المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أختي



خليد خريبش
19/10/2006, 02:25 PM
أختي

كانت تبدو لي كطفلة أو كقطة صغيرة ، تحاول الوصول إلى شيء معلق، كانت تحاول وتحاول ، كانت تستعين بكل شيء، بالحائط، تضع بعض الأشياء لتصعد فوقها، تسقط الأشياء وتسقط هي كذلك . رأيت العواطف تتناوب عليها وهي تجتاز الامتحان: الخوف ، الفرح ، الضحك، الحزن ، و البكاء

قلت لها : ثانية ثانية بالإنجليزية

ستصلين ستنجحين . لكن ذلك التشجيع كان يبدو لها لا يجدي نفعا .

قلت لها: ستصلين ستنجحين أعدتها بالإنجليزية.

قالت: وكيف ذلك ؟

أقول لك أختي دوسي على الفشل و الجبن بقدميك الخفيفتين .إني أراقبك من بعيد بروحي.

قالت :أعاهدك سأحاول بالإنجليزية .

تمنيت أن أراك تنتشين بانتصارك أختي ، لا تستحقين ذلك أختي ، لا تستحقين أن يدوسك الفشل، يحطمك ، يكبلك ، ويتركك مكبلة .

كنت أراها تقاومه والدموع تسيل من عينيها ، خائفة مرتعدة غير وا ثقة ، تمنيت أن تكون مقاومتك كالمحاربات.

قلت: قدرك ، قدرك ، قدرك ...هكذا قدرك .لا بل قدري ، قدري ، أن أقاوم حتى الموت ، لن أنتحر قلت ذلك كأني أهذي .

قالت أختي :أصبحت لا أساوي شيء ، فشلت في أتفه الأشياء ، لم أتحمل ذلك ، كدت أجن .

حينما سمعتها تقول ذلك ، تذكرت وتذكرت جيدا. يوم كنت أعيش وحدي، قرب شاطئ البحر في عالم الحزن ، في خيمة مرقعة ، صنعتها بنفسي ، شعري مجعد، وشعر ذقني كذلك ، أجمع الأصداف وقنينات السكارى ، وبعض كلمات العشاق الذين كانوا يأتون ويجلسون قربي .لا أدري، ماذا كانوا يقولون عني ، لا يهم . كنت أظن نفسي حرا . هل كانوا يقولون أحمق يعيش صيفا وشتاء هنا قرب البحر ، لا أدري ؟ كان حديث السكارى يرتفع شيئا فشيئا و حديث العشاق ينخفض شيئا فشيئا عند غروب الشمس . لكن الباخرة الإير انية لم تتحرك من مكانها منذ شهر، كان كل من يأتي إلى هذا الشاطئ، يتكلم عن الباخرة الإيرانية وسبب رسوها في هذا الشاطئ . شاع الخبر أني فضلت العيش وحدي في خيمتي ، طردت كل من يأتي فيريد أن يأخذني إلى البيت ، كنت أقول لهم : اتركوني و شأني ، إني أعيش حريتي .

قلت : من تكون هذه ؟ إنها أختي قد كبرت ، وماذا تريد في هذا الوقت ؟

قالت : إني أريدك أن تذهب معي إلى المنزل . ماذا تفعل هنا يا أخي ؟

قلت لها: إني حر، حر وحر .

قالت : لا بل سجين ، سجين شياطين الحزن.

قلت : لا ومن يستطيع أن يسجنني ! إني أبحث عن حريتي .

قالت : تظن نفسك حرا وأنت سجين ، تظن نفسك طليقا وأنت مكبل .هذه يدي فتعال معي .

اتركيني أختي ، دعيني وشأني ، قدري أن أعيش في عالم الحزن ، لا تبالي بي، اهتمي بنفسك أختي ، لكن كيف أترك طيور البحر التي تشاركني حزني ، إنها تأتي عند الغروب وتجلس قربي ونطأطئ رؤوسنا لنبكي. إني أعتمد على نفسي هنا ، إني أفضل العيش هنا،إني أصطاد بعض الأسماك بنفسي ، ويجود الصيادون علي ببعض . فارجعي إني لا أريد أراك هنا مرة ثانية .

قالت : لن أذهب حتى تأتي معي ؟ سأدخل أنا كذلك عالم الحزن إذا لم تأتي معي .

لا لا لن تفعلي ذلك ، بدأت أضرب رأسي ، وأنتف شعري ، أنا لست نموذجا أنا لست نموذجا…

استسلمت أخيرا لطلب أختي . لقد انتشلتني أختي من الأسر . تركت كل شيء وعدت إلى المنزل ،هجمت على الفشل و الخوف و الجبن بنفسي حتى فر الجميع هاربين .

لكن ذلك لم يعجبني ، قلت لها : قومي أنت انتقمي بنفسك من الأوغاد .

استجمعت أختي قواها ، استعدت هذا الموسم بما يكفي ، واثقة من النصر ، كانت تستشيرني وهي تستعد للثأر، سنة كاملة من الكد ، قرأت الروايات الست بأكملها . صارت تتكلم عن الشخصيات كأنهم أشخاص واقعيون . هذا جوليان سورال، و هذا كانديد، وهذه أم إدريس الشرايبي تصنع أحمر الشفاه من أزهارشقائق النعمان، وهذه أندروماك بين المطرقة و السندان، وهذا إدريس ييأس من جواب الألمانية التي التقى بها بباريس . كان أبي يعطف عليها حينما يراها على هذا الحال . لكنها كانت لا تبالي بذلك.

انتصرت أختي ، فرحت أختي .عبر وجهها عن فرح لم أعهدها فيه من قبل ، لقد حققت حلم أبي ، حينما رأيت أبي يجهش بالبكاء و هو يقبلها لشدة فرحه، فهمت أن أختي نجحت في الامتحان أخيرا أخيرا...

طارق شفيق حقي
22/10/2006, 11:18 PM
مررت من هنا


تحياتي