المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صدرت مجموعة غابات الروح



طارق شفيق حقي
03/05/2006, 10:29 PM
صدرت مجموعة غابات الروح


حلب سوريا
http://www.merbad.net/uplood1/Scan20001.JPG
http://www.merbad.net/uplood1/Scan20002.JPG

طارق شفيق حقي
03/05/2006, 10:37 PM
الإهداء ......................


http://www.merbad.net/uplood1/Scan20003.JPG

ثروت سليم
04/05/2006, 09:04 AM
الإهداء ......................






http://www.merbad.net/uplood1/Scan20003.JPG

















روحٌ بروحي وغاباتٌ بوجداني







فهاتِ وردَكَ يلقىَ زهرَ بُستاني







وارسِلْ لنا من خبايا الروحِ أُغْنيةً







جديدةً وعليها سِحرُ الحـانـي







يا( طارقاً) بابَ قلبي أنتَ تعرفُني







أهيمُ بالحرفِ شوْقاً حينَ يلقاني



شعر / ثروت سليم

الأخ الكريم / طارق

مبروووووووووووووووووك من القلب ولكل الزملاء بالمربد الفُ تحية



أخوكم : ثروت سليم

أبو شامة المغربي
04/05/2006, 11:25 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


وعلى الحبيب المصطفى طيب الصلاة وأزكى السلام

*******



سلام الله عليك أخي طارق ورحمته تعالى وبركاته

أما بعد .. فهنيئا لك وهنيئا لأهل المربد الزاهر صدور مجموعتك القصصية (غابات الروح)، وإني أهديك باقة من الأبيات الشعرية لأبي القاسم الشابي، والتي انتقيتها لهذه المناسبة الكريمة بإيحاء من عنوان مجموعتك القصصية الجميل (غابات الروح) ...

******



كذلك قالت لي الكائنات*

وحدثني روحها المستتر

وقال لي الغاب في رقة*

محببة مثل خفق الوتر

يجيء الشتاء، شتاء الضباب*

شتاء الثلوج، شتاء المطر

فينطفئ السحر، سحر الغصون*

وسحر الزهور، وسحر الثمر

وسحر السماء الشجي الوديع*

وسحر المروج الشهي العطر

وتهوي الغصون وأوراقها*

وأزهار عهد حبيب نضر

وتلهو بها الريح في كل واد*

ويدفنها السيل أنى عبر

ويفنى الجميع كحلم بديع*

تألق في مهجة واندثر

وتبقى البذور التي حملت*

دخيرة عمر جميل غبر

وذكرى فصول، ورؤيا حياة*

وأشباح حياة تلاشت زمر

معانقة وهي تحت الضباب*

وتحت الثلوج، وتحت المطر

لطيف الحياة الذي لا يمل*

وقلب الربيع الشذي الخضر

وحالمة بأغاني الطيور*

وعطر الزهور، وطعم الثمر

ويمشي الزمان، فتنمو صروف*

وتذوي صروف، وتحيا أخر





http://www.merbad.org/vb/images/smilies/icon_surprised.gifفتحية أخوية خالصة من صميم الفؤادhttp://www.merbad.org/vb/images/smilies/icon_surprised.gif



أخوك أبو شامة المغربي





د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)

محمود الحسن
04/05/2006, 04:16 PM
ألف مبروك يا سي طارق ..

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 07:33 PM
روحٌ بروحي وغاباتٌ بوجداني






فهاتِ وردَكَ يلقىَ زهرَ بُستاني



وارسِلْ لنا من خبايا الروحِ أُغْنيةً



جديدةً وعليها سِحرُ الحـانـي



يا( طارقاً) بابَ قلبي أنتَ تعرفُني



أهيمُ بالحرفِ شوْقاً حينَ يلقاني

شعر / ثروت سليم
الأخ الكريم / طارق
مبروووووووووووووووووك من القلب ولكل الزملاء بالمربد الفُ تحية

أخوكم : ثروت سليم







العم ثروت سليم سلم الله قلبك الوارف أخجلتني حتى ما لقيت رداً
الكلام جميل يسر القلب
لك أخلص التحايا








بسم الله الرحمن الرحيم


وعلى الحبيب المصطفى طيب الصلاة وأزكى السلام
*******
سلام الله عليك أخي طارق ورحمته تعالى وبركاته
أما بعد .. فهنيئا لك وهنيئا لأهل المربد الزاهر صدور مجموعتك القصصية (غابات الروح)، وإني أهديك باقة من الأبيات الشعرية لأبي القاسم الشابي، والتي انتقيتها لهذه المناسبة الكريمة بإيحاء من عنوان مجموعتك القصصية الجميل (غابات الروح) ...
******
كذلك قالت لي الكائنات*
وحدثني روحها المستتر


http://www.merbad.org/vb/images/smilies/icon_surprised.gifفتحية أخوية خالصة من صميم الفؤادhttp://www.merbad.org/vb/images/smilies/icon_surprised.gif
أخوك أبو شامة المغربي











العزيز دكتور أبو شامة
شعر الشابي جميل

وردك أجمل
كذلك حدثني قلبك وانهمر

حياك الله وأسعدك :-o




/////
محمود العزيز بارك الله بيك

تحياتي لك

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 07:39 PM
نضع هنا كامل المجموعة القصصية


بسم الله الرحمن الرحيم



+++



الإهداء :







إلى عين قلبي وفكري



أمي وأبي



إلى بعضي



إخوتي



إلى كل من احتضن ولادة المربد



أصدقاء ورواد المربد



موقع أسواق المربد:



www.merbad.net (http://www.merbad.net/)







www.merbad.org (http://www.merbad.org/)







البريد الإلكتروني :



haqqi@scs-net.org (haqqi@scs-net.org)



info@merbad.net (info@merbad.net)







فاتحة




+++




البيادر الخضراء





ما أجمل أن تعيش الأحلام فينا .. ونراها تسبح في أوراقنا البيض فتخضرّ جمالاً وروعة. تتجاسد مع الأوراق فتغدو سفن عشق تبحث عن ميناء تحتضنه شوقاً وتعباً في نهاية قصة أو قافية قصيرة , هي ذي الوريقات جرداء كأنها وادٍ بغير ذي زرع تهتز وتنمو فوقها غلال وأعناب .هي ذي الأحلام تجد تربة خصبة ينمو كل صف في سطره فيعلو إلى السطر الأعلى وتنمو جذوره إلى الأدنى .

خيالٌ واسعٌ يضرب باحثاً.... .. تتنقل الأصابع ويداوم بحثه هذا القلم , عم تبحثين أيتها الأصابع , أراك تسافرين من درب إلى درب , تنتقلين في طيات الأوراق, تنزلين أودية وتصعدين جبالاً ,وهذه الوريقات سبل وعوالم .... كنت أظن أن بياض الورقة يمتلئ بأفكارنا . هذه الكلمات تظهر من بنات أفكارنا , لكنني الآن أعلم أنني كالممسك بمظهر وهو يظهر العوالم المختبئة بين طيات هذه الصفحات , أحسُ أحياناً أن هذا المظهر الذي أمسكه بيدي كريشة رسام خفيفة , أو كإزميل ينحت في حجر صوان ينهكني فأرميه , ما باله يتقلب هذا القلم السحري أراه أحياناً بساطاً طائراً يبحرُ في دنيا الأسطر ويكون خفيفاً يعلو بي فوق الغمام.
فوق الجبال تحملني النسائم وأنظر إلى الأرض من علٍ , فأرى الناس جميعاً طيبيـن .. يستحقون الشفقة والمحبة .. أحب كل الناس وأحياناً يمسي هذا القلم كفأس, أو محراث يحرث في أرض قاسية, واصطدم بأحجار غلاظ وأرى الناس كلهم يقفون أمام محراثي,فأكره أفعالهم وأحار بين الأمرين سبيلاً .

أحياناً أشعر به مثل غواصة تغوص بي إلى عوالم غريبة فأرى كلمات تبحر وراءنا تتكلم عن رحلاتنا , فهذه عوالم مسحورة وهذه عوالم الجان، وتلك طلاسم مبهمة، وأخرى غيبيات لا تقرأ الآن بل تمور وتخبر عن أسرار وأسرار.

أحياناً يغرقني في مداده فأشعر أني لا أفهمه أولا أفهم نفسي , أحياناً أضيع في الليل الذي يخرج من رأسه وأمسي لا أبصر يدي فيه , أحياناً يأخذ بالحداء فأنسى نفسي ويسكت بعدها فأرى نفسي قد قطعت مسافات بعيدة ما كنت لا أقطعها لولا صوته , وأحياناً أجده أخرس ثقيلاً يتعبني حمله, أجدني أمسك بذيله فتراه يطير ويعلو إلى الفضاء وكأني أمسك بطائر خرافي, وتنثال علي الأنوار فأحسبه كبراق يعرج بي .

أحياناً أحس كأني أمسك بمارد أخرق أهوج يشتعل هرجاً ومرجاً وأحيانا,أحس كأني أمسك بحشرة تلسعني وتؤلمني وأحياناً أحسه يتحول من براعم غضة إلى أشواك تشوكني.

يأخذني أحياناً للقاء أجمل الجميلات ويشعلُ فيّ الكلمات فأكتب قصائدالشوق فيها، وأحياناً يأخذني كراهب مقدس ويفسر لي الغيبيات، ويعلمني التأويل والتفسير ، فأكتب الابتهالات وأبوح بالدعاء.

أحياناً يكون كسماعة طبيب ، أو ميزان حرارة ، مبضعاً حاداً في يد جراح أو أداةً في يد كاهن أو عراف يضرب بالرمل . أو مسبراً في يد عامل .. أو بندقية أو راجمة صواريخ يكون ترساً أو مضاد أرضي .
يكون منارة فوق بحور الأوراق , لكنه ينطفئ أحياناً فانطفئ وأتخبط بين أمواج الكلمات والحروف ، وأبقى أرتطم بإشارات التعجب وأتعلق بإشارات الاستفهام وأستنجد بالياء . فسبحان من علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم .




+++





كيفت أصبحت منجمًا مشهوراً




وتقول لي ابنة الجيران : البارحة تحدثت مع ريما المنجمة المعروفة وقالت لي : إن برجي لا يتوافق مع برج خطيبي ,وأن هناك مشاكل في الطريق وفعلا لقد تعرضت علاقتنا للاضطراب,وأخشى ألا يكون هو الشخص المناسب لي, وأطرقت بحزن.
تفكرتُ وقلت: ريما قالت لك ذلك ؟...قالت نعم على إذاعة الماضي الأبيض....قلت لها: أوما تعرفين أن ريما قد طردت من جمعية الفلك العالمية بسبب آرائها الخاطئة وعدم التزامها بالتحليل العلمي...يا صغيرتي إنّ برجَ العقرب خلق لبرج الدلو, أوما تعرفين أن العقرب يحب الاختباء والدلو مناسب له جدا...أهملي كلام ريما وعودي لخطيبك...

في اليوم التالي جاءتني ابنة الجيران بكل صديقاتها.!!




+++




محرك بحث



كانت أصابعي تتحركُ بسرعةٍ غير طبيعيةٍ على لوحةِ المفاتيح، ثم أخذت السرعة تتباطأ شيئاً فشيئاً .

هجرت العديد من محركات البحث عبثاً وأنا أفتش عن ضالتي كان هذا المحرك هو المحرك الأخير الذي أعرفه في الإنترنت.

كتبت سريعا الكلمة ثم ضغطت موافق ظهرت النتيجة : لا توجد نتائج .



كانت الكلمة التي أبحث عنها هي " إنسان "





+++







النبع


كانا متجاورين قال الأول : ليس لدي رغبة في الشرب من ذلك النبع إنه بعيدٌ جداً، والوصول إليه شاقٌ وعسير، وأنا كسول , بينما هذا الماء بين يدي قريب . وتراءت له قطرات الماء عذبةً فشرب وقال : وكأن الماء ليس بماء ... إنه لا يرويني.. إنه ماء أجاج بل إنه صديد و قيح ... ما هذا الذي أشرب . يا أيها النبع كم أنا عطش لكنك بعيد بعيد , نظر إلى الماء بين يديه وقال : تباً لك أيها النبع لماذا لا تأتيني إنك سبب عطشي وبقي يشرب من الماء بين يديه ويسب النبع .


أما الثاني فقد صم أذنيه عن كلام أخيه , وسار نحو النبع متشوقاً لكن النبع كان أقرب مما يتوقع وحين اقترب ، وارتشف شيئاً يسيراً منه بكى كثيراً .. لأنه تأخر في المجيء إليه.




+++







شــهِــيَّـــة



جلست وصديقي في مطعم، كنت جائعاً فالتهمت شطيرتي سريعاً نظرت حولي وإذ بالناس يحدقون فيَّ مندهشين نظرت إلى الشطيرة. . . آه ! لقد التهمت يدَ صديقي بينما كان ينظر جانباً أعجبني مذاق يده فالتهمت يده الأخرى .تلفتُّ إلى الناس الذين ما زالوا مندهشين وانفتحت شهيتي فأتيت على صديقي كاملاً ,حانت مني التفاتة إلى جسدي. آه ! لقد أتى عليَّ صديقي أيضاً دون أن أشعر فلم يبقَ منا سوى لسانٍ وأسنان؟!.





+++

نشيد الربيع
04/05/2006, 07:44 PM
مبرووووووووووووووووووووووك

في اسمي في الإهداء ..

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 07:47 PM
أدب أديب


كان كالممسك بيد فتى يريد إرشاده.. انظر لا تدخل هذه الأماكن .. فهذا المكان فيه .. و أمسك بيده و أدخله ليريه المكان، ثم أخذه إلى مكان آخر و أخذ يحذره من هذه الأماكن و هو يصف و يشرح ما فيها من أمور منكرة قد تودي به، و بينما هو يتحدث وقد شد أصابعه .. نظر فلم يشاهد الفتى وإذا به ممسك بيد غادةٍ حسناء بلباس فاضح .. فقال لها : بعد أن ترك يدها بعصبية : الحقيقة أنّ هناك أناساً لا يمتلكون أنفسهم عند الاقتراب من هذه الأمكنة وما فيها من حسناوات .. فهذا الفتى لم يتحمل ولا أدري في أي ركن هو ...
في الخارج كان الفتى ينتظر متأففا" ... وظل ينتظر الساعات والساعات.



+++

كوكب الشرق



منذ سنوات كان الموظف يقبض راتبه و يسافر لحضور حفلةٍ من حفلاتها جاءني صوتها ... ما أجمل صوتها بعد سنوات أخذت قذائف العدو تدك أشجار الليمون والزيتون جاءني صوتها ما أقبح صوتها...!!


+++

طوق الياسمين



جلست تذرف الدموع السخان، و هي تستمع لأغنية طوق الياسمين وحين نقلت الإذاعات أخبار اجتياح رام الله وجنين ونابلس وغزة أرادت أن تبكي فلم تقدر .. عصرت كل ذرة في جسدها فلم تخرج قطرة واحدة ..وحين تذكرت طوق الياسمين انهارت باكية, سحقاً لطوق الياسمين .



+++

لحظة اللقاء

وتختنق الذكريات و يختنق صوتها .. وينهار هذا الجبل من العواطف و يتفجر عطراً يملأ الأرض ... تبكي صغيرها , فجر نفسه .. وفجر هذا الجبل .. ولدي ... ولدي رغم كل الأحزان تمالكت نفسها .. وقفت وأطلقت زغردة تلاحق روح ولدها الذي ضم أمه وهو يغني: وأعشق موتي .. وأفرح لدمع أمي .. أمي .. أمي وهي تقول له : أنت الغالي يا ولدي .. لكن الأرض أغلى منك .. ومني .




+++

كأس الشاي المكسورة من طرفها


حين كان صديقي يعدُ الشاي لنا .. فإن الكأس المكسورةَ من طرفها تأخذ شيئاً من التفكير .. فكان يضعها أمامه ويعطيني الأخرى فابتسم ويبتسم، وحين كنت أعد الشاي كنت أضعها أمامي وأعطيه الأخرى. ذات يوم اشترى صديقي كأساً جديدة، وأعد الشاي لنا وغابت البسمة فأمسكت الكأسَ ونظرت فيها وكسرتها من طرفها .




+++



اعتراف

وتقول له : أعرف أن جميع اللقاءات التي كانت بيننا كنتَ قد أعددت لها شيئاً جميلاً .. ويمضي النهار .. وأنا الوحيدة انتظرك أينَ تسافر في فضاءات اليتم و السواد .. أين تسافر إلى المجهول وبقيت أحلم لكنك لم ترجع كنت أتمنى أن ترجع, بأي حقٍ تسافر .. أسائله ودمع العين ينهمل بأي شكل.. بأي لون.. بأي دين.. بأي زمان... أليس لوطنك عليك حقاً ..كانت الروح تهز صاحبها إذ كان ينام هارباً من المجهول القادم بخطى حثيثة
.


+++


شكوك(تغيير)

فخورٌ بنفسي إذ كنت أصلي وأصلي .. سكينة عجيبة كانت تحيط بي .. لكني شككت بنفسي و كـأني لا أصلي .. نظرت فإذ بي أقرأ ما لا يقرأه المصلون .. اكتشفت أني شارد عن أمري وأخذت أنعم النظر , وإذ بي أؤدي حركات لا يؤديها المصلون , خرجت من صلاتي , نظرت فإذا بي أتجه إلى قبلة لا يتجه إليها المصلون , كانت تماما" بعكس قبلتهم، و تفكرت وإذ بي أصلي من غير وضوء ما هذا الذي يجري لي ,وأدركت حينها أني كنت أصلي لإله غير الذي يصلي له المصلون .





+++


الطائي الكبير والطائي الصغير



دخل الطفل الصغير يحمل الشاي وكان والده يتكلم : إيه... كم من السنين مضت قال لضيفه الذي وصل حديثاً من السفر .. أتصدق كم اشتقت لأهلك .. كم أكرموني .. أمضيت شهوراً أنام في منزلكم والدك كان ... وبدأ يسرد له أخبار كرم أهله .. وقبل حلول الظلام .. تغيرت معالم الضيف حين قيل له : إن آخر سيارة تنطلق من هنا عند الغروب .. عند الغروب تماماً. في اليوم التالي كان الصغير يجلس في الصف حين أراد المعلم بأسلوبه المشوق أن يعلمهم درسا" قال: وحين لم يجد حاتم الطائي ما يقدمه لضيفه نظر إلى حصانه .... وماذا فعل يا أذكياء .. هيا .. امتشق سيفه و .. و ماذا .. نعم يا أستاذ قال الصغير بعد أن وقف بقـوة : امتشق سيفه وذبح ضيفه .

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 07:50 PM
سري وسرك



مشى فانجلى قلبه،امتد إحساسه إلى كل أرجاء الأرض وكل أرجاء السماء شعر بعظمة الله و بعظمة ظلمه لنفسه , كان يمشي بين الناس لا أحد يطلع على قلبه غيره , انجلى القلب وصفا فتاب , وأراد البكاء لولا أنظار الناس , لكن الأمر غلبه . وحين سقطت أول دمعة كـانت السماء تنهمر وتتساقط القطرات على وجهه , كان ينظر إلــى الناس ويقول في سره : سترني ربي سترني ربي أما العارفين من الناس فكانوا ينظرون إليه وإلى السماء ويقولون : ما أعظمبكاء هذا الرجل.




+++





الشجرة



بقيت أرقب الشجرة في الحديقة أكثر من عشرين عاما..أتأملها.. وأفحصها.. وأقلب النظر فيها في كل تحريكةٍ لها.. وتمايلٍ وتغنجٍٍ لأوراقها.. وتدللٍ وتلاعب لأغصانها مع النسمات.. وغنائها عند المطر ... ما كنت لأعرف سرَ جمالها سوى أن خالقها هو المبدع.






+++





الإشارات الإلهية


في كل يوم حين أستيقظ أسمع أشياء صغيرة جداً



فخرير الماء من الصنبور أسمعه يقول لي: لا تسرف ، والشاي الساخن حين يلذع فمي أسمعه يقول لي :لا تعجل، وحلوى من صنع أمي أسمعها تقول لي: افرح، وفرحة العطاء أسمعها تقول لي: اشكر, والشكر ينثال من لساني أسمعه يقول لي: زد , أطرافي حين أراها تتوكأ أسمعها تقول لي: سنشهد تعقل، وحرقة النار أسمعها تقول لي :هناك أحرف تفكر , وجمال الفاكهة والنخل ذات الأكمام والحب ذو العصف والريحان أسمعها تقول لي هناك أجمل ..
سبحانك ربي سبحانك إشارتك تغرقني ... إني أغرق .. أغرق .. أغرق.


+++




حبوب جديدة






لطالما أراد إطالة عمره ... وكان فرحاً عندما اشترى حبوب إطالة العمر الجديدة بلع سريعاً حبة فعلقت في زلعومه وفطس من فوره.




+++




الفرخ


كان شعور الفرخ داخل البيضة كشعور الإنسان على الأرض ينظر اتساعها ويبحر بعينيه في سمائها..
كان شعوره مثل شعور الإنسان بعد أن ينتقل إلى العالم الآخر، وحين تكسرت القشرة الكلسية خرج الفرخ مذهولاً بالعالم الجديد .


