المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محمــــد أميــــــن شيخـــــو ...



أبو شامة المغربي
11/04/2007, 08:25 AM
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://img176.imageshack.us/img176/4806/fanoos9ktsx4.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/borders/www.mowjeldoha.com-borders-150.gif

محمد أمين شيخو
http://www.thingsnotsaid.org/images/scholarlife/scholarphoto.jpg
(1308-1384 هجرية
(1890-1964)ميلادية
http://www.thingsnotsaid.org/images/scholarlife/alameh.jpg
ترجمة حياة (http://www.thingsnotsaid.org/modules.php?name=News&file=article&sid=8)
حياكـــــــم الله
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/borders/www.mowjeldoha.com-borders-150.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com

أبوسعيد
17/07/2009, 09:44 AM
حوار هادئ عن فضيلة العلامة الإنساني الكبير محمد أمين شيخو قدس الله سره


الحسيب النسيب
(1308 ـ 1384) هـ ـ (1890 ـ 1964) م
نسبه الشريف:
يُنسب العلاَّمة الجليل محمد أمين شيخو إلى السلالة الهاشمية.. سلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقد قَدِمَ جدُّه (شيخو) مع أخي جدِّه (يوسف) من الحجاز إلى مصر.. فما طاب لهما المقام إلاَّ في دمشق مهد الأنبياء، وتفرَّعت عنهما:
ـ أسرة بيت (اليوسف) الشهيرة بالغنى والثراء.
ـ وأسرة بيت (شيخو) التي تحدَّر منها فضيلة عالمنا الكبير محمد أمين شيخو.
وكلمة (شيخو) نسبة إلى اسم جدّه (شيخو) المنسوب للشجرة المحمدية من نسل الحسين عليه السلام.. فهو عربي الأصل هاشمي النسب.




نسبٌ شريفٌ طاهرٌ ساد الورى



عزّاً وإجلالاً ومجداً فاخراً








{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} سورة التوبة: الآية (32).


هلَّ هلال بدره في دمشق 1308هـ في يوم مبارك لأب دمشقي يمتهن التجارة فأحبه حبّاً عظيماً وهام في جماله وطلعة بدره وطيب حضرته الذكي
.
كان في طفولته نشيطاً ذكياً يتفجَّر بالحركة والمرح ليبعث في قلوب من حوله صفاء الحياة وبهجتها، وكلما مضى في نشأته وتطوره يوم كان يبدو عليه المزيد من الذكاء وقوة الشخصية وهذا ما جعل مكانته لدى والديه كبيرة يكرمانه ويرعيانه بكل محبة وعطف وحنان، ولكن ما لبثت يد المنية أن اختطفت ذلك الوالد الحنون وأخذته وهو في سن الشباب بعد أن أنهكه المرض وأعياه الألم.

كان لوفاته أثر كبير في قلب كل من علم الأمر، إذ خلَّف وراءه أرملة وولدين.

لم يكن السيد محمد أمين قد أتم السابعة من عمره بعد، عندما حمل المسؤولية، مسؤولية والدته وحمايتها والدفاع عنها والحفاظ عليها من الشرور التي ظهرت من حول عائلته بعد رحيل والده عن الوجود وسفر أخيه الكبير سليم إلى تركيا.

حتى في يتمه كان متميزاً، وفي صبره على مشاق الحياة والعسر بعد اليسر، وصبره صبراً لا يطيقه الجبابرة من الرجال، وفي كونه فرداً من أفراد العائلة الصغيرة الكريمة التي ألمت بها ظروف صعبة.

وبسبب نسبه الشريف إلى سلالة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حاز على تقرّب من قبل كبار المسؤولين الأتراك مما مكَّن أسرته أن تقطن بحي ساروجة التي سمُّوها "استانبول الصغيرة" والتي كان يقطنها مسؤولوا الدولة التركية الحاكمة إذ ذاك ومكَّنه من أن يدرس في الكلية الملكية العثمانية بدمشق "عنبر"، وأنهى دراسته فيها عندما بلغ الثامنة عشر من عمره.

