المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال هام جدا"لغة الكتابة والشعر الحر"



طارق شفيق حقي
01/05/2006, 10:40 PM
لغة الكتابة والشعر الحر

من الجوانب التي يهتم بها الغالبية العظمى منالمستشرقين في الأدب العربي الحديث فهو اهتمامهم بمن يكتبون أدباً في اللغات الأوروبية وهؤلاء يطلق عليهم عبد الله الركيبي (المرضي عنهم) ويقول عنهم "أما أولئك (المرضي عنهم) فهم الذين يعيشون عصرهم ويستحقون التكريم والتنويه بإنتاجهم، نلمس هذا في الضجة التي

أثاروها حول ما كتبه الطاهر بن جلون الذي يصرح بأن الفرنسية هي التي تعبر عنه وعن إحساسه، فانهالت عليه الجوائز الأدبية ومثل الجزائري "عبّه" الذي ذهب به حب الفرنسية والدفاع عنها إلى حد بعيد إذ رصد جائزة من ماله الخاص لمن يكتب عملاً أدبياً متميزاً بهذه اللغة.."([27])

وفي مقابل هذا الاهتمام فهناك إهمال أو حتى عداوة لمن يتحول عن الكتابة من الفرنسية إلى العربية أو إذا خالف أفكارهم ويذكر الركيبي من هؤلاء مالك حداد الذي لا يكاد يذكر اسمه عندنا إلاّ نادراً أما في الضفة الأخرى فلا يكاد يذكر اسمه إطلاقاً لسبب معروف وهو دفاعه عن العربية ورفضه الكتابة بالفرنسية بعد الاستقلال في حين أن غيره يشيدون به محلياً وفرنسياً مثل كاتب ياسين ومولود معمري وبن جلون وغيرهم. ويستشهد ركيبي بما كتبه رشيد بوجدرة بأن الفرنسيين يشجعون الكتابة الفرنسية لأن هؤلاء يكتبون نصوصاً سياسية تروق الفرنسيين وتروج أفكارهم، "وبعضهم الآخر يكتب القصة بطريقة فنية جميلة تحمل أفكاراً غربية وموجهة أساساً للاستهلاك الغربي."([28])



العامية والدعوة إليها

من القضايا التي اهتم بها الاستشراق استخدام الكتاب العربي اللغة الفصحى في الإبداع الأدبي سواء كانت قصة أم رواية أم مسرحية. وقد جعلوا هذه القضية من القضايا التي أولوها اهتماماً كبيراً. وقد ناقش أحمد سمايلوفيتش هذه القضية في كتابه فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي الحديث وأكد من أنها من أخطر الهجمات التي تعرضت لها اللغة العربية، ونقل عن عثمان أمين قوله "إن حملات ّالتغريب ّ التي شنها النفوذ الغربي وأعوانه في آسيا وأفريقيا مصوباً هجماته إلى التراث العربي الإسلامي بوجه عام و إلى اللغة العربية بوجه خاص." ([29])

وهذا الأمر قد أصبح واقعاً في الجامعات الغربية فمن العجيب أن يكتب أحمد نظمي بأن الجامعات الغربية تنوي إنشاء كراس للهجات العامية، فهي قد فعلت ذلك بالفعل، وقد أنشأت معاهد الخدمة الخارجية في بعض البلاد العربية لتدريس موظفيها اللهجات المحلية ومنها معهد الخدمة الخارجية في تونس الذي يقدم دورات في اللغة المحكية التونسية، وقد درس في هذا المعهد نائب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة بيركلي لورانس ميشيلاك Laurence O. Michalak فهو قد لا يستطيع فهم الفصحى لكنه يفهم العامية التونسية أفضل مما يفهمها عربي من الجزيرة. وقد التقيته في مكتبه بجامعة بيركلي فذكر لي بعض المعلومات عن العامية التونسية وأخذها بعض الكلمات الفرنسية وإدخالها إلى الاستعمال اليومي وتطبيق بعض قواعد اللغة العربية عليها في الجمع والتأنيث والتذكير وغير ذلك. ولا شك أن هذه المعرفة العميقة بالعامية تحتاج من الباحث أن يعيش فترة من الزمن حتى يصل إليها.([30]) وقد علمت أن إحدى الجامعات الأمريكية قدمت لأحد أساتذة اللغة العربية فرصة العمل أستاذا زائراً بإحدى الجامعات السعودية لتدريس اللهجة المكيّة بخاصة أو اللهجة الحجازية عموماً، وقد قبل الدعوة.

