أبو شامة المغربي
17/05/2006, 12:37 PM
قصة إسلام إبراهيم خليل فلوبرس
(الجزء الأول)
**********
الأستاذ السابق بكلية اللاهوت الإنجيلية (إبراهيم خليل فلوبرس) واحد من الملايين الذين انقادوا لما وجدوا عليه آباءهم من غير بني الإسلام.. تنشأ في الكنيسة.. وترقى في مدارس اللاهوت.. وتبوأ مكانة مرموقة في سلم التبشير.. وبأنامل يديه خط عصارة خبرته الطويلة عدة مئات من الصفحات رسالة للماجستير تحت عنوان : (كيف ندمر الإسلام بالمسلمين)؟!.
في علم اللاهوت كان (فلوبرس) متخصصاً لا يجارى .. وفي منظار (الناسوت) كان ابن الكنيسة الإنجيلية .. الأمريكية يتيه خيلاء .. ولأسباب القوة والمتعة والحماية المتوفرة .. ما كان (إبراهيم) يقيم لعلماء الأزهر، ـ وقد شفهم شظف العيش ـ أي وزن أو احترام، لكن انتفاضة الزيف لم تلبث فجأة أن خبت.. وضلالات التحريف الإنجيلي والتخريف التوراتي انصدعت على غير ميعاد.. وتساقطت إذ ذاك غشاوة الوهم، وتفتحت بصيرة الفطرة، فكان لإبراهيم خليل فلوبوس ـ وقد خطا عتبات الأربعين يوم الخامس والعشرين من 1959م ـ ميلاداً جديداً.
مع الأستاذ إبراهيم خليل أحمد … داعية اليوم كان هذا اللقاء.. وعبر دهاليز الضلالة والزيف نحو عالم الحق والهداية والنور كان هذا الحوار.
ـ كيف كانت رحلة الهداية التي أوصلتك شاطئ الإيمان والإسلام، ومن أين كانت البداية؟
ـ في مدينة الإسكندرية وفي الثالث عشر من يناير عام 1919م كان مولدي، نشأت نشأة مسيحية ملتزمة وتهذبت في مدارس الإرسالية الأمريكية، وتصادف وصولي مرحلة (الثقافة) المدرسية مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وتعرض مدينة الإسكندرية لأهوال قصف الطائرات .. فاضطررنا للهجرة إلى أسيوط حيث استأنفت في كليتها التعليم الداخلي وحصلت على الدبلوم عام 1941م / 1942م وسرعان ما تفتحت أمامي سبل العمل فالتحقت بالقوات الأمريكية من عام 42 وحتى عام 1944م.
ـ ما طبيعة هذا العمل وكيف حصلت عليه؟
ـ كان للقوات الأمريكية وقتذاك معامل كيماوية لتحليل فلزات المعادن التي تشكل هياكل الطائرات التي تسقط من أجل معرفة تراكيبها ونوعياتها، وبحكم ثقافتي في كلية أسيوط ولتمكني من اللغة الإنجليزية ولأن الأمريكان كانوا يهتمون اهتماماً بالغاً بالخريجين ويستوعبونهم في شركاتهم فقد أمضيت في هذا العمل سنتين.. لكن أخبار الحرب والنكبات دفعتني لأن أنظر إلى العالم نظرة أعمق قادتني للاتجاه إلى دعوة السلام وإلى الكنيسة.. التي كانت ترصد رغباتي وتؤجج توجهاتي .. فالتحقت بكلية اللاهوت سنة 1945م وأمضيت فيها ثلاث سنين.
ـ ما هي الخطوط العامة لمنهج الكلية؟ وأين موقع الإسلام فيه؟
ـ في الثمانية أشهر الأولى كنا ندرس دراسات نظرية.. يقدم الأستاذ المحاضرة على شكل نقاط رئيسية، ونحن علينا أن نكمل البحث من المكتبة، وكان علينا أن ندرس اللغات الثلاث: اليونانية والأرامية والعبرية إضافة إلى اللغة العربية كأساس والإنجليزية كلغة ثانية.. بعد ذلك درسنا مقدمات العهد القديم والجديد، والتفاسير والشروحات وتاريخ الكنيسة، ثم تاريخ الحركة التبشيرية وعلاقتها بالمسلمين ، وهنا نبدأ دراسة القرآن الكريم والأحاديث النبوية، ونتجه للتركيز على الفرق التي خرجت عن الإسلام أمثال الإسماعيلية، والعلوية، والقاديانية، والبهائية… وبالطبع كانت العناية بالطلاب شديدة، ويكفي أن أذكر بأننا كنا حوالي 12 طالباً وُكّل بتدريسنا 12 أستاذاً أمريكياً و7 آخرين مصريين.
