المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف ضاعت فيروز



قارورة
29/01/2007, 05:27 PM
دخل الأستاذ نبيل غرفة المدرسين وصخب ازدحام المواصلات الصباحي ما زال يزمجر في أذنيه وجلس ليرتاح بضع دقائق قبل بدء الحصة الدرسية الأولى. وسرعان ما وقعت عيناه على مسجل صغير، تأمله لبرهة ثم خطرت له فكرة جعلته يقفز فرحاً. اقترب من المسجل وتفحصه وابتسم، فكما توقع كان المسجل يحتوي على مذياع. قام بتشغيله وبحث بين الإذاعات المختلفة حتى وجد إذاعة تبث أغاني فيروز. جلس قرب المذياع وأغمض عينيه مترنماً على صوت فيروز محاولاً أن ينسى كل ما حوله.

وبعد دقيقة بالضبط وقبل أن تكمل فيروز أغنيتها، دخل الأستاذ توفيق أستاذ اللغة العربية. كان الأستاذ توفيق معروفاً بميوله الإلحادية، عدا عن أنه كان مدعوماً من السلطات العليا بسبب صلة قربى تربطه بأحد كبار المسؤولين، ولذلك كان معظم المدرسين يتحاشون الخوض في أي نقاش معه. هرع الأستاذ توفيق إلى المذياع فجأة ثم رفع الصوت إلى أعلى درجاته، وكأنه ينتقم من شيء ما أو شخص ما. غضب الأستاذ نبيل من هذه الحركة، وأزعجه الصوت العالي للمذياع خاصة وأنه يجلس بجانبه تماماً. وبدل أن "يطرب" لصوت فيروز بدأ "يطرش" منه، ولكن لأنه رجل مسالم كما تقول عنه زوجته لم يقل أو يفعل شيئاً سوى أن نهض وانصرف.

في الصباح التالي، وصل الأستاذ نبيل مبكراً كعادته، وتفاجأ بوجود المسجل في مكانه في غرفة المدرسين. فسار إليه وشغله وجلس بجانبه مغمض العينين يسبح الخالق وهو يسمع صوت فيروز الملائكي. وبعد برهة دخل الأستاذ حسون مدرس التربية الإسلامية، وقبل أن يرمي السلام على أحد هرع إلى المذياع واقتلع الفيش من مكانه بعنف وكأنه ينتقم من شيء ما أو شخص ما. فتح الأستاذ نبيل عينيه وكأن أحدهم أيقظه من حلم جميل، وغضب من هذه الحركة، ولكن لأنه رجل مسالم كما تقول عنه زوجته لم يقل أو يفعل شيئاً سوى أن نهض وانصرف.

وفي الصباح التالي، وصل الأستاذ نبيل مبكراً جداً. نظر إلى جدول دوام المدرسين وفرح عندما رأى أن الأستاذ توفيق والأستاذ حسون غير موجودين اليوم. هرع إلى المذياع وشغله ووضعه في حضنه هذه المرة وسحب شهيقاً عميقاً وهو مغمض العينين. وبعد دقائق دخل الموجه إلى الغرفة، وما أن وقعت عيناه على المسجل حتى هرع إليه وأخذه من الأستاذ نبيل. ثم أعطاه بدلاً عنه محاضرة في عدم التصرف بأموال الطلاب للمصلحة الشخصية، فهذا المسجل تم شراؤه من صندوق التعاون الطلابي وهو للطلاب ولا يجوز من معلم "محترم" (على حد تعبير الموجه) أن يستغله لأغراض شخصية، ونسي الموجه أو تناسى في غمرة الشعارات التي كان يرددها على مسمع الأستاذ نبيل الولائم التي يقيمها مدير المدرسة لأقاربه أيام العطل في المدرسة والتي يصرف عليها من أموال الطلاب. غضب الأستاذ نبيل غضباً شديداً من هذا النفاق، ولكن ولأنه رجل مسالم كما تقول عنه زوجته لم يقل أو يفعل شيئاً سوى أن نهض وانصرف.

وضاعت فيروز بين الأربعة!

