رزاق الجزائري
19/03/2007, 03:56 PM
حبيبتي قد تستغربين كتابي هذا لك فأنا لم أتعود كتابة رسائل و تعلمين أن هذا ليس من عاداتي وهذه مرتي الأولى.لقد كتبت لك لأقول كلمتين*تاقيدة مات* ربما تتساءلين من هو هذا التاقيدة. لأقول لك تاقيدة هو شخص لم تعرفيه لكني أردت أن اكتب لك عن هذا التاقيدة لأنك تقولين لي دائما بأني عزيز على قلبك و العزيز على القلب يحس لواعجه أو هكذا يقولون.
.لو أقول لك إني لم اعرف هذا التاقيدة إلا قبل أشهر ليست بالكثيرة .يوم حولت للعمل كقائد لهاته السرية من المغاوير لمكافحة الإرهاب في هاته المنطقة الخطيرة و الوعرة .و كضابط صغير لم يكن الجنود ليتقربوا منه فعادة يكون هوس الضباط الصغار بالقيادة كبير فيفرطوا في استغلال الرتبة رغم أني لست من ذلك النوع فطالما تعلمت من الحياة لا من الجيش أن البشر نوعان نوع ينقاد إليك احتراما لك و هو ما أفضله و نوع ينقاد إليك خوفا منك و هو من لا آمن شره. و كانت هاته قاعدتي في الحياة لكن هذا التاقيدة لم يمض يوم على وجودي بينهم أن دعاني بكل جرأة لتناول الشاي لأنه علم أني من منطقة مشهورة بشايها وعادة لا يدعوا الجند ضباطا *بحكم تسلسل الرتب و العادة طبعا* و قد كان خبيرا فيه و عرفني على نفسه و على بعض الجند و طبيعة عملهم و حكا لي عن نفسه فهو ابن فلاح فقير ماتت أمه و تركته صغيرا فعانى من زوجة أبيه ما اضطره للالتحاق بالجيش في سن مبكرة حتى لا ينغص عيش أبيه و إخوته و ينقد نفسه من انحلال الشوارع. كان يتكلم عن نفسه بدون عقد و بكل صراحة و كم أحب نوع الرجال أمثاله و تعلمين كم أنا خبير في تقييم البشر .
لقد استطعت أن أقيم تاقيدة منذ أول عمل له معي وقد كان كمينا ضد أولئك القتلة حين لاحظ أني أخذت جهاز الإرسال بدون *شليمافون* فنصحني بكل احترام بان آخذ الشليمافون موضحا لي أن عديد ضباط كانوا هدفا سهلا بسبب الضوء المنبعث منه.و عادة لا ينصح الجنود الضباط فهم يكرهونهم لتعاليهم كما ان عديد الضباط يعتبرون ذلك انتقاصا من رتبهم و مركزهم .ورغم أني كنت اعرف ذلك فقد راقني ذلك منه و أكبرته في نفسي فخبرتي القتالية لا تتعدى سنة في الجيش و هي لا تقارن بخبرة تاقيدة ذات الست سنوات رغم أني أفوقه في سلم الرتب بكثير فقد كنت الأصغر سنا و الأقل خبرة بين كل الضباط الذين عرفوهم و كنت كذلك بينهم و كان علي أن أتبث أهليتي و مقدرتي لأفوز باحترامهم في سرية هي نخبة القوات و القوة الضاربة و كان تاقيدة في عوني دائما.
اذكر يوما كنت أقود عملية تمشيط في منطقة خطرة. جاءني تاقيدة و طلب مني أن أتجنب الطريق لأنه اكتشف آثارا حديثة لإرهابيين على جانبيه تحت الأشجار موضحا لي أن الطريق قد يكون مفخخا و كنت أعلم ان كتيبة أخرى قد مشطت الطريق قبل أيام و هو كان يجهل ذلك و عادة ما يفخخ الإرهابيون الطرق التي مشطها الجيش لأنهم يعلمون ان الجيش سيستأمنها في المرة القادمة وقد عملت برأيه لنكتشف أن الطريق مفخخ بقنابل من العيار الثقيل كان من الممكن ان تبيد السرية بكاملها لأدين لتاقيدة .
تاقيدة كان يناديني دائما عندما يسامرني بحضرة القائد و كنت أقول له دعك من الرسميات فهي لا تعني لي الكثير و نحن لسنا في محضر رسمي فيجيبني أخاف ان اخطىء و أناديك باسمك بدون بروتوكول في الرسميات فدعني لا أتعود على ذلك ولم يكن يناديني باسمي المجرد و حتى و هو في حالة سكر لقد كان تاقيدة من طينة مميزة من الرجال .
