المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنا سلمان بن الإسلام ...



أبو شامة المغربي
29/06/2006, 04:56 PM
أنا سلمان بن الإسلام

*****

هو سلمان الخير، وسئل عن نسبه فقال:

أنا سلمان بن الإسلام

أصله من فارس، وشهرته سلمان الفارسي، وهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كان سلمان ببلاد فارس مجوسياً سادنا للنار، ويحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما عن سبب إسلامه فيقول: حدثني سلمان قال: كنت رجلاً من أهل فارس من أصبهان، ابن رجل من دهاقينها، وكنت أحب الخلق إليه، فأجلسني في البيت كالجواري، فاجتهدت في المجوسية، فكنت في النار التي توقد فلا تخبو، كان أبي صاحب ضيعة، فقال لي يوماً: يا بني، قد شغلني ما ترى فانطلق إلى الضيعة، ولا تحتبس فتشغلني عن كل ضيعة بهمّي بك، فخرجت لذلك فمررت بكنيسة النصارى وهم يصلون، فملت إليهم وأعجبني أمرهم، وقلت هذا والله خير من ديننا، فأقمت عندهم حتى غابت الشمس، فاستبطأني وبعث رسلاً في طلبي، وقد قلت للنصارى حين أعجبني أمرهم: أين أصل الدين؟ قالوا: بالشام.

فرجعت إلى والدي، فقال: يا بني، قد بعثت إليك رسلاً، فقلت: مررت بقوم يصلون في كنيسة، فأعجبني ما رأيت من أمرهم، وعلمت أن دينهم خير من ديننا، فقال: يا بني، دينك ودين آبائك خير من دينهم، فقلت: كلا والله، فخافني وقيدني !

سياحة في الأرض

فبعثت إلى النصارى وأعلمتهم ما وافقني من أمرهم، وسألتهم إعلامي من يريد الشام، ففعلوا، فألقيت الحديد من رجلي، وخرجت معهم، حتى أتيت الشام، فسألتهم عن عالمهم، فقالوا: الأسقف، فأتيته، فأخبرته، وقلت: أكون معك أخدمك وأصلي معك؟ قال: أقم. فمكثت مع رجل سوء في دينه، كان يأمرهم بالصدقة، فإذا أعطوه شيئاً أمسكه لنفسه، حتى جمع سبع قلال مملوءة ذهباً وورِقاً، فتوفي، فأخبرتهم بخبره ودللتهم على ماله فصلبوه، وأحلوا مكانه رجلاً فاضلاً في دينه زاهداً، فألقى الله حبه في قلبي، حتى حضرته الوفاة، فقلت: أوصني، فذكر رجلاً بالموصل، وكنا على أمر واحد حتى هلك. فأتيت الموصل فلقيت الرجل فأخبرته بخبري، وأن فلاناً أمرني بإتيانك، فقال: أقم، حتى حضرته الوفاة، فقلت له: أوصني، فقال: ما أعرف أحداً على ما نحن عليه إلا رجلاً بعمّورية. فأتيته بعمورية، فأخبرته بخبري، فأمرني بالمقام، واتخذت غنيمة وبقيرات، فحضرته الوفاة، فقلت: إلى من توصي بي؟ فقال: لا أعلم أحداً اليوم على مثل ما كنا عليه، ولكن قد أظلك نبي يبعث بدين إبراهيم الحنيفية، مهاجرُه بأرض ذات نخل، وبه آيات وعلامات لا تخفى، بين منكبيه خاتم النبوة، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، فإن استطعت فتخلص إليه، فتوفي.

فمر بي ركب من العرب، فقلت: أصحبكم وأعطيكم بقراتي وغنمي هذه، وتحملوني إلى بلادكم؟ فحملوني إلى وادي القرى، فباعوني من رجل من اليهود، فرأيت النخل، فعلمت أنه البلد الذي وصف لي، فأقمت عند الذي اشتراني، وقدم عليه رجل من بني قريظة فاشتراني منه، وقدم بي المدينة، فعرفتها بصفتها، فأقمت معه أعمر في نخله، وبعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم، وغفلت عن ذلك حتى قدم المدينة، فنزل في بني عمرو بن عوف، فإني لفي رأس نخلة إذ أقبل ابن عم لصاحبي، فقال: أي فلان، قاتل الله بني قيلة، مررت بهم آنفاً وهم مجتمعون على رجل قدم عليهم من مكة، يزعم أنه نبي، فرجفت بي النخلة، حتى كدت أن أسقط، ونزلت سريعاً، فقلت: ما هذا الخبر؟ فلكمني صاحبي لكمة، وقال: وما أنت وذاك؟ أقبل على شأنك، فأقبلت على عملي حتى أمسيت، فجمعت شيئاً فأتيته به، وهو بقباء عند أصحابه، فقلت: اجتمع عندي، أردت أن أتصدق به، فبلغني أنك رجل صالح، ومعك رجال من أصحابك ذوو حاجة، فرأيتكم أحق به، فوضعته بين يديه، فكف يديه، وقال لأصحابه كلوا، فأكلوا، فقلت: هذه واحدة لا يأكل الصدقة - ورجعت. فجمعت شيئاً فأتيته به، فقلت: أحببت كرامتك فأهديت لك هدية، وليست بصدقة، فمد يده فأكل، وأكل أصحابه، فقلت: هاتان اثنتان، ورجعت.

