المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قـــــــم للمعلـــــــم



أبو شامة المغربي
18/07/2006, 03:18 PM
قـــم للمعلـــم

*****

http://www.khayma.com/salehzayadneh/poets/shawqi.JPG

قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا //

كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي//

يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا

سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ//

علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى

أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ//

وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا

وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ، تـارةً//

صديء الحديدِ، وتارةً مصقولا

أرسلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشداً//

وابنَ البتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا

وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمّداً//

فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا

علَّمْـتَ يوناناً ومصر فزالـتا//

عن كلّ شـمسٍ ما تريد أفولا

واليوم أصبحنـا بحـالِ طفولـةٍ//

في العِلْمِ تلتمسانه تطفيـلا

من مشرقِ الأرضِ الشموسُ تظاهرتْ//

ما بالُ مغربها عليه أُدِيـلا

يا أرضُ مذ فقدَ المعلّـمُ نفسَه//

بين الشموسِ وبين شرقك حِيلا

ذهبَ الذينَ حموا حقيقـةَ عِلمهم//

واستعذبوا فيها العذاب وبيلا

في عالَـمٍ صحبَ الحيـاةَ مُقيّداً//

بالفردِ، مخزوماً بـه، مغلولا

صرعتْهُ دنيـا المستبدّ كما هَوَتْ//

من ضربةِ الشمس الرؤوس ذهولا

سقراط أعطى الكـأس وهي منيّةٌ//

شفتي مُحِبٍّ يشتهي التقبيـلا

عرضوا الحيـاةَ عليه وهي غباوة//

فأبى وآثَرَ أن يَمُوتَ نبيـلا

إنَّ الشجاعةَ في القلوبِ كثيرةٌ//

ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلا

إنَّ الذي خلـقَ الحقيقـةَ علقماً//

لم يُخـلِ من أهلِ الحقيقةِ جيلا

ولربّما قتلَ الغـرامُ رجالَـها//

قُتِلَ الغرامُ، كم استباحَ قتيلا

أوَ كلُّ من حامى عن الحقِّ اقتنى//

عندَ السَّـوادِ ضغائناً وذخولا

لو كنتُ أعتقدُ الصليـبَ وخطبَهُ//

لأقمتُ من صَلْبِ المسيحِ دليلا

أمعلّمي الوادي وساسـة نشئـهِ//

والطابعين شبابَـه المأمـولا

والحامليـنَ إذا دُعـوا ليعلِّمـوا//

عبءَ الأمانـةِ فادحـاً مسؤولا

وَنِيَتْ خُطـَى التعليمِ بعـد محمّدٍ//

ومشى الهوينا بعد إسماعيـلا

كانت لنا قَدَمٌ إليـهِ خفيفـةٌ//

ورَمَتْ بدنلوبٍ فكان الفيـلا

حتّى رأينـا مصـر تخطـو إصبعاً//

في العِلْمِ إنْ مشت الممالكُ ميلا

تلك الكفـورُ وحشـوها أميّةٌ//

من عهدِ خوفو لم تَرَ القنديـلا

تجدُ الذين بـنى المسلّـةَ جـدُّهم//

لا يُحسـنونَ لإبرةٍ تشكيلا

ويُدَلّـلون َ إذا أُريـدَ قِيادُهـم//

كالبُهْمِ تأنسُ إذ ترى التدليلا

يتلـو الرجـالُ عليهمُ شهواتـهم//

فالناجحون أَلَذُّهـم ترتيـلا

الجهـلُ لا تحيـا عليـهِ جماعـةٌ//

كيفَ الحياةُ على يديّ عزريلا

واللـهِ لـولا ألسـنٌ وقرائـحٌ//

