المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإعلان الأول لحقوق الإنسان



بنت الشهباء
04/12/2006, 07:13 PM
الإعلان الأول لحقوق الإنسان



بقلم الدكتور: نظمي خليل أبو العطا

احترنا مع الالتقاطيين ومع المستغربين واختار الالتقاطيون والمستغربون معنا، الالتقاطيون من المسلمين يرفضوا مبدأ حقوق الإنسان جملة وتفصيلاً مصطلحاً ومقصداً وبنوداً مستندين على فهم كبرائهم في هذا الشأن فهم يرددون ما يسمعون دون وعي أو فهم فتشابهوا مع من )اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ( وهؤلاء النفر انكشفت كثير من أخطائهم في الآونة الأخيرة، هؤلاء عجزت أفهامهم عن كل فهم وقراءة عصرية للنصوص، كتب أحدهم يرفض حتى كلمة حقوق الإنسان، المتضمنة لحق الحياة وحق الحرية وحق العدل والعمل والأمن، واحتار المستغربون معنا فكل يوم يأتوننا ببضاعة جيدة من الغرب فنقول لهم هذه بضاعتنا ردت إلينا وقد نكَّرتهَا ولوثتها الحضارة المادية الغربية وصبغتها بصبغتها العلمانية الفاسدة المضادة للفطرة السوية.

ـ ومن المنتجات المهمة التي أحضروها إلينا حقوق الإنسان، وعرضوها علينا ليبهروننا بها ففوجئوا بنا نخرج لهم أصل هذه البضاعة المبثوث والمحفوظ في الحياة العلمية للحضارة الإسلامية.

ـ عرضوا علينا الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان بعدما وضعوه في مقدمة الدستور الفرنسي الصادر عام (1791م) والمتضمن حق الإنسان في الحرية والملكية والأمن ومنع الضرر وغير ذلك من الحقوق الحقيقية الواردة في الإعلان الفرنسي ففوجئوا بنا نقول لهم سبقكم الإسلام إلى ذلك وأوردنا لهم النصوص الدالة على ذلك.

ـ عرضوا علينا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام (1948م) والمتضمن حق العدل والحرية والحق في الحياة وحفظ الكرامة، وحق التملك، والحق في العمل والراحة والتعليم وغير ذلك من الحقوق الحقيقية ففوجئوا بنا نقول لهم سبقكم الإسلام إلى ذلك وأبرزنا لهم النصوص الإسلامية الدالة على ذلك.

ـ أدخلنا الإعلانين السابقين إلى جهاز كشف وبيان الحكمة والأصالة الإسلامي، فتعرَّف معظم الحقوق وأثبت أصالتها الإسلامية وكشف بعض بنور الهوى وأثبت خطورتها، ودق ناقوس الخطر منبهاً على ذلك، وهذا ما بينا بعضه في مقالنا السابق عن الضوابط الأساسية التي يجب أن تلتزم بها جمعيات حقوق الإنسان في ديارنا الإسلامية.

أول إعلان لحقوق الإنسان في الإسلام:

في السطور التالية نبين: أن أول إعلان لحق الإنسان في الحياة والحرية والعدل والكرامة في الإسلام هو قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( كل إنسان تلده أمه على الفطرة ) رواه البخاري ـ وانظر إلى كلمتي إنسان وفطره، والفطرة تشمل: الحرية، والحق في الحياة الكريمة والعدل وغير ذلك من المعاني التي يدل عليها الإسلام والحديث الشريف، ومن هنا قال الفاروق عمر قولته المشهورة:
( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ).

وقال صلى الله عليه وسلم:
( ثلاثة أنا خصيمهم يوم القيامة ـ وذكر منهم ـ: ورجل باع حراً فأكل ثمنه )
رواه البخاري.

خطة الإسلام لتحرير العبيد وتجفيف منابع العبودية:

جاء الإسلام والعبيد في كل بيت ولو أصدر الإسلام قراراً واحداً بتحرير العبيد لخرج الآلاف منهم إلى الشوارع بلا مأوى أو مال أو حماية أو عمل، ومن هنا وضع الإسلام خطة طويلة الأجل لتحرير العبيد وبشر بالقضاء على العبودية بقوله تعالى:
(وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فديةٌ مسلّمة إلى أهله وتحرير رقبةٍ مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً )[النساء: 92].

ـ قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في فتح القدير: ( في قوله تعالى: ) وتحرير رقبة مؤمنة (: أي: فعليه تحرير رقبة أي: عبد مؤمن أو أمة مؤمنة ) فمن لم يجد ( أي: الرقبة أو العبد، وهنا أخبرنا العليم الخبير بأنه سيأتي يوم لا يجد المسلم فيه الرقبة ووضع البديل وهو الصيام شهرين متتابعين.

ـ ومن خطة الإسلام لتحرير العبيد جعله عتق العبد من الفدية، ومن كفارات اليمين، وفي حالة الظهار وغير ذلك من الآيات الواردة في ذلك.

ـ جعل الإسلام لتحرير العبيد نصيباً من الزكاة الواجبة تدفع من بيت مال المسلمين لتحريرهم. قال تعالى:
( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب )
[التوبة: 60]. والرقاب هو تحريرها أي: تحرير العبيد بعتقهم.

ـ كما أوجد الإسلام نظام التدبير وهو أن يَعِدَ السيدُ العبدَ أنه حر بعد موته أي: بعد موت سيده وهذا الوعد ملزم.

ـ كما حرر الإسلام الأمة إذا تزوجها سيدها وولدت له مولوداً وأباح الإسلام للمسلمين الزواج من أمته فجعل ذلك باباً من أبواب تحرير العبيد.

ـ كما أورد الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي مسعود البدري قال:
كنت أضرب غلاماً ( أي: عبداً ) لي بالسوط، فسمعت صوتاً من خلفي: اعلم أبا مسعود، فلم أفهم الصوت من الغضب فلما دنا مني، إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود: اعلم أبا مسعود قال: فألقيت السوط من يدي فقال: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، فقلت: يا رسول الله! لا أضرب مملوكاً بعده، وقلت: هو حر لوجه الله تعالى فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ أما لو لم تفعل للفحتك النار ـ أو لمستك النار.

ـ الكليات الخمس في الإسلام:

كما حفظت الكليات الخمس في الإسلام مصالح الإنسان، وهي المصالح الضرورية التي تقوم عليها حياة الإنسان الدينية والدنيوية ويتوقف عليها وجوده الإنساني في الدنيا وإذا فقدت هذه الكليات اختل نظام الحياة الإنسانية، وفسدت دنيا الناس وهي حفظت الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ النسل، وحفظ المال وتسمّى أيضاً بمقاصد الشريعة.

قال الإمام الغزالي ـ رحمه الله ـ في المستصفى: ومقصود الشرع من الخلق خمسة، وهو أن يحفظ عليهم دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يقوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة.

الإنسان مكرم في شرع الله:

قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً )[الإسراء: 70 ـ 71].

وجعل الله قتل إنسان واحد بغير حق قتل للبشرية. قال تعالى:
(أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )[المائدة: 91].

ـ حقوق الإنسان بضاعة إسلامية:

من السابق ومن آلاف الأدلة الشرعية نرى أن حقوق الإنسان واجب إسلامي وهي بضاعة إسلامية، وأن حقوق الإنسان لم توضع قط موضع التنفيذ العادل في تاريخ الإنسان إلاّ من حين حكم الإسلام في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام واستمرت منفذة طيلة الحكم القوي العادل في الإسلام، ولا أدل على ذلك من ول الرجل لعمر: حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر.