المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عاشت فنزويلا 'حرة عربية'



طارق شفيق حقي
13/08/2006, 06:13 PM
اطلبوا العزة والكرامة عند شافيز
عاشت فنزويلا 'حرة عربية' تقرير يكتبه: محمد عبدالله
http://www.elosboa.co.uk/elosboa/issues/490/images/0504.jpgشافيز الثوري الذي لم يبلغ الخمسين من عمره والذي اصبح شوكة في حلق الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تعد تستطع تجاهه حيلة ولا سبيلا سوي الانتظار والتدبير.. والمحاولة الفاشلة تلو الأخري. إنه اشتراكي بقلب مؤمن كما وصفه كاسترو. يحمل في داخله بعضا من صفات المخلٌص بمعناه الديني. ولا عجب أن تراه يحمل الصليب في جيبه أينما ذهب كما يحمل أيضا الدستور الفنزويلي.
شافيز رجل يذكرك أيضا بأبطال التاريخ الأسطوريين الذين نذروا أنفسهم لنصرة الفقراء والمعدمين. هو ثوري يحكم شعبا منقسما بين فقراء لا يجدون ما يقيمون به أودهم، وأغنياء تكتظ بنوك واشنطن ونيويورك بأرصدتهم. ومع كل هذه التناقضات هو رجل بكل ما تحمله الكلمة من معني. رجل يعشق جمال عبد الناصر يتحدث عن تاريخ العرب كعالم يعرف تراث العرب المقاوم أكثر من المسئولين العرب.
وفي الوقت الذي وصف فيه حكامنا الأشاوس ما فعله حزب الله بأنه مغامرة غير محسوبة يقف شافيز معلنا إدانته للوحشية الصهيونية ولم يكتف بذلك بل أعلن أنه أمر بسحب سفير بلاده لدي إسرائيل تعبيرا عن رفضه للهجوم الإسرائيلي علي لبنان. وأوضح شافيز أنه أمر مثير للغضب حقا أن نري كيف تستمر إسرائيل في القصف والقتل بكل القوة التي يملكونها، وبمساندة الولايات المتحدة الأمريكية. متهما واشنطن باثارة العنف في الشرق الأوسط.
ولأنه رجل.. فلم تجد إسرائيل امامها سوي التعامل معه بندية ولم تتجاهله مثلما تفعل مع الحكام العرب فقد أعلنت تل أبيب انها سحبت سفيرها في كراكاس احتجاجا علي تصريحات شافيز الذي شبه عدوانها علي لبنان بحملات هتلر النازية.
وانه انتقد في مقابلة تليفزيونية العدوان الإسرائيلي علي لبنان وفلسطين وقارنه بالعمليات التي كانت تشنها النازية اثناء حكم أدولف هتلر.
شافيز ايضا لم ترتعد قطرات دمه داخل جسده عندما يفكر سلطان البيت الابيض في مجرد الاتصال به.. كان قد هاجم بوش، واصفا إياه بأنه 'وحش امبريالي' وأنه سيقاوم أي غزو قد تشنه الولايات المتحدة كما قاومت فيتنام الهجوم الأمريكي علي أراضيها.
شافيز كان يرد علي تصريحات لجورج بوش اعتبر فيها أن شافيز 'لا يشكل خطرا عسكريا' بل يشكل خطرا يهدد بزعزعة الديمقراطية ولم تتوقف شجاعة الرجل عندالوقوف ندا للحاكم بأمره ولكنه تعدي ذلك الي الفزاعة التي يرعب شكلها وصوتها كثيرا من الحكام العرب فقد رد شافيز بقوة علي انتقادات كونداليزا رايس لسياسة فنزويلا قائلا: إنها 'أمية حقيقية'. وقال أثناء احتفال في كراكاس إنه اقترح علي الرئيس الكوبي فيدل كاسترو أن يرسل إلي كونداليزا رايس كتب برنامج 'مهمة روبنسون' لمحو الأمية الذي تنفذه الحكومة الفنزويلية بمساعدة كوبا حتي 'تتعلم (رايس) احترام كرامة الشعوب'.
