المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأوبانيشاد والفلسفة الهندوسية حسب ما فهمت



عبدالسلام زيان
26/11/2006, 06:44 PM
الأخ يوسف ليمود ( من بلاد مصر ) قام بتصحيح النصوص وأعطاها روحا جميلة .









الأوبانيشاد والفلسفة الهندوسية حسب ما فهمت

المصائب العشر التي تبيد الشعوب مثلما قال الفراعنتة والتي أصابتنا منذ عدة قرون وسببها هم العرب , والغرب منها بريئ , لن نتخلص منها بدون الرجوع الى منبعنا.

سأقدم للقراء العرب ولأول مرة في التاريخ العربي لمحة بسيطة جدا عن الأوبانبشاد وأفكارهم , أظن أن الأسطورة المنتشرة حاليا بالعالم بأن التفكير الفلسفي ظهر لأول مرة في التاريخ الإنساني بالغرب وفي العهد الإغريقي ليس لها أي أساس من الصحة , وهذه الأسطورة " صنعها العرب" الذين رفعوا عدوّ الإنسانية رقم واحد أرسطو الى درجة إله وإفلاطون وغيرهم في العهد العباسي وبالخصوص عرب الأندلس. ( الغرب قام بنشر هذه الأسطورة منذ عصر النهضة )

الذين مجدوا الإغريق والفكر الهلليني الخ.. الذي حاربته المنطقة طول تاريخها ومنذ صعوده , هم سبب دخول المنطقة في عصر الظلام والعبودية .

أنصار الغرب الذين لم يفهموه ولن يفهموا خطابه هم الى يومنا هذا سبب كل المشاكل والإنحطاط بالمنطقة , وسنبقى على حالنا إن لم نتخلص من أفكارهم.

لقد رفضت روما كل ما هو إغريقي . لم يقم العرب ببناء الدولة ولم يحولوها الى كائن منظّم ولم ينشروا أفكارها بين الأمم الأخرى عندما عرفوا الفكر الإغريقي بل قبل ذلك بكثير.......

المنطقة قادرة على الصعود والتحرر من العبودية إن كانت هناك إرادة .


.................................................. ................................................



أظن أن كل من يقرأ لأبي العلاء المودودي والفردوسي وبالخصوص المتصوفين ككل والكثير من الآخرين يجد أفكار الأوبانيشادر والأديان التي تؤمن بالقانون الأبدي واضحة جدا ..
حسب ما فهمت لا يمكن عزل أي منطقة كانت تسمى بالعالم القديم عن المناطق الأخرى… لقد كان هناك اتصالات بين الفراعنة والصينيين وأهل بابل وآسيا ككل وشمال إفريقيا والمشرق منذ الأزمنة الغابرة ..
سأكتب لمحة عن بعض الأوبانيشادر ، وما سأكتبه لا علاقة له بما يلقبه البعض ب “الفلسفة” لأني لا أفهمها ولا أعرف ما هو فلسفة وما هو مجرد ثرثرة…
لا يمكن لأي كان أن يدعي بأنه يفهم يعمق الأديان ذات القانون الأبدي أو أنه في حوزته معلومات ضافية عنها …هناك الآلاف من الآلهة والآلاف من التأويلات وعشرات الآلاف من الفرق والطوائف وأنا أظن أن الإنسان في حاجة لحياة تمتد على مدى آلاف السنين ليفهم القليل من الأديان التي وصلتنا.وما سأكتبه هو مجرد لمحة بسيطة عنهم فقط ..
العلاقة الدينية بين ما يسمى بالمشرق الإسلامي الحالي وآسيا قديمة جدا حيث نرى مثلا في العهد البابلي حوالي ( 1600 ق م ) آلهة تحمل أسماء هندوسية بحتة والغريب في الأمر أن السلالة الحاكمة في ذلك العهد كانت شرقية و أن المنطقة لم تكن خاضعة لاحتلال خارجي سواء من طرف العلاميين او غيرهم لكن نجد أن ملكا من الملوك يحمل اسم آلهة هندوسية بلغة السانسكريت مارات ونجد كذلك أن سكان المنطقة عبدوا الآلهة شورياش بلغة السانسكريت سوريا وهي الإلهة شمس أو شمش ..
في ذلك العهد كانت بلاد فارس جزءا من الهند في عدة فترات (نجد عند أهل بابل مثلا اسم الله هو باجاش وبالفارسية نجده تحت اسم باجا) ونجد كذلك عند الحيثيين في ذلك العهد الكثير من الآلهة المستوردة اليهودية والأوبانيشادر وتعاليمها ..
نحن معشر المسلمين نتكلم عن الأديان التوحيدية و حسب ما فهمت فإن التوحيديين هم الذين يؤمنون بالله الواحد ولنا نعوت حول الآخرين مثل الديانات المتوحشة والوثنية الخ ..
سأتناول مثالا بسيطا فقط حول اليهودية وحسب ما أفهم من نصوصهم المقدسة أرى أنهم يؤمنون بمجمع الآلهة فما هو الفرق بينهم وبين الهندوس أو غيرهم من أصحاب الأديان الأخرى ؟؟؟؟
بالنسبة لليهودية هناك مدرستان مختلفتان حول إسم الخالق هناك من يلقبه بـ يهوى وهناك من يلقبه بـ إيلوهيم والتواريخ حول هذا الاختلاف متناقضة ..
نظرة اليهود لله الواحد : سأترك ما أخذه اليهود حرفيا بكتابهم المقدس عن الفراعنة وما انتحلوه مثل أمثال أمينيموبي أو دعاء إخناتون أو التألم عند البابليين الذي نجده عند أيوب وغير ذلك من الأمور لكن سأدعوكم كي ننظر إلى ما يؤمن به اليهود ولا أفهم لماذا يلقبون بالتوحيديين لأنني لم أجد ما يثبت ذلك ..
الإيمان بمجمع الالهة :
التثنية الإصحاح 10 – 17 : لأن الرب إلهكم إله الآلهة ورب الأرباب .. الإله العظيم الجبار المهيب الذي يأخذ بالوجوه ولا يقبل رشوة .
دانيال الاصحاح 11 – 36 :
ويفعل الملك بإرادته ويرتفع ويتعظم على كل إله ويتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة وينجح في إتمام الغضب لأن المقضي به يجرى ..
مزامير المزمور 95 – 2 :
لأن الرب إله عظيم ملك كبير على كل الآلهة ..
ولكننا هنا نجد أنهم أعطوا صفة واضحة لربهم حيث قالوا إنه امرأة ..
إرميا الإصحاح 7 – 18 :
الأبناء يلتقطون حطبا والآباء يوقدون النار والنساء يعجن العجين ليضعن كعكا لملكة السموات ولسكب سكائب لآلهة أخرى لكي يغيظوني … الخ .. من الإصحاحات ..
لننظر إلى الهندوسية :
يقول الهندوس إن دينهم أبدي وعالمي
كلمة الهند هي كلمة فارسية لكن بلغة السانسكريت الإسم هو سندو والإغريق أخذوا الإسم الفارسي ولقبوا الهند بالهند وأعطوا حتى للنهر الكبير المقدس الذي يتعمد فيه الهندوس نفس الإسم ..
من الشائك جدا الحديث يإطناب عن تاريخ الهند القديم إذ لا يمكن الإحاطة بالحقيقة التاريخية لهذه المنطقة مهما كانت المعلومات عنها متوفرة بين أيدينا .. هناك شعب فقط يقال إنهم السكان الأصليون للهند وهم شعب الـــ فيدا .. هؤلاء أقلية صغيرة بسايلون .. أصبحت الهند الآن خليطا من الشعوب والأجناس .
الكتب المقدسة :
قبل أن نتناول الكتب المقدسة بالهندوسية أريد أن أشير إلى أنني أظن أن أبا العلاء المعري وفرجيليوس ودانتي وهوميروس قد أخذوا بعضا من الأفكار والرؤى الموجودة في التعاليم االهندوسية ويبدو ذلك جليا خاصة في موضوعة (رحلة الجحيم) ..
الكتب المقدسة الهندوسية قديمة جدا وكلها مكتوبة بلغة السانسكريت التي لا يحسنها إلا البعض من رجال الدين ، تحمل هذه الكتب إسم فيدا أي المعرفة ..
للهندوس كتاب ماهابهادراتا والبعض يقول إن اسمه هو ماهابهاراتا وبه مائة ألف مقطع شعر ويتكون كل مقطع من بيتين إذن الكتاب يضم يبن صفحاته مائتي ألف بيت من الشعر, ويعتبر أضخم كتاب شعري بالعالم من حيث المادة المتوفرة فيه منذ القدم وإلى يومنا هذا يحتوي هذا الكتاب على أسطورة سلالة بهاراتا التي كانت تحكم البلاد وبه نجد بطل الأسطورة هو المنجم فياسا , وابنيه الاثنين : الضرير فاقد الرؤية والذي أنجبت زوجاته مائة ولد وبنت , وابنه الآخر باندو (الشاحب الهزيل بلغتنا العربية) والذي أنجبت زوجته خمسة أولاد تزوجوا كلهم بنفس المرأة … يتصارع أبناء العم أي أبناء الضرير وأبناء أخيه ويدخلون في معارك دامية تنتهي بموتهم جميعا وبعد موتهم يحشرون في نوع من أنواع جهنم (انظر الى فرجيليوس ودانتي وهوميروس) وبعدها يستقرون في سماء إندرا , وهناك ينتهي عذابهم ..
وكتاب ر غ فيدا يتكون من عشرة أجزاء تحتوي على ألف وثمانية وعشرين قصيدة وهذه القصائد يرتلها رجل الدين المكلف بتقديم القرابين هوتار (باللهجة التونسية البراح أي المنادي الذي يصيح لبيع شيء أو نشر خبر بالقرى) .
كتاب سامافيدا وبه مجموعة من الأغاني يتم تجويدها بطريقة تختلف عن تجويد القرآن حيث إن المغنين لا ينطقون بالكلمة دفعة واحدة بل هم يقسمونها إلى عدة مقاطع .
كتاب ياجورفيدا: به علم الطب كما أنه خاص بتقديم القرابين وخاص بالبراهمن وهنا نجد كذلك طقوس حفلات تقديم القرابين .
كتاب أرانياكاس أي كتاب الغاب ويجب على الإنسان أن يدرسه عندما يكون وحيدا بالغابة وبه فلسفة دينية سرية ويمنع منعا باتا دراسة وتصفحه حتى في القرى الصغيرة , وبه ثمانية وأربعين ألف بيتا من الشعر هنا نجد البطل راما مع زوجته الجميلة سيتا وأخيه الوفي لاكسمانا يقومون بمغامرة في شكل رحلة عبر أدغال ديكان لكن ملك جزيرة سايلون يحاول بخدعة ماكرة مضاجعة سيتا ويتمكن الأخوان من إنقاذها في آخر الأمر .. و رغم أن سيتا أثبتت وفاءها لــ راما ومحبتها الخالصة له إلا أنه طلقها وطردها من حياته وكجزاء له صار راما إلها وتناسخ روح فيشنو .
كتاب الأوبانيشادر وبه ثلاثة عشر جزءا .
كما أن لهم عدة كتب أخرى .
الآلهة : للهندوس حوالي ثلاثة آلاف وثلاثمائة إلها , وسنتناول بالذكر بعضا منها فقط لأنه في العقيدة الهندوسية هناك آلهة كاملة وأنصاف آلهة وأرباع آلهة الخ … ولهم ما يسمون بالثلاثة وهم الذين خرجوا من بيضة الكون التي وضعها الأعلى أو السبب الأول :
“براهمان” هو الخالق
“فيشنو” هو الذي يحافظ على المخلوق
“شيفا” هو المدمر أو الذي يقوم بتحطيم كل شيء (شرير حسب ما فهمت أو الشر نفسه)
“هانومان” نجده نصف إنسان أما رأسه فرأس قرد ( وهو الذي يساعد راما في إنقاذ سيتا)
“أديتيا” مهمته الحكم (فارونا , ميترا)
“رودرا” مهمته الحرب (إندرا , أجني)
فاسو مهمته التغذية ( أسفينس )
“أوشاس” إلهة الصباح الباكر والتي جمعت كل الكتب المقدسة ومهمتها أن تمد الكائنات الحية بالهواء للتنفس
“شيساناجا” الأفعى الكبيرة النائمة ببحر من حليب وعليها يجلس فيشنو لينال راحته (أو نارايانا)
“سيتا” هي زوجة راما واختطفها رافانا الذي تناسخ روح فيشنو , وسيتا تناسخت روح سيري (في بعض الأحيان نجده يحمل إسم لاكْشِمى)
“أمريتا” حسب الأسطورة نوع من الشراب خاص بالآلهة لكي تكون محصنة ضد الموت .