+++


صراحة



أبي أريد أن أخبرك الحقيقة .. ما عدت أحتمل إثم الكذب .. إني لم أحمل مادة واحدة .. لقد حملت أربع مواد ... الأب ينظر إلى ابنه بدهشة!! ... بل لقد رسبت في السنة الثانية أيضاً !... نعم لقد رسبتُ .. رسبتُ مرتين , نعم أبي .. إنني لم أرسب فحسب بل لم أدخل الجامعة من أصله ... أبي كان علي أن أخبرك لكن ... أبي إني لم أنجح في الشهادة الثانوية أيضاً أبي... هل أنت أبي ؟؟!

5/8/2002


+++




وسط الزحام



على ساق شجرة في غابة كثيفة كتب : حبيبتي أين أعثر عليك وسط هذا الزحام ؟ تتشابه عليّ الوجوه.. تتزين لي المتزينات يردن خداعي .. وكلٌ يقول لي بأنه أنت .. حبيبتي إني عاجز عن العثور عليك , إني انتظرك. على الطرف الآخر من الشجرة كتب :حبيبي .. إني انتظرك.

9/2002




+++







الطائر الذي أسلم نفسه للرياح



كان طائراً ملولاً , فما أن يطير إلى قبة السماء حتى ينتابه شعور بالهبوط، وما إن يهبط حتى ينتابه شعور بالطيران , هبوط وطيران , تمزق مزق صدره الضئيل لكنه فتح جناحيه مرة، وترك الرياح تحمله، فشعر بجمال التعلق بين السماء والأرض تهف به الرياح وتعلو به قليلا".

حالة من التعلق لا يشعر فيها بجمود الأرض وثباتها ولا بكثرة الأهواء والتقلبات في الفضاء , وأحس بأنه بحاجة للانعتاق من الحالتين في كل يوم . أن يترك للريح حرية أخذه أينما يريد , لكنه اكتشف أنه كلما أنعتق في خلواته المعلقة , كانت الريح تعلو به ثم تنقلب تاركة له حرية اعتلائها , فيضرب بجناحيه ويشعر بأنّ تقلبات الريح أصبحت جمالا" متدفقا" ما كان ليتذوقه لولا انعتاقه , يغير مساره يعلو ويهبط ويتقلب ويأخذ مسارات متعرجة متناسبة مع الريح واصلا" إلى هدفه مكتشفا" المسارات السرية في الحياة تارك الإنسان يسلم نفسه لتأمل صلاة هذا الطائر السعيد .

10/1/2003


+++







القبلة



اقتربت من أمها أحست بعاطفة تجيش بداخلها...طبعت قبلة حارة على خدها فاختفت الأم سريعا ...

وحين قبلت إخوتها الواحد تلو الآخر اختفوا جميعا ..في الحديقة حين لثمت تلك الورود الجميلة اختفت كلا . كتبها...عطورها... ثيابها... ألعابها... كلها اختفت...

من وراء أسوار الحديقة ظهر فارس أنيق: اقترب منها نظر في عينيها.. نظرت في عينيه فشاهدت كل من كانت قد قبلتهم...اقترب منها وطبع قبلة على خدها فاختفيا معاً.


+++

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 07:56 PM
سجادة



من داخل الكهف المسحور اخترتها...من بين كل الكنوز رضيتها ... سجادة عجيبة اعتليها أنّى شئت ومتى أردت.....وما أن أتمتم بكلمات سحرية حتى أراها تطير بي وتبحر فيغمرني أشقر النور وأزرق السماوات

وتطير بي إلى ما كنت لأحلم به فيتساقط بعضي.. أغدو أجمل.. ابتعد عن الناس.. وأرحل إلى البعيد إلى النجاة....إلى حيث لا يدري أحد وحدي أنا وسجادتي السحرية ومتى أردت الهبوط فأني أتمتم يمينا ثم شمالا.




+++



مصائب قوم عند قوم فوائد



زوجها يرقب التلفاز بلهفة بينما هي تطل على استنبول مدينة الجمال و الروعة.أرقام ترتفع وتنخفض وعند كل انخفاض يهمس: هيه..هيه...

وهي حائرة من أمره.. بعد أيام صاح صوتاً عالياً وأخذ يضحك طويلا ويصيح:

لقد آن الأوان ..آن الأوان ؟!! .. صرخت به : ماذا جرى لك يا رجل هل جننت؟

قالت ببرود الآن أستطيع أن أطلقك؟؟!!

حملقت به ثم قالت بصرامة .. لن تقدر....فالمؤخر الذي وضعه والدي يكسر ظهرك إن حاولت.. ضحك طويلا حتى استلقى على ظهره وقال: ليس بعد الآن ألا تسمعين ما يحدث في العالم.. لقد انهارت التجارة العالمية وانخفضت عملة البلاد كثيرا أنت.. أنت. طالق من حينها اضطر والدها أن يضع مؤخر الزواج بالعملة الصعبة.




+++



من هناك



حين أمسى يأنس لعـواء الذئب ويتكـدر لصوت الإنسان ...حين جرى مع الزمان كما أراد ...هرب إلى الفيافـي وحيـن رمت طيور الظلام شباكـها ..وضرب الصمت أوتاده من حوله ...راح يسكن. أرخى السمع وتبصر ..صاح: من هناك..إني أحس بوجودك ..تنقلت أنظاره من الأشجار إلى الجبال إلى الوديان إلى السـهول إلى السمـاء إلى النجوم إلى الغيـوم ..إلى القمر ..وأخذ يركض بكل سرعته حتى وصـل إلى أعلى جبـل في القمـة رنا إلى السماء ..صوب بصره إلى القمر المضيء..أجال بنظره في الأرجاء وأحس بقفص الظلام قد ضرب على الأرض وما بقي له سوى تلك الفتحة المنيرة في السماء ..راح يرنو إليها ..ينظر ..يتأمل ..ألقى السمع وشاهد... صاح من هناك إني أحس بوجودك أين أنت.. لم يجبه أحد..صاحت كل ذرة في جسده من هناك، فارتعدت الأرض من تحته والسمـاء مـن فوقه، وتراقصت الأشجار، والتمعت النجوم، وتبخترت الغيـوم، وهب النسيم، فوجم ساكنا، وبقي يتأمل، ويتمتم بكلمات في سره .


+++




الهدف



ثلاث حوامات تقترب من المكان... تهبط منها قوات المارينز الهوجاء تركض بسرعة ونظام ..يوزعون العتاد يجرون اتصالاتهم ..ثم يقترب أحدهم بوجل ويضع شريطاً من المتفجرات حول شجرة خضراء يانعة ..أخذ القناصة أماكنهم بين طيات المكان ثم أعطى القائد الأوامر ،فانهمر الرصاص كالمطر على الشجرة الخضراء اليانعة ، وتناثرت أجزاء أوراقها في المكان، ثم ضغط أحدهم على زر فتحولت الشجرة اليانعة الخضراء إلى شظايا ...أمسك قائد هم الجهاز بقوة ..التمعت عيناه وهو يقول : دمر الهدف سيدي.








مخاوف دراقة



وتقول في نفسها : يا شؤم نفسي ويا همي ويا كدري ويا حزني ويا ألمي .

هل أنا الدراقة المعروفة بين الفاكهة , أحمل هذه القشرة الخشنـة و اللون الأخضر الدال على غير نضوج , من سينظر إلي , من سيقطفني , من يعيرني بعض اهتمام و اهتمت لأمرها ومضت الأيام و خفق قلبها بألوان الحياة وتضرج خدها بخجل أحمر ما عرفه غيرها , ودنت منها يد خبير وما أن جذبها واستقرت في كفه حتى استبان أنها نزعت عنها قشرة رقيقة شفافة حمراء وظهرت الدراقة مشعشعة شهية تسيل عذوبة و حلاوة وفجأة ذابت خجلا" من حر أنفاسه إذ كانت تحمل اضطراب عاشق ولهان .




+++







الخيِّرُ والغيث



أراد رجل أن يناقش الغيوم، فقرر أن يعمل الخير فإن كان عمله جيداً فإن الغيث سيهطل غزيراً.

في اليوم الأول كان الخير، كثيراً لكن المطر قد انحبس.

وفي اليوم الثاني والثالث أيضاً انحبس الغيث ، بالرغم من أن الخير كثير، لكن الرجل كان مؤمناً بأن الغيث سيهطل يوماً ما فبقي يعمل الخير خمسين سنة بينما بقي الغيث منحبساً. . .

ذات يوم مات الرجل الخيِّر، فانهمر الغيث غزيراً ويقال إنه استمرَّ خمسين سنة.




+++

لــــقـــــاء



في مقام رجل طاهر التقى رجلان أراد كل واحد دعاء الله، فقال الأول للثاني: أراك تنوي دعاء الله مباشرة دون وساطة المقام فهز الثاني رأسه وتابع دعاءه.

قال الأول: تعال وادع بجانب المقام، لن يغفر الله لك وأنت تحمل كل تلك الذنوب والمعاصي فهز الثاني رأسه وتابع دعاءه. . . وتبين أن دعوة الثاني قد استجيبت، بينما بقي الأول يدعو بجانب المقام.




+++

الـحـَفَّــار



التعب نال منه منالاً ليس بقليل وهو يجمع الجواهر من تحت الأرض فكلما حفر قليلاً ظهر فم جديد يغرز يده في الفم، ويخرج تلك الجوهرة وهكذا... لكنه لم ينتبه إلى الكومة وراءه وعندما أدار ظهره وجد جبلاً عالياً من الجواهر. . . فتح عينيه. . . تأمله قليلاً ثم تابع عمله.


+++

عــــــادة



اعتاد أهل القرية غسل الثياب على ضفة النهر أخذت أم ساهي ثيابها وثياب ولدها الذي تفتخر به أمام الجيران وأمام القرية بأسرها رغم أنها ترى نظرات غريبة في عيونهم لكنها تفسرها بالحسد وضيق العين، وأخذت أم ساهي تضرب طقم ولدها بالعصا وحولها نساء القرية ذهبت النساء بعد انتهائهن من الغسيل بينما بقيت أم ساهي تضرب طقم ولدها الكحلي وهي مستغربة كل الاستغراب من هذا الطقم الذي لا ينظف مع كل خبراتها التي جربتها. أخذت تحكه بصخرة قرب النهر، تغمسه تخرجه من النهر الذي تلون باللون الأسود في النهاية نفذ صبرها وهي المرأة الصبورة فضربت الطقم بالعصا ضربة قوية سمعت لها صراخاً عالياً وأطل ساهي برأسه من داخل الطقم.




+++



مَـــــــــنْ ؟

سألته عن اسمه فقال: موسى عيسى المحمد. قلت: ما شاء الله لقد جمعت الأديان الثلاثة في اسمك، وما اسم جدك ؟ قال: آدم .

قلت: أمك ؟ قال: مريم.

قلت: أعمامك ؟ قال: سليمان وإدريس ويوسف.

قلت: أخوالك ؟ قال: يعقوب وزكريا وإسماعيل.

قلت: أخوتك ؟ قال: يحيى ويونس وداود.

قلت: إذاً فأنت قريب من الله. . . قال: مَنْ ؟؟!

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 07:59 PM
بــأمــرِك




جاءني غاضباً قال: أنت غير محترم. قلت: بأمرك.

قال: أنت أحمق. قلت: بأمرك.

قال: أنت جبان. قلت: بأمرك.

قال: أنت. . . قلت: بأمرك.

وصمت قلت: أتدري لقد أخطأت بحقي. قال: بأمرك.




+++



مجموعةٌ فريدَة

الشعر الحريري يتغازل فيما بينه وهو يهطل على صفحة ظهرها شدهت الأم حين فتحت الباب فقالت لابنتها: ما هذا اللباس يا مايا إنه يظهر أجزاء كثيرة من جسدك ؟ فأدارت مايا ظهرها فتمايل ذلك الشعر الحريري وقالت: وإن يكن أو لست أبدو فيه أجمل ؟ فرمشت أمها مرتين وقالت: لكن يا مايا أنت ستخرجين إلى الشارع وهو مكتظ بالناس فأدارت مايا ظهرها فتمايل ذلك الشعر الحريري وقالت: ما لي وللناس وهل سيأكلونني ؟ في المساء عادت مايا وهي تشعر بشعور بعث فيها الفرحة لكن شيئاً ما جعلها تحك وجهها، ما هذه الكتلة ؟ وإذ بها عين مفتوحة عن آخرها فنظرت مايا في المرآة وإذ بالعيون تفترشها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها فعين سوداء وعين خضراء وعين زرقاء فأدارت مايا ظهرها ولم تدر أن في منتصفه عين عوراء قد زينت مجموعتها الفريدة.




+++



هكذا تكونُ البداية

صادقت شاباً، كان له أختٌ بارعة الجمال. . . أخبرته مرة أن شخصاً يراقبها وهي تدرس على الشرفة، فهز رأسه وقال: وإن يكن لتحسبها في الجامعـة !.

مرت الأيام، وأخبرته مرة أخرى أن ذلك الشاب قد اعتاد الاقتراب من الشرفة وهو يرميها بكلمات من هنا وهناك، فهز رأسه وقال: وإن يكن لتحسبه مثل أخي الصغير الذي يرميها بكلمات طوال النهار.

مرت الأيام، وأخبرته مرة أخرى أن ذلك الشاب قد علا سطح البناية المجاورة وهو يراقبها وهي تخلع ملابسها، فهز رأسه وقال: وإن يكن لتحسبها على البحر.

ذات يوم عدت أنا وصديقي إلى منـزله، فشاهدنا ذلك الشاب يقفز من الشرفة وما إن رآنا حتى ولى هارباً، فعلا الغضب وجه صديقي واحمر واصفر وهم بالركض خلفه، فأمسكته وهدأت من روعه وقلت له:

فلتحسبه مثل صهرك !!.

حلب - ‏تشرين الأول / ‏99




+++




صاحب القنينة



صديقان ... قال الأول للثاني بعد أن نجح ودخل كلية الطب البشري :

لماذا لم تتقدم إلى الامتحانات.؟

قال الثاني : مرت بفترة عصيبة دفعتني للشرب كلما تذكرت الامتحانات.

مرت الأيام وتخرج الأول طبيبا ناجحا وإذ به يرى صاحبه قال له : ماذا تفعل هذه الأيام , قال : القنينة معي ومازلت أشرب كلما تذكرت تلك الأيام .

مرت الأيام وأكمل الطبيب اختصاصه في جراحة القلب وإذ به يرى صاحبه قال له : أخبرني ماذا تفعل هذه الأيام قال : القنينة آه من منها.؟!

مرت الأيام وفتح الطبيب عيادة وأشتهر في الأمصار , مر بسيارته بجانب صديقه وقال له : ماذا تفعل : قال والقنينة في يده : مازلت أذكر تلك الأيام .

وأجرى طبيب القلب جراحة خطيرة يوما فمات المريض من خطأ فادح حيث أنه تذكر صاحبه في غرفة العمليات وسحبت الشهادة منه وأغلقت عيادته وكلفه ذلك أموالا طائلة, مشى في الطرقات على غير هدى وإذ بسيارة فارهة تقف بجانبه نظر وإذ به صديقه صاحب القنينة قال له : من أين لك هذه السيارة : قال لقد عفا الله عني

فجمعت كل تلك القناني وبعتها واشتريـت هذه السيـارة .؟




+++



لوحة إعلانات



على أحد أبواب المدينة الجامعية كتب أحدهم بخط صغير بزاوية الباب فوق المزلاج :

صديقي العزيز الغالي قيس لقد أتيت من القرية ولم أجدك وأريد أن أنام عندك اليوم وانأ مشتاق إليك كثيراً .

وذيل كلامه:الساعة العاشرة صباحا .

قيس العزيز بحثت عنك في الكلية وفي كل المدينة ولم أجدك أتمنى أن تترك نسخة من المفتاح عند جارك.

الساعة الثالثة ظهراً.

الغالي قيس

أتعبتني....... لقد أتيت ولم أجدك...؟ مرة ثالثة قيس سوف أنام في الخارج إن لم تأت .



الساعة التاسعة ليلاً .



قيس .... أين أنت ...لقد انقطعت المواصلات.

تبا لك قيس .




+++



الوسادة الخالية

على الوسادة كان رأسه يحاول أن يغرق كي ينام بعد هذا اليوم الشاق لكنه تذكر أنه لم يرسل الفاكس إلى شركة التأمين فقام نشيطا ً أرسلها وعاد إلى وسادته مطمئن الضمير يـريد أن ينام قرير القلب لكن عينيه أبتا أن تغمضا , شعر حينها أن هناك أمرا لم يفعله , بعد تفكر تذكر أن صديقه خالد كان قد طلب منه الاستفسار عن موضوع الاستثمار فقام سريعا اتصل عدة اتصالات وتكلم مع خالد وضحكا , ثم ذهب إلى وسادته فرحا حين أتم ما عليه , لكنه شعر أن شيئا قويا يدفعه للقيام بأمر أخر , اتصل برقم قال له أرجوك أرسل طاقة من أفضل ما لديك من الزهور على العنوان التالي واكتب عليه كل عام وأنت بخير ... حبيبك .

وعاد لم يعد يفصله فاصل عن النوم.......... لكنه تذكر جرة الغاز فقام وأغلقها ثم الغسالة ثم برنامج مضاد الفيروسات ثم تحديثه وبرامج صيانة الحاسب ثم تذكر أمه وأباه وأخته فاتصل بهم ثم تذكر صديقا له في المهجر فبحث عن رقمه وبقي طويلا يحادثه بقي كذلك طويلا ينتقل من عمل لأخر وهو يتم كل الأعمال بنشاط وهمة عالية لكنه ما زال يشعر أن أهم أمر لم يقم به لحد الآن لكن التعب نال منه فوضع رأسه على الوسادة وغط في نوم عميق وإذ بصوت أذان الفجر الحزين يعلن مضي يوم أخر .


+++

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:03 PM
الغيمة المضطربة



أمام الهاتف العمومي ومن بين كل الناس كانت ترقب دورها من بعيد بهدوء ...

وعلى عكس الناس لا يظهر على وجهها البسيط ما يعتمل به صدرها .. إن أخذ أحد دورها تكتفي بالنظر إليه , الجو كان ساكنا" .. لسعة من البرد تمر أحيانا" الغيوم في السماء تضطرب دون أن تلوح بالمطر .. كان كل من يتحدث بالهاتف يريد نقودا" .. حاجيات .. طعاما" .. هذا يغازل فتاة .. وذاك يحادث صديقاً , وكان دوري الأخير .. جاء شاب مستعجل وكأنه يريد خطف السماعة بفظاظة ولولا أنه قال مبررا" إني مستعجل , سأتكلم بإيجاز .. لما سمحت له وتحدث وأطال .. نظرت في السماء ,كيف لهذه الغيوم إن تنهمر بوجود هذه الأفعال .. أما هي فكانت صامتة لا تعترض .. وتحدث آخر وهي صامتة يلتف الوشاح حول رأسها .. كان بودي أن أعطيها دوري لولا أنه الأخير فقد شعرت بتعبها أنا المتأفف التعب .. وحين جاء دورها وبعد أن سلمت قالت: كيف حالكم ؟ هل تعشيتم ؟ كيف حال أبي ؟ غطوه جيدا" كي لا يبرد لقد تأخرت بالاتصال لأن دروسي كانت متأخرة .. نعم أنهيت دوامي .. وبكل حنان حييتهم..إني قادمة وأعطتني السماعة تاركة دفء يدها عليها وتركت ما تبقى من نقود ومشت .. نظرت إليها وهي ذاهبة استرجع حديثها خلال اقل من دقيقة ثم أعدت الاتصال بآخر رقم في الذاكرة آلو : كان طفلا" صغيرا" بريئا" قلت له من حادثتكم قبل قليل يا صغيري فقال لي : إنها أختي ، وأين والدك ,قال إنه مريض , وأين أمك ؟ قال :إنها ميتة ,كم عدد أخوتك ؟ قال :ستة . أغلقت السماعة أبحث عن الفتاة التي اختفت وكان الغيث قد بدأ ينهمر غزيرا" جدا" لحظتها .







+++
حين مشيت في غابات روحي






حالة من اليأس والحزن والتشتت والضياع , حالات من البعد والقهر والنكوص انتابتني ... مشيت إلى الغابات نظرت من الخارج ... غابات ضخمة باسقة الأشجار متعانقة الأطراف ... متداخلة الأوراق .
دخلتها متوجساً ... نظرت داخل الغابة ... ظلام مخيف موحش عشش في أرجاء المكان ... برودة لسعت أطرافي. قدماي تغوصان في طين لزج ... روائح كريهة تعم الأرجاء وما أراني إلا خارجاً هارباً منها ... في ركن قصي منها شاهدت أزهاراً لكنها كانت ذابلة هزيلة يائسة كيأسي ... صممت على الخروج ... حانت مني التفاتة إلى الأعلى وبالكاد رأيت بصيص نور يلمع مخترقاً ظلمات هذه الغابات وسقطت ورقة صفراء فرحت بسقوطها .. وأخذت أنظر فوقي ... فامتد بصري بعيداً بعيداً إلى طبقات كثيفة من الأغصان تمتد وتحجب النور عن أرجاء الغابة ... فيعم الظلام ... وانتابني فيض من يأس عارم وشعرت بخوف ما شعرت بمثيله وكأني أبصرت كل شياطين الأرض ... تستوطن الغابة وتزيد من يأسي ... لكن بصيص النور عاد وامتلكتني لحظتها قوة عارمة ... فهززت الأشجار بكل قوتي ... فأخذت الأوراق الصفر تتساقط ... وتتساقط تملك الأجواء وتملكالأرجاء ... وملأت الأرض ... آلاف الأوراق من ارتفاعات بعيدة تتمايل وتتهادى وتعبر طريق الفناء , خشخشة الأشجار تصم أذناي ... رجع الصوت وصداه بعيد المدى .

