المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آخر القلاع



رزاق الجزائري
21/05/2006, 05:46 PM
انهار النظام البعثي في العراق وظلت سوريا تراقب عن بعد انهياره حيث بدات تعد العدة للمواجهة المحتومة مع الولايات المتحدة التي ترغب بازالة أي عقيدة تواجه الحلم الامريكي الاسرائيلي *مشروع الشرق الاوسط الكبير *فهل ستسطيع الولايات المتحدة اجتثاث آخر قلاع القومية من المنطقة ؟
فقد بدا دعاة القومية في سوريا رحلتهم في المجتمع العربي منذ بداية القرن الماضي عندما واجهوا حركة التتريك التي كان يقوم بها العثمانيون من خلال* جمعية الترقي* التي كانت تسعى لتتريك المجتمع العربي و كانت افكارهم غير مهيكلة بشكل جيد الى ان جاء المفكر * زكي الارنوزي * محاولا وضع اسس مواجهة التتريك من خلال عقيدة القومية العربية . لكن الفكرة لم تتبلور بشكل جيد الا في الاربعينيات من خلال افكار * ميشيل عفلق المسيحي الارتذوكسي وصلاح الدين البيطار المسلم السني * خريجي السربون المشبعين بافكار الثورة الفرنسية. و كانت هناك شخصيات سورية مختلفة تسعى الى لعب دور في المجتمع بعد التحرر من الاستعمار الفرنسي الذي اندحر عن سوريا عام 45 .و برز* اكرم الحوراني* الشخصية الكاريزمية و الذي كان ينشط في اوساط الاقليات المذهبية الاسماعيلية و العلوية و المرشدية و المسيحية و دفع ابناء الاقليات الى الالتحاق بالجيش الذي كان حكرا على الاكثرية السنية و اسس * الحزب الاشتراكي العربي *عام1938 .و في موازاة الحوراني قام عفلق و البيطار بتاسيس حزب البعث عام 1947 و كانت انذاك الافكار الاشتراكية تغزو الشرق الاوسط خاصة في الاوساط الفلسطينية كالحزب الشيوعي الفلسطيني فكان هناك تواصل بينهم و بين القوميين السوريين .
بدات افكار البعث تتوضح و بدات رآه القوميه في النضوج و استطاع النشاط بقوة في الساحة ا خاصة الجيش و الجامعة و المدارس و انتشر في شرائح المجتمع السوري المختلفة الى ان جاءت النكبة عام 48 حيث قاتل البعثيون ضد اليهود لكن الهزيمة كانت مؤلمة اصابتهم باحباط كبير عمدوا بعدها الى اعتماد استراتيجية اخرى و توححدوا مع حزب الحوراني عام 52تحت اسم * حزب البعث العربي الاشتراكي * تحت شعا ر وحدة حرية اشتراكية**و قاموا بزرع خلايا في فلسطين و استطاعت هاته الخلايا ان تنتج شخصيات فلسطينية وطنية ذات باع مثل * فاروق القدومي.ابو اللطف. و صبري البنا *ابو نضال . ثم جاء الضباط الاحرار في مصر ليعطوا للبعث دعما قويا لم يكن في الحسبان خاصة مع قدوم جمال عبد الناصر الذي رفع راية القومية التي نادوا بها و مع هذا المد القومي الناصري كان التقارب الشديد بين دمشق و القاهرة ووصل هذا التقارب ذروته باعلان الوحدة بين البلدين عام 58 فوجد البعثيون ان لا اهمية لاستمرارهم فحلو الحزب لكن سرعان ما انهارت الوحدة بعد ثلاث سنوات حين قامت حركة انفصالية في سوريا من طرف عدد من الضباط لتقضي على الوحدة عام 61.ثم عاد البعث من جديد يلم شتاته و بدا ينشط سريا الى ان سيطر على الحكم عام 1963 ووقعت خلافات بين اقطابه فهرب مؤسسا الحزب بعد تخوينهما عفلق الى الارجنتين و البيطار الى فرنسا و سيطر التيار اليساري او مجموعة23 شباط ذات التوجه الماركسي الى ان جاءت هزيمة 67 لتفجر الحزب من جديد باتهام وزير الدفاع آنذاك * حافظ الاسد * بالتفريط في الجولان ثم احداث ايلول الاسود و تدخل الجيش السوري لمساعدة الفلسطينيين و تراجعه تحت تهديد سلاح الجو الاسرائيلي و لم تمضي على احداث سبتمبر الاسود شهران حتى سيطرت مجموعة بقيادة حافظ الاسد و اخيه رفعت الاسد و عبد الحليم خدام على السلطة في 16 نوفمبر عام 1970 بانقلاب سموه الحركة التصحيحية و بدا منذ ذلك تاريخ بعثي جديد حيث سيطر الاسد على الحكم ختى عام 1999 و امتاز حكمه بهزات عديدة استطاع الافلات منها بدهاء و خلفه بعده ابنه الدكتور بشار بتركة ثقيلة فامريكا بعد غزو العراق و دك قلعة البعث فيه عينها على سوريا فالضغط عليها في اوجه و الاتهامات الامريكية تكال لها بالقنطار بدعم ما تسميه الارهاب الفلسطيني و العراقي و دفعتها الى خروج قواتها من لبنان مستغلة اغتيال الحرير كحصان طروادة و دعم بعض اللبنانيين ثم تطاول الدولة العبرية على سوريا وضربها في العمق و بقيت دمشق دوما في موضع الدفاع عن النفس مما دفعها الى تبني تحولات لكنها ليست كافية لتحديد انطلاقة حقيقية في المجتمع السوري كإطلاق سراح المعتقلين السياسيين و الحرية في تأسيس أحزاب و تحرير الاقتصاد من المركزية و هو ما يعني التنازل عن شعارات البعث ومع استمرار الضغط فان سوريا مجبرة على ذلك .