وتأكيداً لهذا الاهتمام فقد بدأت الجامعات في نشر كتب نحو متخصصة في اللهجات وقواميس خاصة بكل لهجة من العربية إلى الإنجليزية وبالعكس ومن ذلك ما نشرته جامعة جورج تاون حديثاً ومنها هذه الكتب:

1- مرجع في قواعد اللغة العربية السورية تأليف مارك كوول Mark W. Cowell . وجاء في تعريف الكتاب أنه يصلح للطلاب المبتدئين في اللغة ومرشداً في هذه اللهجة للمتخصصين في اللغة العربية وفي اللسانيات.

2- مرجع موجز لقواعد العربية المغربية: تأليف ريتشارد هارل Richard S. Harrel وهذا مرجع عملي للطالب الذي حصل على مبادئ العربية المغربية.

3- قاموس العربية العراقية( عربي –-إنجليزي) تحرير وودهيد ووين بين D.R. Woodhead and Wayne Beene و وآخر ( إنجليزي- عربي) كلاراتي وكارل ستوواسر ورونالد وولف.B..E. Clarity, Carl Stowasser. And Ronald G. Wolf. . وهناك قاموس أيضاً للعربية السورية.(*)

ويقول أحمد نظمي محمد إنّ "بعض الجامعات الغربية باشرت في تدريس اللهجات في أقسامها واعتمدت لذلك الحرف اللاتيني كما فعلت الجامعة الأمريكية في القاهرة وبيروت، وفي الوقت الحالي أدخلت هذه الطريقة في كثير من معاهد الاستشراق الأوروبية إن لم يكن أغلبها، بل أصبح تدريس اللهجات العربية يستحوذ على ساعات مساوية للساعات المخصصة لتدريس العربية الكلاسيكية كما تدعى لديهم ولاسيما في معاهد أوروبا الغربية."([31])

ومن الاهتمام بالعامية الدراسات التي ما تزال تصدر عن الجامعات الغربية ودور النشر هناك حول العامية، ومن ذلك مثلاً الكتاب الذي شارك فيه الأستاذ الزائر بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية (جامعة لندن) صبري حافظ عن القصة القصيرة العربية واللغة العامية وصدر عام 1995م.([32])



الاهتمام بالشعر الحر أو المرسل


ومن الجوانب التي يهتم بها الاستشراق الحديث ما يطلق عليه الشعر الحر أو المرسل أو المنثور ويقول في ذلك صالح طعمة "لوحظ في السنوات الأخيرة إقبال متزايد على ترجمة ما نسميه ب ’الشعر الحر‘ بفضل الحضور أو الإسهام العربي في الغرب فتعددت الأعمال المترجمة لأمثال أدونيس (علي أحمد سعيد) وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي ومحمود درويش وصلاح عبد الصبور."([33]). وقد لاحظ هذا الأمر أحمد سمايلوفيتش منذ أكثر من خمس وعشرين سنة، حيث ذكر عدداً من الدراسات الاستشراقية حول الشعر العربي المعاصر واستنتج قائلاً "وهذا مما يدل على اهتمام الاستشراق البالغ بهذين الاتجاهين الرئيسين (الشعر المرسل والشعر الحر) في الشعر العربي المعاصر وتتبع الاستشراق المستمر له."([34])

وهذا الاهتمام هو الذي قاد إلى تقديم أدونيس في المحافل الدولية وترجمة شعره حتى أنّ جهاد فاضل كتب يتعجب من كثرة ترجمات أدونيس إلى اللغات الأوروبية في حين أنه بحاجة إلى أن يترجم إلى اللغة العربية ليفهمه العرب أولاً "فالحاجة ماسة أولاً إلى ترجمة شعره إلى اللغة العربية قبل ترجمته إلى اللغات الأجنبية لاستعصائه حتى على النخبة المثقفة كأنه يتقصد وهو يكتب شعره ألاّ يفهمه أحد من القراء. "ويضيف بالنسبة لكثرة ترجمات أدونيس قائلاً "إذ لا ينقضي شهر من الشهور إلاّ ويصدر ’إعلان‘ أو خبر في الصفحات الثقافية يحمل إلى القراء العرب بشرى ترجمة ديوانه هذا أو ذاك إلى اللغة الفلانية …كأن أدونيس يقول لهؤلاء إذا كنتم رفضتموني، فقد قبلني العالم، انظروا إلى تهافت العالم على قراءة شعري "[35]