اليوم قبل خروجنا من الثكنة لعملية تمشيط كبرى تشارك فيها قطاعات عديدة من الجيش و كان علينا ان نكون نحن في المقدمة لنقوم بعملية الاشتباك بينما تحاصر السريات الأخر المنطقة .لقد كان من المفروض ان يكون تاقيدة بقربي مثلما هو دائما لكن اليوم لم يكن بقربي و السبب كان امريكا .قد تستغربين حبيبتي نعم السبب كان أمريكيا.. لقد كان جهاز الإرسال الامريكي موتورولا بكل بساطة و كنت لا استحبه فهو ضخم و غير مؤمن و كثيرا ما يخترق إرسالنا فيه الإرهابيون و كنت أفضل النوع الفرنسي فهو أكثر أمنا و كفاءة و اخف وزنا فأردت استبداله و طلبت من تاقيدة أن يسبقني مع قائد العملية و أنا سأكون مع الفوج الثاني من السرية .المهم أننا فاجئنا مخبأ للإرهابيين و كانوا قد هربوا قبلنا بدقائق وقد طلب قائد العملية و هو مرؤوسي و هو شخص كريه من تاقيدة معاينة المخابئ ولم يكونوا يحملون معهم معدات كشف الألغام فسرية كشف الألغام كانت بعيدة نوعا ما ولم يكن يهم اللئيم غير المغنم ولم يكد تاقيدة يقترب من المخبأ الأول حتى انفجر المكان كان تاقيدة بدون أمعاء و كان يصرخ من الألم و دوي صراخه يسمع في قلوبنا أكثر من أسماعنا .كنت على بعد مائة متر منه لم ادري نفسي إلا بجانبه .تاكيدة كان يصرخ و كنت واقفا و أنا ادري انه لن يعيش أكثر من دقائق فأمعائه كلها خربت و ظهرت رئتيه و الطبيب لا يستطيع ان يفعل شيئا .لكن الجنود حملوه وهرعوا مسرعين غير مبالين بالألغام رغم ان المنطقة شديدة التلغيم منذ عهد الاستعمار المهم عندهم أن يوصلوه إلى الناقلات التي كانت تبعد 3كلمترات عن المنطقة و لا تستطيع دخولها بسبب الألغام او إلى مكان تستطيع ان تحط فيه الطوافة لتنقله .و بعد دقائق قليلة توقف تاقيدة عن الصراخ ..و اخذ يهذي بكلام ذكر فيه عديدين طلب سماحهم و كنت من بينهم لست ادري لماذا ثم ماذا قال تلك الكلمات التي لا تزال ترن في أذني *سامحوني قد أتعبتكم حتى في موتي فليغفر لي الله ثم نطق الشهادتين و مات*........**تاقيدة كان يموت و يطلب الغفران منا لان موته أتعبنا**أي طينة من البشر هو تاقيدة....تعلمين حبيبتي أني عصي الدمع لكن دمعي صار انهارا لقد فقدت إنسانيتي لبرهة اقسم لو كان أمامي إرهابي لأكلت كبده.
لم يبقى أمامي غير هذا القائد اللئيم فلأشبعه ركلا و إني مطالب غدا لمجلس تأديبي بسبب الاعتداء على مرؤوس لكن لا يهم فالجند سيشهدون معي .لكن حبيبتي هل كنت مسئولا عن موت تاقيدة لقد تخليت عنه و كان دائما بقربي .لقد جنبني الموت مرات وقد سقته إليه اليوم ليته بقي بقربي لست ادري فالإحساس بالذنب يقطع قلبي .و أنا جالس اكتب لك و انا استمع لأغنية لمطربي المفضل *كلود بارزوتي *الذي تحفظين كل أغانيه و هو يردد أغنيته الجميلة .*هذا الذي يكتب لك ليس أنا إنه الآخر إنه الجندي*
أكتب لك من غرفتي فقط عليك ان لا تقلقي
الحرب مجزرة رهيبة و لست لأحكي لك قصص عنها.
الحديث عن الحب هنا هو اتفه شيء في الوجود.
فذاك الذي يكتب لك ليس انا إنه الآخر انه الجندي.
اتعرفين كم من نفس بريئة قتلتها هاته الحرب القذرة
من اجل حماية حياة إنسان كيف لا نعيش لهاته الغاية النبيلة
لكن ذاك الذي يكتب لك ليس انا انه الآخر انه الجندي.
خائف ان أبقى ذاك الجندي
خائف ان لا ا ستطيع النظر إلى نفسي في المرآة
ذاك الذي يكتب لك ليس انا انه الآخر انه الجندي.
