المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النص الكامل لديوان «حدائق الصوت» لحسين علي محمد



د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:07 AM
النص الكامل لديوان «حدائق الصوت» لحسين علي محمد
***
صدرت الطبعة الأولى عن دار الأرقم ـ الزقازيق 1993م.
***
الإهـــداء

إلى الصديق الناقد الكبير
الدكتور حلمي محمد القاعود
***

(1) أوراد الفتح


هلْ تقْراُ أورادَ الفتْحِ
فتعْتَصِرُ جبالاً
منْ بَرَدٍ وحليبْ ؟
الآهةُ في العيْنِ
وفي الصَّدْرِ الحزنُ
وموْعِدُ هذا الفجْرِ قريبْ !

هذي دارُ "الأرقمِ" تحتضِنُ الجمْعَ
وتنشِئُ فرْدوْساً للفقراءْ
تُلقي أحزانَكَ في الصحراءْ
تسمو روحُكَ
إذْ تسمَعُ قرآنَ الفجْرِ
يُرتَّلُ
في الأنْحاءْ
تُبصِرُ أوردتَكَ
ترسُمُ للماءِ ميادينَ
فتُخرِجُ نفسَكَ منْ جُبِّ الخوْفْ
لا تخشى حدَّ السَّيْفُ
روحُكَ تحْلُمُ بالحَبِّ وبالعصْفْ
تدخلُ بينَ شُطوطِ الماءِ
وآفاقْ الحرْفْ


.. قدْ أَشرقتِ الشمسُ
صباحاً
منْ مكَّهْ
فلماذا يرْحلُ هذا العُصفورُ
إلى شُرفةَ قيْصَرْ
ومنازلِ كسْرى
يُلقي بالنَّفسِ القَلِقَهْ
في جوْفِ الشَّبَكَهْ ؟!

صنعاء 14/9/1985م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:08 AM
( 2 ) أبي


هُوَ الآنَ يطرُقُ باباُ من النَّقْعِ
يصْرُخُ كيْفَ يشاءْ
يصُفُّ الأرائكَ للرِّيحِ
يُشعِلُ حجرتَهُ
ويُحاوِرُ نجْمَ الدِّماءْ
وفي الليْلِ يومضُ برْقٌ
فيجفُلُ
هلْ يُبصِرُ الآنَ وعْدَ السماءْ ؟
وهلْ يسمعُ الشيخُ صوْتَ الرياحِ
بوادي الفناءْ
أيا فرسَ الموتِ ،
أقبِلْ ، وطِرْ بي
ودعْهُ هنا نائماً
مُستريحاً
وألْقِ عليْهِ .. الرِّداءْ

ديرب نجم 12/11/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:09 AM
( 3 ) القمر

قُرْصٌ منَ النبيذِ في السَّماءْ
وورْدَةُ الدِّماءِ في الإناءْ
ووردةُ الحنَّاءِ
على أصابعِ الجدودِ .. تحضُنُ الأبناءْ
وقطّةٌ على ضفافِ نهرنا الصَّبيّْ
تموءُ في اشتهاءْ
وموجةٌ في مدِّها تفيضُ .. لا تنامْ !
ـ هلْ أنتَ سيِّدي الإمامْ .. ؟
هلْ أنتَ سيدي الغريبُ
في مدائنِ النّيونِ والظلامْ ؟
ـ أجلْ !
أنا الذي سهرْتُ في حدائقِ الكلامْ
ـ تركتنا وغِبْتْ
ـ تركْتنا وهِمْتَ ..
في مجاهلِ الزحامْ

فقهْقهَ الغريبُ .. قبلَ أنْ يمُدَّ سلَّةَ السهامْ:
أحببْتكُمْ
أعطيْتُكمْ
مددْتُ في عيونِكمْ موائدَ الأحلامْ
فقلتُ: أنتَ تحفظُ القصائدَ / الأوهامْ
وأنتَ أنتَ قبْضةُ الدِّماءِ في الأكمامْ
فظلَّ مُطرِقاً هُنيْهةً
وسارَ في سلامْ !

ديرب نجم 13/9/1983

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:10 AM
( 4 ) القيامة


1
نمشي .. وفي خطْوٍ وئيدْ
نحْوَ المنائرِ ـ حِكمةِ الأسلافِ
.. في دمِنا قيودْ !

2
نمشي .. وفي خطْوٍ وئيدْ
نحْوَ البكارةِ
هلُ يُفاجئُني بسهْمٍ في التَّرائبِ
يُسْقِطُ الشجرَ المُقارِبَ
والثمارَ
وصوْلةَ العُمْرِ العنيدْ ؟

ماذا تُخبِّئُ في ثيابِكَ
حكمةُ الأسلافِ ؟
في دمِنا قيودْ !

3
نمشي .. نُعاقِرُ ليلنا النَّشوانَ نرْتقبُ البريدْ
نمشي .. وفي خطْوٍ وئيدْ
نامتْ مدينتُنا
فلا مقهى ، ولا حانوتَ
في الأُفْقِ البعيدْ
نحوَ الفجيعةِ قدْ حَثَثْنا السَّيْرَ
.. في خطْوٍ وئيدْ !
ـ ما هذه الأطيافُ في العينيْنِ ؟
ـ بلْ طيْفٌ وحيدْ !
ـ أتُراهُ هلْ ؟
ـ يأتي ..
يُفاجئُني بسهْمٍ في التَّرائبِ
يُسْقِطُ الشجرَ المُقارِبَ
والثمارَ
وصوْلةَ العُمْرِ العنيدْ !

ـ ماذا تُخبِّئُ في ثيابِكَ ؟
حكمةَ الأسلافِ ؟
ـ في دمِنا نُردِّدُها
نُردِّدُها
نُردِّدُها
ونفْقَهُ سِرَّها
ـ قُلْ
ـ لا تُراجِعْني
ـ أإنَّكَ صاحبي ..
أمْ سائقي للقبْرِ ؟
ـ لا .. لا
ـ للقيودْ ؟

4
نمشي .. وفي خطْوٍ وئيدْ
نحْوَ المقابرِ
إننا نمْشي
ونرْتَجِزُ النشيدْ

5
نمشي .. وفي خطْوٍ وئيدْ
نحْوَ القيامةِ
حكْمةُ الأسلافِ
في دمِنا ـ قيودْ
صنعاء 13/5/1987

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:10 AM
( 5 ) الأضلاع الناقصة دائماً


(1)
قلتُ: يا صاحبي
عشتَ تحملُ
نبْضاً من الصدقِ
نخلاً من البرْقِ
فيضاً من الحقِّ
ظلا يُضيءُ بجبهتِكَ النبويَّهْ
...
قال لي:
إنهُ عاشَ كالأنبياءِ
يُقرِّبُ ما بيْنَ أرواحنا الظامئاتِ
وغيْثِ السماءِ
ولمْ تستجبْ للنِّداءِ
نفوسُ البريَّهْ!

(2)
قلتُ: هلْ أنت يا صاحبي ...؟
قالَ: صمتاً، تمهَّلْ!
قلتُ: كيفَ تخافْ؟
ونهركَ مقتحِمٌ عثَراتِ الضفافِ
بسكْبِ الغمامِ الندِيِّ
إذا ما تهلَّلْ
قالَ: نازلْتَني بسِهامِ الكلامِ
وإنِّي مجردُ مشروعِ جدولْ!

بغداد 27/4/1984

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:11 AM
( 6 ) فواصل من سورة الموت


1-الخروج:
هًوَ ذا
وَطَنٌ يخرجُ منْ سكْرتِهِ
يضربُ في وهْدةِ حيْرتِهِ
هلْ يُنبِتُ بدراً في ليْلةِ وحشَتِهِ ؟
يأتزْرُ متونَكِ
يدفقُ منْ عينيْهِ المطرُ الملحيُّ ..
ويجتازُ جبالَ الألفاظِ المشتبكةِ
يغمسُ ريشتَهُ في الجرحْ ويكتبُ
فصلاً للريحِ
وفصْلاً للموتِ
ويرسمُ خارطةً لهوادجهِ المسكونةِ
بربيعِ الصمتِ !
يُغازلُ أغصانَ التاريخِ المُثقلةِ
بأصدافٍ
أخرجها منْ لؤلؤةِ الوقتْ !

2-التيه:
هُوَ ذا ..
يضربُ في أرضٍ يملؤها الرَّهَقُ
ويخرجُ منْ تيهٍ
كيْ يضربَ في تيهْ
ويُزاوجُ بينَ الإسفنْجِ
وإشراقاتِ الموْجِ
ويُخرِجُ منْ روْعِ أبيهْ
أياماً صاهلةً في أقواسِ الدَّمْ
يُحدِسُ بالفتْحِ ويحلمُ بالأوجِ
ويهجسُ: في الأُفقِ غزاةٌ
تنفلُ بقراتٍ سبُعاً
يجتزنَ جبالَ الوهْمِ ، ويأكلنَ سمانَ البقراتِ
يدخلُ في سنبلةِ الحلمِ
.. ويفرطُها في أيدي الأطفالْ
يتدفَّقُ نبْعٌ منْ عدْنْ
كالطيرِ العائدِ منْ فردوْسِ الأنفالِ
يُحلِّقُ في مملكةِ اللهِ
ويُرعِدُ في طوفانِ السلوى والمَنّْ
يهربُ من دائرةِ "الأسْوَدْ"
يدخلُ في دائرةِ "سجاح"
يركبُ جملاً أورقْ
يحملُ بعضَ رماحْ
يبحثُ عنْ "قوسِ قُزَحْ"
في مدنٍ خاصَمَها الغيْمُ
.. وفي عيْنيْهِ جراحْ !

3-فاصلة للجرح المناوب:
ما الذي يقطعُ الصمْـتَ غيرُ ندا
ئكَ: أقبلْ إليَّ ، وكنْ لي الغناءْ ؟
ما الذي يقْهرُ الرُّوحَ غيرُ فحيـ
حِ الغـرائزِ، غيرُ جميلِ النداءْ ؟
ما الذي ظلَّ يقبرُ فينا صــلا
ةَ النبيينَ غيرُ هوى الشعـراءْ ؟

4-الموجة:
هُوَ ذا
يبصرُ نخلتها الفرْعاءَ يحاصرُها القيْظُ
قوافلُها الغبراءُ مبلّلةٌ بالخمرةِ والطِّيبِ
وشهوةِ شبقِ سفينتِها
ويُزاوجُ بينَ اللؤلؤةِ القمريّةِ
وتلافيفِ الأصدافِ المنكفئةِ
في عُمقِ الجذبةِ
بنداوةِ ماءٍ يترقرقُ في أَلَقِ التربةِ
يرقصُ
يرقصُ
تنداحُ وريقاتُ الشيحِ .. أباريقُ الزّقُّومِ
وتنتفضُ النبضةُ في قلقِ الغيْبةِ
تنفجرُ الذاكرةُ على أوهامِ الأوبةِ
ينشطرُ الموكبُ :
هلْ تمتزجُ الملكةُ بالصعلوكِ
وأوراقُ الطيفِ الضَّوئيِّ ..
أتُلقي بنداوتِها للطينِ الخاطئِ … ؟
تلكَ جدائلُها الطينيَّةُ في الليلِ تُغطِّيهِ
تُزمِّلُهُ بيديْها
توقظُ أعراسَ الحُلْمِ
مواسمَ فجْرِ القلْبِ
ورؤيا تُثقِلُهُ :
وطنٌ يتدحرجُ في صبْوتِهِ
ألقٌ يتوهّجُ في غُربتِهِ
خوْفٌ يُمسِكُ بعقيرتِهِ
شَلَلٌ يبدو في خُطْوتِهِ
تنفلتُ الصرخةُ :
أيتها الموجةُ
هُبِّي برحيقِ الموْتِ
تعاليْ …
بدبيبِ الوحشةِ
ولْيُغرقني موْجُكِ
ولْيعصِفْ بضلوعٍ هشَّهْ
فالبرزخُ فيهِ متَّسعٌ
لوميضِ الدَّهشهْ !
صنعاء 1/2/1988م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:12 AM
( 7 ) ردُّ الفعل


دحرجَني الصوتُ الناعمُ
فصعدْتُ السلَّمَ
كانتْ منْ أُبصرُها في الظلمةِ قمراً
تتألَّقُ
تُقبِلُ
قلبي مأخوذٌ
والصوتُ المحْتبسُ بحلقي جمْرٌ
سأُعانقُ في ديوانِ الليْلِ حدائقَ جسمِكْ
تنفجرينَ حناناً
حبا
طُهرا
موسيقا
أُغنيةً حمراءَ الأحرفِ
هلْ يجرفُني السَّيْلْ ؟
*
ما بيْنَ اللفظةِ والطَّعنةِ
تُشرقُ عيْناكِ
وعينايَ على الجدرانِ
مثبَّتتانِ كخيْطِ دماءٍ
يا شمسَ الصَّيْفِ ، أجيءُ إليْكِ
منَ الأحراشِ
أُبارزُ حاجبَكِ الأسودَ
يُطْعمُني صدْرُكِ فاكهةً لمْ أعرفْها
يمتلئُ الجوْفُ
أُكابِدُ حقلَ الشَّوْكِ
وصدري مملوءٌ بالأسرارِ الحارقةِ
أبوحُ ،
وهأنذا أُبصرُكِ أمامي
والجسدُ الجنَّةُ يُسقِطُ أوراقَ التوتِ
أيُدنيني منْ سدرتِكِ صهيلُ الخيْلْ ؟
*
قالوا ـ في الليلِ الفائتِ ـ : جُنَّ ، فباحَ
فمقتولٌ في الصبحِ الآتي
بسكاكينِ النسوةِ ..
أوْ يُلقى في الويْلْ !
*
.. هأنذا في الصبحِ أُغرِّدُ
وأُصوِّبُ أسلحتي
.. اجتزتُ الحدَّ الفاصلَ بينَ الأمواجِ
فلا أخشى أن أسقُطَ
بينَ الفعلِ وردِّ الفعلْ !
ديرب نجم 29/4/1983

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:13 AM
( 8 ) احتشدي جمرةً للغريب


نساءٌ
من الولهِ المُرِّ يطْلُعْنَ
يملكْنَ دلْتا ربيعٍ تفتَّتَ
بيْنَ الحِصارِ
وقلبٍ ترَمَّلَ !
(.. أنت تجيئين بالوردِ والأغنياتِ الجميلةِ
يحضرُ ما غابَ من ألقٍ في الظلامِ
وتخضرُّ هذي السهولُ الأليفةُ)
أحفلُ بالخوْضِ في بحرِهنَّ
وأُلقي زهوري لهُنَّ
...
و«عبلةُ» كانتْ تغني:
هنا انطلقتْ خُطواتُ الصبا
هنا وُلدَ الحبُّ فوق الرُّبا
...
أأُعطيكِ عُمْراً تدابرَ عنهُ اليقينُ
وفاضَ الحنينُ؟
وهذا المُطَارَدُ، ظلَّ يدورُ
وحيداً
طريداً
بكلِّ الموانئِ ..
أنتِ السَّفينُ
: تعاليْ خُذيهِ
وغَنِّيهِ
لاقيهِ
بالنَّرجسِ الغَضِّ
والصَّدْرِ
(هذي النساءُ الجميلةُ ..
هذي الطيورُ الغريبةُ ..
ظلتْ تُحوِّمُ في عتْمةِ الوقْتِ
هيَّجْنَ أوتارَهُ ، ومضَيْن !)
وهذا المُحاصَرُ
بالمحْوِ والخَفَرِ الخارجيِّ
يُغنِّيكِ، عبلةُ ..
فاحتشدي جمرةُ للغريبْ !
صنعاء 3/1/1987م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:13 AM
(9 ) خطبة قصيرة للجنرال


(1)
دعوني .. أُراقصُ طقْسَ الغناءْ
وأعزفُ معزوفةً للبوارجِ والحاملاتِ
.. وأنفي وشايتَها للفضاءْ !
وأكتُمُ بيْنَ الحنايا
.. تباريحَ قلبٍ
تولَّهَ في حُبِّهِ .. كيفَ شاءْ !
(2)
دعوني ..
أغني لكمْ أغنياتِ البقاءْ
وأطمسُ ما قالتِ الشمسُ والأولياءْ
فإني الحقيقةُ
منْ خلفِها يُشرقُ الأزهرانِ ..
وتمتلئُ الأرضُ بالسعداءْ !
(3)
دعوني ..
أُغني لكمْ أُغنياتي ..
وأقرأُ في دفترِ الريحِ برقَ السماءْ
وأُقلِقُ أُفقَ الثوابتِ
أُطْلِعُ منْ جمرةِ الوقْتِ ..
زهراً وماءْ !
وأحملُ خارطةً للمنايا
سيُرزقُها الشهداءْ !
وأحملُ أوسمةً فوقَ صدري
فنصري :
تقاسمهُ الصمتُ والأدعياءْ !

صنعاء 5/9/1988

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 06:14 AM
(10 ) ثلاث قطرات من دماء الوقت


1-الأبيض:
لكَ ما تشاءْ
جسمي وما ملكتْ يدايَ ..
من الفضاءاتِ المُباحةِ
والهُراءْ
فاعْصفِ بحنجرةِ الخُواءْ
ولْيأْتِ هذا الأبْيضُ الفتّاكُ
يجتاحُ المروجَ الخُضْرَ
مُنتشِياً
بمُهْراقِ الدِّماءْ !
في أُفقهِ المجْدورِ يتركُني
أُسائلُ ورْدةَ النسيانِ
كيفَ ..
متى ..
سأمتلكُ الفضاءْ ؟!


2-الأعراف:
يا وردةَ الأعرافِ ..
لا تُبقي غِناءَكِ في فمي
أرضي مُطرّزَةٌ بوشْيِكِ
والجوادُ مُغاضِبٌ
والريحُ تُقرئني كتابَكِ في اشْتهاءْ !
مُدِّي غدائرَكِ الطريَّةَ
بالنياشينِ التي تُغري العيونَ
فلا ترى خلفَ البريقِ شقائقَ النعمانِ
هلْ دمُكِ المُسيِّجُ فطرتي ..
يرقى إلى ثبجِ السماءْ ؟!

3-أمينة:
هلْ تُبصرينَ الفجْرَ في الغضبِ المُرمَّزِ
والضحى يهذي
بمٌهراقِ الغناءْ ؟
أنشودةُ الطُّهرِ التي تهوي
تُنكِّسُ حرفنا الدَّفَّاقَ
أزرقُنا يُغادرُ أفقَهُ الفيّاضَ
لُطْفاً يا سماءْ !
فمتى تغذِّينَ المسيرَ إلى خرائطِنا
المعلّقةِ
الحبيسةِ في الصدورِ
متى تقودينَ القوافلَ
للضياءْ ؟
صنعاء 5/1/1989

***

(11 ) من إشراقات عمرو بن العاص
(أو التحديق في وجه الشمس)

شعر: حسين علي محمد
...........................

1-منازلة الغيث:
تُوشوشُني في المساءِ العنادلُ
إذْ أمتطي في براريكِ صهوةَ هذا الجوادِ المُخاتلِ
أركضٌ في صحَراءِ العيونْ
وأبحثُ عنْ أخوةِ الصَّيْدِ
إذْ أبعدتْهمْ أيادي المنونْ
ـ تقدَّمْ فقدْ آذنَ البحرُ بالوصْلِ
مدّتْ خيولُ تهامةَ أعناقَها ،
وتمطّتْ
بجوفِ الصحارى رجالٌ يسيمونَ
ينطلقونَ
يغنونَ
فكيفَ نصيدُ الصقورَ ونحنُ نُصادْ ؟
وتشتعلُ النارُ تحتَ الرّمادْ
وخوفي محيطٌ من الرّملِ
ظلِّي دوائرُ حولي
( أتروي الرمالُ عيوناً
من السَّيْلِ فرَّتْ
أتطوي الضلوعُ جبالاً
بها الحسَراتُ استبدَّتْ ؟)
لماذا تجيءُ خيولُ الشَّراسةِ
تركضُ حوْلي
يجيءُ اليمامُ / الربيعُ
الصهيلُ / المياهُ
فيدهمُني الحُلْمُ
أُطرَحُ أرْضاً
وضوْءٌ
ضجيجٌ
جبالٌ
على أضلُعي جبلٌ
والعنادلُ ترثي فتاها
خرجتُ وحيداً إلى الغيْثِ
نازلْتُهُ
فسقطْتُ
وكالشَّبحِ الشَّفقيِّ نهضْتُ
تحرَّكْتُ
أبصرْتُ سرْبَ عنادلَ في الظُّلُماتِ
يقولُ: تقدَّمْ
رأيْتُ الجبالَ تكرُّ ،
شهِدتُ الرجالَ تفِرُّ،
النقاطَ تُغادرُ أحرُفَها ..
تتسرّبُ كالماءِ منْ راحةِ اليَدِ
كانَ جوادُ "سُراقةَ" في الرَملِ يهوي
ويغرقُ
واللوحُ فيهِ أساورُ كسْرى
وخلْفي جيوشُ أبابيلَ
تُمطرُني بالصَواعقِ
ترصُدُ خطْوي
أأخلعُ ثوْبي على بابِ هذا المساءِ ـ الصَّباحْ ؟
رأيتُ البلادَ تغوصُ ..
وبيني والبوْحِ شِبْرٌ
وقلبي المٌعذَّبُ
يصعدُ هذي الهضابَ
ويحملُ سيْفاً صقيلاً
ورغبةَ قلبٍ تمزَّقَ بيْنَ الرِّغابِ
: حملتُكِ مكّةَ في أضلُعي
لماذا الجفافُ الصَّموتُ ؟
أيكذبُ فينا الغمامُ ؟
أينطقُ بالسِّحْرِ هذا اليمامُ
فتشتعلُ النارُ
هذي الوِهادُ .. يُراودُها الحُلمُ
والبطْنُ يكبُرُ
إني رأيتُكِ ـ مكّةَ ـ في الليلِ
تمتشقينَ الحُسامْ

2-تهليلة (إلى رايات مكة)
تقولُ العيونُ التي عشقتْك
وحثَّتْ خُطاها لشمسِكْ:
عودي إليْنا
فأوراقُ شعركَ قدْ خضَّبتْها الدِّماءُ
وإناّ الشَّجرْ
سنورقُ رغمَ ليالي الظلامْ
وينبثقُ الدّمُ في الفجْرِ نورا
ويهطلُ غيْثُ المطرْ !
تجودُ الفيافي
وينتفخُ الضَّرعُ ، يمنحُنا فيْضَهُ
نتسابقُ نحْوَ العطاءِ
ويفردُ كلٌّ إليْكِ كفوفَ الرّجاءِ
امنحينا الأمانَ
وعودي إليْنا:
صباحاُ
جميلاً
كثيرَ الثَّمرْ !

