المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصير العالم الاسلامي



رزاق الجزائري
05/07/2006, 07:00 PM
ان الواقع المزري الذي تمر به امتنا الاسلامية يستدعي وقفة حقيقية امام الذات و دراسة نقدية للاوضاع و محاولة مراجعتها لا نني شخصيا ارى ان الخلل ليس في الفكرة اكثر منه في التطبيق فنحن ابدا لم نربط الفكرة بالعمل بل جعلناها فقط كشعار للتزيين و بقينا نقتفي اثار خطانا و نجتر في ثراثنا بدون سعي الى تطويره و كل مشاكلما نرميها على الاخر بدون ان نعمل حقيقة لكي نكون ندا حضاريا للاخر سنظل بلا شك مفعول به الى ان يأذن ربك*
قد سمحت لنفسي ان اقتبس هاته المقالة من محاضرة للدكتور مصطفى الشريف لما فيها من نهج تحليلي و رئية مستقبلية نقدية لمصيرنا كمسلمين.
الوضع جد خطير .خطابنا لم يصل كما ينبغي الحال عند المواطنين مسلمين وغير مسلمين ..الوضع جد معقد يجب ان نواجه تحديات الساعة بنظرة علمية وموضوعية صريحة.فمصداقيتنا في الرهان.
العاطفة والدعاية لم ولن تحقق شيئا .التحليل الفكري والعلمي بأسلوب منسجم مع تحولات عصرنا يمكن ان يؤثر نوعا ما .نحن كشعوب إسلامية سنعاني ككل الشعوب.لكننا سنعاني ثلاث مرات .ككل الشعوب نلاحظ ان القيم الأساسية الروحية و الإنسانية مهددة في الصميم بسبب انزلا قات الحداثة ذات الطابع الغربي وتناقضات النظام الدولي الجديد المبني على قانون الأقوى ثانيا نعاني كمسلمين بسبب سياسة الكيل بمكيالين.ثالثا نعاني بسبب تناقضاتنا الداخلية .
تشويه صورة الاسلام هي ليست عملية معزولة عن واقعنا المر.وهو تعميم اسلوب و مقاييس وممارسات متناقضة تماما مع الدين .بصفة عامة والقيم الاسلامية بصفة خاصة.
العولمة الغربية تهمش وتعزل الدين عن الحياة وهي المشكلة الاولى .الكراهية ضدنا والافكار المسبقة هي ان نظهر نحن المسلمين كآخر مقاومين ضد هذا النمط .العزل وتهميش الدين عن الحياة.مهما نعمل بسبب تمسكنا بالدين نظهر سلبيين.في هذا الاطار عولمة السوق ومنطق التجارة اللذان يدمران كل القيم الانسانية و الدينية يهدفان للسيطرة على حياة الناس في كل مستوياتها .
الآخرين الغير مسلمين خاصة الغرب يقولون ان التقدم والحداثة والعصرنة مبنية على ثلاثة مقاييس اولا .ممارسة العقل بدزن شروط .ثانيا .فصل الدين عن الحياة .ثالثا .استقلالية الفرد بلا حدود .
العولمة و النظام الدولي الجديد و الحداثة ذات الطابع الغربي تريد فرض هذه المقاييس علينا ويجب الرد بصفة مدروسة وطريقة واضحة لانه وحسب نظرهم نحن آخر المتخلفين في هذا العالم. خاصة ان مقاومتنا على كل المستويات تظهر مقاومة سلبية او رجعية او على الاقل ضعيفة وغير كافية بل واكثر من ذلك تظهر كجريمة اذا استعملت العنف الاعمى .وهذا واقع مر يستغله الاعداء ويوظفونه لان بعض المجموعات في مجتمعاتنا بسبب الجهل والياس* يخربون بيوتهم بايديهم وأيدي المؤمنين* .
امام سيطرة الغرب وهيمنته ومحاولة فرض مقاييسه في اطار العولمة .البعض منا يلجأون ويختارون الذوبان فيه كنموذج بلا بديل بسبب ميزان القوة .والبعض الآخر خوفا من هذا الوضع الخطير ورفضا لهذه السيطرة ينغلقون على انفسهم ويركزون على الظاهر والتطبيق الحرفي كرد.و الموقفان * الذوبان والانغلاق *محكوم عليهما بالفشل .
