قل للمليحة الاعلان الاول

[دجلة الناصري]

فن الاعلان
اضحى اليوم علما يدرس في ارقى الجامعات في العالم واخذت تدرس مواده بجانب علوم الحياة كالطب والهندسة والاقتصاد لانه اضحى احدى اهم اركانه فكل ما يلبي الرغبات ويزيد من عملية الشراء هو فن العرض والتقديم وهاهي الشركات تنفق الملايين في سبيل الاعلان عن بضائعها من اجل ان تحصد الالاف لهذه الملايين في خزائنها .
والى هنا دعني اخذك معي لتعرف عن اول اعلان تم في بلاد العرب قبل الالف عام واكثر ولا زال لليوم يذكر من كثرة روعته وعذوبة عرضه
يقول الاعلان
وقف التاجر في المدينة وهو حائر حزين
فهاهي بضاعته لم تمسها يدا
ولا حتى نظرة من العيون تلقى عليها جزافا
فمنذ فترة كسدت عنده بضاعته الرائجة سابقا
الاوهي خمار النساء
وهي سترة النساء وشاحها الذي يغطي الراس والوجه
فقد نفذت منذ زمان بضاعته ذات الالوان المختلفة للخمارات
ولم تكسد الا الخمار السوداء التى كانت تانف النساء من لبسها
وكسدت البضاعة للتاجر وحل الخراب في دياره
فخاف من الافلاس والاشهار والفقر بعد رخاء
فطلب النصح والمشورة من اصحابه في امره الجلل
فاشاروا عليه بان لامنجى من الكساد ولا الافلاس الا بلذهاب
الى الشاعر الجميل الصوت العذب الكلمات مسكين الدرامي
فعنده الحل والربط والنجاة من هذه المصيبة
فتوجه التاجر الحيران الى الشاعر ربيعة بن عامر والذي كان الناس يلقبونه مسكين الدارمي
بعد ان هجر الشعر وترك مجالس الشعراء
الى الزهد والعبادة واضحى لا يخرج من المسجد ابدا
وقص عليه قصة مصيبته وكساد بضاعته وعزوف النساء عنها
فاجابه ربيعة : بلرفض لانه قد هجر الشعر وانقطع للعبادة
خرج التاجر يجر اذيال خيبته وحزنه حتى سمع نحيبه من كان في المسجد حاضرا
فانكسر قلب ربيعة علية عندما راى بليغ الحزن والالم والدمار الذي سيصيبه نتيجة الكساد لبضاعته فاخذه بيده
وغادر المسجد وقد استعاد هيبة الشعراء وخطابهم
مناديا الناس الذين تفاجئوا به واقفا بينهم
ينشد بصوته العذب قائلا
قل للمليحة بلخمار الاسود
ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه
حتى وقفت له بباب المسجد
ردي علية صلاته وصيامه
لا تقتليه بحق دين محمد
انتشرت القصيدة على الملا كالنار في الحطب
حتى نفذت بضاعة التاجر اجمعها باضعاف اثمانها
واصبحت مضربا للامثال الى يومنا هذا .