المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة : ترنيمة زهــرة



عربي جعفر
14/02/2005, 08:10 AM
[align=justify:8e7cc4ed39]ترنيمة زهرة

ذات صباح . . نظرت زهرة حولها فلم تجد من هم حولها دائماً حولها . . فلم تعد الأشجار بساقه مخضرة . . والحشائش صارت إلى الون أخر غير ما اعتادت . . نظرت إلى عودها الذي حنى وأوراقها التي وقعت تحت ساقها فبدأت تترنم :-
آه . . آه يا عودي الأخضر . . أوراقي الخضراء ماتت . .
ماتت التي كانت ترفرف في الهواء . .
إني أبدوا في هذا البستان وحيده . .
أين مؤنسي . .
أين أنتم يا أشجار . . يا ورود . . يا حشائش . . يا بشر . .
ما قيمتي بعدكم . . لقد خلقني الله بسمة لكم . .
لماذا تركتموني . . وتركتموني لمن ؟ . .
قوموا من رقادكم وأسمعوني يا بشر . .
إن حقي عليكم أن ترعوني . . أن تروني . .
إني أنظر أمامي . . فها أنا أرى النيل ينساب . .
وأسمعه يقول اغترفوا . .
يا كسالى هبوا . . لم أطلب منكم المستحيل . . أطلب بعض الماء اليسير
. . اسقوني حتى أترعرع . . حتى تشموا أنفاسي لتردوا بها أنفاسكم . . وارووا اخضراري لتُجلى أبصاركم . .
لمَ لم تردوا علي . .
قوموا أيها الكسالى . . قوموا لأنفسكم . .
قوموا . . حتى اغسلوا وجوهكم . . أزيلوا عنها القذا . .
قوموا . . حتى تشربوا لتردوا عن أنفسكم الظمأ . .
قوموا أيها الأموات . .
فأني أراكم . . فلا أنتم أحياء ولا أنتم أموات . .
إن لم تطلبوا الحياة فاطلبوا الموت . .
أم أنكم عشقتم العذاب والتعذيب . . بأيديكم وأيدي الآخرين . .
اعو يا بشر . .
ردوا علي . . ردوا
لماذا لم تردوا ؟
ردوا . . فلا ردت أرواحكم . . ردوا . .
فقد تركتموني في العراء وحيدة . . وما يوماً عشت فيه وحيدة . .
ما أنست يوماً الوحدة . . ما عرفت يوماً فيه الخوف . . منذ كنتم تزيلوا خوفكم عندي
إني الآن وحيدة . . خائفة . .
فلا أقدر على هجركم . . ولا على لهيب الجو حولي . .
اشتدت حولي الأشياء وقُويت عند ضعفي . .
فأصبحت لهم وليمة . .
حطمني الهواء . . حطمني الهواء الذي كان ذات يوم يتراقص حولي ويراقصني . .
حتى النسيم جار عليّ . . فلم يعد نسيم . . ونديم الأرض تحتي لم يعد يطيقني . . وتشقق كي ينشق عني ويبعدني . .
فأين أنتِ يا أرضي الخصبة
أين مني عودي الفارع . . الباسق إلى السماء الزرقاء . .
وأوراقي الخضراء . .
إني أبكي وبغير دموع . .
انحنى ساقي . . ماتت أوراقي . . غارت زهرتي . .
لم تعد الأيدي تداعبني . . ابتعدت . . حتى الأطفال . .
لم ينظروا إلي . .
آه يا زمن . . آه يا زمن يوم فيه عشقت روحي . .
عشقت أوراقي وقصبي . . عشقت فيه حتى ألمي . .
في صحتي وإعيائي . . كنت أضحك لكل الناس . . كان يسعدني ضحك كل الناس . . وفضلي علي كل البشر . .
من يوم أدم . . يوم كنت له اللباس . . يوم كان فيه مفضوحاً فسترته . .
واليوم أنا لبنية . . لهذا الجيل . . اربي فيه الذوق والإحساس . .
فما صانوا وما أحسنوا وما اعترفوا بالجميل
هل أبدوا كريهة . . هل أنا الزهرة أصبحتُ قبيحة . .
الكل عني زحف . . الكل عني رحل . .
أراهم يتكالبون كما لو كانوا أشياء يتكالبون على قصعتهم . .
إني أشم في ذاتي الرحيق . . فأين النحل مني ؟ . .
فهل لم أعد شيء ؟ . . وإني أراهم على تلك الشجرة الصماء كُثير . .
نعم إن عودي نحيل . .
بينما تلك الشجرة الصماء ذات الجزع الضخم العجوز . .
هل أصاب النحل العمى ؟ . .
فأين تلك الشجرة مني يوم كان النحل حولي يتراقص . .
آه . . ثم آه من دورة الأيام
أين يوم كنت في الحديقة الغناء أغني . .
يوم أن كانت الأشجار والأزهار والأطفال . .
الكل حولي يرقص ويغني . .
يوماٌ فيه غنينا للصباح الجديد . . شدونا للمساء الحالم . .
واحتفلنا بكل يوم كعيد . . وهتفنا بالنشيد. .
يوماٌ فيه ربيت الصغار حتي صاروا رجالاً وشيوخ . .
وأنا الزهرة الجميلة . . ما ظننت يوماً أشيخ . .
ولو أعلم . . ولو أعلم ما جعلت الأشجار والأزهار والأطفال يوماً حولي ترقص أو تغني . .
لو أعلم لدفنت الصغار . .
لو أعلم لنفخت في الهواء النار . .
لو أعلم لغذيت النحل بالقار . .
لو أعلم ما بكيت يوماً على جار . .
يا سماء أنزلي . . يا سماء اهبطي . . يا سماء زلزلي . .
زلزلي بالبرق . . بالرعد . . بالصواعق . . بالرياح . .
بالماء . . بالنار . . زلزلي . .
فلا يعنيني . . فأنا إلى زوال صائرة صائرة . .
فلن أبكي . . فعلى ماذا ؟
ولن أضحك . . لماذا ؟ . .
فمن يجديه دمعتي فأدفع . .
ومن يستحق ابتسامتي . . لا أحد
وأعظم ما فعلت . . إني ما أنجبت . .
يا دنيا . . انظري . . انظري أم قذت عينك
انظروا يا بشر . . أنسيتم من أنا ؟ . .
أنا الزهرة . . أنا التي من أجلي خلق الله الربيع . .
أنا التي علمتكم الذوق الرفيع . . أنا التي دائماً تأنسوا بي بعد الحصيد . . وتنسون من أنا . .
أنا التي صليت لله من أجلكم أن يهب عليكم بالنسيم . . أنا التي أحييكم وأمددكم بهواء الأكسجين . .
إني سأنتحر . . وأروني ماذا ستتنفسون . .
انتهى[/align:8e7cc4ed39]

