المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أشعـــار _ فيسوافا شيمبوريسكا



نيرفانا
27/06/2006, 11:59 AM
تحت نجمةٍ واحدة







أعتذرُ للصدفةِ لأنّني أدعوها ضرورة .







أعتذرُ للضرورة إذا أخطأت .







لا تمتعضُ السعادة ، لأنّني آخذها كسعادتي .







فليَنسَني الموتى ، لأنّهم بالكاد يكمنون في الذاكرة .







اعتذرُ للزمن على تعدّد العالم المُهمل في الثانية .







أعتذرُ للحبّ القديم ، لأنّني أرى الجديدَ هو الأوّل .







اغفري لي ، أيتها الحروب البعيدة ، لأنّني أحملُ الزهورَ إلى البيت .







اغفري لي ، أيّتها الجراح الفاغرة ، لأنني أخزُ الإصبع .







أعتذرُ للمناديين من الهاوية ، على اسطوانةِ المينيويت* .







أعتذرُ للناس في المحطّات على هجعةِ الخامسةِ صباحاً .







سامحني أيّها الأملُ الوَجلُ ، لأنني أضحكُ أحياناً .



سامحيني أيّتها الصحاري ، لأنّني لا أهرعُ بملعقةِ ماء .







و أنت ، أيّها النسرُ ، منذ سنواتٍ نفسك ، في نفس القفَص ، محدّقاً بلا حراكٍ دائماً في النقطة ذاتها ،







اصفح عنّي ، حتى لو كنت طائراً ملفوظاً .







أعتذرُ للشجرةِ المقطوعة على أرجل الطاولةِ الأربع .







أعتذرُ للأسئلةِ الكبيرة على الأجوبةِ الصغيرة .







أيّتها الحقيقة ، لا تجعليني تحت انتباهك اليقظة .







أيّها الجلال ، ارني الشهامة .







كابدْ يا سرّ الوجود ، لأنني أستلّ الخيوطَ من بطانتك .







لا تتهميني أيّتها الروح ، لأنّني نادراً ما أشعر بك .







أعتذرُ للكل ، لأنني لا أستطيع أن أكون في كلّ مكان .







أعتذرُ للجميع ، لأنّني لا أعرفُ أن أكون كلّ واحدٍ و كلّ واحدة .







أعرفُ ، أنني طالما حييتُ فلا شيء يبرؤني ، لأنني وحدي أقفُ عائقاً أمام نفسي .







لا تُسيئي الظنّ بي ، أيّتها اللغةُ ن لأنني أقترضُ كلماتٍ طنّانةً ، و بعدَها أضعُ جهداً لكي تبدو خفيفة .

نيرفانا
27/06/2006, 12:01 PM
خطاب شكر



إنني مدينة بالكثير

للذين لا أحبهم

فما أعذب الراحة التي أحسُّها

حينما أوافق على أن ثمة

من يحتاجهم أكثر مني

و السعادة التي تغمرني

لأنني لستُ الذئب الذي يتبدّى لشياههم

و السلام الذي أشعر به معهم

و الحرية

فليس باستطاعة الحب أن يمنحك ذلك

أو أن يسلبهُ منك

إنني لا أنتظرهم

كانتظار الذي يذرع المسافة

بين الباب و النافذة بلا توقف

لأنني حيالهم صبورٌ

صبر الساعة الشمسية

إنني أفهم ما لا يستطيعه الحب

و أغفرُ

ما لا يستطيع الحب أبداً من غفران

فبين الموعد و الخطاب

قد تمر عدة أيام أو عدة أسابيع

و لكنها لا تبدو أبداً كالأبدية

أما الرحلات بصحبتهم

فإنها تمضي بيسرٍ

و يمكنك أن تنصت للموسيقى

في الحفــلات

و أن تزور الكاتدرائيات

و أن ترى المشاهد بحق

و عندما تمر التلال البعيدة

و الأنهار السبعة بيننا

فإن التلال و الأنهار

يمكن العثور عليها في خارطتي القديمة

إنهم يستحقون التقدير و الاعتراف بفضلهم

إذا ما عشتُ بأبعادٍ ثلاثة

في فضاءٍ غير شعري و غير بلاغي

في أفقٍ حقيقي متغير

إنهم لا يدركون ذلك أنفسهم

و لا يعرفون قدر ما يحوزونه في أيديهم الفارغة



لستُ مدينةً لهم بشيء

قد يكون جواب الحب

على هذا السؤال المفتوح

نيرفانا
27/06/2006, 12:02 PM
فــــاتورة رثــــاء











كم هؤلاء الذين عرفتهم



( إن كنت عرفتهم حقاً )



رجالاً ونساءاً



( إذا ظل هذا التقسيم قائماً )



