المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثورة23يوليو



رزاق الجزائري
25/07/2006, 05:54 PM
ثورة 23 يوليو.54عاما مرت على هاته الثورة بقيادة الضباط الاحرارالثورة التي ارتبطت بشخص الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وما زال الجدال الى اليوم يدور حولها فهي لم تكن ثورة قطرية مصرية بل كانت ثورة شمولية عربية اهم اهدافها توحيد الصف العربي .و الثورة ضد الاستعمار والرجعية وصياغة مرجعية دولية داخل مفهوم جديد عرف بالحياد الايجابي* دول عدم الانحياز*.و اليوم بعد كل هاته السنين ينبغي النظر بموضوعية الى هاته الثورة ففي وقت ما زالت دول مثل اليمن وليبيا و الجزائر تمجدها الى اليوم وزعيمها لما كان لها من دور في استقلال هاته الدول وتاطير مؤسساتها وشعوبها بعد الاستقلال والجزائر بخاصة*التي لا يمكن نكران ثورة 23 يوليو ودعمها للثورة الجزائرية* .لا تزال دول اخرى تلعن هاته الثورة كالعراق وسوريا مثلا تعتبرها سببا لاوضاع عاشتها كانت بغنى عنها.

فلا احد يستطيع ان ينكر ان هاته الثورة هي من قضى على الاستعمار الانجلوفرنسي في المنطقة و قوض دور هاتين الدولتين وارجعت للإنسان العربي كرامته و بالمقابل هي من اسس لثقافة الزعيم الاوحد و الاتجاه الفكري والسياسي و الاقتصادي الواحد و اسس لثقافة اقصاء الاخر والغائه و تهميش الشعوب وتضليلها ثم موتها السريري .و لكي لا نتجنى على ابائنا نحن اجيال ما بعد الثورة نناقش بموضوعية ونقد بناء هاته الثورة فالحقيقة التي لا يمكن نكرانها رغم ايجابيهاا ان الانسان العربي وقع ضحية تهميش وتضليل و خطا الضباط الاحرار وطريقتهم في الحكم التي كانت اشبه بالاساليب البلشفية هي مقدمات لما نعيشه من ذل وهوان اليوم فهل كانت ضرورة مرحلة ام اخطاء سياسية .

ان اهم ركائز ونجاح أي ثورة هي صناعة الانسان فثورة23 يوليو و في كل مراحلها انشغلت بالتحرير والتصدي للاستعمار و العدوان الخارجي فكانت النتيجة اهمال للساحة الداخلية تدفع ثمنها الامة العربية اليوم في الانقسام الذي يعيشه العرب والكبث السياسي الذي تعيشه الشعوب.

