المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفلوجة المعنى والهدف



جمال النجار
18/11/2004, 07:57 PM
اقتحمت مكتبى منزعجة غاضبة ( ووحدها من يمتلك الشجاعة على ذلك ) ابنتى الحبيبة مها
وسألتني بانفعال لماذا الإصرار الامريكى على تدمير الفلوجة وابادتها ؟؟
ولماذا ذلك الصمت العربى المشين على المستويين الرسمي والشعبى ؟؟
فطلبت منها الجلوس ولكنى طلبت منها الاحتفاظ بغضبها فهذا أوان الغضب
وقلت لها
لكى نعرف سبب الإصرار على ابادة الفلوجة يجب أن نعود إلى القصة من بدايتها مع تساؤل يجب أن نطرحه
لماذا حضرت أمريكا إلى المنطقة ؟؟ولماذا بدأت بالعراق ؟؟
للإجابة على الشق الأول من السؤال يجب أن نعرف أن البترول هو وقود الحضارة الإنسانية بدونه تتوقف وتموت ومن يتحكم فيه يستطيع أن يحكم العالم كله وقد وهبنا الله الجزء الأكبر من هذه الثروة فى أرضنا العربية
ويكفى لندرك خطورة ذلك أن نعلم أن أكثر من ثلثى استهلاك اليابان وأوروبا من البترول يحصلان عليه من المنطقة العربية وان جزء كبير من الاستهلاك الامريكى أيضا يخرج من منطقتنا العربية
وهو ما يعنى أن من يتحكم فى البترول العربى يستطيع أن يقود العالم بعدما يصبح الاقتصاد الاوروبى واليابانى تحت سيطرته
ورغم سيطرة الشركات الأمريكية على ذلك البترول العربى إنتاجا وتسويقا
إلا انه فرق كبير بين أن تعمل تلك الشركات فى حماية أنظمة عربية حليفة لأمريكا تستطيع أن تتعاقد مع شركات أخرى ولها مصالح مع دول أخرى قد تتعارض فى جزء منها مع المصالح الأمريكية وبين أن تعمل فى حماية الجيش الامريكى نفسه فى مناطق يسيطر عليها ذلك الجيش بعدما تتحول الأنظمة الحاكمة إلى مجرد تابع ( وليس حليف ) يتلقى أوامره من الحاكم الامريكى مثل نموذج العراق الحالي
ولكنى نستكمل باقى الصورة وللإجابة على الشق الثاني من السؤال يجب أن نعود إلى أكتوبر 1973 حيث تخبرنا وثيقة رفعت هيئة المحفوظات البريطانية السرية عنها لمرور ثلاثون عاما عليها
وكشفت هذه الوثيقة أن أمريكا أحاطت بريطانيا علما بعزمها على غزو السعودية والكويت والإمارات العربية عام 1973 للسيطرة على منابع البترول وانه هناك ثلاثة ألوية عسكرية أمريكية مكلفة بهذه المهمة يدعمها الأسطول الامريكى وان أمريكا تطلب الدعم العسكري البريطاني فى هذه المهمة وان العقبة الرئيسة التى تعوق هذه الخطة هى احتمال تدخل الجيش العراقى لمنع أمريكا وبريطانيا من احتلال منابع البترول
كان هذا هو الخبر الذى نشرته جريدة الأهرام القاهرية فى عددها يوم 2/1 / 2004
فإذا أضفنا إليه أن وصول القوات المدرعة العراقية إلى سوريا يوم 9 أكتوبر 1973 هو ما أدى إلى فشل خطة إسرائيل لاحتلال دمشق وأنقذ سوريا كلها
يصبح التساؤل عن متى اتخذت أمريكا قرارها بحتمية تدمير الجيش العراقى حتى تتمكن من السيطرة على المشرق العربى ومنابع البترول ؟؟
وتكون الإجابة طبقا لمنطق الأحداث أن أمريكا اتخذت ذلك القرار فى أعقاب حرب أكتوبر 1973 مباشرة
والآن نصل إلى الفلوجة
حيث بعد تطورات كثيرة بدأت بإبعاد الدول العربية عن مصر بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل
ومرت بتوريط العراق فى معركة مع إيران لمدة ثمانى سنوات استهلكت الكثير من قدرات هذه الأمة
ثم كان انهيار الاتحاد السوفيتي القطب الثاني والمناوىء لأمريكا
ومرت بإغراء العراق بغزو الكويت واتخاذ ذلك ذريعة لتدمير العراق فى حرب الخليج الأولى 1992
ثم رأى أصحاب القرار فى أمريكا انه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي فانه قد حان الوقت لقيام الإمبراطورية الأمريكية ويحثوا عن نقطة لتكون البداية
وكانت العراق أصلح النقط لذلك
فقد أدركوا أهمية العراق وخطورته منذ عام 1973 وبعد تدمير الجيش العراقى فى حرب الخليج الأولى وبعد حصار العراق لمدة اثنى عشر عام حتى أصبح فى حالة ضعف شديدة بحيث يكون النصر عليه مدويا مرعبا للجميع
