سعد رفعت الوردانى
26/07/2006, 09:24 AM
اللوحات القلمية..فى قصص الأديب : سمير الفيل
هنا كانت النشأة....على أرض الوفاء والحب....أرض دمياط الطاهرة....أرض الإبداع والمبدعين....والعلماء والقادة السياسين....حاضنة النهر والبحر....البلاد التى قال فيها
الحق تبارك وتعالى مرج البحرين يلتقيان..بينهما برزخ لايبغيان). سورة الرحمن.
وما بين وفاء النيل وهدير أمواج البحر رسم الفيل لوحاته القلمية حسب تعبير يحى حقى
واللوحة شكل مكانى ينهض على تجميد الزمن عند لحظة مهمة .. ثم تعميق هذه اللحظة من
خلال الرسم فى المكان وشحن الكلمات بطاقة مضيئة تسمح برؤية الأبعاد الزمنية السابقة
واللاحقة ...هذه اللحظة تضاء بنور سماوى ...ذلك النور الذى يمكننا من التفرقة بين الماضى والحاضر والمستقبل كما لو كانت هذه الأزمنة جميعا ماثلة معا ).
وسمير الفيل :
روائى وقاص ومسرحى ..له مساهمات واسعة فى النقد الأدبى..شاعر عامية وكاتب أغانى
مسرحية.. هو سمير مصطفى توفيق الفيل...دبلوم معلمين 1971 ليسانس آداب وتربية 19988
عمل لفترة طويلة ناظرا لمدرسة الإمام محمد عبده بدمياط.. ثم موجها للمسرح حاليا
من مؤلفاته :
1-رجال وشظايا-رواية-الهيئة العامة للكتاب 1990
2-خوذة ونورس وحيد..قصة قصيرة..دار سما/2001
3-أرجوحة-قصة قصيرة 2001
4- كيف يحارب الجندى بلا خوذة 2001
5-ظل الحجرة-رواية-مركز الحضارة العربية-2001
6-انتصاف ليل مدينة-مجموعة قصصية-اتحاد الكتاب-2002
أصدر خمسة دواوين شعرية..أصدر عنه الناقد /جمال سعد محمد كتاب-طاقة اللغة وتشكيل المعنى
دار الإسلام للنشر -المنصورة-2002.
له العديد من المجموعات القصصية المنشورة إليكترونيا
البريد الألكترونى :Samir_feel@hotmail.com
samir_feel@yahoo.com (samir_feel@yahoo.com)
والقارئ لقصة أقنعة والمنشورة بموقع القصة العربية يتضح له تللك اللوحات القلمية جليا:
طوال المسافة التى قطعها من المقهى إلى الحديقة التى تطل على لجة المتوسط ، كان يردد بصوت كاد أن يكون مسموعا كل الكلام الذى اختاره ، نسقه ، شذبه ، و سهر الليلة الفائتة يكرره حتى صار نصا تراثيا أشبه ب" جلمود صخر حطه السيل من عل " .
كانت تنتظره على المقعد الصخرى الذى يطاله رذاذ الماء المالح ، فى لحظات الارتطام المروعة للجة الزرقاء التى تتبدد على هيئة رشاشات تعلو فى الفضاء لتحط فى صوت مكتوم
تقرأ هذا السرد الجميل وكأنك أمام لوحة فنية لدافنشى:
هبت رياح من ناحية الشرق حيث الفنار يقف منتصبا كحارس أبدى للبحر المخيف . اقترب بائع الذرة العجوز ، مد يده بكوزين معتبرين ، وضعهما فوق المقعد الصخرى ، فى المسافة التى تفصل بينهما تماما . تراجع فى أدب جم كما يليق بالعجائز عند سفوح السبعين . سمرت نظراتها نحو الحاجز المصنوع من مكعبات الأسمنت العملاقة . أخرج من حافظته جنيها وشكر العجوز الذى راح يدعو لهما بالصحة والسعادة . ارتفع رشاش الماء وأغرقهما تماما. ظلا جالسين ، وإن مدت يدها نحوه تمسح البلل . ترك لها هذه المهمة المحببة ، وإن أخرج منديله القطنى الأبيض يمسح الماء المالح عن وجهها الصبوح !
