المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسائل من بعض الأبناء إلى بعض الأباء (3)وأخيرا.



بلقاسم
22/03/2007, 12:46 PM
إذا ما عد من سقط المتاع
والله تعالى قد أمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (159) سورة آل عمران مع أن الأمر أمر الله والقضاء قضاؤه فلا معقب لحكمه، ولا راد لأمره.
وما هو رأي الصحابة رضي الله عنهم- وهم عرضة للخطأ- مع رأي من لا ينطق عن الهوى ولا يضل ولا يغوى ولكن (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (21) سورة الأحزاب
شاور سواك إذا نابتك نائبة
يوماً وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تبصر منها ما دنا ونأى
ولا ترى نفسها إلا بمرآة
فيا أبتي: من ينمي مداركي- بعد الله- سواك؟!
ومن يعلمني كيف اختار؟ ومتى أصنع القرار إلاك؟!
ومن يفتق ذهني؟ ويحرك عقلي؟ ومن يجعلني أعتمد على نفسي وأثق بها- بعد الله- إلا أنت؟!
ولا تلمزوا أنفسكم
يا أبتي: قرأت في كتاب الله أن الله قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (11) سورة الحجرات
فلماذا أسمع منك تلك العبارات الشائنة، والألفاظ القبيحة، والأوصاف الجارحة التي تشتمني بها؟!
لماذا تسخر من هفواتي؟ وتهزأ من سقطاتي؟
لماذا تلمزني بالألقاب؟ وتسخر مني وتزدريني لأتفه الأسباب؟
فإذا أخذت قلماً من جيبك بدون علمك قلت: يا سارق..!!
وإذا داعبت أخي وأخذت من يده شيئاً ولو بالخطأ قلت: يا محتال..!!
وإذا تأخرت يوماً في تنفيذ أمرك لشغل عارض قلت:
يا كسول..!!
وإذا ضربت أختي الصغيرة مرة واحدة ناديتني: يا شرير..!!
وإذا كذبت مرة واحدة- ولو مازحاً- قلت: يا كذاب..!! وكلما استمعت لكلماتك الجائرة أحس أن كياني تغير، ولوني تبدل، وأحس بحرقة تسري في ضلوعي، ومرارة تسكن في حلقي كمرارة كلماتك الجارحة التي تقذفها كصخور البركان الثائر..!!
يا أبتي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعان، ولا باللعان، ولا الفاحش ولا البذي ".
والذي يقصم الظهر- يا أبتي- أني أراك تهزأ بي وتسخر مني وتكيل لي السب والشتم أمام الناس، فأصبح أمامهم منكسراً مهزوم الإحساس فأصبحت النصيحة قبيحة، والتعليم فضيحة..
تعمدني بنصحك في انفراد
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح سن الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي
فلا تجزع إذا لم تحط طاعة
الشجار والمخاصمة
يا أبتي: ما زلت أسمع أن البيوت مراتع حنان، وجنان أمان.
بيوت تظللها المحبة، وتكتنفها الألفة، ويغشاها الوداد. فلماذا- يا أبتي- بيتنا خلاف ما أسمع وأرى؟!
لقد أصبح بيتنا ساحة معركة تدور رحاها بينك وبين والدتي لتطحن سعادتنا وأنسنا وبهجتنا، وكأنكما وحشان كاسران يريد كل واحد منكما أن يلتهم الآخر..!!
لماذا- يا أبتي- لا تكفان عن هذه المخاصمة وهذا الشجار واللدد الذي أحرق أعصابنا ومزق سعادتنا، وجعل بيتنا جحيماً لا يطاق؟!
إني- يا أبتي- أحرص الحرص كله على ألا أدخل البيت، بل وأتمنى متى أخرج منه كأسير كبلته القيود وصفدته الأغلال ينتظر متى تحل قيوده ليطلق لقدميه العنان.
فإذا خرجت منه تقاذفتني الدنيا فضاقت علي بما رحبت، وضاقت علي نفسي وكلت من المشي قدمي وتعبت من الهم روحي، عدت إليه مهزوماً مكدوداً مخذولاً كبعد آبق رد إلى سيده وقد عصاه الدهر كله، فأكون كمن يستجير من الرمضاء بالنار.
إذا لم يكن إلا الأسنة مركب
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
أعود لأنزوي في ركن من أركانه، أعض أصابع الندم، وأقرع سني من فرط الألم، وألتهم ما تبقى لي من أعصاب وأحرق ما ظل في جسمي من شعور، وأقتات على ما في بدني من إحساس.
