المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ندوة شهادات شخصية من معاصري مالك بن نبي



أبو شامة المغربي
06/06/2006, 11:52 AM
ندوة شهادات شخصية من معاصري مالك بن نبي
*****
تحت عنوان "شهادات شخصية من معاصري مالك بن نبي" تحدث كل من الأساتذة : جودت سعيد ـ محمد عدنان سالم ـ بكري النحاس، والسيدة هدايت سالم.

شهادة السيدة هدايت سالم
تحدثت السيدة هدايت سالم عن تجربتها الشخصية مع المفكر مالك بن نبي، حيث اعتبرت أن ولادتها "الفكرية الحقيقية كانت في مجالس مالك بن نبي عند زيارته لدمشق: كان ما أسمعه منه كلاماً مختلفاً لم أفهمه بادئ ذي بدء، دهشت في أول الأمر، ظننت أن هذا العالم الوقور يتحدث لغة لا أفهمها، ويستعمل مصطلحات لا أقدر على فك رموزها، كنت وغيري من الحضور نتسابق في نقل مشاكلنا ونطرح عليه أسئلتنا واستفساراتنا، لكنه بدلاً من أن يعطينا الإجابة أو الحل الجاهز الذي نصبو إليه يجيبنا: (هو من عند أنفسكم لن تقلعوا أشواككم إلا بأيديكم، واقعكم السيء الذي تشكون منه لا يغيره إلا أنتم).
وتابعت: فتح هذا الكلام – الذي صدمني لأول وهلة، لأنني لم أكن أسمعه قبلُ من مفكرينا – عيني وأذني وجميع أجهزة التلقي عندي على نمط جديد من الفكر ومن المنطق العملي، كنت بعيدة عنه تماماً، كنا ولا نزال نريح ضمائرنا ونفوسنا من التأنيب أو اللوم بظن اصطنعناه أن كل ما يحيق بنا من مصائب، وما نحن فيه من تخلف وجهل وأمية وعجز عن الإتقان هو من فعل الآخر؛ أي آخر إلا نحن..
الاستعمار قديمه وحديثه.. أميركا.. إسرائيل.. حتى وصلنا إلى قناعة تامة أن سكان العالم تركوا مشاغلهم متفرغين للمكر بنا وإعاقتنا عن إصلاح أنفسنا.
وتضيف : كان ما جاء به مالك قلباً لاطمئناننا الخادع رأساً على عقب ليغير اتجاه أصابع اتهامنا من الخارج إلى الداخل، بانياً فكره على مضمون الآية الكريمة: (قل هو من عند أنفسكم( [ آل عمران 3/165] ، فنحن لسنا مطالبين بإرجاع الآخر عن غيه ومكره وكيده، ولا بإصلاح إبليس وإقناعه بالكف عن وسوسته، لكننا مكلفون ومسؤولون عن إصلاح أنفسنا؛ مُردّداً على مسامعنا قولته الشهيرة: لا تلعنوا الاستعمار ولكن تعافوا من القابلية له، فالمستعمر لا يستعمر إلا من كانت عنده القابلية والاستعداد. كفاكم رفع الأصوات عالياً للمطالبة بالحقوق فهي لا تنال مجاناً،ولكن ابدؤوا بتأدية الواجبات لتحصلوا على حقوقكم.. وتقول السيدة هدايت: لفت مالك أنظارنا إلى أن التواكل لا يغني عن العمل شيئاً، لأن سنن الله الثابتة في الآفاق والأنفس لا تحابي أحداً ولا حتى الأتقياء الصالحين، وأن ما بالقوم لا يتغير إلا إذا غير أبناؤه ما بأنفسهم.
وترى السيدة هدايت انه : وبعد مضي ما يزيد عن نصف قرن على صيحات هذا المجدد المدوية، نجد أنها لم تلق قبولاً من المثقفين فضلاً عن العامة، لأنه يطالب بالعلم والعمل ولا يدغدغ عواطف الناس بمعسول الكلام، يطالبهم بالسير في الأرض، واكتشاف السنن، وكيف بدأ الخلق، وبالقيام بعلوم الدنيا على اعتبار أنها دين يتقرب به إلى الله، لا على أنها ترف يمكن الاستغناء عنه. يدعو إلى علم توحيد جديد يعيد الصلة الحقيقية بين العبد وربه، بعد أن أضحت مجالس التقرب إلى الله نوعاً من الترانيم تتلى على مسامع الأمة النائمة؛ لتسعد في رقادها وتستغرق فيه، مثلما تتلو الأم الترانيم لولدها حتى يستمر في نومه.