خاتم النبوة

فأتيته وقد تبع جنازة في بقيع الغرقد، وحوله أصحابه، فسلمت، وتحولت أنظر إلى الخاتم في ظهره، فعلم ما أردت، فألقى رداءه، فرأيت الخاتم، فقبلته، وبكيت، فأجلسني بين يديه، فحدثته بشأني كله كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجبه ذلك، وأحب أن يسمعه أصحابه، ففاتني معه بدر وأحد، فقال لي: كاتب يا سلمان عن نفسك - يكتب عقدا لفك الرق عنه - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أعينوا أخاكم بالنخل” فأعانوني بالخمس والعشر، حتى اجتمعت لي.

وأول مَشاهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ولم يتخلف عن مشهد بعد الخندق، وهو الذي أشار على رسول الله بحفر الخندق لما جاءت الأحزاب، فلما أمر رسول الله بحفره احتجّ المهاجرون والأنصار في سلمان، وكان رجلاً قوياً، فقال المهاجرون: سلمان منا، وقال الأنصار: سلمان منا! ولا غرو، فهو المحب لله، العاشق للحق والمجاهد في سبيله. ومن حكمته ما رواه البخاري قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة مهملة ملابسها - فقال لها ما شأنك؟ قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل فإني صائم، قال ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال نم، فنام، فلما كان آخر الليل قال سلمان قم الآن، قال فصليا فقال له سلمان “إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه” فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدق سلمان).

*******

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com

أبو شامة المغربي
29/06/2006, 05:24 PM
أنا سلمان بن الإسلام

*****

سلمان الفارسي أبو عبد الله، ويعرف بسلمان الخير، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سئل عن نسبه فقال:

أنا سلمان بن الإسلام
أصله من فارس، من رامهرمز، وقيل إنه من جي، وهي مدينة أصفهان (أصبهان القديمة، وتعرف الآن باسم شهرستان)، وكان اسمه قبل الإسلام مابه بن بوذخشان بن مورسلان بن بهبوذان بن فيروز بن سهرك، من ولد ابن الملك، وكان ببلاد فارس مجوسيا" سادن النار.
هذا وقد تنقل سليمان بحثا عن الدين الصحيح من بلده جي إلى الشام إلى الموصل إلى عمورية، وهناك علم أن نبيا قد أظل زمانه يبعث بدين إبراهيم الحنيفية، مهاجره بأرض ذات نخل، وبه آيات وعلامات لا تخفى، بين منكبيه خاتم النبوة، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، فركب مع قوم من العرب، من كلب، باعوه إلى رجل من يهود خيبر، ثم اشتراه منه رجل من يهود بني قريظة، فقدم به المدينة، وهناك رأى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تروي المصادر على لسان سليمان أنه قال: جمعت ما عندي، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بقباء، فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه، فقلت: إنه بلغني أنك ليس بيدك شيء، وأن معك أصحابا لك، وأنكم أهل حاجة وغربة، وقد كان عندي شيء وضعته للصدقة، فلما ذكر لي مكانكم رأيتكم أحق الناس به، ثم وضعته له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا، وأمسك هو.
قال: قلت في نفسي، هذه والله واحدة، ثم رجعت، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، وجمعت شيئا ثم جئته، فسلمت عليه، وقلت له: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة، وقد كان عندي شئ أحب أن أكرمك به من هدية أهديتها كرامة لك ليست بصدقة، فأكل وأكل أصحابه، قال: قلت في نفسي هذه أخرى.