كلمات شافيز جاءت ردا علي تصريحات رايس التي انتقدت سياسة الرئيس الفنزويلي وأخذت عليه إقامة علاقات جيدة مع نظام كاسترو، مدعية أن فنزويلا 'تضطلع بأدوار ليست إيجابية جدا'.
رايس انتقدت شافيز لسعيه إلي 'عرقلة إجراء استفتاء تطالب به المعارضة الفنزويلية لإقالته'. وعلق الرئيس الفنزويلي قائلا: إن مستشارة بوش 'أطلقت مدفعيتها علي شعبنا بالقول: إن علي شافيز ألا يعارض إجراء استفتاء'. وتساءل: 'لماذا لم تبد رايس قلقا علي العملية الانتخابية المشكوك فيها التي أوصلت بوش إلي البيت الأبيض؟'.
وفي الوقت الذي يقف فيه شافيز بعزة وكرامة يدافع عن القضايا العربية نجد اتباع فقه الخنوع والانبطاح يبحثون عن أي مبرر لضعفهم ووكساتهم فقد نقلت بعض وسائل الاعلام عن مسئول عربي كبير في أحد المجالس الخاصة أنه قال ان هوجو شافيز 'يزايد علي العرب' لأنه أمر بسحب سفير بلاده من إسرائيل: احتجاجا علي العدوان الاسرائيلي علي لبنان، والإمعان في قتل المدنيين اللبنانيين، في الوقت الذي يفشل فيه الجيش الإسرائيلي في تسجيل منجز عسكري حقيقي علي الأرض!
المسئول قال أيضا إن شافيز بعيد عن بؤرة الصراع ولا يهمه حقيقة ما يجري في بلادنا، المسئول العربي الذي لا يقرأ الصحف ­ ربما لانه لا يعرف القراءة ­ لا يعلم مدي تعاطف شافيز مع القضايا والحقوق العربية، فهو من أشد المنتقدين للغزو الأمريكي للعراق. وكان قد زار صدام حسين في بغداد قبل سقوط بغداد وتضامن معه، كما أعلنت بلاده استعدادها لاستقبال قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تقود الحكومة الفلسطينية الحالية، بعد أن فرض الغرب حصارا اقتصاديا وسياسيا عليها بعد فوزها في الانتخابات التشريعية كما أن العلاقات بين فنزويلا والولايات المتحدة تشهد توترا متواصلا، وهددت فنزويلا مرارا بقطع البترول عن واشنطن رغم الخسارة الاقتصادية التي قد تواجهها!!
وعلي العكس من موقف المسئول العربي الذي وضعته خطوة الرئيس الفنزويلي في حجمه الطبيعي، فقد لقيت ترحيبا شعبيا عربيا واسعا وصل إلي إطلاق شعارات في مدونات الإنترنت، منها 'عاشت فنزويلا حرة عربية' وهو شعار لم يكن فريدا وليس الأول من نوعه، فقد سبق أن تكرر هذا الهتاف في مناسبات سابقة إعجابا بمواقف ايجابية لدول أجنبية اتخذت مواقف بالمقاطعة أو سحب سفرائها من إسرائيل كنوع من النقد المستتر للحكومات العربية مثل الهتاف لبلجيكا التي اتخذت مواقف ضد إسرائيل في وقت سابق، وقاطعت منتجاتها عقب الانتفاضة الفلسطينية عام 2002 بشعار: 'عاشت بلجيكا حرة عربية'. كما رفعت أيضا شعار 'عاشت كوريا حرة عربية' نكاية في الحكومات العربية بعدما صمدت كوريا الشمالية في وجه الضغوط الأمريكية وأصرت علي إنتاج سلاح نووي رغم تعرضها للحصار.
الحرج الذي أصاب النظام العربي تجاوز كل حد هذه الأيام، وربما دفع هذا الأمر ­ خاصة مع صمود حزب الله ­ البعض لإعادة النظر في مواقفهم، بعد أن صبوا غضبهم في بداية الحرب السادسة علي حزب الله، ويبدو أن المعلومات التي سربت إليهم كانت تقول ان الأمر سينتهي في غضون أسبوع، لكن الرياح اتت بغير ما تشتهي السفن، وانكشفت عورة إسرائيل ومعها عورة الاستسلاميين واتباع المذهب (البوش كونداليزي)!