خليد خريبش
29/01/2007, 09:18 PM
ضاع الصوت الملائكي وضاعت البراءة والوداعة بين المتسلطين،تحترق الذات الصادقة الوفية للمبادئ بنيران الانتهازيين،تتألم وسط قهقهة المتلاعبين ،تفر، تبحث عن ملاذ آمن،لتسريح وحيدة بعيدة عن صخبهم أجمعين نص قصصي محكم يوحي بالكثير ،تحياتي.

طارق شفيق حقي
03/02/2007, 06:49 PM
جمع لثلاث حالات للتعامل مع المذياع

والنتيجة ضياع لفيروز:

الأبطال :

الملحد
المتزمت
الموجه
الرجل صاحبنا بطل القصة
فيروز



السؤال لو فتشنا في عقل القاص أو القاصة التي جمعت بين أكثر من موقف رغم أن المواقف كانت ذاتها

لكنها ضمت موقف البطل لهم حين قالت
وضاعت فيروز بين الأربعة!

عقلياً فيروز لم تضيع معه

القفلة جميلة
لكن هناك ما يدعوني ان أفكر أكثر بل أفتش

هل جمع مواقف ثلاث ظن العقل أنها متباينة او كانت فعلاً تصنع قصة

؟؟

السؤال مطروح للجميع

لكن الجهد القصصي مشكور
تحياتي قارورة

خليد خريبش
07/02/2007, 07:35 PM
أظن أن النص الذي بين أيدينا على درجة من الاتقان وصاحب النص على درجة من الوعي السردي،ودليل ذلك أنه حتى يسهل على القارئ ويقربه من مراده قسم النص على شكل فقرات استعملها كمنهجية لعرض النص فهذا العرض ليس اعتباطيا وإن لم يفعل ذلك يستشف القارئ الانتقال الجلي من التعبير عن موقف إلى موقف آخر.
الفقرة الأولى:تعرض الشخصية الأساسية الأستاذ نبيل اختيار نبيل له دلالات: النبل،تعني المبادئ ،الشرف، الابتعاد عن دنايا الخلق،تهرب الشخصية الأساسية أو تفر من بهرجة الشارع وازدحام حركة السير إلى ملجأ يستكين إليه بعد الشيء،إلى من يلتجئ ؟إلى صوت فيروز الملائكي الهادئ الذي يدل في اعتقادي على الوداعة والهدوء والسلام .لقد كان الاختيار فنيا جميلا يصب في بحر الإبداع كذلك.
يدخل صاحب النص في الفقرة الثانية صلب الموضوع من حيث المحتوى، المضمون ،حمولة القصة الهدف من القصة فليس الهدف من القص التفنن في نسج الألفاظ الجميلة المنمقة والعزف على آلة القارئ الدهنية وإطرابه بعذب الكلمات إنما الهدف ما ترك النص في ذهن الكاتب من تأثير إيجابي وما أنار له من عوالم مجهولة.يتسلط توفيق ذو الميول الإلحادية حسب قول صاحب النص،ليرفع صوت المذياع عنوة،دون احترام الشخصية الوديعة،وتأتي لازمة صاحب النص الجميلة :

ولكن لأنه رجل مسالم كما تقول عنه زوجته لم يقل أو يفعل شيئاً سوى أن نهض وانصرف.
يأتي في الفقرة الثانية أستاذ التربية الإسلامية حسون ليقتلع الفيش من مكانه ويحرم نبيل من غفلة استراحة على ايقاع شدى صوت فيروز ،وهنا المراد واضح .بدعوى عدم شرعية الغناء وحكمه .هنا أتكلم عن وجهة نظر شخصيات القصة لا أقل ولا أكثر.
وترتفع درجة أحداث القصة بما هو أهم في الفقرة الثالثة حيث أن الموجه ألذي انهال على شخصيتنا المسالمة بكيل من عبارات النصح يكيل بمكيالين فبينما يرى ويعلم ويتجاهل ما يقوم به مدير المؤسسة من تجاوزات واختلاسات يجدها فرصة لينال من المسالم.

