المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسرحية اسمها محاكمة



رزاق الجزائري
02/01/2007, 03:12 PM
منذ محاكمة نورنبرغ الشهيرة بعد سقوط النازية كان الخلاف بين الحقوقين و الساسة حيث كانت النقطة الجوهرية محل الجدل هو هل يحق للمنتصر محاكمة المهزوم بكل ما يتحمل ذلك من اجحاف في محاكمة عادلة و يتسائل رجال القانون الدولي عن فائدة انشاء محكمة للعدل في لاهاي فالمنتصر في نزاع او حرب ليس في موقف موضوعي لمحاكمة المنهزم.
فمنذ الايام الاولى للقبض على صدام حسين استبعدت قوات الاحتلال ان تتم محاكمته دوليا مثلما كان الحال بالنسبة لميلوزوفيتش و الرئيس الاوغندي و غيرهم حيث قال بوش ان محاكمة صدام سيضطلع بها العراقيون و لم يكن هذا الرفض بالأمر البريء او هدية من بوش و ادارته للشعب العراقي بل وسيلة للتهرب من محاكمة عادلة و كاملة لمن كان حليفهم طيلة سنوات الثمانينات لانه لو حصل صدام على محاكمة عادلة لظهرت العديد من الاسرار عن دور لواشنطن في كل ما نسب اليه لذا عجلت سلطات الاحتلال و مواليهم من الحكومة العراقية في اعدامه في قضية مقتل 143 مدنيا اثر محاولة اغتياله في ما عرف بقضية الدجيل و هذه القضية هي محدودة اذ محصورة فقط بالبعد العراقي و ان تعدت فالى البعد الايراني التي كانت في حالة حرب مع العراق آنذاك و لكي يسدل الستار على القضايا الكبرى و الاكثر اهمية مثل قضية حلبجة و الانفال و غزو الكويت و قمع انتفاضة الشيعة و ملابسات حرب الخليج الاولى.
إضافة الى ذلك فمحاكمته شابتها خروقات صارخة لحقوق الدفاع مست الجانب الشكلي و الجوهري و سادتها الصبغة الطائفية التي لم تبتعد عن تنفيذ اعدامه.و يمكننا ان نعدد قائمة طويلة لهذه التجاوزات اولاها لاشرعية المحكمة التي تم تاسيسها بتأطير من بول بريمر الحاكم العسكري السابق للعراق و الذي خرج بفضائح لا زالت رائحتها تفوح من رغم ان العراق دولة محتلة حسب تعريف الامم المتحدة .
النقطة الجوهرية الثانية الصبغة الطائفية التي شملت المحاكمة أذ كان القاضي كرديا و الادعاء شيعيا مما يبعث على أكثر من تساؤل فالكرد موالين لامريكا و الشيعة ولائهم لايران عدوتي صدام اللدودتين.
ثالثا استبدال ثلاث قضاة و اعتراف القاضي *رازغار حكيم* بضغوط سياسية كان يتعرض لها اثناء محاكمته لصدام مما يدل على عدم استيفاء شرط الاستقلالية للمحكمة ليستبدل بالقاضي *رؤوف عبد الرحمن رشيد*الذي كان قد حكم عليه بالاعدام مرتين في عهد صدام .
كما ان المحكمة التي استمرت لشهور كانت تحت سيطرة قوات الاحتلال الامريكية التي قامت بـتأطير عملية البث المسجل لاطوارها و كان مقص الرقيب يقطع كل الاجزاء المهمة خاصة عندما يتكلم صدام حسين .
ثم الضغوط التي مورست على هيئة الدفاع حيث تعرض ثلاثة منهم للقتل و قيام سلطات الاحتلال و مواليهم بتوفير الحماية للادعاء دون هيئة الدفاع ..
من هنا نستطيع ان نقول ان محاكمة صدام حسين و الحكم عليه بالاعدام و تنفيذه كانت مدانة بكل المقاييس القانونية و الاخلاقية و تضعنا امام اللامجهول في مصير العراق. و حكم الاقوياء في هذا العالم.