3-بيت في الريح:
.. وبيتيَ في الريحِ قفْرٌ
هنا الليْلُ جُرْحٌ
هنا البوْحُ سنبلةٌ للفجيعةِ
حينَ تُغنِّي العصافيرُ في الأُفقِ
هذي قريْشُ تُبادرُ ـ تصحو
على وقْعِ سيْفِكَ فوقَ الرقابِ
يعودُ إلى القلبِ مرأى الرحيلِ
أُغمْغِمُ
كنتُ مع الفجْرِ أُبحرُ
قافلةُ المُبحرينَ تجوبُ الفيافي
وفي صدْرِها كنتُ أركضُ:
ـيثربُ وجْهي
وأحمدُ قِبلةُ روحي
(أأُغمِضُ عينيَّ حتى أراكَ
فإنَّكَ شمسٌ
أُفتِّشُ في ضوئها عنْ مكانٍ لسهمي)
أهذا كلامُكَ يا زَغَبَ الفجرِ ؟
باقاتُ وردِكَ أحملُها في يديَّ
وأرحلُ
تلك دمائي على الصَّدرِ تقطرُ جمْراً
وتُسكِرُني
(قدْ تباهيتَ بالخوذةِ الذهبيَّةِ
حدَّقْتَ في الليلِ
كان الدّمُ المتخثِّرُ أفعى
تُطاردُني في الظهيرةِ
أسكرُ في ضَمَّةٍ آخِذةٍ
قدْ تُباعِدُ ما بيْنَ روحي
وكأْسِ اصطباري
وعسْفُ الجنودِ يُحاصرُ وردةَ ناركَ
هاأنتَ ذا ..
تُشيرُ إلى الجمْعِ
والموْجُ يركضُ في الصَّحًراءِ
وأفْواجُكَ الغرُّ يلتحمونَ على الصَّدْرِ
في رعشةِ الحلمِ تَنبتُ في العينَ سنبلتانِ
وتلتئمُ الضفَّتانِ
وأمشي ..
وقلبي جنيْنةُ وردٍ سأفتحُها في رحابِكَ
شوقي مظلَّةُ نارٍ
سأُصلي العداةَ بها
أنتَ الذي كنتَ بيْنَ الحنايا
حنيني القديمِ
(لماذا تفرِّينَ مكةُ ؟
يقتحِمُ الدهرُ ضفَّتَكِ المشتهاةَ
ونكتبُ :
في القلبِ تختبئينَ
ووجهُكِ حُلمٌ ضنينُ
وأنتِ أيا غرسةَ القمرِ المتبتِّلِ
صورتُكِ الآنَ صاهلةٌ في فؤادي
تُطاردُ بوحَكْ)
ترنَّحْتُ ،
قالوا: سكِرْتَ
وقلبي يُسافرُ في غيْمةِ الزنبق ـ الورْدِ
يحلُمُ بالفجْرِ
يأْخذُهُ منْ سهامِ الشياطينِ ،
يجلوهُ ،
وجْهُكِ يطلعُ في الفجْرِ شمساً أبِيَّهْ

4-أُشعِلُ النارَ:
خرجْتُ من الأفقِ
كانتْ شموسُكِ تُغدِقُ
أدخلُ للموْجِ
صوتُكِ في الحلْقِ
أعزفُ لحناً تحبَّبَ في مسْمعيْكِ
ويسطعُ ضوؤكِ
أحلمُ بالظلِّ
في وهْدةِ الخوْفِ
واللعنةِ الآسرهْ ‍
*
رأيتُكِ ـ مكةُ ـ شاهقةً كالسماءِ
وناحلةً كالنخيلِ المموْسقِ
هلْ يتخاصرُ وعدُكِ والريحَ
نعبرُ هذا السكونَ المخاتلَ
صوتُكِ كان نقيًّا
ووجهُكِ بينَ الرياحينِ نرجسةٌ غضَّةٌ
هلْ أنا الآنَ فارسُكِ المستباحُ
وأُفْقُكِ يُمعِنُ
في ثورةٍ غامرهْ ؟
*
وعصفورُكِ ـ الوعْدُ .. ينتظرُ الإذْنَ
أفتحُ شُبَّاكَ قلبي ،
أُفتِّشُ فيهِ عن الحُبِّ
أُبصِرُ فيه بقايا من الأمسِ
قيْظاً يُخاتلُ أرضي ، ويغمرُها
(كنتُ وحْدي)
ظللْتُ أُحاوِرُ:
حارَ الرجالُ على الدَّرْبِ
ضلَّتْ خُطاهُمْ
وهأنتِ ذي تحلمينْ
سيرجعُ نهرُكِ بالطَّمْيِ
تُشرقُ شمسُكِ
تنبُتُ في الأرضِ أشجارُ دفْلى
لقدْ رحلَ النهرُ
وابتعدَ الشِّعْرُ
وانشقَّتِ الروحُ نصفيْنِ
صرتُ غريباً بأرضِكِ
كنتُ الغنيَّ / النقيَّ
فصرتُ الأجيرَ / الفَقيرَ / الشقيَّ
فهلْ أُطلِقُ الريحَ في ساحةِ النومِ
هلْ أُشعِلُ النارَ
في الذَّاكِرهْ ؟

5-أهازيج مكة:
أيا وجهَها المتورِّدَ في الظهرِ
تُمسِكُ مفتاحَ قلبي ‍
أمازلتَ تذكرُ سهْمَ الزمانِ
الذي ريشَ في القلبِ
هلْ تقبلينَ بقامتِكِ الموْجِ ـ رائحةِ البرتقالْ ؟
وردةُ قيْظِكِ ضاءتْ
وبينَ احتراقِ الدّمِ المتكلِّسِ والجِيرِ
قالوا: نُشاركُكَ الخوفَ والحلمَ
قلتُ: فمنْ يُحكمُ القصْفَ ؟
منْ يحملُ العصْفَ
مكةُ مقصفُنا البدويُّ ، تضمَّخَ بالطيبِ والبرتقالِ
ووجْهي الكسيرُ يُناجيكِ:
مكةُ ..
هذي أغانيكِ
تهزِجُ
هذا زمانُ الولادهْ ‍


6-اللآلئ تُضيء بكفيك:
.. فأُولدُ
جذريَ يضربُ في السّاعدِ الصُّلبِ
أخرجُ
تُدفئُ قلبي التفاتتُكِ ـ الموجُ
أدخلُ
أينَ مُسامرةُ الحِبِّ ؟
إنِّي هنا مُمسِكٌ في الصباحِ الأخيرِ الأعنَّةَ
قلتُ: خيوليَ تهفو
لفجْرِكَ
كيفَ أعيشُ بعيداً عن المهْدِ ؟
إني أدورُ على الأرضِ دائرتيْنِ
وأرسمُ وجهاً تفرَّقَ بينَ البلادِ
ومصباحُ بيتي مُضاءٌ
وإخوةُ دربيَ غابوا
إليكِ أعودُ
فأُبصرُ هذي اللآلي
تُضيءُ بكفَّيْكَ
ـ أقبِلْ ..
فأعينُك العشرةُ الآنَ تسرُدُ حلماً شهيًّا
تصوغُ الأمانيَّ
ترسمُ في الأُفْقِ قوْساً من الماءِ
تطلبُ منِّي الرحيلَ لأصعدَ هذا النخيلَ المُشاكسَ
أُحضِرُ ذيْلَ الشموسِ /
الثلوجِ /
المُحالِ
وحائطُنا الورقيُّ تمزَّقَ
كانتْ جذورُ الهواءِ تُداعبُ يُبْسي
وتشتلُ في تربةِ الضوءِ أُنْسي
وتقتلِعُ الليلَ سهْماً فسهْماً
من القلبِ
ترْأَبُ شرْخاً
وتفتحُ حِضناً
وتغزو بلادا

7-رياحين للذكرى:
تُرى .. هل سترجعُ تلكَ الرياحينُ للقلبِ يوما
يُرافقني في البلادِ القصيةِ صوتُكَ أحمدُ
إذْ يتدحرجُ فوقَ الرمالِ الرجالُ
من النارِ يندفعون سراعاً ..
ويقتسمونَ الأرائكَ
ينكفئونَ على نهدِ جاريةٍ منْ دمشقٍ
وساقْ
أفي ساحةِ النارِ والجرحِ تضحكُ مكةُ ؟
ذاك صديقي يُذكِّرني
أنني كنتُ هذا المغني الذي جاءَ
ربَّتَ فوقَ ظهوركمو واحداً واحداً
ثم أغفى الندِيُّ
وقلتم:
يجيءُ مع الصبحِ بسمةَ شمسٍ
تضوعُ بساحتِنا
والنساءُ يُغنينْ:
صمتُكَ هذا مُريبٌ
فأينَ الأعنَّةُ والخيلُ ؟!
يا حضنَها اللؤلؤيَّ تحدَّثْ
عن الليلِ
إذْ يتدحرجُ تحتَ نوافذِنا جمرةً منْ عناقْ
صهلتُ على واحةِ الليلِ ، والماءِ ، والنيلِ
قلتُ لها:
إنني مستحمٌّ بمائكِ ، ليْلى ..
وأرسمُ في البوحِ نهرَكِ
أدخُلُهُ
قشرتي تتكسَّرُ
والغيدُ يضحكْنَ ،
قلبي تكسَّرَ في نهرِكِ ـ الوجْدِ
أنتِ التي قلتِ لي ..
إنني نبضةٌ واجفهْ
و"ليلى" على صفحةِ النهرِ ترسمُ وجهي
وحائطَ
نصفَ عنانٍ
ووجهَ حصانٍ
وقلباً نبيلا
على الشجرِ المتبتِّلِ عصفورةٌ واقفهْ !

8-محاورة صوت مُشاكس:
أتُغرقُ نفسَكَ في الجُبِّ خوفاً
من الفرقةِ الأبديَّةِ
ووجهُكَ هذا الطفوليُّ
آسرُكَ
النارُ في جبهتي تتصاعدُ
تُقبِرُ بوْحَكَ
نفسُكَ تغرقُ شيئاً فشيئاً
(أتخشى سيوفَ أُميّةَ
يحملُها الذئبُ
تركضُ في صَحَراءِ خداعِ القصائدِ ؟
أُبصرُ وجهَكَ ـ هذا القناعَ
يُحاورُ سفراً تحنّطَ
ماتتْ بداخلِ أنهرهِ صبوةٌ
(فقيلَ: عليٌّ هناكَ
وقيلَ: الذي تُبصِرُ الآنَ حِبُّ محمد
وقيلَ: الذي تُبصِرُ الآنَ
كيفَ تراهُ يعوقُكَ ..
عنْ دِستِ فرعوْنْ ؟)

وجهي تجمّدْ
ـ أقولُ لكَ الحقَّ :
إني سأرسمُ وجهُكُ في القيْظِ
بينَ الخُطا
والرُّواءْ
ـ أقولُ لكَ الصدقَ :
وجهُكَ يأسرُني
حينَ تصعدُ أعْناقَ ناديكَ
تندقُّ إذْ تجتليكَ
ونشربُ نخبَ الدِّماءْ
وأشجارُ وهْمِكَ تكبُرُ
والناسُ تصطفُّ فوقَ الأرائكِ
تدخلُ مصرَ
وتدخلُ دوّامةَ الشجرِ ـ الغيثِ
أجهدَكَ القولُ
والكرُّ
والفعلُ
والقولُ
صرتَ نحيلاً
هزيلاً
يُشيرُ إليكَ بنانٌ
(يُخضِّبُهُ الدّمُ)
ـ تجهلُ أنّا عشقناكَ بدراً
فكيفَ ترومُ سيوفَ أُميّةَ ؟
(قهْقهَ حتى تدلّتْ من القلبِ
نافورةٌ منْ دماءْ)
تداخلَ قلبي ، وبسمتكَ الفيْضَ
هلْ نتكاشفُ
ندخلُ أرضَ البراءةِ
يأتي علينا زمانُ اقتحامِ الورودِ
(أيُغتالُ بيْتُ النبوَةِ ؟)
يبكي حبيبي ..
(يخاصمُني المدُّ والفيضُ
أُبصرُ سبعاً من البقراتِ العِجافِ
يُحاصِرْنني
في المساءِ ـ الصباحْ !)

9-محاورة ثانية:
.. وقالتْ: سماؤكَ قيْظٌ .. دُخانْ
وأنهارُ جنّتِكَ المُشتهاةِ .. تفيضُ
تجِفُّ ينابيعُ عشقٍ .. دِنانْ
*
أيا وردةَ النهرِ .. قولي
هُوَ النهرُ
لكنّهُ لمْ يَعُدْ
تنقَّلَ بينَ البلادْ
يُنَقِّبُ عنْ وجْهِها
ضاعَ تحتَ الرّمادِ
حنينُ الشراعِ
وبوْحُ الغَرِدْ !
وطيْفُكِ نبْتٌ غريبٌ
بأرضِ الطَّهارةِ
في الزّمنِ المستريبِ النًّكِدْ
*
ملاحِمُ حزني تطولُ
وأخشى الأفولَ
وأنتَ تعودينَ للنهرِ
مازلتِ ..
تبكينَ تلكَ الطُّلول !

10-العصافير والسنابل:
… وفسطاطُنا
أراهُ نخيلاً من البرْقِ
يُمطِرُنا بالثمارِ العجيبةِ
تنبتُ في ساعديْكِ العناقيدُ
تجري العيونُ بكفَّيْكَ لؤلؤةً
تتخاصَرُ والموْجَ
(جئتُ من البدْوِ
أحملُ رؤيا السماءِ إلى الأرضِ والنهرِ
هلْ تتلاشى الفواصلُ
هلْ تختغي في الجراحْ ؟)
*
وفي داخلي غضَبٌ كاسِرٌ
وحوائطُ
أرقُبُ إشراقةَ النهرِ والسنبلهْ
وهأنذا في المدائنِ أرقبها
سوْفَ تخرجُ فجراً من البَرَدِ المتوهّجِ
سبعُ سنابلَ
تضحكُ
تضحكُ
هلْ تمتطي صهوةَ الريحِ ثانيةً
هلْ سنحْلُمُ
نخرجُ منْ أسْرِ أحلامِنا المُثْقَلهْ ؟

ديرب نجم 22/3/1983

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:19 PM
(12 ) ثلاث قطرات من دماء الوقت

1-الأبيض:
لكَ ما تشاءْ
جسمي وما ملكتْ يدايَ ..
من الفضاءاتِ المُباحةِ
والهُراءْ
فاعْصفِ بحنجرةِ الخُواءْ
ولْيأْتِ هذا الأبْيضُ الفتّاكُ
يجتاحُ المروجَ الخُضْرَ
مُنتشِياً
بمُهْراقِ الدِّماءْ !
في أُفقهِ المجْدورِ يتركُني
أُسائلُ ورْدةَ النسيانِ
كيفَ ..
متى ..
سأمتلكُ الفضاءْ ؟!


2-الأعراف:
يا وردةَ الأعرافِ ..
لا تُبقي غِناءَكِ في فمي
أرضي مُطرّزَةٌ بوشْيِكِ
والجوادُ مُغاضِبٌ
والريحُ تُقرئني كتابَكِ في اشْتهاءْ !
مُدِّي غدائرَكِ الطريَّةَ
بالنياشينِ التي تُغري العيونَ
فلا ترى خلفَ البريقِ شقائقَ النعمانِ
هلْ دمُكِ المُسيِّجُ فطرتي ..
يرقى إلى ثبجِ السماءْ ؟!

3-أمينة:
هلْ تُبصرينَ الفجْرَ في الغضبِ المُرمَّزِ
والضحى يهذي
بمٌهراقِ الغناءْ ؟
أنشودةُ الطُّهرِ التي تهوي
تُنكِّسُ حرفنا الدَّفَّاقَ
أزرقُنا يُغادرُ أفقَهُ الفيّاضَ
لُطْفاً يا سماءْ !
فمتى تغذِّينَ المسيرَ إلى خرائطِنا
المعلّقةِ
الحبيسةِ في الصدورِ
متى تقودينَ القوافلَ
للضياءْ ؟
صنعاء 5/1/1989


***

(13) من أوراق سعد بن معاذ

1--امرأة اسمها يثرب:
يا وجْهَها الماسِيَّ في غبَشِ القصيدةِ
تسكنُ الأصواتُ حنجرةَ الفراغِ ،
تخثَّرتْ لغةُ النشيجِ ،
أكلّما أمشي ..
تُطاردُ وجهيَ المُجتاحَ قامتُها الطويلهْ ؟

.. منْ أين لي بالحبِّ في هذا الشتاتِ ،
وشفرةُ العشاقِ هوْدجُها المسافرُ
في غُبارِ الليلِ ،
تذبحُهُ القبيلهْ

وردُ الحرائقِ في دمي …
تتيبّسُ الأشجارُ ،
والأثمارُ ساقطةٌ
خرائبُ حلمِنا تجتاحُ خارطتي
وفي الأرمادِ متّسَعٌ
لصاريةِ الذبولِ
ووردةِ الأتراحِ
ذاكَ عبيرُها
يمتاحُ منْ أَلَقِ الجميلهْ

2-خطوتان باتجاه النبع:
للميِّتِ أرضٌ تترامى في ملكوتِ اللهِ
فمنْ يجمعُ أطرافَ الحلمْ ؟

الأرضْ
كرةٌ تتدحرجُ بينَ خطوطِ الطولِ
وفوقَ خطوطِ العرضْ
ثورٌ يتمايلُ تحتَ سياطِ الويْلِ
ويخشى أنْ يجرِفَهُ السَّيْلْ
ويحلمُ بالخضرةِ تتصاعدُ في الرَّوْضْ
والمطرُ شحيحْ

وقفَ الشجرُ اليابسُ ينتظرُ الماءْ
يرفعُ ألْويةَ الشوقِ فروعاُ عجفاءْ
ويُصلِّي في ظمأِ المحروقِ : إلهي
كمْ أشتاقُ إلى ضمّاتِكَ
فامنحني بركاتِكَ
وارْوِ الصحراءْ
ينتفضُ الأوْسُ ، وتصعدُ منْ جوفِ السِّدْرةِ
ذرّاتُ الشوقِ ـ اللألاءْ
محروقاُ عشتُ أناجيكَ
فهلْ تمنحُني غيْثَكَ
هل تؤويني في ظلِّكَ
أوْ تهتكُ ستْرَ القيْظِ
فأشدو للأرجاءْ ؟!

يرتطمُ الصوتُ المخنوقُ بأُفْقٍ مُرْبَدّْ
تهوي أفراسُ النَّرْدْ !

3-… يملأ الفراغات :
.. ظلَّ يُغنِّي
لفراغاتِ الرُّوحِ ، وحمْحمةِ الخيْلِ ، ونقْعِ الميدانْ
أبصرتُ البحرَ يُغنِّي في ساعدِهِ
كانَ يُسائلُ أطيارَ الجنةِ ، وهْيَ تُراوِغُ
عنْ فيْضِ ربيعٍ يتفجَّرُ في الشِّريانْ
ظلَّ يُسائلُ قلِقاً
(هلْ أدخلني ربي في التجربةِ عشيًّا
إذْ راودَني الحرَسُ النائمُ عنْ صدقِ القوْلِ ؟
وأنبأَني نبْضي …
عنْ خوفٍ كانَ قديماً يترصَّدُني في الليلِ
ويوقفُني فوقَ مساحاتِ الرَّمْلِ
فأُمسِكُ برؤوسِ النخلِ
وأعصفُ بسيوفٍ مُغمَدَةٍ في الوحْلِ ؟)
ـ لماذا أطلقتَ نداءَكَ
ـ كيْ تصحوَ أسرابُ البهجةِ
تملأُ آفاقَ النسيانْ
هلْ أدخلني في التجربةِ المرةِ إذْ كاشَفَني عنْ حرفي
أنبأَني عنْ خوْفي
أوقفني في أرضٍ تمتلئُ بغاباتِ الدِّفْلى
وشُجيراتِ اللَّوْزِ
فخفتُ من العصْفِ
القصْفِ
دنوْتُ .. فأوقفَني
وصمدْتُ .. فأنطَقَني
وتحدّثَ في ألفاظٍ مُثقَلَةٍ بالقطْرِ ، وساءَلَني
عنْ أرضٍ تمتلئُ بأنصافِ المَرَدةِ
قلتُ:
بلادٌ ضاجعَها الخوْفُ
على طرقاتِ الصَّيْفِ
فقالَ: نجوْتَ ..
فماذا تعرفُ عنْ أبناءِ القَردةِ ؟
قلتُ: شياطينَ
فقالَ: تمهَّلْ ، وابحثْ في أنحاءِ البيْتْ
قلتُ : أهُمْ أصحابُ السَّبْتْ ؟
قالَ: دنوْتْ
قلتُ: لماذا أُبصرُهمْ في أكوابِ الماءِ ، اللقمةِ ، بينَ سطورِ الصحفِ السوداءِ ، أمامَ الغرفِ اللامعةِ ، وراءَ غُثاءِ رجالِ الأعمالِ ، على وجَناتِ الفتياتِ وفي ردهاتِ البيْتْ ؟
قالَ: عرَفْتْ
(ومضى ،
وصَمَتُّ)
*
لا أذكُرُ اكثرَ منْ هذا
لكني أذكرُ كيْفَ تقاطعتِ الهندسةُ
المملوءةُ بالبوْحْ
وفراغاتِ الجُرحْ
فأحسُّ بطعْمِ الملحْ
كانتْ في العينينِ ظلالٌ مائلةٌ
منْ قرصِ الشمسِ
على جلبابِكَ يا سعْدُ
وكنتَ شفيفاً في الأحزانْ
في الزاويةِ اليُمنى بعضُ حروفٍ تتخاصمُ
ودماءُ التحنانْ
كان العسكرُ يرتقبونَ الصَّيْحهْ
لكنَّ جحيمَكَ لمْ تُخرجْهُ الشفتانْ
امتدّتْ أسوارٌ منْ صخْرِ الأُلْفهْ
والخوفِ من الإفصاحِ
أيكتمُ سعدٌ في الليلِ جراحَهْ
يُطفئُ مصباحَهْ ؟

أحكمَ كفَناً
حولَ الجسدِ اليابسْ
أغمضَ عينيْهِ وحوْقَلْ
في زهْوِ الهاجسْ
لمّا أبصرَ أرتالَ العسكرْ
تنهَضُ ، تقتحمُ السّاحهْ !

4-للميِّت قبرٌ جميل:
رجفةٌ في اللقاءِ البعيدِ تُخاصِرُ صوتَكَ
كيفَ تُباعِدُ بينَ جِراحِ الغمامِ
وأعشابِ هذي السهولْ ؟
*
كُنتِ حلماً جميلاً ، أُطالعُهُ في فضاءِ الغناءِ
وأقرأُ فيه فصولَ البراءةِ
أختصِرُ العمرَ
أبتكِرُ النهرَ
بيتي من العشبِ
يا كوْكباً قدْ أضاءَ دهاليزَ روحي
وكلَّلَ بالغارِ هامَ النخيلْ
*
قلتُ للطيفِ :
يوقظُني في المساءاتِ صوتُكَ
آخيْتُ بيْنَ الضبابِ ولفظِكَ
أسألُ:
للبحْرِ فيْضٌ ، ووَعْدٌ
تغيبينَ "يثْربُ"
أسأَلُ:
هلْ خبَّأتْ موجةَ البحرِ في شعْرِها
والنسيمَ العليلْ ؟
*
استضاءاتُ وجهِكِ في الماءِ
بوْحُ العصافيرِ
سوسنةٌ للشموسِ التي ترتمي
في مدارِكِ صيْفاً
وتقطرُ عطراً ونوراً
ومن شفتي يُرعِدُ الملحُ :
لا تبعُدي عنْ طريقي
غناؤكِ فاتحةٌ للفصولْ !
*
حينَ فاجأتُها بالسؤالِ:
أكنتِ كتاباً يُغلَّفَهُ الغيْمُ ؟
طوّقَ قلبيَ رعْدُ البكاءِ
وأبصرتُ أيدي الخرابِ تُحاصرُهُ
هلْ تجيئينَ …
إني انتويْتُ الرحيلْ !
*
دمعةُ البرقِ تقطُرُ
منْ وجنةِ الأُفقِ
داخلَني البرْقُ
ألفُ شكلٍ لليلِكِ
داخلني البرقُ ..
حطَّ على الرأْسِ
قنديلُهُ في دمائي :
لماذا تغيبين "يثربُ" ؟
إني ابتكرتُ لأشلاءِ روحيَ معْنى
وللميْتِ قبْرٌ جميلْ !
*
رعشةٌ في الوداعِ القريبِ
ظللُتِ أيا نسْغَ جُرحي الذي
خبَّأتْهُ عروقي
دهوراً تقولينَ:
"يأتي زمانٌ لقلبِكً"
صُبِّي بأحداقِ قلبي
حكايا الزمانِ الذي راحَ
نبْضُكِ في القلبِ يُشعلُ بوْحَ القناديلِ
فابتكري يا رياضَ المدائنِ
عشقاً جديدا
وكوني لفارسِكِ المُستباحِ
الصَّهيلْ !

5-أغنية أولى .. أغنية أخيرة :
يأتي إليكَ الفجْرُ ،
يا سعْدُ امْتطِ الأهوالَ مركبةُ
إلى زمنِ القصيدْ
رُدَّ اللغاتِ إلى صباها

قدْ قلتَها يوماً لأحمدَ في العُبابْ :
"لوْ خُضْتَ هذا البحرَ خُضناهُ …"
اخْتصِرْ زمنَ الغيابْ
وهذه صيْحاتُ جندِ اللهِ تبلغُ منتهاها

قدْ جاءتِ الغربانُ غازيةً
وقلبُكَ صرخةٌ للتلِّ والصحراءِ
قامتُكَ السماءْ
هذي يمامتُكَ التي قدْ رُوِّعتْ
برؤى الدماءْ
تمضي إلى الفردوْسِ شامخةً مُغرِّدَةً
فكيفَ إذنْ تراها ؟

صنعاء 14/3/1986

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:20 PM
(14) سطور من مواجيد أبي الطيب المتنبي

يوقظُني كافورُ الليلةَ
يُشعلُ فيَّ الرغبةَ
في الروميّاتِ الحُورِ
فيصُهلُ فرسي
أُبصرُني أنفُضُ حمّى الرهبةِ
أُمسِكُ عوديَ
أترنَّمُ بالشعرِ العذبِ الباقي :
هذي ليلةُ عيدي !
هذا حادي الحبِّ
يسيرُ بدرْبِ الفتْحِ دليلا
*
أفتحُ شبّاكي قلقاً
أخشى مجهولاً
يأتي
(هلْ يقتلُني كافورُ الليلةَ ؟)
أنهضُ مختنِقاً
أسترجعُ ذكرى الأيامَ الخضراءِ
وأفتحُ بابي للقمرِ الصيْفيِّ النشوانِ
فيُغمِضُ عينيْهِ ، ويزْورُّ يميناً عنِّي
وأظلُّ وحيداً
فوقَ السطحِ شريداً
وأٌقلِّبُ في ذاكرتي صفْحاتِ الرحلةِ :
أحببْتُ ديارَكِ يا مصرُ ، ونيلَكِ ، والشعبَ الطيِّبَ ، والشمسَ ،
وظلَّ الأيامِ المعطاءِ
وهذا كافورُ الخيْرِ يُحاورُني
يُغريني بالدّارِ الفخْمةِ
والراقصةِ المكتنزةِ
لكنِّي لا أُبصِرُ غيرَ الخوْفِ بداري
يجلسُ ، وأُحاورُهُ :
هلْ يأتي من أعماقِ القطْرِ الطيِّبِ
منْ ينشُرُ فوقَ الوجْهِ الخائفِ
ثوبَ الأمْنِ
ومنْ يُرجِعُ لي صفْوَ الأيامِ الأولى ؟
*
لا أملكُ غيرَ قصائدِ حبٍّ
في أختِ المحبوبِ الأوّلِ
لا أملكُ غيرَ شذى أحلامٍ مُزعجَةٍ .. تٌقلقُني ليْلاً
(غَنَّيْتُ كثيراً
وملأتُ الأرضَ بشعْري
والعبْدُ أَذاعَ
بهدْأَةِ هذي الليْلةِ
أنِّي أجْرمْتُ …
لأني غنّيْتُ قليلا
*
لا أملكُ غيْرَ الحرفِ الأبيضِ
وأُحاولُ أنْ أُقنِعَ هذا الزمنَ الجهْمَ
بأنَّ شموسَ النشوةِ
سوفَ تُظِلُّ زماناً
يعتنقُ الحزنَ
وقدْ غَنَّيْتُ كثيراً
للرَّعْدِ النافرِ خيْلاً
والوطنِ ـ الصُّبْحِ
وكنْتُ أعودُ لسيْفِ الدولةِ
تُدميني الطَّعَناتُ ، كسيراً .. ونبيلا
*
قال صديقي ذاتَ مساءٍ:
هذا قَدَرُ الشعراءِ
وأنتَ تصولُ ، تُسافرُ
في موْجاتِ الشِّعْرِ
وجُرْمُكَ : مازلْتَ تُحاولُ
أنْ تغسِلً جُرحَ الفرسِ الغائرِ
في ماءِ النهْرِ
غداةً
وأصيلا

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:21 PM
(15) حدائق الصوت

إلى صاحب «حياة محمد» و«الفاروق عمر» و«زينب» : د. محمد حسين هيكل ؛ فمنه وعنه كانت هذه الرؤية الشعرية) .