وقد عرّفت باحثة أمريكية مهتمة بالأدب العربي أدونيس بأنه "الشاعر المشهور عالمياً والذي يعيش بين بيروت وباريس." ([36])

ولم يقتصر الاهتمام بأدونيس على الغربيين فإن من أبناء جلدتنا المتحدثين بلساننا قد جعلوا كتاب أدونيس –كما يرى الدكتور عاصم حمدان- الثابت والمتحول ’دستوراً لهم‘ لا ينقل من ثقافة الغرب وفلسفته سوى النفايات الفكرية التي تخلص منها أهلها وذووها منذ زمن، ثم يأتي أدونيس ويلبسها ثوباً جديداً من فكره الضال ليقوم بتسويقها في مجتمعاتنا، وما أكثر ذوي العقول المنحرفة الذين يجدون في أقواله بضاعة يتباهون بها بين قومهم، وما أفسدها من بضاعة."([37])

وبلغ من اهتمامهم بأدونيس أنه من المرشحين عند القوم لنيل جائزة نوبل، ومنذ نيل نجيب محفوظ والصحافة الحداثية التي تتلقى الوحي من الغرب تنتظر أن ينالها أدونيس أما من الغربيين الذين يرون أن أدونيس جدير بالجائزة روجر ألن Roger Allen فيما ذكره في مقالة له بعنوان ’الأدب العربي وجائزة نوبل‘.([38])

ولعل أدونيس أدرك أن تأييد السلام والتطبيع مع إسرائيل سيأتي له بالجائزة فقد أعلن قبوله للتطبيع مع إسرائيل في المؤتمر الذي أقامته اليونسكو في غرناطة تحت عنوان (ما بعد السلام) وكان من جراء هذه الدعوة أن طرد من اتحاد الكتاب العرب.([39])

ومن الأسماء الحداثية التي تهتم بها المراكز الاستشراقية محمود درويش ففي المؤتمر الذي عقد في بودابست حول الأدب العربي كان من بين المحاور محور ’تجديد لغة الشعر الحديث‘ والحديث عن الارستقراطية اللغوية للشعر الرسمي الكلاسيكي. وكان من بين المتحدثين ساسون سوميخ أستاذ الأدب العربي ورئيس معهد اللغات بجامعة تل أبيب. وقد أشار في محاضرته إلى أن الشعر قد أصبح منفتحاً بسبب التأثيرات اللغوية الشعبية والعامية وقدم من الأمثلة على ذلك محمود دوريش وصلاح عبد الصبور ومظفر النواب.

ومحمود درويش يقحم في شعره الرموز النصرانية حتى إنها أزعجت كاتبا يومياً في إحدى الصحف الصادرة في لندن فكتب يتهم درويش وأمثاله بالتظاهر بخلفية نصرانية وأن درويش كان عينة لهذه الفئة، ومن العبارات التي وردت في شعره ’مطر فوق برج الكنيسة‘ وهللويا !هللويا، وأيقونات الكنائس، وخاتم العذراء وغيرها. ويقول خالد قشطيني "هذه التفاتة مقبولة لو أنها كانت ترمي إلى تجسيم التلاحم بين المسيحيين والمسلمين في عالمنا العربي وإظهار أن التراث المسيحي هو أيضاً جزء من تراثنا… بيد أن الغرض ليس كما يبدو لي، الغرض هو الظهور بالتفرنج والاستغراب والعصرنة، وهذا شيء مقيت."([40])