وتؤكد ان البحث في مشكلة الأفكار بحث جديد علينا؛ كان مالك بن نبي أول من طرقه في العصر الإسلامي الحديث. مشيرة انه وبعد أن أهملت هذه الأفكار والبذور طويلاً؛ بدأت بعض الأقلام الاستشهاد بها على استحياء.
ونظراً لأن السنين التي مضت على طرحها لم تزد الأمة إلا احتياجاً إليها؛ اهتمت دار الفكر مشكورة بمالك وفكره منذ نشأتها الأولى متعهدة كتبه بالنشر والتوزيع وها هي تقيم هذه الندوة لتعرفنا على مشروعه البنيوي الحضاري.
وتختم السيدة هدايت شهادتها بدعوتها للقيام بورشات عمل لدراسة ذلك المشروع الفكري كأسلوب حياة باستخلاص منهجية تطبيقية عملية لتنـزيله على أرض الواقع والاستفادة منه.

شهادة الاستاذ محمد عدنان سالم
وقدم الأستاذ محمد عدنان سالم، صاحب ومدير دار الفكر، شهادته عن مالك ابن نبي . فتحدث بداية عن علاقته الشخصية ب مالك .. ثم تحدث عن علاقة "دار الفكر" ب مالك بن نبي وفكره .
واشار الاستاذ سالم ان مالك بن نبي دوّن فكره تحت عنوان شامل اختاره هو (مشكلات الحضارة).. لم يكتب ما كتب بوصفه أديباً أو شاعراً أو فيلسوفاً، إنما كتب بوصفه صاحب قضية مهموماً بها، أحاطت به، وامتلكت مشاعره، فعاشها وسخر لها حياته، فاستمدت حيويتها من حياته، وحيَّ هو بها، فإذا هو حاضر بيننا، كلما ألحت علينا مشكلات الحضارة، يصرخ فينا: حيَّ على الفلاح!! حيَّ على النهوض!!
وعن تجربته الشخصية مع مالك يقول الاستاذ سالم : كنتُ بين جمهوره الذي تحدث إليه في جامعة الخرطوم عام 1968- بُعَيْد ما دعي بالنكسة- عن عجز تكديس منتجات الحضارة عن بناء الحضارة،ولم أملك نفسي- وأنا الذي لم أعتد التصفيق في المناسبات- أن أجدني مندمجاً مع الآلاف الذين التهبت أكفهم بالتصفيق، إثر خاتمته التي قال فيها " لذلك فإن الأسلحة التي تكدست في أيدينا عام 1967، أبت أن تطيع غير صانعيها".
كان مالك يومها من بين من دعتهم جامعة أم درمان الإسلامية إلى مؤتمر أقامته بمناسبة انقضاء أربعة عشر قرناً على تنـزل القرآن، تقديراً منها لإسهامه الكبير في بحوث القرآن الكريم من خلال كتابه النفيس (الظاهرة القرآنية)، وكنت مع ثلة من الأصدقاء من أساتذة الجامعة، نعد لاستقباله، ونحن نعرف طبائعه ورغباته التي لا تستريح إلى فنادق خمسة النجوم، فأعدّت له الجامعة يومها – بسعي من الأستاذ محمد المبارك، رحمه الله تعالى – سكناً مستقلاً مجهزاً بكل الخدمات.. فإذا به في اليوم التالي يهمس في أذن صديقه المبارك: ألا يوجد في الخرطوم زاوية لشيخ منقطع للعبادة، يقبلني بين مريديه، فآوي إليها؟ فذكر الأستاذ المبارك اسم الشيخ الفاتح قريب الله، وكان عالماً متعبداً مشهوداً له بالصلاح، ورتب الأستاذ المبارك الأمر، وقضى مالك أياماً مع الشيخ ذكر أنها كانت أسعد أيامه.