1-زينب:
يا زينبُ ،
يا صاحبةَ الصوتِ الحلوِ تعاليْ
في صوتِكِ أتنشَّقُ عطرَ الفجْرِ ،
ومازلتُ أُواجه قُبحَ زماني بالطُّهرِ ، وأحلُمُ :
هذي وجنتُكِ الحمراءُ
المرويّةُ بدماءِ الأبِ ،
هذي أذيالُ الشَّعْرِ المرويَّةِ بدمي ،
ذي دعَواتٌ تصعدُ من عينٍ
تستيقظُ فيها آياتُ الشوقِ الغامرِ
للمحبوبِ
أقولُ : تعاليْ ، يا صاحبةَ الصوتِ الدّافئِ بالوصْلِ ،
فهذي سنبلةُ القمْحِ أراها تمتدُّ بعرضِ الحقلِ
وألمسُ صوتَكِ ،
تنسابُ أفانينُ الرغبةِ في أن يُزهَقَ هذا الليلُ ،
وينتفضُ الجسدُ الميِّتُ ، ويؤوبُ ،
وآخذُ سمتي للبيْتْ
*
أقرأُ أسفارَ الوعْدِ ، أناديكِ:
ألا هُبي بالصَّحْنِ ، فإني ممتلئٌ بالرغبةِ
شوقاً وجراحا
أعرفُ أنك ستجيئين إليَّ صباحا
(قد فسدَ الناسُ ،
وضاقتْ أبوابُ مدينتِنا أن تتَّسعَ لحلمي)
خلفَ النافذةِ السوداءِ أُناديكِ :
تعاليْ ، ماذا يُشْجيكِ ؟
فإني لا أعرفُ أنغامَ المَلَقِ ،
وإني أركضُ في دربٍ
يتمدّدُ في آخرِهِ سيْفُ الصَّمْتْ !
*
زورقُنا الخشبيُّ تمزّقَ في اليمِّ الليلةَ
ـ هلْ أبكي مثلَ النسوةِ ؟
هلْ ألطِمُ خدَّيَّ صباحاً وعشيًّا ؟
تتلاشى أنفاسي ..
(مدّتْ زينبُ يدَها للنخلةِ ،
لمَسَتْ جذعاً أعجفَ
.. فتساقطَ رُطبٌ أشهى منْ أثمارِ الفردوْسِ
أكلتُ
شربتُ)
ولفَّتْ هذا القادمَ في الغيْمِ الأخضرِ
كيْ تستسلِمَ لعذوبةِ هذي اللحظةِ ،
تتلاحقُ أنفاسي ..
مرحى .. مرْحى .. بالموْتْ !

2-الرحلة:
العينُ الفسفوريَّةُ تتعلّقُ بكْ ،
ومواسمُ خصبِكَ
تجذبثني نحْوَكَ ،
والخيْلُ الليلةَ تفضحُ كلَّ صحائفِنا النوريَّةِ
قدْغِبتَ كثيراً عنِّي
قد غبتُ كثيراً عنكَْ
وقدْ وهَنَ الجسْمُ
اشتعلَتْ رأْسي شيْبا
(ماذا أفعلُ ؟
هلْ أُنشِدُ في هذا الصمتِ الكاسرِ من عذبِ الشعرِ
دموعَ الشوقِ الأخضرِ
للحبِّ النائي ..
بسمةَ حبٍّ للمحبوبةِ
حينَ تميلُ بأنداءِ السِّحْرْ ؟)
*
الجرحُ الفاغرُ فاهُ يُغذِّي آمادَ النفسِ ،
وتشتعلُ دمائي شوقاً
(كنتِ تعودينَ إليَّ نباتاً نورانيًّا في الفجرِ
ـ فمنْ أقصاكِ عنْ النهرْ ؟)
*
صمتَتْ "زينبُ" ، وانكسَرَ النهدُ ،
وسالتْ دمعاتُ الحسرةِ فوقَ الخدِّ ،
فسقطتْ عيني الفسفوريةُ فوقَ الأرضِ
تخضَّبَ ماءُ النيلِ : تجيئينَ لبابي
نسهرُ قُدّامَ الدّارِ ، ونلهو صُبحاً إذْ نرعى البهمَ
ـ لماذا أقصاني عنْ عتباتِكِ ليْلٌ ..
أبعدني عنْ هذا الجسَدِ الجنةِ ؟
هذي أنتِ تعودينَ الليلةَ قمراً
في بحرِ الدَّمْ
(معذرةً لا أحيا في الوهْمْ
هأنذا أُشهرُ سيْفي في وجْهِ العشاقِ الكذَّابينَ
وأخرجُ منْ قيْدِ الأسْرْ

3-الجرح:
هل لي أن أغسلَ هذا الجرحَ الغائرَ
في الماءِ ؟
أنا لمْ آكلْ لحمَ الخوفِ ،
أنا لمْ أشربْ مرقَ الإطراقِ ،
ويشتعلُ الجوفُ نهاراُ بالغضبِ الحارقِ
واللفْظِ الدفّاقِ
ويشتعلُ مساءً بحنينٍ للسيفْ
*
غابتْ زينبُ منذُ زمانٍ
قلبي يتحطّمُ يا "زينبُ"
(زينبُ تنأى عنِّي
وأنا أذوي شيئاً شيئاً)
أنتِ دوائي
والشمسُ اللاهبةُ تُزمْجرُ ،
وتُحطِّمُ أضلاعَ القلبِ ،
وقلبي عصفورٌ يفجؤهُ القيْظُ (.. فكيفَ تبخَّرَ
وعدُكِ خوفاً منْ والٍ أهدرَ في الظَّلماءِ دمي ..
يبتعدُ الموكبُ عني ..
والفرسُ الأبيضُ يركلُني ،
ما أقسى ما أُبصِرُ في هذا الليلِ المُعْتِمِ !
منْ يأخذُها مني ؟
منْ يأخذُها ؟
منْ أقصاني عنكِ الليلةَ ؟
منْ أبعدني عنكِ ؟
تموتينَ ؟
فكيفَ تجمَّدَ هذا المشهدُ في العيْنِ الفسفوريَّةِ
كيفَ يجفُّ على الشفتيْنِ الحرْفْ ؟)

4-محمد ـ الفاروق:
صَلَّيْتَ لصُبْحٍ يأتي في زغردةِ السَّيْفِ
وفي قعقعةِ سلاحٍ يتخفّى
في الشجرِ الأخضرِ
ولصوتِكَ غنَّتْ أطيارُ الحبِّ جميعاً
.. أُغنيةً خضراءَ الأحرُفِ ،
تأتي الأطيارُ تُقبِّلُ وجهَكِ ،
وتُباركُ خطْوَكَ ،
تعملُ "نيشاناً" منْ أغصانِ الزيتونِ ،
وفوقَ جفونِكَ ترقصُ أمنيةٌ وئدتْ ذاتَ صباحٍ ،
وبلالٌ وقفَ يؤذِّنُ للفجرِ الآتي ،
قالتْ أرضٌ هاجرَ صاحبُها:
ـ أين حبيبي ؟
فأجابَ العاشقُ : إني آتٍ يا أرضي
أحملُ خبزي وحنيني !
أحملُ في قلبي الحبَّ ، وأنتِ عروسي
(هيّا يا صحْبُ !
تعالوْا ، كيْ نرقُصَ ،
كيْ نفرحَ بالعوْدةِ للمحبوبةِ)
ـ لسنا نملِكُ غيرَ السيفِ
ونورُكَ يا أحمدُ ينسربُ إلى القلْبِ ،
فيملؤهُ دفئاً والبردُ شديدْ
*
الجوعُ الكاسرُ يقفُ فتيًّا قدّامَ البابِ
ـ فهل يهزمُنا الليلةَ ؟
(ـ لنْ يهزمَنا يا ابنَ الخطّابِ
فنحنُ نغنِّي لحنَ العيدْ !)

5-المحاكمة ـ الدخول:
قبلَ دخولي
بالقلبِ الممتلئِ يقيناً
أبصرْتُ الجلاّدَ ،
وأبصرتُ الحبلَ غليظاً
ينتظرُ العاشقُ ..
(هذي الأرضُ الطيبةُ
أتحياني بالوجْهِ الباسمِ
والقلبِ المشتاقِ
وبالحضنِ اللَّيِّنِ
ومواويلِ الرغبةِ والشوقِ ..
وجلاّدي يرقبُ رأْسي في طَبَقٍ فضِّيٍّ)
أذكرُ قصةَ حبٍّ تحيا في الذاكرةِ الصُّلبةِ منذُ زمانْ

أهواكِ بلادي ..
وأُغنِّي أغنيةً خضراءَ الحرفِ ..
لكنكِ مازلتِ تخافينَ ، وأرضُك بكْرٌ
(هلْ تُعطينا البدرَ الأخضرَ والأنجمَ ؟
هلْ تُعطينا في أزمنةِ القحْطِ رغيفاً ؟
هلْ هذي صرخاتُكَ ؟
ـ خنجرُكِ الدّامي يُغرسُ في لحْمِ القلبِ ،
وإني مكسورٌ

هلْ أُشعلُ جمرةَ غضبي ..
في هذي الأغصانِ الجافّةِ ،
والأجسادِ النتنةِ ،
وهشيمِ الحرمانْ ؟)

القاهرة 13/12/1977

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:22 PM
(16) أطيــــــــــــــــاف

(إلى الروائي محمد جبريل)

منْ أطْلَقَ نهرَ الماءِ
على الصحراءِ
مقتحماً أقواسَ الظُّلمةِ والأنواءِ ؟
منْ رسَمَ النهرَ وسيعاً كالصيفِ
بديعاً كالحرْفِ
ورفعَ الجنَّةَ فوقَ ضفافِ الطيفِ
وخطَّ حكايةَ عشقٍ للغبراءِ ؟
منْ دفعَ السمّانةَ للبحْرِ
ولوّحَ بالنَّهْرِ
فأقبلتِ الأطيارُ تُغني أحلامَ الشعراءِ ؟
*
هلْ تخشى الأسوارَ
وريشتُكَ الخضْراءُ انتفضتْ
تقتحِمُ النّارَ ؟
أجبني

فالأطيافُ تُحاورُني
والصحراءُ ردائي
ديرب نجم 8/9/1984

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:23 PM
( 17 ) محمد


تجيءُ إليْنا
فيأتي لنا الأقحوانُ
وتأتي السنابلْ
وتُدهِشُني أرضُها
إذْ يبوحُ شذاها: انتظرتُكَ
قلبُكَ للحبِّ مأْوى
وللناسِ منٌّ وسلْوى
وفي القفْرِ ورْدٌ ودِفْلى
فأُبصِرُني قدْ تعبتُ من القوْلِ
والقوْلِ
أنفقْتُ عمْراً لبعْضِ المحَارِ
اخترقْتُ لِحاءَ الديارِ
وجدْتُكَ في بُؤبُؤِ العيْنِ
فجْرَ الدخولِ لأرْضِ السَّخاءْ
*
تجيء إليْنا ..
فيُشْرِقُ في الأُفْقِ فَجْرُ
تجيء إليْنا ..
فينْبُعُ في الصَّخْرِ نهْرُ ..
تجيءُ فيهربُ عنّا القناع
وتكشفُ عنْ صبْوَةِ القلْبِ
توقِظُ فينا الذي ضاع
بعدَ دهورِ الترقُّبِ تأتي ..
فتبسمُ عيْنٌ وثغْرُ
ويُشرقُ في الظُّلماتِ الضِّياءْ
*
يقولُ الرجالُ/
النساءُ/
الصِّغارُ/
الكبارْ
تعبْنا منَ الوجْدِ والانتظارْ
فهلْ توقِظُ الحلمَ فينا
فتنمو السنابلْ
وأنتَ جسارةُ حُلْمِ البَشَرْ
وبوْحُ اليتامى .. الأراملْ
منْ عشقوا تُرْبَهُ
فذاقوا المِحَنْ
وهلْ تتهاوى الحصونْ
وتغربُ عنْ ناظريْنا جبالُ الشَّجَنْ ؟
*
تعالَ لندخلَ أرضَ الوفاءْ
ونقرأَ صفحةَ عصْرٍ جميلِ المُحيَّا
فأحرفُ فجْرِكَ تملأُ هذي السماءْ
وتحتضنُ الفقراءْ
فهلْ تُطلِقُ السَّيْلَ ..
تغسلُ حزناً على القلبِ رانْ ؟
وتبذُرُ في حبَّةِ القلبِ بذْرَ الأمانْ ؟
أتيْتَ إلى الأرضِ ..
فانْتشتِ الأرضُ بالصادقينْ
رأتْكَ تُفَجِّرُ بركانَ هدْيِكْ
وأنهارَ صِدْقِِكْ
فغنَّتْ بصوتِكْ
معَ الفاتحينْ !

ديرب نجم 21/2/1984
_________________

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:23 PM
( 18 ) الثمــــار


.. ولمّا قطفْتُ الثمارَ الغريبةَ
كنتِ هنا تركُضينْ
وفي عيْنِكِ البوْحُ
في لفظكِ الجُرحُ
هذا الجوادُ الجموحُ يجوبُ الشوارعَ
يبجثُ عنْ مهرةِ الماءِ ..
يركضُ في ملكوتِ الصَّهيلْ
*
أُغطِّي جراحَكِ بالغَيْمِ
نهوي إلى الأرضِ تحتَ السنابكِ روحيْنِ
طقْسيْنِ
كأْسيْنِ
تصرُخُ أشلاءُ روحي :
أفي أوّلِ العهْدِ حينَ أفيءُ إلى ظلِّكِ الخصْبِ
أُقتَلُ ..
تُشعلُ فيَّ الحرائقُ
والصَّحْبُ يصطخبونَ بهذا المساءِ الجميلْ ؟
*
هبطْنا إلى البرِّ ،
بضحكُ "دجْلةُ"
أُطلِقُ منْ قفَصِ الصدرِ عصفورةً للبراري
لماذا تُرى تصمتينْ
وهذا الغناءُ المُوشَّى بماءِ القلوبِ يجِفُّ
وتسقُطُ هذي الثمارُ الحبيبةُ
إذْ يعتريها الذبولْ ؟!

ديرب نجم 18/5/1984

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:24 PM
( 19 ) انتفاضة روح


أكانتْ بنا رغْــبةٌ في الجنونِ ؟
مشيتُ إلى النهرِ ، قلتُ : اتبعيني
سنبحثُ تحتَ الرصاصِ عن الخبزِ والماءِ
وفاضَ الهوى في الجوانـــحْ
وطيْرُكِ .. غـــادٍ ورائــحْ
أيبدأُ سفْرُ القصـاصِ بسطْرِ الدمـاءِ ؟
صرخْتُ
رأيْتُكِ حلْماً ندِيّـاً
فعودي !
همسْتُ:
ألا تُبصرينَ جلِيًّــا
قيودي ؟
*
وحاصَرني وجهُكِ الحلوُ .. أغرقني في الخضـمْ
وعينـاكِ في الجرحِ .. خيْطانِ منْ خوفِنا والنَّـدمْ
تعاليْتِ دهْــرا
أيا نشوةَ الكذبةِ الفاضِحَهْ
لكمْ كنتُ نَسْـرا
أُفاجئُ بالخطْفَةِ الجارِحهْ
رأيْتُكِ يا منْبعَ الطُّهْرْ دفقـــــةَ شِعرٍ ودَمْ
*
وقلتٌ : انتفاضةُ روحي شعورٌ جـديدْ
ألا تمسحينَ جروحـي بنبْضِ القصيدْ
فذا الليْلُ يمْضـي
وها أنا أرشقُ جبهتَهٌ الجبـــروتْ
بسهْــــــمِ المنونْ
وذا الشعْـرُ يُفْضي
إلى سكراتِ الجنـــونْ
فأُخرجُ منْ ظلمةِ الصَّدْرِ هذا الصَّموتْ
*
على الرملِ وجْهـي يضيعُ
ونشْدو
لذاكَ الربيعِ البديــــعْ !
ويفتــحُ قلبُكِ أبْــوابَهُ
ويعدو
فنشربُ في الطُّهْرِ أكوابَهُ
وأُنسِجُ فخًّأ ، وأُحكِـمُ صُنْعَ الســـلاحْ
هل البحرُ صفحةُ ملحٍ .. بحجْمِ الجراحْ ؟

ديرب نجم 11/4/1984

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:25 PM
( 20 ) ثلاثة مشاهد


*مشهد أول:
على فرْقَدِ الصَّمْتِ شَقَّ المحارةَ
كانتْ عناقيدُ ومْضِ الرؤى تتواثبُ
قدْ يسقُطُ الآنَ ريشُ الكلامِ المُباغِتِ
تحتَ سنابِكِ هذا الجوادِ الجسورِ
.. وينفرطُ الآنَ عِقْدٌ منَ الشَّوْكِ
رؤياكَ تُدهِشُ هذا النخيلَ المُمَدَّدَ
في بوْحِهِ الفوْضَوِيِّ
أيا نخْلتي الآنَ هيّا ارْفعي الرّأْسَ
قدْ تُبْصرينَ بيارقَ يأْسٍ يُراودُها الحزنُ
(هذا الجبانُ المُخاتِلُ ظلَّ يُحدِّثُهمْ في زمانِ الأفاعي
برؤيا الفجيعةِ
لوْنِ القبورْ)

وفي غيْبةِ الماءِ والشمسِ
كانَ الطريقُ طويلاً
مشيتُ
ووجهكِ ظلَّ مُضيئاً على صفحةِ الأُفقِ
كانَ يُحلِّقُ فوقَ الجبالِ التي تتسابقُ
(هلْ تستقرُّ الطحالبُ في قاعها الضَّحْلِ)
لفظُكِ غادرهُ اللؤلؤُ المُتقافِزُ فوقَ لسانِكِ
بينَ ثناياكِ ألمحُ صبْوتَكِ المُشتهاةَ
تُقاسِمُني الرُّعْبَ :
قدْ يسْكُنُ القلبُ يا ابنَ العُلا
تعشقُ الضربَ والطَّعْنَ
أيْنُ كلامُكَ
عوْني
على هجماتِ
الشرورْ ؟!

*قطع:
قال السلطانْ:
كيفَ أغيبُ طويلاً عنْ فيْضِ الحُبِّ المُتداعي
في طيْفِ رعايايْ ؟
ابتَسَمَ وزيرُ السُّلطانِ
وَوَزَّعَ قرطاسَ اللوتسِ
كانَ مُضيئاً بالنصْرِ على الفقراءْ !

يتشعْوَذُ ذاكَ الأرْعنْ
يُمسِكُ سيفاً ورقيا
يعبثُ في ذقْنِ السلطانِ وشارِبِهِ
ويضاجعُ رغبتَهُ الملعونةَ
في بهوِ الأعمدةِ
يُبعثرُ أبجدة اللهْوِ
يُعيدُ تنافُرَ أحرفِها ثانيةً
في قرطاسِ اللوتسِ
يلْهو بالماءِ
ويكتبُ سرَّ النَّبضةِ
في عبثِ الأحرفِ
والورقةُ ملساءْ !

*مشهد ثان:
بيْتٌ للذَّاكرةِ الملعونةِ
يتحصَّنُ منْهُ الخوْفُ مساءْ
يتدفَّقُ فيه الشوقُ مع الأنواء النَّزقهْ
بينَ الشمسِ / الأنوارِ الشَّبِقَهْ
تحجبُهُ دهْراً عنْ عيْنِ المرآةِ القلقَهْ
ألفاظُ الأُلْفَهْ
نتخاصرُ ، ألفُ حجابٍ بفصلُنا
عنْ هذا الأُفْقِ !
نُروِّضُ أحزاناً مُمْتنَّهْ
تنعمُ بسكينتِها الفَجَّهْ
تحتَ الجِلْدِ
المحشوِّ برمْلِ الصَّحْراءْ
وتُرابِ العادة والإلْفْ !

*مشهد ثالث:
أصواتُ السَّائمةِ تُجاذِبُني
والمرآةُ القلقةُ تتحجَّبُ عنْ نَزَقي
الدَّافِقِ
في جنباتِ القلبِ الشرقيةِ
لا تُبرِزُ إلا عينيْها
وعجيزتُها موْسقةُ الماءِ النَّابضِ
في عَقْدِ الخيْبةِ
هلْ يرتبطُ خريرُ الذَّاكرةِ الصَّخريّةِ
بقرارِ الماءْ ؟

يتحدّثُ مع أوردةِ الوردةِ
والنسيانُ يؤنسنُ حائطَهُ المشروخَ / قديماً
منذُ الزلزالِ الأوّلِ
في ذاكرةِ الرجلِ الأجوفِ
في ليْلِ الصحراءِ
وهذا نوحٌ يتركُ مركبَهُ
سفنَ الصحراءِ
ويأوي للجبلِ الأجردِ
والحلمُ يُفاجئني
بهزيعٍ
وحنينٍ
وفجيعةُ روحي ملقاةٌ تحتَ سياطِ
تجاعيد الرملِ
وسلالتك الفذةُ يا "نوحُ"
أراها تنبضُ في أجنحةِ الماءِ
فيغزوني التحنانُ
ألا تمسحُ دمعَكِ يا "نوحُ" ؟
ألا تُمطرُني بالورْدِ النازفِ في بطْنِ السَّدِّ
تُبلِّلُ صحراءَ الروحِ بأمطارِ يقينِكْ

يا وردةُ غُرِّي غيْري
أخلعُ ثوبَكِ منْ ذاكرتي النّاسيَةِ
هلُمِّي .. تحجبُكِ الشمسُ نهاراً
تُشرقُ أعمدةُ التّذكارِ عشِيا
أُلقي في تابوتِ الأجدادِ حنيني
فيُفاجئُني وقْتٌ
بِرداءِ الظُّلمةِ
أغرقُ في أوْهامِ العَتْمةِ
يتملّكُني وردُكْ
ويُفاجئُني تُفّاحُكِ
أجفلُ ..
تصرُخُ أشواقُ يقيني في منتصفِ الليلِ
ـ ألا تُمطرُنا بالمُهْلِ الحارقِ
منْ شِعرِكَ
ـ ألْقِ عناءَ الخيْبَةِ
والغربةِ
عنْ كاهلكَ المُثْقَلْ
ـ صرْنا نتآخى في فرْدوْسِ يقينِكْ
أوْ صحْراءِ جنونِكْ !
ـ نقرأُ أورادَ فضائكْ
نصْحو
في نقْشِ الهجْسِ
على سِرْدابِ سمائِكْ !

يا ويلي !
أتساقطُ
ورداً وجنوناً
في فوْضى الصحراءِ العربيَّهْ
وثنايا الوهْمْ !

ديرب نجم 3/3/1991

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:25 PM
( 21 ) سيرة غير ذاتية لعنترة 1964


(1)
ظلّت تمنحُني ذاكرةً
للصّوتِ الدّاجنِ
في فتنةِ حيْرتِها
تعبرُ ظلِّي في هجعةِ أطيارٍ،
وكتاكيتَ ، وبطٍّ ، وإوزٍّ ،
وسُعالِ الشيخِ اليقظِ ،
وترنيماتِ الجسدِ العاشقِ
وتشقُّ قميصي ..
أو تُشعلُ كبدي
إذْ تُخرجُ تُفَّاحتَها
(2)
تفجؤني في رقصةِ موتي
بذؤابةِ صرختِها
وتُدحرجُ في هاويةِ الصمْتِ
هدوئي ..
ويمامي ،
وحسامي ،
وخريفي ،
(أمْ كانَ صبايَ الذّاهلُ ذاك ربيعاً ؟)
في نشوةِ نشوتِها ؟
(3)
أبحجمِ الكفِّ خرائطُ عشقِكَ ؟

أتمزّقُ إرْباً في ظُهْرِ غوايتِها
*
فلماذا ظِلُّ تقاويمي يهْذي فرقاً
يصرخُ رُعباً في وهْدةِ بغْتَتِها ؟
*
ألعيْنيْكَ عصاباتٌ تملأُ بقتامتها الأفقَ ؟

وهذي ناري ..
تنزلقُ ضباباً
فوقَ حريرِ ملاستِها
*
كمْ ضَمَّخَني صوْتُكِ بتهاويلِ الخوْفِ

لماذا تلْفحُني برذاذِ النّارِ ..
وتكتُمُ في غَضْبَتِها ؟
(4)
هأنذا أُقْعي ..
وَتَراً مشْدوداً بيْنَ القوْسِ النَّافِرِ
وحصيرٍ متّسِخٍ في الأرضِ ،
وبعضُ كتاكيتَ تُصوْصِوُ في
الدِّهْليزِ
"سميحةُ" تكْنِسُ دارتَها
والنخْلةُ واقفةٌ ، تشْهَدُ بجنونٍ :
ـ هذا الصَّمْتُ / النَّزْفُ .. لنا
فأكفْكِفُ منْ صبْوَتِها
(5)
أحْنى قامتَهُ للفرسةِ (عبلةَ) إذْ تعْبُرُ
يتناثرُ أطْفالٌ وقَصائدُ منْ خاصِرَةِ الليْلِ
يُفَزِّعُهُ الخوْفُ ،
وأسطورةُ قارورتِهِ المجنونةِ
تكشفُ عنْ لذَّتِها
ـ بجنونٍ أحببْتُكَ ..
بسخاءٍ أعْطيْتُكَ ..
ويْلي منْ عُريِكِ يُنذرُني
بخرابٍ يتلجْلجُ في الصَّدْرِ
صعوداً
وسقوطاً


ويلي منْ فتنَةِ فتْنَتِها !
اليمن ـ بني علي 8/3/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:26 PM
( 22 ) الليلة المُطارَدَة


في ليْلِكِ
تُفَّاحةُ هجْرٍ
وسيوفُ خيانهْ
لن تصرخَ
فحصارُكَ جمْرٌ
يا ليْلَ الصَّبْ
ومدادُكَ جفّْ
أوراقُكَ تبْكي
منْ وَجَعِ الوحْشَهْ
واللؤلؤُ يتفجَّرُ بينَ أصابعكَ الهشَّهْ
فيُضِيءُ دمي !
مُحتفِياً بمواثيقِ مدائنِكَ النائمةِ
على تذكارِ الدَّهشهْ

ديرب نجم 14/6/1990

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:27 PM
( 23 ) الوهم


أيُّ وهْمٍ جرى بيْننا
في اللقاءِ الأخيرْ ؟
أيُّ لفْظٍ خؤونٍ هنا
دحْرَجَتْهُ المسافاتُ ما بيْننا ؟!
إنَّنا لمْ نعدْ نستقي صدقنا
منْ دِلاءِ الرّجاءِ الغريرْ
أوْ حديثِ الغيابِ المُثيرْ !

الرياض 10/7/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:27 PM
( 24 ) قطط مائية


قطَطٌ تتوالدُ فوقَ الأرفُفِ
وتُداعبُ ذاكرةَ الوقْتِ
تُخاصِمُ جيمَ الجرأةِ
تُثخنُ جرحي الأكبرِ
بسؤالِ اللبؤةِ :
مَنْ علَّمَكَ
وأفهْمَكَ
وأخَذَكَ للنورسِ
دابرْتَ الصَّحْراءَ
وألقيْتَ النفسَ
إلى رمْلِ الماءِ
وفُزْتَ بنيشانِ الصَّمْتْ ؟

الرياض 1/7/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:28 PM
(25 ) مرثية متأخرة

(1)
*ماذا لو العصفورةُ الثَّكْلى
تَداعَتْ في ذُرا روحي وأطْلَقَتِ البيانْ ؟
*القيْظُ يفجؤني ،
يُصادِرُ حلْميَ النَّشْوانَ
قدْ يغتالُ أُغْنيتي
فيسْقُطُ قلْبيَ المشتاقُ
مُختنقاً
بأرْصفةِ الزّمانْ !