قال: ثم رجعت فمكثت ما شاء الله، ثم أتيته فوجدته في بقيع الغرقد قد تبع جنازة ، وحوله أصحابه، وعليه شملتان مؤتزرا بواحدة، مرتديا بالأخرى.
قال: فسلمت عليه، ثم عدلت لأنظر في ظهره، فعرف أني أريد ذلك واستثبته، قال فأمسك بردائه، فألقاه عن ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة، كما وصف لي صاحبي، قال: فأكببت عليه أقبل الخاتم من ظهره وأبكي.
قال: فقال: تحول عنك، فتحولت، فجلست بين يدي، فحدثته حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجبه ذلك، فأحب أن يسمعه أصحابه، ثم أسلمت وشغلني الرق، وما كنت فيه حتى فاتني بدر وأحد.
ثم كاتب سلمان على أن يطلق سراحه، في مقابل أن يغرس له ثلاثمائة نخلة، وأربعين أوقية من ورق، فلما أوفى له بها أعتقه، وشهد الخندق وبقية مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرا مسلما حتى قبضه الله تعالى، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي الدرداء.
ولعل هذا كله، إنما يشير إلى أن سلمان، رضوان الله عليه، إنما قد اتجه إلى الإسلام بكليته، وأنه كان يبحث عن الحقيقة، فوجدها في رسول الله، وفي الإسلام، واعتنق الدين الجديد، وخدمه من بدء دخوله فيه بإشارته بحفر الخندق، ورجل في مثل سلمان في جهده الذي بذله - عقليا وروحيا وجسديا وماديا - بتركه وطنه، وبتجواله الطويل من فارس والشام والموصل ونصيبين وعمورية، وبلاد العرب، فضلا عن تركه الراحة والرفاهية عند أسرته في أصفهان، رجل مثل هذا، لا بد أن يكون مسلما مخلص الإيمان، لا تزعزعه الأنواء، ولا تؤثر في عقيدته الدينية مؤثرات مادية.
وكان سلمان أحد ثلاثة تشتاق إليهم الجنة، روى ابن الأثير بسنده عن الحسن بن صالح، عن أبي ربيعة الإيادي عن الحسن (البصري) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان.
وفي حلية الأولياء بسنده عن أبي بريدة عن أبيه، رضي الله تعالى عنهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل علي الروح الأمين فحدثني أن الله تعالى يحب أربعة من أصحابي، فقال له من حضر، من هم يا رسول الله؟ فقال: علي وسلمان وأبو ذر والمقداد، وعن أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اشتاقت الجنة إلى أربعة: علي والمقداد وعمار وسلمان.
وفي الإستيعاب من حديث ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أمرني ربي بحب أربعة، وأخبرني أنه سبحانه يحبهم، علي، وأبو ذر، والمقداد، وسلمان.
وفي الحلية عن ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السباق أربع، أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة.
وروى الإمام أحمد بسنده عن سفيان عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبش.
وكان سلمان من خيار الصحابة وزهادهم وفضلائهم، وذوي القرب من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الإستيعاب عن عائشة، رضي الله عنها قالت: كان لسلمان مجلس من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كاد يغلبنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*****

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)

أبو شامة المغربي
29/06/2006, 05:51 PM
أنا سلمان بن الإسلام
*****
الباحث عن الحقيقة