وكنتُ في الستينات من القرن الماضي، قد كتبت له، وكان مديراً للتعليم العالي في الجزائر، أن الأستاذ جودت سعيد يقوم بتدريس كتبه في حلقاتٍ يعقدها في الجامع الأموي وجامع المرابط في دمشق، فلم أره مستبشراً كما رأيته في إجابته التي أشعرني من خلالها بغبطته في أن فكره قد أخذ طريقه إلى الشباب المسلم، الذي إنما كتب ما كتب من أجله، وكان وصول صوته إليه أغلى أمنياته..
وعن علاقة مالك ب "دار الفكر" قال الاستاذ سالم: لم تكن علاقة دار الفكر بمالك بن نبي مجرد علاقة ناشر بمؤلف. لقد اعتمدت دار الفكر منذ تأسيسها عام 1957 على منهج يتوخى العلم والإبداع والتجدد والحوار؛ يبحث عن الآخر وسيلة لتنمية الذات، وعن الشباب واسطة لبناء المستقبل، وعن الفعالية طريقاً للتغيير، ورأت في فكر بن نبي ما يثري منهجها و يحقق تطلعاتها، فتبنته رسالةً هاديةً تحملها إلى جيل ما يزال ضائعاً في التيه؛ يتلمس سبل الخروج منه.
ويروي الاستاذ سالم في شهادته كيف كان الاتصال الاول ب مالك بن نبي فيقول: كان اتصال دار الفكر الأول بمالك عن طريق أحد مؤسسيها الأستاذ محمد الزعبي الذي كان يدير مكتبها في القاهرة، وكانت دار العروبة فيها تتولى إصدار كتبه، فتولت دار الفكر توزيعها في سورية، وتوطدت علاقة دار الفكر بمالك؛ توافقاً في الأفكار، ووحدة في الرؤى، وتطابقاً في الأهداف، علاقة أخذت طابع الرسالة والهمّ المشترك، فكان طبيعياً أن تثمر العلاقة الفكرية اضطلاع دار الفكر بنشر أعماله؛ نشرت بعضها في حياته، ثم تابعت نشرها بموجب عقود وثقها الأستاذ المحامي عمر مسقاوي، الوصي الثقافي الذي اختاره لها.
بذلت دار الفكر قصارى جهدها في خدمة أعمال مالك، نشرتها في سلسلة تحت عنوان مشكلات الحضارة، وصنعت لها فهارس للآيات والأحاديث والأعلام، وللمذاهب والجماعات والشعوب، وللمعاهدات والمؤتمرات والمنظمات، وللكتب والمراجع والمصادر؛ وأخرجتها الإخراج اللائق، وطورتها في طبعة تلو الطبعة، واتخذت للإعلان عنها وترويجها كل السبل المتاحة.
ولفت الاستاذ سالم الى ان كتب مالك لم تلق الرواج الذي يستحقه فكر تنويري يحدد اتجاه السير للضائعين، ويضيء سبيل الخروج للحيارى التائهين.. ظلت كتبه حبيسة أيدي بعض النخب الثقافية، محجوبة عن الجمهور الذي من شأنه أن يصنع التغيير.. محجوبةً بأراجيفَ وأوهامٍ يتولى كبر ترويجها كل من يهمه إطالة أمد نوم المسلم، وتعثره وغيابه عن ساحة الفعل والنهوض.. فهي تارة فلسفية معقدة تستعصي على الأفهام، وهي تارة غربية المصادر لا تستشهد بالنصوص المعتمدة.. هكذا غيبت أفكار مالك على يد إسلامي تقليدي ماضوي، تتصاعد ثقته بالأفكار كلما أوغلت في الزمن الماضي، ويحجبها عن الفكر الحي الذي نعيش، مثلما غيبت على يد حداثي، لا يعترف بفكر لا ينهل من معين الفكر الغربي، ولا يولي وجهه شطره، منطلقاً من قطيعة معرفية حاسمة مع تاريخه وثقافته..
واكد ان الأمر الآن بات مختلفاً.. فقد أخفقت مشاريع النهضة كلها؛ التوفيقية التي أرادت أن تعالج مشكلات القرن العشرين بآليات اجتهاد القرون السالفة ومناهج تفكيرها وتأويلها؛ فعانت من غربة في الزمان، والحداثية التي نأت عن جذورها لتطرح فكراً هجيناً، وتبذر في الأرض بذوراً مستعارة لم تلبث أن اجتثت من فوق الأرض، لم تفلح في أن تتجذر فيها أو يقر لها قرار، فعانت من غربة في المكان..