لقد استطاع سمير الفيل أن يوظف مشاعر الشاعر القديم فى إطار الحكى القصصى وهذا سر تميزه
اليوم...إن ما تقرؤه للفيل يمثل دراما عالية وحقيقية..ولهذا لم يكن غريبا أن يتجه الفيل من الشعر إلى السرد فى محاولة لمنع عزلة الثقافة وطغيان مظاهر الفوضى والغربة والانكسار الحضارى
على حد تعبير الدكتور سمير سرحان رئيس الهيأة العامة للكتاب.
وما ينفك الفيل يرسم بقلمه تلك الوحات الرائعة التى لو استفاد منها الفنان الحصيف لرسم أجمل اللوحات فى حياته..ففى قصة نرجس يرسم لوحة ذات ألوان متداخلة تعطى لكل من يشاهدها معنى
جديد ومتجدد:
حين تسلقت شباك الشخشيخة صرت في مواجهة العتمة الثقيلة، مددت يدي وتحسست جروحي كانت مجرد خدوش بسيطة ورضوض ، إنحدرت دمعة على وجنتي فعرفت أنني أبكي بلا صوت ، نحيب خافت في الظلمة ، وحده القمر بان مخسوفا ومنشطرا لنصفين فيما السحب تظهره وتخفيه ، فتضيء الأشعة الساقطة في مراوغة أكيدة بلاطات السطح المعشوشب بنبات شيطاني أخضر ومترب . نبات طلع تحت شمس تغفو وندى يصحو قبل الفجر فيسخو بالقطرات قبل أن يدهمه الصبح العجول . كنت أعرف أماكن إنباته وأتحاشى ألا أدوسه في صعودي وهبوطي .
والكاتب ومن خلال لوحاته القلمية ...يستعيد فعالية الزمن فى هذه اللوحات عبر اهتمامه بالصراع
الداخلى الموار لأبطال قصصه.
يميل إلى الختزال والتكثيف والاكتناز..ففى قصة مكابدات الطفولة والصبا يبدوهذا من أول وهلة:
بالطباشير
كل يوم يرسلني المعلم يسري لشراء ما يحتاجه المنزل . أصعد السلم ، وأكتب داخل القلوب الصغيرة ( سمير ، وكريمة ) . بالطباشير أكتب في صعودي وهي تمحوها حين ننزل سويا ، وتميل نحوي وتتحداني لأنها اطول مني بشبر . داخل عينيها بريق وحيرة . لم أقبلها وهي اكتفت بأن تمسك يدي صعودا وهبوطا وحتى العتبة قبل الأخيرة . تدافع عني إذا ما لامتني أمها لأن سعر الخضار أكثر مما هو معتاد. حين كبرنا لمحتها في سيارة فارهة بجوار زوجها . كانت تبتسم من خلف الزجاج رغم الغبش الخفيف ، وقد شعرت بيدها تمتد نحو حائط في ذاكرتي لتمحو كتابة الطباشير وتهش طيورا بعيدة .
إن سمير الفيل اعتمد فى قصصه ورواياته على تقنية الوعى ..وهذه التقنية :
يسعى الكاتب فيها إلى رسم شخصية إنسانية بمختلف جوانبها من الخارج ومن الداخل بكل ماضيها وحاضرها وأحلامها وتششتتها وتعنى فى النهاية برسم هوية ذهنية ومحتوى ذهنى.
ومما لاشك فيه أن : نصوص الفيل نصوص حداثية اتخذ فيها الفيل لنفسه أسلوبا متقدما فى الكتابة.
الفيل قاص ومبدع أصيل فى زمن الأدعياء والدخلاء على كتابة الأدب..الفيل رمز للحداثة بكل ماتحمله الكلمة من ظلال...يستحق أن نسلط عليه الضوء ونجرى حوله العديد والعديد من الدراسات
الأدبية الجادة.
