الدكتور مروان الظفيري
06/06/2006, 02:03 PM
صفحات من التراث ...
باب في الشعراء والشعر :
طبقات الشعراء أربع :
جاهلي قديم ، ومخضرم ، وهو الذي أدرك الجاهلية والإسلام ، وإسلامي ، ومحدث.
ثم صار المحدثون طبقات :
أولى وثانية على التدريج ، وهكذا في الهبوط إلى وقتنا هذا ، فليعلم المتأخر مقدار ما بقي له من الشعر ، فيتصفح مقدار من قبله ، لينظركم بين المخضرم والجاهلي ، وبين الإسلامي والمخضرم ، وأن المحدث الأول ، فضلاً عمن دونهم في المنزلة ، على أنه أغمض مسلكاً وأرق حاشية ، فإذا رأى أنه ساقة الساقة ، تحفظ على نفسه ، وعلم من أين يؤتى ، ولم تغرره حلاوة لفظه ، ولا رشاقة معناه ، ففي الجاهلية والإسلام من ذهب بكل حلاوة ورشاقة ، وسبق إلى كل طلاوة ولباقة.
قال أبو الحسن الأخفش :
يقال : ماء خضرم ، إذا تناهى في الكثرة والسعة ، فمنه سمي الرجل الذي شهد الجاهلية والإسلام مخضرماً ، كأنه استوفى الأمرين ، قال:
ويقال : أذن مخضرمة ، إذا كانت مقطوعة ، فكأنه انقطع عن الجاهلية إلى الإسلام .
وحكى ابن قتيبة ، عن عبد الرحمن ، عن عمه ، قال:
أسلم قوم في الجاهلية على إبل ، قطعوا آذانها ، فسمي كل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرماً ، وزعم أنه لا يكون مخضرماً ، حتى يكون إسلامه بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وقد أدركه كبيراً ، ولم يسلم ، وهذا عندي خطأ ؛ لأن النابغة الجعدي ، ولبيداً ، قد وقع عليهما هذا الاسم ، وأما علي بن الحسين كراع ، فقد حكي : شاعر محضرم ، بحاء غير معجمة ، مأخوذ من الحضرمة ، وهي الخلط ؛ لأنه خلط الجاهلية بالإسلام .
وأنشد بعض العلماء ، ولم يذكر قائله:
الشعراء فاعـلمـــن أربــعــــــه // فشاعر لا يرتجى لمنفعه
وشاعر ينشط وسط المجمعه // وشاعر آخر لا يجري معه
وشاعر يقال خمر في دعه
وهكذا رويت ، عن أبي محمد ، عبد العزيز بن أبي سهل ، رحمه الله ، وبعض الناس يرويها على خلاف هذا.
وقد قيل :
لا يزال المرء مستوراً ، وفي مندوحة ، ما لم يصنع شعراً ، أو يؤلف كتاباً ؛ لأن شعره ترجمان علمه ، وتأليفه عنوان عقله.
وقال الجاحظ :
من صنع شعراً ، أو وضع كتاباً ، فقد استهدف ؛ فإن أحسن ، فقد استعطف ، وإن أساء فقد استقذف .
قال حسان بن ثابت، وما أدراك ما هو !!؟:
وإن أشعـــر بيت أنت قائلـــــــه // بيـــــــــت يقال إذا أنشدته: صدقا
وإنما الشعر لب المرء يعرضه // على المجالس إن كيساً وإن حمقا
وقال محمد بن مناذر ، وكان إماماً:
لا تقل شعراً ولا تهمم به // وإذا ما قلت شعراً فأجد
وقال شيطان الشعراء ، دعبل بن علي :
سأقضي ببيت يحمد الناس أمره // ويكثر من أهل الروايات حامله
يموت ردي الشعر من قبل أهلـه // وجيده يبقى وإن مات قائله
وقالوا: الشعراء أربعة :
شاعر حنذيذ ، وهو الذي يجمع إلى جودة شعره ، رواية الجيد من شعـر
غيره ، وسئل رؤبة عن الفحولة ، فقال: هم الرواة .
وشاعر مفلق ، وهو الذي لا رواية له ، إلا أنه مجود كالخنذيذ في شعره ؛ وشاعر فقط ، وهو فوق الرديء بدرجة .
