المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سِفر الغياب ـ قصة ـ



المودني عبدالسلام
10/05/2006, 03:11 PM
سفر الغياب





1- قالت:

- مسرعة أعدو إلى الخلف، فأتعثر بنا.






ترشف مع قهوة غيابه صورته بلذة. تمزّ أشلاء منه. تطوي المسافات إليهما، بحنق تضحك. تشعل سيجارة ، تمجّ سحائب دخانها حول تجاعيد ذكرى سحيقة. هسيس وجوه و بقايا ضحكات بريئة تختال في العدم المتراكم على مسافات بين نور و نار.

تنطفئ مع سيجارتها. تستجدي أنفاساَ بعيدة، تودعها أصوتاَ مشفوعة بصورة و بقايا ضحكات بريئة...

تنتبه للنادل يقول دون أن يخفي دهشته:

- أجلب عصيرك أم ننتظر قدومه لآتيكما بعصيرك و قهوته؟








2- قالت:

- بالأمس سأعشقك كما عشقتني غداَ.






بالأمس ستودعه، و تقف ترقبه من بعيد يركبه قطار الرحيل، و ستتوارى خلف حرائقها، و ستذكر ما همس به ذات صفاء - يوما ما سأقود أيامي أمامي. سأكون الرحلة و الوجهة.

و اليوم عدم، و دخان متراقص من سجائر تعزف الصمت و الضجر، و صورة منتحبة و بقايا حديث متشظي...و عدم.

وغدأ تذكرت أغنياته و أشعاره و أوراقه تشي بأسراره القديمة و المحدثة. في ثرثرتها و هذرها تقول كم عشقها. أودعت غدها كل كلماتها. تذرف تنهيدة ملتاعة على أنقاض ليلة قضتها تضاجع أوراقاَ كانت له تذروها حرائقها.

يضع النادل كأس ماء و هو يرقب ناراَ حولها.








3- قالت:

- أهديتك قلبك كما أهديتني قلبك.






في أعياد رأس البؤس لميلاد الموت و الغياب، ارتدت ثوب حزنها الليلكي. انتظرت قدومه مع المطر. من على شرفة غيبته هطل طيفه الشاحب. عند السحر، سمعت طرقاَ على قلبها، و توقف المطر.

تحفز النادل ليشعل سيجارتها، اصطدمت عيناه بصورته على جريدة تتثاءب مستلقية على طاولتها. قرأ المانشيت " إلى قلبك" و قصيدة تكنس حضوره تحتضر على جنب واحد.






4- قالت:

- كم أكره حبنا لي.








على كثبان حواسه، هجعت حاسة عشقه. تستفيق على نأماتها، تحركها رعشة الحضور، و تؤوب غادة تضع مساحيق على رمادها. تزيح آخر أكفانها لتلج قبر عنفوانها فتصطدم هناك بحاسة كسيحة مضمخة بعطر الموت.

بحزن كبير لم يحاول إخفاءه، يضع النادل مشروبها.








5- قالت:

- سلام للأهلة التي تزف رحيلك الذي أكره.








تفاصيل كثيرة تؤثث لقاءاتهما المغبرة. تعانق بمحض انتقائها إحداها. كل كلمات مناغاته متشابهة. كان لصمتها ألف لون ورائحة وطعم.

تتركهما هناك بغير أسى . تقفل أبواب الذكرى . تفتح حقيبة يدها، تخرج حافظة نقودها. تضع ورقة نقدية على الطاولة، يهبّ النادل إليها قائلا بجفاء:

- عصيرك هدية مني.. سيدتي.










6- قالت:

- خنتك لما علمت وفاءك.






داعبت كل قصائده التي ربتت على وحدتها. أدخلتها حروفه أكواناَ ألفت نفسها متوّجة هنالك. أهداها كل كلماته حتّى أشعاره التي لما تكتبه. جالست حروفها بالأمس. كانت أول ما كتبت، قصيدة أهدتها لآخر و خطاب وداع له.

على عتبات المقهى سلمت النادل ظرفاَ يرتعش.






7- لم أقل:

- أحار ما أختار.






لا خيار أمام جور جبر. نواحك المشذوب ينحث طريقاَ أخرى، سأمشيها وحيداَ علي أجدني عند نهايتها فألحق بسفري و يعانقني رحيلي.










أحار ما أختار

حصد القفار أم سقي البحار.






عبدالسلام المودني

سلا ـ غداَ ـ

خالد القيسي
11/05/2006, 07:52 AM
الأخ عبد السلام :
دائما لك مني التحية
؟!

تحياتي

أبو شامة المغربي
11/05/2006, 12:12 PM
أحار ما أختار

حصد القفار أم سقي البحار.

**********





بسم الله الرحمن الرحيم

سلام الله عليك أخي عبد السلام ورحمته تعالى وبركاته



سفر الغياب.. وما أدرانا ما سفر الغياب؟

غياب السفر..وما أدرانا ما غياب السفر؟

بالأمس سيكون الحضور، وفي الغد كان الغياب ...



يحكى أن المستقبل كان حاضرا قبل أن يصير ماضيا، وأن الحاضر صار ماضيا بعدما كان مستقبلا، وأن الماضي كان مستقبلا قبل أن يصير حاضرا ...

ثم إن المستجير بسقي البحار من حصد القفار .. شبيه بمن يستجير بحر الرمضاء من لظى النار ...

في انتظار باقي الحروف القصصية ...

أخوك أبو شامة المغربي













د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)