وقد استحكمت أزمة الحضارة الغربية، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، وتفرد القوة العظمى بقيادة العالم، وعجز الفلسفة الغربية ومنطلقاتها المادية، عن تقديم حلول لأزماتها المتلاحقة؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية، عجزاً تجلى في تردٍّ أخلاقي غير مسبوق ، أفقد الإنسانية كل مكتسباتها التي أحرزتها عبر تجاربها المريرة في حربيها العالميتين خلال القرن العشرين، ولم يبق للإنسان الغربي من الحقوق والضمانات ما يفخر به، مما أظهر هشاشة البنيان الحضاري الغربي ومرتكزاته الفلسفية والأخلاقية.
ويقول الاستاذ سالم : هكذا نرى أن قد آن الأوان لفكر مالك التنويري النهضوي الحضاري أن يبلغ مداه، وأن اللحظة التاريخية المواتية لإقلاعه قد حانت، وأن وعي الإنسان في عصر العولمة والانفجار المعرفي، بات مستعداً لتلقفه: والعشق فياض وأمة أحمد يتأهب التاريخ لاستقبالها
شهادة المفكر الاسلامي جودت سعيد
ويستهل الشيخ جودت سعيد شهادته عن مالك بن نبي، وهو التلميذ النجيب لمالك، يقول: إن مالك ثروة وثورة فكرية لم يفطن المسلمون لها؛ لأنهم لم يتعودوا على هذه الأفكار والمصطلحات لقد بذر المرحوم مالك بذور هذا الفكر الجديد؛ فكرِ تحمل المسؤولية، وأداء الواجب، والارتقاء في الأسباب في ساحة الفكر الإسلامي. ولا بد لهذه البذور من أن تكبر وتثمر ولو بعد حين. ويتحدث الشيخ جودت أنه عندما التقى المرحوم مالك في القاهرة لأول مرة سأله أحد الحاضرين عن مشكلة فلسطين مصيبتنا الدائمة التي ولدنا وسوف نموت دون أن نرى لها حلاً، فكان جوابه: إن المشكلة ليست في وجود إسرائيل بقدر ما هي موجودة فينا، فعندما يتحد المسلمون، ويثق العربي بأخيه أكثر مما يثق بعدوه ستزول إسرائيل تلقائياً، لأنها لم تقم إلا على تناقضاتنا وخلافاتنا. ويضيف موضحا: ثمة مشكلة كبرى جرَت الويلات علينا نحن المسلمين وجعلتنا عبيداً, وهي أننا لم نصلح ذات بيننا, بينما يقول القرآن ( اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ). نحن إلى الآن لسنا قادرين على إصلاح ذات بيننا, لكننا نتهافت لكي نصلح بيننا وبين أمريكا, بيننا وبين إسرائيل, وهذا أمر مرفوض. خذوا قرارات الأمم المتحدة, ما الذي تحقق منها لصالح القضية الفلسطينية ؟ هم يضحكون علينا فيما العالم الإسلامي مكبل قاعد لا يقوى على شيء, وهو ينظر إلى ما يجري من مذابح ضد أبنائه هنا وهناك. إن مشكلتنا ليست أمريكا ولا إسرائيل ولا حتى الشيطان, مشكلة المسلمين أنهم لا يعقلون. ما معنى يعقلون, أنه يعني ربط الأسباب بالنتائج. ان المسلمين مطالبون بفهم رسالة الله التي جاءت إليهم والتي تهدف إلى صنع الإنسان السوي, الذي يقبل كلمة السواء.
ويضيف الشيخ جودت : العالم الإسلامي يتكلم كثيراً عن الاستعمار وأثره على أوضاعه ومعاناته وتطوره، ولكن ابن نبي يقول: حينما يكون كلامنا أقل عن الاستعمار وأكثر عن القابلية للاستعمار نكون قد بدأنا السير في الطريق الصحيح.
ومما يؤكد عليه أيضاً: أنّ القابلية للاستعمار لم تُصنع في واشنطن وموسكو وباريس، بل هي موجودة في كيان العالم الإسلامي وتحت قباب جوامعه من بخارى وسمرقند، حتى دلهي وطهران.. إلى دمشق والقاهرة والقيروان.