هوجو شافيز المولود في 28 يوليو 1954 بسابيناتا في ولاية باريناس في الجنوب الغربي لفنزويلا نشأ في أسرة متواضعة ،التحق شافيز وهو ابن 18 عاما بالقوات المسلحة حيث تخرج عام 1975 ضابطا في سلاح الطيران، كما توسع في دراسة التاريخ والعلاقات الاجتماعية.
وقام شافيز بمحاولة انقلاب في 4 فبراير 1992 ضد الرئيس الفنزويلي كارلوس آندريه بيريز فنجح أولا في السيطرة علي جميع البلاد ما عدا العاصمة كراكاس، إلا أنه قبض عليه وأدخل السجن، وبعد سنتين تمت تنحية الرئيس آندريه بيريز وتولي رافائيل كالديرا السلطة مكانه فخرج شافيز من السجن. وأسس مع بعض أصدقائه الضباط حركة سرية أطلقوا عليها اسم بوليفار دو سيمون تيمنا باسم الزعيم الأمريكي الجنوبي الذي كان من أبرز مقاومي الاستعمار الإسباني في القرن التاسع عشر.
وفي عام 1997 أسس شافيز حزبا باسم حركة الجمهورية الخامسة وحظي بمساندة اليساريين والطبقات الفقيرة. وأعلن عن برنامج يركز علي مقاومة الفقر والرشوة فحصل علي نسبة 56 % في انتخابات ديسمبر 1998 وبفوز شافيز في الانتخابات أعلن أن فترة 1958­ 1998 هي فترة الثورة الرابعة وأعلن عام 1999 بدء الثورة الخامسة، ثورة بوليفار، نتيجة استلهام معظم أفكاره الإصلاحية من أفكار بوليفار، وقد تضمن هذا البرنامج العديد من الإصلاحات الهامة، كان من أهمها تغيير اسم الدولة وسن قانون جديد لزيادة فترة الرئاسة إلي ست سنوات، مع إمكانية إجراء انتخابات فورية يتم فيها الاتصال مباشرة بين الرئيس والشعب.
وأعلن شافيز عن مناهضة العولمة، وعن ضرورة وجود عدة محاور وأقطاب في العالم، في خطاب سياسي معاد لأمريكا. كما قام بإصلاحات اقتصادية هامة من أبرزها توزيع الأراضي علي الفقراء بعد أن كانت في أيدي زمرة قليلة من المواطنين.
قامت ضد شافيز محاولة انقلابية في 11 أبريل 2002 نظمتها بعض الأوساط العسكرية والمالية والنقابية بمباركة الولايات المتحدة الأمريكية وفي خطوة لن نراها في الشارع العربي نزلت الجماهير من الطبقات الشعبية والمتوسطة في مظاهرات بشوارع العاصمة وغيرها تأييدا لشافيز مطالبة بعودته. وعاد شافيز إلي سدة الحكم ووقف في شرفة قصره يعلن بداية مرحلة جديدة من التفاهم والمصالحة، ووعد بألا يسمح بأية ملاحقات سياسية أو تجاوزات علي حرية الرأي والتعبير الشعبي. وهو امر لا نعتقد بل نجزم بأنه مستحيل الحدوث في وطننا العربي المنكوب الذي ستتمني شعوبه ان يرحل حكامهم كاسرين خلفهم ملايين القلل.
ورغم أن البعض يراهن علي أن العصر قد تغير، وأن اللغة الثورية أصبحت جزءا من التاريخ، فإن شافيز الذي يحكم فنزويلا ­ رابع أكبر منتج للنفط في العالم وثالث أكبر مصدٌر للنفط إلي الولايات المتحدة الأمريكية ­ ما زال يïصًرٌï علي أن النفط والثروة لا يمكن أن يحلا مكان الثورة التي جاءت من أجل الفقراء.