.........................



لمحة عن بعض المصطلحات الهندوسية : أكرر مرة أخرى ان هناك الآلاف من الفرق الهندوسية والتي لها مرجع واحد وهو كتب الفيدا لكن هذه الفرق تختلف من حيث التأويلات وما أنا بصدد كتابته لا يعدو كونه مجرد لمحة بسيطة جدا عن الهندوسية …

هنا سأقدم شرحا سأحاول أن يكون مقنعا بما يكفي لبعض المفاهيم الدينية قبل ان أتكلم عن الأوبانيشادر .

قانون الكارما :
الكرمان أو الكارما كما تسمى بالفرنسية حسب ما فهمت تعني سلسلة أعمال كل كائن على هذه البسيطة والتي لها تأثير كبير على تناسخاته المتتالية : أي أنها حصيلة الأعمال التي يقوم بها الإنسان في حيواته السابقة .
يقولون إن الذنب يمكن أن يأتينا من الآلهة التي يمكنها أن تذنب ( Rgv 10.8.9 –1.6.3.1 ساتاباتا )

لكن هناك جناح آخر من الهندوسية يمكن لي أن ألقبه بيسار الهندوسية أو المعتزلة عندهم حيث نرى أنهم لا يعترفون بنتائج الأعمال وبقانون الكارما : نرى هنا مثلا الشاعر “بهارتريهار” الذي عاش حوالي 600 م يقول :
ننحني إجلالا أمام الآلهة لكنهاهي الأخرى تخضع لقانون وسيطرة هذا القدر اللئيم … إذن هل يجب على الإنسان عبادة القدر ؟؟؟ لا حتى القدر لا يجازي إلا على الأعمال التي هي مقررة .. مادام أجر الأعمال التي نقوم بها هو نتيجة الأعمال المقررة من قبل فبماذا ستنفعنا الآلهة أو المصير ؟؟؟؟ (المرجع مقطع من قصيدته centurier 2 – 92)

ونرى ماهابهاراتا يقول : يدعي “يانالفاكاياس” في كتابه (القانون 1- 348 ) أن المصير مرتبط بنتيجة أو حصاد الأعمال التي قام بها الإنسان في الحياة التي عاشها قبل الحياة التي يعيشها الآن , يقول مهابهاراتا إن المصير تحول من سلطة غامضة إلى مبدإ قانوني يحكم ويشرع .

اليوجا : أي الإجتماع بالله أو البراهمن أو الخالق . يقولون إن أسرع الطرق إلى اليوجا هو الولاء الكامل لله . الله هو روح بعيد عن التحول ولا يخضع للتغييرات . عند الله المعرفة ليس لها حدود , لكن ما يصل إليه الإنسان من معرفة لا يفوت ذرة الله ليس له حدود زمنية . إنه أكبر من المكان والزمان حسب فهمنا ( يوجاسوترا 1.23-29)

البعض يقول عن أسطورة الخلق : الكون ليس له بداية ولا نهاية , ولا توجد آلهة خلقت الكون , وكل كلام عن البداية والنهاية وكيفية الخلق الأول للكائنات والأرض والكون لا يعدو أن يكون مجرد حشو وثرثرة .. ويقولون إن ما نسميه نحن خلق وموت ما هو إلا تحويل الطاقة إلى أسماء وأشكال (ناماروبا) .

حول الشر يقول نيكهيلالاندا :

منبع الشر هو الإنسان ولا أحد غيره … ويقول إن ما نسميه الذنب هو فقط الغلطات التي نرتكبها نتيجة افتقادنا للمعلومات عن الحقيقة وجهلنا بها ( انظر كونفيشيوس وحسب ما فهمت لهم نفس النظرة ) .
ماهاتمان : أي روح العالم أو نفس العالم : يقولون إن النفوس كلها هي نفس واحدة وليست خاصة بالإنسان فقط حتى فالحيوانات هي الأخرى لها نفوس تماما مثل الإنسان كما أن هناك إله يقول إن النفس خاصة بالبشر فقط فهو المجرم وهو الأسوأ والأدهى من الشياطين ..