(2)
*العُمْرُ ..
هلْ ضاعتْ مفاتنُهُ وباءتْ بالخرابِ
الضاربِ الأطنابِ
في ثَبَجِ القصيدَهْ ؟
*ثوْبُ الأمانِ خلعْتُهُ صُبْحاً
ودهْري هلْ يُفاجئُني
بأوراقٍ من التوتِ المُداجِنِ
والأعاجيبِ القعيدَهْ ؟!
ديرب نجم 31/1/1991

_________________

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:29 PM
( 26 ) ثرثرة في كراسة عنترة

*يوقظُني صوتُ الملكِ الطّاهِرِ في الفجْرِ ، أُحسُّ بأقْدامِ أبي ترْتطِمُ ببعْضِ الآنيةِ ، صياح الدِّيكةِ ، والمصباحُ الزَّيْتيُّ مُضيءٌ في الدِّهْليزِ ، أرُشُّ الماءَ على وجْهي ، أمْشي خلْفَ أبي للمسْجِدِ ، والطُّرُقُ المُظلمةُ تُوشْوِشُني بِحكاياتٍ ، والرّيحُ الليلةَ عاصِفةٌ ، هلْ أركبُها ؟ هلْ أذهبُ لسُليمانَ صديقي وأُحاورُهُ في أمْرِ العسْكَرِ إذْ خَطَفوا مني اللعبةَ في وادي النملِ الحَذِرِ ، القرآنُ يُرَتَّلُ في المسجدِ ، أتوضَّأُ ، بيْني والليلِ حديثٌ لا أفرغُ منهُ ، البرد شديدٌ ، أأَرُشُّ الجسدَ النّاحلَ برذاذِ اللهفةِ للدفءِ ؟ الخالاتُ وقفْنَ على الأبوابِ كأغربةٍ سودٍ ، أُمي تُحتضَرُ وعيناها تبتسمانِ ، مُفَتَّحَتيْنِ ، وخالاتي يصْرُخْنَ : أمينةُ ماتَتْ .. فلماذا لا تُغمِضُ عيْنيْها ؟
*مايو يطْوي صفحتَهُ السوداءَ ، يُحاولُ أن يقتلعَ جذورَ الحزنِ من القلبِ ، ويعشقُ عنترةُ الحرْفَ ، جمالَ اللفتةِ ، صدقَ النبضَةِ ، نَزَقَ الرغبةِ ، دفْءَ الصَّدْرِ ، يُحاولُ أنْ يهْرَعَ للقرآنِ ، ويجري في الطُّرقِ الوعرةِ ، تنطلقُ الشمسُ حصاناً يخترقُ جبالاً ومفاوزَ . عبلةُ تأتي فاتِنةً ، يقضُمُ تُفّاحتَها ، ينشُرُ ثوبَ الصَّبوةِ فوقَ الجسمِ فراديسَ ويُلقي بالجسَدِ العاشِقِ بيْنَ يديْها !
*يبْقى في المسجدِ أياماً ولياليَ ، وتُخاصرُهُ لوثةُ "عبلةَ" صبحاً وعشِيا ، ويُحاورُ وطناً يسكنُهُ الشوقُ : لماذا ضاقتْ عنكِ عباراتي ؟ بوْحي شيْطانٌ أخرسُ ـ "عبلةُ" قدّامي فَرَسٌ يصْهلُ في البرِّيَّةِ ، وشقوقُ الأرضِ العطشى كانتْ في الليْلِ تُراودُني ، تخترقُ خيولُ الشعرِ سهولَ الذَّاكرةِ ، وتُلقي بعناقيدِ جنونٍ (تطوي عبلةُ دفْترَ أحْلامي ، لا أقدرُ أنْ أحمي وطَناً ، أسقُطُ منْ هُدْبيْها)

ديرب نجم 7/12/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:29 PM
( 27 ) أنخاب القصيدة المرمرية


وتأتي في خِضَمِّ اللحظةِ المنهوكةِ الدَّفقاتِ
تُغريني مفاتنُها
وتسقيني
حليباً يفتحُ الأوقاتِ
للذَّاتِ
والغدْواتِ
والرَّوْحاتِ
مفتوناً أنادِمُها
وتسقي لهجتي جمْرا فتُنبِتُ أحرفي بدرا
أكاشفُهُ وأحضُنُـهُ يُعانقُ طيفُهُ عُمْـرا
تمـزّق بينَ جامحـةٍ ودمعةِ شوْقِها الحرّى
وتنداحُ المراكبُ في سرير العشقِ بيْنَ قميصِها المفتوحِ والنَّهْديْنِ ، تُدخِلُني بيوتَ البحرِ ، أغْزو حصنَها المخفورَ بالأبوابِ والحجّابِ والحرسِ المُدَجَّجِ بالقصيدِ المرْمَرِ الأسْلاكِ ، والشبَقِ الذي يجتاحُ بيْنَ غلائلِ السُّرَّهْ
فيا غٌرْساً من الأضْواءِ والنَّشْوَهْ
ويا ليْلاً من الأسْـرارِ والقهْوهْ
تفتَّحَ بيْضُكِ المكْنونُ عنْ أصْدافِنا الملقاةِ بينَ الوقتِ والأشياءِ ترقُبُني (خلالَ الرؤيةِ المفتوحةِ الشِّدقيْنِ عن ألفاظِها البِكْرِ النَّهاريهْ)
وليسَ لها من الجنَّاتِ
والصَّوْلاتِ
والجوْلاتِ
غيْرُ صهيلِها المسكوبِ فوقَ العشبِ قطْراتٍ من اللبنِ الذي ينْداحُ فوقَ النَّرْجِسِ المخْتومِ ، والماءِ الذي ينصبُّ منْ نافورةِ الأشواقِ والكأْسِ الذي يهْوي مناصفةً تقاسمْناهُ بينَ أرائكِ الغزلانِ والصورِ الرُّخاميَّهْ

صنعاء 19/2/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:30 PM
( 28 ) فيـــــــــلم عربي

1-التهيؤ / الرعب:
لماذا كلُّ شيءٍ ساكنٌ كالرَّمْلِ
ـ يا ألقَ الجسارةِ ، أعطني قمرا
ـ منحتُكِ كلَّ ما تبغينَ
كانَ النهرُ مثلَ الكأْسِ ، أعطيتِ الذي أرجوهُ ، تلك شظيَّةٌ في بؤبؤِ العيْنيْنِ ، هذا ليْلُنا المُتجانِسُ اللحظاتِ يسْتجْدي تُراثَ الوهْمِ ، في قارورةِ النسيانِ أغنيةٌ عن العينيْنِ ، والحرمانْ

لا للموْجِ ترتحلينَ يا ألقَ الصِّبا المهْدورِ ، لا للريحِ ! تلكَ سقيفةُ الصَّرْعى أمامَ يديْكِ ، فاختاري خطابَ النرجسِ / الأسيافِ ، وامتدِّي ربيعاً فوقَ طقْسِ الحيْضِ والطَّمَثِ الذي لا تُزْهِرُ الأمواهُ في حصياته الملقاةِ فوق سريرِ هذا القيْظِ ، كان الضوءُ في العتْماتِ خطا مائلاً حَذِراً ، رأيْتُكِ تقطفين الشوكَ والورْداتِ في النَّهديْنِ ، أدنيْتُ الخُطا منْ خُطْوةٍ مُرتابةِ اللفتاتِ . هذي سلَّةٌ مفجوعةُ الأحداقِ بيْنَ يديْكِ

ـ خُذْ هذا ..
رأيْتُ السَّهمَ مغروساً بثدْي صبيةٍ مفقوءةِ العيْنيْنِ ، أغمضْتُ ، المدى نارٌ تُحاصرُني ، وأمْسَكَتِ النساءُ يديْ صريعِ الموْعِدِ المضروبِ ، كانتْ سَوْرَةُ الرُّؤيا تُطارِدُهُ ، اللغاتُ تكسَّرَتْ في الحَلْقْ.

2-النار / النار:
لماذا كلُّ هذا الرعبِ ؟ والجسدُ الذي في النّارِ أنضجناهُ تأكُلُهُ الثعالبُ منْ فِجاجِ الأرضِ ، تنهشُ حدأةٌ في الروحِ ألواحاً من الصَّخَبِ الذي عشناهُ أحقابا . بروجُ القلعةِ الصَّمّاءِ تخمشُ ظفرها في فطنةِ الأسلافِ . كان الطينُ صلصالاً من الأحداقِ والأثداءِ . هذي قبْضَةٌ مرفوعةٌ بعلامةِ النّصْرِ الذي (مُتْناهُ) فوقَ الحائطِ المهْدومِ . في الأظلافِ والدَّمْعِ الذي يسْتافُ قطْرَ الماءِ في برديَّةِ البسلاءِ والنبلاءِ والشُّجعان ، في نيشانِ نصْرٍ شامخٍ (عشناهُ) أشعاراً ، تركْنا طفلةً في النارِ تُنضِجُها سَمومُ القصْفِ والغَسَقِ المُحمْحِمِ في خِضابِ الرَّملِ والقيعانِ :
هيّا يا جِياعَ القلْبْ !

3-الصدق / الفجيعة:
لماذا كلُّ هذا الخوْفِ ؟ أيةَ حيلةٍ ترْجونَ ؟ والصَّقْرُ الذي منْ حولِهِ تهذونَ في الليْلاتِ محْضُ حمامةٍ ، قلتُمْ بديعَ الشعرِ حينَ نأَتْ
وقُلتُمْ سوفَ نُرجِعُها إلى العُشِّ الذي هَجَرَتْ
4-الغياب / الدم المسفوك:
لماذا كلُّ شيءٍ غائبٌ ، والرَّمْلُ متَّسِعٌ ، وتلك سقيفةٌ لنْ تجْمعَ الخطباءَ في زمَنِ انثيالِ الجْرْحِ ، في زمنِ اسْتلابِ الروحِ ..
عُدْ يا بحْرُ ، عْدْ يا شعْرُ ، تكتُمُ جُرحَكَ المفتوحَ ، قلْ ماذا يقولُ النَّرجسُ المسفوكُ للأرْضِ التي بَعُدَتْ ؟!

صنعاء 1/2/1987م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:31 PM
( 29 ) زهرة الصبار

(نظر إلى صورته منذ عشرة أعوام .. فتحسَّر ..)
هذا الفتى الجميلُ كيفَ صارَ أصْلعا
وأبيضَ الفوْديْنْ
هذا الفتى الضحوكُ كيفَ صارَ عابساً
ومثقلَ العيْنيْنِ
بالبُكاءِ في الأسحارْ
هذا الذي يُحادثُ الحِجارَ، والأشجارْ
بأعذبِ الأشعارْ
متى تريْنَهُ يا زهْرةَ الصَّبَّارْ
بعودُ مفْعماً بالوجْدِ والغناءْ
هُزِّي إليْكِ جِزْعَهُ القديمَ
جُرْحَهُ الحميمْ
تسَّاقطُ البروقُ والأقْمارْ
وتُشرقُ القصائدُ العصْماءْ
في أُفْقِهِ … وتُرْعِدُ السماءْ

الرياض 18/1/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:31 PM
( 30 ) وردة

هيَ وردةُ الفجْرِ التي
ألْقَتْ مبَاسِمَها إليْكَ
ولا تروحُ !
ولكُلِّ لفْظٍ نبْضُهُ
ولكُلِّ فاتنةٍ جُمُوحُ !
ولكُلِّ برْقٍ سهْمُهُ
ولكلِّ لاحظةٍ جُروحُ !


الرياض 9/10/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:32 PM
( 31 ) زهور جافة إلى يارا

(1)
يارا ..
منْ يمْلأُ هذا الأُفْقَ المجدورَ غُبارا ؟
منْ ينْزَعُ روحَكِ منْ نبضاتِ الروحِ ؟
ومنْ يسرقُ بسمتَكِ الينْعاءَ جِهارا ؟
منْ ألْقى كبدي المقروحةَ
في البئْرِ
فلا تُبْصِرُ ألَقاً سيَّارا ؟

(2)
يارا ..
يارا ..
هلْ يتسلّلُ سمْعُكِ في أحناءِ النفسِ
فيسْمعُ أحْنائي تصْرُخُ :
منْ يشري هذي الروحَ
بثمَنٍ بخْسْ ؟
منْ يأْخُذُ هذا الهيْكَلْ
حتى يُبعِدَهُ عنْ هذا الرِّجْسْ
منْ يُنقِذُني منْ أقْلامِ البصَّاصينَ
وأفْواهِ القوّالينَ
وأسماءِ المُحتالينَ
الْتُفسِدُ هذا الطَّقْسْ ؟!

(3)
يارا ..
ما كنتُ لأستبْدِلَ بهواكِ المشرقِ في أنحاءِ النفسِ
أُويْقاتِ العتْمهْ
أو أرضى أنْ أشربَ كأْسَ النِّقْمهْ
إذْ يأتي يتخفّى ـ بعدَ رحيلِكِ عني ـ
في زيِّ النِّعْمَهْ !

(4)
يارا ..
قالوا : غنِّ .. فغنَّيْتْ
لكنَّ القلْبَ مليءٌ
بأفاويقِ التُّرحةِ ،
والموْتْ !
هلْ يُنقذُهُ منْ هُلْكتِهِ
إلا أنْ يسمعَ هذا الصَّوْتْ :
يارا ..
يارا ..

الرياض 30/1/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:33 PM
( 32) حديث جانبي ..

(1)
لنْ يرجِعَ للطّائرِ هذا الرِّيشُ الوامِضْ
بالفَرحِ الدَّافقْ
روحي العاريةُ المثقلةُ بقيْظٍ خانقْ
تعبثُ بكُراتِ الثلجِ النَّزِقَهْ
تلبَسُ قُفَّازَ العادةِ
تدخلُ دهليزَ الشَّفْرة
تبرأُ من طقسِ الدَّهشةِ
يتداخلُ نقْعٌ وغبارٌ
وأنوثةُ عنصرها
هذي الصحراء !
(2)
تتفجّرُ في الشريانِ ينابيعُ اللغة الطِّفْلهْ
يتفجّرُ في الأُفقِ البرْقُ
يُعانقُ ضعْفي وجنوني
أيتها الأمطارُ الصّحراويةُ
مازالتْ بيْنَ أناملِكِ السحريةِ دِلتا روحي
تسألُني في الليلِ سُلالةُ رملكِ
هلْ أنتَ القادمُ يوماً
لتُضَمِّخَ روحي
بالأشعارِ الورديّةِ
وهواجسِكَ الطِّفْلهْ ؟
(3)
ـ يا منْ أرسلْتُكَ ، أوْجدتُكَ
كيْ تكتشفَ عذابَ النبتةِ
وتفرُّدَها بالصَّرخةِ
ماذا … ؟
ـ لن يغتالَ سكينة روحي فرسانُ النَّرْدِ
ولن يقدرَ فارسُهُمْ أنْ يزرعَ وردتَهُ
في عَبَقِ الجرْحِ
ولنْ يُطلِقَ لحظاتِ النشوةِ
غرباناً سُحْماً
تقتحِمُ سمائي

ديرب نجم 31/1/1991

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:33 PM
( 33) في انتظار الربيع

أصْغيْتُ للَّحْنِ القديمِ
دمي المُسَجَّى في طريقِ الفتْحِ يرقُبُني
مدينتُكَ المُحَرَّمَةُ امْتَطَتْ حُلْمَ الخرافةِ
لي أهازيجُ الهوَى
فمتى يفاجئُكَ الربيعُ
ويُلبِسُ اللغةَ / الحروفَ
قميصَكِ النشوانَ
ترتعدُ الجموعُ
يُسابِقُ النسيانَ صوْتُ مدائنٍ
تُغتالُ في وَهَجِ الظهيرةِ
تعبرينَ جسوريَ الخشبيّةَ ..
انتظري
فإنِّي صاهِلٌ بالخُضرةِ المُلتاعةِ الآفاقِ
لي ظلُّ القَتادْ
*
منْ أيِّ أبوابِ المدائنِ قدْ يجيءُ
ربيعُكِ المطْمورُ
أسْمعُ في اللظى
تَرنيمَكِ العلويَّ
منْ خلْفِ النوافِذِ
هلْ أرى فتْيانَكِ ـ الأعداءَ
حولَ ربيعِكِ الذَّهبيِّ ينساقونَ
للجزَّارِ أفواجاً
وهلْ تأتي هنا فتياتُكِ / الورْداتُ
هذا غيْمُكِ الدَّفَاقُ
يجري مُثقلاً بالسُّنبلِ الملحيِّ
أسئلتي تُحاصِرُ كرْمَكِ المُهْتاجَ
والعَسَسُ القديمُ محاصرٌ في الدَّرْبِ
جُرحَ الماءِ
خنجرُكِ الصَّديءُ
مُفاجِئٌ
للصَّدْرِ
بالطَّعناتِ
في ساحِ العِنادْ
ديرب نجم 3/2/1991

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:34 PM
( 34) عطش الصحراء

أتسكَّعُ
تحتَ الجدرانِ
وحيداً
منْهزما
أمشي
بينَ قوافلِ غزلاني
أحرفِ شعري
أقطُرُ
حزناً
ودما
لي ولَعٌ
بالأبيضِ
إذْ يخترقُ الأسودَ
كالنَّصْلِ
ويمضي
منتشياً
مبتسما !
*
هذي سنةُ الحزنِ
لماذا لا تُؤويني الكلماتُ
بمحرابِ هواها
جُرحاً ملتئما ؟
ولماذا أعتكفُ الليلةَ
في كهْفِ الوحدةِ
قطرة ماءٍ
في عطشِ الصحراءِ
فيالي ..
أتسكّعُ
مرتعباً
منحطِما

ديرب نجم 28/9/1990

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:34 PM
( 35) محاولة للنسيان

(1)
لماذا تُناديكَ هذي السفوحُ بخضرتِها
وبهذي الفلولِ الأليفةِ
(كانتْ تسوقُ تُراباً فيرْتجُّ منّا الفؤادُ ،
طُيورُ أبابيلَ تُسقِطُ أحْجارَها ،
وأفْيالُ صنْعاءَ تتْرُكُ أسْوارَها
ووردتُكَ / النّارُ تُفْرِغُ كأْساً)
(2)
مُخضرٌّ هذا السَّفْحُ بطيبِ الأنفالِ
رأيْتُ فلولَ البطْحاءِ تسوقُ تُراباً
يرتجُّ بريحٍ تهْدِرُ في ليْلِ الماءِ
طيورٌ تحْمِلُ لوْنَ الهُدْنةِ
في بؤبؤ عِشْقِ الليْلِ / الأفْعى
(3)
.. ونداءُ الوردةِ في الأعماقِ
شرابٌ منْ زقُّومٍ
يحيا في أفئدةِ الموهومينْ
يُمارسُ طقْسَ العادةِ والتَّدْجينْ
ـ أنا طفلتُكَ التبْغيَّةُ
ـ أنتِ زهورُ الخيبةِ والفتنَةِ
ـ لنْ أسْألَ
سأظلُّ مدادَكِ
أقرأُ شِريانَ الموْجِ
أُفَجِّرُ فيهِ فضاءَ غِناءٍ
حتى لا يخرسَ منكِ مساءً
قلبُ

ديرب نجم 19/3/1991

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:35 PM
( 36) السر الأعظم

(إلى خليل حاوي)

1-قبو العمر / صدف البحر:
*جاء الليلُ ، وهذي البدويةُ تخرجُ منْ صَدَفِ البحرِ ، تُزَفُّ إليكَ ، الفُلَّةُ تُعطي نهْديْها للطّارقِ إذْ يحملُ قيثارةَ ريحٍ ، والقاربُ يُبحرُ منْ هذا القيْظِ إلى أفيائكْ
*أترنّحُ في هاويةِ الموجِ النّاحرِ ساقيْك ، المحبرةُ تجفُّ ، أيقتلُ بوحيَ صوتُ طيورٍ سودٍ تقتحمُ الحِصْنَ البدويَّ ، ويُلقيني الصَّوْتُ إلى الشمس / الغيْمِ / الطُّرقات / الأطفالِ / البسماتِ ، فأرفعُ رأْسي : يا أيتُها البدويّةُ هلْ جِئْتِ إليَّ ؟ أثرْثِرُ للشمسِ الحُبْلى بالسِّرِّ الأعظمِ فوقَ سمائكْ
***
*أعشقُ هذا الليلَ / البحْرَ بعيْنيْ فاتنتي ، أعشقُ همسَكِ إذْ يعصفُ بالورقِ المُتراكِمِ في قبْوِ العُمْرِ المُحْكَمِ ، يُشعِلُ ناراً لا تنْطفئُ ، فأنكفئُ على ذاتي ، وأُقلِّبُ أوجهَ صورتِكِ ، وأشربُ كأْسَ الذِّكْرى ، فأُعاقِرُ حزناً يأْكُلُ عُمْري ، يجعلُ أيّامي هَدَفاً لِسِهامٍ صَدِئَهْ
*حُبُّكِ إذْ يُشرقُ في دُنيايَ مواسِمَ حَصْدٍ ، يُنقذُني منْ نَظَراتٍ حمئهْ

2-هدوء البحر:
*تعودُ البحارُ لتمْلأَ كفَّيَّ باللؤلؤِ السّاحليِّ ، وأجلسُ تحتَ المظلَّةِ ، أركضُ فوقَ الرِّمالِ ، النساءُ يرُحْنَ يجئْنَ ، الصَّبايا يُغنِّينَ : يا بحْرُ ! أنتَ جميلٌ وهادئْ !
*تعاليْتَ يا بحْرُ ، قلبُكَ طفلٌ تفرَّقَ بينَ الموانِئْ !
***
*وموْجُ البحارِ يُدحْرِجُ ألْوانَهُ تحتَ أرجُلِ جيْشِ الدِّفاعِ ، رأيْتُ الصبايا يُلمْلِمْنَ أثوابَهُنَّ ، يسرْنَ سبايا ، العصافيرُ تتْرُكُ أعشاشَها ، والمدينةُ مظلمةٌ ، والنيازكُ قاتلةٌ (ما الذي صارَ في الأُفْقِ ؟) عقلُكَ تُثقِلُهُ عنعناتُ الشروحِ ، وجسمُكَ قدْ مزَّقتْهُ حِرابُ الشَّتاتْ
*أهذا هو البحرُ يبْكي ؟ وأجنحةُ النارِ تضْربُ وجهَ الأحبةِ ، تحرقُ بوْحَ العصافيرِ ، بيروتُ أوديةُ منْ دِماءٍ ، لماذا تَضيعُ الملامحُ ؟ وجْهُكَ صارَ خمائلَ أرْزٍ لبَعْثٍ بحجْمِ المماتْ
***
*أراكِ تعودينَ ثانيةً ، تدفعينَ الحياةَ بنبْضي ، فأنطِقُ ، أبصرْتُ ما لمْ يروْهُ ،يقولون : هذا جنونُ الرجالْ !
*متى تأذنُ الريحُ ، ينحسرُ الموْجُ ، تختلطُ الكلماتُ ، تمرُّ الفصولُ ، نُعيدُ حكايا مُغامرةٍ فلسفتْها الجروحُ ، وقلبي يُعيدُ السؤالْ
*أعودُ إليكِ فتقتلعينَ شُجيْرةَ حزنٍ تُظلِّلُ قلبي ، تُغرِّدُ عيناكِ ، تنطلقُ الشمسُ فوقَ الرؤوسِ يماماً بعيدَ المنالْ
*فأنزلُ عنْ صهْوةِ البرْقِ ، يخْطفُني الموْتُ ، أقطفُ جسْمَكِ هذا الرُّخامَ ، البديعَ ، الربيعَ ، الحلالْ

القاهرة 30/6/1983

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:36 PM
( 37) جاءت في موعدها

(1)
جئتُكِ عرياناً إلاّ من حبِّي
كان الوقْتُ صباحا ،
والقلبُ الأخضرُ يقفزُ في جنباتِ الصَّدْرِ
كعصفورٍ بلَلَهُ القَطْرُ
تواجهْنا ، واختلجتْ شَفتانا
جئتُكِ ..
كانَ النَّهْرُ يُفضِضُ أوراقَ الوردِ النِّيليِّ ،
وكنتُ أُحمِّلُ في قاربِكِ القزحيِّ اليتخفِّى
في خندقِ صمْتِكِ ، يتجذَّرُ في قاماتِ اليأسِ
المنصوبةِ بيْنَ حبيبيْنِ قديميْنْ
(2)
جئتُكِ ، كانت؟ْ عيناكِ تروغانِ ، وكانتْ ساقيةُ الحرمانِ تُداعبُ صمْتَ الصَّبّارِ ، وكنتُ أذوبُ حنيناً ، أينَ رحيقُكِ يا (يارا) ؟ ، صمَتَتْ والكوبُ الفارغُ بيْنَ القلبيْنِ تُداعبُهُ الرغبةُ ، والماءُ تُدحرجهُ في الأرضِ خُطانا
يرسمُ خطَّينِ
بعيديْنِ
نحيليْنْ !
(3)
جاءتْ في موعدها ..
أوراقُ الزيتونِ حماماتٌ باضَتْ في مدْخَلِ هذا الكهْفِ .. تَنَاغيْنا ، مُدِّي عينيكْ تريْ أنفاسَكِ تتخلّلُ شرياني التاجيَّ ، و .. مُدي أصبعَكِ تلامسْ جبْهتِيَ المحمومةَ . إنِّي طِفْلٌ بلعبُ فوقَ أرائكِ (يارا) ..
فأفيئي القلْبَ المذبوحَ سلاما
حتى يدخلَ في خُضْرَتِكِ ، يدورُ بحضْرَتِكِ مُريداً
يتوحَّدُ بالحبِّ
ولا ينقسمُ اثنيْنِ
غريبيْنْ !

الرياض 7/2/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:41 PM
( 38 ) يقظة منتصف الوحشة

1-مشهد أول:
هي ذي ..
غربانٌ سودٌ تقتحمُ سمائي
التذكارتُ المتجمِّدةُ
تُحاصرُ نبتةَ روحي
وعصافيري نائمةٌ في عينيَّ وتحلمُ
أن تبني في الأشجارِ العبقةِ أعشاشاً ضوئيّهْ
تمنحُها أفراحاً ونيازكَ
وسنابلَ صيْفٍ مُثقَلةٍ ، تهوي
تحتَ القدميْنِ
وتنفرطُ
بفاتحةِ نشيدي!

