المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تكريم حسني سيد لبيب في رابطة الأدب الحديث



د. حسين علي محمد
24/07/2006, 08:37 AM
أخي العزيز الصديق الوفي الأستاذ الدكتور حسين علي محمد
تحية ومودة
أرسل لكم نص الكلمة التي ألقاها أستاذنا المشترك وديع فلسطين في حفل تكريمي يوم الثامن عشر من يوليو 2006 برابطة الأدب الحديث.
واسلم لأخيك الذي يكن لك كل الحب
أخوك: حسني سيد لبيب
--------------------------------------------------------------------------------

في تكريم حسني سيد لبيب

بقلم: وديع فلسطين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
عرفت حسني سيد لبيب للمرة الأولى ـ وأسميه باشمهندس الأدب ـ لا في مصر بل في لبنان. فقد فوجئت ـ وأنا من عشاق مجلة "الأديب" اللبنانية ومن كتّابها على مدى أربعين عاما ـ بحسني سيد لبيب يغازلني بعبارات كريمة في هذه المجلة فيها من آيات التشجيع والمجاملة أكثر مما فيها من عبارات التقريظ والنقائض. كانت هذه بداية التعارف مع هذا الأديب اللبيب الذي سرعان ما استدرجني إلى حديث أجراه معي ونشره في مجلة "الإخاء" العربية التي كانت تصدر في طهران.
وبتّ أتابع كتاباته التي يوزعها شرقا وغربا في المجلات السعودية آنا، وآخرها مجلة "الحج والعمرة"، وفي المجلات التونسية آنا، وآخرها في مجلة "الإتحاف"، ثم انطلق في عصر العولمة إلى شبكة الإنترنت يغذيها بآثاره ليخاطب من خلالها أعدادا تتجاوز مجموع أرقام توزيع جميع المجلات الثقافية الأدبية في العالم العربي كله. ولم تنجُ حتى مجلة "الهلال" من آثار هذا المحسان الذي أتعبني في ملاحقة آثاره، لتقاصر أياديّ عن الإحاطة بكل ما ينشره في المجلات التي تقذف بها المطابع في المعمور العربي.
ومع أن الدراسة الأكاديمية التي دانت لحسني سيد لبيب جعلت منه خبيرا في الدرفلة والسحب على البارد والساخن وغير ذلك من مصطلحات الهندسة، وقد شدته الهواية إلى الكتابة الأدبية، فعالج النقد الأدبي والدراسات الأدبية والترجمة والكتابة الروائية والمسرحية والأدب المقارن. ولست أنسى أنني عندما زرت دمشق من سنوات كلفني بحمل نسخ من كتب له طبعت هناك، وله إلى جوارها كتب طبعت في تونس، وفي السعودية إلى جانب مصر.
وأحدث مؤلفاته هو كتاب عن رثاء الشعراء لزوجاتهم، تناول فيه ستة من الشعراء هم عزيز أباظة باشا وعبد الرحمن صدقي وطاهر أبو فاشا والدكتور محمد عبد المنعم خفاجي ورابح لطفي جمعة والدكتور محمد رجب البيومي ـ وهنا جملة اعتراضية لابد منها، فقد تورطت الصحف السعودية منذ أيام في نشر فرية خسيسة عن البيومي زعمت فيها أنه انتقل إلى رحمة الله ورثاه صديقه عبد الفتاح أبو مدين مع أن البيومي ما زال يواصل رسالته الأدبية بهمة الشباب. وقد قلت له إن قدرنا أن نُنعي أحياء وننسى أمواتا! انتهت الجملة الاعتراضية.
ولعلي أضيف إلى مراثي الزوجات كتاب "جَمُدَ الدمع" وهو كتاب يجمع بين الشعر والنثر بكى فيه العلامة الأردني روكس بن زائد العزيزي زوجته الراحلة، كما أن للأديب الشاعر الفلسطيني خليل السكاكيني كتابا عنوانه "لذكراك"، رثى فيه زوجته سلطانة نثرا وشعرا، ومما قاله شعرا:
قفا نبك من ذكرى أذابت حشاشتي .:. ولا تبخلا بالدمع فالدمع حاجتي
قفـــا أسعفاني في مصابــي فإننــــي .:. أراه مصابــا قد تجــاوز طاقتــــي
وقد أكرمني ربي فعرفت هؤلاء الأدباء الثمانية جميعا.
وحسنا تفعل رابطة الأدب الحديث بتكريم حسني سيد لبيب، فهو من أكثر أعضائها التزاما ومثابرة وجدية ونشاطا، وإن يكن من القلة النادرة من المهندسين الذين اشتغلوا بالأدب، وقد أعياني أن أذكر منهم إلا الشاعر علي محمود طه ـ وهو لم يمارس الهندسة لأنه كان موظفا في مجلس النواب ـ وكان يقطن في عمارة يعقوبيان! ومنهم في الزمن الحالي ياسر قطامش المؤهل لإحياء الشعر الحلمنتيشي الذي برع فيه حسين شفيق المصري ومنهم ـ كما عرفت مؤخرا ـ الأديبة فاطمة ناعوث.
وما أحوج أدبنا المعاصر إلى عملية تكييف هيكلي ـ بتعبير البنك الدولي ـ تهندسه وتعيد إليه حيويته القديمة التي كادت السلطة تطغى عليها.
وأصارحكم القول بأنني كنت قد نفضت اليدين تماما من المشاغل الأدبية بعدما صارت أجيال جديدة تتهمنا بالماضوية والتبشير بقيم قديمة بالية أطاحت بها "التفانين" الجديدة على أيدي المجددين المتمترسين في أجهزة الأدب، ولكن تكريم الأخ العزيز حسني سيد لبيب ردّني إلى القلم المهجور، فجئت لأشارككم في هذه المناسبة الجميلة التي أرجو أن تتكرر مع غيره من أصلاء الأدباء.
ولئن كان هناك نوعان من التكريم، نوع "حاف" يقنع بالكلام البليغ، ونوع ذو "شخللة" بالدولارات والريالات والدنانير والجنيهات، فعزائي لحسني سيد لبيب أنه: لا خيل عندنا نهديها ولا مال فليسعف النطق إن لم يسعد الحال. والسلام عليكم
وديع فلسطين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
* ألقيت هذه الكلمة في حفل تكريم حسني سيد لبيب برابطة الأدب الحديث بالقاهرة يوم 18 يوليو 2006