تخرَّج منها برتبة ضابط أمن، بذَّ أصدقاءه وأقرانه بالشجاعة الفائقة وبالأمانة والصدق والاجتهاد والدأب على العمل المتواصل والنبوغ فيه.. ولقد تولَّى العديد من أقسام الشرطة في مناطق دمشق ومديراً لنواحيها فكان القدوة المثلى، إذ ما يلبث أن يتولَّى قيادتها حتى يعمَّ الأمن ويرفرف فوق منطقة عمله حمام السلام.

لقد كان العين التي لا تنام.. والسهم الذي لا يُخطئ في كنانة الدولة، فما كان يعجزها مجرم أو جريمة إلاَّ وتلجأ إليه، ولا يسود الخوف والقتل والفساد والإجرام في منطقة ما إلاَّ وكان الأمل المنقذ فيدرأ الخطر ويحرِّر الرقاب.

وعندما حلَّ الوهن في جسد الدولة التركية وخمدت فيها شعلة الإسلام عمَّ الفساد وامتدت جذور الفوضى في كل أرجاء البلاد وبلغ الإجرام حدّاً لا يُوصف ولا يُطاق حتى صار العيش صعباً والأيام محفوفة بالأخطار والليل بهيماً ومرعباً إلاَّ في دمشق وريفها وضواحيها، حيث كانت عينه الساهرة ترعى الأمن وقلبه الرحيم يكرِّس السلام
.
وبعمله وشجاعته وإقدامه واجه أعاصير المجرمين وأحاط بالكثير من العصابات وقبض على كبارها وزعمائها، فتوّجت أعماله كلها بالنصر والتأييد حتى لُقِّب "بأصلان" أي: الأسد لِما عُرِف من بسالته وعدم مهابته للصعاب، فكان باعتماده على ربِّه رجل الأمن الوحيد الذي وقف في وجه الظلم والإرهاب، حتى وصل الأمر أن المجرمين والسارقين كانوا يلجؤون إليه ويأتون إليه خوفاً من بطشته والتماساً لعدله ورحمته ورضاه.

وهكذا تدرَّج في المناصب وتنقَّل بين الأقسام إلى أن عُيِّن مديراً لقلعة دمشق بما فيها المستودعات والسجون، وبقي فيها ردحاً من الزمن قدَّم أثناءه من روائع البطولات والأمجاد ما لم ترَ الشام مثيله إلى الآن، حيث جازف بإطلاق سراح آلاف المحكوم عليهم بالإعدام وزجَّهم في الصفوف الأمامية للدفاع عن البلاد ضد العدو الكافر، وكان السبب في إزالة أعواد المشانق من البلاد التي زرعها جمال باشا السفاح تعسُّفاً في أسواق البلاد وأحيائها والتي كانت تبتلع كل يوم المئات من أبناء الشعب. وكم تعرَّض في سبيل ذلك إلى الموت مرات ومرات فأنجاه الله بعظمته ورحمته ونصرته.

