طارق شفيق حقي
05/06/2006, 09:19 PM
قراءة في دفتر المطر
مظفر النواب
انني أحمل قلبي كبرتقالة
مضى الموسم ولم تنضج ،
وأعطت زهر البرتقال
، وفيها رائحة شمس البارحة .
الى أحمد صديقاً من الشياح
في مقهى الزيتونة ، شباك للغرباء
تبكي الموجة فيه
أهلي فيه
ورجال فيه يصيدون أصابع أطفال غرباء
مازلنا بشراً ضعفاء
نبحث عن شوق ، لا يتعبنا كالشوق
ونحب ونكره حد الشوق
يا زهرة بيتي ، يا وطني ،
أأظل هنا حزناً مبعد !
أأظل على خرسي ، تابوت قصاصات مجهد !
لا أعرف حتى خشبي ..
لا أعرف أين سيتركني الجزر ،
وليل الماء على جرحي ...
لا أعرف كيف يمر الإنسان بدرب الدمع
لا أعرف أيأس ...
ألخضرة دبت في خشبي والمنفى
وسمعت شموعاً تتلقح في قلبي
وصراخاً أهمل أعواماً لا يغضب .. لا يبكي ..
وتواطأت مع الأيام ، نسيت ، نسيت وفاجأني .
- أنت ؟
وفي هذا الليل
أنت ! أنا لا أعرف وجهك ، لا أعرف : "أنت"
أعواماً بعدك ، ما كان لبيتي باب
أعواماً .. ألهث .. ألقاك وراء النوم ، وأنت سراب
فأنا أحببتك في زهرة بيتي ، في وطني
وسمعت شموعاً ، تتوهج في قلبي .
ولماذا بعتم لغة البيت ، وفيها "الشياح" وأهلي .. وأخي في مطر الليل !
ولماذا استأجرتم لغة أخرى !
وأبحتم وجه مدينتنا لليل !
وتركتم في الهجر حروفي
كأصابع أيتام في الشباك
كزوايا فم طفل يبكي
من أقصى الحزن أتيت
كي أغلق أبواب بيوت المهزومين
وأبشر بالإنسان ... وبالإنسان .. و "بالشياح"
وبمن لا يملك سقفاً ، سيكون له سقف ، في هذي الدنيا .. وينام .
لكن .. واخجلي من بيت مهزوم
وسيخجل من باعوا لغتي ،
فأنا مكتوب في الأرز وفي العسل الأخضر في التين
وأنا أطعم بالسكر نخلات "الكوفه"
والأطفال على رابع جسر في "العشار"
أنا لا أملك بيتاً أنزع فيه تعبي
لكني كالبرق أبشر بالأرض
وأبشر أن الأمطار ستأتي
وستغسل من لوحتنا ، كل وجوه المهزومين
وستغسل من يبحث عن خيبته .
وستغسل بالمطر الدافئ جنح النورس ،
وبيوت أحبتنا ..
والحرف الأول في لغتي .
يا زهرة بيتي ، يا وطني ، أمطرني ..
حزن بلادي فوق الماء
ماذا غير الزرقة تنمو فوق الماء .
وخضار أصابع أطفال غرقى
تنمو في الطحلب أياماً ... وتموت .
الماء طريق للغرباء ...
الماء طريقة عرسي
والزهرة .. والرشاش ..
وخبز الصمغ عشاء النجمة في الصمت ...
وعشائي ..
الماء طريق للماء
وبويت ، لا ندرس فيه
وننشف خديه إذا ابتلا ..
ونرافق فانوس النوم
من أيام يا زهرة بيتي
فارقت نعاسي
وتواطأت مع الأنهار وكل جسور الناس
إليك .. إليك ..
ونسيت
نسيت بأنك ماء في وطني .
إسمك في الليل يسيل الصمغ عن التفاح
نهر ينتاب الحر ليالي الصيف
ويواعد كل الأمطار
ويواعدني ...
الصحو يواعدني ؟
وكذبت بقلبي
كذبت كنشرة أخبار
يكذب .. يكذب .. صحوك يكذب بإستمرار
بإستمرار ..
فكأنك غربة ..