دوامة من التفكير تبتلعني ... وشريط الماضي يعرض أمامي ... كيف

نبتت هذه الأوراق الصفر حـاجبة النـور والضياء عن الغابة ...كيف لم انتبه إليها ... كانت كل ورقة تتهادى تقترب مني وتكاد تصطدم بعيني ثم تنحرف جانباً ... أرى واحدة كتب عليها خيال فاسد وواحدة كتب عليها أمنية ضالة وواحدة كتب عليها فكرة سوداء ... وواحدة كتب عليها حقد ماض وواحدة كتب عليها ..........أهواء عاتية تحاصرني ... وكأن الغابة المظلمة كانت مستودعات لظلمات وعفن وسقم ... ألح علي الأمل فهززت أكثر وأقوى ...


سقطت الأوراق حتى وصل ارتفاعها إلى ركبتي ... وهززت أكثر حتى وصلت إلى صدري ... أوراق صفراء تهر وتهر ... حتى غطت رأسي وما عدت أملك القوة وكأن جبالا من الذنوب تكومت فوقي وفقدت قوتي فاستسلمت لنوم أو ما شابه ... وحين أحسست بيقظة أو ما شابه كانت أشعة الشمس الدافئة تداعبني ... استيقظت نظرت ... دهشت ... بحثت عن نفسي بين الأوراق ما وجدتها نظرت ما عرفتها وإذ بي ربيع تفتحت براعمه على الأشجار وزهراً متلألئا فائح الرائحة على المروج ففرحت وضحكت وأخذت انتظر الزهر والثمر.
حلب 20/1/2003



+++



بذور الورد


بانحناءته الظريفة وكلماته المنمقة ونظراته وإيحاءاته , تقـدم نحوي ممسكاً بوردة حمراء نظرت فيه , كانت كلماته تبهرني وأوشك أن أذوب في دوامة الأحاسيس اللذيذة التي أفقد نفسي فيها , شكل الوردة ولونها يغريني لكن شيئا ما يمتلك إرادتي فأمسك بالوردة وأرميها جانباً وينصرف الشاب خجلاً .. وأنسى الشاب وأنسى الموقف وأنسى نفسي و إحساساتها لكني لا أنسى الوردة وهي تقبع في الركن الركين تأخذ همي فأراها تذبل سريعاً وتجف وتذود الرياح أوراقها , فأعرف زيف عواطفه وأشعر بحزن يلفني ولا أجد تفسيراً له في كل معاجم الأرض .

لكن الموقف هذه المرة اختلف وأقبل هذا الشاب الوسيم واقترب مني , بحركاته أشعر صدقاً مطمئناً , وبكلماته أشعرمعان طافية , لا أرى برقاً خلباً في عينيه إنما نظرات مستقيمة تحمل رجاءً لكن حزني حذرني , نظرت إلى يديه أبحث عن الوردة الحمراء التي أعرف مصيرها مد يده وفاجئني ما كان يحمل وردة . فتح يده وإذ ببذور صغيرة نظرت متعجبة , لا أدري شعوراً أو فكراً يمس أو يعرف قد انتابني , لكن شيئاً ما امتلك إرادتي دعمه العجب وعدم الفهم فضربت يده فتطايرت بذور الورد وافترشت المكان من حولي وانصرف الشاب حزيناً , وأوقعني ضحية الأفكار والهواجس هذه المرة وشعرت أن شيئاً ما قد نما في قلبي هذه المرة أبصرت المكن من حولي , كانت البذور قد نمت وبدأت تكبر مع مشاعري وأحاطتني براعم خضراء وشعرت حينها كم كانت تعني هذه البذور لذلك الشاب , كم كان يفكر بي وكما كان يعيش لحظات صادقة أراها الآن تفتحت من حولي وأشعر به يقلم ويشذب كل شجيرة ويسقيها وينزعقديم ورقها , وجاف وردها ويجمع بذورها ويتقدم إلي وأنا فعلت ما فعلت . أين أنت أيها الشاب وفجأة اهتزت الورود وظهر الشاب من بين الشجيرات ففرحت وتفتحت كل الورود لحظتها وعبقت بأجمل الروائح اللطيفة ونمت الشجيرات من حولنا وتكاثرت ولفتنا بآيات الجمال فاختفينا في جو من عطر وزهر وسعادة.
**

سيقولون سبعة و ثامنهم


ندف غيم صغيرة متناثرة تلوح في سماء الله , وقد تشكلت ذيولها وذوائبها مع ذيول أشعة الشمس الغاربة البرتقالية اللون الباهتة الإضاءة , الممتزجة مع لون السماء الفيروزي المائل للزرقة , وحركت نسمات فرشاة خفيةلتمتزج الألوان بعضها ببعض وتتغير أشكال الغيم فتفتـح آلاف الأخيلة المتلألئة المتموجة الخفيفة اللون , الجميلة الشكل , داعيةً النفسَ للتأمل والقلب للجلاء والعين للرشف والأذن للتذوق .

قال الأول للثاني : انظر ما أجمل الغيوم .

قال الثاني للثالث : انظر ما أجمل ندف الغيوم الصغيرة قال الثالث للرابع : انظر ما أجمل تموجات ندف الغيوم الصغيرة .

و قال الرابع للخامس : انظر ما أجمل الألوان المختبئة في تموجات ندف الغيوم الصغيرة .

وقال الخامس للسادس : انظر ماأجمل تناغم الألوان المختبئة في تموجات ندف الغيوم الصغيرة مع تناغم الحياة على المروج الخضراء .

وقال السادس للسابع : انظر ما أجمل تناغم أفكار الإنسان مع الجمال المنثور في الطبيعة . وقال السابع للثامن : انظر ما أجمل المختبئ في طيات الإنسان الذي يبحث عن الجمال في آية من آيات الله المتشكلة من تناغم ألوان مختبئةفي تموجات ندف غيم مع الحياة على المروج الخضراء فتبارك الله في ما صور وأبدع في واحدة من آياته جاعلا" الإنسان يسبح بحمده وجلاله وجماله إذ تعرف إلى جمال مختبئ في طيات نفسه من ألوان جميلة مختبئة في تموجات ندف غيم صغيرة في هذه السماء فينجلي القلب وترشف العين وتتذوق الأذن وتتأمل النفس .

نظر الثامن إلى السماء ثم إلىالسبعة وقال:لكن أين الغيوم .






+++






الاثنان





الواقف على حافة الاتجاه والمسجون في شق اتجاهات ثلاثة , وكتل من الوقت تخبطرأسه متوالية وذئبان ينهشان لحمه وقيود تقيد جسده , ونيران تحرق نفسه , وسراب يشغل فكره , ويأس يحتل قلبه وموت ينتظره , وجـهل يستعمر عقله , وجفاف أصاب عاطفته , وضياع التف حاضره , خطيئة سادت ماضيه وهلاك تربع على مستقبله , وقيح وصديد ينبع من خلاياه , وطبول تقرع في أذنيه , وشعب كأنه مولاهم لكنهم خانوه , وعقم يلفه ويحيل كل رأي كل فكرة كل عاطفة إلى يباب , إلى صحراء قاحلة عطش يمحق جوفه , صليل يسري في عظامه , وإرهاق أصاب أعصابه . عصر نفسه وركز فكرة أراد أن يتخيل فسحة يقيلفيها , وإذ به مرمي في بقعة صغيرة خالية , تصفد العرق من جبينه اختلى بأفكاره هل أنا بمأمن من وساوس تنخر فكره , ويظن بالله الظنون , وراح ينظر كالمرتقب الزبانية , لم يأت أحد لكنه ظل متوجساً أبصر نقطة سوداء أمامه اقتربت وبدأت تكبر وتظهر للعيان , إنه .. إنه , كان يمشي ببطء وقد أحنى ذيله للأمام , لون أسود تقشعر الأجساد منه , وتقسم جسده لأقسام كأنها دروع إنه عقرب أسود مخيف , ونال من الفزع كل منال , لكن فكره طمأنه بأن العقرب يقتل بضربة واحدة , الحمد لله , العقرب يمشي يبطئ عاودته الوساوس وسلكت الشياطين كل منفذ إلى فكرة فقال في نفسه ماذا لو كانت له سرعة الصرصار وتحمله للضربات , ماذا لو كانت أرجله أطول وكان يقفز كالجرادة , ماذا لو كانت له أنياب أفعى وسمها , واقترب العقرب أكثر ونهض صاحبنا سريعاً رافعاً قدمه وكأنه يريد دهس حيوان كبير , استجمع قواه , سدد بصره وانهال بقدمه , فقفز العقرب كجرادة خفيفة , وانهال عليه بضربات عديدة لكن العقرب مشى بسرعة وأظهر أنياباً يسيل عليها سم زعاف فخاف خوفاً شديداً وفر فرار الفأر من الأسد واختفى في البعيد وتناقلت الأجواء ضحكات مفعمة بالحيوية وأطل طفل صغير من بين الشجيرات وحمل عصا صغيرة وأخذيلهو بالعقرب ويحمله بطرفها ثم ضربه على جسده ضربة صغيرة فقتله وراح يلعب في أرجاء الأرض الواسعة شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً .



+++

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:09 PM
الاحتمال المتبقي



في إحدى مقاهي الانترنت مضت علي أكثر من ساعة وأنا أنتقل من موقع لآخر، لا أعرف كيف ساقتني قدماي إلى هذا المقهى ، ولا أعرف إلى أين ستقودني أصابعي، وبعد أن دخلت موقعاً للمحادثة كان الموقع مألوفاً لدي ،بل مألوف جدا ، وكان على الطرف الآخر شاب قد كتب : اسأل عن أي شيء ترغب به وأنا سأجيبك ، لا تسأل أسئلة في مجال الأخبار أو الحيوان أو العلوم أو النباتات بل اسأل عني ، تعجبت كل العجب من كلامه فأردف : قد أعرف الكثير من العلوم والأخبار أو أمور أخرى، لكن لن أعرف فيها أكثر من نفسي، وأنا لست فناناً معروفاً أو سياسياً أو أديباً إنما إنسان عادي،وإنسان عادي جداً فقط .وأنا جاهز للإجابة عن أي سؤال تطرحه. كانت كلماته تجذبني أكثر من أي شيء آخر ، ربما كنت أحاول حينها الهروب ، الهروب من أي شيء تهرب من مشكلتك مع خطيبتك ، لم تستطع حل مشكلة السكن , وبعد أن حفيت قدماك وأنت تبحث عن منزل مناسب ، ليس مناسباً بالشكل بل بالسعر , لكن حماتي أقصد مستقبلاًً , انهالت علي لوماً بأنه منزل بعيد وصغير لا يناسب ابنتها المصونة , حاولت أن أزيد من دخلي بشتى الوسائل فقررت أن أعمل عملاً إضافياً وهنا تكمن المشكلة لأني لا أعرف مهنة غير هذه المهنة والتي ليس فيها أي مجال للعمل بالقطاع الخاص وهي التنقيب الجيولوجي .في البداية قررت أن أعمل دهاناً مهنة جيدة وتدر النقود بالإضافة لسهولتها , ساعدني بعض الأصدقاء واتفقت مع أحدهم , كان مختصاً لكنه كان يريد عاملاً مختصاً أيضاً , وحين سألني هل تجيد العمل هززت برأسي بثقة متأملاً تطوري بشكل سريع وقلت في نفسي إن الأمر سهل كلها فرشاة تحركها نحو الأعلى والأسفل , لكنه طردني بعد أن أفسدت الدهان كلياً , حاولت من جديد وعملت مع أحد النجارين , مهنة النجارة أسهل ,خشب ومسـامير،منشـار ومطرقـة , لعلها أفضل من الدهان , لكنه طردني بعد أن أفسدت خزانة وخلطت مع الغراء قليلاً من الماء، لم أنس بعدُ مهنة الدهان , بعدها صممت على النجاح وعملت عند أحد الخياطين هنا لا يوجد غراء ولا طلاء ولا ماء ولن أخلط شيئاً , وبالفعل لم اطرد هذه المرة بل أنا الذي هربت قبل ذلك حين خطت بزة بغيابه وكانت المقاسات غريبة وعجيبة وازداد الهم النفسي وفي كل مرة كانت خطيبتي تحثني على متابعة البحث , وأنا لا أعرف من أين تأتي بكل هذه العبارات والجمل المنسقة والحماسية وتستشهد بقصص لـم أعرف مصدرها، وتبث التفاؤل والعزيمة فيّ , وتتراءى لي أحلام البيت الجـديد فأندفـع للبحـث , كنت هائماً بعد آخر مرة وكلمات خطيبتي ترن في أذني , محّص النظر يا حبيبي وستجد العمل المناسب إننا في مدينة كبيرة. محص , سأمحص . هل أعمل في مجال الكمبيوتر , إن لي خبرة جيدة به , لكن مكاتب الكمبيوتر كثرت وانتشرت وأصبح كل من لا عمل له يعمل بها , لا جدوى , محص النظر يا حبيبي سأمحص . التصليح , تصليح المسجلات والتلفزيونات , مسجلتي القديمة كنت أصلحها بنفسي وأفهم شيئاً بالتصليح لكنها مسجلة صغيرة وقد خربت الراديو آخر مرة , وإذا خربت أحد الأجهزة سيكبدني ذلك مبلغاً من المال , يا إلهي ماذا أفعل , محص، من أين لي تظهر لي كلماتها , كانت عينـاي تقلبـان النظـر في الأرض , تمحصان في حجارة الطريق , محص يا حبيبي محصت يا حبيبتي وها أنا أتمحص , أصبحت كحبة فستق , تخيلي حبة الفستق كيف تتحمص في المحمصة، تخيلي حبة فستق كبيرة كحجمي وأصبحت في محمصة كحجم هذا البلد بل كهذه الكرة الأرضية بل كهذا الكون أنا أتمحص أنا أتحمص – أتمحص .ثم دخلت هذا المقهى وأنا أمام هذا الموقع الآن لعلي أضيع فيه وأنسى مشاكلي وهمومي , ماذا تريد أن أسألك يا صديقي الإنسان العادي ،والعادي جداً .

طيب كم عمرك

ـ ثمانية وعشرين (مثل عمري تماماً ماذا تعمل)

ـ موظف

ـ ما هي شهادتك

ـ مهندس جيولوجيا

ـ ما هذه المصادفة , نفس العمر والشهادة والوظيفة , وكيف حال وظيفتك هل أنت مرتاح بها .

ـ إيه , مرتاح يعني بين بين

ـ ولماذا ال إيه هل لك مشكلة احك لي ,

ـ وبدأ هذا الإنسان العادي يسرد مشكلته مشكلتي أني خاطب وكنت أبحث عن منزل مناسب ليس مناسباً بالشكل بل بالسعر ،لكن حماتي أقصد مستقبلاً انهالت علي لوماً , بأنه منزل بعيد وصغير لا يناسب ابنتها المصونة .

ـ إنها نفس قصتي , أكمل.

ـ وحاولت أن أزيد من دخلي بشتى الوسائل .

ـ فقررت أن تعمل عملاً إضافياً .

ـ نعم كيف عرفت.

ـ وعملت دهاناً.

ـ نعم من قال لك.

ـ وحسبت الأمر سهلاً فرشاة تحركها نحو الأعلى وأخرى نحو الأسفل ثم طردت .

ـ نعم نعم.

ـ وعملت نجاراً ثم خياطاً وهربت آخر مرة.

ـ نعم لكن من أخبرك كل هذه التفاصيل.

ـ ثم همت على وجهك وبدأت تمحص النظر مثل كل مرة وأصبحت تتحمص كحبة فستق في محمصة كبيرة ولا تقل لي أيضاًً إنك دخلت مقهى للانترنيت.

ـ لا هذه الأخيرة لا , لكنك تعرف عني الكثير.

ـ اصمت كل ما رويته قد حصل معي بالحرف وبأدق التفاصيل من أنت أيها الجاسوس كل أخباري بل حتى أفكاري أخبرني ،ما اسمك فكتب لي سريعاً اسمه عبد الله آدم.

ـ إنه اسمي حتى اسمي أيها الوقح من أنت، فصمت الآخر ثم كتب لي تمهل الآن أدركت الأمر لعلك واحد جديد.

ـ أي جديد وأي قديم.

ـ قلت تمهل هل تعرف لقد اتصل بي عشرات أل عبد الله آدم أنت في عالم الانترنيت يا صديقي عالم جديد يتيح لك التعرف على الدنيا بسهولة ويسر ويوجد مثلي ومثلك الكثيرون ويحملون الاسم ذاته وتجري لهم الأحداث نفسها, لكن بفارق صغير, هناك اختلاف طفيف في الأحداث وكل اختلاف يغاير الآخر انتظر لحظة إن أحدهم يتصل بي, كان كلامه قد شل تفكيري هل أنا في حلم أم ماذا, بعد قليل دعاني إلى حوار مفتوح مع كل أل عبد الله آدم اللذين يعرفهم , المتشابهون كثيراً والمختلفون بمقادير صغيرة وصغيرة جداً وجرى الحديث , كان حديثاً طويلاً مشوقاً كان أشبه بمتاهة ,وقد أضعنا بعضنا فقررنا أن نرقم أنفسنا أنا عبد الله واحد وهو عبد الله اثنان وهكذا , واندمجت بكل كياني في هذا الحوار العميق جاءني سلام من عبد الله خمسة ثم من ثلاثة وانهالت علي عشرات الترحيبات , سأل كل واحد منا عن حال خطيبة الآخر وانهالت الضحكات بعد جواب : إنني أمحص النظر , لقد كان هذا الحوار بمثابة النظر في مرآة تقابلك , لكنها محرفة قليلاً والأغرب هو أن عليك أن تصدق أن هذا المقابل هو شخص آخر يشبهك كثيراً , وبدأنا نستمع إلى بعضنا , وكل منا يسرد أخباره , وعندما كان عبد الله السادس عشر يسرد واقعة جرت معه وكيف فكر ومحص ثم اتخذ القرار الذي رآه مناسباً , أضاف كل عبد الله رأيه وكيف كان موقف كل واحد منا , واتخذ قرار يغاير الآخر , لعل بعضنا فكر بكل الاحتمالات ثم اختار ما يناسبه , وكان كل واحد منا يقرأ في سيرة الآخر ماذا كان سيحصل له لو اختار القرار الآخر, كنا نتبادل الخبرات ونعرف ماذا كان سيحصل لنا لو اتخذنا قراراً آخر فكان منا السعيد ومنا الحزين والناجح والفاشل والمتخبط والمستقر والمفكر والبليد والأهم أن كل واحد كان راض بما جرى خصوصاً بعد أن اطلع على سيرة الآخرين, ومن أمام الجهاز كنت أشعر بنشوة عارمة ونسيت خطيبتي ,وحين تأملت الإجابات أحسست بأن إجابة واحدة مفقودة وانتابني ألم شديد في رأسي و تراءت لي حبيبتي حزينة ,وفجأة طرحت سؤالاً على كل ال عبد الله آدم ,وماذا فعلتم يا شباب بشأن التمحيص وبشأن العمل وبشأن البيت وبشأن حماتكم أقصد مستقبلاً , لم يردني أي جواب ولم تنهال علي الاحتمالات وكأن كل واحد ينتظر الجواب وينتظر الحل , يا شباب لماذا لا تجيبون تعرفون ماذا يعني هذا, هذا يعني أن هناك عبد الله آدم لم يتصل بنا وانسابت عدة ثواني ثقيلة هذا يعني وجود عبد الله جديد لم نعرفه ولم نجربه وهنا أحس كل واحد منا بوجود هاجس كان يطرق رأسه , قرار لم يستطع اتخاذه وحل لم يستطع التوصل إليه وتحقيقه , وتجربة لم يجربها هي تجربة عبد الله المفقود في أذهاننا , يا شباب أظن أن عليكم البحث عن عبد الله المفقود عبد الله الذي وجد عملاً وغلب حماته وتزوج حبيبته وانتصر على ظروفه , إنه الاحتمال المتبقي وعليكم أن تمحصوا النظر جيداً لتعثروا عليه . ومن حينه لم أعد أرتاد مواقع المحادثة في الإنترنت.