2-مشهد ثان:
مازالَ وحيداً يشغلُ وقتَ الأفعى
بربيعٍ قزحيّ
يُمسكُ سيْفاً
تتقاطعُ فيه الوردةُ
والجدثُ الدَّاهمْ
(ما أجملَكِ شُجيةَ روحي)
ينصُبُ للوقْتِ فراديسَ
(وإنك مرجانته الخضراءُ)
ويُطلقُ في الأفقِِ وعولاً تختالُ
وتجتثُّ شُجيْراتِ الوهْمِ العالقِ بالجفْنِ
وأشجارُ المرَدَةِ تختالُ
وتُسقِطُ أنجمَهُ المُلتاعةَ من آفاقِ الرؤيةِ
فتُضيءُ عيونُ العشّاقِ
بصرْخاتِ الوحشهْ

3-مشهد ثالث:
هذي شجرةُ توتٍ .. تخلعُ آخرَ ورقهْ
والغُصنُ تكوَّمْ ...
مدَّدَ فرْعيْهِ إلى الحائطِ
أبصرَ في المرآةِ
العودَ الفارعَ
والتفاحةَ
والجسدَ الأملسَ
والشفةَ الجمرةَ
فتمنّى لوْ أغمضَ عينيْه ، وعادَ إلى جذعِ الشجرةِ
منتشيا
منتهيا ، مبتدئا
حتى أولى لحظاتِ الخلقْ !

صنعاء 27/1/1989م.

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:42 PM
( 39 ) أصوات الرمل

رأيْتُ هوادجَ الأمواتِ تُلقيني تُراباً
في توابيتِ الصّهيلِ الدَّاجنِ الآفاقِ
أُمسِكُ شمْسَ خيْباتي
أُعابِثُها
أُطَوِّفُ في البِحارِ السبعةِ
الخيْباتُ مارِدَةٌ
أُخوِّضُ (حُزنكَ العاتي يُزلزلُني،
وفي النِّيرانِ إبراهيمُ)
قافلةٌ من الإيمانِ
فردوْسي يُنادِمُني
فهلْ تَتَضَخَّمُ الأفلاكُ بالنّاجينَ ؟
لا يتسكَّعُ الأُجراءُ في جمْرِ المجاهِلِ مرَّةً أُخرى
أُطاردُ عنْكبَ الكلماتِ
يسْقُطُ في خلالِ الرُّوحِ نارنْجُ الهوى
وأُسامِرُ الدِّبَبَهْ
وأغرسُ نصْليَ المسنونَ
في شَجِرِ النَّدى
وأُنادِمُ التُّفّاحةَ الخضراءَ
لا أُصْغي لصوْتِ الرَّمْلْ !
صنعاء 15/9/1986

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:43 PM
( 40 ) تراجيديا الواهم الأكبر

(إلى ذكرى الصديق الراحل د. محمد كريم)

حادثْتُكَ أيْنْ ؟
مطْعوناً بالحُزنِ العاصِفِ
والليلِ القاصِفِ
مُرتدِياً ثوْبَ المهزولينَ تقومْ
تصرُخُ فطنتُكَ الطفلةُ في الصُّبْحِ الواجِسِ
وتُدحْرِجُ خطْوَكَ في الزمنِ الهاجِسِ
ـ أبكي المجْدَ الدَّارسْ
ـ فلماذا تتوقّفُ بيْنَ الرَّمْلِ وبينَ الصَّحْراءْ ؟
تبكي بينَ الشَّاهِدِ والشَّاهدْ ؟
ـ أمْشي خلْفَ الأبناءْ
فالأطْهارُ البَرَرَهْ
ماتوا مخْدوعينَ وشُهداءْ
ـ لنْ تُرْجِعَهُمْ معجزةٌ أحْياءْ !
*
أطْيافٌ مُقبِضَةٌ تغْمُرُ وجْهَكَ
والصَّحْراءْ
تتساقَطُ قِطَعاً
منْ رَمْلٍ
وحُدَاءْ
… فلماذا تخرُجُ من خارطةِ الحُلمِ
وحيداً
كالشعراءْ ؟
تَدْخُلُ مقبرَتَكَ
فرداً
أحَداً
فَتمُدُّ وسائدَها الأهْواءْ
ويختصِمُ القُرباءْ !

ديرب نجم 30/11/1990

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:44 PM
( 41 ) مواريث

*فصل في الجرح:
أيتها المرأةُ /
أيتها الوردةُ
في نسغكِ إحدى عشرةَ طعنهْ
وضمادانْ
تلك فضاءاتُكِ مثقلةٌ بالبوْحِ
وبالأحزانْ
قولي ...
كيفَ اخترمتْ يمنكِ النسمةُ
والجُرحْ؟

*فصل في الميلاد:
كنتِ بلا أمٍ تُهديكِ الميراثَ / العجز
وأبوكِ الريحْ
تختالُ على بوابتهِ
أيدٍ دمويّهْ
مُذْ ذَبَح الكبشَ
فقرّت في المزرعةِ النعجهْ
تهبُ كباشاً بيضاً
أصوافاً
لحماً يتمدّحه السادهْ
في لحظاتِ الصَّفْوْ!

*فصل في الفتنة:
في وجهكِ شاراتُ المجدِ المذبوحْ
مُذْ عانقْتِ حبيبَكْ
و(يهودُ) تُطاردُ حُلْمَكِ
في صحْراءِ الروحْ
في يُمناكِ تواريخُ القهْرِ!
وفي يُسراكِ الحلمُ / الوهْمُ
صعوداً
وسقوطا!

*فصْلٌ ثانٍ في الفتنة:
في أيام «الهوجةِ»
صرختْ أمُّكِ من خلفِ ستارِ البرزخِ
في أُذنِ أبيك:
«هذه الفتنةُ النائمهْ
لمْ تعُدْ مثلما ...
...
احكِ لي قصَّةً كيْ أنامْ
عنْ دماءِ القتيلهْ
أو شيوخِ القبيلهْ!»

*فصْلٌ في النهاية:
تخرجُ أُمُّكِ من سُرَّتِكِ ،
تُغازلُ فارسَكِ الأبْ
تضعُكِ فوقَ الصِّدْرْ
تهديك إلى فارسِكِ / الجدِّ
/ اللحْدْ
كوني
لعبتَهُ الورقيّهْ
أو تعويذتَهُ السحريِّهْ
حتى يقرأ فيك لياليَهُ الألفْ

الرياض 20/9/1992م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:44 PM
( 42 ) مشاهد سقوط «صباح»

1-مساء ـ خارجي:
*خرجَتْ من الأُفْقِ الملوَّنِ تستبيحُ اللحظةَ الخجْلى، وتغترفُ الصّباباتِ التي كانتْ تُباعِدُ بيْنَ فوْرَتِها وآفاقِ السَّنا
*دَخَلتْ إلى الموْجِ ، اسْتباحتْ حُلْمَنا
*وتمدّدَتْ وتحشْرَجَتْ آهاتُها في الحلْقِ ، ضاعتْ في الشَّواطئِ كلُّ ألحانِ الهوى ، عَزَفَت على لحن الصَّبا "قدْ أشْرَقَتْ أيّامُنا".
*عادتْ تهاليلي التي رسمَتْ بحِضْنِ الليلِ أخْيِلةَ الغرامِ ، فأيْنَ أحصِنةُ الضياءِ ترودُ آفاقاً مُنمْنَمَةً ، وتعزِفُ في الهضابِ الجُرْدِ أغنيةً وتزرعُ سوْسنا ؟

2-قطع:
*ماذا بنا ؟
*البرْقُ يعبرُ جسْرنا
*جاءَ الغريبُ ، خيامُنا مفتوحةٌ لكلابِهِ ، أجسامُنا تحتَ السنابكِ في العَراءِ تناثَرَتْ ، والقلبُ مشتعلٌ بأحلامِ الرؤى المترامياتِ المُفجِعاتِ ، صعَدْتُ أقبيةَ الخيالِ أُعانقُ الآتي ، وأهْرُبُ منْ أحابيلِ الليالي الكاسياتِ العارياتِ ، فتخرجُ الآهاتُ منْ حلْقٍ كئيبٍ ، تصْفُرُ الأيامُ في العيْنيْنِ ، يخرجُ خُبْزُنا الطِّينيُّ منْ أفرانِنا ، انكمَشَتْ أغاريدُ اللسانِ الطَّلْقِ
حامتْ بومةٌ في الأُفْقِ
(هلْ ضلّتْ صباحُ طريقَها في الليلِ ؟
هلْ جاءتْ قطوفُ الويْلِ ؟
هلْ خانَ الحبيبُ ؟)
تساقَطَتْ في اليأْسِ ألحانُ المُنى

3-نهار داخلي:
جاء الذي قدْ كنتُ أنتظِرُ
منْ يسكُنُ الأعشابَ يا مطَرُ ؟

ديرب نجم 3/5/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:45 PM
( 43 ) القناص تصطاده طريدته

كُنَّنا سنفْهمُ بعضَ ما يُلقي
ولكنَّا جَمَحْنا
في حماقَتِنا
فضَلَّتْ عنْ نواصِينا السِّهامْ !
ستروغُ يا عجْزي المُصاحِبَ
عنْ طرائقِهِ الشفيفةِ
بالضَّراعاتِ الجليلةِ
والفراغاتِ المليئةِ
بالغمامْ !
لي في مدائنِكَ الشَّقيَّةِ ألفُ قيثارٍ بليدٍ
يزرعُ الجُرْحَ المُناوِرَ
بالكلامْ !
***
كانتْ هنا ..
كلماتُهُ الحُبْلى تُغنِّي
نايُهُ يرْتاعُ مما قدْ يكونْ
والنَّجْمةُ الزّرقاءُ واقعةٌ
فكيْفَ تُواجهُ الآنَ المُخاتِلُ
والجنونْ ؟
بجديدِ حرفِكَ
نصْلِ عشقِكَ
أمْ تُراكَ تعيشُ في تلكَ الصَّحارى
دمعُكَ الرَّملُ الهتونْ !
***
مازالَ مُرتحلاً بِطائفهِ
يُطارِدُ ظبْيَةً تختالُ في أَلَقِ القصيدهْ !
مدَّتْ ضفائرَها إليهِ عشيَّةً
فارتاعَ في فَرَقٍ
ليُغلِقَ بابَهُ
ويَفِرُّ منْ شَرَكِ الطَّريدهْ
مدَّتْ شَرارتَها المُباغِتةَ
الجريئةَ
فاسْتَطارَ اللُّبُّ
وانْكَفَأَتْ تُجاذبُهُ
مرايا الشُّوقِ
تسْتدْني خُطاهُ إلى حِماها
منْ يُداجِيها
بِطلْقاتٍ
مُراوغَةٍ
شهيدَهْ !

ديرب نجم 29/11/1990

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:45 PM
( 44 ) بكائيتان على شاهدة قبرها

(1)
ماذا يُفيدُ الأصفرُ الأخّاذُ
والخَرَزُ المُخادِعُ
والدموعْ ؟
في سِجنكِ الورْديِّ
يدْلفُ عُمْرُكِ الغَيْميُّ
في درْبِ الرجوعْ
لوْ أنْتِ أبْدَلْتِ الخُطا
وسقيْتِ جسْمَكِ لهفةَ الأشواقِ
منْ
ظَمَأٍ
وجوعْ
(2)
يا شِعْرُ
هلْ تُعطي الحبيبةَ غيْرَ أشْلاءِ القصيدْ ؟
يا شِعْريَ الغرِّيدَ
قُلْ
ماذا اعْتراكَ ؟
فصرْتَ تخْبو
أوْ تحيدْ !
يا نجْمَها النشوانَ ، أقبلْ يومَ عيدْ
غَنِّ الحبيبةَ شَوْقَها
أوْ قُلْ لها
ما لا أُريدْ !
وأَضئْ سَماها
أشْعلِ النيرانَ في الأمْسِ البليدْ
وامْنحْ صباها الكَهْلَ
منْ حُبٍّ
ومن رِيٍّ
مزيدْ
ديرب نجم 25/8/1991

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:46 PM
( 45 ) مواكب

أيجيءُ موْكبُ سندبادِ البحرِ ثانيةً
هنا ؟
أيجيءُ موكبُهُ المغامرُ في المساءِ
محمَّلاً
برعونةِ الأطْيارِ
والنجوى ،
وعُشْبِ الذَّاكِرهْ ؟
أتعودُ أسْفارُ الرجالِ الجوفِ
تْرْحالاً
بقيْظٍ لا تُظلِّلُهُ الغيومُ
ولا تُكاشفُهُ دماؤكَ بالحنينِ العذْبِ
والموْتِ المُراوغِ ..
في خُطاكَ الظافِرهْ ؟

ديرب نجم 11/9/1989

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:48 PM
( 46 ) صرخة أولى

يُباغتُني توهُّجُ لفظها النشوانُ
بين شقائق النعمانِ
والريحانِ
أُغنيةً ... مواويلا
ووجْهُ صبيَّةٍ برّاقةِ الألوانِ
غادرَ هُدنةَ الأصْدافِ
هلْ تتخاصرُ الأمواجُ والصفصافْ؟
تلك ضفافْ ..
يُفاجؤني جحيمٌ صارخٌ فيها
وفيها العصفُ
فيها القصْفُ
والزقومُ
فيها كأسُها المختومُ
فيها ضفَّةٌ أُخرى
تُراودُني
وأنهارٌ تُسابقُني
وتخطفُ وردةَ الذكرى
فأُطلقُ مائيَ الدّفاقَ في لغةٍ
تُكوِّنُ أحرفاً بكراً
وهذي الأرضُ فيها شوقُها الموّارُ
يقبضُها
ويبسطُها
يفحُّ الوقتُ
بعضُ جراحِهِ تطفو
على دوّامةِ الخلجانِ فيضُ الخلقِ
هذا الماءُ يرسُمُ حرفَهُ في الأفقِ منتصباً
ويكتبُ صرخةً أولى

صنعاء 21/12/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:50 PM
( 47 ) الريح والهشيم

حينَ فتحْتُ السُّترةَ للريحِ ، وبُحتُ
رأيْتُ القلبَ المجروحَ يُضيءُ الليلةَ
بينَ اللفظةِ والفعْلِ ، وصمتِ الصبّْ

وحيداً في الطرقاتِ وقَفْتُ
وَجَفْتُ ، تردَّدْتُ
شهَقْتُ ، زَفَرْتُ
تقدَّمْتُ على كَفَّيَّ القلْبْ

أبصرتُ الماءَ يُحاورُ قيْظي
والحلمُ الأخضرُ .. يجتاحُ الجسدَ المُرْهَقَ
يخترقُ اللُّبّْ

الريحُ الليلةَ عاصِفَةٌ
والكلِمُ ـ النَّبْتُ ..
هشيمٌ في الدّربْ
ديرب نجم 4/8/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:51 PM
( 48 ) هي .. وخيالي !

هيَ أضرمَتْ في عشقِها طيْفاً أليفاً
وتباغَتَتْ بالجُنْدِ مني .. والنِّبالِ
هي قدْ تنامُ غداً ..
يُفاجئُها خيالي !

الرياض 19/7/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:51 PM
( 49 ) يومية جُرح

فرَّ الأمسُ سريعا
فوقفْتَ تُودِّعُهُ في هَلَعِ الأعمى
وطريقُكَ يوسعُكَ عذاباً
فتُقابلُهُ مبتسما
منْ أنباكَ بأنَّ زهورَكَ تذوي في ليلةِ عشقِكَ
أوْ تتهاوى ..
في غدِكَ المُجهَضِ ندما ؟

الرياض 15/7/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:52 PM
( 50 ) تذكار

أضرمتِ الليلةَ في حَدَقَةِ عشقي أُغنيةَ الحزنْ
أُغنيةً لا تعبرُ في الوقتِ الرّاهنِ، وتفوتْ
منْ فاجأكِ الليلةَ برحيقِ التفاحِ
فأنساكِ شرابَ التوتْ ؟
كيفَ ألوحُ بأُفقِكِ في مايو ..
سرّاً
وأموتْ ؟!

الرياض 28/5/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:53 PM
( 51 ) حلم الملكة

في ذاكَ اليومِ القائظِ
ظلَّتْ "فاطِمُ" تضحكُ
تتثاءبُ
حتى حدِّ اليأْسْ
والغيْمةُ تجري في الأرجاءِ الخمسْ
الخمْرةُ في العنقودِ
وحُلْمُ الملِكَهْ
أنْ تخترِقَ رماحُ الماءِ الشَّبَكَهْ
وجِدارَ البأْسْ

صنعاء 13/11/198

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:53 PM
( 52 ) أمطار على القلب

نهرٌ يبسمُ
وعيونٌ تحتضِنُ الأطيارْ
هلْ كانتْ تلكَ الرحلةُ
بحثًا عنْ قوْسٍ
يخترقُ لحاءَ الأشجارْ ؟
أمطارُ الدّهشةِ تغمرُني
صَفَّاراتُ القطر تُزمجرُ
والدرّاجاتُ أراها تمرُقُ
والسُّفُنُ ،
الليلُ ،
الحبُّ ،
القمرُ ،
الأزهارْ
أرجعُ في الليْلِ الشتويِّ أُحادِثُ تلكَ النجمهْ
أحملُ بعضَ محارْ
جرّةُ عمري تتكسَّرُ ..
ويُحاصرُني وهمي
هلْ تحملُني أنفاسُكِ
في دوّاماتِ السَّحَرِ إلى الأنهارْ ؟

ديرب نجم 14/4/1985

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:55 PM
( 53 ) قصيدة صغيرة للحزن

1
الليْلُ دارُنا التي ألِفْتَها
نقوشُكَ السوداءُ فوْقَها
أوْصَدْتَ بابَنا
ألقيْتَ بذرةَ الجفافِ في حلوقِنا
وحينما أمسكْتَ في يديْكَ مِقْوَدِ الرياحْ
هَوَتْ طيورُنا مكسورةَ الجناحْ

2
وحطَّ فوقَ الرأْسِ طائرُ الجنونْ
وكنتِ يا حبيبتي بوجهِكِ الجميلِ تُبصرينني
عباءتي مُمزَّقَهْ
وخطوتي مُفَرَّقَهْ
فكيْفَ يا حبيبتي تُضيءُ لفظتي البروقْ
وغُرسُنا الكبيرُ قدْ تفتَّحَتْ براعِمُهُ ..
فماتَ في العروقْ !

ديرب نجم 22/10/198

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:55 PM
( 54 ) تصاوير فاتن

كتابُكِ الصَّغيرُ يا أميرهْ
عليْهِ بعضُ أحرفٍ صغيرهْ
"أبي حضَرْ"
عمارةٌ ..
حجارةٌ ..
صُوَرْ
"أملْ"
قراءةٌ
كتابةٌ
"عُمرْ"
"فراشةٌ"
حديقةٌ"
"زَهَرْ"
الوجْهُ في استدارةِ القَمَرْ

حروفُكِ الجميلةُ الدّقيقهْ
هلْ توقظُ الحنانَ في قلوبِنا
وتزرعُ الجمالَ في عيونِنا
فيُمطِرُ الشتاءُ في دروبِنا
وتُزهِرُ الحديقهْ ؟
فالنَّمْلُ في المداخلِ الشَّوهاءْ
وهذهِ المُدُنْ
في ليْلِها العطِنْ
تُغيِّبُ الإنسانْ
تُحطِّمُ الصفاءَ والضِّياءَ والحنانْ
ونحنُ نرقبُ البدورَ في السَّماءْ
والفجرَ في حرائقِ الأنباءْ !

بور سعيد 16/12/1983

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:56 PM
( 55 ) جحيم الكتابة

مثقَلٌ بالشروحِ القديمةِ
والعنعناتِ / الهوامشِ
واللغةِ الشاعرهْ
أدخلُ الآنَ خيْمتَكِ القزحيةَ
أيتها الجملةُ البدويةُ
أنشد مرثيَةً للشموسِ التي قدْ نأَتْ
كيفَ لا تحرقُ الشمسُ أيدي الصبيِّ الذي ..
خبَّأَ الشمسَ بينَ الأكفِّ الرهيفةِ
والوشوشاتِ الأليفةِ
والبُقَعِ الباهرهْ !
إنني كهفُكِ الجبليُّ الذي قدْ تمدَّدَ
ثم استطالَ
وصالَ
وجالَ
لتبدأَ في حنياتِ الشوارعِ هسهسةُ الحرْفِ
في هدْأَةِ الخوْفْ
تثقُبُني ألفُ عيْنْ
فكيفَ أُطاوِلُ هذي السماءْ
وأُنشئُ أرضاً وماءْ
وألفُ سياجٍ يُحوِّطُني باليَديْنْ
ويخنقُني
ويشُدُّ لساني
ويفْقأُ عينَ الحروفِ
ويُخرِسُ هذا الغناءَ المُناوشَ للصَّمْتِ
والهجْمةِ الكاسرهْ ؟!

صنعاء 24/11/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:57 PM
( 56 ) عصفورانِ

عصفورانِ
صغيرانِ
انطلقا في الأرضِ الخضْراءِ
وصنعا الأعشاشَ
وراحا في أَرَجِ النشوةِ
ينصهِرانِ حبيبيْنِ
ويمتزجانِ أليفيْنْ
القيْظُ يُحاصِرُ حبَّهما
ويُمزّقُ حلمهما
يرتعشانِ غريبيْنْ
ويبتعِدانِ عدوّينْ

ديرب نجم 23/5/1983

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:57 PM
( 57 ) ريح للنجم الساطع

هذي الريحُ
أناملُها السحريةُ تفجؤني وتُطاردُني كلَّ مساءْ
أشكو ضعفي
قلّةَ حيلةِ شعري
للأنواءْ
أشعلتُ المصباحَ بخوفي !
بابي مفتوحٌ:
للشعرِ ،
وللنجمِ الساطعِ ،
والأرزاءْ

ديرب نجم 28/2/1985

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:58 PM
( 58 ) ظمأ السيف

هلْ كنتُ مطروداُ أُلمْلِمُ غيْمةَ الإخفاقِ
في غبشِ الظلامِ ؟
والحُزنُ بعضُ طرائدي
والليلُ يفترعُ المُطهَّمةَ الأصيلةَ
واليمامةُ فوقَ أطلالي تُنادمُ حبنا المطعونَ ، قالت :
قلتٌ : لي أَلَقُ الصباحِ
وخيْمةُ الأجنادِ في أقصى بلادِ الأرضِ
لي لغةُ الصًّهيلِ ، وصافناتُ الخيْلِ
قالتْ : هوْدجُ الأشواقِ مرتحلٌ
أترحلُ فوقَ كاهلِها سِقامي ؟
أعطوكَ فاصِلةً وسهْماً
للفجيعةِ بابُها المفتوحُ، يا غَضبَ السقيفةِ في دمي
.. انتفضي خيولَ الفجْرِ
يا قعقاعُ أينَ مطالعُ الأنهارِ
في ظمأِ السيوفِ إلى الغمامِ ؟
وسورةُ "الأنفالِ" تصرخُ في عِظامي ؟
يا فتنةَ الألوانِ في دمِنا المُطَهَّمِ
هلْ تريْنَ طلائعَ الأشجارِ تزحفُ
والجحافلَ تستفيقُ .. وفوقَ رايتِها سهامي ؟!
صنعاء 9/12/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:58 PM
( 59 ) وريقة في النار

مضَى النهارْ
وها أنا وريقةٌ مذعورةٌ
ألْقوْا بها للنّارْ
*
أتى النّهارْ
وأقبلَتْ سوسنَةٌ صغيرهْ
منْ يكتبُ الأشعارَ
في جداولِ الصغيرهْ ؟
وتلكمُ الوريقةُ المذعورهْ
ألْقوْا بها للنّارْ ؟!

القاهرة 9/7/1986

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 04:59 PM
( 60 ) أفق اللحظة

لمْ أقْوَ على أُفْقِ اللحْظهْ
فالممْسوسونَ يجوبونَ جسورَ الدَّهشهْ
والأغنيةُ الليلةَ في عينيَّ عصافيرُ
بأرجُلها قيْدٌ
هلْ يخرجُ جسمي عنْ طقْسِ الغُرقةِ
هلْ يبحثُ موتي ..
عنْ قبرٍ
لمْ يفْتحْ منْ قبْل ؟

صنعاء 11/4/1988م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:03 PM
( 61 ) خارطة العشق

لي خارطَةٌ
فوقَ الهُدْبِ معلّقَةٌ
ألهو في الأرجاءِ السبعةِ فيها
وأُحاورُها ..
طوْراً بالكلماتِ النَّبْعِ
وطوْراً أغزوها
أجعلُ منْ طمْيِ الأرضِ عرائسَ خُضْرا
لكنَّكَ تنظُرُ لي شزْرا
منْ أعطاكَ مفاتيحَ الرُّعبِ
فتفتكُ بالحُبِّ
وتعبثُ في القلبِ
وتُمْعِنُ تمْويها ؟!

القاهرة 14/4/1985

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:03 PM
( 62 ) الأسئلة

(إلى الصديقِ الطيب الراحل: سليم عبد الله صالح)

هلْ تُشاهِدُ فينا البراءةَ ، والصِّدقَ
والأغنياتِ ـ الطيوبْ ؟

هلْ تجيءُ مع الصُّبحِ أشرعةُ الماءِ
فيْضُ الدماءْ
.. تُغذِّي الربيعَ
فأُبصِرُ قلبَكَ هذا اليمامَ الوديعَ
يُضمِّدُ هذي الثقوبْ ؟

هلْ يجيءُ المماتُ كدفقِِ الحياةِ جواداً جموحاً
فيبرُقُ صوتُكَ في الفلواتِ
"تهاوى الرجالُ على مفرقِ الأُمنياتِ"
ويا كمْ خببْتَ .. على ظهْرِ هذا البُراقِ الحبيبْ

أُبْصِرُ الآنَ أحصنةَ الفجرِ تملأُ دربكَ
هذي الفراديسُ تشتاقُ قربَكَ
كنتَ غِنائي وصوْتي
لماذا أرى الآنَ شدْويَ مُشتعلاً بالنَّحيبْ ؟

الزقازيق 3/1/1981

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:04 PM
( 63 ) أحزان الأعوام العشرة


1-صفحة أولى :
عاتبَني قلبُكِ
طوّقَني حبُّكِ
ألقيْتِ بكارةَ قلبِكِ في الماءِ الآسِنِ ، فارْتَدَّ البصرُ كليلا ، فأخذتُكِ في منتصَفِ الدّهشةِ ، وركِبْنا ظهْرَ جواديْنِ نحيليْنِ ، مشينا بيْنَ ضِفافٍ وإوَزٍّ ونخيلٍ ، كانَ الشفقُ الأحمرُ يُلقي بنداوتِهِ الطّللِيَّةِ في فتحةِ صدرِكِ ، وأيائلُ تمرحُ في جنبيْنا ، وهمزْتُ جوادَكِ فتساقطَ رُمّانُكِ في كفَّيَّ شهيًّا ، تذكُرُ إذْ طارَدَنا الليْلُ ، وكنا نركُضُ خلفَ يمامٍ .. ملأ الصوتُ فضاءَ القلبِ ، وكنتُ أُداعبُ قطّتكِ النائمةَ على الصَّدْرِ .. الماءُ الآسِنُ يتفجَّرُ في أوردتي ، ونبيذُكِ في العُنقودِ مُضاعٌ ، لي ليْلٌ ، لي شوْقٌ ، لي جُرْحٌ مُرْتابٌ في الصَّدْرِ وحظٌّ عاثِرْ

ألقيْتِ بكارةَ جسمِكِ في مائي الدّافقِ ، فاهتزّ القلبانِ ، وغنَّتْ في الأيْكِ قطاةُ
واحْتشَدتْ في الأُفْقِ فراشاتُ !