فمتى- يا أبتي- أحس فيه بالأمن الذي أتمناه؟!
ومتى أعيش فيه بالحب والود الذي أرجوه؟!
متى..؟! متى؟!
متى يكون الذي أرجو وآمله
أما الذي كنت أخشاه فقد كانا
يا أبتي: وإذا ما جئتني يوماً لتحملني من مستشفى، أو تزورني في سجن، أو تبحث عني بين شلة فاسدة أو في بؤرة فاجرة، أو لتنتشلني من ورطة قاهرة.. فلا تلمني، ولكن وجه اللوم لنفسك، فإني ضحية الخصام والشجار، كعود هشمته المعاول وألقي في لهيب النار..!!
همسة
دعوني أعيش.. صرخة أقذفها في وجه من أحب.. لا تتركوني أسيراً للهموم.. غريقاً في المخاوف.. صريعاً للضياع..!!
خريطة الإهتمام
يا أبتي: من حقي أن يكون لي أب أفتخر به وبوجوده وبانتمائي إليه..
فإذا كنت في المدرسة تمنيت أن يسأل عني فأفتخر به وتنتصب به قامتي أمام أساتذتي وصحبتي.
وإذا كنت في المسجد تلهفت أن يسأل عن مقدار حفظي من كتاب الله وكيف يكون سلوكي مع الله في شعائره ومع الناس في معاملتهم، فيستعز هو بما يسمع و أفتخر أنا بما يعلم.
وإذا كنت خارج البيت رجوت أن يسأل عن أولئك الذين أصاحبهم وألهو معهم فيختار لي جليسا صالحا أزداد به كرامة في الدنيا وسعادة في الآخرة، ويحذرني من جليس السوء ورفيق المعصية وزميل الخطيئة ممن يعدي كما يعدي السليم الأجرب و"الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " (صحيح الجامع).
عن المرء لا تسأل وسئل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
(عدي بن زيد)
وإذا كنت في داخل البيت تمنيت أن يعلمني كيف أقضي وقتي؟ وكيف أمارس هوايتي؟ وكيف أعامل والدتي وإخوتي؟
وإذا كنت في السوق رغبت أن يثق بي من غير تفريط فيرشدني في بيعي وشرائي وأخذي وإعطائي وبذلي ومنعي. فأين التوجيه والإرشاد لسبيل الخير والسداد؟
وأين المتابعة والمراقبة؟ ثم أين الحساب والعتاب والعقاب؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة" (رواه البخاري ).
همسة
يا أبتي: المدرسة تشتكي، والمسجد يحن، والبيت يئن، والرفاق يتنافسون.
فأين موقعي في خريطة اهتمامك وأعمالك؟
وماذا أنت صانع معي ولي؟!
خطأ الأمس
يا أبتي: إني أفتش في صدور القوم المحيطين بي عن حب لي وعطف علي، فلا أجد سوى قلوب ملئت حقداً وبغضاً، وأبحث عن السبب في صفحات الماضي التي طواها الزمن فأجدني قد أذقتهم مر الإساءة والأذى.
فما زالت يدي تعبث في بيوتهم، فتهشم ممتلكاتهم، وتتلف مقتنياتهم..
وما فتئ لساني يقدح فيهم وينتقصهم ويلمزهم ويسخر منهم..
وما برحت أضرب أبناءهم وفلذات أكبادهم، وأتعدى عليهم أمام أسماعهم وأبصارهم فتنهشني أعينهم، وتهطل علي وابل لعنات قلوبهم وتكاد تسقط عين أحدهم أمامه لفرط دهشته منك عندما لا يراك تحرك ساكناً أو تسكن متحركاً.
فإذا قام قائمهم ليعنفني بكلمة، أو ليقومني بضربة نظرت إليه شزراً، وقمت معاتباً وذهبت مغاضباً.
حرض بنيك على الآداب في الصغر
كيما تقر بهم عيناك في الكبـر
وإنما مثــل الآداب تجمعـها في
عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
يا أبتي: كان الخطأ مني مصدر لطافة ودعابة وشقاوة في مبتداه. ثم صار طبعاً يسري في عروقي ويخالط سجيتي في منتهاه، فكيف أصلح اليوم خطأ الأمس؟ وقد ترسب في النفس؟
قد ينفع الأدب الأحداث في صغر
وليس ينفعهم من بعده الأدب
إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت
وليس يلين إذا قومته الحطب
فهلا قومت أخطائي، وعاقبتني على زلاتي، وألزمتني حدودي، حتى لا تعظم خطيئتي، ويكبر عدواني، ويزداد أعدائي.