اليعربية 5/9/2001




+++

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:11 PM
مُتْ قاعد








في الشارع الطويل الفارغ، وقف شابٌ كسير النظرات، حزين البسمةينتظر حافلة تقله إلى منزله وهو يحتضن الشارع بنظرات حيرى تلف على نفسها قسمات من السكون ... يشابه السكون الذي يتبع اتخاذ القرار الصعب، كذاك الذي ينازع المرء على إنسانيته .. أشلاء من الحزن بدت على مُحيَّاه، الغبش يجلل تفكيـره، هموم أسرة ينوء كاهله بها تفرض نفسها على تفكيره، وينصرف عنها وكأن سيلاً قد داهمه، ليصابَ بشللٍ عقلي يشابه يداً خدرة ... كان مستعجلاً وحالما توقفت أمامه تلك الحافلة الرمادية الهرمة _ وكأنها قد فرَّت من متحف للآثار _ ركب فيها متشككاً لأنه لم يشاهد عليها أيَّ كتابة تدلُّ على وجهتها، وحالما أغلق الباب وجلس ظهره إلى ظهر السائق على المقعد الصغير حيث لم يجد مقعداً فارغاً .. ألقى التحية بحكم العادة .. لكنه لم يتلقَّ أيَّ ردٍّ ؟!!

رفعت عينيَّ وتأمّلْتُ الوجوه أمامي .. بهتُّ للوهلة الأولى .. يا لها من صدفةٍ غريبةٍ، كان جميع الركاب مسنين وقد نالتالسنون منهم منالاً ليس بقليل .. وجوهٌ مضطربةُ النظراتِ، تعبةٌ كتعب مسافرٍ قادمٍ من أقصى البلاد .. والترهلات والتجاعيد عند العنق تزداد أكثر فتأخذ شكل حبلٍ خشنٍ ثخينٍ يلتفُّ ببطءٍ ورويَّةٍ ... ينظرون بكسل إلى الأمام وإلى الأمام فقط .. لا يعبؤون بما يحدث خارجاً على اليمين أو اليسار .. سارت بنا الحافلة بسرعة وهي تجتاز كل السيارات ولا تقف عند أيِّ إشارةِ مرورٍ .. اندهشت من تلك السرعة المتواترة وغير المنسجمة مع كبر السائق والراكبين، فأدرت رأسي مخاطباً السائق: لِمَ العجلةُ يا عم ؟ فأطلت عليَّ من المرآة الأمامية عينا صقر هرم وقال: الزمن لا ينتظر أحداً يا ولدي ولعلي أوفق بتمكين أحدهم من النزول .. فاتخاذ القرار في هذه الأيام أصبح من أسهل الأمور .. ؟ دارت كلماته في رأسي واصطدمت بجدار قاسٍ وحين لم أفهم شيئاً هززت بكتفيَّ غير عابئ بكلام رجلٍ عجوزٍ بينما أخذت سرعة الحافلة تزداد أكثر .. ؟ أخذت يد السائق تعبث بإبرة المذياع فجاءنا صوت المذيع العتيق .. توفي اليوم الأستاذ أبو عمر المدير القديم لمدرسة الاتحاد العامة عن عمرٍ يناهز الثمانين وقد وُجِدَ في بيته بعد أن مضى على وفاته يومان دون أن يدري أحدٌبه، وفي الحيِّ الغربيِّ توفي الشيخ حسن عن عمرٍ يناهز الخامسة والسبعين، أما في وسط المدينة ... وتابع المذيع أخبار الوفيات، سرَتْ بي قشعريرة مرَّتْ كتيار كهربائيٍّ من هول هذه الأخبار، لم تحوِ نشرة الأخبار سوى أخبار الوفاة، لا حول ولا قوة إلا بالله .. رفعت رأسي وتأمَّلْتُ الراكبين أمامي الذين كانوا قد أنهوا قراءة الفاتحة لتوِّهِم والكل قد تلبَّسَتْهُ حالة خشوع غريبٍ، وشقَّتِ الرهبةُ طريقها نحو وجوهِهم فزادتها عمقاً، وسمعت أحدهم يقول لجاره: أتعرف أبا محمود _ رحمة الله عليه _ لقد تلقَّيْتُ منه رسالةً، اسمع ما قال فيها: حين حاصرتني عقارب الساعة وعلَتْ نيران الوقت في السماء تلتهب غضباً أسوداً ترمَّلتِ الأحلامُ بين دمعة ودقة ... عصَّر القلب في دورات الساعة الانتهازية وأصبحت العقارب سهاماً تنغرز في الخاصرة .. جاوزت نفسي حدَّ الوقت بعيداً عن غياهب الضمير والتفافاته وكُنه القرارات وامتعاض أصحابـي ونعمت يومها بصرخة راحة دون رقابة .. دون رقـابة ؟!! فقال له جاره: أهو أيضاً، لا حول ولا قوة إلا بالله ، يا لهذه الدنيا .. ؟ فتحت عينيَّ مستغرباً: رسالة من عالم الموت .. كيف هذا ؟ .. آه .. لعل العمر له دوره .. وأخذت سرعة الحافلة تزداد أكثر .. ؟ .
نظرت من النافذة .. ما هذا الطريق الغريب .. لأول مرةٍ أشاهده .. دقَّقْتُ النَّظرَ وقلت في نفسي وكأن الناس لا يشاهدوننا .. ولا حتى شرطي المرور حين تجاوزنا الإشارة الماضية بسرعة جنونيَّةٍ، كذلك السيارات التي تجاوزناها، والمشاة أيضاً ... وفجأة توقَّفَتِ الحافلةُ وركب بها شخص مُسِنٌّ متهدِّل الكرش، أصلع الرأس بعينين خضراوين جاحظتين وشفةٍ سفليَّةٍ متدلِّيةٍ وذقن أبيض .. أغلق الباب وراءه إلا أنه لم يجلس على المقعد الشاغر بجانبي بل جلس على أرض الحافلة .. استغربت فعلته وقلت له: تفضَّل يا عم، اجلس مكاني، تأمَّلني قليلاً وهو مستنِدٌ على فخذ معاون السائق المسنِّ وأجابني: إذا أنا جلست على المقعد هل سأعجِّلُ من وصولي فأجبته: لا ولكن سوف .. فقاطعني وهو يتأملني مليَّاً مما أدخل القشعريرة إلى جسدي وقال: هذا حال الدنيا .. هذا حال الدنيا، وانهار باكياً بكاءً مُرَّاً وهو يخفي وجهه بيده مخفضاً رأسه..!!.

انهال ذلكالموقف عليَّ بفجائيَّتِهِ فصدمني وهزَّ ذاك الجدار المتعالي فما كان مني إلا أن اقتربت منه وقبل أن ألمس كتفه أمسك يدي ذاك العجوز الجالس أمامي وقال: أتركه يا ولدي .. أتركه في همِّه .. - لكن ألا تراه ؟.

فقاطعني بلهجة صارمة: - هذا حال الدنيا يا أسفي على هذا الزمان وعلى أهل هذا الزمان .. وازدادت سرعة الحافلة أكثر ؟!.

بعد فترة تفكير عصيبةٍ مرَّت بي حانت مني التفاتةٌ إلى معاون السائق، كان رجلاً قصيراً مسنَّاً متهدِّل الثياب أشعث الشعر بيده لفة قد قضم منها قضمةً ولم يتابع لسبب كنت أجهله، انسلَّتْ الريبـة إلى قلبي .. يـا لهذه السيارة الغريبة لم يُنزلِ السائقُ إلى الآن أيَّ شخص انبرى صوت أحد الركاب قاطعاً أفكاري وقال: أنزلني عند البناية التالية، فردَّدَ معاون السائق الكلمات وراء الراكب وهو يذكرني بذلك الشخص الذي يعيد الكلام وراء إمام الجامع أثناء الصلاة .. فأجابه السائق: عند البناية التالية ممنوع الوقوف، فيقول الرجل المسنُّ بأسًى واضحٍ: إيه .. لربما يحالفنـي الحظُّ في الدورة القـادمة، وبعد قليل صاح آخر: أنزلنيعند البيت الكبير، فيجيب السائق: عند البيت الكبير ممنوع الوقوف، فيردِّدُ المسنُّ: لعلي أتمكن من النزول في المرة التالية قالها وهو يتنهَّدُ بحسرة مُرَّةٍ. أرسلت سهماً هدفه ذاك الجدار المتعالي الذي أخذ يرتج شيئاً فشيئاً ... ؟ ولكن كيف هذا، متى سننزل ؟ قلت ذلك محدِّقاً في العجوز الذي أمامي بعد أن استغربت كلامهم العجيب فاستنفرت كلماتي اهتمام الحاضرين ونظروا إليَّ جميعاً باستغراب واضح .. تأملني ذاك العجوز برهة وقال بصوت حزين .. لا تستعجل يا ولدي فقد مضى من عمري ثلاث سنين وأنا أدور بهذه السيارة.

أتقصد أنكم تركبون بها كلَّ يومٍ أي متفقون مع السائق ..

ارتفع صوت عجوز وراءه وهو يلفظ كلماته هازئاً: لقد مضى من عمري ثماني سنين وأنا ألفُّ بهذه السيارة ولم يحالفني الحظُّ في النزول منها لأن عبارة ممنوع الوقوف ما زالت مكانها واليوم قد تغيَّرت وأصبحت الوقوف ممنوع .. ؟؟ .
شلَّ تفكيري وكأنَّ شلالاً من الماء البارد قد انهال فيه وأخذت لبناتُ الجدار تتزعزع واحدة تلو الأخرى وفجأة توقَّفتِ السيارة أمام مبنى كتب عليه دائرة المحالين على التقاعد فجاء الموظَّفُ وأعطى كلاً راتبه فنزلت مسرعاً من تلك السيارة التي عاودت مسيرها من جديد فقلت في نفسي متخلصاً من كلِّ شعور بالحيرة أو الحزن: آن الأوان لأن أرجع والدي للمنزل فهو أيضاً متـقاعد

. 21 / 7 / 1999




+++




الجميلة دنيا




البيت مهجور ثلاث حوريات تحلق في الأرجاء , إبريقان مليئان يلهبني نعاسي , ونبتة خضراء تسجد عن يميني , وأمور مبعثرة على أرض الغرفة .
ما كان بإمكاني أن أحدثك بأكثر مما قلت ليلتها , تنظر فيه بحنان ثم تشيح عنه دون أن تجيب أو تدرين بأني ما زلت متعباً منك ,انظري لهذا الشيب في رأسي ,إلى متى ترفضين الزواج مني ,إنني متعب ,متعب , طفت كل رغباته وأفصحت عن ضعفها وتأججت النار فيه وقال: إني أتعذب يا دنيا , إني أكرهك أكرهك ,كم طلبت منـك ولم تعطينـي , كـم أعطيتـك ولم تعطيني , ملأت عقلي بالتفكير وقلبي بالهموم ووجهي بالتجاعيد ورأسي بالشيب ما تدرين بي , لماذا السعادة في حضنك مفقودة , كأني أدور وأدور في دوامة كلما قلت أنني وصلت إلى السعادة , أحسستك أخذتها مني مرة أخرى ... كلما جلسنا سوية نتنعم أحسك تتملصين مني , إني أعشقك يا دنيا ,أعشقك أو ما تحسين بي إني أكرهك أكرهك . ورمى الطاولة أمامه , مد يده ليلمس يدها فسحبتها و هي تشيـح بعينيها , فمضى حزيناً يقتات آلامه , ونزلت دمعة حارة من عينها وراحت تبكي سمع صوت بكائها والحزن يعصر قلبه رنا بعينيه شم رائحة العشق , تأجج العشق دنيا في قلبه وأخذت تحلق في فكره فتاة حسناء رائعة الجمال والبهاء , جميلة المحيا عذبة الابتسامة , رشيقة القوام , دنيا انك جوهر نقي صافٍ , كيف أصل إليك كيف , سأحاول معها مرة أخرى , كانت دنيا تبكي ,وتبوح لأختها , إنيأضحي من أجلك يا أختاه , وما كان ليشعر بك , وكلما أحس بك واتضحت صورتك في ذهنه , حبك أنا وعـاد إلي , إني أتمنع عنه ,وأعطيه القليل لأن ذلك هو أعظم قدرتي كي لا يمل فإن ملنـي هلـك وإن أعطيتـه ورضي هلك , وما له إلا أن يقنع بالقليل ويبحـث عنك متى يعرف كم أضحي يا أختاه متى ... متى .

حلب 17/8/2002

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:16 PM
المعادلات المحيرة



الوردة النضرة تتمايلُ بين أصابعي، وأنا أتأمّلُها مليّاً: الآنَأحسستُ بشعورِكَ أيّها الحوت؛ كانت أحاسيسي تفيضُ وتدفعُني إلى شيءٍ أجهلُهُ، وغالباً لا أعرفُ منبعه، كانت أجوبة كل الأسئلة تطرقُ ذهني غير جواب واحد، وأشعر أنني حوتٌ أزرق.
تحت الأمواج المتلاطمة كان الحوت الأزرق يخترقُ عبابَ الماء ضارباً بزعانفه كُتلاً ضخمةً من مياه البحر مطوّحاً بها بعيداً... كان مضطرباً.. تتدفّقُ منه ينابيع الحيوية إلا أنّ عينيهِ كانتا حائرتين وهما ترقبان شيئاً ما أمامَهُ وهو يلاحقه.. ينعطفُ من أقصى البحار إلى أقصاها.. يغوص إلى الأعماق وكل جوارحه تدفعه إلى البحث عن شيء ما، لكنه ما كان ليعرفه، فما يحسّ بأنّ شيئاً مايظهر أمامَه حتى يلاحِقَهُ.. تشكّل أمامه مرةً فتركَ أشغاله وبدأ بملاحقته وراح يعبر الأعماق والحوت خلفه يكاد يلاصقه.. تجاوزَ سطح الماء واندفع الحوت خلفَهُ بكل قواه وقفزَ خارجاً من البحر وقطرات الماء تلمع تحت أشعة الشمس الذهبية وتحوّلَ إلى مجموعة من النوارس البيضاء الجميلة الرشيقة... خطف كلُّ واحد بجناحه وأطلقَ صوتاً رفيعاً وشق طريقه إلى العُلا.. كان قرصُ الشمس يلتمع في عيونهم.. وأخذ كل نورس طريقاً له.. من بين العديد من النوارس شق نورسٌ طريقه نحو الشاطئ... طار هنا وهناك.. جاب الأصقاع والبقاع.. ما ترك مكاناً إلا وحلّق في سمائه، كان حائراً وكل جوارحه تدفعه للبحث عن شيء ما.. صاد الأسماكَ.. بنى عشاً.. تشاجر مع أقرانه.. علا.. ابتعد، لحقه طير جارح.. هرب.. نجا.. أوشك على الموت من جرح أصابه.. شفي.. عاد للطيران والبحث عن ذلك الشيء وملاحقته وهو لا يعرف لماذا يلاحقه. في وسط السماء ظهرفجأة أمامَه فانعطف سريعاً ومال بجناحيه تاركاً الرياح لتدفعه بقوة عبر الشاطئ.. الجبال.. وظهر أمامه سهل فسيح.. لفحته رائحة عطرٍ حملها نسيم عليل.. كان سهلاً مليئاً بالورود والرياحين ومن كل الأصناف والألوان... سرعته ازدادت.. كذلك شوقه.. اندفع نحو السهل اقترب ذلك الشيء من الأزهار.. اقترب السنونو.. اختفى الشيء بين طيّات الأزهار وغاص النورس في الأزهار وارتفعت في الهواء أوراق الورود.. تطاولتها أيدي الرياح ونثرَتْها في المكان.. واندفعت من نفس المكان عشرات الفراشات وطارت متجولة في السهل الفسيح.. من بين الفراشات فتحت فراشة جميلة لجناحيها حرية الاختيار فراحت تحط على الأزهار فهذه حمراء جذابة وتلك صفراء رقيقة تلتمع على أوراقها حبات الندى وتهف وريقاتُها مع هبوب النسيم.. ما تركت الفراشة زهرةً إلا وحطت عليها كانتتطير وتترك الأزهار وتلاحق شيئاً ما كان يظهر أمامها وتبقى حائرة فكلما شعرت بأنها وجدت ضالّتَها في إحدى الزهرات اليانعة حتى ما تشعر بظهور ذلك الشيء مرة أخرى.. فتلاحقه من هنا إلى هناك وهي لا تعرف لماذا كانت تلاحقه.. بالقرب من منزل صغير شعرت الفراشة بباعث جعلها تطير وتطير حتى دخلت المنزل كان الضوء مشتعلاً.. اقتربت من الضوء.. كان شيئاً مجهولاً بالنسبة إليها كان له جاذبية كبيرة.. كان يشعرها بشعور غريب يمتلك عليها نفسها لم تستطع إدراكه لكنها كانت تحس به.. اقتربت منه تريد الالتحام به.. اقتربت أكثر.. وضربت بجسدها المصباح الموجود أمام الطاولة.. من القرب الشديد من المصباح أرجعت الفتاة وجهها من أمام ضوء المصباح لم تعد ترى جيداً تشوشت عيناها.. أحاسيس غريبة تمتلكها.. قلبت أوراق الكتاب أمامها.. تراجعت بكرسيها إلى الخلف.. مدت يدها إلى ربطة شعرها.. وأفلتت خصل الشعر الأسود الذي اندفـع بانسيابشلال أسود.. يتمايل على جانب كتفيها.. قامت من وراء طاولتها فتحت التلفاز.. هو ذا مسلسلها المفضل قد بدأ.. دقائقَ كانت.. تركته ثم توجّهت إلى مسجلتها وضعت شريطاً لأغنية عذبة.. تركتها.. توجّهت إلى المطبخ تعد صحناً من الخضراوات وضعتها تحت الماء.. تركت الصنبور مفتوحاً.. توجهت إلى النافذة تركتها مفتوحة، تركت عينيها تجولان في السماء مفتوحتين..
في الصباح.. كانت تحس بباعث غريب جعلها تنهض من فراشها.. تفتح الباب.. تمشي نحو السهل تقترب من إحدى الأزهار.. تقترب أكثر.. أكثر.. لاصق أنفها رحيق الزهرة.. فطارت فراشة جميلة صغيرة ابتسمت الفتاة وراحت تركض خلفها تحاول إمساكها والفراشة تأخذ اتجاهات ملتوية وتطير بخفة والفتاة تلاحقها برشاقة وهي لا تعرف لماذا تلاحقها.. تقفز من هنا إلى هناك.. تتناثر ضحكاتها في الأرجاء كنثائر عطر رقيق تنساب يميناً.. شمالاً.. كانسياب حبيبات الندى العذبة.. كانت مفعمة بالأنوثة وأحاسيسها تتفجّر بداخلها وتطير في كل الأنحاء كنورس أبيض رشيق.. فجأةأحست الفتاة بشيء غريب.. إحساس غريب كأن شيئاً بداخلها يتحرك كأن حوتاً ضخماً يسبح بداخلها وهو يسبح بقوة. توقفت الفتاة عن الركض، فتوقف الحوت فجأة. وتوقف النورس عن الطيران.. وهدأت الفراشة وحطّت على الزهرة النضرة التي تنساب بين أصابعي وهي طائرة لا تعرف لماذا كانت تطير.