سلمان الفارسي رضي الله عنه، يكنى أبا عبد الله، من أصبهان من قرية يقال لها جي وقيل من رامهرمز، سافر يطلب الدين مع قوم فغدروا به فباعوه لرجل من اليهود ثم إنه كوتب فأعانه النبي في كتابته، أسلم مقدم النبي المدينة، ومنعه الرق من شهود بدر وأحد، وأول غزاة غزاها مع النبي الخندق، وشهد ما بعدها وولاه عمر المدائن.
عن عبد الله بن العباس قال: حدثني سلمان الفارسي قال: كنت رجلا فارسيًّا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جي، وكان أبي دهقان قريته وكنت أحب خلق الله إليه فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة، قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة قال: فشغل في بنيان له يومًا فقال لي يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، قال: فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الذي نحن عليه فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي ولم آتها فقلت لهم أين أصل هذا الدين قالوا بالشام، قال: ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله فلما جئته قال أي بني أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت يا أبه مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس قال أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، قلت كلا والله إنه لخير من ديننا، قال فخافني فجعل في رجلي قيدًا ثم حبسني في بيته، قال وبعثت إلى النصارى فقلت لهم إذا قدم عليكم ركب من الشام تجارًا من النصارى فأخبروني بهم، قال فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى، قال فأخبروني بقدوم تجار فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، قال فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم ألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا الأسقف في الكنيسة، قال فجئته فقلت إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك قال فادخل، فدخلت معه، قال فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها شيئًا اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب، قال وأبغضته بغضًا شديدًا لما رأيته يصنع، قال ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئًا قالوا وما علمك بذلك؟ قلت أنا أدلكم على كنزه، قالوا فدلنا عليه، قال فأريتهم موضعه، قال فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبًا وورقا، قال فلما رأوها قالوا والله لا ندفنه أبدًا، قال فصلبوه ثم رجموه بالحجارة ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه، فما رأيت رجلا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه وأزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارًا منه، قال فأحببته حبًّا لم أحبه من قبله فأقمت معه زمانًا ثم حضرته الوفاة قلت له يا فلان، إني كنت معك فأحببتك حبًّا لم أحبه أحداً من قبلك وقد حضرتك الوفاة فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ قال أي بني، والله ما أعلم أحدا اليوم على ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل وهو فلان وهو على ما كنت عليه فالحق به، قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان إن فلانًا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره، قال فقال لي أقم عندي، قال فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت له يا فلان إن فلانًا أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال أي بني، والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به، قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئت فأخبرته بما جرى وما أمرني به صاحبي، قال فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث أن نزل به الموت فلما حضر قلت له يا فلان، إن فلانًا كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني قال أي بني، والله ما أعلم أحدًا بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية فإنه على مثل ما نحن عليه فإن أحببت فأته فإنه على مثل أمرنا، قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبري فقال أقم عندي فأقمت عند رجل على هدي أصحابه وأمرهم، قال وكنت اكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة، قال ثم نزل به أمر الله عز وجل فلما حضر قلت له يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان وأوصى بي فلان إلى فلان وأوصى بي فلان إلى فلان وأوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال أي بني، والله ما أعلم أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ولكنه قد أظلك زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجرًا إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، قال ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه قالوا نعم فأعطيتهم إياها وحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني لرجل من يهود فكنت عنده ورأيت النخل ورجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق لي في نفسي، فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها وبعث الله رسوله فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال، فلانُ قاتلَ اللهُ بني قيلة! والله، إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم زعم أنه نبي، قال فلما سمعتها أخذتني العرواء حتى ظننت أني ساقط على سيدي، قال ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ماذا تقول؟ قال فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة وقال ما لك ولهذا أقبل على عملك، قال قلت لا شيء إنما أردت أن أستثبته عما قال، وقد كان شيء عندي قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له إنه قد بلغني أنك رجل صالح معك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال فقربته إليه فقال رسول الله لأصحابه كلوا وأمسك يده هو فلم يأكل، قال فقلت في نفسي هذه واحدة، ثم انصرفت عنه فجمعت شيئًا وتحول رسول الله إلى المدينة ثم جئته به فقلت إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله منها وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال فقلت في نفسي هاتان اثنتان، قال ثم جئت رسول الله وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة من أصحابه عليه شملتان وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، قال فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكي، فقال رسول الله تحول فتحولت فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس فأعجب رسول الله أن يسمع ذلك أصحابه.
ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله بدر وأحد، قال ثم قال لي رسول الله: كاتب يا سلمان، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير وبأربعين أوقية فقال رسول الله لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل: الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين والرجل بخمسة عشر والرجل بعشرة والرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية فقال لي رسول الله اذهب يا سلمان ففقر لها فإذا فرغت أكون أنا أضعها بيدي، قال ففقرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته فخرج رسول الله معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله بيده فوا الذي نفس سلمان بيده ما مات منها ودية واحدة فأديت النخل فبقي علي المال، فأتى رسول الله بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن فقال ما فعل الفارسي المكاتب قال فدُعِيْتُ له، قال فخذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان، قال قلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي؟ قال خذها فإن الله عز وجل سيؤدي بها عنك، قال فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم وعتقت فشهدت مع رسول الله الخندق ثم لم يفتني معه مشهد. رواه الإمام أحمد.

*****
د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)

بنت الشهباء
29/06/2006, 10:26 PM
حقا والله لقد أتيت لنا أستاذنا الدكتور


أبو شامة المغربي



بأحسن الأحاديث وأطايبها


عن صحابة الحبيب النبي الأمي

محمد صلى الله عليه وسلّم


ففي سيرة سلمان الفارسي - رضي الله عنه - لنا فيها عبرة وموعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

فقد نذر حياته للبحث عن الحقيقة , وحين وجدها أيقن بأن الإسلام هو أهله , ووطنه, وعشيرته, وذريته ...

هؤلاء هم صحابة مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ..

كم أننا بحاجة أن نعود إليهم , ونقتفي آثار سيرتهم , ونتعلم من دروسهم , وننهل من علومهم , وووو.......

نسأل الله يارب أن يثبتنا , ويعيننا على فعل الطاعات , وترك المعاصي وامنكرات إنك سميع مجيب


جزاكَ الله خيرا