المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إهــــداء شعـــري إلى أهــــل المــــربد الشذي



أبو شامة المغربي
01/07/2006, 10:50 PM
مشاهد من يوم القيامة

*****

وقفت جميع مشاعري تتأمل*

وفمي عن النطق المبين معطل

ما كنت في حلم ولا في يقظة*

بل كنت بين يديهما أتململ

أرنو إلى الأفق البعيد فما أرى*

إلا دخانا تائهـا يتجول

وحشود أسئلة تجر ذيولها*

نحوي وباب الذهن عنها مقفل

أحسست أن إرادتي مسلوبة*

وشعرت أن مخاوفـي تترهل

وشعرت أني في القيامة واقف*

والناس في ساحاتها قد هرولوا

يسعون كالموج العنيف عيونهم*

مشدوهـة وعقولهـم لا تعقـل

والكون من حولي ضجيج مرعب*

والأرض من حولي امتداد مذهل

قد أخرجت أثقالها وتأهبـت*

للحشر وانكسر الرتاج المقفـل

والناس أمثال الفراش تقاطروا*

من كل صوب هاهنا وتكتلـوا

كل الجبال تحولت من حولهم*

عهنا وكل الشامخـات تزلـزل

وجميع من حولي بما في نفسهم*

لاه فلا معـط ولا متفضــل

كل الخلائق في صعيد واحـد*

جمعت فسبحـان الذي لايغفـل

وأقيم ميزان العدالـة بينهـم*

هـذا بـه يعلـو وذلك يـنزل

وتجمعت كل البهائم بعضهـا*

يقتص من بعض وربـك أعـدل

حتى إذا فرغ الحساب وأنصفت*

من بعضها نزل القضاء الأمثـل

كوني ترابا يا بهائم عندهـا*

صاح الطغاة وبالأماني جلجلـوا

يا ليتنا كنـا ترابـا مثلهــا*

يا ليتنا عـن أصلنـا نتحـول

هيهات لا تجدي الندامة بعدما*

نصب الصراط لكم وقام الفيصل

ومضيت أقرأ في الوجوه حكاية*

إجمالهـا عنـد الذكي مفصـل

ورأيت ما لا كنت أحلم أن أرى*

حولي وقد كشف الستار المسدل

هذا هو النمرود يندب حظـه*

والدمع مـن هول المصيبة يهطل

وهناك فرعون المألـه نفسـه*

يسعى بغـير بصيرة ويولول

وهناك كسرى تـاه عند إيوانه*

مترنـح فـي سـيره متملمـل

وهناك قيصر نفسـه مكسورة*

وبقـلبـه ممـا يعانـي مرجـل

وهنا أبو جهل يراجع نفسـه*

عينـاه توحـي أنـه يتـوسـل

يارب أرجعنا لنعمـل صالحـا*

غير الذي كنـا نقـول ونعمـل

هيهات قد طوي الكتاب ألم يكن*

فيكـم نـبي بالهدايـة مرسـل

سبحان ربك هؤلاء جميعهـم*

كانـت لهـم دار هنـاك تبجـل

لكنهم كفروا بمن أعطاهــم*

ملكـا وعاثوا في البـلاد وقتلـوا

ورموا بشرع الله خلف ظهورهم*

عزلوه عن حكم الزمان وعطلـوا

جمع الطغاة هنا وقد هانوا علـى*

ربـي وعـد المؤمـن المتبتـل

وقفوا وآلاف الضحايا حولهـم*

فاليوم ينظر في الأمور ويبطل

واليوم يسعـد مؤمـن بيقينـه*

واليوم يشقى الفاسق المتحلل

واليوم يمتد الصراط فمسـرع*

نحو النعيم وزاحف متمهل

ومحمل بالذنب زلـت رجلـه*

فهوى ونار جهنم تستقبل

فأجلت طرفي ساعة فرأيت من*

أمر القيامة ما يروع ويذهل

هذا أب يسعى إلـيه وحيـده*

وبمقلته ترقب وتـوسل

أبتاه أرهقني المسـير وحاجـتي*

شيء يسير لا يمض ويثقل

شيء من الحسنات ينقذني وقـد*

خفت موازيني وفيك أؤمل

أنت الذي عودتني فيما مضـى*

بذلا ومثلك في المصائب يبذل

وإزور وجه أبيه عنه مـرددا*

نفسي أحق بما تقول وأمثـل

ومضى كسيف البال يسأل نفسه*

ماذا جرى لأبي أهذا يعقل؟

وبدت له بين الجموع حليلة*

كانت تفضله وكـان يفضـل

وغدا يناديها رويدك زوجتي*

فأنا الحبيب وليس مثلك يجهل

ريحانتي أنسيت أيام الصبا*

أيام كنا من هوانـا ننهـل؟

أنا من وهبتك في فؤادي منزل*

ما كان فيه لغير حبك منزل

شيء من الحسنات ينقذني وقد*

خفت موازيني وفيك أؤمـل

قالت له والهـم يشعـل قلبهـا*

لهبا وفي أحشائهـا يتغلغـل

عذرا فـأنت رفيق عمري إنمـا*

نفسي أحق بما تقول وأمثـل

ومضى كسيف البال حتى لاح في*

وسط الزحام خيال من لا يبخل