حـلـب 7/6/2001




+++

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:18 PM
عملية جراحية في جسد الذاكرة



أنين خافت يصدر من مكان ليس ببعيد يعلو , يخفت , في الطريقوحيداً كان يسير , ساقته رجلاه إلى باب عال جلس دون أن يفتحه ,لاح له الباب بمسكته القديمة صامتاً , هي ذي القبضة نفسها , ما غير فيها الزمن غير مسحة من قدم عند الباب الأمور أكثر تعقيداً فيما يعتقد , لاحت له جملة من أفكار تطاولت كبناية الية , عريضة تشبه سداً منيعاً , كان يحسبها قوية, كل تلك الطوابق من المعتقدات كانت تهزل في موقف ما وما يعرف لماذا , حين كان يدخل إليها كان يحسب نفسه منيعاً وما إن يقف أمامها ويبتعد قليلاً حتى تظهر كبناية من ورق ... ما ذلك الشيء الخفي المروع فيه والذي يجعلها سداً منيعاً تارة ومكاناً هشاً تارة أخرى ... يزداد الأنين أكثر , تعب هي الحياة , أمام الباب وقف وأحس بصبره باختيار قرار واضح , هو دائماً يريدأن يقرر لكنه يشغل نفسه في شتى الأوقات , الآن عرف ضعفه ,اكتشف بأنه مليىء بشيء خفي غرز فيه لكنه ظهر بشكل سد , اصطدم بجداره العالي , الآن اكتشف بأنه يخاف من الزمن كانت دقات الساعة أكثر الأمور صعوبة , الزمان مر يتلبس أشكال عديدة , يمشي بشكل مستمر فتحسبه متواصلاً لكنه منفصل تماماً وتتراءى لك أجزاؤه بين الحين والآخر ,هو كان يرى أجزاء هذا الزمان وكان يحس بأنه كالماء يتقلص ويتمدد فحين يتمدد تحس بان اللحظة أصبحت بحجم بحيرة وحين يتقلص تحس بأن الساعات الطوال أصبحت قطرة صغيرة . يعرف كل هذا ويشغل نفسه ولا يخلو بها ويهرب منها , نظر إلى الباب العالي , الآن تحسبه كما تحس به للمرة الأولى , وتمتلك الشجاعة , فتمد يدك وتدخل لن تحاول أن تمشي سريعاً أو أن تشغل نفسك بتلك الأفكار أو تعبث بعينيك بأمور لا قيمة لها , مشى الهوينى وهو يدخل الحديقة , صار ينظر نظرات عمومية ويلتقط الأمور بشموليتها , المنظر واضح جلي شجرة على يمينه تصطف ورائها شجرة أخرى وهكذا في صف طويل الأرض تمتد من حوله منبسطة هنا وغير منبسطة هناك , الحديقة صامتة وكأن لا حراك بها كل شيء جـامد لا صوت يسمـع , سكـون عجيب , هدوء مخيف يحيط بكل شيء , ظلمة ثقيلة تحجب البعيد مع أن الحديقة واضحة أمامه , وتنظر نظرات شاملة في هذه الحديقة الواسعة الممتدة ,الآن تكتشف بأنه باستطاعة الإنسان أن يتخلى عن مادية الأفكار , كان يحسب أن الدخول إنمايكون بالتفكير المعقد وبالبنايات العالية وما يعرف أن حمل البنايات ثقيل وما يستطيع الدخول و الطيران بها , يأخذ كميات من الهـواء أحس به الآن بشكل آخر ضعيفاً رطباً يشبعه , وعرف أن عليه أن يرمي بكل بناياته ويكتفي بجملتين تطيرانه بعيداً حيث يشاء ,لكنه كان يأبى إلا أن يطير بها أما الآن, فسلم للجملتين الأمر وأخذ يطير ويطير ويجد نفسه ضعيفاً كطير صغير. تلوح منه التفاته إلى الوراء ينظر فيرى كل بناياته تطير وراءه , الآن يعجب من الحقيقة التي تأبّى عنها , الآن تزداد ذاكرتك ,أكثر ويصبح بصرك أقوى وسمعكم أقوى وحواسك أقوى وأنت تستعملها كما استعملتها المرة الأولى , الآن تعرف بأن الانعتاق سهل بسيط , تمتد بك قدماك إلى الأمام طاولة خلفها كرسي ... كتاب مفتوح ... إبريق من الماء , تحن إلى لك الكرسي وما تعرف للحنين سبباً تزداد ذاكرتكيشتد حنينك.

ينظر إلى اليمين يرى طفلاً صغيراً يجري دون صوت كأن أذنيك لا تعملان تحاول أن تتبعه يختنق فجأة تقترب من شجرة أحنت غصناً لها وطأطأت أوراقها ومالت مقتربة من الأرض .

تأتيك ذاكرتك , بدراجة يعتليها غلام يسرع في الحديقة ولا يتفادى أوراق تلك الشجرة فتصطدم بجبهته وتلسعه قليلاً تقترب منها , تصدمك الأوراق تغمض عينيك ولا تحس بنفس الشعور , الشجرة نفسها لكن الوقت تغير , وما تفلت من ماديتك حاولت الولوج بالشكل الخاطئ وتجد نفسك أمام المدخل , تدخل الحديقة نفسهـا الأشجـار الأحجار,الطاولة,الأحجار,الكرسي, تلك الشجرة المطأطئة الأوراق , يأتيك نفس الغلام على الدراجة تقترب من الشجـرة تغمض عينيك يهـف قلبـك , تلسعك الأوراق هو ذا الشعور نفسه , تقع على الأرض تستلقي تنظر إلى السماء , تلوح لك بزرقة عجيبة وغيوم عجيبة , تسبحبعينيك فيها , ما رأيتها أجمل وأقرب كما الآن , أهذه هي السماء تراها كما لو أنك تراها للمرة الأولى ... المرة الأولى التي نظرت فيها إلى السماء كنت صغيراً وصغيراً جداً , كنت تحمل على الأكتاف , ياه ... زادت ذاكرتك أكثر ... وأنت تنتعق أكثر ... الآن تشعر بتلك الأشياء الخفية الصغيرة المغروزة فيك بحار تشعرك بشعور غريب بحار لا أمواج فيها , تفقد الإحساس بالأمور ... ينساب من حولك شعور غريب , تحس الأشجار تتماوج , نظراتك الآن مختلفة , تزداد ذاكرتك , بناياتك أصبحت طيوراً محلقة , ظهر أمامك شاب قوي البنية , سيتكرر الموقف نفسه لكنه سيختلف , يصافحك , ترى في يدك برودة إنها برودة المادة ... يكلمـك تفهم من كلامه أمورا أخرى , بعيداً تحاول عيناك .

أن ترى ما وراء عينيه , غير أن المادة لا تخترق المادة تغمض عينيك لوهلة , تشعربه تحاول القبض على جسده , تحسبه هو تفتح عينيك تلامس الخفي من جسـده , تحس بشيء يبتعد , الآن تشعر بالأمور كما لم تشعـر بها , ما تشعـر بجسدك , ببشرتك , بماديتك , تزداد خفة تزداد انعتاقاً , تزداد ذاكرتك , يزداد حنينك تجري في الحديقة , تصطدم بالأشجار , بالطاولة , بالأحجار , بالمدخل , تجري ساعات وساعات أكنت تستطيـع ذلك سابقاً , انهارت كل السـدود وتدفقت البحار , وأنت كالقشة في تلك البحار , تزداد سباحة ويزداد الموج علواً , تعصف الدنيـا بك , وأنت تهيـج وتركض وتسقط , تنزف دماءً ، يرض جسدك , تقـع فوق صخرة تكسـر ساقـك , لا تحس بها , تكمل , تعرج وما تحس بشيء تسمع قدمك خلفك وما تحس بشيء تسقط أرضاً تكسر يدك , تلتوي , يصبح منظرك مرعباً ، وما تزال تدور وتدور وما تعرف إلى أين وفي كل لحظة تزداد ذاكرتك أكثر تحس بنفسك طفلاً صغيراً , الكـل يقترب منك يقبلك , يهتم بك , تزداد اهتياجاً , صراخ في ظلمةثقيلة يتردد , تزداد ذاكرتك قوة , تشعر بمكان آخر , كون آخر , يزداد حنينك , يزداد افتتانك , تزداد هياجاً , وما تشعر بكل الأحزان التي حلت بك , فتصطدم بالأشجار وما تراها , تسقط , تكمل , تبحث عن المخرج , يزداد حنينك تصيح بلى ... بلى... يا الله وفي لحظة يغيض ماء البحار وتختفي القشة ويظهر أمامك المتحرك خلف تلك الشجرة المطأطئة الأوراق وأنت على دراجتك تسير سريعاً تصدمك أوراقها تغمض عينيك , تلسعك الأوراق , تسقط أرضاً الحقيقة اكبر من أن تصدق وتتحمل , ما كان عليك أن تلجها بقوة لان الانعتاق يحصل تدريجياً وتزداد ذاكرتك قوة بيسر وروية ويختلف حينها إحساسك بالأمور حين يزداد حنينك فتأتيك على حين غفلة , دون أن تحس بها , الآن تعرف بانماديتك هي العنصر الأساسي في الامتحان كي تختلف الأمور وكي تبنى تلك البنايات الثقيلة ثم تحاول أن تطير بها , قبل أن تلج المخرج خلف الشجرة تحس بصفعة قوية وتسقط أرضاً , تحاول الاستيقاظ , العودة إلى الإحساس أمر صعب , الدماء تنزف منك , كسور تملئ الجسد , تحس بكميات من المخدر تسري في جسدك , تتألم من الأضرار التي حلت بك ... لقد نجحت العملية يا صديقي لكن كانت عملية صعبة للغاية حلب 2001




+++

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:22 PM
شطارة



الأستاذ رؤوف إنسان اجتماعي اعتاد زيارة أصحابه وأقاربه، ومتى وجه أحدهماللوم له فإنه يهرع معتذراً بأسلوبه السمح الذي يعبر عن بساطة وطيبة.. وحين وجه له جاره أبو محمود دعوة لزيارته كان يتوسط الجلسة في إحدى ليالي الشتاء التي يحلو فيها الحديث ويطيب، وحيث يبعد دفء الأحاديث برودة الجو القارس. بدأ الأستاذ رؤوف بسرد أخباره الشيقة أخذت العيون تتبع شفتيه بتلهف واضح كي لا يفوتها أية كلمة وحين سرت لحظات صامتة قطعت الجو بعد ضحكات الجميع..

تلفت الأستاذ ثم حرك أرنبة أنفه يميناً ويساراً وقال: ما هذه الرائحة يا أبا محمود.. استجاب أبو محمود لتلك الإشارة وأخذ يشمشم في الهواء ولكن لم تصله أي تنبيهةٍ.. وقال مجاملاً ضيفه: هيا يا أم محمود ربما نسيت شيئاً ما على النار في المطبخ.. وبعد لحظات لحق بها أبو محمود مسرعاً، وسمعه الأستاذ رؤوف حيث كان جالساً في غرفة الضيوف على مقربة من المطبخ .

هل وجدت شيئاً يا امرأة ؟

لا، ولكن هلا ألقيت نظرة إلى غداء اليوم فلربما الرائحة منه، فمد أبو محمود رأسه بعد أن فتح غطاء الوعاء وسحب نفساً عميقاً: إيه ما أطيب هذه الرائحة.. أتعرفين يا أم محمود كيف حصلت على هذه الخضروات التي صنعتِ لنا منها أكلة المحشي اللذيذة.؟ لا والله.. كيف ذلك يا ابن العم ؟

تصوري وأنا راجع من العمل.. كان أبو وصفي بائع الخضرة يقف في رأس الحارة ويبيع على عربته كالعادة فجئت له قائلاً: أما تعرف أن الوقوف هنا ممنوع فأنت تسد الشارع وبعد مجادلة قصيرة أسكتني بهذه الخضروات الطازجة. ضحكت أم محمود وقالت: ( وأنا بنت عمك يا أبو محمود). استغرب الأستاذ رؤوف هذا الكلام وهو يسمع أم محمود تصف لزوجها كيف حصلت على الرز من جارتها التي تبيع المواد التموينية لجاراتها دون رخصة وهي تحذرها بأن زوجها بحكم عمله لا يقدر أن يسكت على ذلك!! وبعدضحكات صغيرة كان أبو محمود بكرشه المتهدل يدخل الغرفة: - لم نجد شيئاً يا أستاذ، ربما الرائحة من عند الجيران.. لم يكمل كلامه حتى نادته أم محمود فهرع نحوها: انظر.. أعتقد أن هنالك رائحة بين هذه العلب.. نظر أبو محمود متفحصاً وعلامات الاستغراب تنطق من وجهه، وفتح إحدى العلب ثم الثانية وابتسم قليلاً وهو يفتح العلبة الثالثة ونظر إلى زوجته :

أتدرين يا أم محمود، إن هذه البهارات حصلت عليها بشطارتي وبطريقة طريفة. نظرت أم محمود وهي تحث أبا محمود بتعـابير وجههـا على الاستئناف، نعم.. نعم .

فمرة كنت أنا وأصحابي نتمشى في السوق وكان هنالك دكان في الزاوية صاحبه رجل عجوز كنت قد رأيته مرة يشتري مواد مهربة فقلت لنفسي، هذه هي الفرصة المناسبة..

رفع الأستاذ رؤوف حاجبيه وهو مستغرب كل الاستغراب من تلك التفاصيل التي سردها أبو محمود وكيف استغلوا ذلك الرجل العجوز وقاموا بحيلة باعثين أبا محمود لكي يخبره بأمر دورية قادمة فيأخذوا منه على قدر سكوتهم عن طريق أبي محمود الذي حذره..
ورنت ضحكات أبي محمود وهو يسخر من ذلك الرجل وحين جاء دور أم محمود لتسرد شطارتها وقف الأستاذ رؤوف وخرج إلى فناء الدار ومنه إلى الباب الخارجي وهو يهز رأسه ويضرب كفاً بكف فقد عرف مصدر تلك الرائحة العفنة التي تسربت إلى أنفه منحيث لا يدري.

حلب 2000




+++


رجل من غير هذا الزمان






ـ هذا الرجل يقـف وكأنـه في قفص زجـاجي , ينظر شزراً وكأنه ابن غير هذا الزمان وكأنه لا يحس بطعم الواقع تحت لسانه , يحمل رأياً متفرداً أيما تفرد ينكره قومه أشد إنكار , يقف متأملاً هذه الحشود التي تدخل قلعة حلب , كأن هذا اليوم عيد فيه احتفالات واجتماعات الحرس على الأبواب عليه ثياب أنيقة , يتعجب الغريب لها ويظنهم أمراء أو ملوكا

الطرق تتلألأ , الأدراج غسلت وزينت الممرات وأنيرت القلعة فغدت كأنها سراجٌ وهاجٌ يلتمع في هذا الليل المظلم ويحسبها القادم منالبعيد كأنها من غير هذا الزمان كأنها قلعة شيدت لما سيأتي من الزمان وما يتحضر له القوم من احتفالات في قاعاتها وساحاتها . الممتلكين فكراً ثاقباً ورأياً ناضجاً أورثته لهم خبرة الزمان وأكد ذلك السير الطبيعي للتطور , وباركه اطمئنان الإنسان لغدرات الأيام , وقلبها لموازين البشر , وسـأل نفسـه ذلك الواقـف وهو يحمـل فكرة في رأسه , ماذا تراهم سيفعلون وتحرقت نفسه فضولاً , ما بال هذه الجموع تقدم وتحتشد , كبار العلماء وكبار القادة والأمراء والمفكرين والأدباء والشعراء يدخلون هذه القلعة والناس يتفرجون عليهم مذهولين مسرورين , الأولاد جمدوا على غير العادة , حشود تتقدمكل يدخل بدوره .. نظام دقيق وتساءل هل لي من مكان واستشاط فضوله وتدافعت أهواؤه وراودته المغامرة وخفت له العواقب , فلمعت الفكرة وبان له الرأي , أسرع نحو أحد الوفود وسلم على أحد المدعوين سلاماً حاراً , وظل يسلم عليه ويسأله عن أحواله وأخباره وأهله وأقربائه وكأنه صديق قديم , حتى دخل معه جوف القلعة والحراس لا ينكرون مجيئه , وفي ساحة القلعة عقد مؤتمر حفته الهيبة والوقار وزانه جلال الأفكار والآراء فكان كل خطيب يأتيه الدور يقف ويبدي فكره حول موضوع شغلهم وأرادوا له حلاً . لصلاح هذه الأمة ولرقي شعبها العريق , لقاء فكري يتناقل القوم الرأي ويقلبونهوالكل متقد الفكر والعاطفة وقد نرى أحدهم يهمس لجارة : انظر هذا هو العالم الجليل وذلك المفكر الوقور وبجانبـه الأديب المعروف والشاعر شاغل الناس , كل جلس في مقعده المخصص من هذا المجلس وهذا الزمان , ترى أحدهم فلا يعجبك منظره وتواضعه وما إن يتكلم حتى ترى بحراً يتدفق وشموساً تتلألأ وحكمة تنثال , كل كان هذا حاله إلا صاحبنا وكأنه ابن غير هذا الزمان يمقت هذه الاجتماعات الغليظة , يقتله التفكير العقلي الجامد الذي لا يجد حلاوة فيه , ويكره إيغال المتكلمين في المجردات التي لا يجد لها قيمة أو وزناً , ويمقت العموميات المعرفية التي يتفق عليها القوم وكأنهم درسوا في صف واحد , ينظر يميناً فيرى القوم صامتين جامدين وكأن الطير على رؤوسهم , وكلهم إدراك ووعي وتلهـف وشـوق لمـا يقـال في المجلس, ويهزون الرؤوس معاً وكأنـهم شخـص واحـد , تفتح أفواههم في ذات اللحظة وكأنهـا فم واحد , ينظر شمالاً فيرى قوم الشمـال نظيراً لليمين , وقد أصبحوا كأنهم رجل واحد .

كأنهم عقل واحد وكأنهم فم واحد , يصغون السمع ويحبسون الأنفاس حتى كأنهم أصنام حجرية , يا لهذا الملل ويا لهذا الضيق , ما لهؤلاء لا يغادرون في الأمر كبيرة ولا صغيرة إلا وتكلموا فيها , زهقت روحي وأنا أستمع إليهم , ما لهذه الحياة كم هي مملة أشد الملل ماذا لو أنهم اجتمعوا في هذا المكان لسماع صوت عذب وعزف على وتر وتمايل قدٍّ فارع وعطر فائح ونظرات هائمة وقلوب سكرى وأغمض عينيه وحلم أنه في غير هذا الزمان زمان يوافق أفكاره , ويشيع الهوى بين الناس كأنه عدوى أو وباء , فتح عينيه فبهت شاهـد العجائـب والغرائـب , يوم كأنـه اليوم الموعود , وفود تتقدم كأنها عاد أو ثمود .. تمر من أمامه سيارات فارهة يخاف منها أشد الخوف ويغيب فكره لها , لكنه يرى من بداخلها غادة هيفاء جميلة كأنها جنية منالجان تحمل ألواناً من الزينة ما عرفها ولا ألفها , القلعة هي هي والناس ما هم بنفس الناس , استعـدادات تفـوق الاستعدادات ونظام وشرطة وأضواء وأوراق ما هذا الذي يرى , وسأل شاباً بجانبه عن هذا الاجتماع فقال له الشاب هو يحسبه من فرقة الفنون الشعبية إنه مهرجان الأغنية , فطار عقل صاحبنا وما حط , هو ذا الذي أراد وابتغى وحلم وتخيل وتمنى وعندما شاهد وفداً يلبسون لباسه ولج بينهم ودخل القلعة إنها القلعة ذاتها لكن تطورات حصلت لمدرجها, أضواء غريبة عجيبة وأخذ مقعده , الكل متزين متعطر وكأنه فلقة القمر , حسناوات ما رأى أجمل منهن , يلبسن لباساً ما رأى أكشف منه , يلحن لحناً ما رأى ألحن منه , واعتلت المغنية المسرح فأحس بقلبه يعلو ويهبط ويوشك أن ينزل إلى المسرح لولا أن شيئاً يمنعه , كان الوقار والهيبة يظهران على وجوه الحاضرين , كِبر خيلاء وتصنع وكأن أحدهم ملكاً أو أميراً هذا يلف رجلاً على رجل وذلك يقلب كفيه أو يلعب بشعره وذلك يرتب ثيابه وآخر يلاعب جهازاً بيده لازم الضغط عليه , وبدأت الأنغام تسرى مع نسمات الهواء وتلاعب الأهواء والكلمات بعقول الناس حتى هاج المسرح وماج , نظر إلى اليمين فكانت كل الأيادي يداً واحدة وكانت كل النظرات نظرة واحدة وكأن بحراً من الهيام تتدفق نظر شمالاً فرأى كل الخصور وكأنها خصرا واحدا يهتز يميناً مرة وشمالاً مرة لا يعرف كيف وقد حولوا هذه القلعة العظيمة إلى مرقص رائع بديع , كل من حوله كانوا كأنهم رجل واحد , يرقص ويغني لاهياً عاتياً ناسياً سنه ومركزه وعقله وقلبه يطير ولا يحط وصاحبنا ينظر في كل الاتجاهات يحسب القوم نفراً من الجان لكنه لم ينظر إلى جانبه , وحين انتبه إلى جانبه شاهد شاباً يجلس وحده يغمض عينه وكأنه يحلم , اقترب منه , اقترب أكثر والتقطت أذناه تمتمات , ذلك الشاب وكأنه يقول : لو أن هذا الجمع اجتمع لفكر أو أدب أو رأي فبهت صاحبنا وارتجف وفتح عينيه وظن أن ما هذا إلا وهم من الأوهام أو حلم من الأحلام وما رأى إلارسم جان خبيث , أو همزات شيطان لعين وظل منكراً لذلك الحلم السخيف الذي رآه ووقف وأخذ يقسم ألف قسم بأن ذلك الحلم ضرب من وهم لن تحمله أرض ولا سماء .

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:26 PM
شطارة



الأستاذ رؤوف إنسان اجتماعي اعتاد زيارة أصحابه وأقاربه، ومتى وجه أحدهم اللوم له فإنه يهرع معتذراً بأسلوبه السمح الذي يعبر عن بساطة وطيبة.. وحين وجه له جاره أبو محمود دعوة لزيارته كان يتوسط الجلسة في إحدى ليالي الشتاء التي يحلو فيها الحديث ويطيب، وحيث يبعد دفء الأحاديث برودة الجو القارس. بدأ الأستاذ رؤوف بسرد أخباره الشيقة أخذت العيون تتبع شفتيه بتلهف واضح كي لا يفوتها أية كلمة وحين سرت لحظات صامتة قطعت الجو بعد ضحكات الجميع..

تلفت الأستاذ ثم حرك أرنبة أنفه يميناً ويساراً وقال: ما هذه الرائحة يا أبا محمود.. استجاب أبو محمود لتلك الإشارة وأخذ يشمشم في الهواء ولكن لم تصله أي تنبيهةٍ.. وقال مجاملاً ضيفه: هيا يا أم محمود ربما نسيت شيئاً ما على النار في المطبخ.. وبعد لحظات لحق بها أبو محمود مسرعاً، وسمعه الأستاذ رؤوف حيث كان جالساً في غرفة الضيوف على مقربة من المطبخ .

