المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الــقـــصّـــــة الــظــلـــيــلــــــة



طارق شفيق حقي
19/05/2006, 11:18 PM
محمد محمد البقاش


الــقـــصّـــــة الــظــلـــيــلــــــة


( تقنية الكتابة )


ظهرت القصة الظليلة في المدينة الولود طنجة ، ولا غرابة . فشمس المغرب جارة طريفة مدينة مبدعة . ومن أراد أن يكون مبدعـا فعلا ، فعليه أن ينتسب إليها ، أن يستوطنها ، أو يحبها ، ويحب أهلها . لقد شهدت طنجة ميلاد هذا الجنس الأدبي بتاريخ 15 أبريل سنة 2004 م .
القصة الظليلة ظهرت لإنعاش الإشفاق على ( الكتاب ) و ( الشعراء ) و ( المبدعين ) الذين يتهمون الشعر القديم في نفسه ولا يتهمون ذاتهم فيه ، فبدل أن يهتدوا إلى قصورهم في فهم الشعر القديم وتذوقه ، يتهمون الشعراء الذين ينحون نحو الأقدمين في اعتماد علم العروض ، واعتماد اللغة العربية ( القديمة ) باستعمالهم لغة لم تعد مطروقة الآن ، وشكلا شعريا تقليديا لم يعد يغري ، الشيء الذي يعقد فهم الناس للشعر القديم والجديد الذي يسير على منواله ، ويحول بينهم وبين الاستمتاع بشعرنا القديم ، و ( الجديد ) ، ثم إنهم حين يتناولون المقامات لبديع الزمان الهمداني والحريري مثلا يمتعضون منها ، وإذا سألتهم عن مضامين المقامات وأسلوب كتابتها والتفنن في اللغة المكتوبة بها ، يجيبونك إجابة تنم عن ضعف شديد في فهم اللغة ، ومن لا يفهم اللغة كأداة للذوق ووسيلة للفهم حقيق أن لا يفهم ما تنطوي عليه من إبداع ، ثم إن هناك الكثير منهم يقع ضحية مخطط يرمي إلى ضرب العربية ، والغريب في الأمر أن جميع مستعملي القلم في العالم العربي ، وجميع من يكتب بالغة العربية حتى أولئك الحقدة يستعملون نفس لغة المقامات ونفس لغة القرآن والسنة مع هجران طفيف لبعض عشرات المفردات .. وهي لغة مطروقة في الكتابات منذ ظهور القرآن والسنة إلى يومنا هذا ، ومن هنا كانت القصة الظليلة من جهة أخرى محاولة لحمل القراء الذين لا يتذوقون الشعر القديم أن يقر أوه ناطقا في السرد الممدري ، يقرأونه في قالب نثري قصصي ممدري هو القصة الظليلة لعل قراءتهم له فيها تجدد الحياة في ذوقهم الميت ، فتحملهم على تذوقه .
القصة الظليلة إبداع ظليل . وهي قصة مستوحاة من قصيدة شعرية منسوبة للحطيئة . هذه القصيدة تتضمن سردا ووصفا ، وعقدة وحلا ، وبداية ونهاية .. بها عناصر صالحة لبناء القصة القصيرة ، والقصة الطويلة ، والرواية ..
القصة الظليلة تأخذ اسمها من الظل ، فهي قصة تحمل ظل قصيدة شعرية لصاحبها جرول بن أوس الملقب بالحطيئة ، ولولا هذه القصيدة السردية لما كانت هذه القصة ، إنها مقتبسة منها . وبما أنها كذلك ، فإن ذلك يعني وجود سابق ومسبوق .
إن عناصرها موجودة في قصيدة الحطيئة ، وهذا هو الذي أوجد صلة بينهما ، وهو الذي أعتبره ظلا للقصة القصيرة ، فكانت القصة ظليلتها ، أي ظليلة القصيدة .
وإذن فكل قصة تقتبس من قطعة شعرية ، أو قصيدة ، تقتبس من بيت شعري ، أو بيتين ، أو أكثر ، يطلق عليها القصة الظليلة . وهذه القصة لا تصلح مثلا فيما يسمى بالشعر الحر ، وقصيدة النثر ، أو الشعر المنثور ، والنثر المشعور ، والنثيرة ، أو ما إلى ذلك . لا تبنى القصة الظليلة إلا بالشعر الملتزم بعلم العروض ، بالشعر الذي يسمى شعرا ، ولا خلاف عليه .
وإذا تم تجاوز ذلك ، وأريد خلق القصة الظليلة في الشعر الحر ، وقصيدة النثر ، أو غيرهما ، فإن ذلك لا يستقيم ، لأنه يكون كتابة نثر بنثر مثله ، وهو قبيح ، إلا إذا أريد به كتابة نثر فني مقتبس من نثر فني آخر ، فهذا لا بأس به ، ولكنه لا يعطينا قصة ظليلة ، قد يعطينا جنسا أدبيا جديدا يستوعبه الأدب الممدري ، جنسا أدبيا يحتاج إلى اسم أنا لست معنيا به الآن ، لأنه ليس من بنات أفكاري .
ظهر لي أثناء قراءتي لقصيدة الحطيئة : ( وطاوي ثلاث ) أن أكتبها قصة ، وأن ألتزم بشيء مما جاء فيها قل ، أو كثر ، مع إضافات جديدة من صنع الخيال ، وكان ذلك أيضا مدعاة لخلق تقنية جديدة . فالقصة الظليلة قصة تحمل ملامح ومواصفات وشروط لا يصح تجاوزها .
إنها من جنس الأدب الممدري ، وإلا فليست هي بالقصة الظليلة .
وشروط كتابتها هي :