وضاعت فيروز بين الأربعة!
هنا براعة صاحب النص !!!!هنا الرمز رغم أن القصة تبدو واقعية مئة بالمئة لكن فيروز ترمز إلى الحياة التي يطمح إليها الشرفاء،الحياة الهادئة البعيدة عن المزايدات.
لقد حاول صاحب النص الذهاب بالقارئ إلى الفكرة التي يريد،توفق إلى حد ما في نظري.بتعبير واقعي بسيط ومنهج مبسط .
ملاحظة أخرى رغم أن النص يممن بعيد س شخصية كاتبه لكني أرى أنه حاول التجرد إلى حد ما من الذات.
استنتاج:سنحاول استجلاء ما وراء النص، ما يستفاد من النص،أعتقد أن الكاتب يريد أن يبين حال ومآل الشخصية الصادق المخلصة في عملها البعيدة عن الانتهازية والتملق والتي تنبذ كل أشكال التفسخ الاجتماعي والإداري الذي تعرفه مجتمعاتنا في نموذج نبيل،وليس اقتلاع الفيش بالنسبة لأستاذ التربية الإسلامية دليل على نزاهته،ولو كان كذلك لماوظفه صاحب النص يتصرف كذلك،وأعتقد أن تعرض شخصية نبيل لما عرض له إنما غيضا ورفضا لكل نزيه شريف بين المتسلطين.
أحيي إلى قارورة تحية إبداعية.

قارورة
08/02/2007, 04:29 PM
تحية إلى الأستاذ خليد، أشكر لك تحليلك المستفيض.

وتحية أخرى إلى الأستاذ طارق مع أنني لم أفهم شيئاً من ردك :confused:

أعرف أنه لا يحق للكاتب أن يفرض وجهة نظره في فهم القصة على القراء، بل عليه ألا يتدخل في عملية تفسير النص، ولكني سأقول كلمة..

فيروز بالنسبة لي هي الوطن...وقد ضاع بين متزمت وملحد ومنافق وصامت..

شكراً لمروكم..

طارق شفيق حقي
08/02/2007, 08:31 PM
تحية إلى الأستاذ خليد، أشكر لك تحليلك المستفيض.

وتحية أخرى إلى الأستاذ طارق مع أنني لم أفهم شيئاً من ردك :confused:

أعرف أنه لا يحق للكاتب أن يفرض وجهة نظره في فهم القصة على القراء، بل عليه ألا يتدخل في عملية تفسير النص، ولكني سأقول كلمة..

فيروز بالنسبة لي هي الوطن...وقد ضاع بين متزمت وملحد ومنافق وصامت..

شكراً لمروكم..
سلام الله عليك
وتحياتي لك قارورة
أوضح مرة أخرى


هل الجمع بين أكثر من موقف (ظن العقل أنها متباينة أو كانت فعلاً) تصنع قصة؟؟
أو بالأحرى تشكل أدباً
ربما حلقت بعيداً وأدرك أن للنص أكثر من مستوى في القراءة
كذلك يؤخذ حداثة القاص
لكن ليكن ما يكن ولنطرح الفكرة
القاصة لدي تمتلك أدوات قصصية مميزة ولديها القدرة على طبخ حبكة تنتهي بقفلة مميزة وهذه القفلات من النوع الذي أحب
- الذهن يفكر ويصور ويسجل ويحاكم المواقف بغية غربلة الحياة للبحث عن القيمة
فيروز كانت قيمة لدى القاصة ..كانت قيمة ضائعة بين المواقف المذكورة
بطل القصة الأستاذ نبيل لم يكن من أضاع فيروز كما أضاعها الأخرون
إذن كان قيمة إيجابية تضاف للقصة لفضح القيم الأخرى

العملية الذهنية وضعته في القفلة في ميزان الرجال الثلاث
وهو كان الطريق لمعرفة هذه القيمة الضائعة بل للكشف هنا
حبك القصة والنجاح التام في التوصل للخلاصة المكثفة قد يقف على حرف أو كلمة
وأعود للقول
هل فكرة الجمع بين مواقف ثلاث أو أكثر يصنع لنا مادة أدبية
هذا السؤال هو خارج النص هو سؤال للنقاد
ربما يجعلني أفكر في فتح غرفة عمليات للبحث عن الإجابة.