ـ هذه الدراسات عن الإسلام وعن الفرق.. هل كانت للإطلاع العلمي وحسب أم أن هدفاً آخر كان وراءها؟
ـ في الواقع كنا نؤسس على هذه الدراسات حواراتنا المستقبلية مع المسلمين ونستخدم معرفتنا لنحارب القرآن بالقرآن… والإسلام بالنقاط السوداء في تاريخ المسلمين! كنا نحاور الأزهريين وأبناء الإسلام بالقرآن لنفتنهم، فنستخدم الآيات مبتورة تبتعد عن سياق النص، ونخدم بهذه المغالطة أهدافنا، وهناك كتب لدينا في هذا الموضوع أهمها كتاب(الهداية) من 4 أجزاء و(مصدر الإسلام)إضافة إلى استعانتنا واستفادتنا من كتابات عملاء الاستشراق...
وعلى هذا المنهج كانت رسالتي في الماجستير تحت عنوان(كيف ندمر الإسلام بالمسلمين)سنة 1952م، والتي أمضيت 4 سنوات في إعدادها من خلال الممارسة العملية للوعظ والتبشير بين المسلمين من بعد تخرجي عام 1948م.
ـ كيف إذاً حدث الإنقلاب فيك… ومتى اتجهت لاعتناق الإسلام؟
ـ كانت لي ـ مثلما ذكرت ـ صولات وجولات تحت لواء الحركة التبشيرية الأمريكية، ومن خلال الاحتكاك الطويل، ومن بعد الإطلاع المباشر على خفاياهم تأكد لي أن المبشرين في مصر ما جاءوا لبثّ الدين، وإنما لمساندة الاستعمار...
في شهر يونيو تقريباً عام 1955م استمعت إلى قول الله سبحانه﴿قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ..﴾ هذه الآية الكريمة من الغريب أنها رسخت في القلب، ولما رجعت إلى البيت سارعت إلى المصحف وأمسكته وأنا في دهشة من هذه السورة، كيف؟ إن الله سبحانه وتعالى يقول:﴿لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله﴾.
إبراهيم خليل الذي كان إلى عهد قريب يحارب الإسلام ويقيم الحجج من القرآن والسنة، ومن الفرق الخارجة عن الإسلام لحرب الإسلام … يتحول إلى إنسان رقيق يتناول القرآن الكريم بوقار وإجلال…فكأن عيني رُفعت عنهما غشاوة، وبصري صار حديداً… لأرى ما لا يرى… وأحس إشراقات الله تعالى نوراً يتلألأ بين السطور جعلتني أعكف على قراءة كتاب الله من قوله تعالى: ﴿الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل﴾ وفي سورة الصف: ﴿ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد﴾ إذاً فالقرآن الكريم يؤكد أن هناك تنبؤات في التوراة وفي الإنجيل عن النبي محمد.
**********
د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)
(الجزء الأول)
**********
الأستاذ السابق بكلية اللاهوت الإنجيلية (إبراهيم خليل فلوبرس) واحد من الملايين الذين انقادوا لما وجدوا عليه آباءهم من غير بني الإسلام.. تنشأ في الكنيسة.. وترقى في مدارس اللاهوت.. وتبوأ مكانة مرموقة في سلم التبشير.. وبأنامل يديه خط عصارة خبرته الطويلة عدة مئات من الصفحات رسالة للماجستير تحت عنوان : (كيف ندمر الإسلام بالمسلمين)؟!.
في علم اللاهوت كان (فلوبرس) متخصصاً لا يجارى .. وفي منظار (الناسوت) كان ابن الكنيسة الإنجيلية .. الأمريكية يتيه خيلاء .. ولأسباب القوة والمتعة والحماية المتوفرة .. ما كان (إبراهيم) يقيم لعلماء الأزهر، ـ وقد شفهم شظف العيش ـ أي وزن أو احترام، لكن انتفاضة الزيف لم تلبث فجأة أن خبت.. وضلالات التحريف الإنجيلي والتخريف التوراتي انصدعت على غير ميعاد.. وتساقطت إذ ذاك غشاوة الوهم، وتفتحت بصيرة الفطرة، فكان لإبراهيم خليل فلوبوس ـ وقد خطا عتبات الأربعين يوم الخامس والعشرين من 1959م ـ ميلاداً جديداً.
مع الأستاذ إبراهيم خليل أحمد … داعية اليوم كان هذا اللقاء.. وعبر دهاليز الضلالة والزيف نحو عالم الحق والهداية والنور كان هذا الحوار.
ـ كيف كانت رحلة الهداية التي أوصلتك شاطئ الإيمان والإسلام، ومن أين كانت البداية؟
ـ في مدينة الإسكندرية وفي الثالث عشر من يناير عام 1919م كان مولدي، نشأت نشأة مسيحية ملتزمة وتهذبت في مدارس الإرسالية الأمريكية، وتصادف وصولي مرحلة (الثقافة) المدرسية مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وتعرض مدينة الإسكندرية لأهوال قصف الطائرات .. فاضطررنا للهجرة إلى أسيوط حيث استأنفت في كليتها التعليم الداخلي وحصلت على الدبلوم عام 1941م / 1942م وسرعان ما تفتحت أمامي سبل العمل فالتحقت بالقوات الأمريكية من عام 42 وحتى عام 1944م.