هنا كانت النشأة....على أرض الوفاء والحب....أرض دمياط الطاهرة....أرض الإبداع والمبدعين....والعلماء والقادة السياسين....حاضنة النهر والبحر....البلاد التى قال فيها
الحق تبارك وتعالى مرج البحرين يلتقيان..بينهما برزخ لايبغيان). سورة الرحمن.
وما بين وفاء النيل وهدير أمواج البحر رسم الفيل لوحاته القلمية حسب تعبير يحى حقى
واللوحة شكل مكانى ينهض على تجميد الزمن عند لحظة مهمة .. ثم تعميق هذه اللحظة من
خلال الرسم فى المكان وشحن الكلمات بطاقة مضيئة تسمح برؤية الأبعاد الزمنية السابقة
واللاحقة ...هذه اللحظة تضاء بنور سماوى ...ذلك النور الذى يمكننا من التفرقة بين الماضى والحاضر والمستقبل كما لو كانت هذه الأزمنة جميعا ماثلة معا ).
وسمير الفيل :
روائى وقاص ومسرحى ..له مساهمات واسعة فى النقد الأدبى..شاعر عامية وكاتب أغانى
مسرحية.. هو سمير مصطفى توفيق الفيل...دبلوم معلمين 1971 ليسانس آداب وتربية 19988
عمل لفترة طويلة ناظرا لمدرسة الإمام محمد عبده بدمياط.. ثم موجها للمسرح حاليا
من مؤلفاته :
1-رجال وشظايا-رواية-الهيئة العامة للكتاب 1990
2-خوذة ونورس وحيد..قصة قصيرة..دار سما/2001
3-أرجوحة-قصة قصيرة 2001
4- كيف يحارب الجندى بلا خوذة 2001
5-ظل الحجرة-رواية-مركز الحضارة العربية-2001
6-انتصاف ليل مدينة-مجموعة قصصية-اتحاد الكتاب-2002
أصدر خمسة دواوين شعرية..أصدر عنه الناقد /جمال سعد محمد كتاب-طاقة اللغة وتشكيل المعنى
دار الإسلام للنشر -المنصورة-2002.
له العديد من المجموعات القصصية المنشورة إليكترونيا
البريد الألكترونى :Samir_feel@hotmail.com
samir_feel@yahoo.com (samir_feel@yahoo.com)
والقارئ لقصة أقنعة والمنشورة بموقع القصة العربية يتضح له تللك اللوحات القلمية جليا:
طوال المسافة التى قطعها من المقهى إلى الحديقة التى تطل على لجة المتوسط ، كان يردد بصوت كاد أن يكون مسموعا كل الكلام الذى اختاره ، نسقه ، شذبه ، و سهر الليلة الفائتة يكرره حتى صار نصا تراثيا أشبه ب" جلمود صخر حطه السيل من عل " .
كانت تنتظره على المقعد الصخرى الذى يطاله رذاذ الماء المالح ، فى لحظات الارتطام المروعة للجة الزرقاء التى تتبدد على هيئة رشاشات تعلو فى الفضاء لتحط فى صوت مكتوم
تقرأ هذا السرد الجميل وكأنك أمام لوحة فنية لدافنشى:
هبت رياح من ناحية الشرق حيث الفنار يقف منتصبا كحارس أبدى للبحر المخيف . اقترب بائع الذرة العجوز ، مد يده بكوزين معتبرين ، وضعهما فوق المقعد الصخرى ، فى المسافة التى تفصل بينهما تماما . تراجع فى أدب جم كما يليق بالعجائز عند سفوح السبعين . سمرت نظراتها نحو الحاجز المصنوع من مكعبات الأسمنت العملاقة . أخرج من حافظته جنيها وشكر العجوز الذى راح يدعو لهما بالصحة والسعادة . ارتفع رشاش الماء وأغرقهما تماما. ظلا جالسين ، وإن مدت يدها نحوه تمسح البلل . ترك لها هذه المهمة المحببة ، وإن أخرج منديله القطنى الأبيض يمسح الماء المالح عن وجهها الصبوح !