فالملاحظ للتاريخ الثورات ان اهم ركائز أي ثورة هو التاطير الجماهيري و تنظيم الشعب للمشاركة في المعركة على الصعيد الداخلي والخارجي و بحكم ان ثورة 23 يوليو قام بها عسكريون فمن تولى هاته المهمة جلهم ضباط لم تتوفر فيهم المعرفة الثقافية والسياسية الكافية فقد تركز دورهم في رشوة واستمالة العناصر المؤثرة في الشباب مصريا وعربيا بدل ان يركزو على صناعة هاته الجماهير سياسيا وتطوير قدراتها لحماية التوجهات السياسية والفكرية و المنجزات الاقتصادية فقد كان همهم الغالب استخدام الجماهير في مواجهة خصوم الثورة الخارجيين* الامبريالية و الانظمة الرجعية الملكية*.مما جعلها تلغي كل التنظيمات الاخرى التي لا توافق اتجاهها الفكري العقائدي كالتنظيمات الدينية والشيوعيةو اللبرالية .وفي نهاية الخمسينات وبداية الستينات رغم انجازاتها الكبيرة التي فتحت الباب على مصراعيه لتوسعها عربيا واسلاميا وعالميا * تاميم القنال .العدوان الثلاثي .الثورة الجزائرية .تاميم رؤوس الاموال العربية .مؤتمر باودونغ ونواة عدم الانحياز* اصرت على حرمان أي قوة سياسية اخرى من ممارسة أي عمل مستقل او تاسيس تنظيمات بخلاف تنظيمات الثورة .و اصرت ان يكون المبدا الاشتراكي و التعاون الطبقي اساس النظام الاقتصادي والاجتماعي الجديد تحت مسمى الاشتراكي الديمقراطي والتعاوني وهو نظام عمم على الدول التي انظمت او تاثرت بشكل او باخر بهيمنة عبد الناصر ففي سوريا مثلا حلت الاحزاب وانشىء الاتحاد القومي بديلا عنها و ما زالت تداعيات ذلك يعاني منها السوريون الى اليوم .و نتيجة لذلك ان تعارضت هاته التوجهات مع قوى سياسية كثيرة داخل الثورة في مصر والعالم العربي مما اظهر ازمة حكم واضحة بداية الستينيات حيث بدت الانقسامات واحتدمت تناقضات اساسية بين هاته القوى وتعمقت نتيجة للثغرات الاقتصادية والاجتماعية والقرارات الوحدوية الارتجالية في ظل ازمة شرعية واضحة في جميع الدول العربية بعد الاستقلال الذي عرفته جل شعوبها في هاته الفترة .فلم تتحمس اجهزة السلطة في كل الدول وخاصة مصر الى تنسيق العمل الجماهيري وخلق مؤسسات مجتمع مدني حقيقية لخلق ثقافة مواطنة للنهوض بالمجتمعات بل كانت الصراعات الشخصية والايديولوجية اهم عامل ميز تلك المرحلة ناهيك عن الاخطار الخارجية التي تهددها وتتربص بها كاسرائيل والغرب عامة و كانت تعبا الشعوب وتعد شعاريا لحروب لم تكن تعد لها عمليا و كانت النكسات نتيجة حتمية لها. رغم هذا فقد نشطت في مصر حركات سياسية شبا نية ذات توجه ماركسي كحزب البعث العربي الاشتراكي *العراقي و خلايا لتاطيرجيش التحرير الوطني * الجزائري* التي كانت جامعات القاهرة مسرحا لها كما نشطت تيارات دينية كالاخوان المسلمون و قوى ماركسية مصرية اخرى انتهت كلها في مصر باعتقالات وقمع واسع و في العراق بانقلابات دموية يقول العراقيون ان لمصر دور كبير فيها .و في الجزائر ازمة الشرعية التي تلت الاستقلال.وفي نفس الفترة نشطت التنظيمات الاسلامية خارج مصر في سوريا وفلسطين واليمن وبعض دول الخليج وهنا تولد الصدام بين مؤيد لمبادىء الثورة وعبد الناصر و معارض لها من خلفية دينية وماركسية وقومية وهي سمة ميزت بداية الستينات رغم اشتراك هاته التنظيمات في المبدا من توجهاتها خصوصا الخارجية مما كان سببا مباشرا في نكسة 67 التي عرت الواقع العربي فلم تكن هاته النكسة الا خيبة امل الشعوب العربية في قدرة وقوة قياداتها حين نجحت الدولة الصهيونية الصغيرة في هزيمة امة باكملها فلم تمر شهور على تلك النكسة حتى انهارت كل شعارات هاته الثورة *الوحدة العربية والمصير العربي المشترك * فكان انكسار الثورة وانطوائها على الشان المصري الداخلي في محو اثار النكسة التي كانت سببا رئيسا في انحسار دور عبد الناصر المهيمن على العالم العربي ودول عدم الانحياز حتى مماته ليخلفه انور السادات ليدمر بعد نكسة73 كل شيء صنعه عبد الناصر ويزج بمصر زعيمة الدول العربية في احضان الغرب ويحارب كل قيم وبرامج عبد الناصر ليكون اعلان لوفاة الثورة التي لا زال الجيل الذي عايشها يمجدها الى اليوم ويحكي عنها في عزة وافتخار لان الحقيقة التي يجب ان نعترف بها ان هاته الثورة هي من حرر الانسان العربي من اغلال الاستعمارودحره عنها رغم اخطاءها وان عبد الناصر يظل الى اليوم كافضل زعيم عربي عرفه العصر الحديث رغم اخطاءه بل حتى عند الاجيال الحديثة التي لم تعرفه او تعاصره و انا منهم.و اليوم بعده تحولت مصر التي كانت قاعدة للاستقلال ومقاومة الاستعمار والاحتلال والاستيطان والعنصرية، في المنطقة العربية وخارجها، لتكون قاعدة للتواطؤ ومعاداة قوي التحرر والمقاومة، ولتصبح رديفا للنشاط الاستعماري والاستيطاني والعنصري، وكانت بعد أن احتلت موقعها، بجدارة، في قيادة حركة التحرر العالمية، وبعد أن تبوأت مكانتها في صدارة قوي الوحدة والتكتل والتضامن، وواجهت بسبب ذلك كل صنوف الضغط والحصار والحرب، إلا أنها لم تتراجع، جاء من تخلي عن هذا الدور، وأضاع ذلك الرصيد المشرف، وانتقل بها إلي موقع معاكس لكل الطموحات الوطنية، والمناهض لكل التطلعات القومية، والمعادي لكل التوجهات التحررية والإنسانية، وحشد إمكانياتها السياسية والمادية لتضاف إلي المجهود السياسي والعسكري والاستراتيجي الأمريكي والصهيوني.و الشعب المصري العظيم قابع تحت وطأة هذا الذل لا حول له ولا قوة.