أولا : أن تكون القطعة والقصيدة ، أو البيت الشعري والبيتين ، يتضمنان سردا .
ثانيا : أن يلتزم القاص ، والروائي بشيء مما جاء في الشعر ، قل أو كثر .
ثالثا : أن يتم توقيعها من طرف مؤلفين اثنين هما : الشاعر ، والقاص . أو الشاعر ، والروائي .


هذه هي التقنية التي ظهرت في القصة الظليلة ، وهي جنس أدبي جديد سيمتعنا به القاص ، والروائي . سيعمد القاص والروائي إلى اعتماد هذه التقنية لكتابة قصة ظليلة ، ورواية ظليلة ، سيعمد إلى قصائد سردية رائعة ، وما أكثرها ، للاقتباس منها .
وفي النهاية نستمتع بقصص وروايات ظليلة يشترك فيها مؤلفان اثنان ، شاعر ، وقاص . أو شاعر وروائي . سنستمتع بنصوص سردية رائعة قد كتب تحتها اسمان ، واحد للشاعر صاحب القصيدة الشعرية ، والقطعة ، أو البيت من الشعر والبيتين الذين تم الاقتباس منهـما ، والثاني للقاص ، والروائي الذي بنى قصته وروايته بشيء اختاره من الشعر السردي . ستكتحل أعيننا برواية ، أو قصة قد كتب تحتها :

محمـد محمـد البقــاش محمـد محمـد البقـاش …………….... …………... ………......... م
جرول بن أوس{ الحطيئة } عبد الله بن عمر العرجي أبو الطيب المتنـبي أحمد شوقي أبو فراس الحمداني


الأفق البدين( قصة ظليلة )