2-تجليات ليلية :
أُعانِقُ خيماتِ شعرِكِ
.. هذا الدّمُ الملَكيُّ
يفيضُ على وجنتيْكِ
فأمسِكُ غُدرانَ طيني عنِ البوْحِ لكْ
*
أقولُ : خُذيني
إلى قَمَرٍ في السماءِ البعيدَهْ
ولا تُوصِدي البابَ دوني
ولا تحجبي الضَّوءَ قبلَ انبثاقِ القصيدهْ
بأرضي العنيدهْ !

3-هيّا .. خُذيني :
.. وأصحابيَ البُلْهُ ..
ينتظرونَ ربيعاً من القطْرِ ،
دوراً من الوشْيِ
ينتحبونَ طويلاً
إذا فاجأَ القلبَ قوْسٌ من النَّكْبةِ السّالِفَهْ
.. فأدخلُ بوّابةَ الرُّوحِ
أهتِكُ ستْرَ التَّهتُّكِ
أرقُبُ ريحاً من البَلَدِ الطيِّبِ:
انتشِروا في الصَّحارى
يُؤازرُكمْ سرُّ أحمدَ ،
طيْفٌ من النُّورِ
تأخُذُني رعْشَةٌ واجِفَهْ
هاجسٌ يعتريني
.. شميمٌ من الجنةِ الْتفْتحُ القلْبَ
.. هيّا خُذيني ..

4-السراب :
إلامَ الحزنُ يرْمينـــا بنـابِ
وروحي ما دَهاها منْ خَرابِ ؟
وكنتَ تسوقُ لي لفْظاً جميـلاً
فيعْلو بي إلى قممِ السَّحــابِ
وتهْديني شَرابَ الوَصْلِ أغْفو
فلا أرنو لطعْنــاتِ الحِرابِ
*
أَأُبْصِـرُ خلْفَ هذا النَّهْرِ سُمَّا
قديماً في الثَّنايـا والإهـابِ
ولفْظاً شِيبَ بالمكْرِ امْتطتْـهُ
صوارِفُهُ ، وخودعَ بالسَّرابِ ؟
*
دموعُكَ لمْ تكُنْ يوْماً كتابي
فهـلْ يُجْدي بكاؤكِ بالعـذابِ
سنـابلُ صيْفِنا ترْثي لصَبٍّ
مـع الأيّامِ يقْضي في اغْتـرابِ
وأعْرافُ الصَّبابةِ في المـآقي
وأحْــداقي تُبَـاغَتُ بالضَّبابِ
ونَصْلُكِ في الْحَشا قلْ كيف أصحو
على لـذْعاتِ قحْطٍ في الرُّضابِ
ووجْهُكِ في المـرايا نصْفُ بدْرٍ
معَ الأطيــافِ يحْلُمُ بالمـآبِ
كزنْبَقةٍ تُعانِقُ صمْـــتَ قلْبٍ
وخوْفي لا يُبدِّدُهُ اكتئــــابي
*
شموسي في الفَضا .. تبكي غِياباً
يُعلِّقُني بأوْهـــــامٍ عَذابِ !

أكنتَ الشُّهْدَ أمْ سُمًّا زُعــافاً
أكنتَ المـوْتَ يعصِفُ بالعُبابِ ؟
طقوسُ الحزنِ في صُبْحٍ مُعـادٍ
أتخطـفُ صبْوتي وأقـولُ ما بي ؟
وأقرأُ هانئاً أطْيـــافَ قلْبٍ
وفاتحــةُ الحِدادِ .. تدُقُّ بابي ؟ !

5-صحوة أخرى :
*قولي : غيومُكِ لمْ تُلامسْ عُشبَها المُصفرَّ في ثَبَجِ المسافاتِ التي تفْتَرُّ عنْ روحٍ تُقارفُ بوْحَها الدَّفّاقَ في ليْلِ الهزيمةِ والسُّقوطْ .
*هذا صباحُ الحزنِ يأخذُني إلى دَرَكِ المفازاتِ التي ضلَّتْ بها تلكَ الخيولُ اليعربيَّةُ ، هلْ تريْنَ خِيانتي للعُشْبِ ، والأسماكُ تفضحُ ما تُخبِّئُهُ العواصفُ والرُّعودُ فلا تؤرجحُك الخيوطْ .
*هذا قِطافُ الوقتِ بيْنَ يديْكِ ، زنبقةُ الخروجِ تُراوِدُ المكْلومَ عنْ جُرْحِ المنافي ، والسؤالُ يغوصُ في الجرحينِ : "كمْ يمضي بنا هذا المَلالُ " ، وأنتِ في رَهَقِ البشارةِ تشهدينَ : "شوارعُ النسيانِ ترفعُ رايةَ العِصيانِ ، تزْخرُ بالقنوطْ !


6-ذهول :
العاشقانِ الصَّـابرانْ يتأمّلانِ ويـذهـلان
وتغيمُ في العينِ الرُّؤى يتناوحــانِ ويبْكيانْ
في القلْبِ رُبعُ حقيقةٍ وعلى الحوائطِ دمْعتانْ
النَّايُ يحْكي ذاهِــلاً ما لمْ تقُلْهُ المٌقْلتــانْ !
هلْ تقدرٌ الكلماتُ أنْ تهبَ الخُطا نبْضَ الأمانْ
تُعطي الفــؤادَ يقينَهُ في الحبِّ والغَدِ والأمانْ
*
بيني وبيْنَكِ خُطْوتـانْ بيْني وبيْنَكِ فجْوتـانْ !
عيْناكِ بالـدَّمِ تذْرفانْ والخطْوُ مشْلولٌ جبـانْ
ماذا أرى ؟ عيناكِ بالـ ألمِ الدَّفينِ تُصَرِّحــانْ

7-القنوط :
قلتُ لكمْ :
إنَّني لسْتُ ..
لا .. لا
تُفاجئُني بالدّخولِ المُباغِتِ
لا .. لستَ أنتَ
فكيفَ تُضيءُ الكتاباتُ رغمَ رحيلكَ عنِّي
وكيفَ ستُنْشِئُ ذاكرةً للحكاياتِ ..
تدخلُ غمْغماتِ التمنِّي

8-يمشي ، يُرافقُهُ الصمتُ ! :
يمشي وحيداً يُرلفقُهُ الصَّمتُ
في حُلْكةِ الدَّهشةِ الدّاجِنهْ

حواليْهِ :
برْدٌ ،
وثلْجٌ ، وحزنٌ ثقيلٌ
وبعضُ بقايا من الحُلْمِ ،
والرّعشةِ الواهِنَهْ

يُخبِّئُ في معطفيْهِ الصَّواري
وأشواقَهُ ،
والربيعَ الجميلْ
*
قصائدُهُ ذاهِلَهْ
هوادِجُ أشعارِهِ مُثقَلَهْ
بِحُداءِ الرحيلْ

حبيبتُهُ نائمَهْ
في البَهاءِ الظَّليلْ

فيا وجْهَها الطللِيِّ أجِبْني
ويا أيُّها الصمتُ دعْني
وإلاّ
فصَبْرٌ جميلْ !

9-أحزان الأعوام العشرة :
بعدَ مرورِ الأعوامِ العشرةِ مازالتْ صبْوتُها في القلبِ ، ومازالَ الصوتُ الفضِّيُّ يرنُّ بأُذنيَّ ، ويسألُني عنْ سببِ شرودي : (أكتبُ فوقَ الجدرانِ : "ظلامُ الليلِ الحالكِ لنْ يُبعِدَني عنْكِ") ، وأكتبُ فوقَ الطُّرقاتِ : "أعيشُ جنونَ هواكِ ، ولا أخشى ـ بلْ أهوى ـ الموْتَ ، فقدْ يُبعِدُني عنْ أحزاني ، قدْ يُدنيني منك".
بقعُ الدَّمِ تطفو فوقَ العيْنيْنِ ،
دموعٌ فوقَ الخدَّيْنِ ،
وصوْتُ نشيجِكِ يعْلو "إنّي أرثي نفسي" .. فدعيني أكتُبْ عنْ عصفورٍ غابَ عن الأيْكةِ زمناً
ـ افتحْ عيْنيْكَ ، وعِشْ حرماني
ـ أنتَ النهرُ العذبُ … فهلْ يحتملُ النهرُ قليلاً منْ أدْراني ؟

أتجودُ الأيامُ وتمنحُنا الأمنَ فلا نُبصِرُ أشباحَ الخوْفِ تُزمجرُ في الطرقِ الوعرةِ (ذاتُ الصوتِ الفضِّيِّ تعودُ ، أُحسُّ كأنّي طفلٌ ألهو في طُرُقِ النشوةِ ، وسمائي لا حدَّ لها) ، كانتْ تلبسُ ثوباُ أبيضَ ( هذا وجهُكِ يأْسِرُني ، وعروسي منْ عشرةِ أعْوامٍ تضحكُ ، تغزلُ ثوبَ الماءِ الدّافِقِ للعُرْسِ) .. تعاليْ تتداخلُ في الذّاكرةِ الصورُ : الصحراءُ ، القلبانِ ، القوْسُ ، ابنُ الخطّابِ ، سِماطٌ يمتلئُ بلحْمٍ مشويٍّ في عامِ القحْطِ ، أهذا عامُ الحزنِ ؟ رعاةُ البقَرِ يجيئونَ ، هنودٌ حُمْرٌ ، أفراسٌ تعْبُرُ نهْراً ، معركةٌ فاصِلةٌ ، موسى يعبُرُ أعوامَ التِّيهِ ، وإسرائيلُ التَهمَتْ لُبنانَ ، التهمَتْ تُفّاحةَ بيرتَ ، و"بدْرٌ" تتلاشى في "كأسِ العالمِ" . في "الأندلسِ المفقودِ" ليالي النشوةِ تتْرى ، فازتْ إيطالْيا / باوْلو روسِّي ـ معشوقِ النسوةِ ، "رمضانُ" يضيعُ ، وشارونُ يُضاجعُ بيروت ، و"ياسرُ" يخرجُ ، "حاوي" ينتحِرُ ، ونحنُ نُصفِّقُ للأهدافِ النّاريَّةِ إذْ تقتحِمُ المرْمى !!

بُقَعُ الزَّيْتِ على الماءِ تُسمِّمُ موْردَنا العذْبَ ، الوجهُ الأخضرُ يسألُ : "أين سنسكنُ يا أيوبُ ؟" .. ويضحكُ : "عُشُّ العصفورةِ يكفينا" .
(سخِرتُ ) : "هذا في أُغنيةٍ تترَدَّدُ في المذياعِ كثيراً"
مشِيا متَّحديْنِ ، ومُمْتزِجيْنْ
بحَثا في الحاراتٍ المُكْتظَّةِ بالرَّوْثِ ، وبالأطفالِ ،
وبالجوعِ المارِدِ
عنْ عُشٍّ للعصفوريْنْ
عاصِفةٌ في الأُفْقِ تُباعِدُ ما بيْنَ الرُّوحيْنْ !

ديرب نجم 5/7/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:05 PM
64 ) رمـــــــاد

تغيبينَ بينَ مروجِ الضِّياءْ
فأسألُ عنكِ الغمامَ / اليمامَ /
الزهورَ / الربيعَ / النَّماءْ
وتأتينَ
تبتسمينَ
زهورُ "المدائنِ" تضحكُ
و"القادسيةُ" برقٌ بعيدٌ أضاءْ
وحِضناكِ كرْمٌ جنيُّ العطاءْ
أنصنعُ سُفْناً ويَمًّا
ونرقبُ برقاُ ونجمًا
فيُسْقِطُنا الأوجُ
يحملُنا الموْجُ
تدفعُنا الريحُ
تُغرقُنا أكؤسُ الشعراءِ ؟!

الزقازيق 17/5/1984

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:05 PM
( 65 ) الحصار يليق بالشاعر

في الشارعِ يقفُ السمسارْ
في النّافذةِ المُخبرُ
في الذاكرةِ بقايا النّارْ
كيْفَ تُخاطبُكَ الأشجارْ
يا رجلَ الأقدارْ
ـ أنت مجرَّدُ فرْضٍ
.. في ذاكرةِ الطينِ
وقبرُكَ محفورٌ
في الأشعارْ
صنعاء 8/11/1986

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:06 PM
( 66 ) السؤال

كلُّ شيْءٍ في مكانِهْ:
فُرشةُ الأسنانِ،
معجونُ الحلاقَهْ
بغضُ أشعارٍ قديمهْ
نصفُ فنْجانٍ من الشايِ،
استعاراتٌ عقيمهْ

كيف تأتيني "فتوحاتي العظيمهْ" ؟

صنعاء 30/1/1987م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:07 PM
( 67 ) كان الربيع امرأة

ولمّا رأيتُكِ في الليلِ ناراً
تُؤجِّجُ فيَّ دماءَ التّذكُّرِ
كانَ الربيعُ امرأهْ
أُراقِصُها
والأغاني حرابٌ مدبّبةٌ في سمائي
أكانتْ شموسُ المنى
نشوةً مُرْجأَهْ ؟
أُسائلُكِ الآنَ
كيفَ تخثَّر فينا الغناءُ
وصوتُكِ يسكبُ خمرَ المحبّينَ
والخيلُ تصهلُ
بينَ حروفِ الحنينِ
وعطرُكِ في أضْلعي شعلةٌ مطفأهْ !

الزقازيق 3/6/1986

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:08 PM
( 68 ) جمرة لذاكرة الشاعر

ادفعْ كراتِ الثلجِ عنْ سطْرٍ بليدْ
وارحلْ معَ الأمواجِ مقتحماً
بلا بحْرٍ قديمٍ ، أوْ جديدْ
واجمعْ لنا غيْماتِ هذا العالمِ المقهورِ
أمطِرنا ببرقِكَ والرعودْ
حطِّمْ ممالكَ صمتِنا المسطورِ في رقعِ البريدْ
وارفعْ بيارقَ شعرِكَ الدفاقِ في أيدي قريبٍ .. أو بعيدْ
أشعلْ قناديلَ المدينهْ
املأ قلوباً مُثقلاتٍ … بالسكينهْ
أنتَ السذاجةُ
والبراءةُ
والجسارةُ
واقتحاماتُ الجنودْ
فالضوْءُ صوْتُكَ
والأيائلُ بعضُ شعرِكَ
واستعارتُكَ الحشودْ

صنعاء 29/10/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:08 PM
( 69 ) أيتها الوردة

أيتها الوردةُ
قدْ نأتِ الأرضُ ، وكنتِ قديماً
تجتمعينَ
وتأتلقينَ سلالا مؤتلِفَهْ

قدْ أثْقلني البوْحُ
وكانتْ تنحلُّ غدائرُكِ الفيّاضةُ فوقَ شطوطي
أصْدافا
وجداولَ وضفافا
تنفرطُ لآلئكِ وزهرةُ صمتكَ
بينَ يديَّ جنائنَ زَهْرٍ
أزواجاً ألفافا
وأغانيَ مُختلِفَهْ

أيتها الوردةُ
.. نأتِ الأرضُ ،
لماذا يتمدّدُ عاشقُكِ الفاتحُ
يتضرّجُ بالصمتِ
وأعضاؤك مرتجفَهْ؟!
صنعاء 22/10/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:09 PM
( 70 ) الطوق

كأنَّ البراكينَ ملْكي
كأَنَّ البروقَ السواطِعَ
طُهْري ونُسْكي
وهذي الخيولُ الجوامحُ ..
تقفزُ فوقَ تفاعيلِ شعري
لماذا تُعِدُّونَ طوْقاً
جميلاً
لمُهْري ؟

القاهرة 9/7/1986

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:10 PM
( 71 ) التفاحة

حينَ أكلتُ من الشجرةِ ذات صباحٍ
كنتِ معي تمشينَ وتبتسمينَ
وفي العينيْنِ بريقٌ
وقضمنا التفاحةَ
أحسسْنا أنّا مختلفانِ
أنا رجلٌ .. أنتِ امرأةٌ
وأنا عارٍ
فجريْتُ أُقطِّعُ أوراقَ الشجرِ
أُغطِّي عُرْيي
واللحظةُ تُنكرُني
هلْ أفقدُ منذُ الآنَ بكارةَ إحساسي ؟
*
أهوي منْ جنّتِكِ ، وأنزلُ
أهبطُ
أبتعِدُ عن اللهِ
وأُدرِكُ أنِّي أقفُ وحيداً
وزمانُ المعصيةِ يُطوِّقُ عنُقي
رجْلايَ مُسمَّرتانِ بأرضٍ مُخطئةٍ
(هلْ هذي أرضُ الجنةِ ؟!)
وسوسَ لي الشيطانُ وقال:
"أدلُّكَ كيْ تأكلَ منْ شجرِ الخُلْدِ
وملْكُكَ لا يبلى"
فأكلتُ
وظهرتْ سوْأتيَ ، وأدركتُ الليلةَ أنيَ عاصٍ
مطرودٌ منْ جنتِك إلى دنيا الحرمانْ !
*
النَّدمُ مريرٌ في الحلْقِ
وقسوةُ أيامي تدفعني ..
كيْ أبكيَ كالطفلِ
أضمُّكِ يا حوّاءُ لصدري
تختلطُ دموعي بدمائكِ
نخرجُ منْ حيْرتِنا
نجري في الأرضِ
ونصنعُ أعشاشاً للطيْرِ
بيوتًا للنَّمْلِ
عرينًا للأُسْدِ
ونصبغُ أوْجهَنا بدماءِ الأخوةِ
في عرسِ النشوةِ
نرقصُ والنارُ المستعرةُ في الأعماقِ تُؤجِّجُنا
نجري في المدنِ / الصحراءِ /التاريخِ /
الأنهارِ / الجغرافيا
نبني / نصنعُ / نهدمُ
ونُخرِّبُ كالأطفالِ الأعشاشَ ..
ونبكي كالأطفالِ عرايا
نتهدّمُ كالأكواخِ الخربةِ في الليْلِ العاصفِ
نسكرُ ، ونُصفِّقُ ، ونجوعُ
ونَقتُلُ ، ونُغنِّي ..
لا نخجلُ
(نظرَ اللهُ إليْنا
كنا نبْكي
في العيْنيْنِ بريقٌ مُنطفئٌ
...
غَفَرَ اللهُ لنا ..
أسكنني جنَّتَكِ ..
وسَكَبَ عليْنا الرضوانْ)

الزقازيق 2/7/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:10 PM
( 72 ) اثنان

تدحرجتْ أيامُها الشفيفةُ الملساءْ
على حوافِّ الرغبةِ المُدبَّبهْ
وحينما أتى المساءْ
تسلَّلتْ محتجبَهْ
فقد هوَتْ طراوةُ الأوقاتِ
فوقَ الرَّقَبَهْ
وشمسُ عمرِها الجميلِ
لمْ تعُدْ مرْتَقَبَهْ

في الحجرةِ الوثيرةِ الزرقاءِ
تبكي الزهرةُ المُحتجَبَهْ
والفارسُ العجوزُ واقفاً
في شرفةِ الأمواتِ
يقضي نحَبَهْ

صنعاء 30/10/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:11 PM
( 73 )غفوة قبل الزلزال

قدْ يُباغِتُني هاجسٌ كانطفاءِ التوهُّجِ
أوْ كاشتعالِ النُّعاسْ
قدْ يواجهُني مثلَ أُنثى
مُعشَّبَةٍ بالحليبِ النَّدِيِّ ..
تُخبِّئُ تُفاحةً للمطارَدِ
في عروةِ الصدرِ
أُغنيةً في الفؤادْ
قدْ يُسامرُني بيْنَ وقتٍ تضرَّجَ
بالفتْحِ والعِطْرِ
والجُرْحِ والشِّعْرِ
والهجمةِ المُقْبِلَهْ
قدْ يُهيئُ بينَ ملامحِهِ الخاملهْ
طعنةً قاتِلَهْ ‍!
‍‍فاخلعي الآنَ ثوبَ‍ الحدادْ
وانظري مُقبِلهْ
غفوةَ الزلزلَهْ !
صنعاء 9/4/1987م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:12 PM
74 ) حديث إلى النخلة

يا نخْلةً في حنـايا الروحِ تُمْطِــرُني
بوابلِ الرّملِ في العيْنيْنِ ، والوَصَـبِ
مازلْتُ صِنْوَ الضُّحى ، في الرَّوعِِ تسبقُني
ضراعةُ التَّـوْقِ للأشعـارِ والرُّطَبِ
راياتُ حزنِكَ في عيْنيَّ ترْفعُهــــا
أصــابعُ المِلْحِ بالأنواءِ والنُّــوَبِ
السَّيْفُ رايتُنـا ، والنَّصْــرُ عزَّتُنــا
واللَّهُ قبْلتُنا ، والنَّــارُ في الحَـطَبِ
هذا دَمي في يدَيْ "كسْـــرى" يقَرُّ بِهِ
وبيْتُنـا في الوَغى حِصْنٌ من الخُطَبِ
*
إلى متى نتخـــلَّى عنْكِ في شَغَفٍ
ببَارقٍ خادِعٍ ، وبأنجُمِ الكَــــذِبِ
وأنتِ رايةُ أجـــدادٍ ، وسِرْبُ منىً
وذوْبُ قلْبٍ شَدا بالنَّارِ والغَضــبِ
"القادسيَّةُ" نـورُ القتْحِ في دمِنـــا
وورْدَةٌ طفْلَـــةٌ في القلْبِ لمْ تَشِبِ
تكادُ تُشْعِــلُ في أحْــداقِنا مِزَقاً
من الهبـاءِ ، وسيْــفُ اللهِ لمْ يَغِبِ
عاشتْ ملامحُهــا في الرُّوحِ مُنتَجَعاً
من الرُّؤى البِيضِ في دُنيا منَ اللَّعِبِ
يا نخلةَ الغارِ يا عُرْســاً مقا طِعُـهُ
تُحاصِـرُ الروحَ بالأنْـداءِ والْحَبَبِ
جودي بوصْلٍ فأنتِ الطُّـهْرُ في دمِنا
وأنتِ شمسُ الضُّحى في ليْلِنا اللجِبِ
هذا ربيعُكِ نهْرٌ ، قيْظُنا شَــرِسٌ
فليْسَ تقْهــرُهُ إلاّ ظـــلالُ نبي
لأنتِ حُبْلى بنورِ اللهِ ، فاحْتشِـدي
صُبحاً من الغيْثِ أوْ فيْضاً من اللهب
*
هذا دمي ـ والرُّبا فيّاضةُ الكذِبِ
ـ يُهْراقُ بيْنكمو يا فتْيَةَ العَــربِ !
وأنتمو في طريقِ الفجرِ بعضُ لظى
عشْقٍ تبـدّى .. دليـلَ الفتْحِ للحِقَبِ
وأنتِ يا نخــلةَ النَّارِ التي وَمَضَتْ
عصْراً فعصْراً ألا قومي ألا انتصبي
رُمْحاً من الزّهْوِ في أنقاضِ أنفُسِنا
ومعْبَراً منْ فَخارِ في دُجى الكُرَبِ !

الزقازيق 4/11/1984

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:12 PM
( 75 ) الجواد المكسور

ظلَّتْ لي في حبِّكِ مائدةٌ ملأى بالأطباقْ
لكنّكِ إذْ تنأيْنَ الليلةَ ..
ينبتُ في وادينا الأخضرِ
شجرُ اللهبِ .. وتحترقُ الأوراقْ
يسقطُ قلبي مكْتئباً
ويجفُّ النبضُ الدّفّاقْ
السحنةُ كابيةٌ
والقلبُ كسيرٌ
والعُمْرُ ضياعٌ
كيْفَ أُواجهُ هذا العالمَ وحْدي
كيفَ سأقطعُ طُرُقاً ومفاوِزَ
وجوادي الإخفاقْ ؟!

