المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المخطوطــــــــــــــــــة ...



أبو شامة المغربي
18/12/2006, 06:32 PM
http://www.maknoon.com/mon/userfiles/heartttro1.gif

http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/borders/www.mowjeldoha.com-borders-150.gif

http://alketab1117.jeeran.com/عنوان.jpg

المخْطُوطَـةُ

الدكتور يوسف زيدان

http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/borders/www.mowjeldoha.com-borders-150.gif

هناك تعريفٌ لُغَوي لكلمة (مخطوطة) وآخرُ اصطلاحى .. فمن حيث اللغة، فالمخطوطة هى كلُّ ما خُطَّ باليد، وهى تقابلُ اليوم فى المعنى العام (المطبوعة) فما يتم نسخُهُ أو تدوينُهُ باليد فهو المخطوط وما تخرجه الماكينات هو المطبوع، هذا من حيث الإجمال.

غير أن الدلالة الاصطلاحية للكلمة، لا تقع على عموم ما خُطَّ باليد، إذ الأمر فيه تخصيصٌ بحسب الاختلاف الواقع بين أنواع (الكتابة) التى خَطَّتها الأيدى .. فهناك - على سبيل المثال - تلك الكتابات التى نراها على جدران المساجد والأسبلة وغيرها من عمائر الإسلام، ومنها ما قُدَّ فى الحجر بالأزميل، أو رُسم بالفرشاة على الحوائط، أو تشكَّل بالفسيفساء، وهذه كلها لا يقال لها (اصطلاحاً) مخطوطات، بل نقوش وزخارف.

وهناك كتاباتٌ من نوع صكوك البيع، أو عقود الزواج، أو الإيجارات أو الضرائب والمكوس المفروضة، أو عهود الأمان، أو إعلان الحرب، أو الوقفيات، أو التعليمات الإدارية .. وكلها تكون فى الغالب من ورقة واحدة، لا تسمى (اصطلاحاً) مخطوطاتٍ، بل وثائق.

وهناك السور القرآنية والآيات المكتوبة باليد ، بعضها مكتوب باليد فى رقاعٍ منفصلة، أو فى رقوقٍ مجموعة، وبعضها مستلٌّ، أو مجتمعٌ فى أحزاب وأرباع مستقلة، وبعضها فى كتابٍ كامل، يبدأ بالفاتحة، وينتهى بقصار السور، ولا تسمى هذه كلها (اصطلاحاً) مخطوطات، بل مصاحف شريفة.

وعلى هذا النحو، فإن ما يقال له مخطوطة لغةً واصطلاحاً، هو كتابٌ خُطَّ باليد، وينتمى لأحد العلوم والمعارف التي دوَّنها العرب والمسلمون قبل زمن الطباعة، وبعده بقليل، سواءً كان هذا الكتاب من إبداع العرب/ المسلمين، أو كان مما نقلوه عن الأمم السابقة.

والمخطوطة قد تكون كتاباً مستقلاًّ فى مجلد واحد، وقد تكون مجموعة كتب ورسائل مختلفة العناوين جُلِّدت معاً، فبدت كأنها كتابٌ واحد، وهذا النوع الأخير، هو المعروف لدى المشتغلين بالمخطوطات باسم المجاميع .. وقد رأيتُ في الخزانات الخطية مجاميع يصل عدد العناوين فيها لأكثر من ثلاثين عنواناً مختلفاً، مختلفة الأقلام وسنوات النسخ.

وأيضاً، فالمخطوطة قد تكون في علم بعينه، من تلك العلوم والمعارف التى كتب فيها العرب والمسلمون، وقد تكون - وهي واحدة - جامعة أكثر من علم، كما هو الحال في بعض النصوص الجامعة بين الرياضيات والفلك، أو بين الأدب والتاريخ، وكما هو الحال في تلك الأعمال الفكرية ذات الطابع الموسوعي الجامع لمعارف ومعلومات شتى من عدة نواحٍ، وهى تلك المؤلفات التى يطلق عليها في اصطلاح المشتغلين بالتراث وفهرسة المخطوطات: فنون منوَّعة، ويطلق عليها في التصنيف الموضوعي للمخطوطات: معارف عامة.