وفي النهاية يجب القول ان من سلبيات هاته الثورة واخطاءها الكبرى انها اهملت الانسان العربي فهي تعاملت معه بنظريات التهميش الى التضليل .لان كل الثورات في العالم تبدا من الانسان نفسه .فالانسان العربي و المصري خاصة عانى من التهميش ثم التضليل فالشعارات الرنانه والاهداف العريضة المسطرة قادرة على اجتذاب المواطن العربي من المحيط الى الخليج وقد نجحت الثورة في اجتذاب الغالبية العظمى من الشعوب العربية لكن أيا من هاته البرامج لم يطبق على ارض الواقع لابتعاده عن الواقعية والارتجالية والقفز على الاخطاء بدل مواجهتها بموضوعية فالانسان العربي خرج من دائرة التهميش الى دائرة التضليل بعد نكسة67 .وقادة الثورة عاملو الشعب كانه قاصر والامر يعمم على دول اخر سارت على نهج عبد الناصر فصار الزعيم ابا والشعب ابناءا لم يبلغو سن الرشد .فكانت مصادرة الحريات وتعطيل منظمات المجتمع المدني وتفعيل المشاركة الحقيقية للشعوب بنهج ديمقراطي حقيقي الهاجس الاساسي لقيادات الثورة متدرعة بالخطر الخارجي ما احدث شرخا في المجتمعات العربية خاصة الشعب المصري المحرك الاساسي والمؤثر المباشر على الشعوب العربية بعد النكسة.فقد تحولت السياسة المصرية من النقيض الى النقيض فلم تتخذ حتى مبدأ وسطيا عقلانيا وفق مصالح قومية مبدئية شاملة لمحاولة تصحيح الاخطاء مما دفع الدول العربية الى الانغلاق القطري على مشاكلها وتعطيل لكل مبادىء العمل العربي والمصير العربي المشترك ما ترتب عنه انكسارات لا تزال تعاني منها الامة العربية الى الان ولا يزال يدفع فاتورتها الانسان العربي الى اليوم من واقع اقل ما يقال عنه مخزي فتح الباب على مصراعيه للاستعمار الاجنبي من جديد .فها هو لبنان يستباح اليوم و من قبله فلسطين و العراق و حكامنا اليوم اصبحو يعهرون الضحية اكراما للجلاد اما الشعوب ففي صمت يئنون..

رزاق.