المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقود للناجحات وجوائز للمتفوّقات ..



محمود الحسن
24/06/2006, 10:27 PM
ذهب المعلم درويش الى المدينة كعادته كل يوم سبت , دخل الى المركز الثقافي :دورات ومنتديات وأمسيات وشعارات


" سنزرع في قلوب أبنائنا حبَّ القراءة "


"سنعملُ على ترسيخ ِالعلم "


" سنهرب سريعاً لنتخلص من ركبِ التخلف الذي يلاحقنا "


ولفت نظره اعلان عن محو الأميّة بين المواطنات فدخل الى مدير المركز الثقافي ,واتفق معه على موعد الدورة والمُرتب الذي سيتقاضاه اذا أشرف على هذه الدورة


ومما شجعه أكثر على الاشراف أن المشاركات سيحصلنَ في نهاية الدورة على كمية من النقود وجوائز للمتفوقات , وهذا برأيه سيزيد من عدد الملتحقات بالدورة ..





عاد مساءً الى القرية واستعان ببعض اخوتِهِ الصغار لاخبار أهل القرية بهذا الخبر الذي قد يبدو غريباً وخصوصاً بالنسبة للرجال الذين تظنّ الوزراة أنها قد ( مَحَتْ ) أمّيتهم منذ زمن ٍ بعيد ...


وفعلاً اجتمعتِ النسوة عند منزل المعلم درويش ثم قادهن وراءه الى المدرسة ثم بدأ الدرس الأول ولكي يضعهن في جو المَدْرسة ,ألقى عليهنَّ السلام ( بالفصحى هذه المرّة )ومع أنه في نظرِ كثيرٍ منهن ( مع أن نظرهن ضعيف ) مثله مثل أي ولد من أبنائهن , الا أنهن في ذلك اليوم نظرنَ اليهِ بدهشة شديدة وكأنه مذيع في التلفزيون سيجري معهن لقاءات ,وستظهر صورهن في التلفاز رغم أنوف أزواجهن ...





حتى هو استغرب هذا الجمع الغفير من المواطنات : فحليمة ذات العشرين ربيعاً التي كان يحذرها أبوها بأنه لو فكرت مجرد تفكير أن تذهب للمدرسة فسيحسب أن الله لم يخلقها, وسيكسر أرجلهن الأربع ( هي وأمها ) , رغم ذلك فانها -أي حليمة -كانت تجلس في أحد المقاعد الامامية ,وخديجة التي أخرجها أهلهاعنوةً لكي تساعدهم في الأرض والفلاحة والزرع والحصاد ولتتولى أمّها شؤون الطبخ والجلي والكوي ..الخ ,حتى هذه -أي خديجة- كانت أيضاً في أحد المقاعد الأمامية بجانب حليمة وهكذا بدأت الدورة بفرح غامر ونشاط يذكرهن بأيّام الطفولة





وفي البيت انقلبت الآية فواحدة يعلمها ولدها الذي يدرس في الصف الثالث , وأخرى أخوها الذي أنهى السادس منذ أيام , ذلك بعد أن يسخروا منهن ومن جهلهن ..





وفي نهاية الدورة أجرى المعلّم الوسيم لجدّاتِهِ وخالاتِهِ وأخواتِهِ المواطنات الأمّيات الراغبات في محو أميتهن و( القضاء ) عليها ,أجرى لهن امتحاناً تمهيدياً استعداداً للمقابلة مع اللجنة التي ستأتي من المدينة وراح يتمشّى بين المقاعد منعاً للنقل أو الغش وبينما هو شرح لخديجة حول السؤال الثاني وطريقة التوصيل بين الكلمة وعكسها استغلت أم محمود هذا الموقف لتهمس لأم أحمد بأنه اجتاز أغلب امتحاناتِهِ بالنقل والغش والآن يعمل علينا شريف , فأجابتها أم أحمد بأنه لو كان ذكياً لأصبح ( دكتوراً ) مثل زوج فطّوم الذي لا تدري -أي أم أحمد -كيف عُمي على قلبِه وتزوجها , وأحسّ المعلم درويش بالهمس واللمز بين أم محمود وأم أحمد فتظاهر بالجدّية ونبههن بأنهن لو كررنَ هذا الفعل فستصبحان خارج الدورة وجوائزها , فيما غض الطرف عن حليمة ذات العينين الجميلتين والعشرين ربيعاً وهي تنقل من ورقة كان قد كتبها لها أخوها الصغير , ترافق هذا مع ابتسامة ( لطيفة ) من المعلّم درويش