حبيبتي ربما لن تقرئي رسالتي هاته وربما ستقرئيها لو عدت لك يوما و تطفلت على مذكراتي مثلما تفعل النساء و إن قرأتيها فلتعلمي أنك تدينين لشخص بوجودي حيا إلى جانبك .فأنت تدينين لتاقيدة ولن أغار منه إن أحببته و ظللت تحكي عنه فتاقيدة قد مات.
03/11/1999
.لو أقول لك إني لم اعرف هذا التاقيدة إلا قبل أشهر ليست بالكثيرة .يوم حولت للعمل كقائد لهاته السرية من المغاوير لمكافحة الإرهاب في هاته المنطقة الخطيرة و الوعرة .و كضابط صغير لم يكن الجنود ليتقربوا منه فعادة يكون هوس الضباط الصغار بالقيادة كبير فيفرطوا في استغلال الرتبة رغم أني لست من ذلك النوع فطالما تعلمت من الحياة لا من الجيش أن البشر نوعان نوع ينقاد إليك احتراما لك و هو ما أفضله و نوع ينقاد إليك خوفا منك و هو من لا آمن شره. و كانت هاته قاعدتي في الحياة لكن هذا التاقيدة لم يمض يوم على وجودي بينهم أن دعاني بكل جرأة لتناول الشاي لأنه علم أني من منطقة مشهورة بشايها وعادة لا يدعوا الجند ضباطا *بحكم تسلسل الرتب و العادة طبعا* و قد كان خبيرا فيه و عرفني على نفسه و على بعض الجند و طبيعة عملهم و حكا لي عن نفسه فهو ابن فلاح فقير ماتت أمه و تركته صغيرا فعانى من زوجة أبيه ما اضطره للالتحاق بالجيش في سن مبكرة حتى لا ينغص عيش أبيه و إخوته و ينقد نفسه من انحلال الشوارع. كان يتكلم عن نفسه بدون عقد و بكل صراحة و كم أحب نوع الرجال أمثاله و تعلمين كم أنا خبير في تقييم البشر .
لقد استطعت أن أقيم تاقيدة منذ أول عمل له معي وقد كان كمينا ضد أولئك القتلة حين لاحظ أني أخذت جهاز الإرسال بدون *شليمافون* فنصحني بكل احترام بان آخذ الشليمافون موضحا لي أن عديد ضباط كانوا هدفا سهلا بسبب الضوء المنبعث منه.و عادة لا ينصح الجنود الضباط فهم يكرهونهم لتعاليهم كما ان عديد الضباط يعتبرون ذلك انتقاصا من رتبهم و مركزهم .ورغم أني كنت اعرف ذلك فقد راقني ذلك منه و أكبرته في نفسي فخبرتي القتالية لا تتعدى سنة في الجيش و هي لا تقارن بخبرة تاقيدة ذات الست سنوات رغم أني أفوقه في سلم الرتب بكثير فقد كنت الأصغر سنا و الأقل خبرة بين كل الضباط الذين عرفوهم و كنت كذلك بينهم و كان علي أن أتبث أهليتي و مقدرتي لأفوز باحترامهم في سرية هي نخبة القوات و القوة الضاربة و كان تاقيدة في عوني دائما.
اذكر يوما كنت أقود عملية تمشيط في منطقة خطرة. جاءني تاقيدة و طلب مني أن أتجنب الطريق لأنه اكتشف آثارا حديثة لإرهابيين على جانبيه تحت الأشجار موضحا لي أن الطريق قد يكون مفخخا و كنت أعلم ان كتيبة أخرى قد مشطت الطريق قبل أيام و هو كان يجهل ذلك و عادة ما يفخخ الإرهابيون الطرق التي مشطها الجيش لأنهم يعلمون ان الجيش سيستأمنها في المرة القادمة وقد عملت برأيه لنكتشف أن الطريق مفخخ بقنابل من العيار الثقيل كان من الممكن ان تبيد السرية بكاملها لأدين لتاقيدة .
تاقيدة كان يناديني دائما عندما يسامرني بحضرة القائد و كنت أقول له دعك من الرسميات فهي لا تعني لي الكثير و نحن لسنا في محضر رسمي فيجيبني أخاف ان اخطىء و أناديك باسمك بدون بروتوكول في الرسميات فدعني لا أتعود على ذلك ولم يكن يناديني باسمي المجرد و حتى و هو في حالة سكر لقد كان تاقيدة من طينة مميزة من الرجال .