بين مشرق ومغرب
يا أبتي: يهتز قلبي فرحاً ويمتلىء وجداني سروراً عندما أكون طوع أمرك وأمر والدتي، فأمتثل أمركما وألتزم بما يصدر عنكما ومنكما في غير معصية الله تعالى.
ولكن الحيرة تمتلكني، والدهشة تسكنني، وأقف مذهولاً عندما تتنازعني رغباتكما المتباينة، وآراؤكما المختلفة، وأقوالكما المتضاربة وأوامركما المتضادة.
سارت مشرقة وسرت مغرباً
شتان بين مشرق ومغرب
فأنت تأمرني بأمر والدتي تنهاني عنه..
وأنت تحثني على عمل والدتي تحذرني منه..
وأنت ترغبني في شأن والدتي تتوعدني عليه..
وأصبحت أعيش بين مشرق ومغرب، فرضاك مقرون بسخطها ورضاها ملزوم بسخطك.
فمن أرضي منكما؟ ومن أسخط؟
ولماذا أخسر الأول لأكسب الآخر؟!
(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (29) سورة الزمر
أرجوك- يا أبتي- لا تجعلني نهباً للصراع، ووقوداً للنزاع.
أرجوك يا أبتي لا تتركني أسيراً للتناقضات ورهيناً للخلافات.
كن مع الحق، وتمسك به بصدق، وأصلحه برفق.
وتراجع في الخطى عن الخطأ، وأحسن مداراة الأمور مع والدتي، ووحد وجهات النظر ومسار التوجيه.
طفل الأمس رجل اليوم
يا أبتي: لقد امتطيت ظهر الزمن، وعبرت ميدان الحياة.. فما عدت ذاك الذي يتدهده في مشيته ويتعثر في خطوته..
إني مضيت في مضمار العمر ربيعاً بعد ربيع.. ألتهم
لأيام وأبتلع السنين..
كان يكبر جسمي فينمو معه عقلي وفكري ومكتسباتي.. وكان يمتلىء بدني فتربو معه مداركي وقدراتي..
وأصبحت- يا أبتي- أحس بدم الرجولة يسري في عروقي، ويمضي في أوردتي.. وأنت- ويا للأسف- مازلت تنظر لي كطفل خداج لا يحسن إلا أن يكون كلاً على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير..
لا تحقرن صغيرأ في تقلبه
إن البعوضة تدمي مقلة الأسد
يا أبتي: كنت أرتضيك أباً رحيماً واليوم أتمناك أباً شفيقاً وأنيساً صديقاً وأخاً رفيقاً.
فمتى تجالسني فأسكب في سمعك كل ما يؤرقنى ويعتريني..؟!
متى نفتح بوابة الصراحة، ونمد جسور الثقة بيني وبينك؟ متى أخلع عن وجهي قناع الماضي، فتراني بصورة الحاضر، فتعاملني كما أنا الآن لا كما كنت في ماضي الزمان؟!
متى أغرس يدي في يديك؟ وأزرع عيني في مقلتيك؟ ثم أبثك ما عندي بكل صدق وتجرد، بلا تزين ولا تلون ولا تملق؟!
همسة
يا أبتي: أنا لا أريد أن أشكو منك..
بل أرجو أن أشكو عليك..!
فمتى تغمض بصرك عن طفل الأمس، لتفتح عينك لترى رجل اليوم؟!!
موازين مختلة
يا أبتي: إني أرتضع منك كل مبدأ تحمله، وكل هدف تعيش له، وكل خلق تتحلى به، وكل صفة تتزين بها، وما أحسبني إلا فرعأ في شجرة أنت أصلها.
ينشأ الصغير على ما كان والده
إن العروق عليها ينبت الشجر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يولد على الفطرة حتى بعرب عنه لسانه، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )) . فلماذا- يا أبتي- ربيتني على مفاهيم مغلوطة وموازين مقلوبة ومقاييس مختلة، فعشت عليها ووزنت الناس بها
وتعاملت مع الأشياء من خلالها..؟!
فقد علمتني أن التعامل بالحسنى والأخلاق الطيبة إنما هي سذاجة وحماقة تجر على صاحبها الخسارة والفاقة. وأن الكذب في الحديث والنفاق في المعاملة والتلون في المخاطبة إنما هي سياسة وكياسة.