الخلاص “موكتي” هو التحرر من الجهل . الإنسان يجب عليه أن يخترق الحد أو الجدار الذي بناه حول نفسه كما يجب عليه أن يكتشف طبيعته الأصلية الكونية التي ليس لها حدود ويقال إنه عندما يكتشف الإنسان توحده مع الحياة يتغلب على الحزن والموت .

ونرى مثلا أن فيفيكاناندا يقول : روح حرة وكاملة لا يمكن أن تكون لها أماني . الله ليس له أي أمنية .. عندما يتمنى الله شيئا فهو ليس بإله .. إن كانت له أماني فهو ليس بكامل , وهذا سبب قولهم إن من يدعي أن الله يغضب أو يتمنى أو يريد هذا أو ذاك عندما يرى التحول ما هو إلا كلام صبيان ليس له معنى .

حول المسيحيين يقولون :

(هنا أظن أن كلامهم موجه للنستوريين واليعقوبيين من بلاد سوريا الذين كان لهم مركز قوي بالهند ومازالوا حتى الآن هناك) يقولون إن الله هو الكون , مثل الإنسان الذي يحلم ويشعر أنه يعيش ذلك الحلم , هكذا يوجد الكون في الله (أظن أن توما الأكويني اعتمد على هذه النظرية لإثبات وجود الله إن لم تخني الذاكرة) .

الله ليس له شخصية ولو كان شخصا وله أوصاف فذاك معناه أن هناك شيطانا . ويقولون إن العالم ما هو إلا خليط من الخير والشر والأفراح والأحزان والحياة والموت , أي أن العالم لا يحقق وجوده بغير توفر كل ما هو متقابل فيه …الخ , ويقولون إن الذين يؤمنون بالله معتبرين إياه شخصا هم الذين ينتمون إلى ديانات بدائية مازالت في بداية تطورها .. ونحن نجدنا الآن الأقرب فعلا إلى هذه البدائية لأننا في أيامنا البائسة هذه صرنا نعبد الأشخاص ونؤلههم .

الحقيقة ( 2.4. 5 – 4.5.6 رهادار)

يقولون : ليس بحبه لزوجته يحب الرجل زوجته , لكنه بحبه لنفسه “أتمان” يحب الرجل زوجته .. لا بالحب للآلهة يحب الإنسان الآلهة لكنه يحبها لحبه لنفسه , وعندما يفهم الإنسان نفسه سيفهم خفايا كل الكون .

المتضادات :

يقولون إن المتضادات لم يكن لها وجود . هناك شيء واحد وكائن واحد (إكا) تنفس لكن لم يكن له نفس في نفسه .. المادة الأولى هي الماء , وكل شيء كان ماء .



...........................



سأواصل في هذه الحلقة شرح بعض المفاهيم الدينية عند الأوبانيشادر وسأعتمد على النصوص القديمة وتأويلاتهم .
ملاحظة : إني واع بأن د. سليمان الصليبي ربط اليهود بجزيرة العرب : لكن لننظر الى “أبرام” عند اليهود وكلمة “براهم” و “براهمن” و “براهمين” بالهندوسية.
حسب اليهودية التكوين الاصحاح 11 من 10 الى 32
10 – هذه مواليد سام . لما كان سام ابن مئة سنة ولد أرفكشاد بعد الطوفان بسنتين. 11 – وعاش سام بعدما ولد أرفكشاد خمس مئة سنة وولد بنين وبنات الخ …
26 – وعاش تارح سبعين سنة وولد أبرام وناحور وهران
29 - واتخذ أبرام وناحور لانفسهما امراتين . اسم امراة أبرام ساراي واسم امراة ناحور ملكة بنت هاران أبي ملكة وأبي يسكة
كلمة أبرام تعني الأب المهذب أو الرب .. الاب المهذب (اليهود يدعون حسب اللغات السامية القديمة نجده تحت اسم “أبراما” أو “أبامرام”
حول ساراي يدعي اليهود بأن ساراي حسب اللغات السامية القديمة نجدها تحت إسم “شاراتو” أي الملكة زوجة الإله “سِن” لكن أظن أن الإسم أقرب إلى الهندوسية حيث نجد حسب الأوبانبشادر أنها إلهة الشمس “سوريا” , ونجد مثلا بـ (Rgv 6-64-: 1-6 ) أن “سوريا” تمشي بالأشعة , هي الخير والغنية بالهدايا , وعندما تبزغ تطير الطيور… الخ ( انظر للاديان الفرعونية) .

ولننظر إلى هذه الأسطورة والتضحية بالإبن الأول “أيتاريا” 7-13.18
أسطورة “سوناسيبا”
كان هناك ملك متزوج بمائة امرأة لم ينجبوا له ولدا واحدا ليرث الحكم , وعد هذا الملك الإلهة “فارونا” إن أنجبت زوجة من زوجاته ذكرا سيقدمه كقربان له , لبى فارونا طلبه وأنجبت زوجة من الزوجات ولدا اسمه “روهيتا” وطلب “فارونا” من الملك أن يفي بوعده , فقرر الملك التضحية بابنه , ولما سمع أحد البراهم بالقصة , باع ابنه للملك مقابل مائة بقرة ليذبحه بدلا من ابن الملك ..
سمعت الآلهة بالقصة وأنقذوا الإبن يوم ذبحه .

ما قلته هو مجرد ملاحظة فقط !!!!

مصطلحات هندوسية حسب الأوبانيشادر ومعاجمهم :
الفرق بين براهم وبراهمن وبراهمين :
1- براهم هو الخالق , الأول من ثلاثة آلهة هم فيشنو الذي مهمته التغذية والبناء وشيفا الذي يهدم ويحطم (أي الشيطان) .

2 – براهمن : المطلق , القائم بذاته , الحقيقة العليا , براهمن خال من كل الأوصاف والخصال (نيرجونا براهمان) لا يمكن الكلام عنه بالكلمات , الأوبانيشادر يستعملون كلمة “هو” عندما يتكلمون عنه ..
يقولون إنه مثل البحر , حيث نجده مرة هادئ ومرة هائج بأمواجه لكنه نفس البحر ونفس الماء ..
البراهمن الذي ليس له حدود وليس له شكل عندما يأخذ شكل الله وروح الكون ويخلق ويغذي ويهدم يصير اسمه “ساجونا براهمان” أي براهمن صاحب الخصال والأوصاف ..
جسد البراهمن هو الروح , شكله هو النور , أفكاره هي الحقيقة ..
يقول الأوبانيشادر إن من يعيش هذا الشعور بالبراهمن الأعلى لن يُولد مرة اخرى في عالم جاهل .. ويقولون عندما يكتشف الإنسان أن المكان والزمان وأسباب الحركة الأولى كلها خدع وأنها لا وجود لها , يتحرر من كل المفاهيم الضيقة ولا يعيش حياته تحت قيود الجهل , وهذا لا يعني أنه لن يكون موجودا أو أنه لن يشعر بالوجود بل سيصير واحدا مع البراهمن .
ويقولون : هنا يستيقظ الإنسان من الحلم الذي كان يعيش فيه ويدخل عالم الحقيقة المطلقة .

3 – براهمين :
المجتمع الهندوسي ينقسم إلى عدة أقسام :
1 – براهمين وهم رجال الدين ويدعون أنهم أبناء الآلهة وأنهم مقدسون ويفعلون ما يحلو لهم .
2 – “كشاتريا” وهم رجال الحرب .
3 – “فايشيا” التجار وملاك الأراضي أي الإقطاعيون .
4 – “شودرا” الخدم وأصحاب الحرف كالنجار والبناء …الخ .
5 – “شاندالا” الذين لا ينتمون إلى “الكاست” أي نظام الطبقات , أي غير الطاهرين (وإن لم تخني الذاكرة بلغة الأوردو بباكستان إسمهم الخنبادوش , وأظن أن هذا التصنيف موجود عندنا معشر المسلمين , خاصة الخاصة والخاصة والعامة …الخ . ولو نظرنا إلى افلاطون سنجد أنه متأثر بهذا النظام الهندوسي وهذا ليس بالغريب لأن أكثر الفلاسفة في ذلك العهد كانوا يصاحبون الجيوش في حروبهم ونرى مثلا أن الكثير من الإغريق صاحبوا الإسكندر الأكبر , فتأثير الأوبانيشادر على الفكر الإغريقي واضح ودولة افلاطون هي دولة الأوبانبشادر) .

