مروان قدري عثمان مكانسي
01/12/2006, 06:51 PM
غريب
ليس الغريب الذي أعنيه هو البعيد النائي عن دياره ومسقط رأسه ، فكل مكان يُرفع فيه النداء الخالد موطني الذي أشعر له بالولاء ، وأنقاد طوعاً لا قسراً لأنظمته وقوانينه ، ولا أقصد بالغريب الذي يعيش وحيداً فريداً بلا صاحب ولا خليل وقد نأى عنه محبوه ، وغاب عنه الندمان ، وأقفر الزمان والمكان حوله من أنيس يشكو إليه همه ، أو خدين يكشف إليه غمه ، فإن الحياة إن خلت من هؤلاء ـ على صعوبتها ـ خلوة للروح الآدمية ، أراجع بها مسيرتي ، وأشحذ همتي ، وأصوِّب أخطائي ، وأرسم فيها خطواتي القادمة ..
ولكن الغريب في نظري هو ذلك البطل الصنديد الذي تكبله القيود ، فلا يستطيع الحراك ، أو تخرسه الأغلال فلا يقوى على الكلام ، أو تعميه الحجب القاهرة ، فلا يتمكن من الإبصار ، أو تقعده أمواج المحن العاتية ، فلا يتمكن من الإبحار ...
أجل .. كم في الأمة من غرباء يتابعون ما يجري في أرجاء البلاد من فتن تُحاك ، أو مصائب تُدَبَّر ، أو كوارث ـ إن وقعت ـ فستأتي على الأخضر واليابس ، ولا يجدون ما يفعلون ، وإن وجدوا فصراخهم في وادٍ خالٍ من السكان لا يرتدُّ إليهم إلا صدى الصوت المبحوح .
إذا كنت ترى الوطن قد مزَّقته مُدى الفتن الطائفية ، وبعثرته سيوف المصالح الفردية ، وقطَّعته سكاكين التبعية والولاء لغير الحق ، ودمَّرته معاول النهب والسلب ، ولم تستطع أن تنبس ببنت شفة ، وأنت جزء نابض منه تفرح لفرحه وتحزن لحزنه ، ألا تُعَد غريباً ؟
إذا رأيت الطوفان المخيف قادماً ليجتث من أمامه كل بقايا الفطرة السليمة ، وينتزع كل الموروثات الأصيلة ، ويهلك الحرث والنسل ، ويقضي على أمة كانت خير الأمم ، ولم تتمكن من تحذير أبنائك وإخوانك من هذا الخطر الآتي ، ألا تكون غريباً ؟
اللهم ارحم أمة الإسلام واحفظها من كل سوء يا أرحم الراحمين .
ليس الغريب الذي أعنيه هو البعيد النائي عن دياره ومسقط رأسه ، فكل مكان يُرفع فيه النداء الخالد موطني الذي أشعر له بالولاء ، وأنقاد طوعاً لا قسراً لأنظمته وقوانينه ، ولا أقصد بالغريب الذي يعيش وحيداً فريداً بلا صاحب ولا خليل وقد نأى عنه محبوه ، وغاب عنه الندمان ، وأقفر الزمان والمكان حوله من أنيس يشكو إليه همه ، أو خدين يكشف إليه غمه ، فإن الحياة إن خلت من هؤلاء ـ على صعوبتها ـ خلوة للروح الآدمية ، أراجع بها مسيرتي ، وأشحذ همتي ، وأصوِّب أخطائي ، وأرسم فيها خطواتي القادمة ..
ولكن الغريب في نظري هو ذلك البطل الصنديد الذي تكبله القيود ، فلا يستطيع الحراك ، أو تخرسه الأغلال فلا يقوى على الكلام ، أو تعميه الحجب القاهرة ، فلا يتمكن من الإبصار ، أو تقعده أمواج المحن العاتية ، فلا يتمكن من الإبحار ...
أجل .. كم في الأمة من غرباء يتابعون ما يجري في أرجاء البلاد من فتن تُحاك ، أو مصائب تُدَبَّر ، أو كوارث ـ إن وقعت ـ فستأتي على الأخضر واليابس ، ولا يجدون ما يفعلون ، وإن وجدوا فصراخهم في وادٍ خالٍ من السكان لا يرتدُّ إليهم إلا صدى الصوت المبحوح .
إذا كنت ترى الوطن قد مزَّقته مُدى الفتن الطائفية ، وبعثرته سيوف المصالح الفردية ، وقطَّعته سكاكين التبعية والولاء لغير الحق ، ودمَّرته معاول النهب والسلب ، ولم تستطع أن تنبس ببنت شفة ، وأنت جزء نابض منه تفرح لفرحه وتحزن لحزنه ، ألا تُعَد غريباً ؟
إذا رأيت الطوفان المخيف قادماً ليجتث من أمامه كل بقايا الفطرة السليمة ، وينتزع كل الموروثات الأصيلة ، ويهلك الحرث والنسل ، ويقضي على أمة كانت خير الأمم ، ولم تتمكن من تحذير أبنائك وإخوانك من هذا الخطر الآتي ، ألا تكون غريباً ؟
اللهم ارحم أمة الإسلام واحفظها من كل سوء يا أرحم الراحمين .