- ملاحظة صغيرة
ليكن استهلال القصة استهلالاً مميز, بدأت القصة

دخل الأستاذ نبيل غرفة المدرسين وصخب ازدحام المواصلات الصباحي ما زال يزمجر في أذنيه وجلس ليرتاح بضع دقائق قبل بدء الحصة الدرسية الأولى.

عذرا من التدخل في الأسلوب مثلاً:
مازال يزمجر في أذنيه صخب ازدحام المواصلات , مازالت الراحة تبحث عنه وهو في غرفة المدرسين ينتظر الحصة الدرسية الأولى.
شكراً لك قارورة

قارورة
08/02/2007, 08:59 PM
وعليك السلام

أولاً، بطل القصة لم يكن قيمة إيجابية، بل كان قيمة سلبية بسبب سكوته، وقد تم التركيز عليه أكثر من الآخرين من خلال اللازمة لإبراز سلبيته، وأنه بسكوته أضاع فيروز تماماً كما فعل الآخرون.

ثانياً، بالنسبة لي، الجمع بين مواقف متعددة سلبية، أو بعضها سلبي والبعض الآخر إيجابي، يشكل مادة أدبية، بل هو برأيي عماد الأدب الهادف. إذا راجعت مسرحيات شكسبير مثلاً، ترى هذا المبدأ في تقديم الشخصية ونقيضها، الموقف السلبي والإيجابي، موقف الابن الضال ويقابله موقف ابن صالح...الخ وذلك لتوعية المشاهد (القارئ في حالتنا) وجعله يخجل من الموقف السلبي. إذاً عندما جمعت بين المواقف الأربعة، كان ذلك بمثابة نصح للقارئ بأن لا تكن من هؤلاء، وهذه هي غاية القصة.

في التراجيديا، يسقط البطل مع من سقط من الشخصيات الشريرة، بسبب خطأ فيه في الغالب، كما سقط نبيل هنا مع الشخصيات الثلاث، وخطؤه الذي جعله يكون ممن أضاعوا فيروز هو سكوته، على الرغم من أنه بدا للوهلة الأولى يحمل قيمة إيجابية.

أخيراً، شكراً على ملاحظتك بشأن الأسلوب. ولكن الأسلوب الذي اقترحته أبعد النص عن الواقعية الذي أردته أن يتلون بها. أعتقد أنني عندما أبدأ القصة بعبارة بسيطة وواقعية (الإنسان يدخل أولاً ثم يشعر بأن الصخب عالق في أذنيه) فإن هذا يدعم موضوع القصة الواقعي.

خليد خريبش
08/02/2007, 09:45 PM
أشير أولا أن قراءة النصوص والتعليق عليها وتعدد وجهات النظر هو صلب المنتديات الأدبية أولا وقبل كل شيء.والقراءات متعددة وتخضع لمجموعة من المعطيات من هو ما هو ذاتي وما هو موضوعي.
ثانيا لدي بعض الإضافات:
الموقف الإيجابي موجود والسلبي موجود:
الإيجابي دليل ذلك أنها وضعت في مقابل الأخرى السلبية.
السلبي في ما يلي:

ولكن لأنه رجل مسالم كما تقول عنه زوجته لم يقل أو يفعل شيئاً سوى أن نهض وانصرف.
وعبارات أخرى منها :
محاولا أن ينسى ما حوله
ثالثا:
فيروز والوطن ممكن لكن النقطة الأساسية التي ربما قد تذهب بالقارئ في هذا المنحى هي ما يلي ولائم المدير و توبيخ الموجه للبطل المسلم على استعماله أدوات الطلاب.
لكن صاحب النص ركز أكثر على حياة نبيل المسلم بين الشخصيات الثلاث.
لنفرض أن فيروز ترمز للوطن وسلبية نبيل بماذا نفسر التجائه دائما إلى هذه الأغنية .
إن هذه الردود إغناء للنص وأنا جد مسرور بهذا النقاش ولكل رأيه ،رؤياه ،قراءته ،فهمه.نقبل الجميع بصدر رحب.

قارورة
09/02/2007, 08:43 AM
خليد خريبش

لا أعرف من أين استنتجت أن البطل مسلم! إلا إذا كنت تقصد "مسالم" وكتبتها "مسلم" دون قصد..

بالنسبة لي لا أرى في مواقف البطل أي شيء إيجابي، لقد قمت بوضع الموقف السلبي للشخصيات الثلاث وقابلته بموقف سلبي من قبل نبيل تمثل في صمته. فهل يمكنك أن توضح لي أين الإيجابية فيه من وجهة نظرك؟

لقد تم التركيز على شخصية نبيل لأنه يمثل الغالبية الساحقة الصامتة في أوطاننا، فالمتزمتون والملحدون وحتى المنافقون يمثلون أقلية مقابل الغالبية الصامتة. هذه الغالبية تحب الوطن، وتلتجئ إليه دائماً كما يلتجئ نبيل إلى فيروزه، لكنها لا تفعل شيئاً لإنقاذ الوطن-فيروز الذي يضيع بين صراعات التيارات الثلاثة، لا تفعل شيئاً سوى الصمت. ولذلك فموقف نبيل سلبي ولا يقل سلبية عن باقي المواقف، بل يزيد.

خليد خريبش
09/02/2007, 12:18 PM
أعتذر ،لقد ارتكبت خطأ في الكتابة أن لم أقصد أن الكاتب مسلم بل مسالم .
بدت لي أوجه الإيجابية في البطل فيما يلي:
السياق يدور في مؤسسة تعليمية وفي قاعة الأساتذة،بدون شك.
بماذا نصف أستاذ يتجنب الملحد والمتزمت والمنافق أثناء العمل .لا يدخل معهم في نقاش أو جدال،لأنه سيكون نقاشاعقيما،وهذا السلوك إيجابية في نظري لأنه سيكون قدوة للمتعلمين وليس استسلاما لأنه حافظ على السير الإيجابي العام للمؤسسة،تجنب هؤلاء في مؤسسة تعليمية ليس سلبية بل إيجابية فهو يحرص على احترام القانون الداخلي.ولو أردت إظهار السلبية مثلا لقلت دخل أستاذ آخر إلى القاعة التي يشتغل فيها وتركه هو وتلامذته خارجا ولم يفعل شيئا مثلا.لم يلتجئ إلى المدير لاتخاذ قرار.
لو كان في مقهى أو شارع أوسلب منه شيئا ولم يبلغ الشرطة أو لم يقم برد فعل هنا تثبت السلبية وتظهر بجلاء.
أكرر شيء آخر:سلوك مثل خفض المدياع أو رفعه حتى وإن طالب بحقه قانونيا فلن ينال شيئا.وبالتالي فالبطل لا يعطي أهمية لمثل هذه التفاهات.ونعم البطل.
نقطة أخرى مدخل القصة:


غضب الأستاذ نبيل غضباً شديداً من هذا النفاق،

هل هذا سلوك إيجابي أم سلبي ؟وذلك أضعف الإيمان .

طارق شفيق حقي
09/02/2007, 04:19 PM
سلام الله عليكم

كما توقعت تماماً منذ البداية

النص الأدبي يعتمد ثلاثية
المرسل_________الرسالة__________ المتلقي

ينتقل لدى المرسل من المعنى للمبنى وهنا تكون لا يفطن المتلقي للرسالة بحكم وضوح المعنى

أما لدى المتلقي فالعملية معكوسة فالمعنى غائب بداية وتبدأ العملية من المبنى للمعنى

أي المعنى الجديد يبنى على المبنى الذي وصل للمتلقي

شخصياً أرفض فكرة عدم تعليق صاحب النص على نصه

وهذه الفكرة قد طرحت في الأوساط الأدبية ولم يفهمها الكثيرون


وهي قصدت شرح الصورة الشعرية وتقنينها بخيال الشاعر فقط, بل لنترك للجميع حرية أبعاد هذه الصورة