الآلهة
الله الأعلى أبدي ولم يخلق , هو الذي يوزع النور والأشعة وهو منبعهم , والآلهة هناك من خلقها وتخضع لقانون الولادة والموت مثل كل الكائنات الحية لكنهم يعيشون حياة طويلة جدا مقارنة بالبشر .
بعد موت الإنسان الذي لم يفعل الشر , تطير روحه إلى السماء التي هي مسكن الآلهة وهناك يعيش معهم حياة كلها رفاهية لكن عندما تفرغ الكارما الطاهرة التي تحصلوا عليها يموتون ويولدون من جديد كبشر .. فقط كإنسان يمكن للشخص أن يتحرر من الولادة والموت .

دارما : الحقيقة , الأخلاق , الواجب , النظرية , أسس الدين , القانون .

جونا : الخيط , حسب الثنائية عند فلسفة “سامخيا” نجد أن “براكريتي” أي الطبيعة أو المادة بها ثلاث خصال أولية :
1 – “ساتفا” أي التوازن , الخير , التواضع
2 – “راجاس” الرغبة والتألم
3 – “تاماس” البخل والتهور والتشدد واللؤم

يوجا : الكلمة مشتقة من “يوج” أي اتحاد بشيء اخر , وهنا يعنون اتحاد الوعي الفردي للإنسان بالوعي الأعلى للكون .

“جورو” هو المعلم الروحي أي مدرس الدين , ويلقبوه بـ “جوروديفا” أي المدرس المقدس , والعلاقة بين المدرس او المعلم وتلميذه “سيشيا” علاقة وطيدة جدا وكتبوا عنها الكثير , المعلم هو همزة الوصل بين المعلم الذي علمه وبين تلميذه , والتلميذ يرى أن معلمه هو الإبراهمن بعينه . ومن عادة المعلم ألا يحاول الضغط على التلميذ لأن يتخلى عما في حوزته من مفاهيم بل يبني على تلك المفاهيم كل ما هو روحاني لكي لا يشعر التلميذ بأنه تخلى عن شيء واحد من قناعاته , ويبقى التلميذ وفيا لمعلمه إلى أن يصل درجة التوحّد مع البراهمن .

أتمان : الشاهد الساكن الأبدي داخل كل الكائنات , في قلب كل شيء مهما كان , وهو الوعي الفردي الذي هو واحد مع الإبراهمن .. الوعي الأعلى والمطلق مثل الشرارة بالنسبة للنار .

بريهاسباتي : معلم الألهة , معلم الحكمة , الطهارة الكاملة .

موكشا : التحرر الروحي الاخير , ويحيا الإنسان هذه اللحظة عندما يعي ان أتمان والبراهمن هما واحد , وهذا يعني أن الأنا الفردية هي واحد مع الأنا الكبرى , هذه المعلومة لايصلها الإنسان عن طريق المعرفة والكتب , لكن عن طريق حياة طاهرة .
رجل البراهمن (أو قدم) براهمان – ساتياكاما : يقولون إن الكون يتركب من ستة عشر جزءا ..
البراهمن يسكن بالشمال والجنوب والشرق والغرب
البراهمن يسكن بالأرض والسماوات والبحار والكون
البراهمن يسكن بالنار والشمس والقمر والبرق

الهندوسية قسّمت الحياة إلى أربعة اقسام :
1 – “براهماكجايا” الولد سيعيش حياة تقشف أو تصوف مع معلمه , وواجبه هو دراسة الكتب المقدسة , وتعلم كيفية تقديم القرابين والمحافظة على النار المشتعلة دائما , وعندما ينهي دراسته يجب عليه أن يعمل ويتصرف حسب ما درسه وحسب معلمه . (في العهد القديم كانت البنت كذلك يمكن لها دراسة الكتب المقدسة مثل الولد) .
2 – “جارهاستيا” تعني تكوين العائلة وهنا يجب على الشاب وزوجته تقديم القرابين معا ودراسة الكتب المقدسة .
3 – “فانابراشتا” عندما يكبر الإنسان ويظهر الشيب برأسه يجب عليه أن ينسحب مع زوجته إلى الغابة ويترك مسؤولية العائلة لأحفاده .
4 – “سانياسا” المرحلة الأخيرة وأهم مرحلة في حياة الهندوسي هي عندما يتخلص ويتحرر الإنسان من كل شيء يربطه بالحياة فيتحول الهندوسي إلى متسول يعيش على ما يقدمه له الآخرون ويصير جزءا من كل الكائنات (في الحقيقة الأوبانيشادر فلسفتهم موجهة لهذه المجموعة التي تحررت من كل شيء) .


..............................................


قبل أن أواصل الكتابة عن الأوبانيشادر سأسوق لمحة عن البوذيّة
تجدر الإشارة إلى أن البحث في البوذيّة يوقعنا في مأزق , ومرد ذلك أن بوذا مثله مثل سقراط لم يكتب شيئا ولم يترك كلمة مكتوبة ، وأن كل الكتب المنسوبة إليه تم تحريرها بعد موته ، هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد عدّة أساطير خيالية عن بوذا لن أتوقف عندها كثيرا ، المهم أن البوذيّة قامت في البداية كحركة ضد “الدين” الهندوسي و نظرته الاستغلاليّة للإنسان التي سادت في نظام “الكاست” أي نظام الطبقات .

تنقسم البوذيّة إلى عدّة أقسام مختلفة اختلافا جوهريّا في العديد من النقاط، لذلك سأعتمد على مفهوم بعض الفرق البوذيّة الكبرى محاولا نقل بعض التناقضات التي تشق هذا المذهب .

نجد ما يسمّى بمجموعة القارب الصغير التي تعتبر أنه لا يمكن إلا لشخص واحد الوصول إلى درجة النيرفانا في الكون ، على خلاف هذه الجماعة نجد جماعة القارب الكبير التي ترى بالإمكان لكل شخص الوصول إلى درجة النيرفانا هذه ، في حين تذهب بعض الفرق البوذيّة الأخرى إلى تأويلات مغايرة .

بخصوص حياة بوذا هناك اختلاف ، ففي حين يذكر بعض الباحثين عدم وجود بوذا، يذهب الأكثريّة إلى الإقرار بكونه عاش في القرن الخامس قبل الميلاد وهو الزمن الذي عاش فيه عالم الرياضيات والفيلسوف المصري طاليس والأوترسكي بيتاقوراس .

كلمة بوذا هي كلمة سنسكريتية (اللغة الهندية القديمة) وتعني استيقظ ، و تعوّض هذه الكلمة في اللغات الأخرى في الآسيويّة مثلا بكلمة “بهاجافات” التي تعني الأسمى أو الأعلى ، و بكلمة تاتهجهاتا والتي تعني الكامل .

و يقال إن إسم بوذا الأصلي هو غاوتاما .

تذكر بعض الأساطير أن حياته السابقة التي عاشها قبل آخر مرّة كانت في السماء وأنّه اختار الأرض مكانا ينزل فيه ، فاختار بهذا المكان والأم التي ستلده و العائلة التي سيعيش معها ، فكان اختياره للعائلة الملكية ولمايا زوجة الملك “شودهودوناس” أمّا له ، و يقال إن مايا طلبت من زوجها أن لا يضاجعها أبدا ، وفي ليلة من الليالي حلمت بأن فيلا أبيض اللون قد ضاجعها , وبعد عشرة أشهر وبينما كانت في طريقها لقرية مغايرة أنجبت إبنا ، فحدثت عند الولادة عدّة عجائب طبيعيّة منها أن السماء أشعّت بنور نجم ساطع .. توفيت الأم بعد أسبوع من ولادة بوذا . ترجع الأسطورة أصله إلى إله الشمس “إيكشفاكو” ، ويذكر أنه عاش في البداية حياة كلّها بذخ , محاطا بالخدم و الرّاقصات ، وأنه تزوّج الكثير من النساء ومع ذلك لم يكن يشعر بالسعادة , ومردّ ذلك وعيه بكونه مثله مثل بقية البشر مهدّد بالشيخوخة والمرض والموت .