هل وجدت شيئاً يا امرأة ؟

لا، ولكن هلا ألقيت نظرة إلى غداء اليوم فلربما الرائحة منه، فمد أبو محمود رأسه بعد أن فتح غطاء الوعاء وسحب نفساً عميقاً: إيه ما أطيب هذه الرائحة.. أتعرفين يا أم محمود كيف حصلت على هذه الخضروات التي صنعتِ لنا منها أكلة المحشي اللذيذة.؟ لا والله.. كيف ذلك يا ابن العم ؟

تصوري وأنا راجع من العمل.. كان أبو وصفي بائع الخضرة يقف في رأس الحارة ويبيع على عربته كالعادة فجئت له قائلاً: أما تعرف أن الوقوف هنا ممنوع فأنت تسد الشارع وبعد مجادلة قصيرة أسكتني بهذه الخضروات الطازجة. ضحكت أم محمود وقالت: ( وأنا بنت عمك يا أبو محمود). استغرب الأستاذ رؤوف هذا الكلام وهو يسمع أم محمود تصف لزوجها كيف حصلت على الرز من جارتها التي تبيع المواد التموينية لجاراتها دون رخصة وهي تحذرها بأن زوجها بحكم عمله لا يقدر أن يسكت على ذلك!! وبعد ضحكات صغيرة كان أبو محمود بكرشه المتهدل يدخل الغرفة: - لم نجد شيئاً يا أستاذ، ربما الرائحة من عند الجيران.. لم يكمل كلامه حتى نادته أم محمود فهرع نحوها: انظر.. أعتقد أن هنالك رائحة بين هذه العلب.. نظر أبو محمود متفحصاً وعلامات الاستغراب تنطق من وجهه، وفتح إحدى العلب ثم الثانية وابتسم قليلاً وهو يفتح العلبة الثالثة ونظر إلى زوجته :

أتدرين يا أم محمود، إن هذه البهارات حصلت عليها بشطارتي وبطريقة طريفة. نظرت أم محمود وهي تحث أبا محمود بتعـابير وجههـا على الاستئناف، نعم.. نعم .

فمرة كنت أنا وأصحابي نتمشى في السوق وكان هنالك دكان في الزاوية صاحبه رجل عجوز كنت قد رأيته مرة يشتري مواد مهربة فقلت لنفسي، هذه هي الفرصة المناسبة..

رفع الأستاذ رؤوف حاجبيه وهو مستغرب كل الاستغراب من تلك التفاصيل التي سردها أبو محمود وكيف استغلوا ذلك الرجل العجوز وقاموا بحيلة باعثين أبا محمود لكي يخبره بأمر دورية قادمة فيأخذوا منه على قدر سكوتهم عن طريق أبي محمود الذي حذره..
ورنت ضحكات أبي محمود وهو يسخر من ذلك الرجل وحين جاء دور أم محمود لتسرد شطارتها وقف الأستاذ رؤوف وخرج إلى فناء الدار ومنه إلى الباب الخارجي وهو يهز رأسه ويضرب كفاً بكف فقد عرف مصدر تلك الرائحة العفنة التي تسربت إلى أنفه من حيث لا يدري.

حلب 2000


+++

رجل من غير هذا الزمان




ـ هذا الرجل يقـف وكأنـه في قفص زجـاجي , ينظر شزراً وكأنه ابن غير هذا الزمان وكأنه لا يحس بطعم الواقع تحت لسانه , يحمل رأياً متفرداً أيما تفرد ينكره قومه أشد إنكار , يقف متأملاً هذه الحشود التي تدخل قلعة حلب , كأن هذا اليوم عيد فيه احتفالات واجتماعات الحرس على الأبواب عليه ثياب أنيقة , يتعجب الغريب لها ويظنهم أمراء أو ملوكا

الطرق تتلألأ , الأدراج غسلت وزينت الممرات وأنيرت القلعة فغدت كأنها سراجٌ وهاجٌ يلتمع في هذا الليل المظلم ويحسبها القادم من البعيد كأنها من غير هذا الزمان كأنها قلعة شيدت لما سيأتي من الزمان وما يتحضر له القوم من احتفالات في قاعاتها وساحاتها . الممتلكين فكراً ثاقباً ورأياً ناضجاً أورثته لهم خبرة الزمان وأكد ذلك السير الطبيعي للتطور , وباركه اطمئنان الإنسان لغدرات الأيام , وقلبها لموازين البشر , وسـأل نفسـه ذلك الواقـف وهو يحمـل فكرة في رأسه , ماذا تراهم سيفعلون وتحرقت نفسه فضولاً , ما بال هذه الجموع تقدم وتحتشد , كبار العلماء وكبار القادة والأمراء والمفكرين والأدباء والشعراء يدخلون هذه القلعة والناس يتفرجون عليهم مذهولين مسرورين , الأولاد جمدوا على غير العادة , حشود تتقدم كل يدخل بدوره .. نظام دقيق وتساءل هل لي من مكان واستشاط فضوله وتدافعت أهواؤه وراودته المغامرة وخفت له العواقب , فلمعت الفكرة وبان له الرأي , أسرع نحو أحد الوفود وسلم على أحد المدعوين سلاماً حاراً , وظل يسلم عليه ويسأله عن أحواله وأخباره وأهله وأقربائه وكأنه صديق قديم , حتى دخل معه جوف القلعة والحراس لا ينكرون مجيئه , وفي ساحة القلعة عقد مؤتمر حفته الهيبة والوقار وزانه جلال الأفكار والآراء فكان كل خطيب يأتيه الدور يقف ويبدي فكره حول موضوع شغلهم وأرادوا له حلاً . لصلاح هذه الأمة ولرقي شعبها العريق , لقاء فكري يتناقل القوم الرأي ويقلبونه والكل متقد الفكر والعاطفة وقد نرى أحدهم يهمس لجارة : انظر هذا هو العالم الجليل وذلك المفكر الوقور وبجانبـه الأديب المعروف والشاعر شاغل الناس , كل جلس في مقعده المخصص من هذا المجلس وهذا الزمان , ترى أحدهم فلا يعجبك منظره وتواضعه وما إن يتكلم حتى ترى بحراً يتدفق وشموساً تتلألأ وحكمة تنثال , كل كان هذا حاله إلا صاحبنا وكأنه ابن غير هذا الزمان يمقت هذه الاجتماعات الغليظة , يقتله التفكير العقلي الجامد الذي لا يجد حلاوة فيه , ويكره إيغال المتكلمين في المجردات التي لا يجد لها قيمة أو وزناً , ويمقت العموميات المعرفية التي يتفق عليها القوم وكأنهم درسوا في صف واحد , ينظر يميناً فيرى القوم صامتين جامدين وكأن الطير على رؤوسهم , وكلهم إدراك ووعي وتلهـف وشـوق لمـا يقـال في المجلس, ويهزون الرؤوس معاً وكأنـهم شخـص واحـد , تفتح أفواههم في ذات اللحظة وكأنهـا فم واحد , ينظر شمالاً فيرى قوم الشمـال نظيراً لليمين , وقد أصبحوا كأنهم رجل واحد .

كأنهم عقل واحد وكأنهم فم واحد , يصغون السمع ويحبسون الأنفاس حتى كأنهم أصنام حجرية , يا لهذا الملل ويا لهذا الضيق , ما لهؤلاء لا يغادرون في الأمر كبيرة ولا صغيرة إلا وتكلموا فيها , زهقت روحي وأنا أستمع إليهم , ما لهذه الحياة كم هي مملة أشد الملل ماذا لو أنهم اجتمعوا في هذا المكان لسماع صوت عذب وعزف على وتر وتمايل قدٍّ فارع وعطر فائح ونظرات هائمة وقلوب سكرى وأغمض عينيه وحلم أنه في غير هذا الزمان زمان يوافق أفكاره , ويشيع الهوى بين الناس كأنه عدوى أو وباء , فتح عينيه فبهت شاهـد العجائـب والغرائـب , يوم كأنـه اليوم الموعود , وفود تتقدم كأنها عاد أو ثمود .. تمر من أمامه سيارات فارهة يخاف منها أشد الخوف ويغيب فكره لها , لكنه يرى من بداخلها غادة هيفاء جميلة كأنها جنية من الجان تحمل ألواناً من الزينة ما عرفها ولا ألفها , القلعة هي هي والناس ما هم بنفس الناس , استعـدادات تفـوق الاستعدادات ونظام وشرطة وأضواء وأوراق ما هذا الذي يرى , وسأل شاباً بجانبه عن هذا الاجتماع فقال له الشاب هو يحسبه من فرقة الفنون الشعبية إنه مهرجان الأغنية , فطار عقل صاحبنا وما حط , هو ذا الذي أراد وابتغى وحلم وتخيل وتمنى وعندما شاهد وفداً يلبسون لباسه ولج بينهم ودخل القلعة إنها القلعة ذاتها لكن تطورات حصلت لمدرجها, أضواء غريبة عجيبة وأخذ مقعده , الكل متزين متعطر وكأنه فلقة القمر , حسناوات ما رأى أجمل منهن , يلبسن لباساً ما رأى أكشف منه , يلحن لحناً ما رأى ألحن منه , واعتلت المغنية المسرح فأحس بقلبه يعلو ويهبط ويوشك أن ينزل إلى المسرح لولا أن شيئاً يمنعه , كان الوقار والهيبة يظهران على وجوه الحاضرين , كِبر خيلاء وتصنع وكأن أحدهم ملكاً أو أميراً هذا يلف رجلاً على رجل وذلك يقلب كفيه أو يلعب بشعره وذلك يرتب ثيابه وآخر يلاعب جهازاً بيده لازم الضغط عليه , وبدأت الأنغام تسرى مع نسمات الهواء وتلاعب الأهواء والكلمات بعقول الناس حتى هاج المسرح وماج , نظر إلى اليمين فكانت كل الأيادي يداً واحدة وكانت كل النظرات نظرة واحدة وكأن بحراً من الهيام تتدفق نظر شمالاً فرأى كل الخصور وكأنها خصرا واحدا يهتز يميناً مرة وشمالاً مرة لا يعرف كيف وقد حولوا هذه القلعة العظيمة إلى مرقص رائع بديع , كل من حوله كانوا كأنهم رجل واحد , يرقص ويغني لاهياً عاتياً ناسياً سنه ومركزه وعقله وقلبه يطير ولا يحط وصاحبنا ينظر في كل الاتجاهات يحسب القوم نفراً من الجان لكنه لم ينظر إلى جانبه , وحين انتبه إلى جانبه شاهد شاباً يجلس وحده يغمض عينه وكأنه يحلم , اقترب منه , اقترب أكثر والتقطت أذناه تمتمات , ذلك الشاب وكأنه يقول : لو أن هذا الجمع اجتمع لفكر أو أدب أو رأي فبهت صاحبنا وارتجف وفتح عينيه وظن أن ما هذا إلا وهم من الأوهام أو حلم من الأحلام وما رأى إلا رسم جان خبيث , أو همزات شيطان لعين وظل منكراً لذلك الحلم السخيف الذي رآه ووقف وأخذ يقسم ألف قسم بأن ذلك الحلم ضرب من وهم لن تحمله أرض ولا سماء .

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:34 PM
رقصة الساعة الواحدة


الساعة الواحدة ليلاً . هدوء مخيف يرصد الأنفاس تسرب إلى غرفتي في الطابق الرابع التي تطل على مدينة حلب , المدينة تظهر بأضوائها المرهقة في مظهر يثير الاشمئزاز والخمول وكأنها فتاة بشعة قد ألقي عليها أجمل الثياب ذات الألوان اللافتة للانتباه .
كنت أرى أسطح المنازل وقد تلونت بلون واحد اللون الأبيض , يا للهزل , هذا اللون الطاهر تحمله صحون تملأ الأسطح , وبعد أن ينتصف الليل وفي لحظة واحدة تراها تتحرك يميناً يساراً أرى النوافذ مقفلة الستائر مسدلة تنتشر الضحكات المفعمة برائحة هستيرية لكنها ضحكات مخنوقة صحن آخر يتحرك , في الأسفل كنت أرى صحناً قد ثبت على الشرفة وهو بالكاد قد أمسك نفسه في وضعية عجبت كيف استطاع جاري تثبيته فيها الصحون تحاصرني من كل مكان . أفق أسود يرجع البصر حسيراً . لم يكن بمقدوري سوى متابعة الأضواء المرهقة التي ترسلها المنازل في حوض المدينة كان لا بد لي أن أقف عند القصر البلدي الشاهق الذي وقف كنابليون على رأسه قبعت قبعته الشهيرة وهو يحجب شيئاً من رؤية قلعة حلب . كان القصر البلدي يرتفع أكثر من عشرين طابقاً ويد الرافعة الضخمة جانبه تشير إلى فيالق المنازل التي أحاطت بالقلعة من الميمنة والميسرة أن تقدموا فتتقدم المنازل لتحاصر القلعة من كل صوب وتنتهك محارمها وفي النهاية تتكسر على أسوارها خائبة ذليلة وتستمر المعركة .

في الصباح لم تكن لتستمع سوى أذان الفجر وتختفي المدينة بأكملها في سديم كبير , مدينة حلب تختفي تحت ضباب ثقيل لم يكن بمقدوري أن أرى سوى القلعة وبعد أن تدور الساعة قليلاً تتكشف الحقائق وتفضح جزيئات هذه اللوحة وتنير كل شيء تظهر المدينة عارية أعود لأتذكر ذلك الضباب ضباب ضباب من أين يأتي كل هذا الضباب ؟ بالكاد تميز الأضواء الخضراء الصابرة متناثرة على المدى البعيد وكل شيء واضح أمامي كل ما يجري في المدينة , من هذه الشرفة أطل على كل نافذة كل شارع كل حديقة وكل ما يجري في وضح النهار أما ما يجري هنا فتحت أستار الضباب , تعودت تلك الحالة فبعد الساعات الأولى يزول الضباب وكعادتي فتحت النافذة لأخذ رشفات من هذه المدينة آه ضباب كثيف هذا اليوم و حتى في هذه الساعة لم يمنعني ذلك من الفطور المعتاد وبالرتابة ذاتها مشت بي قدماي إلى الكلية وبالكاد أجد الطريق وجدت شاباً يمشي في الضباب كان الضباب كثيفاً لم يتح لي أن أراه جيـداً نادى : مرحباً أحمد ما بك لا تسلم , أهلاًَ أنور لا تؤاخذني فالضباب كثيف لم يتح لي التعرف عليك ملامحك في الضباب مختلفة مد يده بين أوراقه وقال : خذ هذه قصيـدة كتبتها حديثـاً أعطني رأيك فيها , أمسك القصيدة أتأملها لم أفهم منها شيئاً وكأن الضباب تسرب إلى القصيدة لا أرى سوى كلمات مبعثرة لا رابط بينها رددتها له قلت : اعذرني يا صاحبي فالضباب كثيف لكن أخبرني ماذا سميتها ؟ قال لي : هي بلا عنوان , حسن ما بحرها ؟ بحر ؟ أي بحر يا رجل أو ما تسمع بأزمة المياه هذه الأيام السماء لا تمطر وضحك طويلاً ضحكات رنت في الضباب لا أعرف لحظتها . ماذا تذكرت ثم نظرت إليه أنور أنور أين أنت ؟ أنور ناديت طويلاً لا أعرف أين اختفى صديقي كيف اختفى كان بجانبي تسللت الريبة إلى قلبي. بعد قليل التقيت صديقاً من الجزيرة حسن مرحباً هل رأيت أنور ؟

أهلاً أحمد لا لم أر أحداً حسنا ً أخبرني كيف حال الأمطار عندكم تنهد طويلاً وقال : الأمطار لا تسألني عن الأمطار الحال تسير نحو الأسوأ والتشاؤم يملأ المنطقة المطر ضعيف والأرض أجدبت , في الجنوب لم يجن الناس ولا حتى سنبلة واحدة . والناس ما يزالون يتداولون الأقاويل والأحاديث جارنا يقول إن الله يعاقب الناس وأخذ الزكاة التي لم يدفعوها لسنوات , وإن اكتملت فسيعود المطر من جديد عمي ما يزال يؤكد أن الغرب هو السبب وهو يطلق أقماره الصناعية التي تبث ما هب ودب والذي له تأثير على الغيوم في السماء خالي يقول : إن حرب الخليج لها تأثير بالغ على المنطقة وما يزال يذكرنا بالمطر النفطي الذي هطل منذ سنوات . أستاذ المدرسة يردد أنها حالة طبيعية فالمناخ يتقلب كل سبع سنوات جدي فرح وهو يقول الحمد لله فقد عاد الناس إلى الإسلام بسبب انقطاع المطر شيخ الجامع يؤكد على العدالة التي هي سبب البركة في أي مكان.

تابعنا الحديث حتى وصلنا الكلية وجلسنا في القاعة جاء المحاضر وبدء محاضرته بمقدمة حادة النبرة وهو يلعن ويسب الغرب وينظر إلينا وينهال لوماً بأننا جيل نائم جيل فاسد جيل الصحن والنوادي .وبعدها بدء المحاضرة في أصول النقد عند العرب من كتابه الذي ألفه بعد أن عاش ثماني سنوات في فرنسا .

انتهت المحاضرة وتوجهت إلى مكتبه لأسأله بعض الأسئلة متجاهلاً تحذيراته بعد مراجعته في المكتب بقيت أنتظره أكثر من نصف ساعة وهو يضاحك زميلات لي لم أكن لأراه فالجميلات قد أحطن بالمكتب من كل صوب لكن ذلك لم يمنعني من استراق السمع فسمعته يقول يا الله أنا سأدق على الطاولة وسأرى صوت من منكن أجمل وبعد أن خرجن والضحكات تملأ المكان دخلت فقال مسرعاً لقد تأخر الوقت راجعني في وقت آخر تذكرت في تلك اللحظة كلماته في بداية المحاضرة عن جيلنا آه من جيلنا خيبة أمل جيلهم .

كنت تائهاً بعدها أحسست بحاجة إلى رجل كبير أبوح له همومي ومشاكلي لكن أين ذلك الرجل تذكرة دكتور الأدب القديم شعرت بنور أضيء أمامي أسرعت لأراه في مكتبه لم يكن موجوداً سألت عنه المستخدم فقال لا أعرفه أجبته كيف لا تعرفه إنه رجل طويل المهابة تظهر في وجهه يهز الأرض بخطواته ويهزك بكلماته استغرب هذه الأوصاف وتركني وحيداً بحثت عنه دون فائدة أين اختفى لا أعرف . عدت إلى المنزل فوجئت بصيحات والدتي وهي تقول أخوك الأصغر قد اختفى جن جنوني بحثت عنه طويلاً سألت الجيران الدكاكين المشافي الشرطة دون نتيجة في غرفتي فتحت النافذة وبدأت أتأمل هذه المدينة الضبابية ضوء الغاز في الشارع يصدر أزيزاً وكأنه جرس يرن تذكرت جرس صالات السينما في شارع بارون والرجل القصير السمين ذو اللحية الخشنة والرأس الأصلع يصيح وهو لا يكف عن هرش ذقنه بدأ العرض بدأ العرض,عنف بنات إثارة فتيان قد تجمعوا حول الصور الخليعة المعروضة ورائحة الفلافل تعبق في ذلك الشارع الذي يراه العساكر عرضاً سخياً .

وبما أن الإجازة لا تكفي لأن يذهبوا إلى مدنهم وقراهم البعيدة, فهي عشر من الساعات يقضونها في هذه السينما وبعدها عدة أقراص من الفلافل تسكن في المعدة ثم تنتفخ مشعرة الإنسان بالنعاس والعطش فينطلق الأصحاب يقلبون بأعينهم كل الأشياء الصغيرة والغريبة التي تملأ شوارع مركز المدينة . وما أن تمر بهم فتاة قد لبست ثياب أختها الصغرى حتى تراهم يصعقون ويتابعونها وأعينهم تأكلها أكلاً , ثم ينظر ون إلى بعضهم ويضحكون طويلاً متذكرين أحد المواقف قبل الإجازة.

تمتد يد أحدهم لتعبث بتلك الأغراض الصغيرة والكبيرة التي تملأ الأرصفة والشوارع والبائع غير مكترث بوجودهم فهو يهتم برجل غريب أو فلاح قادم من الجزيرة فيبيعه المنتج وقد ضربه بعشرة أضعاف وذلك المسكيـن يظن البائع طيباً إذ حسم له بعض الليرات . وما أن يخبره أحدثهم بحقيقة السعر ويتذكر صاحبنا كيف دار به صاحب سيارة الأجرة أكثر من ساعة في نفس المنطقة وهو يبحث عن طبيب القلب المعروف ثم يأخذ منه العديد من الورقات النقدية مشيراً إلى العداد فينهال الرجل المسكين سباباًَ عليهم وعلى الساعة التي جاء بها إلى هنا وقد يتوقف قلبه قبل مراجعة الطبيب . تذكرت أخي الذي اختفى في ضباب هذه المدينة ثم دكتور النقد القديم ثم صديقي , ما الذي يجري في هذه المدينة ؟

استمر الضباب بالتكاثر , الأضواء خافتة . لم أكن أستطيع أن أرى سوى الضوء الأخضر المتصبر من أعلى المآذن . كنا في الأساطير نقرأ عن المدينة التي تظهر مرة واحدة في العام ثم تختفي وهذه المدينة التي لا تنام تختفي وتظهر في نفس اليوم وبعد أن تسهر حتى الهزيع الأخير من الليل وقبيل الفجر بقليل تنام بأسرها ساعة نوم الكلاب والقطط .