وفي عهد فرنسا وبما أنه ضابط أمن مدني أُعيد إلى تسنُّم منصبه كمدير ناحية أو رئيس قسم، وحين اندلعت الثورة السورية الكبرى كان بحبه لربِّه ورغبته النبيلة في خدمة وطنه العضد والساعد للثوَّار، وشريانها الأبهر، فكان خاتمها بيده أميناً عليه فأقضَّ مضاجع الفرنسيين بمحاولاته الرهيبة لقلب الهزيمة نصراً مسلِّماً الثوَّار أكبر صفقة من الأسلحة مصدَّرة من فرنسا إلى بلاد الشام، ولما قام بتسليم هذه الأسلحة التي كان الفرنسيون يضعونها في مخازن قلعة عنجر في لبنان إلى الثوَّار ليلاً طاش صواب الجنرال "كاترو" فأصدر القرار بإعدام السيد محمد أمين. ولكن الله العلي نجَّاه ومعاونه بكلماته التامات وانقلب لديهم مكيناً أميناً "على ظنِّهم الخاطئ".
* * *
لزم الشيخ أمين كفتارو قرابة إحدى وعشرين سنة وتفانى في خدمته والإخلاص له والدفاع عنه، وفي الأربعين من عمره الغالي فتح الله عليه من علمه فبدأ بتلاوة سورة الفاتحة شهوداً، فأضحى يمدُّ شيخه بالعلوم الربَّانية العليا بشهادة شيخه، فضلاً عن مساعدته إيَّاه من جاهه وماله.
وبعد وفاة الشيخ المذكور حزن عليه كثيراً وتأثَّر لوفاته، فلقد كان خيراً عميماً يجري على يد ذلك الشيخ الطيب، ولم ينسَ لحظات الصفاء التي جمعتهما والتي كانت سبباً ليسلك سُـبُل الهداية والدعوة إلى الله وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يحيد.
وبعد وفاته خلفه في تسليك المريدين فحمل لواء الإرشاد بكل قوة وجدارة.
وهو يدعى "أمين بك"، وكلمة "بك" أصلها تركي وهي تعني: الطاهر.
كان يرتاد مجالسه زهرة شباب الشام ولبنان والعراق طالبين الري من ينبوعه المحمدي الثري المعطاء لِما فيها من جو المهابة والجلال والقدسية.

إذا المكارم في آفاقنا ذكرت فإنما بك فينا يُضرب المثل
* * *
تميَّزت مجالسه القدسية بروعة البيان وتفرّده وكمال المعنى ووضوحه وحضور الحقيقة وكمالها، فكانت كلماته تقع في نقطة الهدف وتكون في قلوب السامعين برداً وسلاماً ونوراً يأخذ بألبابهم تطير بنفوسهم إلى عليين.

بدَّد الظلمة ومزَّق التناقضات وقضى قضاءً مبرماً على مدارس الدسوس والجدل العقيم الذي أقام في عقول الناس فجوة كبرى بينهم وبين ربِّهم، فعرَّف الناس حقيقة الإله وكمال صفاته.. ربّاً رحيماً حكيماً عادلاً منْعِماً متفضِّلاً يستحق العبادة لذاته وكونه صاحب الجمال والكمال، فهو الذي لا يُحمد على مكروه سواه لِما يعود على المرء بالشفاء والعطاء، وهو الغني عن العباد وعن ولائنا له وطاعتنا إيّاه، فنحن نحتاج إلى الدخول عليه في حصن الإيمان النوراني فنتَّقي به كل مكروه وسوء.

لقد كان سفر حياته الشريفة ترجمةً عالية ودستوراً واضحاً لما أتى به من بيان مُذهل تنطوي فيه حقائق مدهشة صاعقة تدير الرؤوس وتحني الجباه، فكانت الحقيقة نوراً والصورة برهاناً وكان المثل والتطبيق العملي الصحيح عنواناً.. بيان قد عجزت عن مثيله وإلى الآن حضارات العالم وقوانين الدنيا الوضعية..
لِمَ خُلِقنا؟. ولِمَ هذا الكون العظيم، ما فائدة طقوس الدين؟.

لِمَ الجوع فالأكل برمضان؟. ما مردود وفائدة الصلاة؟.
لِمَ الحج في صحارٍ، لا ماء فيها ولا شجر؟.
لِمَ وجدنا؟. وأين كنّا؟. لِمَ الموت وماذا حقّاً بعده؟.
ما هي النفس؟. ما هي الروح؟. وما العقل؟.
ماهية الجنَّة؟. ماهية جهنم؟.
القضاء والقدر؟. عالَم الأزل؟.