وكأنك كنت رصيفاً في الغربة
وكأنك مألوف في الغربة
وكأنك ... لا أدري ، .. غربة
بلل فيك ، كماء الليل على الأشجار
إسمك لي بيت في الليل
ونسيت ، لسرعة قلبي ، كل نوافذه مشرعة لليل
نسيت .. نسيت .. وأيقظني ..
ريح الشباك على وطني
يا وطني ، وكأنك غربة
وكأنك تبحث في قلبي عن وطن أنت
ليؤويك .
نحن اثنان بلا وطن .. يا وطني .
كالبارحة اشتقت ومرت في قلبي ،
طرقات مدينتنا .. تبكي
الدمع على أرصفتي يبكي .. يبكي
ومدينة أيامي ، باعوها ، في الساحة تبكي
يا امرأة الليل أنا رجل ، باعوا لليل مدينة أيامي
باعوني ككتاب يطبع ثانية . باعوا أحلامي
نامي ، يا امرأة الحزن ، فمن يبحث عن انسان ؟
من يعرف جندياً في هذي الغربة
من ينصت للحزن المتأخر
من يعرف وجهي في السوق ؟
يوشك زيتك يطفئني !
ما زيتك من زيت ؟
يا قمحاً يأتي
يشمس شباك البيت .
لو كنت عرفت بأنا نملك بيتاً ، خلف ظلام الدنيا
وصغارا مثلك في البيت ،
لو كنت عرفت سلاحاً
لو كنت عرفت لماذا نتعاطى الصمت وحزن الإصرار
لو كنت عرفت معسكرنا ، وقبور الماء وصوت الليل
ورأيت وجوه رفاقي التسعة قبل النار
لو كنت عرفت لماذا يسكن جوع في الأهوار
جوع وثلاثة أنهار
لو كنت عرفت الخجل المر ،
على جبهة ثوري ينهار
لعرفت الثورة
لعرفت لماذا الثورة
لعرفت بأن الثائر لا ييأس من دفع الصفر بوجه الليل
لعرفت لماذا أبحث في وجه الناس عن الإنسان
في وجهك أبحث عن إنسان .. عن إنسان ..
عن إنسان .
أبحث في طرقات مدينتكم عن وجه يعرفني
أبكي كالبوم المجروح ، على جدران الليل
والبارحة اشتقت ، ومرت في قلبي كل خرائبها..
تبكي ..
يا مدن الناس ... مدينتنا تبكي .
المنقذ يأتي ... كشموع تحت الماء
سنتان تعالم حزناً تحت الماء
سنتان نمت أسماء القتلى ، اتخذت أسماء
ونما النسيان ..
ونما للمنقذ ... درب وصليب من أشنات خضراء
حزين قلبي للمنقذ .
مثل كتاب الأحزان
مثل كتابات الريح
مثل رثاء النصر ، إذا ساوم قلب القائد
وحزين قلبي ...
كحديث العمر الذاهب ،
للمنقذ ..
في طرقات مدينتكم ، حقرتم حزني ..
القبر بليل مدينتكم ، أكثر أفراحاً
وأنا من أقصى الحزن أتيت أبشر
بالإنسان وبالمنقذ
وأخاف على أيام مدينتكم منكم
من لغة أخرى ..
في الطرقات المشبوهة بالإنسان ، وزهر الصبر ، اتسخت روحي
يا منقذ .. واتسخت روحي
وتعذب حتى وسخي ...
عانيت ، لأنك تعرفني في الغربه ..
عانيت ، لأنك في ثقة متعبة ، كالشك
وتعاملت مع الغربة .
عانيت .. وماذا تدري ؟
ولماذا تدري ؟
بالأمس ، ذهبت ..
على وجهك حزن الأسماك
وسألت ... سألت ...
وعنك سألت الصيادين ،
سألت لماذا لا تدري ؟
وحملت صليبك : لا تتركني في النسيان
لا تتركني ، فالشك سيقتل في الإنسان
لا تتركني ، أفلست المنقذ ؟
أفلست رفيق المتسخين
ولأجل صليبك ، أورق في الليل ،
على الأبواب
لا تتركني ، فأنا وحدي ،
والناس هنا في غربه .
