المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باقة ورود شذية لأخي الكريم ثروت سليم هدية



أبو شامة المغربي
04/07/2006, 11:44 AM
باقة ورود شذية لأخي الكريم ثروت سليم هدية

*****

http://www.khayma.com/salehzayadneh/poets/barodi/BARODI.jpg


أنشودة العودة

أَبَابِلُ رَأْيَ العَيْنِ أَمْ هَذِهِ مِصْـرُ //

فَإِنِّي أَرَى فِيهَا عُيُونَاً هِيَ السِّحْـرُ

نَوَاعِسَ أَيْقَظْنَ الهَـوْى بِلَوَاحِـظٍ//

تَدِينُ لَهَا بِالفَتْكَةِ البِيضُ وَالسُّمْـرُ

فَلَيْسَ لِعَقْلٍ دُونَ سُلْطَانِـهَا حِمَىً//

وَلاَ لِفُؤَادٍ دُونَ غِشْيَانِـهَا سِتْـرُ

فَإِنْ يَكُ مُوسَى أَبْطَلَ السِّحْرَ مَرَّةً//

فَذَلِكَ عَصْرُ المُعْجِزَاتِ، وَذَا عَصْرُ

فَأَيُّ فُـؤَادٍ لاَ يَذُوبُ صَبَابَـةً//

وَمُزْنَةِ عَيْنٍ لاَ يَصُوبُ لَهَـا قَطْـرُ؟

بِنَفْسِي – وَإِنْ عَزَّتْ عَلَيَّ – رَبِيبَـةٌ//

مِنَ العِينِ فِي أَجْفَانِ مُقْلَتِهَا فَتْـرُ

فَتَاةٌ يَرِفُّ البَدْرُ تَحْتَ قِنَاعِـهَا//

وَيَخْطِرُ فِي أَبْرَادِهَا الغُصُنُ النَّضْـرُ

تُرِيكَ جُمَانَ القَطْرِ فِي أُقْحُوَانَـةٍ//

مُفَلَّجَةِ الأَطْرَافِ، قِيلَ لَـهَا ثَغْـرُ

تَدِينُ لِعَيْنَيْهَا سَوَاحِـرُ "بَابِـلٍ"//

وَتَسْكَرُ مِنْ صَهْبَاءِ رِيقَتِهَا الخَمْـرُ

فَيَا رَبَّةَ الخِدْرِ الذِي حَـالَ دُونَـهُ//

ضَرَاغِمُ حَرْبٍ، غَابُهَا الأَسَلُ السُّمْرُ

أَمَا مِنْ وِصَـالٍ أَسْتَعِيـدُ بِأُنْسِـهِ//

نَضَارَةَ عَيْشٍ كَانَ أَفْسَدَهُ الهََجْـرُ؟

رَضِيتُ مِنَ الدُّنْـيَا بِحُبِّكِ عَالِمَـاً//

بِأَنَّ جُنُونِي فِي هَوَاكِ هُوَ الفَخْـرُ

فَلاَ تَحْسَِبي شَوْقِي فُكَاهَـةَ مَازِحٍ//

فَمَا هُوَ إلاَّ الجَمْرُ، أَوْ دُونَهُ الجَمْـرُ

هَوَىً كَضَمِيرِ الزِنْدِ لَوْ أَنَّ مَدْمَعِي//

تَأَخَّرَ عَنْ سُقْيَاهُ لاَحْتَرَقَ الصَّـدْرُ

إِذَا مَا أَتَيْتُ الحَيَّ فَـارَتْ بِغَيْظِـهَا//

قُلُوبُ رِجَالٍ حَشْوُ آمَاقِهَا الغَـدْرُ

يَظُنُّونَ بِي شَرَّاً، وَلَسْـتُ بِأَهْلِـهِ//

وَظَنُّ الفَتَى مِنْ غَيْـرِ بَيِّـنَةٍ وِزْرُ

وَمَاذَا عَلَيْهِمْ إِنْ تَرَنَّـمَ شَـاعِـرٌ//

بِقَافِيَةٍ لاَ عَيْبَ فِيهَا، وَلاَ نُكْـرُ؟

أَفِي الحَقِّ أَنْ تَبْكِي الحَمَائِمُ شَجْوَهَا//

وَيُبْلَى فَلاَ يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ حُـرُّ؟

وَأَيُّ نَكِيرٍ فِي هَوَىً شَـبَّ وَقْدُهُ//

بِقَلْبِ أَخِي شَوْقٍ فَبَاحَ بِـهِ الشِّعْرُ؟

فَـلاَ يَبْتَدِرْنِي بِالمَلاَمَـةِ عَـاذِلٌ//

فَإِنَّ الهَوَى فِيـهِ لِمُعْتَـذِرٍ عُـذْرُ

إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحُبِّ فَضْلٌ عَلَى النُّهَى//

لَمَا ذَلَّ حَيٌّ لِلْهَـوَى وَلَـهُ قَـدْرُ

وَكَيْفَ أَسُومُ القَلْبَ صَبْرَاً عَلَى الهَوَى//

وَلَمْ يَبْقَ لِيْ فِي الحُبِّ قَلْبٌ وَلاَ صَبْرُ

لِيَهْنَ الهَوَى أَنِّي خَضَعْـتُ لِحُكْمِهِ//

وَإِنْ كَانَ لِيْ فِي غَيْرِهِ النَّهْيُ وَالأَمْرُ

وَإِنِّي امْرُؤٌ تَأْبَى لِيَ الضَّيْمَ صَـوْلَةٌ//

مَوَاقِعُهَا فِي كُلِّ مُعْتَرَكٍ حُمْـرُ

أَبِيٌّ عَلَى الحِدْثَـانِ، لاَ يَسْتَفِزُّنِي//

عَظِيمٌ، وَلاَ يَأْوِي إِلَى سَاحَتِي ذُعْرُ

إِذَا صُلْتُ صَالَ المَوْتُ مِنْ وَكَرَاتِـهِ//

وَإِنْ قُلْتُ أَرْخَى مِنْ أَعِنَّـتِهِ الشِّعْرُ

(محمود سامي البارودي)

*******

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com