ـ ما طبيعة هذا العمل وكيف حصلت عليه؟
ـ كان للقوات الأمريكية وقتذاك معامل كيماوية لتحليل فلزات المعادن التي تشكل هياكل الطائرات التي تسقط من أجل معرفة تراكيبها ونوعياتها، وبحكم ثقافتي في كلية أسيوط ولتمكني من اللغة الإنجليزية ولأن الأمريكان كانوا يهتمون اهتماماً بالغاً بالخريجين ويستوعبونهم في شركاتهم فقد أمضيت في هذا العمل سنتين.. لكن أخبار الحرب والنكبات دفعتني لأن أنظر إلى العالم نظرة أعمق قادتني للاتجاه إلى دعوة السلام وإلى الكنيسة.. التي كانت ترصد رغباتي وتؤجج توجهاتي .. فالتحقت بكلية اللاهوت سنة 1945م وأمضيت فيها ثلاث سنين.
ـ ما هي الخطوط العامة لمنهج الكلية؟ وأين موقع الإسلام فيه؟
ـ في الثمانية أشهر الأولى كنا ندرس دراسات نظرية.. يقدم الأستاذ المحاضرة على شكل نقاط رئيسية، ونحن علينا أن نكمل البحث من المكتبة، وكان علينا أن ندرس اللغات الثلاث: اليونانية والأرامية والعبرية إضافة إلى اللغة العربية كأساس والإنجليزية كلغة ثانية.. بعد ذلك درسنا مقدمات العهد القديم والجديد، والتفاسير والشروحات وتاريخ الكنيسة، ثم تاريخ الحركة التبشيرية وعلاقتها بالمسلمين ، وهنا نبدأ دراسة القرآن الكريم والأحاديث النبوية، ونتجه للتركيز على الفرق التي خرجت عن الإسلام أمثال الإسماعيلية، والعلوية، والقاديانية، والبهائية… وبالطبع كانت العناية بالطلاب شديدة، ويكفي أن أذكر بأننا كنا حوالي 12 طالباً وُكّل بتدريسنا 12 أستاذاً أمريكياً و7 آخرين مصريين.
ـ هذه الدراسات عن الإسلام وعن الفرق.. هل كانت للإطلاع العلمي وحسب أم أن هدفاً آخر كان وراءها؟
ـ في الواقع كنا نؤسس على هذه الدراسات حواراتنا المستقبلية مع المسلمين ونستخدم معرفتنا لنحارب القرآن بالقرآن… والإسلام بالنقاط السوداء في تاريخ المسلمين! كنا نحاور الأزهريين وأبناء الإسلام بالقرآن لنفتنهم، فنستخدم الآيات مبتورة تبتعد عن سياق النص، ونخدم بهذه المغالطة أهدافنا، وهناك كتب لدينا في هذا الموضوع أهمها كتاب(الهداية) من 4 أجزاء و(مصدر الإسلام)إضافة إلى استعانتنا واستفادتنا من كتابات عملاء الاستشراق...
وعلى هذا المنهج كانت رسالتي في الماجستير تحت عنوان(كيف ندمر الإسلام بالمسلمين)سنة 1952م، والتي أمضيت 4 سنوات في إعدادها من خلال الممارسة العملية للوعظ والتبشير بين المسلمين من بعد تخرجي عام 1948م.
ـ كيف إذاً حدث الإنقلاب فيك… ومتى اتجهت لاعتناق الإسلام؟
ـ كانت لي ـ مثلما ذكرت ـ صولات وجولات تحت لواء الحركة التبشيرية الأمريكية، ومن خلال الاحتكاك الطويل، ومن بعد الإطلاع المباشر على خفاياهم تأكد لي أن المبشرين في مصر ما جاءوا لبثّ الدين، وإنما لمساندة الاستعمار...
في شهر يونيو تقريباً عام 1955م استمعت إلى قول الله سبحانه﴿قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ..﴾ هذه الآية الكريمة من الغريب أنها رسخت في القلب، ولما رجعت إلى البيت سارعت إلى المصحف وأمسكته وأنا في دهشة من هذه السورة، كيف؟ إن الله سبحانه وتعالى يقول:﴿لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله﴾.
إبراهيم خليل الذي كان إلى عهد قريب يحارب الإسلام ويقيم الحجج من القرآن والسنة، ومن الفرق الخارجة عن الإسلام لحرب الإسلام … يتحول إلى إنسان رقيق يتناول القرآن الكريم بوقار وإجلال…فكأن عيني رُفعت عنهما غشاوة، وبصري صار حديداً… لأرى ما لا يرى… وأحس إشراقات الله تعالى نوراً يتلألأ بين السطور جعلتني أعكف على قراءة كتاب الله من قوله تعالى: ﴿الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل﴾ وفي سورة الصف: ﴿ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد﴾ إذاً فالقرآن الكريم يؤكد أن هناك تنبؤات في التوراة وفي الإنجيل عن النبي محمد.
**********
د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)