ديرب نجم 5/9/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:13 PM
( 76 ) نداء للمرة الأخيرة

يا طيْرَ البحرِ .. أجبْني
مخدوعٌ فيكَ
وعشتُ العمْرَ أُناجيكَ
فهلْ تقدرُ أنْ تصدقني القوْلَ
ومنْ نفسي تُنقذُني ؟
سُفُنٌ مُبحرةٌ
أشرعةٌ مُقلِعَةٌ
رعْدٌ ، برْقٌ
يقتحِمُ الروحَ ، يُحاصِرُني
أمواهُكَ ، أمواجُكَ
تسلبُني العقلَ
تحيَّرْتُ ، بعدْتُ
فطمئنِّي
هأنذا أطفو فوقَ الموْجِ
هوَ الموْتُ أتى
ألقِ الجسمَ على الشَّطِّ ، ودَعْني !
ديرب نجم 4/8/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:14 PM
( 77 ) جـــراح

*لا يذكرْ
كيفَ الوردةَ صارتْ
مُفتتحا للجرح !
*هذي مهرتُكَ البيضاءُ ، صباحاً تصهلُ .. بينَ خرائبِ روحِكَ .. تمضي نغمةَ يأْسٍ في ليْلِ سقيفتِنا الموحشِ ، يومضُ نبضُ لهيبٍ أزرقَ ، يتخاصرُ سكينٌ والوردةَ ، يتعلّقُ طيفِكِ بمجيءِ الصبحْ
*تسري في الأرواحِ الرِّعدةُ ، أتفرَّسُ في سدْرتِكِ المخبوءةِ .. يالي ، لا يتخلّلُ موجُ البحرِ الساحلَ .. أيغوصُ بقلي خنجرُكِ المتسرِّبُ من وَهَنِ الرُّوحِ .. أتخشى منْ سيماءِ البوْحْ ؟
*في أقداحِ المنفى .. بينَ كرومِ "الطائفِ" ظلْتَ غريباً .. تتشبَّثُ بالهَلَعِ الرّاهنِ .. ترقبُ مهرتَكَ البيضاءَ لتصهلَ بينَ خرائبِ روحِكَ .. هلْ كانَ النَّبْتُ الخائفُ في شقتيْها يُشبِهُ أسئلةَ الراياتِ البيضِ المنكسرةِ .. أمْ يُشبِهٌ فيْءَ الفتْحُ ؟

ديرب نجم 30/11/1990

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:14 PM
( 78 ) خمس صفحات من كراسة المجنون


(1)
*آخُذُكِ إلى شجَرِ الظِّلِّ ، وأُبعدُكِ عن القيْظِ ، وأخرجُ من دائرةِ الحُزنِ ، وأشدو في الطرقاتِ المُكتظَّةِ بالشعرِ العاصفِ :
لمْ أولدْ في اليوْمِ الخامسِ منْ مايو ، بلْ في اليوْمِ الخامسِ والعشرينْ
*انبثقتْ قصَّتُنا حينَ دخلْنا ـ ثانيةً ـ مُدُنَ الحلمِ معاً ، أفتحُ أبوابَ الدّهشةِ ، أدخلُ وأقولُ القصَّةَ للعالَمِ ، قلبي سكرانُ وأنتِ تقولينْ :
*"هذي المدُنُ السمراءُ تُحبُّكَ ، تفتحُ أُذنيْها كيْ تسمعَكَ .." وما زِلْتِ تُغنَّينْ
*أفرحُ بعطائكِ إذْ تقتَحِمُ الأصواتُ الأسوارَ ، وأنتِ مع الصُّبحِ تهلِّينْ
*لا أعبأُ بالجمْعِ الحاشِدِ إذْ يَتَشرْنَقُ حوْلي ، لا أعْبأُ بعيونِ القَتَلةِ إذْ تقْتَحِمُ الجَسَدَ المثخنَ بجراحِ الفقْدِ العاتي .. مادمْتِ تعودينْ:
أعُدُّ الليـــالي ليْلةً بعْـدَ ليْلةٍ
وقدْ عشْتُ دهْراً لا أعُـدُّ اللياليا
أراني إذا صلَّيْتُ يَمَّـمْتُ نحْوَها
بوجْـهي وإنْ كانَ المُصلَّى ورائيا
وما بيَ إشْراكٌ ، ولكنَّ حُبَّهــا
كعُودِ الشَّجا أعْيا الطبيبَ المُداوِيا
أُحبُّ من الأسماءِ ما وافقَ اسمَها
وأشبهَ ، أوْ ما كـانَ منهُ مُدانِيـا
هيَ السِّحْرُ إلاّ أنَّ للسحْرِ رُقْيَةً
وإنِّيَ لا ألْفى لهــا الدّهْرَ راقِيـا
(2)
*تسألُني عيْناكِ:
عرفتُكَ تعشقُني مُذْ كنّا طفلِيْنِ نجوبُ العالمَ ، نكتشِفُ الأشياءَ فمنْ أقصاكِ سنيناً خمْسا ؟
*يصدُقُني وجْهُكِ :
كيْفَ أتيْتَ الآنَ جريحاً مطْعوناً ، تحملُ وجْها مُقْتَحماً بحِرابِ الرِّجسِ ، وصوتُكَ يحملُ أنداءَ بكارتِهِ الأولى : هلْ عُدْتَ إليَّ عواصفَ عِشْقٍ منْ زمنٍ ولّى كيْ تبْعثَ في القلْبِ الهامِدِ نبْضاً .. حِسَّا ؟
يٍسْألُني صمتُكِ :
غِبْتَ سنينا عنِّي .. غبتُ سنيناً عنكَ ، ومازالتْ جذوةُ عشقِكَ في القلبِ .. تُدمدِمُ وتفورُ ، فكيفَ امتلأتْ روحي حُزناً ، وأنا أمتلئُ بوجْدٍ يعصِفُ بالجسَدِ ، وحبُّكَ في صدْري أخْشى أنْ يُبصِرَهُ الجمْعُ الحاشِدُ :
هلْ يعرفُ أصحابُكَ قصَّتَنا ؟
هلْ فهِموا منْكَ حكايتَنــا ؟
وأنا أذْوي ، ينْطفئُ رحيقي ، يخرُجُ منْها الصوتُ الحاني
همساً
همساً
همسا :
نهاري نهارُ النّاسِ حتى إذا بــدا
ليَ الليْلُ هزَّتْني إليْكِ المضــاجعُ
أُقضِّي نهاري بالحــديثِ وبالمُنى
ويجمعُني والهَــمَّ بالليْلِ جامِــعُ

لقدْ ثَبَتَتْ في القـــلْبِ منْكِ موَدَّةٌ
كما ثبتَتْ في الرَّاحتيْنِ الأصـابـعُ
(3)
*أحببتُكِ ، لكنَّ الأسوارَ العاليةَ بوجْهي تمنعُني أنْ أصدقَكِ القوْلَ ، دعيني أنْطِقْها يوْما:
*بسمِ اللهِ ،
توكَّلْتُ ،
وأقبلْتُ ،
خذيني جسَداً ميْتاً ، صُبِّي نارَ الوصْلِ ، دعيني أتبرْعمْ في كفَّيْكِ وأستجْمِعْ أشتاتِ النفسَ ، وأُبْعِدُ عنْ عينيَّ عذاباً جمًّا
*قولي إنَّ الحبَّ كبيرٌ في قلبيْنا ، لنْ نكتُمَهُ ، قولي إنّا في العِقْدِ الرابعِ منْ عُمْريْنا نولدُ ، أمْ يتركُني وجْهُكِ ألقى الموتَ غريباً ووحيداً ؟ يفجؤني عزريلُ الليْلةَ إذْ يمتدُّ الشَّجَنُ ، وينصُبُ قُدَّامي الشَّرَكَ ، فأُبصِرُ أرضي بوراً ، أبصِرُ هذا النَّبْعَ الطيِّبِ سُمَّا
فأنتِ التي إنْ شئْتِ أشقيْتِ عيشَتي
وإنْ شئتِ بعْد اللهِ أنعمْــتِ بالِيـا
وأنتِ التي ما منْ صديقٍ ولا عِـدا
يرى نضْوَ ما أبقيْتِ إلا رثى لِيـا
(4)
*وجْهُكِ يُحييني إذْ يُشرِقُ في دُنيايَ كبدْرٍ في الظُّلمةِ ، أشرعةُ الماءِ تجيءُ ، يفيضُ النهْرُ ، وحبُّكِ لا يهْرَمُ ، والذّاكرةُ الطِّفلةُ منقوشٌ فيها وجهُكِ منذُ العهْدِ الأوّلْ
*أحمِلُ أعوامي شُهُباً فوْقَ جبيني ، قلبي عصفورٌ زقزقَ بيْنَ يديْكِ كثيراً ، في أعوامِ الهجرةِ لمْ يتبدّلْ
وإنِّي لأخشى أنْ أمُـوتَ فُجـاءةً
وفي النَّفْسِ حاجاتٌ إليْكِ كما هيا
وإنِّي ليُنْسـيني لقاؤكِ كلّمـــا
لقيتُكِ يوْماً أنْ أبُثَّكِ ما بِيــــا
وقالوا بِهِ داءٌ عياءٌ أصابَـــهُ
وقدْ علِمَتْ نفْسي مكـانَ دوائيا
(5)
*أرحلُ منْ أرضِ اللهِ إلى أرضِ اللهِ ، ومنْ قَدَرِ اللهِ إلى قَدَرِ اللهِ ، وأتركُ أرضَكِ وثمارَكِ ، أترُكُ أعنابَكِ ، أغتربُ وحيداً إلاّ منْ حُبِّكَ يا وجْهَ حبيبةِ قلبي ، يفجؤني القيْظُ فأذوي شيئاً شيّا
*يتقاذفُني الشوْكُ ، وينبُتُ في صدْري شجرُ العوْسجِ ، لا أقدرُ أنْ أُعْطي بعضَ عطائكِ ، لا أملكُ غيْرَ القلبِ الطّيِّبِ ، أخلعُهُ منْ صدْري ، أتركُهُ بينَ يديْكِ ، وأخرجُ للأرضِ النائيةِ نباتاً صحْراويًّا !
*أهرُبُ منْ كلِّ الأوجُهِ إذْ تتشرنقُ حوْلي ، تجْلدُني وتُطارِدُني : هذا المجنونُ الليلةَ يسقطُ مطعوناُ وقصِيَّا
أظنُّ هواهـــا تاركي بمضَــلَّةٍ
من الأرضِ ، لا مالٌ لديَّ ولا صحْبُ
ولا أَحَــدٌ أُفْضي إليْهِ وَصِيَّتــي
ولا صَـاحبٌ إلا المطيةُ والرَّحْــلُ

ديرب نجم 3/6/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:15 PM
( 79 ) السراب

أميطي اللِّثامَ عن البحْرِ
هذا غناءُ السِّرابْ
فلا الماءُ أطلبُهُ ألتقيهِ
ولا يحتفي بي الشَّرابْ
وتلكَ فصولي
يُضمِّخُها الدَّمُ نهْراً
ولا يرتجيها السَّحابْ

صنعاء 14/6/1987م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:16 PM
( 80 ) افتتاحية للعشق

شعر: حسين علي محمد
...........................

صوتُكَ في أذنيَّ يُغمْغمُ كالبحْرِ نديا :
"أحببتُكَ ، فلماذا تُقصيني عنْ بابِكْ ؟
وعشقتُكَ ..
فلماذا لا تذكرُني في زُمرةِ أحبابِكْ ؟
ونقشتُكَ في ذاكرتي ..
فلماذا لا تنقشُني في طيّاتِ ثيابِكْ ؟
*
الآنَ ، تجيءُ الدّهشةُ
في عينيْكَ الموْجِ ، فأغرقُ في أُفْقِ اللحظةِ
مُمتحِناً في نفسي صدْقَ اللهْجةِ
هأنذا أُبصِرُ عُشبَ الرّغبةِ يتمدّدُ
تغمرُني العتْمةُ
إذْ يبزغُ قمرُ الحبِّ
الأحجارُ الصلدةُ / أحزاني تبعُدُ
أفتحُ ذاكرتي ،
أُبصِرُ وجهَكِ يتألَّقُ ،
يُقبِلُ
وجهي مشروخٌ منذُ زمانٍ
أتذكّرُ صمتَكِ
نجلسُ بينَ نباتاتِ الغاباتِ الرّخوةِ
نقرأُ ألوانَ الطَّيْفِ
ونحكي عنْ لغةِ فصولِ الدهشة
(قُدّامَ الوجْهِ العاشقِ نهرُ الجدْبِ)
الشعرُ الفاحمُ فوقَ العُنُقِ كطوْقٍ ذهَبِيٍّ
كمْ أتمنّى أنْ ألمسَهُ
أتأبّى ،
أتصَنَّعُ بعضَ الجَدِّ
(وقوراً كانَ المظهرُ)
تبتعدينَ ..
فأين أغاريدُكِ يا خِصبةُ ؟
(لا ، لمْ تعُدِ الشمسُ ردائي
لا ، لمْ يأْتِ القمرُ)
تغيبينَ ..
ثماري مُلقاةٌ في الطُّرقاتِ
(الخيبةُ للرحلةِ)
أعوامي ظلّتْ تُروى بدماءِ القلبِ
السفُنُ المُغبرّةُ ترجعُ
والبحّارةُ يتمنُّونَ العودةَ
والموّالُ الأخضرُ يتحشرجُ في القلْبِ
يودُّ البحَّارةُ أنْ يرتفِعَ اللحْنُ
التمثالُ المصنوعُ من القشِّ هوى
نبْضاتُ القلبِ كرجْعِ الموتى
الدُّنيا دائرةٌ ..
نصفُ القطْرِ يضيقُ
يجفُّ النهرُ ..
فيصمتُ عاشِقُكِ الصَّبّْ !
*
هأنذا أنسى التجربةَ المرّةَ
والطوفانْ
المقبرةُ المُغلقةُ على الموْتى
هلْ تُفتحُ ثانيةً
تخرجُ منها الجثَّةُ
تتنفَّسُ في اطْمئنانْ
ومتى البدْءُ ؟
فما أُبصِرُهُ قبْضُ الريحِ
عقيمٌ
تبتعدينَ
فلا تُقبلُ إلا الخيبةُ والأحزانْ !

ديرب نجم 28/5/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:16 PM
( 81 ) في العينينِ كلام

أسألُ عنكِ فلا أجدُكِ
وأظلُّ أسيرَ ظنونٍ
أجلسُ فوقَ العشبِ
(هنا جلستْ .. وانتظرتْني)
ـ أحَضَرْتَ لتوِّكْ ؟
نَظَرَتْ في الساعةِ .. همَسَتْ:
ـ في العاشرةِ أتيْتَ
وإني أنتظرُكَ منذ التاسعةِ صباحاً
.. أفتحُ عينيَّ ، فأُبصرُ قامتَها الممشوقةَ قُدَّامي
في العينينِ كلامُ
شوْقٌ
حزنٌ
جرأةُ منْ لا تخشى أنْ تُفصِحَ
أحرفُنا تتلكّأُ
أختارُ الكلماتِ بجهدٍ
وأُرتِّبُ أقوالي ..
قلتُ: تعاليْ نخرجْ للعالمِ
أنتِ النورُ
الحبُّ
الخصبُ
وهذا العالمُ يحيا في الظلماءِ
البغضاءِ
العُقْمِ
فضحكتْ
"جُرحٌ يبحثُ عنْ جرّاحٍ"
قامتْ ، قمتُ
(انطلقتْ)
"هلْ تأتي ثانيةً"
أيوبُ" ينادي :
"أني مسنيَ الشيطانُ بنصُبٍ وعذابِ"
أخلعُ أرديةَ الصيفِ
وهمومٌ فوقَ الصدرِ جبالٌ
وغرامٌ تحتَ الجلدِ ، يُغمغمُ
كالنارِ
.. فأصفُرُ لحناً بفمي
كيفَ حملْتُ عذابي في صدْري عشرَ سنينٍ
أخشى البوْحَ
وأكتبُ شعراً
لا يُفصِحُ عمّا يُضمرُهُ القلبُ
أعدتُ قراءة أشعاري
فوجدْتُكِ ماثلةً في كلِّ سطوري
*
أصحبُكِ إلى الطرقِ المكتظَّةِ
تخشيْنَ السيْرَ معي
فمدينتُنا تعرفُنا
للخلقِ عيونٌ تبصرُنا
عيناكِ الحالمتانِ ، الثاقبتانِ ، العاشقتانِ حواليَّ
حديثُكِ عذْبٌ
أخرجُ منْ دائرةِ الصمتِ
فصمتي طوَّقَني زمناً
أبعدني عنْ بابِ مدينتِكِ الخضراءِ
وهأنذا أرجعُ
أصنعُ منْ حبي أشرعةً بيضاً
تُبحرُ بي في لُجج الزمنِ
وفي أيدينا الوردُ الأحمرُ يتوهّجُ
في أيدينا القرآنُ
وأشكو للهِ:
"تعاليْتَ
فكيفَ أكونُ بجنبِ المحبوبةِ
ويضيقُ الصدْرُ ولا ينطلقُ لساني
إنّا غيّبَنا الصَّمتُ
فأُخرجنا من جناتٍ وعيونٍ
وتُركنا في الساحاتِ المحتشدةِ
نبحثُ عنْ بعضٍ منْ حبٍّ
يدفعُ في القلبِ الميتِ بعْضَ النبضِ
مشينا في الظلماءِ
رأيتُ النارَ ،
دهشتُ
ـ انتظري ..
آنسْتُ النارَ
سآتيكِ الليلةَ بشهابٍ قَبَسٍ ..
قالتْ : لا تتْركني في الظُّلمةِ وحْدي
فأحطْتُكِ بذراعي
نُوديتُ من الوادي الأيمنِ
إنا سخّرنا معكَ الجبلَ يُسبِّحُ
والطَّيْرَ
شددْنا أَزْرَكَ، أعْطيناكَ الحكْمةَ
أرفعُ رأْسي
ـ كيفَ تأخّرَ وعدُكِ ؟
كيف تلاشتْ في البيدِ خُطايْ ؟
*
.. ويُناديني الصوتُ:
استغفِرْ ربَّكَ
(أستغفرُ ربي
ويدايَ على الصَّدْرِ)
امنحني هذا الوجْهَ الطيِّبَ
هبْ لي هذا القلبَ الأبيضَ
هبني هذا الجسدَ الجنه
ْ
ديرب نجم 29/6/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:17 PM
( 82 ) البحث عن ظل

(1)
*ركدَتْ أمواهُ بحيراتِ الشوقِ، وأقبلَ حزنُ العمرِ على ظهرِ جوادِ الشَّهوةِ، بحثتْ أعينُنا عنْ أصحابِ الرحلةِ في طرقِ الليلِ، فقالوا: لن نرجعَ، فضحكنا .. هل يرحلُ عنا الليلُ، وهل تأتينا شمسُ صباحٍ ثانيةً، خرجت خطواتي من جدرانِ الليلِ، وكنتُ وحيداً كالشبحَ الهاربِ، كانت همساتي لا تذهبُ في الريحِ .. وقلبي مجروحٌ:
ما من لفظٍ إلا والكاتب حِبِّي يقرؤُهُ في قِرطاسٍ مفتوحٍ .. ضاعتْ أيّامي الماضيةُ ومات غدي في الفَزَعِ المُقلِقِ، ما منْ لفظٍ يصدرُ عنِّي إلا و"السيِّدُ" يوصي الحفَظَةَ بالتسجيلْ.
*كانَ صديقي في الأيامِ الخاليةَ الشوهاءِ، وكانَ يُداري ما يبدو منِّي منْ خطأٍ أو شيْنٍ .. مرّ العامُ وراءَ العامِ، وجاءَ صديقي مبتسماً، يشحذُ سكِّيناً يقتلُ فيَّ الهمسَ، ويبني مستقبلَهُ الأمجدَ فوقَ رُكامِ الجهلِ، وعارِ التخييلْ.
(2)
*الناسُ نيامٌ لا يجرؤُ أحَدٌ أنْ يرفَعَ عيناً يستطلِعُ وجهَ الشمسِ، وهذا الصقرُ الغائبُ عادَ يدُقُّ علينا بابَ البيتِ، ولكنْ .. من يفتحُ للطارقِ فيكمْ ؟ أنتم تستلقونَ على الظهرِ، وتلهونَ بقولِ الشعرِ، وهذا النبعُ الصَّافي في العينيْنِ يجِفْ
*والبسمةُ فوقَ الشفتيْنِ تفيضُ .. وهذا الرملُ الحارقُ يُشعِلُ في الأضلاعِ النارَ فأُبصِرُ خطواتي تتعثَّرُ في طُرقِ اللهفةِ، والموتُ يُبعثرُ خطواتي في الطُرُقِ الفظَّةِ، والقلبُ الواجفُ في جَدَلٍ مع خطواتِ الصحبَ المفزوعينَ، وأعبُرُ هذا الفاصلَ، أٌبصِرُ في وجهي حدَّ السيفْ!
(3)
*هأنذا في طرقِ الوحدةِ .. يذبحُني سكِّينُ الخوفِ، ويُطفئُ فيَّ البَسَماتْ
*هأنذا أبحثُ عنْ ظلِّي في أمسي الغابرِ، في اللحظاتِ المذعورةِ، في نبْضِ الآتْ!
(4)
*الظلُّ يُغنِّي رغماً عنِّي،
يرفعُ وجهاً للسيْفِ،
ويضربُ قَدَماً ثابتةً في الأرضِ،
ويصدحُ:
رأْسي مرفوعُ للريحْ !
*الظلُّ يُثرثِرُ للشمسِ، يُغازلُها، هل تسمعُ منْ خَرَ جَ يَصيحْ ؟
(5)
*وأنا مذبوحُ الصَّوتْ
*منْ يُنقِـذُني منْ هذي الطرقِ المفتوحـةِ
في أعلى قمةِ جبلِ الموتْ ؟!

ديرب نجم 15/5/1983

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:18 PM
( 83 ) سيرة جرح لا يندمل


(1)
أُبصرُها "عبلةَ" ..
تنتظرُ الفارسَ "عنترةَ"
وأُبصرُها "ليلى"
ذاتَ ذؤاباتِ ترعى البهْمَ
وترقبُ "قيْساً"
أُبصرها تُشرقُ في عينيَّ
تقولُ وطيْرُ النشوةْ
يقتحمُ الجسدَ المنخورَ سنيناً موصولهْ :

"أنظلُّ طوالَ العمرِ بعيديْنِ
غريبيْنِ
عرايا
نجري للشطْآنِ الباهرةِ المجهولهْ ؟"
(2)
أجلسُ فوقَ صخورِ اليأسِ
(وكنتِ هنا تمشينَ
وتبتسمينْ
وكنتِ تغنِّينْ
وكانتْ كلماتُكِ ثوْبَ البهجةِ
موْجُكِ يغزُرُ ،
يتلاطمُ بحرُكْ ،
ستعودينَ إليَّ صباحاً
قلبي يمتلئُ بوعدِكْ
قيثارتُكِ الخضراءُ تُغنِّيني لحنَ العودةِ)

أنتِ الحبُّ العاصفُ
أعرفُ عاقبةَ اللقيا
وأنا إنسانٌ تٌرعشهُ هبَّةُ ريحٍ
كمْ عاني قلبي وتكبَّدَ
هأنذا أكبو في الطرقِ الوعرةِ
نفسي تُؤمنُ بخلودِ الحبِّ
أنا لا أُبصِرُ غيرَ ظلالِ الأشباحِ
أأغرقُ في بحْرِ الليلِ ..
أيقتلُني نَزَقي ؟
هلْ أهرُبُ منْكِ ،
فلا أرجعُ ..
إلاَ لخريفِ الوحدهْ ؟

ديرب نجم 23/8/1982

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:18 PM
( 84 ) المرأة الضوئية


يا برْقاً يغتسلُ بضوْءِ القمرِ الحارقِ في الغُربهْ
جاهرْتُ بحبكَ
أدخلني الوعْدُ الحَلَبَهْ
فتجاذبَني الصوتُ
وهدَّدَني الموتُ
وردَّتني الجَلَبَهْ
أعيتْني الحيلُ وظلْتُ أُناجيكْ
واختلطتْ في الأفْقِ
ظلالُ الشمسِ الشاحبةِ
وأقفيةُ الأدوارِ الواطئةِ
بصوْتِ الديكْ
وأنا في اليمِّ أُناديكْ
هلْ يُخرجُني صمْتي
عنْ لُغَةٍ داجنةٍ
تتنازعني فيكْ؟
هلْ أدخُلُ في التجربةِ فأُحرقُ
وأُلاقيكْ؟
...
من ظلِّي تنفرطينَ
نقاطاً شهباءْ
تُرجعُني .. للماءْ

صنعاء 28/9/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:19 PM
( 85 ) الغـــــزالة


قُزحيَّةُ الألْوانِ في قممِ الجبالِ
قَمْراءُ في أَلَقِ اخْتيالِ
في ثغْرها بعْضُ القصائدِ
والحروفُ مُهمْهِاتٌ
هلْ ستبدأُ بالنِّزالِ؟
في بدْءِ أحرُفِها الرَّشيقةِ ..
تصْهلُ الرَّغَباتُ في جسْمٍ تدلَّلَ بالجَمالِ
في غابةِ الأطْيافِ غابتْ
والمَدى رحْبٌ
ووقْدُ الحبِّ يعْصِفُ بالخَيَالِ
ماءٌ لهذي الأرْضِ
يرسُمُ بحْرَهُ في الأوْجِ
يُطلقُ سُفْنَهُ في الموْجِ
يرفعُ صوتَهُ في موكبٍ للحجِّ...
أيْنَ غزالةٌ طارتْ من المجنونِ في قممِ الجبالِ؟

صنعاء 25/11/1986م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:20 PM
( 86 ) أصابع شَعْرِكَ للموت

(إلى الصديق القاص المُبدع محمد حافظ رجب
صاحب قصة «أصابع الشعر»)

أعطيتَ لهذي المهرةِ
أُفْقَ صباكَ الغامرِ في الفجرِ
وحكمةَ أسلافِكَ
فجرَهمُ الكاذبْ
أعطيْتَ
أصابعَ شَعْرِكَ للموْتِ
وللأمواجِ القاربَ
كيْ تهبَ لجسدِكَ شهوةَ فعْلٍ
يتجذَّرُ فيهِ الموْتُ
وألفُ صنوْبرَةٍ تتآمرُ
كيْ تصنعَ نعْشاً
(أوْ إكليلا)
للجسدِ الخائرْ !
ديرب نجم 29/4/1990

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:20 PM
( 87 ) مرثية أخيرة لعصفور


لمْ يحملْ بينَ يديْهِ شموسَ الصَّيْفْ
لمّا يركضْ في أبهاءِ الحُلْمْ
فلماذا تتعثَّرُ خطواتُهْ
بينَ "حروفِ المدّْ" ؟
ولماذا تُنصَبُ في عينيْهِ فِخاخُ الخوفْ ؟
منْ يُنبئُهُ نَّ فُتوحَ الغدّْ
نبضٌ لا تُطلِقُهُ منْ مكْمنِهِ أفراسُ النَّرْدْ
*
تحتَ جناحكَ
ليلُ غواياتكَ .. يُطْفِئُ توقَ الغدْ
*
مسكونٌ بالخوفِ
وبالحبَّ الرِّعديدِ
وتخشى حدَّ السَّيفِ
فكيفَ ستقتحِمُ ضِفافَ اللجةِ
كيفَ ستعبُرُ هذا السدّْ ؟
ديرب نجم 12/4/ 1985

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:21 PM
( 88 ) صهيبُ يُنادي: وامعتصماه !


(إلى سراييفو المحاصَرة)

1-غَلَبَتْ الروم:
مشى الرومُ فوقَ جبينيَ هذا المساءْ
وداستْ خيولُهمو بالسنابكِ وجهَ الضياءْ
وكان "صهيبُ" يُنادي جيوشَ محمدْ
فلمْ تُرجعُ الريحُ حتى الصّدى
وضَاعَ النداءْ
وظلِّي تجمّدْ
فلا الأُفقُ تعلوهُ رايةُ أحمدْ
فلا الخيْلُ خيلي
ولا الظلُّ ظلِّي !