لا يمل السراب الرقص فوقها . يداعب الأسباب والأوتاد ويستمع لعزف الرياح عليها . تخترقه العين ، ثم ترتد على آثارها قصصا . لا ترضى لونا بديلا عن بقرة موسى .
قلب خيمة تجلس أسرة يجلدها الجوع جلدا . تشارف أرواحهم التراقي . يتخمون من جلادهم ، ثم يعتصون على الطوى .
أسرة هاج اشتياقها للطعام المهاجر . الفقر جرم مقايم يؤزهم أزا ، يحاور الأب والابن والزوج . لا يناظرهم ، ( شوبهم ) يغالبهم رغم نذالته ووضاعته ، رغم جبنه وغباوته ، بين الحين والآخر يقدم كلبهم فيشاغر عليه ، وعلى الجرم ، ويسقيهما عطرا .
السماء فوقهم ظليلة بلهيبها . والأرض تحتهم ساكنة بنارها . شظف عيشهم ردف قناعتهم . يتقاسمون الفاقة ، ولا يملون المداولة ..
بدن الأفق فأطلق وليده . قدم مدفوعا بأنزيمات هائجة كأن بينها وبين أنزيمات الخيمة قرابة . وانتصب الشبح كما ينتصب لص الشعوب في واشنطن ، عندها وقف ابن أبيه ، وركض حافيا نحوه يريد خطف ما جنه ، ثم توجه إلى أبيه يقول :
- لا تغتم يا أبت .
فرد عليه أبوه :
- كيف ، وهذا ضيف ولا قرى ؟
- يا أبت اذبحني ، ويسر له طعما .
- لا ، سأعتذر بالعدم .
- إذن يظن لنا مالا فيوسعنا ذما .
أصبحت حيرتهم كخلايا الدم تطرق الجسم كله بما تحمله من أسى وأسف . بات العربي بخيلا بفقره وعوزه ، صار الكريم لئيما ، واللئيم كريما ..
نادى جرول على ابنه قبل حضور الضيف ، وكان قد حفر حفرة وسيعة انطرح فيها وهو يقول له :
- عجل يا بني وئدني ، فسيتجاوز عنك ضيفك لصغرك ، ولا يتهمك بالبخل .
التراب يلقى على المنطرح في الحفيرة . الضيف يقترب . الابن يسرع في غيار والده خشية العار . الأم تتخاذل ، وتثبط همة ولدها . الطفل لا يبالي . ولما لم يغض أباه في الأرض ، وكان الضيف قد وقف على القبر ، وشمر عن ساعديه لمساعدة الطفل على دفن قريبه ، خاطبته زوج جرول قائلة : " إن زوجي سليم من أفعى ، ويعتقد في شفائه بالطمر " ، عندها أبدى الضيف معرفته بالشفاء ، ورغبهم في خبرته ، فترجته الأم ، ثم أخرج الضيف جرول من قبره ، وطرحه على بطنـه ، واهتم بثقبين أحدثتهما زوجة جرول توكيدا لصدقها ، وتمويها لنابي الأفعى ، فشرع الرجل يجرح موضع اللدغ في رجل جرول ويعصرها ، ويمتص الدم الملوث بفمه ..
أضحى جرول ساعتها تحت سلطان الألم من زوجه ، وضيفه ، وسلطان العار من فقره وحاجته . كان تحتهما يلقي بنظره في الأفق البعيد ، ويتأمل أشباحا أخرى ظهرت له لتزيده ألما وغما ، لم يكن يتصور غير ضيوف أخر يقصدون خيمته ، ولكنه حين تبين أدرك أنها حمر وحشية تقصد مستنقعا قريبا من خيمته .
تحرر من يد الطبيب الضيف ، ونهض مندفعا نحو قوسه وكنانته ، وجرى خلفها .
أدرك جرول الفرائس وهي تنهل من ماء المستنقع . رأى حمرا لا تبالي ، لو كانت إلى جانب أسد تشاركها منهلها لما نفرت ، حمر عطاشى قد أدركت رواءها بعد عناء .
انتظر جرول فرائسه حتى ترتوي ، وتأخذ نفسها ، وحين اطمأن إلى ارتوائها سدد سهما من كنانته إلى السمينة منها فأصابها .
أقبل على فريسته وهي تفحص برجلها حتى وقف عليها باشا قد ذهبت حيرته ، وزالت حسرته ..
جر صيده وقد أرهقه اكتنازها ، وأعياه اعتثارها ..
باتوا كراما قد قضوا حق ضيفهم ، فلم يغرموا غرما ، وقد غنموا غنما ..
بات أبوهم من بشاشته أبا لضيفهم ، والأم من بشرها أما .

محمـد محمـد البقـاش
جرول بن أوس ( الحطيئة )

القصيدة التي تم الاقتباس منها :

وطاوي ثلاث

وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل ببيداء لم يعرف بها ساكن رسمـا
أخي جفوة فيه الأنس وحشة يرى البؤس فيها من شراسة نعمى
تفرد في شعب عجوزا إزاءهــا ثلاثة أشباح تخالهم بهمــــا
حفاة عراة ما اغتدوا خبز ملــة ولا عرفوا للبر مذ خلقوا طعمــا
رأى شبحا وسط الظلام فراعـه فلما رأى ضيفا تشمر واهتمـــا
وقال هيا رباه ضيف ولا قـرى بحقك لا تحرمه الليلة اللحمـــا
وقال ابنه لما رآه بحيــــرة أيا أبت اذبحني ويسر له طعمـــا
ولا تعتذر بالعدم عل الذي طرا يظن لنا مالا فيوسعنا ذمـــــا
فبينا هم عنت على البعد عانـة قد انتظمت من خلف مسحلها نظما
عطاشا تريد الماء فانساب نحوها على أنه منه إلى دمها أظمــــا
فأمهلها حتى تروت عطاشهـا وسدد فيها من كنانته سهمـــا
فخرت نحوص ذات جحش سمينة قد اكتنزت لحما وطبقت شحمــا
فيا بشره إذ جرها نحو قومــه ويا بشرهم لما رأوا كلمها يدمــى
وباتوا كراما قد قضوا حق ضيفهم قلم يغرموا غرما وقد غنموا غنمـا
وبات أبوهم من بشاشته أبــا لضيفهم والأم من بشرها أمـــا .
الشاعر : جرول بن أوس ( الحطيئة ) .