مظفر النواب
انني أحمل قلبي كبرتقالة
مضى الموسم ولم تنضج ،
وأعطت زهر البرتقال
، وفيها رائحة شمس البارحة .
الى أحمد صديقاً من الشياح
في مقهى الزيتونة ، شباك للغرباء
تبكي الموجة فيه
أهلي فيه
ورجال فيه يصيدون أصابع أطفال غرباء
مازلنا بشراً ضعفاء
نبحث عن شوق ، لا يتعبنا كالشوق
ونحب ونكره حد الشوق
يا زهرة بيتي ، يا وطني ،
أأظل هنا حزناً مبعد !
أأظل على خرسي ، تابوت قصاصات مجهد !
لا أعرف حتى خشبي ..
لا أعرف أين سيتركني الجزر ،
وليل الماء على جرحي ...
لا أعرف كيف يمر الإنسان بدرب الدمع
لا أعرف أيأس ...
ألخضرة دبت في خشبي والمنفى
وسمعت شموعاً تتلقح في قلبي
وصراخاً أهمل أعواماً لا يغضب .. لا يبكي ..
وتواطأت مع الأيام ، نسيت ، نسيت وفاجأني .
- أنت ؟
وفي هذا الليل
أنت ! أنا لا أعرف وجهك ، لا أعرف : "أنت"
أعواماً بعدك ، ما كان لبيتي باب
أعواماً .. ألهث .. ألقاك وراء النوم ، وأنت سراب
فأنا أحببتك في زهرة بيتي ، في وطني
وسمعت شموعاً ، تتوهج في قلبي .
ولماذا بعتم لغة البيت ، وفيها "الشياح" وأهلي .. وأخي في مطر الليل !
ولماذا استأجرتم لغة أخرى !
وأبحتم وجه مدينتنا لليل !
وتركتم في الهجر حروفي
كأصابع أيتام في الشباك
كزوايا فم طفل يبكي
من أقصى الحزن أتيت
كي أغلق أبواب بيوت المهزومين
وأبشر بالإنسان ... وبالإنسان .. و "بالشياح"
وبمن لا يملك سقفاً ، سيكون له سقف ، في هذي الدنيا .. وينام .
لكن .. واخجلي من بيت مهزوم
وسيخجل من باعوا لغتي ،
فأنا مكتوب في الأرز وفي العسل الأخضر في التين
وأنا أطعم بالسكر نخلات "الكوفه"
والأطفال على رابع جسر في "العشار"
أنا لا أملك بيتاً أنزع فيه تعبي
لكني كالبرق أبشر بالأرض
وأبشر أن الأمطار ستأتي
وستغسل من لوحتنا ، كل وجوه المهزومين
وستغسل من يبحث عن خيبته .
وستغسل بالمطر الدافئ جنح النورس ،
وبيوت أحبتنا ..
والحرف الأول في لغتي .
يا زهرة بيتي ، يا وطني ، أمطرني ..
حزن بلادي فوق الماء
ماذا غير الزرقة تنمو فوق الماء .
وخضار أصابع أطفال غرقى
تنمو في الطحلب أياماً ... وتموت .
الماء طريق للغرباء ...
الماء طريقة عرسي
والزهرة .. والرشاش ..
وخبز الصمغ عشاء النجمة في الصمت ...
وعشائي ..
الماء طريق للماء
وبويت ، لا ندرس فيه
وننشف خديه إذا ابتلا ..
ونرافق فانوس النوم
من أيام يا زهرة بيتي
فارقت نعاسي
وتواطأت مع الأنهار وكل جسور الناس
إليك .. إليك ..
ونسيت
نسيت بأنك ماء في وطني .
إسمك في الليل يسيل الصمغ عن التفاح
نهر ينتاب الحر ليالي الصيف
ويواعد كل الأمطار
ويواعدني ...
الصحو يواعدني ؟
وكذبت بقلبي
كذبت كنشرة أخبار
يكذب .. يكذب .. صحوك يكذب بإستمرار
بإستمرار ..
فكأنك غربة ..