لنصحح بعمق و بموضوعية وفعالية وضعنا الخطير يجب ان نقول لانفسنا وللآخرين اولا.العقل هو المحرك .وهو الوسيلة الاساسية للتحكم في الواقع والانتصار امام محنة الحياة واختبار الامور السياسية والاقتصادية وغيرها من امور الدنيا ولكن في نفس الوقت يجب القول للغربيين الذين يرفضون أي تنوير كتنوير الرسالة السماوية .ان ممارسة العقل ضروري لكن غير كاف .العقل جوهري لكنه لا يضمن كل شيء.ثانيا قضية الفصل بين السياسة والدين يجب ان نقول لانفسنا وللاخرين ان الاسلام لم يخلط بينهما .لاغموض ولا لبس في هذه النقطة الاساسية .ولكن في نفس الوقت الفصل ليس تعارضا وتناقضا بينهما .الاسلام دين ودنيا يربط ويحقق الانسجام بين كل مستويات الحياة الخاصة والعامة والجانب الروحي والمادي الدنيوي والديني .
يظهر اليوم في اطار عولمة منطق السوق وهيمنة الاقوى ان الفصل بين السياسة والدين وصل الى تهميش الاثنين في نفس الوقت.الدين بمفهوم معنى الحياة ومعنى الموت.والسياسة بمعنى مسؤولية وحرية الشعوب والافراد.واصبحنا في خطر كبير تدريجيا نعيش بلا حرية وبلا معنى روحي.
الرد على المقياس الثالث وهو التركيز الغربي على استقلالية الفرد بلا حدود .يجب ان نقول ايضا لانفسنا ولغيرنا ان الاسلام حرر الانسان ويركز على حرية الفرد كاساس حياة .لكن كيف نعيش معا كامم وشعوب وجماعات انسانية ؟ التوازن بين الفرد والجماعة .الفرد والشعب .الفرد والامة ضروري.
اليوم الرد امام التحديات الداخلية كالجهل والفقر واحتكار السلطة وتوظيف الدين لاغراض سياسوية ضيقة .والخارجية كتهميش الدين وهيمنة السوق و الاستعمار بشكله الجديد يجب ان يكون مبنيا على ثلاث اسس
اولا.على المستوى السياسي بناء مجتمع مسؤول ودولة قانون ديمقراطية حقيقية لاننا لم ولن نحل مشاكلنل بدون مساهمة الشعوب.فكيف نجند شعبا وهو غير مسؤول عن اختيار البرامج و المسؤولين؟ حتى وان لم يوجد نموذج مثالي للديمقراطية.ومع ان الديمقراطية غير كافية.يجب ان نغرسها في مجتمعاتنا على المستوى الداخلي ونناظل ان تكون حقيقية على المستوى الدولي .*لا ديمقراطية داخلية بدون ديمقراطية دولية *.على هذا المستوى يجب القول لشركائنا ونظرائنا .واصدقائنا في الغرب.ان المشاكل في الميدان هي مشاكل سياسية تحقيق السلم والامن مرتبط بتصفية الاستعمار و الاحتلال في الارض العربية والاسلامية.
ثانيا على المستوى الاخلاقي والانساني.امام تحديات الازمة العامة و مشاكل التطور والنمو.الحل مبني على التحكم في العلم والمعرفة اليوم نعيش حرب ذكاء وحروب معلومات و الخروج من المأزق مرهون باولوية العلم والمعرفة النافعين.
ثالثا على المستوى التطبيقي .لا بديل من الحوار كمنهج حضاري لتبادل الآراء وتصحيح تناقضات الجميع .في اطار العولمة والوضع العالمي لا يوجد حل محلي .نحن كامة الوسط في هذا الوضع الذي يهدد اسس الحياة.يجب ان نحافظ على المفهوم الصحيح للدين المبني على مبدأ جوهري وهو* وللآخرة خير لك من الأولى* في نفس الوقت نواجه تحديات الحياة المبنية على مبدأ آخر* ولا تنس نصيبك من الدنيا .العلاقة مع الاخر يجب ان تكون مبنية على مرجع واضح* وجادلهم بالتي هي أحسن* وهذا توجيه التفتح .وفي نفس الوقت هناك توجيه آخر متكامل و هو * ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم * وهذا توجيه اليقظة .التفتح واليقظة في نفس الوقت هما منهاج الامة الوسطية .ثم أخيرا تصحيح صورتنا المزيفة مرهون بالنقد الذاتي أمام تناقضاتنا .و النقض الباء امام تناقضات الآخرين.
الدكتور مصطفى شريف أستاذ وباحث ووزير جزائري سابق