خليد خريبش
18/03/2007, 09:51 PM
- مقهى المحطة،جلسنا.
خليد:ماذا؟ما الذي أثاركَ؟
وديع:لقد غادرَتِ الْمكان.
-عمٌّ صمت وجيز.
خليد: كانت نادلة أنيقة،كانت تعجبك يا صاحبي.
وديع: كانت تمشي كيمامة توزع الفناجين على الجالسين،تبتسم ابتسامة عريضة،لباسها الفتان مزركش بألوان زاهية يعكس نورا مشرقا.
خليد:أتذكرْ يا صاحبي حينما اغتنمت وقت استراحتها فأسهبت في الحديث ،وتكلمت عن ولدها،عن أخيها العقيد الذي يقيم في الشمال، عن حبها الأول ،تباهت بأفراد عائلتها،باحت في ذلك المساء البارد،كان دخان السجائر يعطي دفئا لفضاء المقهى،أذهان الحشاشين شاردة حالمة مستغرقة في التفكير،عيناي مسمرة تجاه نماذج بشرية تثيرني،بائع السجائر قرب المبسط"الكونتوار"،أنفه معقوف،يجلس على كرسي عال،يبدو كطائر حزين.
وديع:كانت مقلتاي تطارد مشيتها الساحرة،كان جمالها الطبيعي يسحرني،يجتذبني بقوة كما أثارتني صورة "الموناليزا"المعلقة في ساحة المتحف الأثري.النادلة لوحة متجولة تخترق فضاءات المقهى-كانت عيون الجالسين تتجه نحوها،تتبعها النظرات خفية وعلانية،عيناها الكبيرتان الحزينتان ترصد الزبائن،تتجول وسط الكراسي ،تصدر أغنية أم كلثوم على إيقاع موسيقى صامتة،عنقها طويل وشعرها مرمي وراءها ،ابتسامتها تبعث حنينا ودفئا ينتشلني من براثين ألم وحزن دفين.
خليد:لقد أبدعت يا صاحبي.
وديع:كنت باردا كجبل من الثلج،أرتدي لباسا من الصوف،يرتعش الكرسي تحتي،السكر ينتحر داخل الفنجان،أحركه بعنف،أشعلت سيجارتي الرديئة ومنحتني حسناء كأسا باردا.
خليد:هنا في هذا المكان،أحس بالأمان،أطلق العنان لمخيلتي،أحن إلى الرحيل،الحافلات،سيارات الأجرة،تذكرني بالرحيل،تذكرني بأيام العطل الدراسية.كم كانت فرحتنا كبيرة ونحن هاربون من جحيم المدارس لنتمتع ببراءتنا الطفولية فتيانا وفتيات !،نلعب الأوراق ونداعب الكرة في الحقول،هنا اللقاء !هنا الفراق !.
وديع:المقهى متنفسي الوحيد في هذه المدينة المغلقة،لا بحر ولا نهر ولا زرع هنا،أتوحد مع هذا الكرسي لأشكل جسما غريبا ثابتا معاقا أتأمل نادلتي،ملهمتي لأدون قصيدتي الحزينة.
خليد:إذن أنت متيم بها.
وديع:أنا متيم بمشيتها وابتسامتها يا صديقي.
خليد:لقد صدق مصطفى ملح حينما قال:إنك كائن رعوي أخير.
وديع:اُسكت يا مهلوس.
خليد:ماذا؟ما الذي أثاركَ؟
وديع:لقد غادرَتِ الْمكان.
-عمٌّ صمت وجيز.
خليد: كانت نادلة أنيقة،كانت تعجبك يا صاحبي.
وديع: كانت تمشي كيمامة توزع الفناجين على الجالسين،تبتسم ابتسامة عريضة،لباسها الفتان مزركش بألوان زاهية يعكس نورا مشرقا.
خليد:أتذكرْ يا صاحبي حينما اغتنمت وقت استراحتها فأسهبت في الحديث ،وتكلمت عن ولدها،عن أخيها العقيد الذي يقيم في الشمال، عن حبها الأول ،تباهت بأفراد عائلتها،باحت في ذلك المساء البارد،كان دخان السجائر يعطي دفئا لفضاء المقهى،أذهان الحشاشين شاردة حالمة مستغرقة في التفكير،عيناي مسمرة تجاه نماذج بشرية تثيرني،بائع السجائر قرب المبسط"الكونتوار"،أنفه معقوف،يجلس على كرسي عال،يبدو كطائر حزين.
وديع:كانت مقلتاي تطارد مشيتها الساحرة،كان جمالها الطبيعي يسحرني،يجتذبني بقوة كما أثارتني صورة "الموناليزا"المعلقة في ساحة المتحف الأثري.النادلة لوحة متجولة تخترق فضاءات المقهى-كانت عيون الجالسين تتجه نحوها،تتبعها النظرات خفية وعلانية،عيناها الكبيرتان الحزينتان ترصد الزبائن،تتجول وسط الكراسي ،تصدر أغنية أم كلثوم على إيقاع موسيقى صامتة،عنقها طويل وشعرها مرمي وراءها ،ابتسامتها تبعث حنينا ودفئا ينتشلني من براثين ألم وحزن دفين.
خليد:لقد أبدعت يا صاحبي.
وديع:كنت باردا كجبل من الثلج،أرتدي لباسا من الصوف،يرتعش الكرسي تحتي،السكر ينتحر داخل الفنجان،أحركه بعنف،أشعلت سيجارتي الرديئة ومنحتني حسناء كأسا باردا.
خليد:هنا في هذا المكان،أحس بالأمان،أطلق العنان لمخيلتي،أحن إلى الرحيل،الحافلات،سيارات الأجرة،تذكرني بالرحيل،تذكرني بأيام العطل الدراسية.كم كانت فرحتنا كبيرة ونحن هاربون من جحيم المدارس لنتمتع ببراءتنا الطفولية فتيانا وفتيات !،نلعب الأوراق ونداعب الكرة في الحقول،هنا اللقاء !هنا الفراق !.
وديع:المقهى متنفسي الوحيد في هذه المدينة المغلقة،لا بحر ولا نهر ولا زرع هنا،أتوحد مع هذا الكرسي لأشكل جسما غريبا ثابتا معاقا أتأمل نادلتي،ملهمتي لأدون قصيدتي الحزينة.
خليد:إذن أنت متيم بها.
وديع:أنا متيم بمشيتها وابتسامتها يا صديقي.
خليد:لقد صدق مصطفى ملح حينما قال:إنك كائن رعوي أخير.
وديع:اُسكت يا مهلوس.