ومما يمكننا إلحاقه بهذا الاهتمام بالأدب الاهتمام بجرجي زيدان والذين يكتبون الرواية التاريخية بهدف تشويه التاريخ الإسلامي وتحريفه. وقد كان اهتمام الاستشراق بجرجي حيث كان صديقاً لبعض هؤلاء المستشرقين مثل كرنيليوس فاندايك أول رئيس للجامعة الأمريكية في بيروت، بالإضافة إلى صداقته لنولدكه وفلهاوزن ومارجليوث وجولدزيهر وغيرهم. فقد كانت بينه وبين هؤلاء مراسلات مستمرة، كما كانت دار الهلال مقراً للمستشرقين الزائرين لمصر. وعرف عن جرجي زيدان ارتباطه أيضاً بالمخابرات الإنجليزية، وعن رواياته يقول شوقي أبو خليل "يواجه تاريخنا العربي وأعلامه محاولة مدروسة دقيقة لتزييفه وإفساده، وتمييع قيمه ومثله، وهي محاولة لم نشهد أخطر من سمومها وطعناتها ودسائسها، كل ذلك في عرض روائي جذاب شيق هدفه طرح أرضية تاريخية وفكرة واسعة لإثارة الشبهات حول تاريخنا وتراثنا وآدابنا ورجالاتنا"[41]

وقد نوقشت رسالة دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1409هـ للدكتور عبد الرحمن العشماوي عن الرواية التاريخية عند جرجي زيدان.([42]) كما اطلعت على رسالة دكتوراه قدمت لجامعة برنستون حول جرجي زيدان على أنه من أعمدة النهضة العربية المعاصرة. وفي استطلاع لإحدى الصحف العربية التي تصدر في الخارج كان السؤال عن أبرز الكتب التي كان لها تأثير كبير في القرن الماضي في العالم العربي فأجاب البعض بأن كتب جرجي زيدان من بين تلك الكتب التي أثرت تأثيراً كبيراً في النهضة الفكرية. ([43])

المحور الرابع
الاهتمام بنماذج من الأديبات والأدباء العرب.

1- النساء الأديبات

نالت المرأة الأديبة العربية اهتماماً واسعاً في الدراسات الاستشراقية وبخاصة تلك المرأة التي تأثرت بالفكر الغربي وتبنت قضايا معينة من مثل تحرير المرأة والعلاقة بين الرجل والمرأة وغيرها من القضايا .

فقد حصلت الباحثة الأمريكية مريام كوك Meriam Cooke على منحة من مؤسسة فلبرايت للسفر إلى سوريا للإعداد لندوة حول نساء سوريا فاختارت أن تجعل ندوتها عن الكاتبات السوريات وقد عقدت عدة حلقات للحديث مع الكاتبات السوريات. وقد قدمت معلومات عن بعض الكاتبات وبخاصة اللاتي أخذن بالقيم الغربية ودعون إلى ما يسمي ’تحرير المرأة‘ وقد بدأت بالحديث عن المنتديات الثقافية وأثرها في خروج المرأة السورية واختلاطها بالرجال وكان من هذه الحلقات:

1- حلقة الزهراء بدأت عام 1942 وكانت أول حلقة تجمع بين الرجال والنساء وهي الحلقة التي ظهرت فيها الكاتبة ألفت الأدلبي سافرة.

2- الجمعية الثقافية ، تأسست أيضاً عام 1942 وكان لها لقاء كل يوم ثلاثاء.

3- الصالون العربي بدأ في التسعينيات .

ومن الكاتبات السوريات اللاتي تحدثت عنهن:

أ-كوليت خوري، ولدت عام 1937م، ولها عدد من الروايات منها "أيام معه"(1959م) التي تصفها الباحثة الأمريكية بأنها "هزت العالم العربي حينذاك لصراحتها في الحديث عن المرأة والجنس" وقد نشرت بعد سنتين رواية أخرى بعنوان "ليلة واحدة" (1961م) تحدثت فيها عن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة وتدور أحداث القصة عن امرأة لم يكن زوجها قادراً على إشباعها جنسيا أو عاطفياً مما يجعلها تبحث عن الإشباع خارج الزواج.([44]) ولو أنها عرفت الأدب النبوي فإن امرأة اشتكت من زوجها فكانت عبارتها بأسلوب مهذب لم تزد على خمس كلمات "إنما معه مثل هدبة الثوب" فخالعها زوجها دون أن يصبح من ذلك قصة أو رواية أو حديثاً. ولكن عندما تراجع تطبيق الإسلام أصبحت مثل هذه الأمور تشجع الحديث عن اضطهاد المرأة وأن المجتمعات العربية تسمح للرجل من الحرية أكثر مما تمنح للمرأة.

