المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيــع



نشيد الربيع
13/05/2006, 10:33 PM
.






بيـــع




- لك ما تريدين .. عشرة . عشرون . أربعون . خمسون ألفا .. جيد ؟!

لم تكن تتصور يوما أن تقف هذا الموقف .. أن تعرض عليها هذه الأرقام .. وأن ..

توافــق !!

- ومتى تريدون !؟

-ستحضرين غدا مساء .. ونتدبر الأمر ..

كيف وصلت إلى هنا . كيف اتخذت قرارها . كان إعلانا صغيرا علق على إحدى الأعمدة ، ربما كان كغيره من الإعلانات التي يوضع منها كل يوم مئات .. أولها تلك الكلمة الشهيرة التي كانت تتلهف عليها في أول كل إعلان .. ( مطلوب للعمل ) لكن هنا كانت ( مطلوب ) تقف منفردة دون ( عمل ) .

سارت يومها كثيرا وهي تفكر ، ما الذي يضيرها لو قبلت ، هي الوحيدة المنفردة التي لا يعلم عنها أحد شيئا .. وحده الفقر هو الذي يعلم . وحده الأسى هو من يطرق بابها .. سواهما لم يعرفها أحد .. حتى الذين عملت لديهم لم يعرفوها . كانوا ينادونها : يا بنت .. روحي يا بنت تعالي يا بنت .. ماذا علموا منها سوى أنها خادمة .. خادمة تسكن ثيابا بالية مرقعة كل رقعة فيها تخفي تحتها جراح أيام طويلة . لم يعلموا أن هذه الأسمال تحجب دونها حياة كتلك الحياة التي تدب فيهم .. أن دما كدمائهم يجري في عروقها ، يغذي بشرة لو أزال الدهر ما وضعه فوقها من شقاء لكشفت عن بلور تكاد الشمس تلمع فيه ، وكأنما خشي الكون أن يقف النسيم حولها لا يجاوزها مما يجد من سحرهــا . فتهلك الدنيا دونها .

لم تكن تملك سواه .. بذلت كثيرا لتحافظ عليه .. طردت مرات .. طوت الليالي لا تملك من الأرض أكثر من غبار نعليها . لكنها كانت كالنجمة .. نحيلة من جوعها .. مضيئة في عليائها .

في أكثر القوانين حتى تلك التي تحكم كيمياء الجسد والدواء تقف عبارة هازئة دوما : فوق حد معين ... يصبح هذا القانون كالعدم .. لا قيمة له .. حتى الحدود الشرعية ذاتها تتوقف ، عندما يعجز البشر ذلك العجز المطلق لا يمكن إلا أن تقف . وقد بلغت هي هذا الحد أو كادت يوم اكتحلت عينها بالإعلان .. واكتحلت هنا ليست مجازا بل حقيقة لو أنك رأيت اتساع عينيها وما فاضت به لحظتها . ذلك سر آخر من أسرار العيون .. ليست بوابة الجسد وحده بل بوابة الروح قبله .

لو أنها نظرت في الطريق وهي تسير لسألت نفسها . لماذا تغير طريق بيتها .. لم تكن تعي في الحقيقة ما حولها .كانت تفكر لماذا تحتفظ بهذا الجسد ولمن ؟! . من يهمه أمره . من يعنيه . إن لم يأبه أحد بحياتها فكيف به .


وماذا لو ....

حاولت أن تصرف الخاطر سريعا لكنه ألح ، ماذا لو فقدت حياتها ؟!

حتى ولو حدث . فالموت ذاته أهون .. لماذا نبقى على الحياة مادامت لا تهبنا ما نريد .. إن يوما واحدا مما صوره لها خيالها ليستحق أن تبذل في سبيله كل أيامها ..

عندما أفاقت كانت قد وصلت .. رفعت رأسها فإذا نفس الإعلان معلق على باب عمارة تحمل ذات العنوان الموصوف .. لم ينتظر عقلها أن تقرر . اكتفى بذلك اللمعان في عينيها وقرر هو .. كل ما تبع ذلك لم يكن إلا خواطر تقطع الطريق .

قرأت الإعلان مرة أخرى :



( مطلوب شخص للتبرع بفص من الكبد .. فصيلة O+ .... )


ملأت صدرها بالهواء ... وصعدت ..

طارق شفيق حقي
15/05/2006, 10:23 PM
حتى ولو حدث . فالموت ذاته أهون .. لماذا نبقى على الحياة مادامت لا تهبنا ما نريد .. إن يوما واحدا مما صوره لها خيالها ليستحق أن تبذل في سبيله كل أيامها



جملة خطيرة تستحق الوقوف عندها

تحياتي لك ربيع النشيد

محمود الحسن
16/05/2006, 08:16 AM
نشيد الربيع وليش ربيع النشيد

قصة جميلة تستحق التثبيت ..!!