ويضيف لقد عشت مع أفكار مالك بن نبي، وقرأت كتبه عن مشكلات الحضارة مراراً وتكراراً، وتعمقت في فهم الفكرة ، لكنني لم أقف عند حد تلقيها كما هي فحسب، بل رحت أقلبها وأجد لها السند الإسلامي والأساس القرآني، وأكثر ما يهمني مصطلحا "الاستعمار" و" القابلية للاستعمار" اللذان يبدوان غريبين عن أفهامنا. رحت أهتم بآلية هذا الموضوع بنظر عميق في القرآن الكريم وتعاليم الإسلام، وإضافة إلى النظرة الحضارية والتاريخية.
ويؤكد الاستاذ جودت إنّ القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد في التاريخ البشري الذي يرد المشكلات إلى الذات، لا إلى الآخر، عندما يصيبنا شيء يقول القرآن الكريم {قل هو من عند أنفسكم} , وليس من خبث أعدائكم،حتى في غزوة أحد عندما هُزم المسلمون وقالوا أنى هذا؟ لم يقل لهم خدعكم خالد بن الوليد. قال : هو من عند أنفسكم..والآن على المسلمين أن يتعلموا هذا الحس وأن يستعيدوه.
لقد كان مالك بن نبي يقول إننا في مؤتمراتنا نجعل مشكلة فلسطين هي المشكلة الجوهرية بينما هي نتيجة من نتائج المشكلة الإسلامية، ومثلها مشكلة العراق وقبلها أريتريا والبوسنة والهرسك، وكل ما سيأتي لاحقا.
" الشيطان لن يصبح صديقاً لنا " حسب قول ابن نبي، وعليه ينبغي ألاّ ننتظر حتى يتغير، وكذلك سيبقى الاستعمار فينا مادامت القابلية موجودة، فالاستعمار والقابلية للاستعمار عملية جدل ومشاركة.
ويضيف إنّ الغرب اليوم يطالب بالديمقراطية، لكنه يصاب بالرعب إذا ماصارت الديمقراطية عندنا لأن هذا يحمل موته، لذلك تراه يحارب أية إرادة للديمقراطية فينا وبشكل شرس، وكحرب الأفيون في الصين سوف يحاربنا، لماذا ؟ لأننا حينئذ سنملك الاستعداد لأن نبيت عراة جياعاً وأن نقطع عنهم كل شيء، ولا نأخذ منهم شيئاً. إنني لا أقول هذا للسياسيين، بل للمثقفين الذين لا يعرفون شعوبهم ولا يحسون بآلامهم.
شهادة الاستاذ بكري النحاس
وتحدث الأستاذ بكري النحاس في شهادته كيف تعرف بداية على فكر مالك بن نبي من خلال دروس الشيخ جودت سعيد في عام 1965 .. ثم كيف تعرف عليه شخصيا عندما زار دمشق عام 1972 .. وتوقف عند بعض المحطات في فكر مالك: مشيرا أن مالك وجد مشكلة العالم العربي والإسلامي مشكلة حضارية، وان مواجهة التخلف والظاهرة الاستعمارية لاتتم بمعالجة أعراضه وإنما بمعالجة قابلية الإنسان والمجتمع للتخلف والاستعمار... وأضاف الاستاذ نحاس: ان أروع ماعلمنا إياه مالك بن نبي أن ذاتية المسلم تكمن في الإسلام، وأن مفهومية المسلم يجب أن تستقى من الاسم ، وأن العالم الإسلامي لا يستطيع أن يبني خارج نطاق الاسلام حضارة تعبر عن ذاتيته.
ولفت إلى أن مالك ربط حركة الانسان بنظام تفكيره وبنظرته الى الأمور، ورفض شعار الدفاع عن الذات، واعتنق شعار بناء الذات، وكان أول من طرح نظرية العادات الفكرية، وأشار إلى أن مالك كان يتمتع بدرجة عالية من الشفافية والخشوع والتواضع وقبول النقد والرأي الآخر.
http://www.fikr.com/bookday_03.htm (http://www.fikr.com/bookday_03.htm)
*******

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)