ب-ملاحة الخاني ( 1934م): تكتب القصة القصيرة وقد صدر لها أربع مجموعات قصصية منها (كيف نشتري الشمس (1978م) و(العربة بلا جواد) (1981م) وتقول مريام إنّ الخاني أيضاً تفرض على المجتمع إعادة النظر في مسألة الحياة الجنسية للمرأة كما فعلت خوري من قبل. وأشارت بالتفصيل إلى روايتها بعنوان (تودد) (1987م) التي تحكي قصة زوجة مهندس أصيب بالشلل نتيجة انفجار لغم وعجزه الجنسي فما ذا ستفعل المرأة التي عليها أن تكبت غريزتها من أجل العيش مع رجل فقد الرغبة في المرأة. وتنقد المجتمع بأن الأمر لو كان العكس لأغمض عينيه عن سلوكه.([45])

جـ- هدى النعماني: شاعرة وفنّانة، تعيش في بيروت وقد كتبت خلال الحرب اللبنانية قصيدة "أذكر كنت دائرة" عام (1992م) وترجمت إلى الإنجليزية عام (1994م). ولها قصيدة أخرى بعنوان (هدى…أنا الحق) تتحدث فيها عن علاقتها بإله وليس إله المسلمين ولكنه روح شخصية عميقة كونية.

د- ناديه خست (1935م) نشرت عدداً من المجموعات القصصية منها (أحب الشام) (1967م) وهي قصص عاطفية تركز على وطنية المرأة وتلمح إلى قضاياها الجنسية. ثم نشرت رواية طويلة بعنوان (حب في بلاد الشام)(1996م). وقد ذكرت الكاتبة الأمريكية موقف خست من طرد أدونيس من رابطة الكتاب العرب بسبب موقفه من التطبيع وإصرارها على ذلك .

ومن الكاتبات اللاتي التقت في سوريا الكاتبة هدى الغزي التي تعمل محامية وتهتم بالقضايا الجنائية الخاصة بالمرأة ولذلك تأتي قصصها من الواقع ولها عدة قصص منها (هنّ) (1993م) و(العنبر رقم 6).

ورغم أن الكاتبات السوريات اللاتي يتمسكن بالقيم الإسلامية والمسلمات في كتاباتهن غير معروفات عموماً فإنني عرفت عن وجود كاتبات مثل هدى اللحام، وأم حسّان الحلو وإن كانت الأخيرة نشرت معظم إنتاجها في المملكة العربية السعودية لأنها عاشت في المدينة المنورة سنوات عديدة.

وتهتم رابطة دراسات النساء في الشرق الأوسط بالكاتبات والأديبات العربيات فمن هؤلاء حنان الشيخ التي كانت ضيفة الشرف أو المؤلفة الضيفة في الاجتماع السنوي للرابطة على هامش المؤتمر السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط الأمريكية. وقد قدمت رابطة المرأة في نشرتها عرضاً لكتاب حنان الشيخ (قصص حياتي) وتتحدث الترك في هذا الكتاب عن الحركة والولادة من جديد، وعن المغادرة، وعن الانطلاق. وتتحدث حنان في كتابها عن الهروب من كل من الأسرة، ومن المألوف ومن الوطن ومن الماضي، ومن المسلمات. وتقول عن نفسها "لقد توقفت عن تناول الطعام الذي كبرت وأنا أحبه، غيرت لهجتي، تجاهلت بعض أقاربي وحتى أبي تجاهلته في الشارع، لبست السواد وتركت شعري مسدولاً ودخنت سجائر الجلواز (سجائر فرنسية) ورددت عبارات مثل هل أنا موجودة؟ هل أتنفس؟" ([46]) وتقول عن نفسها بأنها في عالمها لا يوجد هوية متجانسة ولا يوجد مسلمات أدبية ولا حدود معروفة ولا يوجد أيديولوجية مريحة وتتحول الكتابة إلى منقذ."([47])