وقد تعمَّد بعض المؤلِّفين المتأخِّرين، وضع أكثر من علم فى مخطوطة واحدة، ومنهم مَنْ كتبها بحيث إذا قُرئت طولاً كانت كتاباً في علمٍ ما، وإذا قرئت عرضاً كانت كتاباً فى علمٍ آخر، ومن أشهر الأمثلة على ذلك، ما جمعه القاضي شرف الدين إسماعيل بن المقرئ اليمني (المتوفى 837 هجرية) من كتبٍ خمسة من تأليفه، كتبها على نحوٍ شبيه بما يُعرف اليوم بالكلمات المتقاطعة، وجعلها بعنوان: عنوانُ الشرفِ الوافي في الفقهِ والنحوِ والتاريخِ والعروض والقوافي.

والمخطوطة قد تكون متناً، أو شرحاً، أو حاشية، أو تعليقاً، فالمتن هو الكتاب الأصل الذي وضعه مؤلِّف يكون غالباً من المشاهير، فيأتى من بعده شارح يعتنى به فيشرحه فى كتابٍ آخر، وقد يأتي بعد الشارح شارحٌ، فيضع على الشرح حاشيةً قد تطول أو تقصر، ويُسمَّى صاحبها المُحَشِّى، وقد يأتي مِن بعده مَنْ يضع على الحاشية تعليقات أو تقييدات أو هوامش مَوضِّحة، وهو المسمَّى المعلِّق.

وفي أحيان كثيرة، نرى في عالم المخطوطات كُتباً تضم متناً مشهوراً وشرحاً عليه، مكتوباً فى فراغ الورقة المحيط بالمتن، وقد يُنسخ الشرحُ فى مخطوطةٍ مستقلةٍ يحيط ببياض ورقتها حاشيةٌ من الحواشى.. غير أن الحواشي قد تطول، حتى يقع بعضها (مستقلاًّ) في مجلداتٍ مستقلة، كما هو الحال (مثلاً) في مجلدات حاشية ابن عابدين.

وقد تشتهر حاشيةٌ شارحة لحاشية أخرى، فنراها في خزائن المخطوطات مستقلةً في كتاب، كما هو الحال مع كتاب نور الدين الأحمدآبادى: الحاشية القويمة على الحاشية القديمة، أو كتاب عبد الحميد الخربوتي: الحاشية الجديدة على الحواشي السيالكوتية الواقعة على طرف التصورات من الشمسية، وهاهنا تفصيلٌ لازمٌ، فالشمسية عنوانٌ لعدة رسائل معروفة في التراث العربي، المراد منها هنا الرسالة الشمسية في القواعد المنطقية للقزوينى (نجم الدين عمر بن علي الكاتبي، المتوفى 693 هجرية) أهداها لصديقه الخواجه محمد شمس الدين فعُرفت بالشمسية، وعلى الرسالة شروحٌ وحواشٍ لا تُحصى، منها شروحٌ عامة للرسالة كلها، وشروحٌ اقتصرت على مبحث التصورات وشروح اقتصرت على مبحث التصديقات.

ومن هذه الشروح والحواشي التي لاتُحصى، مادوَّنه السيالكوتي (عبد الحكيم بن شمس الدين محمد الهندى، المتوفى 1067 هجرية) على أطراف الشمسية من تعليقات شارحة لمبحث التصورات، وهي حواشٍ علَّق عليها بدوره: عبد الحميد الخربوتي، وهذه التفاريع المتشابكة كثيرةٌ فى التراث العربى، سوف نتناولها في كتابٍ مستقلٍ أُعدُّ له منذ سنوات، وأرجو أن نصدره قريباً، عنوانه: أشجار المؤلفات العربية.

وقد جاء إصدار الكتاب الذي بين أيدينا، متزامناً مع انهماكي في الإعداد لمؤتمر المخطوطات الشارحة الذي أصبو إلى نجاحه في إلقاء الضوء على هذه المنطقة التراثية الثرية.

وبالطبع، فلن نخوض هنا في المزيد من التفاصيل حول ما هو مخطوط فى تراثنا؛ إذ غايتنا – فحسب- تبيان المعنى الإصطلاحى للمخطوطة.. وفي هذا القدر السالف كفايةٌ للمستفيد، وأما من أراد المزيد، فعليه بالرجوع إلى البحوث المفردة في علم المخطوطات وتاريخ الكتابة العربية.

المصدر (http://www.ziedan.com/books/Millenary/1.asp)

حياكم الله

http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif

http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/borders/www.mowjeldoha.com-borders-150.gif

د. أبو شامة المغربي

http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif

kalimates@maktoob.com