لذلك بدأ يتساءل عن السبل التي من خلالها يتخلّص من الموت ومن التألم في الحياة ، فكان بحسب بعض الروايات أن التجأ إلى التصوّف وترك القصر(1) وبعد سبع سنوات من العذاب والجوع والحرمان (يذكر أنه كان يعيش طوال هذه الفترة على حبة أرز واحدة في اليوم) (2) ، جلس في يوم من الأيام تحت شجرة حتى بلغ درجة النور “بودي” وتمكن في ليال ثلاث أن يتذكر ما كان يعلمه من قبل ولادته آخر مرّة ، فتذكّر كل :
- المعلومات بخصوص الكائنات جميعها و كيفيّة ولادتها ثانية
- أسرار الحقائق الأربعة النبيلة ، وكيف يمكن القضاء على الأسباب الثلاثة للشر والمتمثلة في :
1) الحواس و شهوانيتها
2) الرغبة في الحياة
3) عدم المعرفة

ما نلاحظه لدى بوذا هو وجود اختلاف في نتائج التذكّر فإذا ما كانت بعض الأساطير ترى أن بوذا ولكي يتخلّص من كل الحقائق كي لا تتسرّب للبشر , قضى قضاء تاما على الولادة حتى لا يبعث من جديد ، ترى بعض الأساطير المغايرة أن بوذا وحينما وصل إلى درجة النور “بودي” أتاه ابليس وطلب منه ألا يدلي بمعلوماته إلى البشر، ونجد خلافا لهاتين الرّوايتين بعض الرّوايات الأخرى إلى كون بوذا بنفسه قال : “سأدخل في النيرفانا (3) (وهي أعلى درجة يصلها الإنسان عندما يصل إلى الكمال وبعدها يموت لآخر مرّة) ولن أمد البشر بالحقائق التي توصلت إليها لأنهم لم يصلوا بعد إلى درجة عليا من الوعي” .
بخصوص سيرته الذاتيّة كان بوذا ضد رجال الدين الهندوس والبراهمنا حيث قال : “إن هدف البراهمنا الوحيد هو جمع المال والتفتيش عن المصالح الماديّة” .

(1) لمزيد التوضيح انظر حياة الأوبانيشادر بالهندوسية
(2) انظر حياة المتصوّف الهندوسي
(3) كلمة نيرفانا والتي هي أعلى درجة يصلها الإنسان تحيل إلى وجود الشيء واللاّ شيء ، وأن الإنسان بعد موتته الأخيرة يبقى جزء منه يعيش تلك الحالتين ، وبحسب ما أفهم فإن كل حلقة زمنيّة تدور كل مدّة تصل في اعتقاد البعض إلى 80 ألف سنة ، وفي اعتقاد البعض الآخر تدوم سنة ضوئيّة حيث يولد فيها الإنسان من جديد إن هو وصل إلى درجة الكمال وتحرّر من الموت .

(4) طبيعي ولا إلهي إذ هو من بدع الإنسان , ونظام الكاست الهندوسي ومن حاشيته المقرّبة راع ، صائد سمك ، منظّف شوارع ، قاطع طريق …

امتدّت حياة بوذا بحسب بعض الرّوايات بين 76 و 86 سنة ، تروي بعض الأساطير أن يوم موته حدث زلزال عنيف ودقّت الطبول في السماء وانطفأت النار بأشعة واحدة من السماء حين أحرق جسمه , ويلخّص بوذا كل معاملات الإنسانيّة في جملة واحدة حين قال “على الإنسان التخلّي عن كل شر والقيام بالأعمال الحسنة وأن يطهّر قلبه وينظّفه من كل غل” .
- طلب بوذا من أتباعه تقديم الصّدقة و مساعدة كل الناس بما في ذلك أعدائه .
- إن حصل لبعض قطّاع الطّرق وبدأوا في تقطيع أجسامكم إربا إربا فلا تغضبوا فإن غضبكم معناه أنكم ستفعلون عكس ما طلبت منكم ، فطريقة تفكيرنا لن تتغيّر، لن ننطق بكلمة بذيئة ، هدفنا التخلّص من إحساس كراهيّة الآخر والتخلّص من الشعور بكونه يؤلمنا ، هدفنا الدّخول إلى عالم الشخص بالهدوء والرّصانة والتسامح فنبدأ بالإنسان وننتهي بالكون بأكمله .
للبوذيّة قواعد على كل بوذي الإلتزام بها :
- لا تقتل
- لا تسرق
- لا تكذب
- لاتزني
- لا تسكر

يعتقد بعض البوذيين أن الإنسان بجهده الخاص يمكن له بلوغ مرتبة المعرفة إذ لا نحتاج لوحي إلاهي أو دراسة كتب مقدّسة أو تعليم معلّم .

- يقول بوذا في كتاب “ماهافاجا” “أي معلّم سيكون لي؟ فأنا أحسن معلّم لنفسي” … “إذا كان بالإمكان أن أسمع الفكرة الجيّدة من شخص ما غيري , فإنني أنا هو من سأفكر فيها” .

عند اعتناقك للبوذيّة فإن بوذا ليس بالشخص الذي سيخلّصك من التألّم ولا هو الشخص الذي سيوصلك إلى الخلاص ، هو فقط الشخص الذي يدلّك على الطّريق وبمجهودك الخاص ستصل إلى درجة المعرفة ( DHAMMAPADA 276 ) .

(4) أعتبر أن نظام الكاست الهندوسي من أبشع ما أنتج الإنسان في تاريخه .

بوذا مثله مثل بقيّة البشر يولد ويصير عجوزا ثم يموت ، فهو ليس بإله ولم يتصل بوحي إلهي ولم يتناسخ روح الله .
- يقول بوذا “إن كل شيء يخضع لقانون الكون” .. دارما
لم يتكلّم بوذا كثيرا عن الرّوح والمادّة إلخ . لكن نجده يقول بكونه يخضعه لقانون الكون : الأرض ، الماء ، الهواء ، الألوان ، الأصوات ، قوّة الحياة ، القدرة على السمع والنظر ، دقّات الإرادة ، الوعي ، عدم المعرفة ، الكره ، الرغبة ، الحذر، الجمال ، المال ، العلوم الخاطئة والصّحيحة ، الجنس ، النوم ، الجوع ، المرض ، الشيخوخة ، الموت إلخ .

و يعتبر بوذا أن كل من يؤمن و يعتقد أن الأشياء جميعها تابعة للواحد فقط إنما يعيش في الوهم وعالم الخيال ، لأن قانون الكون جعل من الأجزاء جميعها تتعامل مع بعضها البعض بطريقة حميمية إلى درجة كون الأنسان لا يدرك كونها متحرّرة عن بعضها ، نرى مثلا أن الأعشاب مرتبطة بالأرض وبالفضاء الذي ستزرع فيه ، وبالرطوبة ، وبالهواء إلخ .

الحياة السابقة و الحياة الحالية :
- يقول بوذا إن همزة الوصل بين حياة الإنسان السابقة و الحالية هي دقّات الإرادة “سانسكارا” وباللغة الهنديّة “تريشنا” أي التعطّش للحياة (4)
جماعة القارب الصغير ونظرتهم للزمن يقولون :
- لا توجد بداية أو نهاية للزمن ولا يوجد أي حد للكون (5)
لا يوجد إلاعالم واحد ، هناك العديد ممن تتكرّر بهم الحياة بكيفيات متجدّدة ومتعدّدة وتجدّدها لا يحصى
- كل كون قائم على : الماء ، الرّيح ، الأشعّة ، والعدم
- يقول بوذا “إنه لا يؤمن بشيء لا يراه ولا يسمعه ولا يشمّه (6)

(4) إذا كان الكون يخضع لقانون التغيّر المستمر فإن النيرفانا – التي هي الهدف الأسمى للحياة – تمثّل العدم الهادئ والساكن
(5) نجد نفس هذه الفكرة لدى الفيثاغوريين
(6) يمكن الإشارة إلى ما يوجد في البوذيّة من تناقض إذ إنها تدعو في جانب إلى التخلّي عن الحواس وفي موضع آخر تجعلها أساسيّة في عمليّة المعرفة ، وتقرّ كذلك بكون الأشياء التي تؤمن بها هي أشياء محسوسة في حين أن بوذا تحدّث عن أشياء لا يمكن رؤيتها مثل الكمال ، النور، الآلهة التي ليس لها أجسام ، المعرفة الحقيقيّة التي تحجب في مختلف الأساطير عن الإنسان ..