و كملاحظة يمكننا القول ان منظري الفكر القومي العربي جلهم ينتمون الى اقليات دينية مثل العلوين الذين حكموا سوريا منذ 1970 و حتى الان و من قبلهم الدروز و الاسماعليون و ان هؤلاء حملوا أفكارهم من الغرب وأقاموا التحالفات مع أقليات أخرى ففي العراق مثلا حكمت الأقلية السنية في مقابل الأغلبية الشيعية و تحالفت مع الاقليات الاخرى من المسيحيين و غيرهم مما ميز الحكم بالطائفية فبقيت الفكرة القومية حبيسة محيطها .كما ان امتطاء أي فكرة هو بدافع السيطرة و الحكم مما لا يتبرأ منه البعثيون. كما ان الانظمة التي ركبت شعار القومية كانت أنظمة شمولية ستالينية اعتمدت القمع و التدمير الممنهج لخنق و قتل قدرات شعوبها في اسمى ما يملكون و هي الحرية .فالتجربة القومية في العالم العربي تعيش مخاضها الأخير بعد تعرض مشروعها الى ضربات متتالية و عقبات داخلية و خارجية كانت اكبر من الطموح و المشروع وجاءت الولايات المتحدة اخيرا لدك هاته العقيدة في العراق و بقيت القلعة الأخيرة سوريا تحاول جاهدة التأقلم مع الوضع الجديد و تحاول تكييف الفكر البعثي الذي بقي جامدا و حبيس أصحاب السلطة مع التغيرات الإجبارية .فالقوميون الان ينظرون الى فشل مشروعهم بعد تعرضهم لخيبات كبيرة فالسلطة و السعي إليها يلغي الكثير من عقيدة الفكرة التي تختلف مع ممارستها ميدانيا مما يجعلها حبيسة اهواء و تطلعات شخصية ما ميز الانظمة القومية اضافة الى ان ممارسي السلطة انكروا مؤسسي الفكرة مما جعلها يتيمة .ويمكن تشبيهها بالفكر الاشتراكي الذي سقط بسقوط جدار برلين و التي كانت الانظمة القومية في الوطن العربي مشابهة له و معتمدة عليه فسقوطها كان محتوما من البداية بسقوطه لكنها ظلت تناضل و لو على حساب شعوبها المنهكة فهل سنشهد سقوط آخر قلاع القومية على الطريقة العراقية ام تغيرا في المنهج و الأسلوب لما يستحقه الشعب السوري الشقيق بدون التفريط في الثوابت و الحقوق فسوريا دولة قوية و الشعب السوري شعب دو وعي عال اثبت قدرته و تماسكه في أحلك الظروف و كما يقول عالم الاجتماعيات الشهير *ألان توران * ان الانتقال الديمقراطي يتطلب الدولة القوية التي تحمي القانون من تجاوز السلطات و تحفظ الشعب. و كل هاته العوامل تنطبق على الدولة السورية .
ملاحظة
هده المقدمةغالبية مراجعها التاريخية من الانترنيت اتمنى التصحيح في حالة وجود غلط في التاريخ او الشخصيات من الاخوة.
للنقاش
هل تعتبر فشل المشروع القومي في الفكرة او في التطبيق.