حقائق وأسئلة غابت عن أذهان الناس، إذ انشغلوا بالدنيا وزخرفها ونسوا أن يبحثوا في ملفات الوجود ويتعرَّفوا على أسراره.
حتى لقد قال فيه عالِم العصر الإنكليزي الشهير السير "جون بينت" قول حق إبان اجتماعه بعلماء الغرب:
"إن كل ما توصَّلنا إليه من علوم لا يعدل بحر ذلك العالِم الكبير في الشرق".
* * *


منهجه في الدعوة:

لقد كانت دعوته إلى الله انطلاقاً من منهج لا يعرف الخطأ أبداً:

{قُلْ هَذِهِ سَبيلِي أَدْعُواْ إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ** سورة يوسف: الآية (108).
على ضوء هذه الآية الكريمة قام يدعو إلى الله ما ينوف عن ثلاثين عاماً بصورةٍ يدور فيها حول النقاط التالية:
ـ تعريف الناس بكمال الله تعالى وبيان رحمته بعباده وعدله في خلْقه، وردّ كل ما علق بالأذهان وما دار على الألسنة مما يتنافى مع العدالة والرأفة والرحمة وسائر الكمالات الإلهية ونبراسه في ذلك قوله تعالى:
{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ** سورة الأعراف: الآية (180).

ـ بيان كمال الرسل عليهم الصلاة والسلام الذين شهد الله تعالى في كتابه الكريم بطهارة نفوسهم وعصمتهم وجعلهم مُثُلاً عليا للعالمين يقتدون بهم، كما ورد في كتابه الكريم "عصمة الأنبياء" وذلك ما لم تستطعه الأوائل. ودحض كل افتراء أو تفسير يتنافى مع سموِّهم ورفيع مكانتهم متمسِّكاً في ذلك بقوله تعالى:
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} سورة الأنعام: الآية (90).

ـ الدعوة إلى التمسُّك بأهداب الشرع الشريف، وتقوى الله حق تقاته مع تحذير الإنسان من أن يُتبع نفسه هواها ويتمنى على الله الأماني راجعاً إلى قوله تعالى:
{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} سورة النساء: الآية (123).
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الكيِّسُ مَنْ دانَ نفسَهُ وعمل لما بعدَ الموْت، والعاجزُ من أتبعَ نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني ».

ـ إرشاد الناس إلى خطوات الإيمان الصحيح وفق ما بيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكرام أخذاً عن كتاب الله، إذ ما من امرئٍ خالطت بشاشة الإيمان قلبه إلا استقام على أمر الله وكان له رادعٌ من نفسه، وقد أشار تعالى إلى ذلك بقوله الكريم:
{.. وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ..} سورة التغابن: الآية (11).

ـ توقير رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وبيان شأنه العالي عند الله ثمَّ الإرشاد إلى طريق محبته صلى الله عليه وسلم، وبيان ما تثمره محبة تلك النفس الزكية الطاهرة من إقبال بصحبتها على الله واصطباغ النفس المؤمنة المستشفعة بها بكمالٍ من الله تأسياً بقوله تعالى:
{.. فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} سورة الأعراف: الآية (157).

ـ كان عمراً غالياً ثميناً قضاه هذا الإنسان الطاهر بالجهاد والرغبة في التقرُّب من الله.. وبهذا القرب نال ما نال من درجات وكمال.. وحقَّق ما حقَّق من أمجاد وأعمال مشحونة بالجهاد الإنساني المقدَّس.. وبالتضحيات الإنسانية الكبرى.. حتى كانت حياته مثلاً أعلى لسلوكٍ أسمى من أجل نصرة الحق.. ببطولات لا مثيل لها هزمت الباطل وجعلته زهوقاً.

