المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأرنب والضفادع



أبو شامة المغربي
18/07/2006, 11:14 AM
الأرنب والضفادع

*****

رأيت أرنباً ذليلاَ خائفاً*

أوى إلى بَيْتٍ هناك واختفى

ودام في شغلٍ من الأفكار*

في حندسِ الليلِ، وفي النهار

حتى عَفَا، من همّه وغمِّه*

ومن أبيه يشتكي، وأمِّه

ولي يقول: ليت لم تجدني*

وليت أُميِّ قطُّ لم تلدني!

وكيف لا، وعيشه منغَّصُ*

وكل يوم تعتريه الغُصَصُ

إن هبَّ ريحٌ بفروع الشجرِ*

يرجف منه خائفاً، ويجري

ينام، لكن عينه يقظانه*

وروحه من فزعٍ ملانه

فجاءه محدَّث ذو عقلِ*

وقال: ذا خوفٌ بغير أصلِ

ما هذه الحال؟ فقال: خوف*

والناسُ مثلي، واحدٌ وألفُ

وبينما يقول هذا القولا*

إذ هبَّ ريح، فانثنى

وولَّى ومرَ في هروبه بتُرْعَهْ*

وكان في الترعةِ ألف ضفدعة

فاستشعرت بسيره فهربتْ*

وانزعجت من وجهه واضطربتْ

ومذ رآها هربت من كَرتهْ*

وفزعت في الماء خوف حضرته

قال: عجيبٌ أنني أخيفُ!*

فذاك غيري قلبه ضعيفُ!

في كَّرتي طردت ألفَ نفسِ*

فانهزمت من قوتي وبأسي

من أين جاءت هذه الحماسة؟*

وفرَّ منِّي صاحبُ الفراسة!

إني إذاً لبطلٌ ذو عصبة*

كأَنَّ في يدي اليمينِ حربة

يا أيها الجبان، أبشرْ وافرحِ*

وإن هربت خائفاً لا تستحي

إنك إن كنت جباناً تُلْفي*

أجبنَ منك نحو ألفِ ألفِ!

محمد عثمان جلال



*****

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com