه والأنانية في قسوتها وسطوتها

[align=center:54eedb9b7f]السناء أي أحرف هذه أعتقد أننا تعرفنا على أحرف ذهبية تستحق النقد الذي أحب

موعدك النقد

تحياتي[/align:54eedb9b7f]

السناء
02/04/2005, 07:45 PM
أنتظر :roll: ..وأنتظر :? ..وأنتظر ..
:shock:


..أين أنت يا أستاذي الكريم ..والله متشوقة لسماع نقدك ..متشوقة جدا يا أخي الكريم فأين أنت ؟

ألن تكرمني بكلمات طيبة تعينني في كتاباتي القادمة ..فأينك يا أخي ؟

طارق شفيق حقي
02/04/2005, 10:53 PM
((
صدى صوتها كان يخترق الطرقات كقطرات المياه المنسابة بخفة من سطوح المنازل المهترئة))

أولا
يخترق كقطرات المياه لم أستحسن هذا التشبيه اختراق وانسياب متعاكستان اليس كذلك


أما هذه


تعزف عزفا هادئا فوق الأرصفة تنقش بسيلانها دروبا متعرجة بين ركام الثلوج المسهدة هنا

فجميلة حقا




((لم يكن أحد ليهتم ..ولم يكن صوتها ليهدأ))


هذا التنقل رائع ملفت حيوي جميل يشد المتابع



((بائعة صغيرة رقيقة هشة)) هذه الهشة لم ترقني ؟؟؟



((كلها كانت كالليل العتيم)) لا ادري هل تاكدت من كلمة العتيم اظن انها المعتم



((إلا من مسامات جلدها المصتكة)) المصطكة


((
البرد يتشابة والكثير من الأشياء ..يشبه الكره في جفوته والحقد في يبسه والحسد في جفائه والأنانية في قسوتها وسطوتها ..وكلها بغيضة وكلها لا تحتمل ..موجعة ..ومؤلمة ..وقارسة
رمت جذعها النحيل على حائط باطنه فيه الدفء وكل معانيه التائهة ..وخارجه ما يعني الصقيع ..تهاوت أرضا ببطء..كي لا تنزعج منها أحلام الكبار))

هنا تجسدت الروعة بالوصف حقا الربد يتشابه... جميلة أكاد أعيدها و أعيدها كي أصل للجمال الذي يغطيها والذي شدني معرفة دقائق الوصف وماهية الأمور المجردة كالحسد والجفاء والأنانية




((كانت تزفر بنسمات دافئة ينفثها ثغرها المتلألئ الوردي))

هنا الحظ من خلال بعض جمل القصة عدم موافقة بين بع الكلمات مثلا هنا تزفر ونسمات والكلمتان لا تتراكبان




((
لم يرها أحد ...لم بعبأ بعبثها أحد ...فالكل مشغول ..ملهوف ..مسرع ..مليء بفراغات وفقاعات تحتله وتكتظ في دواخله فيبدو بدينا ..بدينا جدا ..هكذا دوما هم ..المهمّون ..بدينون ..دائما منتفخون ..متخمون ..))وصف يدل على نقاء رهيف جميل وانتقاد للسواد بشكل فني

((

والبرد لا يتلذذ إلا بها ..وحدها وبعودها النحيل))

((تومئ لها بالاشتعال بقليل من الحياة ..))



(((لم لا

..أشعلها لي ..لي وحدي.."
>>
/هكذا هو البرد ..يعلّم الأنانية (((


هنا ربما لم اعرف سبب تغير منحى الايجابية للبطلة ربما هي مزاجية القلم وحرية كتابته لأي فكرة تخطر بباله ألجميه ولا تدعيه يكتب إلا في نسق توجه الرسم الذي رسمته للبطلة



وأخيرا أقول قصة بائعة الكبريت المعروفة وقد أعدت صياغتها كنت أتوقع شيئا جديدا حدثا أخر

وقد غاب التشويق على جمال الوصف لأن الحدث بتشويقه يحرك التابع كي يبحث عن تطور الحدث وبذلك تمسكيه وتجبريه على المتايعة ببعض تشويق وما كان التشويق إلا من استفسار أو طرح سؤال أو تقديم أو تأخير

مثلا : تساءل أحمد أي نهاية سينتهي بعد لقاء والده وهو الذي أخفى عنه سر علاقته بالموظف الجديد.........