وشعرور ، وهو لا شيء ، قال بعض الشعراء لآخر هجاه:
يا رابع الشعراء كيف هجوتني // وزعمت أني مفحم لا أنطق
باب في الشعراء والشعر :
طبقات الشعراء أربع :
جاهلي قديم ، ومخضرم ، وهو الذي أدرك الجاهلية والإسلام ، وإسلامي ، ومحدث.
ثم صار المحدثون طبقات :
أولى وثانية على التدريج ، وهكذا في الهبوط إلى وقتنا هذا ، فليعلم المتأخر مقدار ما بقي له من الشعر ، فيتصفح مقدار من قبله ، لينظركم بين المخضرم والجاهلي ، وبين الإسلامي والمخضرم ، وأن المحدث الأول ، فضلاً عمن دونهم في المنزلة ، على أنه أغمض مسلكاً وأرق حاشية ، فإذا رأى أنه ساقة الساقة ، تحفظ على نفسه ، وعلم من أين يؤتى ، ولم تغرره حلاوة لفظه ، ولا رشاقة معناه ، ففي الجاهلية والإسلام من ذهب بكل حلاوة ورشاقة ، وسبق إلى كل طلاوة ولباقة.
قال أبو الحسن الأخفش :
يقال : ماء خضرم ، إذا تناهى في الكثرة والسعة ، فمنه سمي الرجل الذي شهد الجاهلية والإسلام مخضرماً ، كأنه استوفى الأمرين ، قال:
ويقال : أذن مخضرمة ، إذا كانت مقطوعة ، فكأنه انقطع عن الجاهلية إلى الإسلام .
وحكى ابن قتيبة ، عن عبد الرحمن ، عن عمه ، قال:
أسلم قوم في الجاهلية على إبل ، قطعوا آذانها ، فسمي كل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرماً ، وزعم أنه لا يكون مخضرماً ، حتى يكون إسلامه بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وقد أدركه كبيراً ، ولم يسلم ، وهذا عندي خطأ ؛ لأن النابغة الجعدي ، ولبيداً ، قد وقع عليهما هذا الاسم ، وأما علي بن الحسين كراع ، فقد حكي : شاعر محضرم ، بحاء غير معجمة ، مأخوذ من الحضرمة ، وهي الخلط ؛ لأنه خلط الجاهلية بالإسلام .
وأنشد بعض العلماء ، ولم يذكر قائله:
الشعراء فاعـلمـــن أربــعــــــه // فشاعر لا يرتجى لمنفعه
وشاعر ينشط وسط المجمعه // وشاعر آخر لا يجري معه
وشاعر يقال خمر في دعه
وهكذا رويت ، عن أبي محمد ، عبد العزيز بن أبي سهل ، رحمه الله ، وبعض الناس يرويها على خلاف هذا.
وقد قيل :
لا يزال المرء مستوراً ، وفي مندوحة ، ما لم يصنع شعراً ، أو يؤلف كتاباً ؛ لأن شعره ترجمان علمه ، وتأليفه عنوان عقله.
وقال الجاحظ :
من صنع شعراً ، أو وضع كتاباً ، فقد استهدف ؛ فإن أحسن ، فقد استعطف ، وإن أساء فقد استقذف .
قال حسان بن ثابت، وما أدراك ما هو !!؟:
وإن أشعـــر بيت أنت قائلـــــــه // بيـــــــــت يقال إذا أنشدته: صدقا
وإنما الشعر لب المرء يعرضه // على المجالس إن كيساً وإن حمقا
وقال محمد بن مناذر ، وكان إماماً:
لا تقل شعراً ولا تهمم به // وإذا ما قلت شعراً فأجد
وقال شيطان الشعراء ، دعبل بن علي :
سأقضي ببيت يحمد الناس أمره // ويكثر من أهل الروايات حامله
يموت ردي الشعر من قبل أهلـه // وجيده يبقى وإن مات قائله
وقالوا: الشعراء أربعة :
شاعر حنذيذ ، وهو الذي يجمع إلى جودة شعره ، رواية الجيد من شعـر
غيره ، وسئل رؤبة عن الفحولة ، فقال: هم الرواة .
وشاعر مفلق ، وهو الذي لا رواية له ، إلا أنه مجود كالخنذيذ في شعره ؛ وشاعر فقط ، وهو فوق الرديء بدرجة .
وشعرور ، وهو لا شيء ، قال بعض الشعراء لآخر هجاه:
يا رابع الشعراء كيف هجوتني // وزعمت أني مفحم لا أنطق