أضاعوني وأي فتى أضاعوا !
(قصة ظليلة )


طرق على الأرض كطرق النجوم . بعثرة للثرى ، وإثارة للغبار . عند جبال شهدت ميلاد الرجال ، نبت فيها العز وساح كالماء المدرار ، وطئها رجال وأي رجال !
منقادا مهانا يلاحق أنينه الناس . يداه مصبوغتان بعرق مستقطر من وجنة بدوية جميلة . يسير جنبا إلى صاحبه وليلاه غير جزعة لجهلها من مصابه . يهبط في مكة وقدماه لا تسعفانه لثقل الحديد عليهما .
يصطحبه طيف دمشق وبغداد . يقتادونه في يوم مهرجاني . يسوقونه إلى المقصلة كما قد يبدو ، لربما ..
وهو غائر في الزقاق الأنوف ، ألقى إلى صديقه يقول :
- هؤلاء الناس شماتون .
فرد عليه :
- لقد شببت بأم والي مكة وأخته وزوجته ، فهل كنت ترجو ثناء على تشبيبك ؟
ظل عبد الله يجرر في أغلاله كل يوم . يرفع مظلمته إلى الله . يبدو في عين الوالي ظالما ، وفي عين ليلاه مظلوما متخلا عنه . يصبر ، ويصابر . يرجو النجاة ، ويعد بالشكر إن هو نجا .
اقتادوه إلى سجن أبو غريب ، ورموا به فيه . نكر سجانيه المخنثـين . نكر " كوكتيل " جنود لا يعرف لهم أب ، أبناء زنى مستأسدين . يفزعون لمشاغبة فأرة صبية . تنطوي صدورهم على جبن يتخفى خلف أسلحتهم . يعكسون صليبية رئيسهم ، وروعة ساديته ، مرهابون جبناء لولا السلاح .
أقام العرجي بينهم في سجن أبو غريب غير مصدق لما يجد . يتشكك ، ويتشكك ، ثم ما لبث أن تبين ، عندها خاطبه لقيط لقيطة قائلا : " استدر إلى الخلف ، ولا تمدن عينيك إلى العلى . هنا في العراق تحلو الفرجة ، فتفرج ، تفرج .. " .
ساقوا أمامه امرأة معصوبة العينين ، ومكبلة اليدين ، يضعون الحبل على عنقها ويجرونها . توسطوا الساحة تحت شمس شاهدة أنينة . حملوها كيوم ولدتها أمها على السجود لهم . هددوها بالقتل إن هي رفعت رأسها دون إذن منهم . أخذ بيل يوشم على سوأتها رمز النصر ، وعلم أمريكا ، وإسرائيل ، وعلى الإلية الأخرى كتب : " المسلمون والعرب لا يستحقون الحياة " .
التفت العرجي إلى تجمع ثان ، به أم مع وليدها ، بأيديهم سكاكين يقطعون بها أجزاء من لحم الصبي ، يتصايح ممعانا من شدة الألم ، ولا يتخلص من فظاعته إلا بالإغماء . ترتفع عندها نشوة اللذة ، فيثمل لها الجنود بغير ويسكي ولا جعة ، يتمايلون حبورا لا يرقأ له دمع الفرح ، ولا دم القـرح ، يضعون اللحم النيئ في فم الأم ، ويدفعونه بمقدمة بنادقهم ممعنين في إيصاله إلى الحلق حتى ينزل إلى المعدة ، يطعمونها لحم وليدها ، فتبتلعه رغما عنها .
في الجانب القصي للساحة امرأة يحفر في جسدها جندي صورة أمه إيلينا .
جيء بسجناء محكومين بالإعدام رميا بالرصاص ، مع سجانيهم إذن كتابي من رئيسهم يسمح لهم بالعبث بالسجناء العراة ، والسجينات العاريات قبل إعدامهم . لاحقتهم صور المتعة ، ثم ما لبث أن تمثلت ..
انحدروا إلى الماضي يستقدمون لذاذة استلهموها من أجدادهم ، لا تفارقهم صور العبيد وهي تصارع الأسود في الساحات المسيجة ، ولا صور الملوك وهي منتشية بالفرجة على القتل والدم . يسعون للتفوق على ( غود فيري ) وقد انتصب طيفه يخاطبهم قائلا : " في سبعة أيام قتلت سبعين ألف مسلم أعزل في القدس حتى خاضت الخيول في الدم إلى الركب " فهيا اصنعوا بحرا من دم العرب والمسلمين وجدفوا فيه . غار الطيف ، يزاحمه على الموقع طيف آخر لنيقولا الرابع يقول لهم : " إن الغدر إثم ، ولكن الوفاء مع المسلمين أكبر إثما " .
اختار جون سجينا كهلا . فشل في تحقيق حلمه المدرسي . تمنى أن يكون جراحا فلم يكنه ، ولكنه يحاول ، أخرج سكينه ، وشق صدر الكهل وهو مكبل اليدين ، ثم أدخل كفه فيه فأخرج القلب منه ، اهتز السجين من ألم القطع ، ثم صعق من قلع قلبه من جوفه وسط دماء فوارة .
اختار إيدن امرأة عجوزا . اعتقلوها بتهمة إيواء إرهابيين ، والتستر عليهم ، جرها إيدن من ضفيرتها المهترئة ، ثم طرحها على سدة إسمنتية ، وشرع يتلهى بأعضائها التناسلية ، لم تشفع لها شيبتها ، ولا شكل ظهرها الهلالي ، وحين شبع من عبثه الحداثي ، حم قضيبا حديديا حتى احمر ، ثم أدخله في دبرها بعد أن حملها على هيئة تبدو بها جالسة عليه ، فخرت للتو صريعة .
اصطفى أنطوني من بين السجينات شابة في الشهر السادس من حملها ، ساقها إلى حوض ، وغوصها فيه حتى اختنقت ، شاركه متعته بيتر ، ومايك ، ورونالد ، تأذى لقهقهاتهم سماع كوكب البكوك ، ولم تحرك في شعب بلاد العم سام ساكنا . أخرجها من حوضها وشرع يتسمع إلى بطنها ، وكان جنينها لا يزال حيا ، استخرجه مصياحا يسمعه رفات القيصر ، ثم جرى به إلى الساحة العارية ، ووضعه أرضا ، وتراجع إلى الخلف بضعة أمتار ، ثم ركض واثقا كرونالدو وقذف به حتى ارتطم بحائط السجن ، وهو يصيح من الغبطة : كوللللل " .
نتق قلب العرجي وعقله للمشاهد . سكن مدماعا للدم والحسرة . هاج وتزلزل . تحسر على ما جرى ، ويشفق عما سيجري . لم يحرك لرفع الذل والهوان ساكنا . تذكر أنه يرزح تحت أغلاله . يود لو يتحرر منها بإذن من الخليفة .
أرسل في أمته نذيرا . يحثها على إنبات قائدها المخلص . يبشر بأنه عملاق وصيحة ، بركان وزلزال ، ولكنه أسير حسير ، يود الفتك بالأعداء ، وتحرير البشرية من الطغيان الهرقلي ، ولكنه يتقلب في أغلاله ، فأنشد يقول :

