حمادة زيدان
23/05/2007, 08:35 AM
قصة قصيرة
بقلم
حمادة زيدان
هى خطبتى الأولى للناس ... كيف لى أن أُلقي خطبة على الناس وانا غير مؤهل وغير قابل لذلك ... كيف لى أن أحرم شيئاً أغرق فيه حبا حتى الموت ... كيف لى أن أُحرم لهم الأغانى وأنا من عشاقها ... منذ طفولتى وأنا أعشق الفن بجميع أصنافه , فقد مارست جميع أنواعه منذ طفولتى كنت عضواً بفريق المسرح بمدرستى , وكنت دائماً أعشق الرقص والغناء ... فكيف لى أن أُصبح إماماً وأن أنصح الناس بأن الفنّ والغناء والرقص حرام ... والدى كان وكيل وزارة الأوقاف , بالإضافة إلى كونه عالماً كبيراً فى أمور الدين , كان موقف والدى من حبى للفن هو الصمت فى بادئ الأمر عندما كنت طفلاً صغيراً ,ولكنه بعدما أصبحت شاباً وكان يحق لى الأختيار , تحول هذا الصمت إلى بركان هائج , أسفر هذا البركان إلى دخولى كلية "أصول دين" وبنفوذ والدى فى وزارة الأوقاف , وجامعة الأزهر كنت من المتفوقين فى سنوات دراستى الأربعة , وكان تعينى فى أكبر مساجد القاهرة فور تخرجى .
وها أنا أصعد إلى درجات المنبر ولا أدرى ماذا سأقول لهؤلاء التعساء , ولا أدرى هل سأكون منافق عندما أقول ما لا أفعله , درجات المنبر كما لو كانت جبلاً ثقيلاً لا أدرى متى النهاية منه , لم أشعر بنفسى إلا عندما بدأت أخطب إلى جمع المسلمين فى المسجد , فوجدتنى وقد نسيت أننى شيخاً , وبدأت خطبتى بالصلاة على النبى , ثم بعد ذلك بدأت التحدث عن دور "الفن" فى تطور عقلية المصريين ...
رد فعل المصلين , بدأ بإعجاب , ثم أنقلب لأستغراب , وأخيراً كان إستهجان , وعندها أنفجر الأمر وخرج عن السيطرة , عندما وقف شاب متحمس ملتحى وقال "هذا الإمام فاسق ., وفاجر , وليس لنا أن نطيعه" كانت كلماته كالريح التى أوقدت ناراً موجودة داخل الصدور , فانفجر المسجد بكل مصُليه , وأنزلونى من فوق المنبر , وبدأ هذا الشاب المُلتحى بإلقاء خطبته التى تحدث فيها عن أهوال يوم القيامة , ولم ينسى هذا الشاب , أن قام بتكّفير الفن والفنانين , وقال عنهم هم شياطين الأنس ....
بعدها شعرت بندم شديد لأننى لم يكن لى موقف فى حياتى , ومن يومها وأنا قدمت إستقالتى التى قوبلت بإستحسان كبير , وتنازل أبى عن كل مواقفه فى أن يرى أبنه إماماً , بل ولم يكتفى بذلك , بل أعلنها صريحة بأنه تبرأ منى ولم أعد أبناً له , ولكن كل هذا لا اعبأ به , بعدما أستطعت أن يكون لى , موقف فى حياتى...
كتب
حمادة زيدان
بقلم
حمادة زيدان
هى خطبتى الأولى للناس ... كيف لى أن أُلقي خطبة على الناس وانا غير مؤهل وغير قابل لذلك ... كيف لى أن أحرم شيئاً أغرق فيه حبا حتى الموت ... كيف لى أن أُحرم لهم الأغانى وأنا من عشاقها ... منذ طفولتى وأنا أعشق الفن بجميع أصنافه , فقد مارست جميع أنواعه منذ طفولتى كنت عضواً بفريق المسرح بمدرستى , وكنت دائماً أعشق الرقص والغناء ... فكيف لى أن أُصبح إماماً وأن أنصح الناس بأن الفنّ والغناء والرقص حرام ... والدى كان وكيل وزارة الأوقاف , بالإضافة إلى كونه عالماً كبيراً فى أمور الدين , كان موقف والدى من حبى للفن هو الصمت فى بادئ الأمر عندما كنت طفلاً صغيراً ,ولكنه بعدما أصبحت شاباً وكان يحق لى الأختيار , تحول هذا الصمت إلى بركان هائج , أسفر هذا البركان إلى دخولى كلية "أصول دين" وبنفوذ والدى فى وزارة الأوقاف , وجامعة الأزهر كنت من المتفوقين فى سنوات دراستى الأربعة , وكان تعينى فى أكبر مساجد القاهرة فور تخرجى .
وها أنا أصعد إلى درجات المنبر ولا أدرى ماذا سأقول لهؤلاء التعساء , ولا أدرى هل سأكون منافق عندما أقول ما لا أفعله , درجات المنبر كما لو كانت جبلاً ثقيلاً لا أدرى متى النهاية منه , لم أشعر بنفسى إلا عندما بدأت أخطب إلى جمع المسلمين فى المسجد , فوجدتنى وقد نسيت أننى شيخاً , وبدأت خطبتى بالصلاة على النبى , ثم بعد ذلك بدأت التحدث عن دور "الفن" فى تطور عقلية المصريين ...
رد فعل المصلين , بدأ بإعجاب , ثم أنقلب لأستغراب , وأخيراً كان إستهجان , وعندها أنفجر الأمر وخرج عن السيطرة , عندما وقف شاب متحمس ملتحى وقال "هذا الإمام فاسق ., وفاجر , وليس لنا أن نطيعه" كانت كلماته كالريح التى أوقدت ناراً موجودة داخل الصدور , فانفجر المسجد بكل مصُليه , وأنزلونى من فوق المنبر , وبدأ هذا الشاب المُلتحى بإلقاء خطبته التى تحدث فيها عن أهوال يوم القيامة , ولم ينسى هذا الشاب , أن قام بتكّفير الفن والفنانين , وقال عنهم هم شياطين الأنس ....
بعدها شعرت بندم شديد لأننى لم يكن لى موقف فى حياتى , ومن يومها وأنا قدمت إستقالتى التى قوبلت بإستحسان كبير , وتنازل أبى عن كل مواقفه فى أن يرى أبنه إماماً , بل ولم يكتفى بذلك , بل أعلنها صريحة بأنه تبرأ منى ولم أعد أبناً له , ولكن كل هذا لا اعبأ به , بعدما أستطعت أن يكون لى , موقف فى حياتى...
كتب
حمادة زيدان