ـ لقد رهن حياته الثمينة بأجمعها لخدمة أخيه الإنسان.. يُسابق عجلة الأيام في جريها ويُضاهي الشمس بنورها.. وقد تحوَّل على يديه ليل الشام إلى نهار لما يسطع عليها من أنوار أعماله وبركات تضحياته حتى كان يواصل الليل بالنهار متجاوزاً عن راحته ولو لم يطرق النوم له جفناً عدة ليال متواليات باستثناء غفوات وهو يحاول ويُجاهد في سبيل إنقاذ أخيه الإنسان من مستنقعات الحزن والآلام غير مبالٍ بما يعترضه من أخطار الموت أو الإعدام ولا بما يتكبده في سبيل الله من مال أو تنازلات.. وكثيراً ما كان يبقى خاوي الوفاض على الرغم من سابق غناه المادي.. وهنا فلا غرابة ولا غرور أن يفتح الله عليه بليلة مباركة ذلك الفتح المبين حتى يُشاهد ملكوت الإله ويعرج بنفسه في تلك العوالم القدسية العليّة المحمَّدية التي هيَّأ الله له والتي حصل عليها بصدقه ومجهوده وتضحياته.. كذلك فكل من جاهد لأجلها وصدق في حبِّه وطلبه لله وللرسول صلى الله عليه وسلم فالباب مفتوح له ولكل سالك مريد صادق.

ـ فعلى هذا المنوال الرائع قضى حياته الغالية الزاخرة بالمعرفة بالله التي لا يطمئن القلب إلاَّ بها ولا تسعد البشرية إلاَّ إذا حصلت عليها.. فكان السراج الذي يُضيء للأجيال طريقها إلى السعادة بكتاب الله والنبراس الذي يهدي البشرية إلى ما تصبو إليه من الكمال والسعادة والفضيلة والحياة الطيبة من الله إلى أن التحق بالرفيق الأعلى في غرَّة شهر ربيع الآخر عام 1384 هـ، ووُري جثمانه الطاهر الشريف بمقبرة نبي الله "ذي الكفل" في حي الصالحية.

{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً ممَّن دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَال إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ} سورة فصلت: الآية (33(.

أبوسعيد
17/07/2009, 09:45 AM
[مقتطفات من علوم العلاَّمة الإنساني محمَّد أمين شيخو قدَّس الله سره]

هكذا هو دأْب هذا العلاَّمة الإنساني الجليل قدَّس الله سره في كل ما أتحفنا به من علوم غزيرة، تدير العقول، وتحني الجباه، إجلالاً واستعظاماً لمعاني القرآن الكريم، فقد ملأت علومه القرآنية أطباق السموات بما أفاض الله تعالى عليه، فهو الذي برَّأ الأنبياء الكرام في كتابه (عصمة الأنبياء) من كل ما يتنافى مع عصمتهم وكمالهم وطهارة نفوسهم، وشرح أعمالهم العالية التي استحقوا بها رسالة ربهم، فأصبحوا هادين مهديين، وردَّ كل قول أو رواية تتنافى مع عصمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بكتابين أفردهما عن الحبيب المصطفى (حقيقة سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم تظهر في القرن العشرين) وكتاب (زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم وأثر محبته في رقي النفس المؤمنة).

* لقد بيّن الحكمة من آيات القرآن الكريم، ومن كل أمر أمرنا به جلَّ وعلا، فشرح أحرف أوائل السور التي عجز عن إدراكها كافة علماء المسلمين، وبيانه المعجز لفاتحة أم الكتاب، وسرّ قراءتها في الصلاة التي وقف أمامها كافة العلماء والأولياء حيارى. وذلك في كتاب (أسرار السبع المثاني) وكتاب(تأويل الأمين للقرآن العظيم(.

* كما أنه استنبط أوقات الصلوات الخمس من القرآن الكريم، وبيّن الحكمة منها وسرّ التوجه إلى الكعبة، كما استنبط نسبة الزكاة (2.5%) من الآيات القرآنية، وشرح معنى التقوى وكيفية الحصول عليها برمضان، وشرح معاني ليلة القدر، وبيّن سبب نزول القرآن في تلك الليلة المباركة، وبيَّن أسرار مناسك الحج والحكمة من كل عمل يقوم به الحاج، ودلَّ على طريق الإيمان الحقيقي، وأن الإيمان بالله هو شهود، وليس قول أو اعتراف فقط، مبيّناً معنى كلمة (أشهد أن لا إۤله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله) وكل ذلك في كتابه: (المدارس العليا للتقوى، درر الأحكام في شرح أركان الإسلام).

