المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هو و الآخر وأنا



البشير الأزمي
31/01/2007, 09:52 PM
التجول في مثل هذا الوقت المتأخر من الليل وفي هذه الأزقة الخالية لم يكن من عادته، هو الذي كان يخشى الخروج من الحي وحيداً حتى في قارعة النهار. عفواً، لم يكن الوقت وقتاً متأخراً بل كان بداية المساء..لم تمض على غروب الشمس إلا دقائق معدودة، و أكرر اعتذاري مرة ثانية، لأنه لم يكن وحيداً إنما كان بصحبته شخص آخر أو قل طفل ،لأن هيأة و قامة المصاحب له كانت أصغر من قامته. وهي قريبة من هيأة أخيه الصغير...
سألني إن كنت قد خرجت أمس صحبة أخي الصغير، وألح في السؤال. لم أدر ما سبب إلحاحه في السؤال، تغاضيت عن إجابته و حاولت التطرق لحديث آخر...لم يلبث أن عاد إلى إمطاري نفس الأسئلة... ولم ألبث أن تغاضيت عن إجابته...
غريب أمرهما، كل واحد منهما يحاول وضع مسافة بينه و بين الآخر، ثم لِمَ يحاول أحدهما إخفاء سر خروجه ليلاً..و لِمَ يلح الآخر في السؤال...
و أنا ما شأني بهما، ثم قبل كل ذلك، ما أدراني بما جرى، لأني لم أغادر بيتي أمس أصلا...عفواً، أخذتكم في الكلام، فمعذرة....

خليد خريبش
01/02/2007, 12:50 PM
أول سؤال يتبادر في الذهن وأنت تقتحم معاني وأبعاد هذا النص القصصي يثيرك عنوانه:هو الآخر وأنا هل يتعلق الأمر بشخصيات النص؟لكن وأنت تتقدم في القراءة محاولا استجلاء كل عنصر على حدة يصعب عليك الفرز،خاصة عندما تصل إلى هذا المنعطف الرئيسي.
غريب أمرهما، كل واحد منهما يحاول وضع مسافة بينه و بين الآخر، ثم لِمَ يحاول أحدهما إخفاء سر خروجه ليلاً..و لِمَ يلح الآخر في السؤال...


هنا تتداخل الأمور: الذي كان يخشى الخروج من الحي الذي من المفروض أن يكون الشخصية الرئيسية هو :هو العنوان.
الآخر الشخص الذي كان معه أو قل طفلا هو:آخر العنوان.
سألت الشخصية الأولى الراوي في السطر الرابع الذي تغاضى عن إجابته.
تأتي عبارة :غريب أمرهما ليصبح الراوي في عداد الآخر هل يتعلق الأمر في الآخر الذي يعيش في نفس الراوي، حيث في الأخير يقول أن الأمر لا يهمه وأنه لم يغادر البيت أصلا ويعتذر عن أخذ ذهن القارئ ومصاحبته له في هذه المغامرة الحوارية التي توحي لدى كل قارئ متفحص أبعاد كبيرة كمباحث الفلسة الأنا والآخر وبالضبط مبحث الغير وقولة جون بول سارتر الشهيرة الجحيم هو الآخر .لكن كاتب النص لا يشير إلى ذلك مباشرة ليعنون نصه بهو والآخر والأنا بل اكتفى بكلمة أنا .
إن نصوص البشير ألازمي في قصرها الطول و في قربها البعد.
تحياتي إلى البشير الأزمي المبدع والأخ الكريم.

طارق شفيق حقي
03/02/2007, 06:23 PM
و أنا ما شأني بهما، ثم قبل كل ذلك، ما أدراني بما جرى، لأني لم أغادر بيتي أمس أصلا...عفواً، أخذتكم في الكلام، فمعذرة....


ربما كنت ستكتب كذلك:

أخذتكم في الكلام فمعذرة... وأنا ما شأني
ربما لم أكتب هذه القصة أصلاً


ذهنية قاص من الفن التشكيكي

تحياتي البشير الأزمي

البشير الأزمي
03/02/2007, 09:52 PM
إن نص "هو و الآخر و أنا" محاولة تجربة تعدد الرواة داخل النص الواحد. و تعدد المتلقي في نفس الوقت. و توظيف لعبة الإيهام...
فالمتلقي هو أولاً المتلقي المفترض؛ أي ذلك الذي يفترض الكاتب وجوده وقت إنتاج النص، و هو حاضر في النص، وفي ذهن الراوي، يستحضره وقت الكتابة، و يحاوره : "عفواً"، لم يكن الوقت وقتاً متأخراً بل كان بداية المساء" فعبارة "عفواً" مفعول مطلق لفعل و فاعل محذوفين تقديره اعف عفواً، أي يلجأ الراوي إلى مخاطبة المتلقي. و الأمر ذاته بالنسبة لجملة" و أكرر اعتذاري مرة ثانية"، " عفواً، أخذتكم في الكلام، فمعذرة...." حيث إن ضمير المخاطب يحيل على المتلقي أياً كان و متى وجد..

. ثم إن مثل هذا الأسلوب يؤدي وظيفة أخرى هي " لعبة الإيهام" أي يوهم الراوي أن ما يحكيه أمر واقع قد حدث فعلاً، و أن "طلب الاعتذار" يوهم القارئ أن العدول عما قاله الراوي قبل حين، خطأ فعلاً، وأن الراوي يسعى إلى تصحيح حكيه و بذلك يوهم المتلقي بصدق ما يحكيه.
و الوحدة الثانية من النص من :" سألني إن كنت قد خرجت... إلى نهاية الوحدة " ولم ألبث أن تغاضيت عن إجابته..." تروى من طرف راو ثان، ذلك الذي كان موضوع الرواية في الوحدة الأولى " سألني إن كنت قد خرجت أمس صحبة أخي الصغير.." أصبح موقع الراوي هنا راوياً وفاعلاً/شخصية داخل النص... في حين أصبح راوي الوحدة الأولى مروياً عنه.
ثم نصل إلى الوحدة الموالية حيث يظهر راو ثالث من موقع الرؤية الخلفية يرويعن أحداث الراويين السابقين: " غريب أمرهما، كل واحد منهما يحاول وضع مسافة بينه و بين الآخر"
و لم يكن الغرض أو المقصدية من النص/ الكتابة مضونها و إنما أدبيتها أو تجريب هذا الشكل من الكتابة.
قلت النص/ الكتابة و ليس القصة ، وهذا نقاش سبق أن خضنا فيه، أخي طارق شفيق حقي و أنا، على صفحات المربد عند الحديث عن القصة/الخاطرة الكتابة، لأن القصة هنا جاءت "عبثية" و لم تكن إلا وسيلة للتجريب. "و أنا ما شأني بهما، ثم قبل كل ذلك، ما أدراني بما جرى، لأني لم أغادر بيتي أمس أصلاً...عفواً، أخذتكم في الكلام، فمعذرة....".
فالتجربة بين أيديكم ، فلا تبخلوا علي بانتقادها و تقييمها وتقويمها، و لكم مودتي.


البشير الأزمي
تطوان/المغرب 03/2/2007