اتخذ القرار فى ظل إدارة أمريكية تعتنق المسيحية الصهيوينة وهى عقيدة نشأت فى أمريكا تؤمن بحتمية قيام إسرائيل الكبرى وحتمية بناء هيكل سليمان حتى ينزل المسيح ثانية ويحكم الأرض
وهكذا ارتدت الأطماع الاقتصادية مسوح الدين
وارتدى السفاحون ملابس الرهبان
وكان سقوط بغداد المشين بدون قتال هو لحظة تدشين حلم الإمبراطورية الأمريكية عندما وقف الرئيس الامريكى مرتديا ملابس القتال على ظهر حاملة طائرات ليعلن سقوط العراق وبداية عصر الهيمنة الأمريكية على العالم
وفى غمرة النصر الامريكى
ومازال الجميع ثمالى بنشوة ذلك النصر
ظهرت الفلوجة
تلك المدينة الصغيرة التى أجبرت الإمبراطورية الأمريكية على التفاوض معها لإيقاف إطلاق النار
وكانت صفعة أطاحت بكل أوهام الأباطرة
وتحولت الفلوجة إلى معنى ورمز لتحدى الهيمنة الأمريكية بكل جبروتها
ووقف العالم مندهشا من ذلك العملاق الامريكى الذى ركع على قدميه أمام ضربات مقاومة مدينة صغيرة تدعى الفلوجة أجبرته على التفاوض معها
وعشية إعادة انتخاب الرئيس الامريكى
والذى أعاد الشعب الامريكى انتخابه ليحكم ما بدأه من القضاء على الإسلام واحتلال منابع البترول لإحكام السيطرة الأمريكية على الاقتصاد العالمى
كان لابد من القضاء على الأمل الذى أعادت الفلوجة إحياءه بقدرة الشعوب على مقاومة العملاق الامريكى وتحديه
وصدرت الأوامر بإجبار الفلوجة على الركوع أو ابادتها لتكون عبرة للجميع
فلو انتشر نموذج الفلوجة سينهار حلم الإمبراطورية الأمريكية قبل أن يبدأ
وأدرك الجميع ذلك لهذا خرجت المظاهرات فى اليونان والدنمارك لتندد بالجريمة الأمريكية فى الفلوجة التى تحولت إلى رمز لصمود الشعوب
ورأيت الحزن فى عين ابنتى وهى تسألني وما الحل وقد دمروا الفلوجة وأبادوا سكانها ولماذا الصمت العربى على ما يحدث ؟؟
فضحكت وقلت لها يا ابنتى
لقد ولدت فلوجة جديدة فى الموصل
وستولد فلوجة جديدة كل يوم على ارض العراق
المشكلة ليست فى العراق فشعب العراق تعود على القتال فهو فى حالة قتال مستمر منذ الثمانينات من القرن الماضي
وهو شعب يجيد معظمه استخدام السلاح وتعود على الغارات الجوية وقصف الصواريخ وهو شعب تعود أن يعيش بدون كهرباء وبدون مياه أو صرف صحي شعب ألف صعوبة الحياة وشظفها وخشونتها
المشكلة الحقيقية فى باقى الشعوب العربية التى أدمنت رفاهية الحياة ونعومتها
يا ابنتى لقد فقدت الشعوب العربية رغبتها فى الحياة نتيجة تعرضها لأكبر حملة غسيل مخ قادها الإعلام الحقير العميل تحت قيادة حكام باعوا شعوبهم وأوطانهم مقابل كراسي حكمهم
وهكذا تم تحطيم كل القيم النبيلة والكريمة فى حياتنا
وهكذا تم تحطيم كل الرموز الشريفة فى تاريخنا حتى أصبحت الشعوب تؤمن أن كل أمجادنا فى مجال الفن الهابط الرقيع والرياضة الفاشلة
السؤال المخيف حقا
لو تمكنت أمريكا من قهر العراق وانطلقت
هل ستنبت الأرض العربية فلوجة جديدة ؟؟
أم أنها ارض الفت النعيم ونسيت كيف تلد البطولة ؟؟
ادعوا الله يا عرب أن يستمر صمود أبناء العراق
جمال النجار

طارق شفيق حقي
18/11/2004, 09:35 PM
اعتقد أستاذنا الكريم مؤيدا لكل ما قلته هنا
أن الحصار الذي قامت به أمريكا كان غباء كبيرا منها
فذلك الحصار كان تحضيرا للشعب لتقبل ما يحصل اليوم لا أنكر أن له سلبيات ومنها انكباب ضعفاء النفوس على ما حرموا منه وأغلبه سلبي لكن كما قلن أنهم ضعفاء النفوس

ذلك الحصار كان تحضيرا قويا لما نراه من صبر للمقاتلين

أما عن سقوط الفلوجة

يقترب من كل واحد منا حلم رومانسي جميل وهو أن تدوم المقاومة وتنتصر في الفلوجة وهي ستنصر إن شاء الله

لكن ماذا لو سقطت الفلوجة نهائيا وقتل كل مقاتل فيها

أقول ذلك هو النصر الكبير حيث ستكون دماء الشهداء مداد لكل المدن فالمحتل لن يخرج أبدا بمقاومة مدينة واحدة بل بكل المدن وحينها النصر المؤزر
لمعنويات عالية توقعوا كل شيء , والنصر بيد الله.