تجاوز هذه العتبة



( إن كانت عتبة )



مر عبر هذا الجسر



( إذا سمينا هذا جسراً )







كم من هؤلاء بعد حياةٍ أقصر أو أطول



( إذا كان هذا يشكل لهم فرقاً ما )



جيدة , لأنها بدأت ,



سيئة ، لأنها انتهت



( إذا ما فضلوا القول بالعكس )



قد وجدوا على الضفة الأخرى



( إذا وجدوا



والضفة الأخرى كذلك ) -







لم يتسن لي التأكد



من مصيرهم اللاحق



( حتى إذا كان مصيراً واحداً مشتركاً



وما يزال مصيراً )







كل شئ



( إذا لم أحدد بهذه الكلمة )



صار خلفهم



( إن لم يكن أمامهم )







كم منهم وثب من الزمن المسرع



وفي إبتعاده ... بإثارةٍ متزايدة يختفي



( إن كان ثمة جدوى لأن نؤمن بالمنظور )







كم



( إذا كان للسؤال من معنى ,



إذا أمكن التوصل للمجموع الكلي ,



قبل أن يضيف الحاسب نفسه )



قد وقع في هذا الحلم الأعمق



( إذا لم يكن هناك ما هو أعمق )











إلى اللقاء .



إلى غد .



إلى لقاءٍ آخر .



خلاص هم لا يريدون أن يكرروا



( إذا لم يريدوا ) ذلك .



موهوبون لصمت



( إذا لم يكن لآخر ) لا نهائي .



منهمكون فقط بهذا



( إذا كان بهذا فقط )



الذي يفرضه عليهم الغياب .

نيرفانا
27/06/2006, 12:03 PM
محادثة مع الحجر






أقرعُ على باب الحجرِ الأمامي

و أقولُ إنني أنا التي تدُقُّ الباب

دعني أدخل

أريدُ أن أدلفَ إلى عالمِكَ الداخلي

و أن أتأمَّلَ ما فيه

فيردُّ الحجرُ قائلاً : انصرفي

فإنني مُغْلَقٌ على نفسي كلية

فحتى لو حطمتني قطعاً

فإنَّ كلَّ القطعِ ستظلُّ مغلقةً

و يمكنكِ أن تطحنيني إلى رمال

و لكننا لن نسمحَ لكِ بالولوج

إنني أقرعُ بابَ الحجر الأمامي

و أقولُ إنني أنا التي تدقُّ الباب

دعني أدخل

فقد جئتُ إليكَ يدفعُني فضولٌ خالصٌ

لا تشبِعُهُ إلا الحياة

أودُّ أن أتمشى في أبهاءِ قصرِكَ

ثم أُعرِّجُ بعد ذلك على ورقةِ شجرٍ

أو قَطرَة ماءٍ

فليس لديَّ وقتٌ طويلٌ

فإنَّ طبيعتي الفانية ستؤثِّرُ فيك





" إنني مصنوع من حجر "

يقول الحجر

و لذلك عليَّ أن أبدو لا مبالياً

فانصرفي

فليسَ لديَّ من العضلاتِ ما يمكنني من الضَحِك





إنني أقرعُ بابَ الحجر الأمامي

و أقولُ إنني أنا التي تدقُّ الباب

دعني أدخل

فقد سمعتُ أنَّ بداخِلِكَ أبهاءً عظيمةً خاليةً

لم يَرَها أحدٌ ، و كأنَّ جمالها لا مُبرّر له

يعمرها الصمت

فلم تتردَّدْ في فضاءاتها أصداءُ أية خطوات

فلتعترِف، بأنكَ لا تعرِفُها حقاً ، أنتَ نفسكَ



فيردُّ الحجر :

"حقاً إنها عظيمةٌ و خاوية "

ولكن لا مكانَ فيها لكِ

إنها جميلة،ربَّما، و لكنها ليسَت على ذوقِك الفقير

فقد يُتاح لكِ أن تتعرّفي عليَّ

و لكنَّكِ لن تعرفيني حقاً

فقد توجه سطحي كلُّه عنك



إنني أقرعُ بابَ الحجر الأمامي

و أقولُ إنني التي تدقُّ الباب

دعني أدخل

إنني لا أبحثُ عن مأوى للأبدية

فلستُ تعيسةً

و لا يُعوزني المأوى

و عالمي يستحقُّ أن أعودَ إليه

سوف أدخلُ، ثم أغادر خالية الوفاض

وسوفَ يكونُ برهاني الوحيدُ على أنني دخلتُ هناك

مجرَّدُ حفنةٍ من الكلمات

التي لم يصدقَها أحد



لن تدخلي !