- في أسفل نقطة نجد جهنّم الباردة ثمّ جهنّم الحامية ومن فوقهما نجد الأرض بما فيها من بحار وقارّات حيث يسكن فيها الإنسان والأشباح “بريتا” والشياطين “أسورا” وتوجد حول جبل الـ “ميرو” الشمس والقمر والنجوم , وتسكن ورائهم الآلهة مرتّبة ترتيبا تفاضليّا ، وفوقهم جميعا تسكن الآلهة التي تسبح في الهواء “فيمانا” ، وهناك أيضا مكان مخصّص للعدم ، هذا المكان لا يكتسب أي شكل وبه تسكن الآلهة التي ليس لها أجسام أرابافاكارا
- إن الآلهة بعد آلاف الحلقات الكونيّة تولد من جديد

الرّغبة :
إذا ماتت الغريزة عند الإنسان :
- يهدأ قلبه
- يصير الميت حيّا إلى الأبد
- يصل إلى درجة البراهمنا
4-7 Brhadar up

الأنانيّة :
- فزت بعد عذاب أليم ، فلم أعلّم غيري ما توصّلت إليه ؟
mahav 1-5-3

الحب :

- نحوّل حياتنا إلى مشاكل ونشعر بالخوف عندما نحب ، فلنتحرّر من الحب لنعيش في هدوء وأمان
dhammap 213

ثورة بوذا على البراهمنا أي رجال الدّين بالهندوسيّة
- إن قتل أحد من البراهمنا أمه وأباه ، وإن قتل كل ملوك الكساتريا ، وإن خرّب كل شيء في العالم فإنهم يقولون عنه دوما إنه طاهر ونقي من كل ذنب
dhammapada 294


.............................................


" كانا " والموت


لمواصلة الحلقة بخصوص الأوبانيشادر أحاول قدر المستطاع تقديم قراءة ممكنة متجنبا قدر الإمكان إطلاق الأحكام المسبقة .

نجد في الديانة الهندوسية أو فيما يمكن بتسميتها ديانة التأويلات ملايين الفرق , لكن مع ذلك سنقتصر في هذه المحاولة على بعض الأسماء المعروفة رغم ما يوجد بينها وبين الأخرين من تناقض ومن أهمها “كاتا” .

بحسب الأسطورة فإن كلمة “أووم” هي كلمة دينية يبدأ بها الهندوس نصوصهم (شأنها شأن البسملة عندنا معشر المسلمين) . غير أنها تبقى غير واضحة ويحف بها الكثير من الغموض مع ذلك سأجتهد في تقديم بعض مما تم شرحه في الأوبانيشادر، فكلمة أووم يمكن أن تحيل إلى المعاني التالية :

- ليحمنا البراهمين
- يدلنا على الطريق
- ليمنحنا القوة ويلهمنا الفهم الصحيح
- ليسود الحب والوئام بيننا
أووم … السكون .. السكون .. السكون المطلق

عندما كان “فاياسرافاسا” يقوم بشعائره الدينية محاولا استرضاء الآلهة عن طيب خاطر طلبت منه , لكي تغض عنه الطرف , أن يتخلى عن كل ممتلكاته ، وأن يتقرب إليها ويقدم لها قرابينا ، على ألا يكون بينها ماشية هزيلة ، أو عمياء ، أو عرجاء ، أو مسنة ، أو غير مخصبة ..

اعتبر “ناخيكيتا” نفسه مِلكا لأبيه “فاجاسرافاسا” ، إذ غمرت الحقيقة التي يتعلمها الناس مــن الكتب قلبه . فكر وقال في سره “إن الذي يقدم الماشية الهزيلة كقرابين لن يعرف النور وسيحكم عليه بالمكوث في السواد والظلام الشامل” , تدبر في الأمر وقرر أن يهب نفسه لأبيه يتصرف فيه كيفما يشاء ، قال “يا أبت إني أهبك نفسي فافعل بي ماتشاء تجدني من المطعين الممتثلين ، فإلى من تهبني ؟ ”

لزم الأب الصمت ولم يرد ، فتشبث الإبن بالأمر وألح في السؤال ، وعاوده مرارا إلى أن فقد الأب السيطرة على نفسه وقال “أهبك إلى موت” ( أي إلهة الموت) .
تساءل الإبن في صمته ” إني أفضل أبناء أبي وأحسن تلاميذه وأكثرهم قبولا في أوساط الناس ، فما فائدة أن أكون لملك الموت؟ !!” .. رغم هذا التساؤل فقد اتخذ قرارا بألا يعصي أباه وأن يمتثل لأوامره فقال ” يا أبت لا تندم ، لا تتراجع عن عهدك ، تدبر مليا كيف مرت وانتهت حياة من قبلنا ، تأمل كيف ستستمر وتنتهي حياة من يعيش الآن ، يا أبت إن الإنسان ينضج كما تنضج الحبوب ، ويقع منه كما يقع منها على الأرض فإذا ما حان موعد هذا الذي وقع طفا ونبت من جديد … ثم توجه بعدها إلى مسكن إلهة الموت ، غير أنها لم تكن هناك ، ترقب ثلاث ليال إلى أن قدمت إلهة الموت ، استقبلها الخدم وأخبروها ببراهمين و قالو ” هناك حيث مسكنك يوجد براهمين ، نزل ضيفا منذ ثلاث ليال حينما كنت غائبة ، فهو أشبه ما يكون بقبس من نار ، فلنقدم له هدية سلام ، فكل الطقوس تنص على أن تستقبلي ضيفك الإستقبال الحسن ، فإذا لم يستضف رب البيت البراهمين ضيافة تليق بمكانته خسر خسرانا مبينا“ ..

استقبلت إلهة الموت الإبن بكلمات كلها احترام و تقدير وقالت “سلامي لكم أيها البراهمين ، فلا ريب أنكم تستحقون كل الاحترام ، أتوسل لديكم أن لا يمسسني شر، لقد قضيتم ثلاث ليال بمسكني دون كرم مني ، فاطلب مقابلها طلبات ثلاثة وإني لملبية لك ما تطلبه” ( ملاحظة : الآلهة بأكملها تتوسل لبراهمين كي لا يؤذيها ، لذلك يجد القارئ صعوبة كبيرة في التمييز بين المراتب والدرجات في الديانة الهندوسية) .

أجاب الإبن قائلا ” ليكن ذلك يا موت ، فطلبي الأول : أتوسل إليكِ ألا يصاب أبي بهلع من أجلي ، وأن يزول غضبه عني وأن يعرفني ، وأن يستقبلني يوم تردينني إليه” .
- ردت إلهة الموت قائلة ” بإرادتي سيتعرف أبوكم عليكم ويحبكم مثلما كان في السابق وستصير نفسه مطمئنة وينام هانئا عندما تبعث حيا” .

- فرد الإبن قائلا ” بما أن الموت غير موجود هناك ، فبحق السماء لا تجعلي الخوف مسيطرا ولا تجعلي أحدا يخشى أن يصير عجوزا ولا تجعلي أحدا يجوع أو يعطش ، إجعلي الكل يشعر بالغبطة والفرح بما أنهم يعيشون بعيدا جدا عن عالم الحزن والتألم ، ياملكة الموت يا من تعرفي النار التي تقدم كقربان للوصول إلى السماء , علميني كيف أستعمل هذه النار ، إني واهبك نفسي وإني لمفعم بالإيمان ، وهذا هو مطلبي الثاني” ..

- وافقت إلهة الموت على هذا الطلب ، نظر الإبن في كل ماله علاقة بتقديم النار كقربان ، وصاحت إلهة الموت إني راضية عنك ، إني أهبك هدية أطلق عليها من الآن إسم القربان “ناخيكيتا” فما هو طلبك الثالث؟

- قال الإبن طلبي الثالث ” أن ترفعي الشك والإرتياب الذي يصاحب الناس عند موتهم ، فمن قائل بالبعث والحياة بعد الموت إلى قائل بعدم الحياة بعده ، فألهميني ما تريه من حقيقة بخصوص هذه المسألة .