2-بكائية المسلم الحزين:
كنتُ أُغنِّي،
وأعيشُ سعيداً في قصْرِ الوهْمْ
محبوباً من سرِّ الكلماتْ
أسمعُ شكوى الحرفِ من الفعْلْ
أقفُ إلى جانبِ فاصلةٍ في الظلّْ
في الليلِ أُصادِقُ أسماءً
أوْ أفعالاً
تهربُ منْ قائظةِ الويْلْ !
أخطو فوقَ اليَمِّ،
وأسمعُ للنَّمْلْ
أُعطي المحتاجينَ،
وأصْدُقُ في القوْلْ
(هأنذا، يُمسِكُ حزني بتلابيبِ الفعلْ
تتدَابَرُ أسمائي عنْ أفعالي
أشكو منْ جملةِ أحوالي)!

3-القمر يشرق في سماء "إيزابيلا":
إيزابيلا" يتطايرُ منْ عينيْها شررُ الموتْ
تحملُ خنجرَ "فرديناندو"
و"صهيبُ" يُنادي: وا مُعتصماه !
يهوي الصوتُ إلى قيعانِ الصمتْ!

4-اعتذارية إلى "سراييفو":
ماذا بعثْتَ لها سوى الأملِ الكذوبْ ؟

العاشقُ الرِّعديدُ يُغلقُ دفتراً منْ أُمنياتْ
والعاشقهْ
في دفْترِ الأشواقِ تُبصِرُ حبَّها بدراً
يُضيءُ الأُمسياتْ
هلْ تضحكُ الأيامُ للوجْهِ الحزينْ ؟
هلْ تعرفُ المخدوعةُ الحسناءُ
أكثرَ منْ حصادْ التُّرَّهاتْ ؟

هذا "صُهيْبُ" الآنَ يُشرقُ وجهُهُ فوقَ الهِضابْ
ماذا تُغنِّي في دُجى الليلِ المُطارَدِ بالحِرابْ ؟
يا دامِيَ الأشواقِ .. ماذا يصطليكَ منَ العذابْ ؟
يا أيُّها الجرحُ المُضَمَّخُ
بالعذاباتِ الجديدةِ
والهناءاتِ البعيدةِ
والغِيابْ !)
الرياض 6/10/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:22 PM
( 89 ) بكائيةُ المسجد البابري (1)


(1)
بكلِّ العزْمِ والإصرارِ
كنتُ أُريدُ أنْ أحيا
برغمِ الريحِ والإعصارِ،
رغمَ الليلِ والأفعى
وقلتُ لكمْ:
"سيخْتنِقُ الأذانُ هنا
"أبوديا" .. حيةٌ تسعى
لتهدِمَ قبَّتي ، وتٌحطِّمَ الأثمارَ في فنني !"
فلمْ تسمعْ قلوبُكمو نداءَ المسجدِ المكْلومْ
تركتُمْ فيلَهمْ يأتي ، ليهدمَني
وحطّتْ فوقَ رأْسي البومْ
(2)
وكنتُ نسيتُ أنَّ الجُرحَ في الأعماقْ
وأنَّ أحبَّتي وَهَنوا
وأنَّ الحزنَ في الأعماقْ
و"راما" لمْ يُفاجئْني بفأْسٍ فوقَ أُمِّ الرّأْسْ
لينشرَ ظلَّهُ الأفّاكَ
والأشواكْ
فيقتلَ فيَّ تغريدي
ويخنقَ صوْتيَ الجوّابَ في الآفاقْ
لمنْ أشكو غيابَ نداءِ توحيدي ؟

الرياض 21/12/1992
........................
(1) في 6/12/1992 هدم الهندوس المسجد البابري العريق، الذي بُني في "أبوديا" منذ أكثر من خمسمئة عام.

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:22 PM
( 90 ) القمر المنفيُّ .. يعود


(بعد أن تفككت جمهوريات الاتحاد السوفييتي، وفي مدينة "قاراتسوه" بجمهورية قيرغيزستان، كان هناك ملهى اشتراه المسلمون، وحولوه إلى «مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان». وهكذا مع عودة الإسلام إلى "قير غيزستان" تحوّل المكان الجميل الساحر من مباءة للشيطان إلى مكان طاهر يذكر فيه اسمُ الله)

(1)
يا "قير غيزستان"
القمرُ المنْفيُّ يعودْ
يُشرقُ في ليْلِكْ
موصولاً بالسِّرِّ الأعلى
بينَ الكافِ وبينَ النونْ
يُلقي بالكأْسِ العطِنةِ في عُمْقِ النهْرِ،
فيطوي أعوامَ الأحزانْ !
(2)
"قيرغيزستان"
مازالَ لديْنا وقتٌ .. كيْ نُمضِيَهُ
نجوماً تسهرُ في ساحِ الرحمنْ
ونُجاهدُ ..
كيْ ترقى النفسُ
بسجدةِ طُهْرٍ في اطمئنانْ
مازال لديْنا وقتٌ
لصلاةٍ وصيامْ
والقمرُ المنفيُّ يعودُ .. فتيا
لنْ يغشاني بعدَ اليومِ دبيبُ سقامْ
فأنا أولدُ في تكبيرةِ إحرامْ
أسمو فوقَ عصورٍ يتعمْلقُ فيها الجبنُ فتيًّا
ويُعربِدُ تحتَ ظلالِ الخوفِ صفيقا
في اطمئنانْ !
(3)
"قيرغيزستان"
الفجْرُ الشاردُ .. عادْ
يحملُ لي الفرحةَ والأعيادْ
سأُدافعُ عنْ صوتِ بلالٍ إذْ يترَدَّدُ في المسجدْ
أحملُ عزمَ محمَّدْ
حتى لا يطأوا قدسي الأمجدْ

"قيرغيزستان"
يا أحلى لحنٍ يتردَّدُ كلَّ أذانْ
"قيرغيزستان"
"قيرغيزستان"
الرياض 6/12/1991

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:23 PM
( 91 ) أربع قصائد قصيرة
إلى الكعبة المشرفة

شعر: حسين علي محمد
............................

(1)
رسمْتُ على صفحةِ الليلِ
توقي وحُبِّي
بحجْمِ الهزائمِ ..
تجتاحُ روحي وقلبي
بحجْمِ الحرائقِ
تجتاحً عمراً منَ الجدْبِ
هذي سيوفي ..
معلّقةٌ في فضاءِ التقاويمِ،
هذا دماغي تكسَّرَ،
والنومُ داعبَ هُدبي ..
سوادَ التواريخِ
يُثخنُني بالجراحِ
تعاليْ ..
أضيئي بنورِكِ درْبي
(2)
تعاليْ،
فإني أحمدُ عندَ الصباحِ السُّرى
وأُلقي بأفياءِ نهْرٍ منَ التَّوْقِ
في لحظةِ البوْحِ بينَ يديْكِ
أُفَتِّحُ قلبي ..
فيوضاً من الحبِّ والشوقِ
تُزجي إليْكِ ..
ينابيعَ طُهْرٍ دفوقٍ
وآلاءِ شوْقٍ سموقٍ
على جانبيْكِ


تعاليْ
لأُلقي بأشلاءِ نفسي على عتباتِكْ
فهذا ضياؤكِ يملأ آفاقَ روحي
بطُهْرٍ حميمِ
ويشفي جروحي
ببُرْءٍ عميمْ

أأروي جفافي بزمزمَ
حتى أكونَ جديراً بكِ الآنَ ؟
هيّا،
تعاليْ
أنا اليومَ نلتُ المُنى منْ رُبا نفحاتِكْ
(3)
تفجّر شوقي إليْكِ زماناً
وسالتْ دموعي
وهأنذا قدْ لقيتُكِ بعدَ العناءْ
فكوني خلوداً يُضمِّخُني في صحارى الفناءْ
وظلَّي ربيعي !
أجيئُكِ في نصْفِ ليْلي
وإغضاءِ ويْلي
أناجي الذي في السمواتِ ربي وربِّكِ :
يا قابلَ التَّوْبِ
خلْفي جحيمٌ من الذنبْ
قدْ أنْهكتْني خطوبي
وقدْ أثقلتْني ذنوبي

فهلْ تمسحُ الآنَ جيمَ الجهالهْ
فهلْ تُشرِقُ في الأُفْقِ هالهْ ؟
(4)
تعاليْ ، وهُبِّي بصحنِكِ
واسقي فؤادي متى شئتِ ..
شربتَكِ الزمزميَّهْ !
تُطهِّرْ فؤادي من الرجسِ
والجاهليّهْ !
مكة المكرمة 8/5/1992

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:24 PM
( 92 ) الرمح



ولماذا لا تخترقُ تجاويفَ الرُّعبِ
وصحراءِ القلبِ
وكثبانِ اللوحاتِ المائيّةِ
أو تكشفُ عن موسيقا بوحكَ
وجنونكْ ؟

ولماذا تتعلّقُ في أذيالِ
الجُدرانِ الخربةِ
لا تكشفُ عنْ صبوةِ قلبِكَ
أوْ
شارةِ عشقِكَ وفتونِكْ ؟

ومتى تستيقظُ منْ غفوتِكَ المُرَّهْ ؟
ومدينتُنا هاجمَها في الليْلِ البومُ
وأزهرَ في الأوردةِ الجُرْحْ ؟

أنقذنا منْ سقْطتِنا
في هذا السَّفْحْ

هلْ تختصِرُ شهادتَكَ عليْنا
في طعنةِ سِنٍّ ؟!
املأ أُفقَ اللهِ بتسبيحةِ ذكْرٍ
وبنشوةِ فتْحْ !

صنعاء 30/9/1988م

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:24 PM
( 93 ) النِّداء

(إلى سرِّ الزعيم أحمد عرابي)

طالَ وقتُ الرُّقادْ
فافتحِ الآنَ عينيْكَ
وانظُرْ إلى الأُفْقِ .. تلْقَ الجرادْ
يستبيحُ البلادْ
*
أيُّها الفارسُ الفرْدْ
هل أَلِفْتَ السكينةَ ـ في الحرِّ والبَرْدِ ـ
والأوجُهِ الخاملَهْ
هلْ غَزَتْكَ السنونْ
أمْ تراها المنونْ
طاولتْكَ فأطْفأَتِ الجذوةَ المُشْعَلَهْ ؟
*
أيُّها الفارسُ الفرْدْ
أطلِقْ عنانَ الحصانْ
فالخلودُ الذي تدّعيهِ الهوانْ
والصُّمودُ الذي تبتغيهِ لشعبِكَ
يسقُطُ تحت حذاءِ الغريبِ الجبانْ
إنَّكُ الحبُّ :
في القلبِ عينُ اليقينْ
وفي البحرِ نورُ السفينْ
وهذي الجموعُ تناديكَ
فاسمعْ لها
وأَطِعْها
فأنتَ فتاها الذي ما استكانْ !
*
أيُّها الفرسُ الصُّلبُ
أطلِقْ عنانَ الجوادِ .. وأَبقِ السلاحا
فالذين نفَوْكَ وخلَّوْا ديارَكَ نهْباً مُباحا
والذين أضاعوكَ فجراً .. وكنتَ الصباحا
والذينَ أدانوكَ بدراً منيراً .. وماءً قُراحا
إنهم يرجعونْ
يرفعونَ البيارقَ فوقَ الرؤوسْ
ينشرونَ الخرابَ الذميمَ وهمْ يقرعونَ الكؤوسْ
فاضرب الآنَ ـ يا فرساً فقدتْهُ الميادينُ ـ
واقطعْ بنانَ العبَثْ
سالَ فيْضُ الجُثَثْ ‍
*
أيها الفرسُ المُتبخْتِرُ عندَ المحطّةِ عمراً
تُحملقُ في الأوجهِ الخائبهْ
آنَ أنْ تنطلقْ
آن أنْ يبدأَ الفارسُ الفذُّ جولتَهُ
يوقظُ الآنَ غضبتَنا الغاربهْ
يُشعلُ فينا الحميّةَ
يبدأَ حملتَهُ
ويُوجِّهُ ضربتَهُ الصَّائبَهْ
هلْ تُرى تنتظِرْ ؟
بيْنما الرأْسُ يهوي على الصَّدرِ نصفيْنِ
تجري الدماءُ على الرملِ نهريْنِ
والعدلُ لا يستقِرْ ؟
*
أيها الفارسُ الفردْ
افتحِ الآنَ عينيْكَ
أطلقْ عنانَ الجوادْ
فتِّحِ الآنَ منا قلوباً
عيوناً
نفوساً
طواها الرُّقادْ
فالقرامطةُ المجرمون يعودونَ
ينتظمونَ
صفوفاً
صفوفا
ويقتسمونَ البلادْ
والسماسرةُ الآنَ في كلِّ وادْ
والبلادُ التي اشتعلتْ جمرةً في الفؤادْ
هلْ تُرى تنطفئْ ؟
والذُّرا تنْكفئْ ؟
والمدى هلْ يضيقُ جناحاهُ ..
تحتَ سياطِ الغروبِ
ويلبسُ ثوبَ الحدادْ ؟
فافتحِ الآنَ عينيْكَ ..
أطلِقْ عنانَ الجوادْ
ديرب نجم 8/8/1987

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:25 PM
( 94 ) الحلم المسافر
(أو صابر عبد الدايم)

(1)
*من حدِّ السيفِ اَطَلَّ الصَّبّارُ ، وسافَرَ في سُنبلةِ الزّمنِ السَّيْفْ
*القلبُ / اللغةُ الموَّارةُ .. ضوءٌ ناريٌّ خلفَ القُضبانِ .. النارُ تمدُّ شراعَ رجاءٍ ، أعدو في قلبِ الظُّلمةِ ، حوْلي تضْوي أشرِعةُ الموْجِ ، أُنادي : يا ذا الظلِّ الأخضرِ ، أقْبِلُ ، قلبي مشْغوفٌ بالحرْفْ
*يا نجْماً ذابتُ فيهِ الأشواقُ صلاةً ، أقْبِلْ ، نايُكَ في طُرُقِ الوحشةِ أُغنيةٌ ترفعُ بيْرَقَنا المكْسورَ على جَنَباتِ الوادي ، يا لؤلؤةً ، أيْنَ وجودُكَ منْ ذاتي ؟ أيْنَ ربيعُكَ يقتحِمُ جفافَ الصَّيْفْ ؟
(2)
*كانَ العالمُ مبتعِداً فتلاقيْنا ، لنُفجِّرَ في الأعماقِ قنابلَ حيْرتِنا ، فجَّرْنا الشعرَ منابعَ ضوْءٍ فتهامستِ الأنداءُ على الأعوادِ ، قطفْنا أشعارَ جزائرِنا المهجورةِ ، غامرْنا رغمَ القيْظِ / الأنواءِ / جفافِ الزمنِ / الخوْفِ .. كشفْنا سرَّ النَّبْضْ
*أُبصِرُ في أوْردتِكَ ناراً تتفجَّرُ ، وحدائقَ بابلَ تضحكُ تحتَ ملاءتِها السوداءِ ، الأشعارُ مُفَضَّضَةٌ بالسُّنبلِ والريحِ .. تُراوِدُها أحلامُ الرَّفضْ
*يقتحِمُ النهْرُ البيْداءَ .. الحقُّ اقتحمَ السّاحةَ ، كبَّرَ واستنْهَضَ عزَّتَنا . نحنُ ـ الفقراءَ / الرُّعبّ / الوهْمَ ـ تُرابٌ يبرُقُ في الظُّلمةِ .. "لمْ أسرقْ تاريخَ الأُمّةِ ، أوْ أسلبْها العرضْ" !
(3)
*يبْقى الخوْفُ / السَّفَهُ / اللعنةُ أفراساً تركضُ في الميْدانْ
*يرتعشُ النورُ بعيْنيْكَ : الساعةُ دقَّتْ ، لكنْ لمْ تُعْلِنْ أنَّ الليْلَ انتصَفَ الآنْ
*والقدسُ تصيحُ : تعالوْا (هلْ نترُكُ في وجْهِ الإعصارِ الأهوجِ أشجارَ حديقتِنا تهْوي ؟) والقاهرةُ عجوزٌ تصرخُ ، عمَّانُ تُناوِرُ ، والقدْسُ تصيحُ ، وطنجةُ تصمتُ .. والأعرابُ أراهمْ كالتنّينِ بسبعةِ أعناقٍ يصطرخونَ ، القدْسُ تصيحُ ، دماؤكَ ساخنةٌ ، ودمشقُ تُراوِدُها أحلامُ المُلكِ وأُبَّهةُ السلطانْ

ديرب نجم 26/11/1983

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:26 PM
( 95 ) شتاء على القلب


أقبِلْ على درْبِنا ، إني إليْــكَ ظَمي .:. أشْـرِعُ أماميَ بابَ الفتْحِ لا النَّـدَمِ
الليْلُ في جُرْحيَ الممْرورِ بعضُ شذى .:. فافْتحْ ذراعيْكَ واحْضُنْ بـوْحَ مُنْهَزِمِ
الليْـلُ والآهُ في نبْضي قدِ امْتَزَجــا .:. فأوْرَقَ الحُـــلْمُ في بوّابةِ الحُمَمِ !
حدِّقْ بشوْقِكَ ، أمْطِرْني بفيْضِ نـدى .:. لعلَّ صمْتيَ مُشتــــاقٌ إلى النَّغَمِ
يا أيُّها النَّبْــعُ ، يا ذكْرَ الرياضِ أَعِدْ .:. لمسْمَعِ القلْبِ موسيقـا من القِمَـمِ !

ديرب نجم 3/11/1991


_________________

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:26 PM
( 96 ) أطيافها


عنِ الأطْيـارِ ، والأشْجـا .:. رِ ، والأسْفـــارِ تسْأَلُني
تُحاصِرُ صَـــوْتَها الأنْدا .:. ءُ ، تُدْنيــني وتُبْعِــدُني
وجُرْحُ الغيْـــمِ في أعْما .:. قِ أوْهامي يُعــــذِّبُني
وأعْشابُ السُّهـولِ الخُضْـ .:. ـرِ في الودْيــانِ تذكُرُني
فصُـولَ بكــارةٍ كانتْ .:. ربيعــاً ، ظـلَّ يغْمُرُني
***
وبيْتي كــانَ منْ عُشْبٍ .:. وأنْتِ الــدفْءُ والشِّعْرُ
وأسْألُ : كُنْـتُ أُبْصِرُها .:. سحاباً ضَمَّـــهُ الزَّهْرُ
وإعْصاراً يُزلْزِلُــــني .:. أحُـبٌّ ذاكَ أمْ جَمْــرُ؟
دهاليــزي مُهلِّلـــةٌ .:. لجمْـرٍ باتَ يسْتَعِـــرُ
ودمْعــي كالـبروقِ بَدَا .:. لجُرْحٍ ظــلَّ يسْتَتِــرُ
***
أطيْفُكِ جــاءَ يوقِظُني .:. ويُنسيني مســـاءاتي؟
أيُغْـرِقُني بأمْـــواجٍ .:. أيُبْحِــرُ بي للُجَّـاتِ
وسوْسنةُ الشموسِ مضتْ .:. وأَلْقَتْــــني إلى ذاتي
أُفتِّشُ في مجـاهِلِـــها .:. وفي صحْراءِ خيْبــاتي
عن الماضــي الذي ولّى .:. عن المقـــدورِ والآتي
ديرب نجم 13/8/1977


(انتهى الديوان)

د. حسين علي محمد
30/04/2007, 05:28 PM
مؤلفات الدكتور حسين علي محمد


أ-شعر:
1-السقوط في الليل، القاهرة-دمشق 1977م، ط2، الإسكندرية 1999م.
2-ثلاثة وجوه على حوائط المدينة، القاهرة 1979م، ط2، الإسكندرية 1999م.
3-شجرة الحلم، القاهرة 1980م.
4-أوراق من عام الرمادة، الزقازيق 1980م.
5-رباعيات، الزقازيق 1982م.
6-الحلم والأسوار، القاهرة 1984م. ط2، الزقازيق 1996م.
7-الرحيل على جواد النار، القاهرة 1985م. ط2، الزقازيق 1996م.
8-حدائق الصوت، الزقازيق 1993م.
9-غناء الأشياء، الزقازيق 1997م، ط2-القاهرة 2002م.
10-النائي ينفجر بوحاً، الإسكندرية 2000م.
11-رحيل الظلال، دار ناشري، على الإنترنت 2004م.
ب-شعر (مشترك)
12-حوار الأبعاد، القاهرة 1977م، ط2، حلب 1979م.
ج-مسرحيات شعرية:
13-الرجل الذي قال، الزقازيق 1983م.
14-الباحث عن النور، القاهرة 1985م، ط2-الزقازيق 1996م.
15-الفتى مهران 99 أو رجل في المدينة، الإسكندرية 1999م.
16-بيت الأشباح، الإسكندرية 1999م.
17-سهرة مع عنترة، المنصورة 2001م، ط2، المنصورة 2003م.
18-الزلزال، موقع «أصوات مُعاصرة»، على الإنترنت 2004م.
د-شعر قصصي للأطفال:
19-الأميرة والثعبان، القاهرة 1977م.
20-مذكرات فيل مغرور، عمَّان 1993م، ط2- عمان 1997م، ط3-الرياض 2004م.
21-كان يا ما كان، القاهرة 2005م.
هـ-قصص قصيرة:
22-أحلام البنت الحلوة، الإسكندرية 1999م، ط2-المنصورة 2001م.
23-مجنون أحلام، المنصورة 2005م.
24-الدار بوضع اليد، القاهرة 2007م.
و-دراسات أدبية:
25-عوض قشطة: حياته وشعره، المنصورة 1976م.
26-خليل جرجس خليل شاعراً وباقة حب إليه (بالاشتراك مع حسني سيد لبيب)، القاهرة 1978م.
27-القرآن .. ونظرية الفن، القاهرة 1979م. ط2، القاهرة 1992م.
28-دراسات معاصرة في المسرح الشعري، القاهرة 1980م، ط2، المنصـورة 2002م.
29-البطل في المسرح الشعري المعاصر، القاهرة 1991م، ط2- الزقازيق 1996م، ط3-الإسكندرية 2000م.
30-زكي مبارك (بالاشتراك مع مجموعة مؤلفين)، القاهرة 1991م.
31-شعر محمد العلائي: جمعا ودراسة، الزقازيق 1993م، ط2- الزقازيق 1997م.
32-جماليات القصة القصيرة، القاهرة 1996م، ط2-القاهرة 2003م.
33-التحرير الأدبي، الرياض 1996م، ط2- الرياض 2000م، ط3- الرياض 2001م، ط4- الرياض 2003م، ط5-الرياض 2004م، ط6-الرياض 2005م.
34-سفير الأدباء: وديع فلسطين، القاهرة 1998م، ط2- القاهرة 1999م، ط3- الإسكندرية 2000م.
35-دراسات في النص الأدبي العصر الحديث، ط1-الرياض 1995م، ط2-الرياض 1996م، ط3-الرياض 1996م، ط4، الإسكندرية 1998م، ط5، الإسكندرية 2001م، ط6-الرياض 2007م.
36-المسرح الشعري عند عدنان مردم بك، القاهرة 1998م.
37-كتب وقضايا في الأدب الإسلامي، الإسكندرية 1999م، ط2-القاهرة 2003م.
38-صورة البطل المطارد في روايات محمد جبريل، الإسكندرية 1999م.
39-من وحي المساء (مقالات ومحاورات)، الإسكندرية 1999م.
40-الأدب العربي الحديث: الرؤية والتشكيل، ط1-الإسكندرية 1999م، ط2-الإسكندرية 2000م، ط3- الإسكندرية 2001م، ط4-الرياض 2002م، ط5-الرياض 2004م، ط6-الرياض 2006م.
41-دراسات نقدية في أدبنا المعاصر، الإسكندرية 2000م.
42-مراجعات في الأدب السعودي، ط1-الإسكندرية 2000م، ط2-الرياض 2007م.
43-شعر بدر بدير: دراسة موضوعية وفنية، الإسكندرية 2000م.
44-فن المقالة (بالاشتراك مع د. صابر عبد الدايم)، ط4-الزقازيق 2000م، ط5-القاهرة 2001م، ط6-الزقازيق 2003م.
45-تجربة القصة القصيرة في أدب محمد جبريل، المنصورة 2001م، ط2-المنصورة 2004م.
46-في الأدب المصري المُعاصر، القاهرة 2001م، ط2-القاهرة 2002م، ط3-القاهرة 2003م.
47-الرؤية الإبداعية في شعر عبد المنعم عوّاد يوسف (بالاشتراك مع د. خليل أبو ذياب)، المنصورة 2002م.
48-أصوات مصرية في الشعر والقصة القصيرة، المنصورة 2002م.
49-حوارات في الأدب والثقافة (مع د. محمد بن سعد بن حسين)، القاهرة 2003م.
50-مقالات في الأدب العربي المُعاصر، المنصورة 2004م.
51-العصف والريحان (حوارات ومواجهات مع د. صابر الدايم)، المنصورة 2005م.


تحرير وتقديم:

1-محمد جبريل وعالمه القصصي، الزقازيق 1982م.
2-قراءات في أدب محمد جبريل، الزقازيق 1984م.
3-إبراهيم سعفان مبدعاً وناقداً، الإسكندرية 2000م.
4-حسني سيد لبيب: سيرة وتحية، المنصورة 2001م.


أبحاث مُحكّمة:

1-شاعرية علي الجارم، مجلة كلية اللغة العربية بالزقازيق، 1994م.
2-جوانب مضيئة من الأدب الإسلامي في العصر الحديث، مجلة جامعة الإمـام محمد بن سعود الإسلامية (العدد 15)، شعبان 1416هـ.
3-الاتجاه الإسلامي في شعر محمد مصطفى الماحي، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (العدد 18 )، ذو القعدة 1417هـ.
4-الاتجاه الوجداني قي شعر بدر بدير، مجلة كلية اللغة العربية بالمنصـورة (العدد 19)، لعام 1420هـ-2000م.
5-الشعر في المسرح النثري (1875-1932م)، مجلة كلية اللغة العربية بالمنصورة (العدد 20)، لعام 1422هـ-2001م.
6-تجربة القصة القصيرة في أدب محمد جبريل: دراسة أدبية تحليلية، مجلة كلية اللغة العربية بالمنصورة (العدد20)، لعام 1422هـ-2001م.
7-رواية «ملكة العنب» لنجيب الكيلاني: دراسة أدبية تحليلية، مجلة كلية اللغة العربية بالزقازيق (العدد21)، لعام 1421هـ-2001م.
8-مجموعة «عسل الشمس» لفؤاد قنديل: دراسة موضوعية وفنية، مجلة «عالم الكتب»، مج23، ع1-2، رجب، وشعبان، ورمضان وشوال 1422هـ.
9-الحوار في مسرحية «السلطان الحائر» لتوفيق الحكيم: دراسة فنية تحليلية، مجلة «عالم الكتب»، مج23، ع3-4، ذو القعدة، وذو الحجة 1422هـ، والمحرم ، وصفر 1423هـ.