المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رزق ـقصة قصيرةـبقلم خليد خريبش



خليد خريبش
15/02/2007, 03:27 PM
رزق
تحلقنا نحن أبناء العمومة فتيان وفتيات حول جدتنا في سمر ليلي،ننتظر بشغف حديثها الجذاب،مسحت جبينها بمنديل،رفعت رأسها وتأملت مليا وقربت إحدى بنات العمومة منها،ضمتها إلى يمينها،كانت تحبها كثيرا لما كانت تتمتع به من حسن وذكاء،وصارت تحكي :اعلموا يا حفيداتي ياأحفادي أني حينما أتذكر بعض الأحداث التي مرت في الأيام الفائتة تسيل عيناي بالدموع ،الحفيدة:احك لنا يا جدتي، حدثينا ، إني أحب حكاياتك،قبلتها الجدة في جبينها وقالت:لك ذلك يابنيتي ،لقد كنت أذهب كل عام إلى ولي صالح يدعى مولاي ابراهيم،مدفون في قرية جبلية بعيدة،وكان الوصول إلى هذه القرية صعب المنال،فوسائل النقل لم تكن ميسرة مثل اليوم،لكني كنت أذهب كيفما كان الحال،وفي أحد الأعوام اصطحبت أمك يا بنيتي،كانت في مثل عمرك الآن،وصلنا إلى الولي الصالح دخلنا الضريح،وجلسنا قرب قبره كي ننال شيء من بركته،لقد شعرت براحة نفس كبيرة،ثم خرجنا بعد ذلك لاكتراء غرفة للمبيت فلم يكن حينئد نزل للإقامة،وبينما نحن نسير اقترب منا صبي صغير عمره حوالي ست سنوات،يلبس ملابس بيضاء اللون،يبدو أنه ضائع في هذا المكان،صار يتبعنا حيثما حللنا،يقترب منا كلما ابتعدنا منه،ولم نجرؤ على نهره فنحن في ديار الولي مولاي ابراهيم،انضم إلينا وصار يعيننا في قضاء حوائجنا في سخرة ،في جلب الماء من المنبع،أكل معنا شيء يسيرا مما طبخنا،ثم اظطجعنا للنوم مبكرا بفعل وعثاء السفر،لكن الشيء المؤثر الذي تسيل له دموعي هو أننا كنا عندما ننام يظطجع إلى جانبي ويعانقني وننام سويا،ولم تطل زيارتنا حيث صرنا نفكر في سبيل للتخلص من الغلام،اقترحت علي أمك أن نستفيق مبكرا ونغادر المكان دون أن نوقظه،وكان الأمر كذلك لقد تركناه يا بنيتي في الفراش وانسللنا إلى الحافلة الوحيدة التي تقلنا إلى قريتنا خائبين متحسرين على فراق الولد،سكتت الجدة لا حظنا أن عيني الحفيدة اغرورقتا بالدموع،ازداد انتباهنا وشغفنا لسماع المزيد،أكملي يا جدتي أكملي..وعندما عدنا إلى ديارنا بقي ذهني مشغولا بأمر ذلك الصبي حتى في أحلامي،حكيت الأمر لجارتي فنصحتني بزيارة فقيه القرية،شيخ جليل عرف بالورع، مرابط في المسجد لا يغادره إلا لقضاء غرض مهم،عزمت على الذهاب إليه ،ارتديت ملابسي والتحفت لحافاوتوجهت صوب المسجد،فقيه القرية يصلي ،انتظرت حتى أكمل صلاته،سلم يمينا ويسارا،ثم بادرني بالسؤال:ما الأمر ياسيدتي؟إني أريدك أن تريح بالي من أمر شغلني يا مولاي،تكلمي يا سيدتي ما الذي شغلك؟حكيت له ماحصل أثناء زيارتنا للولي الصالح وتكلمت عن الغلام الذي التقيناه،فكر هنيهة وقال،إن الصبي رزق أعطاك الله إياه،إنه رزقك،لقد ضيعت رزقك،ومثل هذا الرزق لا يعطى إلا مرة في حياة الإنسان،رجعت إلى منزلي خائبة آسفة على رزق حياتي الذي ضاع ومازلت أتحسر على فقدانه إلى يومنا هذا.

خليد خريبش
27/02/2007, 08:11 PM
كاتبة و مترجمة-asma gharib
http://www.3ashtar1.com/style_images/ashtar-525/pip.gifhttp://www.3ashtar1.com/style_images/ashtar-525/pip.gifhttp://www.3ashtar1.com/style_images/ashtar-525/pip.gif

المجموعة: Members
المشاركات: 663
رقم العضوية: 734
تاريخ التسجيل: 5-November 05


http://www.3ashtar1.com/style_images/ashtar-525/spacer.gif
نفس جميل و سرد ممتع يا خليد. النص غارق في أجواء روحانية جميلة و طفولية.
الأطفال وحدهم من يصدقون حكايات الجدات و دروسهن و عظاتهن من خلال استعمال اسلوب الأسطورة الدينيية. نقاء سريرتهم و استعداد الهيولى الأولي لديهم يجعلهم يصلون إلى فهم ما يعجز الكبار عن فهمه. تحياتي لك و لولي الله مولاي ابراهيم.


--------------------
الأصبع الذي يتحرك، يكتب... ينهي الكتابة و يتحرك من جديد.
لن يغريه كل ذكائك ...
بالعودة نصف سطر إلى الوراء.
لن تغريه كل دموعك...بمحو كلمة واحدة

طارق شفيق حقي
27/02/2007, 09:14 PM
سلام الله عليك

غبت عنك صديقي

انتظرني فاليوم عدت من السفر