المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المتورطون..... في بلاد الصقيع



خالد ساحلي
10/02/2007, 12:12 PM
حملت هاتفك الخلوي شكـّلت الرقم وضعت السماعة البلوتوت في أذنك ، يرن الهاتف مرة ، مرتين ، ثلاث مرات ، يفتح مجال الاتصال :
- ألو مساء الخير محسن
- أنا أخته حنان
تأسفت اعتقدت أنك أخطأت تركيب الأرقام تساءلت حينها غير ممكن هذا ر قم محسن ، أجابتك بأن الرقم صحيح وبورتابله أيضا ، طلبت منها أن تمرره لك إن كان موجودا لتكلمه ، أرادوا التأكد إن كنت صديقه، أخبرتهم أنك كذلك ، أعطيتها أسمك ، صدمتك بأن محسن في السجن بتهمة واهية، تهمة القذف ، أنت لم يكن لك من سلطان دعوت أصدقائك لمآزر ته في محنته ، كان دعما معنويا و إعلانيا لاسم محسن، الجرائد الحرة أسالت حبرا كثيرا عن التهمة المفبركة المقدمة ضد شخصه ، بعد محاكمته الصورية ، أفرج عنه لم يكن هو محور القضية بل الأوراق التي بحوزته ، هي أدلة في حق متورطين في قضايا الفساد، الفساد هنا في البلاد صار من المصرّح به لكثرة تفشيه في دواليب السلطة كما في المجتمع ، وسائل القمع لا زالت قائمة في عصر mp4 كلمته أنت عن الذين وقفوا لجانبه و آزروه في محنته ، أعلمته بالبيانات و الاحتجاجات التي نشرت هنا وهناك انتصارا لعدالة القضية و الحرية ذكرت له الأسماء حسب الترتيب الأبجدي ، قال لك لا يريد أن يساعده أحد ولا يحب أن يقف لجنبه أحد لو قدِر له الرجوع للسجن ، كنت من حين لآخر تهتف لحنان حينما كان هو في السجن لتطمأن لأخباره ، كانت حنان الوحيدة المتكفلة بالقضية ، مع الوقت صارت علاقتكما الأخوية أكثر ارتباطا و ازدادت مودة ، بعث لك وقتها رسالة من السجن يخبرك ببراءة ساحته وكفاحه من أجل خدمة الإنسان ، متأكد أنت من براءته ، كنت لا تأبه لكلام العامة ، اتهموه بالشيوعيــــــة و الإلحاد
و الكفر والليبرالية و الأصولية ، لم يجدوا له تهمة إلا و ألصقوها بشخصه ، أنت تعرف أخلاقه و أفكاره و تضحياته ، الدهماء و الحمقى لا يعرفون أن الحرب دائما تكون لأجلهم وهم من يجعلون سياطهم على ناصريهم ، لم يكن له من حل غير الإضراب عن الطعام و الموت انتحارا ، الجمعيات الحقوقية رفعت مظلمته لأعلى مستوى وبرّأت ساحته ، دعت لإعتصامات عدة ، انتهت الأحداث ، لم تكن لتنتظر أن تسمع كلاما يجرح كبريائك ، لا يريدك أن تكلم أخته حنان ثانية ، قال لك : أنا الآن خارج السجن ، أنت لم تكن لتكلمها لولا دخــوله السـجن والاطمئنان على أحواله ، شرحت له ذلك ، أخبرك أنه لا يريد تعليقات
و لا يريد أن تذهب الأمور إلى أبعد حد ، عرفت أنها تتصرف في حياتها كما تريد ، لكنها تتصل بك دائما ، صديقك المدافع عن الحرية يسلب الآخرين حريتهم ، لكنك تدرك حجم الكارثة التي أحدثتها أنت ، غيّرت رقم هاتفك قطعت كل اتصالاتك ، غيّرت عنوانك ، سافرت رحلت عن البلاد ، خادعة هي المظاهر ، النفس الطويل لا يكون إلا للربانيين و الشجعان ، أنت تعرف هذا وتدرك أيضا أن في العالم كل شيء قابل للمقايضة حتى حق الإنسان ، انطويت على نفسك وودعت العالم المثالي ، رحت تبحث عن رغيف الخبز في البلاد البعيدة ، بلاد الصقيع التي تفور بالعنصرية ، هناك وجدت صديق قديم مديرا للمركز الثقافي حين زرت المركز ، لم تكن مفاجئة ، المفاجئات صارت عادية جدا بالنسبة إليك ، أعطاك يده للمصافحة ، نظرت إليه ببرودة الصقيع ، أعطيته يدك قال لك: في عينيك عتاب شديد أليم ، لم ترد عليه ، تركت يده و مضيت ، قال لك : "لو أطلعت عليهم لقبلت مساوماتهم ولو ليت منهم فرارا " لم تلتفت للخلف لأنك تيقنت أن مشتلة المتورطين في الفساد تصّدر شتلتها حتى للبلاد الغريبة ، مضيت ، لحق بك وضع في جيبك la carte de visite : اتصل بي إن احتجت المساعدة كانت برودة الصقيع قد ذكرتك بملفات ساخنة كان صديقك القديم يكلمك عنها ... الآن يدعوك لملأ جوفك لينتفع بك الفساد.

خليد خريبش
16/02/2007, 10:18 PM
وسائل القمع لا زالت قائمة في عصر mp4

لينتفع بك الفساد في بلاد الغربة،القصة ذات حمولة معرفية كبيرة :النضال في ظل الاتجاهات الفكرية المتباينة المتراضية أحيانا ،المتصارعة أحيانا،تسلط الأنظمة،الفساد الإداري والاجتماعي والقائمة طويلة أحيي هذا الوعي الاجتماعي والسياسي.