وأن التحايل على الناس وغشهم وسلب ممتلكاتهم نوع من الذكاء والدهاء.
وأن الألفاظ الساقطة والحركات البذيئة إنما هي دعابة ولطافة لا ضير فيها ولا تثريب عليها.
وأن صدق اللهجة وبذل المهجة إنما هو خبال ويجز إلى بال. وأن بذل النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهر بالحق إنما هي سلب للحريات وهدر للكرامات وتدخل في حياة الآخرين.
فنشأت- ويا للأسف- ذكياً غير زكي.
وترعرعت- ويا للحسرة- قوياً غير نقي.
وما ذاك إلا لبذرة فاسدة غرست في أرض طاهرة فأنتجت ثمرة كاسدة.
رأيت صلاح المرء يصلح أهله
ويعديهم داء الفساد إذا فســد
يعظم في الدنيا بفضل صلاحه
ويحفظ بعد الموت في الأهل والولد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيما راع غش رعيته فهو في النار))
الدعاء عليه
يا أبتي:
لماذا- يا أبتي- عندما أفعل ما يغضبك، وأجترح ما يسخطك ترفع أكف الضراعة إلى الذي يسمع من دعاه ويجيب من ناداه، فتدعو علي بالويل والثبور وسيئات الأمور، وترجوه أن ينزل بي ما لا ترضاه لأعدى أعدائك، فكيف بأقربهم منك وأحبهم إليك؟!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث دعوات مستجابات، لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم)).
فلعلها- يا أبتي- دعوة منك توافق استجابة من الله فأهلك وأخسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين. والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ينادي مشفقاً في سنته على أمته فيقول: ((لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم " .
وعليك- يا أتجي- بالدعاء لي آناء الليل وأطراف النهار، في سرك وعلانيتك، في رغبك ورهبك، في عسرك ويسرك، في منشطك ومكرهك، فلعلك- يا أبتي- ترفع يداك، وتذرف عيناك، ويقشعر جلدك ويلين قلبك، ويلهج لسانك، فتقول: يا الله..
فيقول لك من يجيب دعوة الداعي إذا دعاه: لبيك يا عبدي
فتقول: يارب.. ابني.. ثم ابني.. ثم ابني..
فيقول لك المجيب القريب: قد فعلت، فتكتب لي سعادة الدنيا والعقبى. وذلك هو الفوز العظيم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد ودعوة الصائم، ودعوة المسافر".
الخاتمة
.. وفي الختام.. أيها الآباء الكرام:
ها هم أبناؤكم يحملون يراع التذكير ليسطروا على صدر هذه الرسالة ما دار في خلدهم وما احتبس في أعماقهم وما احتوته جوانحهم فيقولون لكم:
يا من تحملتم أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة أبت من حملها السماوات والأرض والجبال وأشفقن منها ومن تبعاتها..
يا من أعطاكم الله الزينة (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (46) سورة الكهف. وابتلاكم بالفتنة (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (28) سورة الأنفال وخصكم بالوصية (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ ) (11) سورة النساء وحذركم من العداوة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) (14) سورة التغابن.
اتقوا الله فينا.. فنحن فلذات أكبادكم.. ومنشأ أصلابكم.. وامتداد أنسابكم.
ونحن أحلام الماضي الغابر، وسعادة الحاضر العابر، وآمال المستقبل السائر.
وإنما أولادنا بيننا
أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم
لامتنعت عيني من الغمض
اتقوا الله فينا.. وربونا على حب الله وخوفه والرجاء فيما عنده ومراقبته والوقوف عند حدوده والإذعان لأوامره والتمسك بدينه.
ربونا على منهج الله.. وأدبونا بآداب وشمائل رسول الله صلى الله عليه وسلم. عودونا على الطاعة وعلمونا العبادة، وخذوا بحجزنا عن النار وغذونا بالحلال فنحن نصبر على الجوع والعطش ولكن لا نصبر على النار.
ربونا على أن نعيش في الدنيا بمنظار الآخرة فنتزود من ممرنا لمقرنا ومن دنيانا لآخرتنا، وكونوا سلفنا إلى الجنة (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (21) سورة الطور
فنكون وإياكم في الجنة في شغل فاكهون على الأرائك ينظرون وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) [سورة الصافات الآيات: (180- 181) ]

مرود المجذوب
24/05/2008, 09:42 PM
تنطق باسم الكثيرين..
شكرا جزيلا