هذا باقتصاد

ثم

كما أظهر نقد القصة وكما شرحت القاصة ظهر اختلاف بين معنى القاصة ومعنى القصة

بين معنى المرسل ومعنى الرسالة

فالمرسل يرى أن البطل الذي كان محور القصة كما ظهر يحمل قيمة سلبية

بينما ظهر بالنقد ذا موقف إيجابي ولو كان صامتاً بل بمجرد حبه لفيروز وسماعه لها خرج للفعل وبذلك أظهر تنقاض القيم السلبية الأخرى( هنا لو فرضنا أن فيروز قيمة إيجابية كما تريد القاصة)


رد القاصة :


النسبة لي لا أرى في مواقف البطل أي شيء إيجابي، لقد قمت بوضع الموقف السلبي للشخصيات الثلاث وقابلته بموقف سلبي من قبل نبيل تمثل في صمته. فهل يمكنك أن توضح لي أين الإيجابية فيه من وجهة نظرك؟


لقد تم التركيز على شخصية نبيل لأنه يمثل الغالبية الساحقة الصامتة في أوطاننا، فالمتزمتون والملحدون وحتى المنافقون يمثلون أقلية مقابل الغالبية الصامتة. هذه الغالبية تحب الوطن، وتلتجئ إليه دائماً كما يلتجئ نبيل إلى فيروزه، لكنها لا تفعل شيئاً لإنقاذ الوطن-فيروز الذي يضيع بين صراعات التيارات الثلاثة، لا تفعل شيئاً سوى الصمت. ولذلك فموقف نبيل سلبي ولا يقل سلبية عن باقي المواقف، بل يزيد.

هذا الرد يذهب بنا لمنحى أخر

هل استطاعت القاصة ان تصور البطل الصامت كقيمة سلبية

البطل ظهر للجميع كقيمة إيجابية

شخصياً حين قلت لها أنها لم تحسن الخاتمة حين قالت وضاعت فيروز بين الأربعة
فهمت من النص ما لم تقصد هي
وهنا حدث خلل وهو اختلال الرسالة وعدم تطابقها مع المعنى في ذهن القاصة وجاء رد القاصة يفسر هذا الارتباك

-لكن الفكرة لدي لازالت تبحث حول الجمع بين المواقف لإظهار قيمة إيجابية ؟
والسؤال موجه لذاتي?<..

خليد خريبش
09/02/2007, 09:13 PM
تحية إبداعية إلى القاصة قارورة ونشكرها على مشاركتنا في مناقشة نصها القصصي الذي سلطنا عليه مجموعة من الأضواء وهذا شيء يسعدني كما نشكر الأخ المدير العام طارق شفيق حقي على حضوره الدائم وحرصه على متابعة جل النصوص القصصية .
ولقد استمتعنا بما دار حول بطل قصتنا نبيل و أعدت قراءة النص جيدا والردود وأدركت من خلال الردود المغزى الذي هدفت إلى تبليغه القاصة ،وصحيح ما ذهب إليه الأخ طارق في أن هناك بون بين تفسير القاصة لرسالتها وبين المعنى الذي استفدناه من خلال تحليل النص،والفكرة التي طرحها الأخ طارق للنقاش حول كيفية الجمع بين هذه المواقف لإظهار قيمة إيجابية في القصة بالأهمية بما كان.
مثلا:لدينا بيت ما دخله أربعة رجال الأول الأول سرق المجوهرات الثاني كسر الزجاج الثالث قتل كلب الحراسة الرابع لاحظ السرقة ولم يكترث لهذا العمل وضاع البيت بين الأربعة . ستصبح الأمور بديهية بعض الشيء ويصعب أن تبدي قيمة إيجابية ،وخاصة أن مثال فيروز وظف كرمز لو استعملت القاصة الوطن مباشرة ستبدو الإيجابية بعض الشيء،ستكون القيمة الإيجابية هي غيرة القاصة على الوطن وضياعه بين هؤلاء،ولكن هنا ستغيب الأدبية.
وشكرا للجميع.