أو ربما: بائعة الكبريت الجديدة التي أرادت نهاية غير التي نعرفها كانت تمشي عبر أروقة مدينة بغداد في العراق النازف لكن السافح بوش أراد لها النهاية المعروفة


طبع هذا مثال سريع
لكن لك أن تخلقي ما تشائين

نهاية أشكرك ابادع حقيقي يحتاج لبعض وقت كي ينضج ويكون بهيا كعود ثقاب لا ينطفئ

السناء
04/04/2005, 02:22 PM
شكرا لك أيها الطارق ..قرأتها مرارا ..
مرارا ..
وحقيقة أكثر ما أسعدني أنني ألمس منك قراءة عميقة جدا ..تعيش مع المعاني والمفردات ..فتستسيغ هذه وترفض هذه ..وتعلق على هذه ..

اسمح لي أن أسجل إعجابي بهذا النقد ..وعميق تقديري وإحترامي لك سيدي الكريم ..


سأكتب رد منفصل للأعلق على نقدك الطيب إذا سمحت لي ..

السناء
04/04/2005, 02:40 PM
((
صدى صوتها كان يخترق الطرقات كقطرات المياه المنسابة بخفة من سطوح المنازل المهترئة))

أولا
يخترق كقطرات المياه لم أستحسن هذا التشبيه اختراق وانسياب متعاكستان اليس كذلك



أي والله لم أنتبه لهذا الأمر ولكنك محق تماما ..

أما هذه


تعزف عزفا هادئا فوق الأرصفة تنقش بسيلانها دروبا متعرجة بين ركام الثلوج المسهدة هنا

فجميلة حقا

شكرا ..ويسعدني أنها أعجبتك


((لم يكن أحد ليهتم ..ولم يكن صوتها ليهدأ))


هذا التنقل رائع ملفت حيوي جميل يشد المتابع



((بائعة صغيرة رقيقة هشة)) هذه الهشة لم ترقني ؟؟؟

أردتها تعبر عن ضعفها ..سهولة الكسر تعني الضعف ضمنا ..يبدو أنها مرفوضة لغويا حسنا سأتنبه لها مرة أخرى ..


((كلها كانت كالليل العتيم)) لا ادري هل تاكدت من كلمة العتيم اظن انها المعتم


من أين أتأكد منها أنا هكذا كثيرا ما أتمادى بالكمات وأطوعها كما أريد :oops: هل نستطيع أن نقول بهيج مبهج عتيم معتم ظليم مظلم ..؟؟حقا لا تسخر مني أسأل جادة



((إلا من مسامات جلدها المصتكة)) المصطكة




((
البرد يتشابة والكثير من الأشياء ..يشبه الكره في جفوته والحقد في يبسه والحسد في جفائه والأنانية في قسوتها وسطوتها ..وكلها بغيضة وكلها لا تحتمل ..موجعة ..ومؤلمة ..وقارسة
رمت جذعها النحيل على حائط باطنه فيه الدفء وكل معانيه التائهة ..وخارجه ما يعني الصقيع ..تهاوت أرضا ببطء..كي لا تنزعج منها أحلام الكبار))

هنا تجسدت الروعة بالوصف حقا الربد يتشابه... جميلة أكاد أعيدها و أعيدها كي أصل للجمال الذي يغطيها والذي شدني معرفة دقائق الوصف وماهية الأمور المجردة كالحسد والجفاء والأنانية

عندما كتبتها قلت في نفسي ..هل سيقف أحد عند هذه خاصة الجملة الثانية ..أريد أ، أعرف من سيقف عندها ..هل تعلم كم يفرح أن يفهم أحد المعاني التي أردت ..لا تتخيل ..ما أسعدني بك ..