والاهتمام بالأديبات العربيات يتخذ شكل إصدار الكتب والدراسات حولهن وإبراز النماذج المتغربة فهذه فدوى ملطي-دوجلاس تصدر كتاباً بعنوان (رجال، نساء وإله ’آلهة‘) عن دار نشر جامعة بيركلي بكاليفورنيا عام 1995م تنتقد فيه الذين هاجموا نوال السعداوي بأنهم "يقرأون التفاصيل ولا ينظرون إليها نظرة شاملة." وتضيف إيفيلين عقاد بأن كتاب فدوي يمنح السعداوي الاعتراف الذي تستحقه وكذلك الفهم الدقيق الذي لم تحصل عليه منذ زمن."([48])

وقد سعت رابطة دراسات نساء الشرق الأوسط الأمريكية بالتعاون مع بعض الجمعيات النسائية المصرية إلى تخصيص قسم لكتب النساء في معرض القاهرة الدولي قبل سنتين وكان لبعض الأمريكيات العاملات في الرابطة لقاءات مع بعض الكاتبات العربيات ومنهن مثلاً فوزية أبو خالد وتقول كاتبة التقرير عن المعرض" تحدثت إلى فوزية أبو خالد – الشاعرة السعودية عن عملها الذي يعد طليعياً في الشكل وصريحاً في المضمون حتى إنها طردت من التدريس في كلية البنات في إحدى الجامعات السعودية، وتقول فوزية "مازلت في الجامعة ولكن في قسم تطوير المناهج، وبالطبع ما زلت مستمرة في الكتابة بالرغم من أن معظم ما اكتب لا ينشر في بلدي"([49])

وشاركت الأديبات العربيات في إلقاء المحاضرات والندوات في المؤسسات الغربية التي قد لا تبدو استشراقية فهذا معهد الفنون الجميلة المعاصر يدعو بعض هذه الكاتبات لإلقاء المحاضرات ومنهن:

1- نوال السعداوي وعرفتها النشرة بأنها "إحدى رائدات الحركة النسوية في العالم العربي، سجنت عام 1981م لكتاباتها في مصر، وأطلق سراحها بعد مقتل السادات" وكانت محاضرتها في 24سبتمبر 1992م.

2- آسيا جبار وحنان الشيخ و أندريه شديد وماري كاردينال Marie Cardinal في ندوة لمناقشة وضع المرأة في العالم العربي وعلاقة الرجل بالمرأة والمواقف العميقة للجنس والأوضاع النفسية للمجتمع المسلم.

3- سلمى الخضراء الجيوشي: ألقيت بعض المحاضرات على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب وكان الخطاب الافتتاحي من نصيب الدكتورة الجيوشي الذي أكدت فيه "أن أحد الأمور الإيجابية التي حدثت في العالم العربي هو ظهور المرأة في جميع المجالات وبخاصة في مجال الأدب" ومن النشاطات التي أقيمت تقديم جواز للأديبات العربيات وقد فازت أحلام مستغانمي بالجائزة الثانية على كتابها (ذكريات الجسد) وقد تحدثت المستغانمي قائلة "يجب أن نتكلم فالسكوت أمر فظيع، يجب أن نخاف من السكوت."(50)

4- المستشرقة البولندية باربرا ميخيلاك أعدّت دراسة جادة هي رسالتها لنيل درجة الدكتوراه حول بعض الأديبات العربية، فقد كانت رسالتها للدكتوراه حول كتابات الأديبة الكويتية ليلي العثمان (تظهر في المجلات بكل الأصباغ) في جامعة بولندا ، وقد قدمت بحثاً في مؤتمر المستشرقين الذي عقد في لوفان البلجيكية عام 1995 عن كتابين للأديبة ثريا البقصمي هما (شموع السراديب) و(رحيل النوافذ) بالإضافة إلى مذكرات فطومة. وهي تعد الآن دراسة عن الشاعرة سعاد الصباح وسيكون عنوان بحثها هو عنوان أحد كتب سعاد الصباح في البدء كانت الأنثى ([51)

5- حنان الشيخ من الأديبات اللاتي عشن زمناً في الغرب وبخاصة في بريطانيا حيث كتبت باللغة الإنجليزية أيضاً ولها مسرحية أدتها إحدى الفرق الإنجليزية وكانت أول كاتبة عربية يقوم الإنجليز بأداء مسرحية من تأليفها. وقد ذكرت جريدة "الحياة" أن التلفزيون البلجيكي يصور برنامجاً عنها وعن كتابها بريد بيروت ولها قصص أخرى منها اكنسي الشمس عن السطوح وأما مسرحيتها التي مثلت في لندن فتتحدث عن فتاة عربية اسمها عائشة اختارت الهجرة بعد أن رأت صديقاتها يهاجرن إلى أوروبا وينعمن بالحياة فيها لأن أوروبا في نظرهن هي الخلاص من أي شيء يمكن للإنسان أن يفكر فيه كالاضطهاد والفقر والكبت والخوف ..وتتزوج عائشة من إنجليزي شاذ. [52]