- ردت إلهة الموت قائلة ” إن الآلهة ذاتها احتارت من هذا الحدث الغامض ، فمن الصعب الحصول على هذه الحقيقة أو فهمها , فتخل عن هذا الطلب واطلب طلبا آخر” .
- تشبث الإبن بطلبه وقال ”تقولين يا موت أن الآلهة ذاتها احتارت في هذا الأمر الغامض ، وإنه ليس من السهل فهم الموت ، وأنا واثق أنه لا يوجد معلم غيرك قادرا على تعليمي هذه المسألة أو أن يشرح لي هذا الحدث الغامض ، وواثق أيضا أنه لا وجود لهدية أثمن من الجواب عن هذا السؤال وأن أي طلب أخر ثمنه تفويت الرد والإجابة عن هذه المعضلة” .

- أرادت إلهة الموت أن تجرب الإبن فقالت ” اطلب ذرية وأبناء يعيشون مئات السنين ، اطلب ماشية وفيرة وفيلة وخيولا وذهبا .. اختر مملكة قوية ، اطلب إن أردت حكما مطلقا أو أي شيئ تريده لتنعم بالحياة ، فإني مستجيبة لك بكل شيئ ، مستجيبة لك حتى بجزء من السماء بجواري رغم كونها لم تجعل للفانين ، لكن لا تطلب جوابا عن سر الموت” .

- أصر الإبن وازداد تشبثا وقال ”يا موت إن ما ستعوضين به طلبي وما ستقدمينه لي من نعم بدل سؤالي عن الموت هي أشياء فانية لن تمتد في الزمن ولن تتجاوز صباح الغد ، فإن ما تقدمينه للتنعم والتلذّذ بالحياة يتعب بل يحطم النفس والحواس ، احتفظي لديك بالرقص والغناء والجواري واجعليها لك ، ياموت إنه - وإن يطلب كل الذين سنتقابل معهم وجها لوجه - كل الملذات فلن أتنازل عن مطلبي ولن أغيره ، فكيف يمكن لي أن أطلب طول حياة وقد رأيت أن الذي بمملكتكم لا يتحول ولا يموت في حين تريني أنا الذي عرفت ملذات الجسد أسير نحوه (الموت) . افش لي ياملكة الموت هذا السرّ الذي ترك الإنسان محتارا وفكر فيه دوما ، فليس لدي طلب أخر غير هذا الذي أطلب” .
- سرّت ملكة الموت وبدأت في تعليمه السّر .

- ملكة الموت “إعلم أن هناك فارق بين الرغبة في إشباع الحواس والخير الأسمى ، كلاهما يحركان الإنسان للنشاط والعمل لكنهما ينتهيان إلى إنجاز أهداف مختلفة ، فكما يمكن للإنسان أن يشبع رغباته الحسية يمكن له كذلك أن يصل إلى مرتبة الخير الأسمى ، والحكيم من استطاع أن يميز بين هذين الأمرين فيتشبث بالطيبة والخير الأسمى ويتخلى عن الشهوات الحسية ، والجاهل الأحمق من ترك الرغبات الحسية تسيّره” ، وأردفت ملكة الموت للإبن قائلة ”أنت الذي لم تفتن بالشهوات الحسية وأعرضت عنها رغم وفرتها ، أنت الذي تخليت عن السير في ركاب الجهلة وسموت بنفسك عن سبيلهم المهين ، أنت الذي لم تخدعك كثرتهم ولم تنقاد بآرائهم المشينة ..

إن الحمقى والمخدوعين يعيشون سجن حب ذواتهم ، يظنون أنهم حكماء وما هم كذلك ، يلفهم الجهل وهم لا يعلمون ، عمي ويقودهم عميان . إن الجهل والمعرفة يختلفان وينتميان إلى مجالات متضاربة ، وإني لأراك من الذين ينشدون سبيل المعرفة ..

إن الطريق الذي يقود إلى الأبدية لا يوجد على قارعة الطريق وليس في متناول العامة ، إذ لا يدركه صبي غض إنشدّ إلى الأرض قائلا هذه هي حياتنا , وهذا هو كوننا ولا وجود لعالم غيره ، هكذا يظن ، فتراه في كل مرة ينزل فيها إلى الأرض مردود بأفواهي ..

إن الكثيرين لم يعوا معنى الذات ولم يدركوها وإن سمعوا عنها ، فهنيئا للذي أدرك معناها .

إعلم أن حقيقة الذات لا يمكن فهمها أو إدراكها من خلال تعليم معلم ، فهي تحتاج إلى تبصر وتـأمل , والنتيجة بين التعلم والتبصر ليست واحدة ..

يا بني هنيئا لك لأنك تبحث عن الأبدي ، كم أرجو أن يكون لي تلاميذ من أمثالك ، إعلم أن خزائن الأرض زائلة زوال صباح الغد ، ألم أقدم بنفسي قربان النار لأحقق أمنية أن أصير ملكة الموت؟ .. ألم يكن القربان سريع الزوال , ألم تكن المكافأة محدودة وحكمي لن يدوم ولن يعمر طول الزمن ..

إن الغاية الأساسية لكثير من الناس في شقائهم وعملهم على الأرض هي الحصول على الذهب , وأمنية السعادة السماوية لا تحضرهم إلا لحظة القيام بالشعائر الدينية ، يا بني إنك ترفعت بنفسك عن كل هذا ، واخترت طريقا مخالفا حتى تدرك ما “به” يكون ” الأصل” .. الأصل هو الروح التي تختفي في عمق القلب ، والحكيم وحده هو الذي يقطع طريق التأمل فيتحرر من الإستمتاع أو التألم .. فالإنسان الذي يدرك أن النفس منفصلة عن الجسم وعن عالم الحواس ، والذي يعايش الحقيقة الداخلية التي تمثل جوهر الحقيقة , يعي ذاته ويمتلئ غبطة ً وفرحا ، إنه يعثر فعلا على مصدر السكينة والسكون . يقينا يا بني , بنهجك هذا , ستبقى أبواب الغبطة مفتوحة لك” .

- رد الإبن قائلا” يا ملكة الموت سألازمك كي تعلميني كل شيئ تعرفينه , ماوراء الخير و الشر ، السبب والنتيجة ، وكذلك ماوراء الماضي الحاضر والمستقبل






.....................