* وقد بيّن معضلة القضاء والقدر التي حيَّرت أفهام العلماء وفلاسفة اليونان والرومان والجبرية والمعتزلة، وعلماء وفلاسفة الإسلام واليهود والمسيحيين. وفهمه العالي لقوله تعالى{... يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء ...}(129) سورة آل عمران. {... يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء ...} (93) سورة النحل.
وأن المشيئة للعبد السالك بصدق والطالب للهداية وتجنب سبل الغواية، ابتغاء وجه الحقيقة والحق والدين، وبيَّن حرية الاختيار لكل امرئٍ في هذه الدنيا.

* فصّل معنى الأيام الستة المذكورة بالقرآن الكريم{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ...** (54) سورة الأعراف. والتي تاه بها علماء اليهود وعلماء النصارى وعلماء المسلمين، وشرح معنى الليالي العشر، ومعنى السموات السبع، في كتابه (الكشف العلمي الجبَّار، الحقيقة الرهيبة للسموات السبع والأيام الستة).

* وبيّن بالمنطق السليم المدح العظيم الذي استحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسورة عبس، حين عبس النبي الكريم، صاحب الخلق العظيم، لما جاءه عبد الله ابن أم مكتوم، في حين أن المفسرين كلهم خطّؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمطلع هذه السورة الكريمة، ونفى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما ألصق من دسوس بالأدلة القرآنية، فكشف الغطاء عن الحقيقة المحمّدية الطاهرة المقدَّسة المعصومة.

*كذلك بيَّن قوانين الطلاق استنباطاً من القرآن الكريم، وكيفية تطبيق هذه الشروط والأحكام، في حال النشوز ودبّ الخلاف بين الرجل والمرأة، كل ذلك بكتابه(لمَ الحجاب ولمَ الطلاق ولمَ أكثر من زوجة يا إسلام)؟!.

* كما بيّن غاية الحق من إيجاد الخلق، وسبب خلق الإنسان ومجيئه إلى هذه الدنيا، فشرح عالم الأزل والخلْق الأول وحمل الأمانة، وتصدي الإنسان لها، وشرح السؤال المعجز لماذا يولد الأنبياء أنبياء؟!. وعلى أي أساس حكم فيهم تعالى بذلك، فقرر من قبل ولادتهم أنهم أنبياء ورسل كرام!.

*كما شرح العدل الإۤلهي، وبيَّنه بالمنطق الرفيع، وبيَّن سبب الفقر والأمراض والبلاءات، وكل ما يصيب الإنسان في هذه الحياة الدنيا من خير أو شر، وبيَّن عناصر الإنسان بشرح لافت، فتكلم عن الفرق بين النفس والروح، والفرق بين العقل والفكر، وتحدث عن ماهية كل منهم، وذلك حين أسلم على يديه العالم الإنكليزي الشهير السير جون بينت، حين قصده ليطرح عليه أسئلته التي لم يجد لها طيلة حياته جواباً عنده ولا عند غيره من العلماء قاطبة، فتمَّ اللقاء بينهما بمدينة دمشق وطرح السير جون بينت أسئلته الكبرى وعن كل ما يجول في فكره عن الإسلام وقوانينه، وعن الصيام والحج والزكاة، والحكمة من كل واحدة منها إلى أن سأله العلاَّمة قائلاً له (هل توصلتم أيها السير أن تدركوا عن كأس الماء الذي تشربونه من أين مصدره؟. فأجاب السير بينت بأن مياه الأمطار هي المصدر الأساسي لشربنا، فردَّ عليه العلاَّمة: إن مياه الأمطار للمزروعات والحيوانات، وبيّن بالحجة الدامغة واستنباطاً من القرآن الكريم، مصادر مياه الينابيع في العالم كله، وجريان الأنهار الكبيرة والصغيرة على وجه المعمورة بأنه ليس من مياه الأمطار قطعاً، وذلك ما لم يعلمه أحد من علماء الغرب والشرق، حقّاً إنها معجزة علمية جبَّارة، إذ أن لهذه الينابيع مصادر أكبر وأغزر من مياه الأمطار، وبيّن بأكثر من ثلاثين دليل علمي وباستناد إلى الآيات الكريمة، أن القطبين الشمالي والجنوبي هما مصدر المياه في كل الينابيع، ولما سمع السير بينت منه هذا البحث وناقشه فيه، أعلن على الفور إسلامه وقال:

(عجباً لي طيلة حياتي لم يخطر هذا السؤال على بالي). ولما عاد إلى بلاده قال كلمته المشهورة أمام حشد من العلماء والمثقفين، ((إن كل ما توصلنا إليه من علوم لا يعدل بحر ذلك العالم الكبير في الشرق)).

* بين الحكمة أيضاً من الختان للذكور، وسبب خلقه تعالى هذه (الحشفة) للذكر وهو في بطن أمه، ثم الحكمة من إزالتها بعد الولادة. وهذا الاكتشاف لم يسبقه إليه أطباء العصر ولا أطباء العصور السابقة كلها. وكل ذلك في كتابه (مصادر مياه الينابيع في العالم وبحث كشوفات سر الختان).

* وإنقاذه للأنعام، بأن بيّن فائدة ذكر اسم الله تعالى على الأنعام أثناء ذبحها بكلمة (الله أكبر)، وأن هذه الأنعام حين الذبح وسماعها لهذه الكلمة العظيمة يفور دمها كله، وينتفض جسمها، فتطرح كل الدم خارج الجسم، ولا يبقى منه شيء داخل لحمها، فيعطينا الله تعالى لحماً نقياً طاهراً، خالياً من كل جرثوم، وعلى العكس، كل ذبيحة لا يذكر اسم الله عليها، تبقى الجراثيم فيها، ويصبح آكلها معرضاً للأمراض، وأن إهمال ذكر اسم الله على الأنعام، سيعرض الأنعام للإصابة بأمراض خطيرة وفتاكة،كل ذلك استنبطه من الآيات القرآنية.

ولما خضع كلامه للبحث الطبي قام فريق طبي مخبري من أساتذة الطب المخبري في الشرق الأوسط بإجراء التحاليل لأنعام ذبحت وذكر اسم الله عليها، وأنعام ذبحت ولم يذكر اسم الله عليها، فكانت النتائج مثلما قال العلاّمة مستعمرات الفيروسات والجراثيم تبقى في جسد الذبيحة غير المكبَّر عليها.

وقد أُذيعَ هذا الخبر العلمي من قبل وكالات الأنباء والفضائيات والصحف والمجلات والإذاعات، تحذيراً من عدم ذكر اسم الله على الأنعام، وللأسف بقي الكثير لم يذكر اسم الله عليها، فابتلي العالم بأمراض جنون البقر، وأنفلونزا الطيور، وطاعون الغنم، وهو ما كان قد حذَّر منه العلاّمة استنباطاً من قوله تعالى{... وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ** (138) سورة الأنعام.
وكل ذلك بكتابه الله أكبر رفقاً بالحيوان.