لقد استطاع سمير الفيل أن يوظف مشاعر الشاعر القديم فى إطار الحكى القصصى وهذا سر تميزه
اليوم...إن ما تقرؤه للفيل يمثل دراما عالية وحقيقية..ولهذا لم يكن غريبا أن يتجه الفيل من الشعر إلى السرد فى محاولة لمنع عزلة الثقافة وطغيان مظاهر الفوضى والغربة والانكسار الحضارى
على حد تعبير الدكتور سمير سرحان رئيس الهيأة العامة للكتاب.
وما ينفك الفيل يرسم بقلمه تلك الوحات الرائعة التى لو استفاد منها الفنان الحصيف لرسم أجمل اللوحات فى حياته..ففى قصة نرجس يرسم لوحة ذات ألوان متداخلة تعطى لكل من يشاهدها معنى
جديد ومتجدد:
حين تسلقت شباك الشخشيخة صرت في مواجهة العتمة الثقيلة، مددت يدي وتحسست جروحي كانت مجرد خدوش بسيطة ورضوض ، إنحدرت دمعة على وجنتي فعرفت أنني أبكي بلا صوت ، نحيب خافت في الظلمة ، وحده القمر بان مخسوفا ومنشطرا لنصفين فيما السحب تظهره وتخفيه ، فتضيء الأشعة الساقطة في مراوغة أكيدة بلاطات السطح المعشوشب بنبات شيطاني أخضر ومترب . نبات طلع تحت شمس تغفو وندى يصحو قبل الفجر فيسخو بالقطرات قبل أن يدهمه الصبح العجول . كنت أعرف أماكن إنباته وأتحاشى ألا أدوسه في صعودي وهبوطي .
والكاتب ومن خلال لوحاته القلمية ...يستعيد فعالية الزمن فى هذه اللوحات عبر اهتمامه بالصراع
الداخلى الموار لأبطال قصصه.
يميل إلى الختزال والتكثيف والاكتناز..ففى قصة مكابدات الطفولة والصبا يبدوهذا من أول وهلة:
بالطباشير
كل يوم يرسلني المعلم يسري لشراء ما يحتاجه المنزل . أصعد السلم ، وأكتب داخل القلوب الصغيرة ( سمير ، وكريمة ) . بالطباشير أكتب في صعودي وهي تمحوها حين ننزل سويا ، وتميل نحوي وتتحداني لأنها اطول مني بشبر . داخل عينيها بريق وحيرة . لم أقبلها وهي اكتفت بأن تمسك يدي صعودا وهبوطا وحتى العتبة قبل الأخيرة . تدافع عني إذا ما لامتني أمها لأن سعر الخضار أكثر مما هو معتاد. حين كبرنا لمحتها في سيارة فارهة بجوار زوجها . كانت تبتسم من خلف الزجاج رغم الغبش الخفيف ، وقد شعرت بيدها تمتد نحو حائط في ذاكرتي لتمحو كتابة الطباشير وتهش طيورا بعيدة .
إن سمير الفيل اعتمد فى قصصه ورواياته على تقنية الوعى ..وهذه التقنية :
يسعى الكاتب فيها إلى رسم شخصية إنسانية بمختلف جوانبها من الخارج ومن الداخل بكل ماضيها وحاضرها وأحلامها وتششتتها وتعنى فى النهاية برسم هوية ذهنية ومحتوى ذهنى.
ومما لاشك فيه أن : نصوص الفيل نصوص حداثية اتخذ فيها الفيل لنفسه أسلوبا متقدما فى الكتابة.
الفيل قاص ومبدع أصيل فى زمن الأدعياء والدخلاء على كتابة الأدب..الفيل رمز للحداثة بكل ماتحمله الكلمة من ظلال...يستحق أن نسلط عليه الضوء ونجرى حوله العديد والعديد من الدراسات
الأدبية الجادة.