وكأنك كنت رصيفاً في الغربة
وكأنك مألوف في الغربة
وكأنك ... لا أدري ، .. غربة
بلل فيك ، كماء الليل على الأشجار
إسمك لي بيت في الليل
ونسيت ، لسرعة قلبي ، كل نوافذه مشرعة لليل
نسيت .. نسيت .. وأيقظني ..
ريح الشباك على وطني
يا وطني ، وكأنك غربة
وكأنك تبحث في قلبي عن وطن أنت
ليؤويك .
نحن اثنان بلا وطن .. يا وطني .
كالبارحة اشتقت ومرت في قلبي ،
طرقات مدينتنا .. تبكي
الدمع على أرصفتي يبكي .. يبكي
ومدينة أيامي ، باعوها ، في الساحة تبكي
يا امرأة الليل أنا رجل ، باعوا لليل مدينة أيامي
باعوني ككتاب يطبع ثانية . باعوا أحلامي
نامي ، يا امرأة الحزن ، فمن يبحث عن انسان ؟
من يعرف جندياً في هذي الغربة
من ينصت للحزن المتأخر
من يعرف وجهي في السوق ؟
يوشك زيتك يطفئني !
ما زيتك من زيت ؟
يا قمحاً يأتي
يشمس شباك البيت .
لو كنت عرفت بأنا نملك بيتاً ، خلف ظلام الدنيا
وصغارا مثلك في البيت ،
لو كنت عرفت سلاحاً
لو كنت عرفت لماذا نتعاطى الصمت وحزن الإصرار
لو كنت عرفت معسكرنا ، وقبور الماء وصوت الليل
ورأيت وجوه رفاقي التسعة قبل النار
لو كنت عرفت لماذا يسكن جوع في الأهوار
جوع وثلاثة أنهار
لو كنت عرفت الخجل المر ،
على جبهة ثوري ينهار
لعرفت الثورة
لعرفت لماذا الثورة
لعرفت بأن الثائر لا ييأس من دفع الصفر بوجه الليل
لعرفت لماذا أبحث في وجه الناس عن الإنسان
في وجهك أبحث عن إنسان .. عن إنسان ..
عن إنسان .
أبحث في طرقات مدينتكم عن وجه يعرفني
أبكي كالبوم المجروح ، على جدران الليل
والبارحة اشتقت ، ومرت في قلبي كل خرائبها..
تبكي ..
يا مدن الناس ... مدينتنا تبكي .
المنقذ يأتي ... كشموع تحت الماء
سنتان تعالم حزناً تحت الماء
سنتان نمت أسماء القتلى ، اتخذت أسماء
ونما النسيان ..
ونما للمنقذ ... درب وصليب من أشنات خضراء
حزين قلبي للمنقذ .
مثل كتاب الأحزان
مثل كتابات الريح
مثل رثاء النصر ، إذا ساوم قلب القائد
وحزين قلبي ...
كحديث العمر الذاهب ،
للمنقذ ..
في طرقات مدينتكم ، حقرتم حزني ..
القبر بليل مدينتكم ، أكثر أفراحاً
وأنا من أقصى الحزن أتيت أبشر
بالإنسان وبالمنقذ
وأخاف على أيام مدينتكم منكم
من لغة أخرى ..
في الطرقات المشبوهة بالإنسان ، وزهر الصبر ، اتسخت روحي
يا منقذ .. واتسخت روحي
وتعذب حتى وسخي ...
عانيت ، لأنك تعرفني في الغربه ..
عانيت ، لأنك في ثقة متعبة ، كالشك
وتعاملت مع الغربة .
عانيت .. وماذا تدري ؟
ولماذا تدري ؟
بالأمس ، ذهبت ..
على وجهك حزن الأسماك
وسألت ... سألت ...
وعنك سألت الصيادين ،
سألت لماذا لا تدري ؟
وحملت صليبك : لا تتركني في النسيان
لا تتركني ، فالشك سيقتل في الإنسان
لا تتركني ، أفلست المنقذ ؟
أفلست رفيق المتسخين
ولأجل صليبك ، أورق في الليل ،
على الأبواب
لا تتركني ، فأنا وحدي ،
والناس هنا في غربه .