المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عرسان في ليلة القتلة - عادل المأمون



طارق شفيق حقي
15/03/2007, 07:03 PM
وصلت للمربد هذه القصة ننشرها هنا في قسم القصة



عرسان في ليلة القتلة
عادل المأمون


كانوا ينتظرون بشغف ولهفة ذلك اليوم الذي يجمعهم فيهسقف واحد. لقد أحبها بعمق وأحبته هي بجنون. قال لها يوماً لاتطيلين النظر إلي فأخافأن نفترق ولن أجد هاتين العينين فانتحر.كانت كل ما يملك ويقول عنها دائما بأنهاالدنيا التي ظل عمر بأكمله يحلم بأن يمسك بها. اليوم هو على موعد معها. سيذهبان إلىالمحكمة كي يعقدا القران والى الآبد معا دون افتراق لم يكن يدري أنهم سيجتمعونهناك في عالم قد يكون سرمديا أو قد لا يكون . لحظة اللقاء والالتقاء الأبدي ستكونمدوية أكيد.هذه العبارة التي كان دوما يرددها على مسامعها.طلب إليها أن ترتدي كلما لديها من مصاغ وان تكون بأحلى الصور فغدا سيلتقيان ولن يفترقا . غدا ليلة العمرالمنتظرة. لم يكن يدري أنها ليلةٌ للكفرة. خرجا صباحا والشمس في أكتافهما كأنهماامتلكا هذا العالم بقبضتيهما . خرجا وتركا الأبواب خلفهما مواربة وتركا الفرحة فيقلوب كل من سكن حيهم وعرف قصتهم الشجية. رتبا نفسيهما على الزواج وعانيا كثيرا حتىوصلا إلى هذا اليوم . يوم عقد القران والعرس الكبير معا. كانت تبدو كأميرة وكان هويبدو كأمير لقد تأملتهما كثيرا وهما يخطوان من أمامي فحسدتهما على حبهماالأسطوري.عندما سلما علي شعرت أن السماء ابتسمت لي ولهما. كانا رقيقين حقا لم يحملاضغينة أو حقد.توجها إلى محكمة شارع فلسطين في قلب بغداد. وهناك خرج كاتب المحكمةمناديا (رجاء العرسان على حده حتى يتسنى لنا تسهيل عقد القرانات بسرعة) وفي ساحةالمحكمة اجتمع أكثر من عشرين عريس وعروسة. في انتظار أن يعقدوا قراناتهم. لم يكونوايدركون أن الموت قد غلف المكان بحلته المشؤمة منتظرا أن يعقد قرانه عليهم جميعاوالى الأبد. ممتطيا تفجيره الانتحاري المخنث.لكي يحول أجسادهم النقية الفتية الطريةالطاهرة إلى أشلاء متناثرة.كانت دوما تقول له بيتها الشعري المفضل(كون يمك كون أشمككون أضمك و يختلط دمي ويا دمك) لم تكن تدري أنهما سينتهيان إلى دم مسفوح في ساحةمقفرة.كان يجيبها هو بابتسامته الحلوة( روحي وروحك يا روحي روحين بروح لو راحت روحكيا روحي روحي تروح). انتابتني حالة من الحزن الشديد و أنا اكتب هذه الأسطر. وصرتأتأمل هذا الوضع الذي سرنا إليه نحن العراقيون دون أن ندري. تملكتني الحيرة وتذكرتموقفا حصل معي عندما تعطلت سيارتي في حي بغدادي فوجدت كل من كانوا في الشارع يهرعونلمساعدتي ولم يتركونني إلا بعد أن أصلحوا السيارة,فقلت في نفسي وقتها ما احليالعراقيين أنهم شعب عظيم ,فعلا
انك تحس بعظمة هؤلاء الناس في وقت الشدة, لكننياليوم استغرب كثيرا جدا وأنا أرى تلك العجوز التي تحاول إخفاء يد عروس كانت لا تزالمحملة بمصغات الزواج في ساحة المحكمة المشؤمة . عجوز شمطاء تفتش في الأشلاء. وأطفالأيضا يفتشون. ساعات وحلي وأساور عرسان قتلوا وقبل وهلة عقد القران كانواينتظرون.أواه من بلد تموت فيه الإنسانية في كل يوم ألف مره. أواه من بلد لا يجد فيهالإنسان حتى قبره.

عادل المأمون