دارتْ على فطنِ الشبابِ شمـولا

وتعهّـدتْ من أربعيـن نفوسـهم//

تغزو القنـوط وتغـرسُ التأميلا

عرفتْ مواضعَ جدبـهم فتتابعـتْ//

كالعيـنِ فَيْضَـاً والغمامِ مسيلا

تُسدي الجميلَ إلى البلادِ وتستحي//

من أن تُكافـأَ بالثنـاءِ جميـلا

ما كـانَ دنلـوبٌ ولا تعليمـُه//

عند الشدائـدِ يُغنيـانِ فتيـلا

ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمـى//

تجدوهمُ كهفَ الحقوقِ كُهـولا

فهوَ الـذي يبني الطبـاعَ قـويمةً//

وهوَ الذي يبني النفوسَ عُـدولا

ويقيم منطقَ كلّ أعـوج منطـقٍ//

ويريه رأياً في الأمـورِ أصيـلا

وإذا المعلّمُ لم يكـنْ عدلاً مشى//

روحُ العدالةِ في الشبابِ ضـئيلا

وإذا المعلّمُ سـاءَ لحـظَ بصيـرةٍ//

جاءتْ على يدِهِ البصائرُ حُـولا

وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى//

ومن الغرور ِ فسَمِّهِ التضـليلا

وإذا أصيـبَ القومُ في أخلاقِـهمْ//

فأقـمْ عليهـم مأتماً وعـويلا

إنّي لأعذركم وأحسـب عبئـكم//

من بين أعباءِ الرجـالِ ثقيـلا

وجدَ المساعـدَ غيرُكم وحُرِمتـمُ//

في مصرَ عونَ الأمهاتِ جليـلا

وإذا النسـاءُ نشـأنَ في أُمّـيَّةٍ//

رضـعَ الرجالُ جهالةً وخمولا

ليـسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من//

هـمِّ الحـياةِ، وخلّفاهُ ذليـلا

فأصـابَ بالدنيـا الحكيمـة منهما//

وبحُسْنِ تربيـةِ الزمـانِ بديـلا

إنَّ اليتيمَ هـوَ الذي تلقـى لَـهُ//

أمّاً تخلّـتْ أو أبَاً مشغـولا

مصـرٌ إذا ما راجعـتْ أيّامـها//

لم تلقَ للسبتِ العظيمِ مثيـلا

البرلـمانُ غـداً يـمدّ رواقَـهُ//

ظلاً على الوادي السعيدِ ظليلا

نرجو إذا التعليم حرَّكَ شجـوَهُ//

إلاّ يكون َ على البـلاد بخيـلا

قل للشبابِ اليومَ بُورِكَ غرسكم//

دَنتِ القطوفُ وذُلّـِلَتْ تذليـلا

حَيّـوا من الشهداءِ كلَّ مُغَيّـبٍ//

وضعوا على أحجـاره إكليـلا

ليكونَ حـظَّ الحيّ من شكرانكم//

جمَّـاً وحظّ الميتِ منه جزيـلا

لا يلمس الدستورُ فيكم روحَـه//

حتّى يـرى جُنْديَّـهُ المجهـولا

ناشدتكم تلك الدمـاءَ زكيّـةً//

لا تبعثـوا للبرلمـانِ جهـولا

فليسألنَّ عن الأرائـكِ سائـلٌ//

أحملنَ فضـلاً أم حملنَ فُضـولا

إنْ أنتَ أطلعتَ الممثّلَ ناقصـاً//

لم تلقَ عند كمالـه التمثيـلا

فادعوا لها أهلَ الأمانـةِ واجعلوا//

لأولي البصائر منهُـمُ التفضيلا

إنَّ المُقصِّرَ قد يحول ولن تـرى//

لجهالـةِ الطبـعِ الغبيِّ محيـلا

فلرُبَّ قولٍ في الرجالِ سمعتُـمُ//

ثم انقضى فكأنـه ما قيـلا

ولكَمْ نصرتم بالكرامـة والـهوى//

من كان عندكم هو المخـذولا

كَـرَمٌ وصَفْحٌ في الشبـابِ وطالمـا//

كَرُمَ الشبابُ شمائلاً وميـولا

قوموا اجمعوا شُعَبِ الأُبُوَّةِ وارفعوا//

صوتَ الشبابِ مُحبَّبَاً مقبولا

أدّوا إلى العـرشِ التحيّةَ واجعلـوا//

للخالقِ التكبيرَ والتهليـلا

ما أبعـدَ الغايـاتِ إلاّ أنّنـي//

أجِدُ الثباتَ لكم بهنَّ كفيـلا

فكِلُوا إلى اللهِ النجـاحَ وثابـروا//

فاللهُ خيرٌ كافلاً ووكيـلا

*******

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)