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:36 PM
وهي تعج بالضباب وتختفي شيئاًَ فشيئاًَ وساعة دخول الدنيا في الضحى تنكشف الأستار قليلاً لتظهر قلعة حلب واضحة للعيان وقد استيقظت في الصباح الباكر لكنّ المدينة ما تزال غافلة والضباب يملؤها ويلتف حول المباني الضخمة لتراها أشبه بمدينة الأشباح



أمعنت النظر في القلعة فتراءى لي القائد العسكري صلاح الدين يطل من أسوارها وتراءت لي جماهير حلب العظيمة يومها والتي أتت لاستقباله وهو يقول اليوم أيقنت أن الله سينصرني على الفرنجة. ما تُراه يقول اليوم صلاح الدين؟



نابليون غاضب هذه الأيام وهو يحرك يده بانفعال من اليمين إلى اليسار و كأنه ملك متجبر أذلته عقبة عسيرة الاحتلال . وكانت العقبة هي القلعة التي ثبتت على الرقعة والملك الغاضب أمامها، لعبة طويلة ليس فيها ( كش ملك ) لأنه ملك فارغ من الداخل عظيم من الخارج كما هو حال جميع الملوك.

أخذ الضباب بالتكاثف أكثر فأكثر.. ساد المدينة بأرجائها الواسعة. كل شخص قد أضاع منزله , لم تكن تستطيع أنترى أكثر من متر واحد أمامك.. وضوء السيارات بالكاد يرى في الشارع، تصطدم بأشخاص كثيرين في المنزل وإن كان منزلك بنوافذ كبيرة سيكون أشبه بفلم من أفلام الرعب. أشخاص غرباء يقتربون من منزلك ينظرون إلى الداخل ثم يهمون بالانصراف.. الباب يفتح في اليوم أكثر من ألف مرة يدخل أحدهم ووجهه مليء بالدماء وثيابه مغبرة ممزقة يلهث قليلاً يتأمل المنزل ثم ينصرف. جرس الهاتف لا يتوقف، التلفاز لا يزال يذيع أخبار الوفيات... كثير من الطيور قد اصطدمت بنوافذ المنزل تحطمت بعضها وامتلأ بعضها الآخر بالدماء والريش ...

العديد من الحيوانات تدخل المنزل، لا تعرف كيف دخلت، قد تفاجأ في الصباح بوجود كلب ضخم أسود قابع بجانبك، أو قطة تعبث بشعر زوجتك، أو فأر اندس بين طيات لحافك، والجرذان أصبح منظرها مألوفاً، وإن رأيتها تتسكع في المنزل لا يثير فيك أكثر من أن تتمنى لو أنك تستطيع قتلها.



الحشرات تملأ المكان أصبح أمراً اعتياداً إن رأيت صرصاراً مقلوباً وأرجله إلى السماء في وسط صحن طعامك فترميه جانباً وتتابع الطعام, كنت أحسب أن الضفادع والقمل ستغزونا أيضاً وستنفجر صنابير المياه بالدماء.



أحسست بالجوع صحت :أمي أنا جائع .. إذ كانت تقفل الثلاجة خوفاً من الحشرات والفئران .. لعلها نائمة .. توجهت إلى المطبخ رأيت مفتاح الثلاجة وما إن فتحتها حتى قفز على وجهي جرذ أسود وخرجت آلاف الحشرات منه .. صرخت عالياً . وركضت . صدمت الباب . وقعت.. أمي .. أبي .. أين أنتم .. رنت نداءاتي في المنزل فتشت المنزل كله لم أر أحداً .. شعرت بخوف عظيم والأبواب تقفل في وجهي . الضباب يملأ المكان يا إلهي ماذا أفعل ؟ خرجت من المنزل أنادي أمي .. أبي .. أين ذهبتم ؟ سمعت أناساً كثيرين يصيحون وصوت ضحكات ترن في الضباب .. تعبت بعده . جلست على الرصيف . وإذ بصوت أحدهم .. ناديت أبي .. أمي صاح الرجل : من أنت .. أين نحن ؟فأجبته : لا أعرف ‍أنا مثلك قد أضعت الطريق .. احذر من التقدم فالطريق الذي تتوجه إليه مملوء بالرجال الذين يسدون الطريق ثم ظهر أمامي وانهار على الأرض لا حراك به والدماء تنزف من كل جسده صرخت عالياً .. وركضت . لا أعرف إلى أين .. أثناء ذلك كنت أسمع كثيراً من الأصوات تستنجد , فتيات تصيح بصـوت ذليل .أصوات تأتي , بيتي سرق , نقـودي , سيـارتي أولادي , شرفي , كان الوضع مخيفاً , وبوجود الضباب الذي هو الجو المثالي لبعضهم .. كثرت حوادث السيارات . والقتل , والسرقة , والاغتصاب . . . المشافي مليئة بالجرحى . وحامت طيور الموت حول المدينة التي أمست أشبه بمدينة الرعب .

اختفى الضباب بعد ذلك . كانت المدينة كمقبرة جماعية . . كل شيء متكسر .. الدماء في كل مكان الخراب يعم أرجاءها , مناظر مثيرة للرعب , لكن الناس عادوا لأعمالهم وكأن شيئاً لم يكن .

بعد ثلاثة أيام حدث أمر آخر إذ ارتفع الغبار وملأ المدينة وكأنه سحابة عظيمة .. فتحت النافذة مجدداً حائراً , من أين أتى كل هذا الغبار ؟ أمعنت النظر في المدينة لعلي أرى سبباً لذلك ... هل يا ترى هي إحدى النساءأرادت أن تنظف بيتها فتركت النوافذ مفتوحة ؟ أم تُراه أحدهم قد ألقى قصيدة في إحدى الأمسيات وهو يسميها شعراً ففعلت ما فعلت ؟ لكني أشك بأحدهم . إذ رأيته يستمع إلى المذياع القديم إلى أخبار القصف على أبناء العراق فارتعدت أوصاله وشهق شهقة مما أخرج كل تلك الأتربة فملأت المدينة .



خرجت إلى شوارع المدينة , كانت ثيابي مملوءة بالغبار كذلك شعري , حواجبي و أنفي , عيناي أحسست بحبيباته بين أسناني , داومت على البصق دون فائدة . كل شيء تراب . حتى داخل المنزل , كيف يدخل لا أعرف , انتابني صـداع فظيع . فقدت أبي , أمي أختي , أصدقائي , معلمي , حبيبتي , كلهم اختفوا.. تذكرت مشهداً في أحد المسلسلات , كان كبير القرية يمسك برأس أحد الفلاحين ويضعه في التراب أمام الجمع الغفير , وها أنا الآن أنظف أنفي من أكوام التراب التي فيه وأشعر بشيء حاد يحرقني و لعل كل هذه المدينة تشعر بنفس الشعور .



شاهدت فتاتينتمشيان في الشارع وهما تأكلان البوظة , لمحت شاباً سحب الكيس الذي تحمله إحداهما وركض سريعاً , صرخت الفتاة وطمرت رأسها في صدر رفيقتها التي حضنتها بيديها , نظرت إلى الشاب وللحظة فكرت أن ألحق به , لكن بينما أنا أتابع التفكير كان قد اجتاز عشرات الأمتار , رميت بنظري إلى الفتاة الباكية ورفيقتها تهدّئ من روعها وتابعت المسير .. أحسست بشعور غريب , بخفة ملأت جوفي , من هذا الذي يمشي , من أنا , ومن أين أتى هذا الشعور , هو نفس الشعور الذي أحسست به في رمضان الفائت حين رفض سائق الحافلة صعود رجل عجوز إلى حافلته لأنه يحمل أغراضاً كثيرة واكتفيت ومن كان فيالحافلة بتحريك رؤوسنا , وهو نفس الشعور حين رأيت ثلاثة من الرجال يركلون كيساً كبيراً اتضح فيما بعد أنه شاب مسكين واكتفيت أنا وأصدقائي بزم شفاهنا . وهو نفس الشعور حين علا صوت فتاة في شارع بارون بينما أحدهم يقترب منها ورائحة الخمر تفوح منه ولا أحد يساند هذه الفتاة وسمعت صوت أحدهم يقول بعد أن أمسك شرطي المرور بالسكير: اتركوه، ما خربت الدنيا‍‍! وآخر: كل الحق عليها، "ليش تطلع بهذا المنظر؟ "وهو نفس الشعور حين صدمت سيارة مجنونة طفلاً وهربت السيارة تتجنبه ولم يحاول أحدهم حمله إلى المشفى خشية الوقوع في مشكلة لها أول وليس لها آخر، مكتفين بالقول: لا حول ولا قوة إلا بالله! الحق عليه" ليش بيعبر الشارع المزدحم؟ "إلى أن هدأت أنفاس الطفل واستكانت.



خفيفاً كنت أسير. أحسست بأني أبتعد عن الأرض، يالهذه الخفة، أين الجاذبية، نيوتن يقول إن الجاذبية هي التي تشدنا إلى الأرض، أولا تجذبني إلى الأرض الآن؟ يا للخفة، وبدأت قدماي تبتعدان عن الأرض، كانت القلعة أمامي بجدارها الزماني العتيق وأنا أحلق فوقها، وما إن أصبحت فوق السور حتى وجـدت أبي، وأمي وأخي وأصدقـائي، ومعلمي داخلها، وشاهدت نفسـي بينهـم، كانـوا يلـوحون لي، كنت قاب قوسين أو أدنى منهم , وما إن لوحت لهم حتى سقطت أرضاً وقفت ونفضت كل الأتربة وركضت أجوب الشوارع بخطوات قوية وأنا أصيح: كذب نيوتن .. كذب نيوتن.. نظرت إلى سـاعة يدي، كانت ما تزال تشير إلى الواحدة ليلاً .





+++

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:39 PM
هسيس الأفكار



بين العديدِ مِنَ الغرفِ فيالمدينةِ الجامعيَّةِ، وبين تداعياتِ الأفكارِ والأفعالِ، وبين فكي الحياة التي
تطحن الطموحات والأحلام . . . تظلُّ غرفةٌ في إحدى الوحداتِ السكنيةِ مضاءةً حتى وقتٍ متأخِّرٍ من الليل، وهي تُطِلُّ على جُزءٍ ليسَ بصغيرٍ من مدينةِ حلبَ التي ترسو فيها قوافلُ المنازلِ على ضفافِ الدَّأبِ واللهاثِ .. غيمةٌ سوداءُ تربُضُ فوق صدرِ المدينةِ، قلْ إنها دخانُ السياراتِ والمعاملِ.. قل إنها أفكارُ الناسِ وأحلامُهم.. قل إنها همومُهم وطموحاتُهم.. لكن لا شكَّ في أنها غيمةٌ مَقيتةٌ يبغَضُها المتأمِّلُ من تلك الغرفةِ .. وبين تلكَ التشكيلاتِ الواسعةِ منَ الأضواءِ والمنازلِ يرتفعُ القصرُ البلديُّ شامخاً إلى السَّماءِ وقد حجبَ جزءاً من قلعةِ حلبَ الساكنةِ وكأنها إنسانٌ محنَّطٌ يراقِبُ ما يجري بصمتٍ وهدوءٍ.. والمتأملُ من تلكالشرفةِ يجدُها كإنسانٍ قد ضَمَّ يديهِ مُخفياً شيئاً في دائرتِهِ التي شكَّلها .. لكن لا مفرَّ للعينِ مِنْ الوقوفِ عندَ القصرِ البلديِّ الذي وقفَ برسميَّةٍ واضحةٍ مرتدياً حُلَّةً أنيقةً بربطةِ عنُقٍ سوداءَ وكأنهُ مَركزُ المدينةِ، والشوارعُ تتحولقُ حولَهُ إضافةً إلى الناسِ والسياراتِ بل حتى المنازلُ تدورُ في دواماتٍ حولَهُ، لكن الشيء الملفتَ للانتباهِ أنهُ حتى بدايةِ عامِ 2000 ظلًّ فارغاً من أعلى القبعةِ التي يرتدِيها حتى أخمصِ قدميهِ!! لطالما جلسَ ذاك الشابُّ يتأمّلُ المشهدَ المثيرَ.. يدقِّقُ في تفاصيلِ المدينةِ كأنها بحرٌ متلاطِمُ الأمواجِ، تأخذُ المنازلُ شكلَ أمواجٍ منفردةٍ وقد انفصلَ كلُّ منزلٍ عن سميِّهِ ورسا على ضفافِ المدينةِ .. لكنهُ لا بدَّ أن يعودَ ليتأمّلَ القلعة متخيّلاً مِئذنَةَ جامِعِها منارةً تنيرُ ذلك البحرَ المظلمَ مُرسِلةً نوراً يصلُ لغرفتِهِ الطّافيةِ على مياهِ البحرِ الكبيرِ… كان يقفُ فتَراتٍ طويلةً مُتأمّلاً حائِراً لا يعرف قصداً ولا سبيلاً؛ وفي كلِّ مرَّةٍ كان يجلِسُ فيها وحيداً كانَتْ هناكَ نيرانٌتَشتعلُ فيه.. لكنه لم يعرفْ ماهيـةً لتلك النيرانِ .. كانَتِ الأفكارُ تمدُّ وتجزرُ بهِ .. لم يعرفْ موضوعاً محدّداً يقفُ فكرُهُ عندَهُ.. لم يزلْ يغيّرُ أصدقاءَهُ، وفي كلِّ صداقةٍ جديدةٍ كان يشعرُ أن النهايةَ قدِ اقتربَتْ، فيظلُّ ذلك الصديق مجرّدَ زميلٍ لا أكثر.. ليسَ ذلك فحسبُ بل لم يكنْ يبدأُ في قراءةِ إحدى الكتبِ أو المجلاتِ وبعد أن يسيرَ معَ الكاتبِ قليلاً، حتى يرى أن لا نكهةً لتلك المقالة أو القصـة فيرمِيهـا جانباً، وتفاقم الأمر حتى أمسى منذ الأسطر الأولى يترك ما بيدِهِ، وخلالَ السنواتِ الثلاثِ الماضيةِ لم ينْهِ سوى روايةِ (الفضيلةِ) على الرَغمِ من أنه كان كثير المطالعة سابقاً .

في كلِّ يوم كـان يذهـبُ مع رفاقِـهِ إلى الجامعة ، وفي نشاطٍ وحيويَّةٍ يَتكلّمونَ يَضحكونَ مثيرين جوّاً شبابيّاً جميلاً، لكنه كان يُحِسُّ _ وبدون مقدّماتٍ _ بالشتاتِ والابتعادِ عن زملائِهِ.. لعل أحداً لم ينتبِهْ إليهِ.. فكلٌّ يدور في دوّامتِهِ الخاصّةِ، هذا يعرضُ أمجادَهُ مع بناتِ الكليّةِ وكيف حادثَ تلك أو صادَق هاتيك، وذاكَ منهمكٌ في الحديثِ عن سيارةٍ ذاتِنظامٍ حديثٍ في القيادةِ، ومسجّلةٍ ليزريّةٍ بسعةٍ أكبرَ للأقراصِ، وآخرُ حزينٌ لأن فاتَهُ شراءُ الشريطِ الجديدِ لنشوى جرو، واثنانِ يتهامسانِ عن الدِشِّ وأخبارِهِ.. صديقٌ واحدٌ فقط أحسَّ به وسألَهُ مُستفسراً: أين تشرُدُ أحياناً ونحن نتحادثُ ونتضاحَكُ؟!! فأومَأَ لهُ بأنه هوَ نفسُهُ لا يعرف ما الذي يجعلُهُ يشردُ ويفكِّرُ في أمرٍ لم تتّضحْ لهُ معالِمُهُ لحدِّ الآن… وظلَّ ضوءُ غرفتِهِ مناراً طيلةِ الليلِ، وبقيَ يراقبُ القلعةَ الصّامتةَ من شرفتِهِ التي ظلّتْ تتخبّطُ فوقَ مياهِ البحرِ الكبير .

في يومِ الثلاثاءِ حين كـانَ يحادثُ الصديقَ ذاتَهَ - بعدَ أن خرجا من المحاضرةِ الأخيرةِ - لمحَ وجهَ فتاةٍ جعلَتْهُ يكرّرُ مفرداتِهِ وجُمَلَهُ وقدِ انحرفَ نظرُهُ عن وجهِ صديقِهِ الذي انتبهَ لأمرِهِ لكنّهُ لم يدرْ وجهَهُ ليبحثَ عن الذي جذب نظرَهُ، بل صمتَ وهو يحدِّقُ فيه وقد ارتسمَتْ على شفتَيهِ ابتسامةٌ صغيرةٌ، ثم قال لـهُ: من هي ؟.. أتعرفها ؟ قال: نعم ؟! .. لا، لا أعرفها، ولكني شاهدتُّ هذه الملامح سابقاً ..لكن أين.. عتبُكَ على الذاكرةِ.

بعدَ أيامٍ حين دارَ حديثٌ بينَهُ وبين تلك الفتاةِ أخذَ يسائل نفسَهُ ويبحثُ في الأيامِ.. في الأماكنِ التي جلسَ فيها.. الأصدقاءُ الذين تعرّفَ إليهم.. الجيران.. الأقرباء، عبثاً.. تتالَتِ الأيامُ، كان جالساً بجانبِها في الصّفِّ وبينما هي تناولُهُ قلماً إذ فرِغَ قلمُهُ.. لم يعرفْ أين ذهب فكرُهُ لحظتَها، وكأنَّ هذا الموقفَ قد مرَّ به من قبلُ، فقال لها: ألم تعطِني إصبعاً منَ الشوكولا يوماً ؟.. استغربَتْ سؤالَهُ وهزَّت رأسها نفياً، بينما ظلَّ هو وحيداً وهسيسُ الليلِ يقتحمُ غرفتَهُ كلَّ يومٍ.. ازدادَ ذلك الأمرُ سوءاً، فحين كان عائداً إلى غرفتِهِ.. صَعِدَ الدرجاتِ وقبل أن يفتحَ البابَ بعد أنْ دسَّ المفتاحَ انتبهَ إلى أنَّ شكلَهُ مختلفٌ فنزَلَ طابقينِ عائداً إلى غرفتِهِ.. وتكرّرَ الأمرُ نفسُهُ.. لكنّهُ بعد أنْ نزَلَ عدةَ طوابق أخرى لم يشاهدْ بابَهُ المألوفَ.. وقفَ قليلاً مفكّراً بالأمرِ ثم عادَ ضاحكاً إلى وحدتِهِ السكنيّةِ. مساءَ كلِّ سبتٍ كان يذهبُ إلى النادي الأدبيِّ وسَطَ المدينةِ وفي إحدى المراتِ كانتْ أنفاسُهُ تتعاقبُ وهو يصعدُ الدرجاتِ فقد تأخّرَ على الموعدِ المحدّدِ لبدءِ الأمسيةِ لكنهُفوجِئَ بضوءِ النادي مطفأً ! قال لنفسِهِ: أمعقولٌ أنهم أنـهَوا الأمسيةَ سريعاً.. دارَتْ بهِ الأفكارُ وركب عائداً إلى غرفتِهِ متذكّراً أن اليومَ هو الجمعةُ.. ظلَّ صامتاً في الحافلةِ حتى فوجِئَ بالسائقِ يقولُ له: إنه الموقفُ الأخيرُ.. فركبَ حافلةً أخرى وعاد إلى غرفتِهِ الصّامتةِ، وازدادَتْ ذاكرتُهُ سوءاً فـأصبحَ حين يحـادثُ البائعَ يقفُ طويلاً متذكّراً حاجتَهُ، وقدِ اعتادَ البائعُ أمرَهُ، فيتركُهُ لحالِهِ قد يتذكّرُ طلباتِهِ أو بعضاً منها أو لا يتذكّرُها بالمرة.. ظلَّ دون شايٍ أو قهوةٍ أياماً وفي كلِّ مرّةٍ ينزِلُ فيها للتسوّقِ يمشي ويمشي حتى يصلَ إلى حارةٍ غريبةٍ عليهِ فيعود أدراجَهُ لا ينتبهُ إلى الأمر حتى يأتيَهُ ضيفٌ فيُفاجَأُ بأنّهُ لا يملِكُ ما يقدّمُهُ لذلكَ الضيفِ .. !