قارورة
10/02/2007, 04:11 PM
الأستاذ طارق قال:
كما أظهر نقد القصة وكما شرحت القاصة ظهر اختلاف بين معنى القاصة ومعنى القصة
بين معنى المرسل ومعنى الرسالة

يا صديقي ومن قال أن معنى الرسالة تحدده أنت فقط (كقارئ اسمه طارق) حتى تقول لي أن هنالك اختلافاً (أو اختلاف، لا أعرف فقد خانتني السليقة) بين معنى القاصة ومعنى القصة؟
قد يأتي قارئ غيرك (ولو بعد حين) ويفهم المعنى الذي قصدته أنا تماماً، وبذلك يكون نصي متجدداً بشكل دائم، كلما قرأه قارئ جديد اكتسب معنى جديداً حتى وإن لم أقصده أنا. ثم إنك قلت بأن البطل بدا "للجميع" شخصية إيجابية، وأنا أود أن أسأل: من هم الجميع؟ أنت والأستاذ خليد؟ لا يمكنك التعميم، فكما قلت قد يأتي قارئ ولو بعد حين ويطرح وجهة نظري دون أن أخبره بها.

الآن أود أن أناقشك بشأن قيمة نبيل الإيجابية بنظرك. أنت قلت
ولو كان صامتاً بل بمجرد حبه لفيروز وسماعه لها خرج للفعل وبذلك أظهر تنقاض القيم السلبية الأخرى.

ولكن أحد الشخصيات التي اتفقنا أنها سلبية أظهر أيضاً حبه الظاهري لسماع فيروز ورغبته في سماعها، وذلك عندما رفع الصوت إلى أعلى درجاته. إذاً فمجرد سماع فيروز لا يعني ميزة إيجابية، وإلا لكانت شخصية الأستاذ توفيق أيضاً إيجابية.

السؤال المهم بالنسبة لي:
هل استطاعت القاصة ان تصور البطل الصامت كقيمة سلبية

بالنسبة لي عندما أرى شخصاً يقلل الآخرون من احترامه ثلاث مرات ولا يفعل شيئاً، أحتقره وأعتبره شخصاً سلبياً فوق العادة، وأظن أن هنالك أناس مثلي. كلما قرأت القصة مرة أخرى كلما أردت أن أصفع نبيل، الذي يواري طبيعته "المستسلمة" خلف ستار "المسالمة".

على أية حال، حاولت التركيز على نقطة سلبية في شخصية البطل، لأجعلها تكبر وتطغى على ما يمكن أن يراه القارئ إيجابياً فيه، بينما رسمت الشخصية نفسها (حسب رؤيتك والأستاذ خليد) شخصية إيجابية بنقطة ضعف تكاد تخفى على القارئ..هذا هو الخلل. أو ربما الخلل في غموض الرمز (فيروز=الوطن) كما قال الأستاذ خليد، وفي هذه الحالة ستعتادون على رموزي بعد فترة.

قلتَ:
-لكن الفكرة لدي لازالت تبحث حول الجمع بين المواقف لإظهار قيمة إيجابية ؟
والسؤال موجه لذاتي

وأقول:
هل تسمح بالإجابة عنه بصوت مسموع؟

الأستاذ خليد قال
تجنب هؤلاء في مؤسسة تعليمية ليس سلبية بل إيجابية فهو يحرص على احترام القانون الداخلي

هذا المنطق قريب من المنطق الذي يقول "سلطان جائر خير من الفتنة" وأنا ضد هذا المنطق حتى العظم، وربما لهذا لم تصلك رسالتي.. اختلاف في أنماط التفكير. برأيي أنه من حق الإنسان أن يحترمه الآخرون في مؤسسة تعليمية أو في الشارع على حد سواء، وإذا سكت عن هذا الحق فهو إنسان سلبي، وإذا كان في تحركه لفرض احترامه (وهو جزء من كرامته) مخالفة للقانون فالعيب في القانون وليس فيه.

شكراً لنقاشكم فقد استفدت منه الكثير.