أم رؤوم راح يركـض نحوهـا*

جذلا وهل بعد الأمومة موئل؟

حملته في أحشائهـا وتحملـت*

من أجل راحته الذي لايحمـل

أمـاه يا أمـاه مـدي لي يـدا*

فلكم بذلت إذا أتيتك أسـأل

شيء من الحسنات ينقذني وقد*

خفت موازيني وفيـك أؤمـل

قالت له والدمع يغلب صـبرها*

نفسي أحق بما تقـول وأمثـل

ونقلت طرفي لحظة فرأيت مـا*

لا تستريح له النفـوس وتقبـل

بشر كأنهم الحوامل قد مشـوا*

مشيا ثقيـلا والمصيـبة أثقـل

من هؤلاء؟ فقال من يدري بهم*

أهل الربا بئس المقام المخجـل

أكلوا الربا جهرا ولم يتورعـوا*

عن أكله ومشوا إليه وأرملـوا

ماصدهم عن أكلـه بطلانـه*

وكذاك باطل كـل قـوم يبطـل

وأخذت ناحية أفكـر بالـذي*

يجري وأرسل ناظـري وأنقـل

ماذا أرى رجل يحيـط برأسـه*

طوق وفي رجليه قيـد محجـل

من ذلك الرجل التعيس؟ فقال لي*

من عنده خـبر يقـين ينقـل

هذا الذي خان العهود وعاش في*

دنياه يغتصب الحقوق ويأكـل

يسطوا على مال الضعيف وأرضه*

واليوم يجـني ماثـراه ويحمـل

الشبر في الدنيـا يقابلـه هنا*

سبع من الأرضين بئس المحمـل

ورأيت قومـا يدعسون كأنـهم*

نمل وقد ذاقـوا الهوان وجللـوا

من هؤلاء البائسـون أراهـم*

هانوا ومن كتب الكرامة أعقلوا

فأجابني: هم كل مختـال لـه*

فيما مضى كـبر عليـه يعـول

وذهلت عنهم حين أبصر ناظري*

رجل يساق الى الجحيم ويعتــل

ووراءه امرأة يحيـط بجيدهـا*

حبل يلف مـن الجحيـم ويفتـل

من ذلك الرجل الشقي وهذه*

تجـري علـى أعقابـه وتولـول

هذا أبو لهب وزوجتـه الـتي*

كانت تجول على النـبي وتجهـل

وأخذت ناحية فـلاح لناظـري*

روض وأزهـار ونـور مقبـل

غرف بطائنهـا الحريـر وتربها*

مسك بماء المكرمـات مبلـل

ونساؤهـا حور فوجه مشـرق*

كالشمس ساطعة وطرف أكحل

أنهارهـا عسـل وخمـر لـذة*

للشاربـين وشربهـا لا يثمـل

وبناؤها من فضـة من فوقهـا*

ذهب وعند الله ما هو افضـل

أقـل من فيهـا نصيبا حظـه*

أضعاف دنيانا وربـك يجـزل

رأيت فيها الساكنين ربوعهـا*

نحو الجنان وفي المنازل أنزلـوا

على الأرائك يجلسون حديثهم*

مستبشرين بما رأوه وحصلـوا

يتذكرون حوادث الدنيا الـتي*

صمدوا لها وعلى الإله توكلـوا

طوبى لكم هذي منازلكم فمـا*

خابـت مساعي من يجد ويعمل

أجلت طرفي في الوجوه فـلاح لي*

وجه بدا وكأنما هـو مشعـل

وجه الرسول يشع نورا صادقـا*

قد جاء في حلل السعادة يغفل

ورأيت أصحاب الرسول وقد مضوا*

نحو الجنان وفي المنازل أنزلـوا

ورأيت مؤمن آل فرعون الـذي*

نبذوا وصفحة وجهه تتهلل

والكوثر الرقراق لاتسـأل فمـا*

مثلي يجيب وليس مثلي يُسأل

نهر كأن الـدر يجـري بينـه*

أو أنه النور الذي يتسلسـل

سبحـان ربك هاهنا حصل الذي*

ماكان لولا فضل ربك يحصل

ورفعت طرفي لحظة فرأيت مـن*

لا شيء يشبهـه وليس يمثـل

نور تجلـى للخـلائـق كلهـا*

فتواضعـوا لجلالـه وتذللوا

وقعوا سجودا يلهجون بذكـره*

والكون بالصمت المهيب مكلل

سجدوا وأما المبطلون فحاولـوا*

أن يسجدوا لكنهم لم يفعلـوا

وصحوت من حلمي ونفسي بالذي*

شاهدت مؤمنة وعيني تهمـل

وشعرت أن مظاهر الدنيا الـتي*

لهوى مظاهر نشوة لا تكمـل

وعلمت ان الله يمهـل عبــده*

عطفـا عليـه وأنـه لا يهمـل

وهنا وقفت وفي فؤادي دوحـة*

تحنـو علي غصونهـا وتظلـل

هي روضة الإيمان يجري نهرها*

عذبـا ويشدوا في رباها البلبل



(عبد الرحمن العشماوي (http://www.true-islam.net/megala/docs/general/index.php?eh=showsubject&subcategoryid=200&categoryid=24))

*****

د. أبو شامة المغربي





kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)