* أحيا السنة النبوية الطاهرة، من بعد أن أغلقت عليها كتب القدامى، فجلا الأمراض المعضلة بإحيائه لسنة الحجامة، فبين شروطها الصحيحة والسليمة، بأنها تجرى على منطقة الكاهل حصراً بالظهر، وأنها تجرى صباحاً، وعلى الريق، وفي فصل الربيع، وحينما يكون القمر بالتنازل، أي بعد السابع عشر من الشهر القمري، لعلاقة تأثيره الفعلي على الأرض، فقام فريق طبي كبير مؤلف من حوالي /350/ ثلاثمائة وخمسين أستاذاً وطبيباً في الشرق الأوسط، قاموا بدراستها ضمن الشروط التي بيّنها العلاَّمة لمدة ثلاث سنين متتاليات، فجاءت النتائج صاعقة بعالم الطب، وظل الاهتمام يزداد بها سنة بعد سنة، حتى عمَّت المعمورة، من شدة فوائدها، ولقد انهالت تقارير الشكر والامتنان لمعيد هذا الفن العلاجي الناجع من جميع أقطار الأرض، في حين طبقها المسلمون وغير المسلمين تحقيقاً من فوائدها، ولقد تبين ذلك من خلال كتابه (الدواء العجيب الذي شفى من مرض القلب القاتل والسرطان والشلل والشقيقة "الحجامة علمٌ طبيٌ نبوي في منظوره الجديد" ).
كما بثتها معظم الفضائيات ووكالات الأنباء، وتكلمت عنها الصحف والمجلات، وعُقدت حولها المؤتمرات والندوات، وتبنتها مراكز طبية وصحيّة في العالم التماساً لفوائدها الكثيرة، حيث أنها حوت الطب بكامله بضربة مشرط.

* بيّن حقيقة الجنّة بأنها النظر إلى وجه ربه الكريم ذي الجلال والجمال والإكرام، وأن كل ما يناله من نعيم وإكرام ولذائذ، هو دون تلك الجنّة العالية، وذلك بأدلّة منطقية من القرآن الكريم.

*كما بيَّن أن النار يوم القيامة هي بمثابة مشفى يعالج بها أرباب العلل والأمراض النفسية بما حملوه معهم من دنياهم، من أعمال منحطة حطَّت من قدرهم أمام الله تعالى، فجعلهم خزيهم وعارهم يطلبون النار (العلاج:

قال رسول الله ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول: يا رب لإرسالك بي إلى النار أيسر عليَّ مما ألقى وإنَّه ليعلم ما فيها من شدة العذاب) كل ذلك في كتابه (تأويل القرآن العظيم) وكتاب (تأويل الأمين).

* كما بيَّن كل علامات الساعة، ودلائل عودة السيد المسيح عليه السلام من القرآن الكريم، في كتاب السيد المسيح يلوح بالأفق.

كل هذا غيض من فيض مما بيَّنه هذا العلاَّمة الإنساني الكبير، فالبحوث ومجالات التفكير بدلالته،لا تكفيها سطور لمطالعتها، وإنما هي لفتة لبعض ما قدمه وأبداه للبشرية، من علوم القرآن الكريم، وقد تحدث عنه كثير من العلماء الأفاضل،وامتدحوا علمه واستنباطه العميق، وفهمه الكبير للقرآن الكريم، ووجدوا بدعوته ودلالته الصدق والإخلاص، وأنها تجمع الكل تحت لواء القرآن الكريم والسنَّة المطهَّرة لرسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم، فتزال بهذه الدعوة والدلالة الاختلافات المذهبية المقيتة، المحطمة لدين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتي أصبحت (هذه المذهبيات) اتِّباعاً للآباء بدلاً من الاتباع للقرآن الكريم، فتحولت الأمة الواحدة إلى أمم، وعن الطريق الحق، إلى فرق وشيع وطوائف، كل حزب بما لديهم فرحون،مكر بهم الداسون، بما أشبعوا كتبهم من الأخطاء والمخالفات والتفسيرات المخالفة لأسماء الله الحسنى، ولكمال الأنبياء الكرام، فتاه المسلم، وغرق باختلاف المذاهب والفرق، وعزف عن الدين، ومال إلى الدنيا بسببهم. وقد قال (الدكتور مصطفى محمود) إن القرآن الكريم كان مهجوراً قبل علوم هذا العالم الكبير، فعلمه إشراقي وبيانه منطقي، وأنا لم أقرأ بحياتي كلها كلمة واحدة مثل كلماته عند غيره. وقد أفرد كتاباً خاصاً عنه أسماه (نظرات في صحائف فضيلة العلاَّمة الكبير محمد أمين شيخو قدَّس الله سره).