اليوم قبل خروجنا من الثكنة لعملية تمشيط كبرى تشارك فيها قطاعات عديدة من الجيش و كان علينا ان نكون نحن في المقدمة لنقوم بعملية الاشتباك بينما تحاصر السريات الأخر المنطقة .لقد كان من المفروض ان يكون تاقيدة بقربي مثلما هو دائما لكن اليوم لم يكن بقربي و السبب كان امريكا .قد تستغربين حبيبتي نعم السبب كان أمريكيا.. لقد كان جهاز الإرسال الامريكي موتورولا بكل بساطة و كنت لا استحبه فهو ضخم و غير مؤمن و كثيرا ما يخترق إرسالنا فيه الإرهابيون و كنت أفضل النوع الفرنسي فهو أكثر أمنا و كفاءة و اخف وزنا فأردت استبداله و طلبت من تاقيدة أن يسبقني مع قائد العملية و أنا سأكون مع الفوج الثاني من السرية .المهم أننا فاجئنا مخبأ للإرهابيين و كانوا قد هربوا قبلنا بدقائق وقد طلب قائد العملية و هو مرؤوسي و هو شخص كريه من تاقيدة معاينة المخابئ ولم يكونوا يحملون معهم معدات كشف الألغام فسرية كشف الألغام كانت بعيدة نوعا ما ولم يكن يهم اللئيم غير المغنم ولم يكد تاقيدة يقترب من المخبأ الأول حتى انفجر المكان كان تاقيدة بدون أمعاء و كان يصرخ من الألم و دوي صراخه يسمع في قلوبنا أكثر من أسماعنا .كنت على بعد مائة متر منه لم ادري نفسي إلا بجانبه .تاكيدة كان يصرخ و كنت واقفا و أنا ادري انه لن يعيش أكثر من دقائق فأمعائه كلها خربت و ظهرت رئتيه و الطبيب لا يستطيع ان يفعل شيئا .لكن الجنود حملوه وهرعوا مسرعين غير مبالين بالألغام رغم ان المنطقة شديدة التلغيم منذ عهد الاستعمار المهم عندهم أن يوصلوه إلى الناقلات التي كانت تبعد 3كلمترات عن المنطقة و لا تستطيع دخولها بسبب الألغام او إلى مكان تستطيع ان تحط فيه الطوافة لتنقله .و بعد دقائق قليلة توقف تاقيدة عن الصراخ ..و اخذ يهذي بكلام ذكر فيه عديدين طلب سماحهم و كنت من بينهم لست ادري لماذا ثم ماذا قال تلك الكلمات التي لا تزال ترن في أذني *سامحوني قد أتعبتكم حتى في موتي فليغفر لي الله ثم نطق الشهادتين و مات*........**تاقيدة كان يموت و يطلب الغفران منا لان موته أتعبنا**أي طينة من البشر هو تاقيدة....تعلمين حبيبتي أني عصي الدمع لكن دمعي صار انهارا لقد فقدت إنسانيتي لبرهة اقسم لو كان أمامي إرهابي لأكلت كبده.
لم يبقى أمامي غير هذا القائد اللئيم فلأشبعه ركلا و إني مطالب غدا لمجلس تأديبي بسبب الاعتداء على مرؤوس لكن لا يهم فالجند سيشهدون معي .لكن حبيبتي هل كنت مسئولا عن موت تاقيدة لقد تخليت عنه و كان دائما بقربي .لقد جنبني الموت مرات وقد سقته إليه اليوم ليته بقي بقربي لست ادري فالإحساس بالذنب يقطع قلبي .و أنا جالس اكتب لك و انا استمع لأغنية لمطربي المفضل *كلود بارزوتي *الذي تحفظين كل أغانيه و هو يردد أغنيته الجميلة .*هذا الذي يكتب لك ليس أنا إنه الآخر إنه الجندي*
أكتب لك من غرفتي فقط عليك ان لا تقلقي
الحرب مجزرة رهيبة و لست لأحكي لك قصص عنها.
الحديث عن الحب هنا هو اتفه شيء في الوجود.
فذاك الذي يكتب لك ليس انا إنه الآخر انه الجندي.
اتعرفين كم من نفس بريئة قتلتها هاته الحرب القذرة
من اجل حماية حياة إنسان كيف لا نعيش لهاته الغاية النبيلة
لكن ذاك الذي يكتب لك ليس انا انه الآخر انه الجندي.
خائف ان أبقى ذاك الجندي
خائف ان لا ا ستطيع النظر إلى نفسي في المرآة
ذاك الذي يكتب لك ليس انا انه الآخر انه الجندي.
حبيبتي ربما لن تقرئي رسالتي هاته وربما ستقرئيها لو عدت لك يوما و تطفلت على مذكراتي مثلما تفعل النساء و إن قرأتيها فلتعلمي أنك تدينين لشخص بوجودي حيا إلى جانبك .فأنت تدينين لتاقيدة ولن أغار منه إن أحببته و ظللت تحكي عنه فتاقيدة قد مات.
03/11/1999