أضاعون وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغــر
وخلوني لمعترك المنايـا وقد شرعت أسنتها لنحري .

محمــد محمــد البقــاش
عبد الله بن عمر العرجي

تم الاقتباس من قصيدة شعرية وقطعة للشاعر العرجي وهي :

يا ليت ليلى

يا ليت ليلى رأتنا غير جازعــة لما هبطنا جميعا أبطح الســوق
وكشرنا – وكبول القين تنكبنـا - كالأسد تكشـر عن أنيابها الروق
نمشي ، يفوت مخف القوم مثقلهـم مشي الجمال المصاعيب المطاريـق
والناس شطران من ذي بغضة حنق ومن مغيظ ، بدمع العين مخنـوق
هووا لنا زمرا من كل ناحيــة كأنما فزعوا من نفخـة البـوق
وفي السطوح كأمثال الدمى خرد يبكين عولة وجد غـير ممذوق
( من كل ناشرة فرعا لرؤيتنـا ومفرقا ، ذا نبات غير مفروق )
( يضربن حر وجوه لا يلوحها لفح السموم ولا شمس المشاريق )
كأن أعناقهن التلع مشرفــة مما يحلق من تلك الأباريــق
حتى انتبهت إلى دعجاء جالسة قد تركت أهل بيت الله في ضيق
تنضح الريق من فيها إذا نطقت كأنما مضغت علك الدعاليـق .


أضاعوني ..

أضاعوني وأي فتى أضاعــوا ليوم كريهة وسداد ثغـــر
وخلوني لمعترك المنايــــا وقد شرعت أسنتها لنحـري
كأني لم أكن فيهم وسيطــا ولا لي نسبة من ( آل عمرو )
أجرر في الجوامع كل يــوم ألا لله مظلمتي وصبـــري
عسى الملك المجيب لمن دعـاه ينجيني فيعلم كيف شكـري
فأجزي بالكرامة أهـل ودي وأورث بالضغائن أهل وتري .

الشاعر : عبد الله بن عمر العرجي