يردُّ الحجر

لأنكِ تفتقدين الإحساس بالمشاركة

و لن يعوضِكِ أيُّ إحساسٍ

عن فقدانِكَ الإحساس بالمشاركةِ

و حتى إذا ما أرهفتِ البصر ،

و استطعتِ أن تكوني خارقة البصيرة

لن ينفعكِ، ما دمتِ قد فقدتِ الإحساس بالمشاركة

لن تدخلي

لأنَّ كلَّ ما لديكِ هو مجرَّدُ إحساسٍ بماهيةِ هذا الحسَّ المفقود

مجرَّدُ بذرتهِ الصغيرة : الخيــال



إنني أقرعُ باب الحجر الأمامي

و أقولُ إنني أنا التي تدقُ الباب

دعني أدخل

فليسَ لديَّ ألفيْ قرن

دعني إذن أحتمي بسقفِكَ

فيردُّ الحجر :

إذا كنت لا تصدقينني

فاسألي ورقة الشجر

فسوفَ تردُّ عليكِ بالجوابِ نفسه

اسألي قطرةَ الماءِ

فسوفَ تقولُ لك ما قالتْهُ ورقةُ الشجر

و أخيراً اسألي شعرةً

من شعرِ رأسكِ أنتِ

إنني أتفجّرُ بالضحك

نعم الضحك الغامر العريض

مع أنني لا أعرف كيف أضحك



إنني أقرعُ باب الحجرِ الأمامي

و أقولُ إنني أنا التي تدقُّ الباب

دعني أدخل

فيردُّ الحجرُ

ليس لدي باب

نيرفانا
27/06/2006, 12:07 PM
قردا بروغل

تلك هي الطريقة التي حلمت بها بامتحاني الأخير
قردان مقيدان معاً يجلسانِ عند النافذة
و خارجَ النافذة تطيرُ السماء
و يستحمُّ البحر
بينما أجتازُ امتحاناً في تاريخ البشرية
أتهتِهُ و ينتابني الاضطراب
و يُنصِت القرد الذي يحملقُ فيَّ بسخرية
بينما يبدو الآخر قد أُغفى
و لكن عندما تمر هنيهة صمت عقب السؤال
فإنه ينبهني
بصلصلة أصفاده الخافتة

نيرفانا
27/06/2006, 12:08 PM
ملاحظات حول حملة للهملايا لم تقع

هذه إذن جبال الهملايا
جبالٌ تعدو صوبَ القمر
و قد سجّلت لحظة بدئها
على أديمِ لوحةِ السماءِ الوجلةِ الممزقة
كما ملأت صحاري سحبها بالثقوب
التي تطلُّ على اللا شئ
و هي ترجع أصداء
صمت أبيض
خرس أبيض هادئ

يا يتيلدينا هناكَ خبزُ الأربعء
و حروفُ الأبجدية
إثنان في إثنان يساوي أربعة
و الورود قانيةٌ هناك
و البنفسجاتُ زرق

يا يتي
لدينا شكسبير هناك
و نعزفُ هناك عزفاً منفرداً
على الكمان
و عندما يهبط المساء
فإننا نضيءُ النور يا يتي

أما ما فوق هنا
فليس ثمة قمرٌ و لا أرض
هنا تتجمدُ الدموع
أه يا يتي
يا أيها الإنسان نصفُ القمري
عُدْ ثانيةً
فكّرْ مرّة أخرى

لقد دعوت ذلك يا يتي
بين حيطانٍ أربعةٍ من مهاوي الثلج
و أنا أخبطُ قدميَّ لأبعثَ فيهما الدفء
فوق الثلجِ الدائمِ أبداً

نيرفانا
27/06/2006, 12:10 PM
بهجة الكتابة

إلى أين تمضي لفظةُ "الظبية"
و هي تجري في "الغابة" التي كتبتُها ؟
أتريدُ أن ترشفَ كلمة "الماءِ" المكتوبة على الصفحة ؟
و التي تعكسُ ، كورقِ الكربون ،صورة فمِها؟
لماذا ترفعُ راسها ؟
أتسمعُ شيئاً؟
تخطرُ على قوائمَ رقيقةٍ ، استعارتها من الحقيقة
و كأنها تصيخُ السمع باذنيها تحت أصابعي
الصمتُ _ هذه الكلمةُ أيضاً لها صريفٌ فوق الورقة
و تزيح الأغصانَ التي استثارتها كلمةُ "الغابة" .