شافيز الثوري الذي جاء إلي الحكم علي ظهر صناديق الاقتراع التي منحته نصرا كاسحا ووضعت خصومه في الخارج ­ خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية ­ أمام معضلة سياسية. فمن ناحية التقاليد السياسية الأمريكية يعد شافيز منتخبا من قبل شعبه، ويجب عدم إزاحته إلا عبر وسيلة ديمقراطية، وإلا فستعرٌض أمريكا سمعتها وقيمها للخطر. ومن ناحية أخري فشافيز يجلس علي برميل نفط قريب من أمريكا، لكنه ليس في متناول يدها، تسعي إلي استغلاله وليس مجرد استثماره، وتريد أن يتحول إلي أداة مساعدة فإذا به يتحول إلي نمر شرس يقف عائقا أمام خطط واشنطن لخفض أسعار النفط، فكلما حاولت احتواء بعض رجال الأعمال أو الإعلام وقف لهم شافيز والشعب بالمرصاد، إنه مشاغب.. يزور العراق، ويصادق كوبا، ويتودد إلي القذافي، ويدعم الثورة في كولومبيا ثم لا يكتفي بالكلام وإنما يحاول جاهدا مناهضة الهيمنة الأمريكية، فاستطاع شافيز أن يدشن علاقات قوية مع من تعتبرهم الولايات المتحدة أعداء لها، فقد وقٌîع مع الصين اتفاق تعزيز علاقات في عام 2001م أثناء زيارة الرئيس 'جيانج زيمين' لفنزويلا، كما وقٌîع اتفاقا آخر مع إيران يقضي بتعزيز التعاون في المجالات الصناعية والزراعية.
شافيز أيضا قرر مواجهة التمرد الذي يقوده رجال الأعمال والتيار الليبرالي الاقتصادي المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية وقرٌîر التخلص من رموز الاقتصاد الحر ودعاة الليبرالية الاقتصادية بأرصدتهم في مؤسسة النفط الوطنية التي تشكًٌل عائداتها نصف الدخل القومي الفنزويلي.
وتعتبر فنزويلا سابع أكبر دولة في أمريكا اللاتينية وتغطي مساحتها 912.5 كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكانها عام 2000 ما يقدر ب24.2 مليون نسمة، وتملك أكبر اقتصاد في تجمع الإنديز كما تتمتع بأعلي نصيب للفرد من الناتج القومي الإجمالي في أمريكا اللاتينية. ويري أغلب الشعب أن هذا التناقض بين ما تملكه فنزويلا من ثروة وما يعيشه الشعب من فقر هو نتيجة للطبقة السياسية الفاسدة وتابعيها من رجال الأعمال الذين سرقوا ثروات الدولة الذين وصفهم شافيز ذات مرة بأنهم يقيمون في شاليهات فخمة حيث ينظمون حفلات دعارة ويشربون الويسكي.
واشنطن يزداد قلقها من سياسة شافيز ومخاوفها من فقدان فنزويلا كمصدر نفط هام: فهذه الدولة تحتل المرتبة الرابعة عالميا في إنتاج النفط الخام (43.2 مليون برميل يوميا)، كما أنها تأتي في المرتبة الثالثة من حيث تزويد الولايات المتحدة بالنفط، وتبلغ صادرات كل من العراق وفنزويلا 4.5 مليون برميل نفط يوميا، لكن البترول العراقي يصل إلي الولايات المتحدة في 45 يوما، بينما بترول فنزويلا يصل في 5 أو 6 ساعات فقط.
شافيز يعلن بقوة كلمته الأثيرة: 'نحن الدول الصغيرة الفقيرة والمتخلفة.. لا نملك من الخيارات سوي خيار الاتحاد'. في الوقت الذي يرتعد فيه حكامنا من الشرق الاوسط الجديد الذي باعوه في الماضي ودمروا مستقبله وسلموا حاضره الي ساداتهم في البيت الابيض.
شافيز.. كنت أتمني ان تكون حاكما عربيا ولكنك بصراحة خسارة فينا.

عبدالسلام زيان
15/08/2006, 04:51 PM
تحياتي اخ طارق