طارق شفيق حقي
14/02/2005, 11:06 PM
العزيز جعفر غيب عنا طويلا لا شر هناك ان شاء الله


من الجميل الذي ألمحه حين أتتبع أحرفك أنسنة الأشياء وشعورك بالأحاسيس المختفية من حولنا

////////////
صباح . . نظرت زهرة حولها فلم تجد من هم حولها دائماً حولها . . فلم تعد الأشجار بساقه مخضرة . . والحشائش صارت إلى الون أخر غير ما اعتادت . . نظرت إلى عودها الذي حنى وأوراقها التي وقعت تحت ساقها فبدأت تترنم :-
///////////

عربي جعفر
15/02/2005, 07:42 AM
[align=justify:f9c4bce8a1]الاخ طارق
لقد اسعدني مروركم السريع على العمل .. وان دل انما يدل على همة ونشاطكم والذي ندعو الله ان يديم عليكم الصحة والعافية .. واعانكم الله .. حيث اعلم بالجهود التي اضنيتموها في حال ما حدث للموقع والحمد لله على عودته وكما ارى انه عاد بنشاطكم منطلقاً الى القمة .. فالى القمة دائماً..
هذا .. كما مررنا بوعكة نفسية قلت من الوقوف والمتابعة وحتى الكتابة ..
ندعو الله ان يزيل الغمة عن الامة
مع تحياتي
اخوك
عربي

[/align:f9c4bce8a1]