المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المطالبة بمرجعية لغوية ذات سلطة



طارق شفيق حقي
16/10/2006, 04:33 PM
مازن المبارك عضواً في مجمع اللغة العربية..- المطالبة بمرجعية لغوية ذات سلطة وتشكيل المجلس القومي الأعلى للغة العربية .. من مهام المجمع وضع السياسة اللغوية للدولة-

«إن الذي يحترم الأمة يحترم لغتها، ويصون كرامتها، لأن كرامة اللغة من كرامة الأمة، الناطقة بها، وقيمة اللغة لا تقل عن قيمة الأرض، وإذا كانت الأرض هي الوطن الذي نعيش فوقه، فإن اللغة هي الوطن الروحي الذي نعيش فيه ونتفيأ ظلاله.. الخ».
الكلمات السالفة هي للأستاذ الدكتور مازن المبارك من الكلمة التي ألقاها في حفل استقباله عضواً في مجمع اللغة العربية في دمشق. ‏
وألقيت في الحفل ثلاث كلمات، الأولى لرئيس المجمع الدكتور شاكر الفحام، والثانية للأستاذ الدكتور محمود السيد، والأخيرة للعضو الجديد الأستاذ مبارك. في الكلمة الأولى للأستاذ الفحام هنأ الأستاذ مبارك بثقة زملائه به الذين اختاروه عضواً يشد أزرهم في المسيرة التي نذروا لها أنفسهم وهي العناية باللغة العربية المبينة أشدّ العناية، والعمل معهم على إغنائها في تلبية حاجات العصر، وتحقيق ما يؤهلها أن تحتل مكانتها السامية بين اللغات. ‏
ثم جعل الأستاذ الفحام يتحدث - في نبذة قصيرة- عن مسيرة الأستاذ مبارك، حيث ولد عام (1930)م، في بيت علم وفضل ودين فقد كان أبوه الشيخ عبد القادر المبارك من أبرز علماء دمشق، واختير في المجمع العلمي العربي الأول في دمشق، وقضى وقتاً طويلاً يشارك في أعماله حتى توفي عام (1945) وكان الشيخ المبارك كما وصفه ظافر القاسمي في أحد كتبه «الإمام في اللغة والمرجع فيها»، ثم تحدث د.فحام عن المسيرة العلمية للأستاذ مبارك منذ حيازته الإجازة الجامعية حتى إلى أن أصبح أستاذاً لكرسي اللغة العربية في جامعة دمشق سنة (1970)م ثم عن تنقله أستاذاً في جامعات عدد من عواصم اللغة العربية، وعن مشاركته في المؤتمرات والمحاضرات التي كانت عن اللغة العربية، في الوطن العربي وخارجه؛ فضلاً عن محاضراته الشخصية، ثم تحدث عن أهم مؤلفاته وختم حديثه بكلمة للأستاذ مبارك يقول فيها: «اللغة صفة الأمة في الفرد، وآية الانتساب إلى القوم.. فمن أضاع لغته فَقَدَ نسبه وأضاع تاريخه». ‏
ثم كانت كلمة عضو المجمع الدكتور محمود السيد الذي تحدث فيها عما يتحلى به الأستاذ مبارك من كفاية علمية متميزة ومسيرة عطرة، معرباً عن سعادة المجمع بانضمام هذا العالم الجليل إليه المدافع عن اللغة العربية الفصيحة بكل حماسة وجرأة، وعمله على ترسيخها على الأقلام والألسنة بكل ما أوتي من إيمان وكفاية وتميز، سواءٌ في أثناء تدريسه لها، أو في مؤلفاته عنها، ثم تحدث عن مؤلفات د.مبارك، وعن أسلوبه الخاص في التحقيق والتأليف الذي من أهم ميزاته التعمق والاستقصاء، وإعماله عقله العلمي الخاص في التمحيص، ولاسيما حين يفضل آراء على أخرى، في مؤلفات أهم من اشتغل في النحو العربي من القدماء، نحوها وصرفها لاسيما، من أمثال (الزجاجي ـ الرماني ـ ابن جني ـ ..الخ). ‏
ثم تطرق د.السيد إلى الآراء الخاصة المهمة التي خرج بها د.مبارك بعد البحث الذي استغرق سنوات طوالاً ـ التي من أهمها دعوة الأستاذ مبارك إلى تركيز الاهتمام على النحو الوظيفي، وأن علينا الاهتمام بما يساعد المتعلم على التواصل اللغوي من حيث الاستعمال. ‏