((كانت تزفر بنسمات دافئة ينفثها ثغرها المتلألئ الوردي))

هنا الحظ من خلال بعض جمل القصة عدم موافقة بين بع الكلمات مثلا هنا تزفر ونسمات والكلمتان لا تتراكبان

ممكن ..وجميل جدا أن تلفت نظري لهذا فالنسمة هادئة والزفير لا يعني الهدوء ربما يعني الضجر ..

]

((
لم يرها أحد ...لم بعبأ بعبثها أحد ...فالكل مشغول ..ملهوف ..مسرع ..مليء بفراغات وفقاعات تحتله وتكتظ في دواخله فيبدو بدينا ..بدينا جدا ..هكذا دوما هم ..المهمّون ..بدينون ..دائما منتفخون ..متخمون ..))وصف يدل على نقاء رهيف جميل وانتقاد للسواد بشكل فني



((

والبرد لا يتلذذ إلا بها ..وحدها وبعودها النحيل))

((تومئ لها بالاشتعال بقليل من الحياة ..))

هل يوجد تعليق هنا ونسيته أم أنها تتبع التي بعدها ؟




(((لم لا

..أشعلها لي ..لي وحدي.."
>>
/هكذا هو البرد ..يعلّم الأنانية (((


هنا ربما لم اعرف سبب تغير منحى الايجابية للبطلة ربما هي مزاجية القلم وحرية كتابته لأي فكرة تخطر بباله ألجميه ولا تدعيه يكتب إلا في نسق توجه الرسم الذي رسمته للبطلة


في الحقيقة أنا لم أغير المنحى الإيجابي لها ..ولكني صغت ووصفت هذا الموقف بطريقة ساخرة متهكمة فهل تكون أنانية لو طلبت بعض الدفء بغشعال أعواد الكبريت لها لوحدها وسط كل هذا التجاهل من حولها والقوة التي تحيط بها ..ليست أنانية أبدا ..ولكنه التهكم على حال هؤلاء الذين قد ينسون في بعض لأوقات أن لهم حق ما لا بأس إن نالوا شيءا منها ..

وفعل ملحوظتك طيبة وهي أن أوجه القلم سأحرص على هذا تأكد ..شكرا ألف شكر لروعتك


وأخيرا أقول قصة بائعة الكبريت المعروفة وقد أعدت صياغتها كنت أتوقع شيئا جديدا حدثا أخر

وقد غاب التشويق على جمال الوصف لأن الحدث بتشويقه يحرك التابع كي يبحث عن تطور الحدث وبذلك تمسكيه وتجبريه على المتايعة ببعض تشويق وما كان التشويق إلا من استفسار أو طرح سؤال أو تقديم أو تأخير

مثلا : تساءل أحمد أي نهاية سينتهي بعد لقاء والده وهو الذي أخفى عنه سر علاقته بالموظف الجديد.........

أو ربما: بائعة الكبريت الجديدة التي أرادت نهاية غير التي نعرفها كانت تمشي عبر أروقة مدينة بغداد في العراق النازف لكن السافح بوش أراد لها النهاية المعروفة


طبع هذا مثال سريع
لكن لك أن تخلقي ما تشائين

فهمت ..فهمت ما تريد حقا ..ومعك حق ..كان يمكن أن تنتهي بشكل أفضل وأعمق ..شعرت بهذا والله ..شكرا لك سأتنبه لذلك المرة القادمة ..

نهاية أشكرك ابادع حقيقي يحتاج لبعض وقت كي ينضج ويكون بهيا كعود ثقاب لا ينطفئ

شكرا لهذا التشجيع الإيجابي ..فخورة بتعليقك ونقدك ..لا تحرمنا منه رجائا ..

بوركت وجزيت خير جزاء

السناء ..

صلاح الحسن
09/04/2005, 03:27 PM
[align=center:4c8f5b26c9]وصف يستحق الثناء

جمل متراسلة , دقة في التعبير

واعتقد أن نقد الأخ طارق قد أوفى القصة حقها[/align:4c8f5b26c9]

السناء
14/04/2005, 07:47 PM
شكر لهذا الثناء أستاذي الكريم ..
شكر لهذا المرور المبهج حقا ..

كل إحترامي وتقديري أخي الكريم صلاح حسن