فوق صفحة الورقِ البيضاءِ تتحفَّزُ الكلماتُ للقفزِ
و قد تُرتذِبُ الكلمات نفسها بطريقةٍ خاطئةٍ
تهاجمُ بها الجملة،و بطريقة
لا رادّ لها و لا مهربَ منها
ففي نقطةٍ من الحبرِ
كلماتٌ كثيرةٌ
بينما يقبعُ حيالَها كثيرٌ من الصيادين
يَزرُّون أعينهُم
و يستعدُّون للانقضاضِ بالقلمِ المنحدرِ
و يحاصرونَ الظبية، في وضعٍ يتيحث لهم

نيرفانا
27/06/2006, 12:12 PM
فيسوافا شيمبوريسكا





http://www.dorarr.ws/forum/uploaded/szymb1[1].jpg



( الشاعرة/فيسوافا شيمبورسكا ) _ الحائزة على جائزة نوبل للأدب عام 1996، ولدت شاعرتنا في قرية بنين الصغيرة بالقرب من مدينة بوزنان في غرب بولندا في الثاني من يوليو عام 1923م . و أمضت طفولتها و صباها في هذه القرية البولندية الصغيرة و في مدينة بوزان ،وهي مركز نشاط أدبي مرموق . لكنها ام تعش فيها إلا أثناء مرحلة الطفولة الباكرة، إذ انتقلت أسرتها ،وهي لا تزال في مرحلة التعليم الابتدائية ،عام 1931 إلى مدينة كراكوف، و أكملت فيها دراستها الابتدائية ثم التحقت بالمدرسة الثانوية فيها. وقبل أن تكمل دراستها الثانوية وقعت بولندا تحت الاحتلال النازي ،وأغلقت المدارس فيها.وكان عليها أن تكمل شطراً من تعليمها عن طريق حضور فصول التعليم السرية ، أو غير القانونية التي كان ينظمها البولنديون، ودون علم المحتل الألماني. و ما أنتهى احتلال ألمانيا حتى التحقت بجامعة جاجيولونيان لدراسة الأدب البولندي و علم الاجتماع ، في الفترة ما بين 1945_1948 .و بعد تخرجها عملت في مدينة كراكوف ، و استقر بها المقام فيها حتى اليوم بالصورة التي يمكن القول إنها أمضت معظم حياتها فيها . و انتقلت فيسوافيا شيمبورسكا للعمل في مجلة كراكوف الأدبية الأسبوعية ( الحياة الادبية )عام 1953، و استمرت فيها لمدة طويلة حتى أصبحت المسئولة عن قسم الشعر بها . و كانت تكتب فيها باباً أسبوعياً بعنوان " للقراءة غير الاجبارية" ، وهو باب ينطوي على تعليقات ساخرة على عدد كبير من الكتب ، باستثناء الكتب الأدبية التي يبدو أنها كانت تتجنبها عن عمد. وهي مسألة تستحق التأمل من شاعرة و مثقفة ذات عقلية فلسفية . و قد جمعت هذه المقالات في كتابين نشرا في سلسلة من أوسع السلاسل انتشاراً في بولندا .
و بدأت فيسوافا شيمبورسكا حياتها الأدبية بكتابة الشعر منذ وقت مبكر ، و أثناء دراستها بالجامعة. و نشرت ديوانها الأول (لهذا نحن أحياء THAT IS WHY WE ARE ALIVE )عام 1953 ، ثم ظهر ديوانها الثاني (أسئلة النفس QUESTIONING ONESELF)عام 1954 . و هما ديوانان تغلب عليهما نزعة التمرد السياسي و التناول الواقعي للمشهد اليومي ، و ما ينطوي عليه من مفارقات . ثم جاء ديوانها ( أنادي يتي CALLING FOR YETI )عام1957 ، الذي يتسم بغلبة النزعة التاملية الفلسفية على قصائده ، و الذي حظى بشعبية كبيرة ، و حقق لها شهرة و اسعة في بولندا . و تتابعت دواوينها بعده ، ورسخت مكانتها المتميزة في الشعر البولندي باعتبارها أهم شاعرات بولندا المعاصرات ، بالرغم من أن أنتاجها الأدبي كله لا يزيد عن تسعة دواوين . و بقية هذه الدواوين هي : (ملح SALT ) عام 1962 ، و ( فيض البهجة FLOOD OF JOY )عام 1967 ،و ( مصادفة CHANCE )عام 1972 ، و ( عدد كبير ALARGE NUMBER )عام 1976 ، و ( أناس على الجسر PEOPLE ON A BRIDGE)عام 1983، و النهاية و البادية THE END AND THE BEGINING )عام 1993 . بالاضافة الي الكتابين النثريين و الدواوين التسعة ، نشرت شيمبورسكا عدداً من الترجمات للشعر الفرنسي التي ظهرت في الكتب و الدوريات المختلفة .

نيرفانا
27/06/2006, 12:13 PM
لها جملة حاضرة فيني تقول فيها "المنفى ليس في الخارج، إنه هنا في داخل النفس"



وجــب القــول أن كل ما أعلاه هو منقــول



أترككم بخيــر وكل ود



نيــــــرفانا