طارق شفيق حقي
04/05/2006, 08:40 PM
وظلَّ يقفُ على شرفتِهِ يراقبُ المدينةَ وأصبحَ للغروبِوألوانِهِ التي يبعثِرُها في السماءِ جماليّةً خاصّةً لديهِ انسكبَتْ في ذاتِهِ فأخذَ يكتبُ الشعرَ ويصوِّرُ نُسخاً لزملائِهِ الذين لم يَفهمُوا من ذاك الشعرِ شيئاً.. فأغلبُهُ رمزيٌّ مفعمٌ بالألوانِ الخريفيَّةِ .. ذات يومٍ كان ينسخُ لزملائِهِ إحدى قصائدِهِ فظلَّ يراقبُ آلة الفوتوكوبي وهي تنسخُ وتنسخُ.. ثم تنسخُ.. فكتبَ قصيدةً جديدةً أسماها (فوتوكوبي) لم يفهمْ أحد منها شيئاً !! وبقيَ ضوءُ غرفتِهِ مضاءً إلى الساعاتِ الأخيرةِ من الليلِ، ونيرانٌ تعبثُ بمشاعرِهِ.. تؤرِقُهُ.. ويبقى حتى أذانِ الفجرِ لم يذقْ للنوم طعماً، ثم تتركُهُ متعباً من سيول الأفكارِ والتخيلاتِ التي شاركَتْهُ فراشَهُ . في يوم الخميسِ، وبينما كان يصغي إلى المحاضرةِ، سمعَ صوتَ فتاةٍ فأدارَ وجهَهُ نحوَها بسرعةٍ، وظلَّ الصوتُ يتردّدُ في ذاكرتِهِ.. قلَّبَ كلَّ أوراقِهِ السابقةِ، لكنه لم يجدْ جواباً . بعدَ انتهاءِ المحاضرةِ سائلَ الرفاقَ عنها فلم يعرفها أحدٌ حتى اضطُرَّ إلى أن يسأل رفيقتَها عنها، فأجابَتهُ ببرودٍ أنَّ أسلوبَهُ قديمٌ ومكشوفٌ في التعرُّفِ إلى الفتياتِ.. وبقيَتْ غرفتُهُ مضاءةً طيلةَ الليلِ والأفكارُ تنقضُّ عليهِ كأشباحٍ سوداءَ بعيونٍ بيضاءَ تنتهِكُفضاءاتِ أفكارِهِ.. تاركَ الطعامَ وحالتُهُ تزدادُ سوءاً، وجسمُهُ يضعُفُ شيئاً فشيئاً وهسيسُ الأفكارِ يؤرِقُهُ، وظلَّ ضوءُ غرفتِهِ مضاءً، وظلَّ يراقبُ القلعةَ الصامتةَ من شرفتِهِ إلى أن جاء ذلك اليومُ.. لم يشعرْ بضياعٍ كما شعرَ فيه.. لم تكنِ الأيامِ لتسعفَهُ بيومٍ مرَّ به أصعبَ من ذاك اليومِ.. كان جالساً في حلقةِ بحثٍ يغالبُ نفسَهُ ويتضاحَكُ مع الرفاقِ.. كان العددُ كبيراً، فاضطُرَّ المحاضِرُ إلى أن يَقسِمَ العدد قسمينِ: الأولُ من حرف العين إلى الياءِ… وبدأ الرفاقُ يَحُثُّونَهُ إلى الخروجِ ممازحينَ إيّاهُ بكلمةٍ من هنا وهناكَ، وهو لا يعلمُ عمَّ يتحدَّثونَ.. لم ينقصِ العددُ كثيراً فاضطُرَّ المحاضرُ إلى سؤالِ الطلابِ عن أسمائِهِم، وحين وصل إليه سألَهُ عن اسمِهِ ثم عن سببِ عدمِ خروجِهِ فقالَ: ولِمَ الخروجُ ؟! فترتيبُ الأحرفِ: ع، غ، ط، ظ ..فضحكَ كلُّ من كانَ في الصفِّ ظانّينَ أنهُ يمازحُ المحاضِرَ الذي أخرجَهُ طالباً منهُ أن يحضُرَ في الحصَّةِ الثانيةِ… لم يعرْ أحدٌ اهتماماً للأمرِ الذي جرى لكنَّ صدمةً قويّةً قد زلزلتْ كيانَهُ، لا للموقفِ ذاتِهِ بل للحال التي أمسى عليها.


خرجَ وهو هائمٌ على وجهِهِ وقد تأجَّجَتِ النيرانُ فيه وأحشاؤُهُ تتقلَّبُ وأنفاسُهُ تضطربُ وقد سرَتْ برودةٌ في أطرافِهِ، وصلَ إلى البهوِ السفليِّ من الكليّةِ، وقفَ وحيداً وقدِ امتلأ البهو بالطلابِ والطالباتِ،والأصواتُ ترتفِعُ أكثرَ فأكثرَ… ضحكاتٌ مفعمةٌ بالحيويّةِ ترُنُّ من حولِهِ… أصواتٌ متداخلةٌ أحاديثُ غير مفهومةٍ تملأ المكان، أحسَّ وكأنَّ مطرقةً تطرقُ في رأسِهِ والوجوهُ تمرُّ به متكرّرةَ المعالمِ، والألوانُ عليها تختلفُ من واحدةٍ لأخرى، وألوانُ الثيابِ تتناوبُ وتتكرّرُ محدثةً إيقاعاً متزايداًلتلكَ المطرقةِ فاخترقَ تجمُّعاتِ الشبابِ خارجاً من الكليّةِ، ظلَّ يسيرُ ويسيرُ حتى غابتِ الشمسُ وقد ألفى نفسَـهُ في مكانٍ غريبٍ عادَ إلى غرفتِهِ، قلَّبَ أوراقَهُ ، دفاتِرهُ كتبَهُ والعصبيّةُ واضحةٌ في حركاتِهِ والتوتّرُ ينفُرُ من وجهِهِ كطيرٍ مزهوقِ الروحِ حتى وجدَ ورقةً بيضاءَ كان قد رسمَ عليها صورةَ فتاةٍ باسمةٍ تأمَّلها ملياً، ضمَّها إلى صدرِهِ وكأنها الثلوجُ تنهمرُ فوق النيرانِ.. وضعَها مع بقيَّةِ أغراضِهِ في حقيبةِ سفرِهِ وعادَ إلى مدينتِهِ ، في الحافلةِ كان قد أسند رأسَهُ إلى الزجاجِ مغمضاً عينيهِ لم يلاحظْ أن ضوءاً قد انبعثَ من منارةٍ وسَطَ المدينةِ من أعلى قمَّةٍ فيها، وبقيَ ضوءُ غرفتِهِ مناراً حتى ساعةٍ متأخِّرةٍ من الليلِ .









+++





تمت المجموعة

د.ألق الماضي
04/05/2006, 11:30 PM
:p ألف ألف مبارك

سعدنا بهذا المولود ...,
وندعو باستمرار العطاء
شكرا أخي طارق على إشراك أعضاء المربد في نجاحك
شكرا لإهدائك الرقيق
حفظ الله لك والديك وإخوتك ومن تحب
:007: لا أحب قراءة القصص على شاشة الحاسب ؛ لذا لن أتنازل عن مصافحة أوراق المجموعة ممهورة بإهدائك :grin:
يا إلهي سيطمع أعضاء المربد بها يا لطول لساني :shutup:

طارق شفيق حقي
05/05/2006, 08:53 PM
مبرووووووووووووووووووووووك

في اسمي في الإهداء ..

بارك الله بك عزيزي ربيع النشيد

وكيف لا ألم ترى الاهداء

سمير الفيل
06/05/2006, 09:34 PM
أخي الكريم

طارق شفيق حقي

مبروك صدور المجموعة .
وبالتوفيق إن شاء الله.

محمد سنجر
07/05/2006, 04:18 AM
ألف ألف مبروك أخوي طارق
إلى الأمام
أخوك محمد سنجر

مروان قدري عثمان مكانسي
07/05/2006, 11:26 AM
الأخ العزيز طارق أبارك لك كتابك بل أبارك للقراء ما قدمته لهم من عصارة قلبك و وجدانك ، وأرجو أن يكون ذلك في ميزان حسناتك

محمد عرفه
07/05/2006, 06:03 PM
ألف... ألف مبروك يا طارق.
فرحت لك والله العظيم
ألف مبروك

محمد الشرقاوي
08/05/2006, 06:18 AM
باسم الله الرحمان الرحيم

العزيز والمحترم الأستاذ طارق . السلام عليكم ورحمة الله .

قد لايمكنك تصور مدى فرحي وسعادتي ، وأنا أستفبل هنا في بيتي وعلى مرأى ومسمع من أبنائي ، * غابات الروح *..فهنيئا لك بها ..

وهنيئا لنا بكما معا . أنت الأديب الصادق الأمين .. وهي المجموعة القصصية الساحرة العذبة ..

ولتدم سيدي الكريم ، أديبا متأ لقا في مجمل عطاءاتك الفكرية الممتعة ..

طارق شفيق حقي
08/05/2006, 06:57 PM
:p ألف ألف مبارك

سعدنا بهذا المولود ...,
وندعو باستمرار العطاء
شكرا أخي طارق على إشراك أعضاء المربد في نجاحك
شكرا لإهدائك الرقيق
حفظ الله لك والديك وإخوتك ومن تحب
لا أحب قراءة القصص على شاشة الحاسب ؛ لذا لن أتنازل عن مصافحة أوراق المجموعة ممهورة بإهدائك :grin:
يا إلهي سيطمع أعضاء المربد بها يا لطول لساني :shutup:

بارك الله بد د ألق الماضي

سنرى طريقة لارسال مجموعة ممهورة بالمهر الملكي

لك أجمل التحايا

طارق شفيق حقي
08/05/2006, 08:38 PM
أخي الكريم

طارق شفيق حقي

مبروك صدور المجموعة .
وبالتوفيق إن شاء الله.


بارك الله بك أستاذ سمير الفيل

وفقك الله

طارق شفيق حقي
08/05/2006, 08:40 PM
ألف ألف مبروك أخوي طارق
إلى الأمام
أخوك محمد سنجر


بارك الله بك أخي سنجر

لك تحياتي 56./,7

طارق شفيق حقي
08/05/2006, 08:42 PM
الأخ العزيز طارق أبارك لك كتابك بل أبارك للقراء ما قدمته لهم من عصارة قلبك و وجدانك ، وأرجو أن يكون ذلك في ميزان حسناتك

الكريم مروان بعدت عنا

سلامي لقلبك وبارك الله بك عزيزي على حسن كلامك

طارق شفيق حقي
08/05/2006, 08:52 PM
ألف... ألف مبروك يا طارق.
فرحت لك والله العظيم
ألف مبروك


محمدعرفه

سلام الله عليك

سعدت بك وبارك الله بك عزيزي

لكن اسمك ليس غريب علي ؟؟

طارق شفيق حقي
08/05/2006, 09:10 PM
باسم الله الرحمان الرحيم

العزيز والمحترم الأستاذ طارق . السلام عليكم ورحمة الله .

قد لايمكنك تصور مدى فرحي وسعادتي ، وأنا أستفبل هنا في بيتي وعلى مرأى ومسمع من أبنائي ، * غابات الروح *..فهنيئا لك بها ..

وهنيئا لنا بكما معا . أنت الأديب الصادق الأمين .. وهي المجموعة القصصية الساحرة العذبة ..

ولتدم سيدي الكريم ، أديبا متأ لقا في مجمل عطاءاتك الفكرية الممتعة ..


سلام الله عليك العزيز محمد الشرقاوي أحسن الله اليك وأسعد قلبك

يا سيدي الأرواح جنود مجندة

وقد كان كلامك شفيفا مورقاً سعدت بصدقك وبمشاعرك

أجمل الله حياتك

تحياتي لك وللأسرة الكريمة

حي بن يقظان
08/05/2006, 09:36 PM
ألف مبروك ولادة غابات الروح

مبروك لنا كلنا

د.ألق الماضي
08/05/2006, 11:06 PM
بارك الله بد د ألق الماضي

سنرى طريقة لارسال مجموعة ممهورة بالمهر الملكي

لك أجمل التحايا
أسعد الله صباحك أديبنا المتألق
بانتظارك :-x

صلاح الحسن
11/05/2006, 02:58 PM
ألف مبروك أخانا أبا شفيق
وألف ألف مبروك
ولكن ألم تقل ذات رد أنها سوف تصدر عن دار القلم العربي
وطبعاً هذا ليس مهماً
المهم أنها صدرت وإن شاء الكريم
تكون فاتحة خير في سلسلة مطبوعاتك
إلى أن نقرأها نرجو أن تساعدنا الظروف

طارق شفيق حقي
11/05/2006, 06:04 PM
ألف مبروك ولادة غابات الروح

مبروك لنا كلنا


بارك الله بك أخي الكريم

سررت بك

طارق شفيق حقي
11/05/2006, 06:32 PM
ألف مبروك أخانا أبا شفيق
وألف ألف مبروك
ولكن ألم تقل ذات رد أنها سوف تصدر عن دار القلم العربي
وطبعاً هذا ليس مهماً
المهم أنها صدرت وإن شاء الكريم
تكون فاتحة خير في سلسلة مطبوعاتك
إلى أن نقرأها نرجو أن تساعدنا الظروف

العزيز صلاح الحسن

بارك الله بك

بالفعل المكتبة التي تولت طباعة المجموعة هي مكتبة دار القلم لكن لا أعرف حين وصلني الكتاب وجدت دار الرفاعي

وكانهم انفصلوا عن دارا لقلم وفتحوا لهم دار نشر جديدة بعد غابات الروح:p وصاحب المكتبة هو من بيت (عماد رفاعي) حلب ساحة سعد الله الجابري خلف الفندق السياحي

خالد القيسي
11/05/2006, 09:42 PM
أخي طارق :
مبارك لك ولنا أهل المربد غابات روحك

وإلى الأمام يا أبا شفيق


أخوكم

خالد

د.أسد محمد
12/05/2006, 12:24 PM
أستاذ طارق

الف مبارك
ومن يخاطب الروح بتجلياتها
يسمو
بنا
الى عوالم الجمال

مرة اخرى
عيد مع كل اصدار
وفرح

صلاح الحسن
13/05/2006, 01:12 PM
والله نحن عرب بجدارة
الدولة الواحدة عم تصير دولتين أو ثلاثة
فما بالك بدور النشر

طارق شفيق حقي
13/05/2006, 05:31 PM
أخي طارق :
مبارك لك ولنا أهل المربد غابات روحك

وإلى الأمام يا أبا شفيق


أخوكم

خالد

سلام الله عليك وبارك الله بقلبك عزيزي خالد القيسي

طارق شفيق حقي
13/05/2006, 05:33 PM
أستاذ طارق

الف مبارك
ومن يخاطب الروح بتجلياتها
يسمو
بنا
الى عوالم الجمال

مرة اخرى
عيد مع كل اصدار
وفرح

سلام الله عليك وبارك الله

بقلبك واعاد الله علينا وعليكم الأفراح

طارق شفيق حقي
13/05/2006, 05:38 PM
والله نحن عرب بجدارة
الدولة الواحدة عم تصير دولتين أو ثلاثة
فما بالك بدور النشر


دار القلم العربي.... عبد القادر رفاعي ( الأب)

دار رفاعي......... عماد رفاعي ( الابن)

طبعاً هناك أخوة كثر

يعني قد تكون مجموعتي القادمة باسم دار جاسم الشاوي :?:

صبا نجد
13/05/2006, 08:37 PM
أخي طارق ..

مبروووووووووووووووووك ..

متأخرة أدري معليش ..

كنت ناسية كلمة المرور << عوايدي !!!

طارق شفيق حقي
14/05/2006, 09:24 PM
أخي طارق ..

مبروووووووووووووووووك ..

متأخرة أدري معليش ..

كنت ناسية كلمة المرور << عوايدي !!!


صبا نجد

بارك الله بك واهلا بك مع ذاكرة قوية خاصة مع المربد

طارق شفيق حقي
04/06/2006, 01:34 PM
تطلب مجموعة غابات الروح في السعودية من مكتبة العبيكان ومكتبة جرير

الموزع مكتبة دار القلم / سوريا

طارق شفيق حقي
27/06/2006, 08:28 PM
غابات الروح في قسم دار القلم العربي
في سوق الانتاج الصيفي حلب
اعتبارامن 5/7/2006
ولغاية6/8/2006
**********
غابات الروح في قسم دار القلم العربي في معرض مكتبة الاسد الدولي للكتاب بدمشق
اعتبارا من 1/8/2006
ولغاية 11/8/2006

د.ألق الماضي
29/07/2006, 11:21 PM
أبحرت في تلك المجموعة وهالني أنها برقيات عاجلة للإنسان الذي تخلى عن إنسانيته حين تخلى عن دينه وعروبته.طارق كاتب قصصي ورسام بل فنان أديب يشغله الهم العربي والإسلامي ، يكتب برقيات مشغرة وقصص تنضح برمزية محببة تتسلل لذواتنا لتنفض عنها الغبار وتمسح الصدأ.هوابن الإسلام الغيور وابن العربية الأصيل الذي ترعرع في اليعربية وانظر لاسم البلدة فلن تعدم جوابا.
طارق أرفع يميني ملوحة لك بالتحية وداعية لك بالاستمرار
حفظك الله.

طارق شفيق حقي
05/08/2006, 07:25 PM
أبحرت في تلك المجموعة وهالني أنها برقيات عاجلة للإنسان الذي تخلى عن إنسانيته حين تخلى عن دينه وعروبته.طارق كاتب قصصي ورسام بل فنان أديب يشغله الهم العربي والإسلامي ، يكتب برقيات مشغرة وقصص تنضح برمزية محببة تتسلل لذواتنا لتنفض عنها الغبار وتمسح الصدأ.هوابن الإسلام الغيور وابن العربية الأصيل الذي ترعرع في اليعربية وانظر لاسم البلدة فلن تعدم جوابا.
طارق أرفع يميني ملوحة لك بالتحية وداعية لك بالاستمرار
حفظك الله.


سلام الله عليك

شهادة افتخر بها وأسأل التثبيت

سلمك الله دكتورة ألق وبارك بك

طارق شفيق حقي
30/08/2006, 10:25 PM
وجدت مؤخراً أن دار القلم وضع المجموعة في موقعه

ولو كنت قد قدمت لهم ملاحظة بتطوير موقعهم

http://www.qalamarabi.com/index.php (http://www.qalamarabi.com/index.php)

علاء الدين
09/04/2008, 11:03 PM
أتأذنون لي باضافة قصتي الصغيرة

كيف أتيت الى المنتدى ؟؟!

كانت احدى لياليّ الامتحانية

وقبل أن أمسك كتابي امتدت يدي باللا شعور الى كتيب غابات الروح

صرت اقلب بين صفحاته أقرأ قصة تلو اخرى وبدون ترتيب حتى طلع علي الفجر دون ان أدرس ( ورسبت المادة عالـ 43 )

وبصدق ومن دون مبالغة لم يحزنني ذلك ، وانما كنت سعيدا

فما تعلمته من تلك القصص لم أجده في أي مقرر


مشكور أستاذ طارق

طارق شفيق حقي
10/04/2008, 08:34 PM
شكرا لمشاركتك الأولى وأهلا بك صديقا ًللمربد
ولكن.............؟
وصفت غابات الروح بالكتيب ورسبت بالمادة,ماذا سيكون نصيبك من النجاح لو قرأت مجموعتي القصصية المقبلة؟
مرة أخرى أهلا وسهلا.

د.ألق الماضي
10/04/2008, 08:47 PM
شكرا لمشارتك الاولى واهلا بك صديقا للمربد
ولكن.............؟
وصفت غابات الروح بالكتيب ورسبت بالمادة,ماذا سيكون نصيبك من النجاح لو قرات مجموعتي القصصية المقبلة؟
مرة اخرى اهلا وسهلا.


ربما يعيد العام بأكمله...;)
نرحب به في ربوع المربد الزاهر...

علاء الدين
10/04/2008, 09:21 PM
ماذا سيكون نصيبك من النجاح لو قرات مجموعتي القصصية المقبلة؟




استفذنا معناها .....!

طارق شفيق حقي
10/04/2008, 10:44 PM
استفذنا معناها .....!



سلام الله عليك أخي علاء الدين

أعادني ردك إلى كل سطر مضى

أتعرف أن بعض من هذه القصص كتبت أيام الامتحانات
وكانت تلك مدرستي وجامعتي إذ لا تغنيني محاضرات الجامعة التي أمست للأسف ثانوية متقدمة لا أكثر

بل لربما نخسر كثيراً من ثقافتنا وعلمنا بعد الجامعة

إذ تبوح بأيامك تعيديني لأيامي

والشرفة المطلة على مدينة حلب , والقلعة المتربعة ولهاث الحياة


كانت أياماً جميلة بحق

أسعدتني بتواصلك , وسرني هذا الشغف الجميل

والأجمل حتماً أني كسبت صديقاً تعرفت إليه عبر الحرف المسافر بدون غاية وبدون جناح


أهلاً بك في قلبي

علاء الدين
10/04/2008, 10:59 PM
ألق الماضي

جزيل الشكر لك ع الترحيب

******

طارق شفيق حقي

وانا كمان ما بيخطرلي اكتب الا بايام الفحص


وبيسعدني كون من منتابعين ابداعك
واعضاء منتداك
ويشرفني جدا كون صديق