بعد ذلك تطرق د.السيد إلى الحديث عن عمل د.مبارك في ميدان البلاغة في كتابه القيم «الموجز في تاريخ البلاغة» الذي دعا فيه إلى إعادة النظر في مفهومها وفي طريقة تدريسها، دراسة تذوق فني. ‏
وأنا كاتب هذه السطور ـ أذكر في هذا السياق ـ أن الدكتور المبارك قد بسط آراءه هذه في كتابه «مقالات في العربية»، عقد فيه فصلاً خاصاً للبلاغة، أبان فيه بأسلوب شائق وجلي طريقة التذوق البلاغي الفني، وأثر الأساليب البلاغية في توصيل المعنى المراد إلى المتلقي في أجمل صورة وأعمق تأثير، مع الأمثلة، وهذا يهم مدرسي العربية، ممن لا يريدون من تدريس البلاغة تدريساً سطحياً حفظياً. ‏
كلمة الأستاذ مبارك ‏
وقد تحدث عضو المجمع الجديد الأستاذ الدكتور مازن مبارك الذي حل محل عضو المجمع الدكتور الأستاذ الراحل في ثلاث كلمات.. الأولى كانت تحت عنوان: «أنا والمجمع» وحكى فيها، عن زيارته الأولى للمجمع، وهو طفل في الخامسة من عمره، وكيف تسلل إلى مبناه القديم ـ باب البريد اليوم ـ وحمله وقتها أول رئيس لمجمع دمشق الأستاذ محمد كرد علي. ‏
أما زيارته الثانية للمجمع فكانت عام (1941) عهد الانتداب الفرنسي، التي رأى فيها لجنة تضم عسكريين، وكانت أول لجنة عملت في تعريب الإيعازات العسكرية ـ الألقاب والرتب، وأسماء قطع السلاح، وكان مجمع دمشق أول مجمع عربي يقوم بهذا العمل المهم. ‏
ثم تحدث الأستاذ مبارك عن صلته التي لم تنقطع بالمجمع وأعضائه، وتحدث عن فضل مجمع اللغة العربية في دمشق، من حيث كونه أول مجمع أنشئ في الوطن العربي، وأن جهود أعضائه بدأت منذ الحكم الفيصلي، حين عرّبوا لغة الدواوين، ولغة التعليم، ونزعوا عن الألسنة والأقلام ثوب اللغة التركية وألبسوها ثوب العربية الفصيحة. ‏
ما يعيب عمل المجمع؟ ‏
وقال: إن عمل أعضاء المجمع ما زال استمراراً لذلك العمل المثمر، بيد أنه لا يعيب عملهم إلا كونه بعيداً عن الإعلام، في عصر يصبح تسميته بعصرالإعلام. ‏
مضيفاً: «إن اللغة العربية هي أحوج ما تكون ـ اليوم ـ إلى أبنائها الغيارى عليها، ذلك أنها تتعرض لهجمات شديدة الوطأة والتأثير عليها، وعلى أبنائها. وأضاف: «إن من حقه وقد ضمه أعضاء المجمع إليهم وألبسه السيد رئيس الجمهورية مسؤولية لغوية، حين أصدر مشكوراً مرسوم تعيينه في المجمع ألا يكون فرسان المجمع بلا خيول وبلا سلاح، ومن حقه ألا يترك المجمع وحيداً في معركة اللغة ـ وهي تتعرض اليوم لأخطر المعارك والهجمات». ‏
ورأى الأستاذ المبارك أن رسالة المجمع لا تقل أهمية عن رسالة عمل وزارة الدفاع. ‏
وأضاف: «إني أناشد السيد رئيس الجمهورية ـ وهو الذي يمتاز بالوعي والثقافة والحكمة ـ وقد حملني وحمّل مجمعكم رسالة نرجو ألا ننوء بعبئها، أن يكون السيد الرئيس صاحب الفضل في إصدار مرسوم حماية اللغة العربية، وجعل المجمع المرجع في كل ما يتصل بقضايا اللغة وشؤونها». ‏
مبارك والراحل د.عاصم بيطار ‏
وأخيراً تحدث الأستاذ المبارك عن العضو الراحل الأستاذ بيطار، وعن صداقته وصحبته العلمية له مدة (56 سنة) وعن خصال الأستاذ بيطار الطبعية، والعلمية الراقيتين، وذكر أن د.بيطار كان يرى معه «أن أصدق أنواع الوطنية هي أن يتقن المرء اختصاصه لينتفع به مجتمعه، وأن رسالة الوعي اللغوية هي رسالة مقدسة». ‏
مبارك لمجمع اللغة العربية في دمشق انضمام الأستاذ مبارك إلى عضويته ذلك أنه بما يتمتع به من علم واسع في العربية ـ وهي عشق طبعي لديه ـ وبما يتسم به من منهجية سديدة في التفكير ـ عرفناها من مؤلفاته ومخالطته، سيكون ربحاً لايقدر للمجمع واللغة العربية

تشرين ـ موفق خراط