وبعد يومين ظهرت النتائج ورشحهنّ جميعاً للمقابلة مع اللجنة ذلك تجنباً لنشوب حروب أهلية بينه وبين ( ذكور ) القرية





وجاءت اللجنة وجاء دور حليمة ذات (20 ربيعاً) فاقتربت ويدها تمتد الى شعرها تحاول اخفاء أكبر قدر ممكن من ضفائرها الطويلة التي لم يغطّها الحجاب ( الريفي ) كاملة ً


جلست على طاولة تبعد حوالي مترين عن رئيس اللجنة فسألها :





- ضعي كلمة ألف في جملة مفيدة





- ابن جيراننا لا يًفرّق بين الألف وعصا الراعي





- حسناً الآن سؤال صعب : ماهي أكبر صحراء رمليّة في العالم





- كانت حليمة قد نسيت الاجابة لكنها عندما لاحظت الشَعر يغطي ( دماغ ) رئيس اللجنة وفي الوسط اختفى حتى حلّت محلّه ( صلعة ) دائرية الشكل تذكرت الاجابة وقالت : الربع الخالي


- ممتاز يا حليمة لقد حصلتي على المرتبة الأولى


طارت حليمة من الفرح وسلموها الجوائز وامتنعت عن مصافحة أعضاء اللجنة بيدها , وفي البيت قبّلها ( أبوها ) الذي لم يقبّلها منذ أن تزوّج مرّة أخرى , ورفع رأسه و( خشمه ) نحو السماء تعبيراً عن اعتزازه وفرحه بالنتيجة وبالجوائز


- يا بنتي يا حليمة ألا يوجد مسابقات للذكور حتى نبعث أخاكِ عبدالله لكي يكبر في عيني زوجتِهِ التي تعيّره طوال الوقت بأنه لا يعرف كيف يفك الحرف


- لا أعرف يا بابا ...


- وبعد فترة جاء الى بيت أهل حليمة صابر أخوالمعلّم درويش ليخبرهم بأن المتفوقات سيخضعن الى دورة متقدمة لكن هذه المرّة في المدينة فقال له أبوها : وهل هناك نقود وجوائز للمتفوقات .............؟؟

طارق شفيق حقي
25/06/2006, 09:40 PM
والله استمتعت بما كتب


قصة رائعة فعلاً
تستمد من الواقع ومن تفاصيل الحياة العادية اجمل نسيج

رغم بعض اطالة ورتابة مدت يديها على القصة

لكن فيها وقفات واشارت جميلة

المدقمة بدات رتيبة أرى" ذهب المعلم درويش الى المدينة كعادته كل يوم سبت , دخل الى المركز الثقافي


ما رأيك لو كانت
حين دخل المعلم درويش المركز الثقافي من يوم السبت : قرأ........

ثم ما نفع ذكر يوم السبت هنا هو مجرد حشو احذفها؟؟

ثم لماذا كتبت القصة بشكل خاطرة
؟؟

تحياتي لك

محمود الحسن
28/06/2006, 09:25 PM
أهلا بك أخي طارق

ملاحظاتك قيمة وخصوصاً فيما يتعلق بالمقدمة أو المدقمة كما تسابقت أناملك على كتابتها على الكيبورد

ربما يوم السبت كتعبير عن الروتين أو تعبير عن ثقل يوم السبت وربما تعبير عن لاشيء


ثم لماذا كتبت القصة بشكل خاطرة

بصراحة أنا لم أتمرن على القصة بعد ما زلت في طور القراءة ومتأثر بالمنتدى اياه وبنوعية الكتابات هناك


شكراً لك ولملاحظاتك والروعة اكتملت بحضورك