بعد ما كنا قد أشرنا في مقال سابق إلى بعض من معاني كلمة “أووم” ها نحن بمحضر لقاء جديد بهذه الكلمة التي تتصدر النصوص الدينية الهندوسية , هذا اللقاء الجديد قائم على استقراء ما ورد في (باجافادا جيتا) المقطع 8- 13 ص 356 والذي يتميز بالإقرار التالي : “إذا ما أقام الإنسان علاقة مع منهج اليوجا وتأثر بمواضع الكلمة المقدسة “أووم” , يحصل لديه إتحاد وانسجام مع الأحرف فيتخلى عن الجسد لينغمس في التفكير في الله المتسامي فيصل الإنسان بذلك بأمان إلى أرواح الأكوان”. وتتحول في نفس المرجع المقطع : 17-23- ص 656 كلمة “أووم” إلى مقاطع كلمات تتمثل في om-tat-sad
.
ويعتبر “كاتا” أن كتب الـفيدا قد بلّغتنا أن أساس كل نضال للتعبد هو “أووم” , وأن مقطع الكلمة هذا هو البراهمن ، إنها يقينا ”الأعلى” وأن الذي يفهم محتوى أووم يبلغ كل أمانيه، انها “أووم” السند الأقوى . فهي أعلى صورة للحواس، ومَثل الذي يدركها كمثل الذي يشعر بوجود البراهمن .
إن أووم هي صورة حواس الذات (النفس) ، هي الله ، هي الأصل ، الواحد الذي لم يولد ، أبدية لا تتلف ، ليست السبب ولا هي النتيجة ، لا تموت رغم زوال الهيكل الجسمي ، وإن ظن القاتل أنه يقوم بفعل القتل وإن ظن المقتول أنه ميت فإنهما لا يعرفان الحقيقة ، فالذات (النفس) لا تموت ولا يمكن قتلها ، هذه الذات التي هي أصغر الأشياء صغرا وأكبرها حجما تسكن في كل القلوب إلى الأبد ، تسافر بحرية وإن كانت ساكنة وتضع كل شيء في سيرورة وحركة حتى لو كانت في استراحة واسترخاء . إن الإنسان الذي تحرر من الرغبة تتطهر حواسه ووعيه ،يكسب صفاء الذات ولا يصاب بالأذى أو بالحزن . والأكثر طهرا بإمكانه معايشة هذه الروح الممتازة التي هي الابتهاج وهي ما وراء الابتهاج , إنها بغير شكل ومسكنها ذو شكل ، إنها بين كل شيء يسير ويطفو ، هي الباقية الأبدية ، وهي المتعالية و المتوغلة في كل شيء ، ومن يشعر بكونها مخلوقة لا يجني إلا الحزن و الأسى .
إن إدراك الذات لا يمكن أن يتم من خلال دراسة الكتب أو من خلال الإدراك الحسي أو التحصيل المعرفي . الإنسان الذي لديه شوق هو الذي يعرفني وهو الذي يكشف النقاب عن حقيقتي , والإنسان الذي لا يتجنب فعل كل ما هو شر، ولا يسيطر على حواسه ، ولا يستطيع تهدئة ما بداخله والذي لا يستطيع التدرب على التأمل لا يمكن له معرفة الذات ، وبالنسبة لها البراهمن و”كشاتريا” ليست إلا غذاء وما الموت إلا بمثابة التوابل ، وأن مسكن النفس هو عمق القلب ، فهو المسكن الأعلى ، وإن الذين يعرفون البراهمن ويقدمون النار كقرابين هم الذين يدركون الفارق الذي يكون بمثابة الفرق بين الشمس والظل .
إعلم أن الذات هي الفارس والجسم هو العربة ، والإدراك هو السيطرة على القيادة والحواس هي اللجام . وأن من يظن كونه حكيما يعتبر أن الحواس هي الخيل ، وأن الطرق التي تقطعها هي بمثابة الممرات التي يهيمون فيها من حيث كونها تمثل الرغبة، فإذا ما اتحدت النفس مع الجسد والحواس يعتقد الحكيم أن الذات بلغت سعادتها :
أن الإنسان الذي يفتقر للتمييز ولا يستطيع السيطرة على ما بداخله تنفلت منه الحواس ، بحيث لا يستطيع قيادتها ، وإن الذي يكون قادرا على التمييز وعلى السيطرة تطيعه الحواس ويتحكم بذلك في اللجام :
أن من كان قلبه خاليا من الطهر ويفتقر إلى التمييز ، لا يمكن له بلوغ الهدف ويولد المرة تلو الأخرى , وحده طاهر القلب الذي يستطيع التمييز بين النفس والجسد هو القادر على بلوغ الهدف ولن يبعث بعدها مرة أخرى :
أن البراهمن هو نهاية الرحلة ، وهو الهدف الأعلى ، وأن النفس مختفية في أعماق كل الكائنات ، فهي ليست واضحة للجميع ، إلا أنها النور الذي ينبلج للطاهرة قلوبهم والمتميزين في داخلهم ، فلهؤلاء فحسب يكون البراهمن واضحا :
أن لحكيم من جعل حواسه تطيع عقله ، وعقله يطيع وعيه ، ووعيه يطيع ذاته , وذاته الفردية تطيع الذات الكبرى :
انهض .. استيقظ .. اقترب من أقدام المعلم ، وتمعن كيف تدرك الذات .
احذر فإن الطريق بحسب الحكيم مثله مثل حدّ السكين شائك ومن الصعب سلكه أو الدوس عليه :
إنها هادئة بدون صوت ، بدون شكل ، بدون مذاق ، بدون رائحة ، بدون بداية ولا نهاية ، لا يمكن القبض عليها ، أبدية لا تتغير ، إنها هناك ما وراء الطبيعة ، ومن يدركها بهذه الشاكلة يتحرر من الموت :
أن الحكيم هو ذاك الذي يدرك أن الذات أبدية فلا يعبأ بما هو زائل , وأن الحمقى والمجانين من تحركهم الشهوة فيسقطون في حبل مشنقة الموت المرة تلو الأخرى … وأن الله الموجود في كل مكان هو الذي يهب الإنسان الذوق ،والشم ،والسمع والإحساس والشعور بالإبتهاج .
يقينا من كان واعيا بالنفس التي لا تزول ولا تموت, يكون واعيا بكل الأشياء ، فبالنفس يعيش الإنسان حالة اليقظة والنوم ، فالذي يعي بها لا يفجع أبدا ، والذي يرى الولادة الأولى - التي هي في حاسة البراهمنا والتي كانت قبل خلق الماء- ويرى أنها تسكن بلوتس القلب ، وأنها حية بين المواد الأولى للجسم , يستطيع بالفعل رؤية البراهمن ، ذلك أن هذه الولادة الأولى هي ولادة النفس التي لا تموت “أجني” يبصر كل شيء موجود ومختف في وقود حجر الصوان مثله مثل الجنين الذي وضع في قرار مكين ، “أجني” الذي يعبد من قبل المستنيرة أرواحهم , المتقربين بقرابين للنار المقدسة ، هو “أجني” الذي هو الذات التي لا تموت ، هي الذات التي بها تبزغ وتنزل الشمس ، هي التي بها تكون أصل القوى الطبيعية والحواس ، هي التي لا يضاهيها في إشعاعها شيء ، إنها النفس التي لا تموت .
أن الشيء الذي يكون في داخلنا هو ذاته يكون في محيطنا ، والذي يكون في محيطنا ، يكون في داخلنا , وأن الذي يفصل بين الظاهر والباطن يكون مصيره الموت المرة تلوى الأخرى , وإن المدينة التي بها أحد عشر باب هي المدينة التي تنتمي للذي لم يولد وفي إدراكه نور يبرق إلى الأبد , وأن الإنسان الذي يتأمل حاكم هذه المدينة لن يشعر بالحزن ويصل إلى التحرر ولن يبعث أو يموت بعد ذلك ، وأن حاكم هذه المدينة الذي لا يموت هو الذات , فهي بمثابة الشمس التي تسبح في السماء ، هي الرياح التي تنفخ في الفضاء ، هي النار التي تشع في المحراب ، هي الضيف الذي يسكن بالمنزل ، هي كل البشر ، هي السمك الذي يتكاثر في الماء ، هي العشب الذي ينمو بالأرض ، موجودة بالآلهات وبكل مكان وأين ما نجد الحقيقة . انها يقينا هي التي تسكن الجسم فتجعل من العجز قوة ، فهي حية لا تموت ، وإذا ما كان الإنسان لا يعيش إلا بالتنفس ، فلا يمكن أن يحيا إلا بها لأنه بدونها لا يكون قادرا على التنفس ، وأن الذين ليس لديهم معرفة بالذات , سيدخل البعض منهم في أرحام الكائنات ويدخل البعض الآخر في الأعشاب ، فكل يجازى حسب عمله .
إعلم أنها المستيقظة فينا حتى في نومنا , إنها يقينا البراهمن الذي لا يموت .

عبدالسلام زيان
26/11/2006, 06:48 PM
أخونا طارق اهلا وسهلا

المقال طويل جدااااا وسأنشره بنفس الصفحة

من زاويتي أرى أن الطريقة الوحيدة للتخلص من الخونة أنصار الغرب بالمنطقة هي رفع كل ما له علاقة بالحكمة المشراقية


تحيااااتي لك

طارق شفيق حقي
26/11/2006, 07:05 PM
أخونا طارق اهلا وسهلا

المقال طويل جدااااا وسأنشره بنفس الصفحة

من زاويتي أرى أن الطريقة الوحيدة للتخلص من الخونة أنصار الغرب بالمنطقة هي رفع كل ما له علاقة بالحكمة المشراقية


تحيااااتي لك


سلام الله عليك

غبت عنا طويلاً

أهلا بعودتك

المقال سينقل للمجلة
وسأستمتع بالكم المعرفي الذي فيه



وأذكرك بحاجتنا لمقالاتك باللغات الأخرى لو وجدت

تحياتي لك وللعائلة الكريمة