ومن صور اهتمام الاستشراق بنماذج من الأديبات العربيات ما تفعله الإذاعات الموجهة ومنها هيئة الإذاعة البريطانية فقد عرضت ذات مرة كتاباً لكاتبة أمريكية عنوانه (ثمن الشرف) وللتعليق على الكتاب استضافت نوال السعداوي للحديث عن الكتاب. ومن الكتب التي عرضتها مجموعة قصص للدكتورة أهداف سويف، وكانت إحدى القصص تتهم أصحاب الاتجاه الإسلامي بمحاربة تعليم المرأة واضطهادها، ومن البديهي أن القصة أو الرواية لو كانت تقدم الإسلام تقديماً صحيحاً لما نالت اهتمام المشرفين على هذه الإذاعة أو سواها من وسائل الإعلام الغربية. ولا شك أن مثل هذا الموضوع يحتاج إلى متابعة أكثر دقة__________________

منقول للكاتب حازم
ومن حازم لم أعرف

طارق شفيق حقي
05/06/2006, 10:41 PM
من أخطر المقالات

بنت الشهباء
06/06/2006, 01:59 PM
أستاذنا الأديب الملتزم
طارق شفيق حقي

تابعت معكَ كل البحث , وكم تمنيت قبل أن أنتهي منه أن أصل إلى أديبة أو كاتبة تعلم معنى الالتزام بالأدب !!؟؟؟..

وإننا لانرى أن انحدار الأدب الملتزم يعود إلى الأفكار الهدّامة التي جاء بها الغرب , ونشرها في الشرق الأوسط بحجة الحرية ونشر الديمقراطية ..

وهو يهدف من وراء هذا إلى البعد أولا عن المنهج الذي فطرنا الله عليه , ومحاربة لغتنا العربية الأم لغة القرآن , ولغة الفصاحة والبيان ..

بل يريد لنا أن ننتحل لباسا لا يستر عورةً ولا يخفي عيباً من أجل أن يسهل له السيطرة على مقومات الأمة ومبادئها وقيمها .. وللأسف

يا أستاذي فإننا نرى كثير ممن يحملون الأقلام قد انتحلوا هذا الثوب الغريب عليهم من أجل أن ينطلقوا إلى عالم التحرر من كل القيم والمبادئ و الأخلاق , وساروا وراء المستشرقين الحاقدين , بل صاروا أذناباً لهم ..

ونسأل الله أن يجعل لنا لسان صدق في الآخرين , وأن يسخّر أقلامنا لما فيه الخير والصلاح والرشد للأمة

إنه سميع مجيب

حناني محمد
06/07/2009, 02:41 PM
الأخ الأستاذ الفاضل طارق شفيق حقي
السلام عليكم ورحمة الله.والله ان أعداء الداخل أشد ضراوة من أعداء الخارج وقديما قال الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
اننا نتعرض لمحا ولات التخريب من الداخل بعد أن فشلت محاولات تخريبنا
منالخارج.

طارق شفيق حقي
10/07/2009, 07:22 PM
الأخ الأستاذ الفاضل طارق شفيق حقي
السلام عليكم ورحمة الله.والله ان أعداء الداخل أشد ضراوة من أعداء الخارج وقديما قال الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
اننا نتعرض لمحا ولات التخريب من الداخل بعد أن فشلت محاولات تخريبنا
منالخارج.

سلام الله عليك

إن محاولات التخريب من الداخل أو الخارج
تحمل ضمناً عوامل البقاء لنا
ففيها دفع نحو تطوير أدواتنا
لا يعني ذلك أن لا نحاكم هؤلاء المخربين
فلهم جولة ولنا الميدان أبداً

طارق شفيق حقي
10/07/2009, 07:23 PM
أستاذنا الأديب الملتزم

طارق شفيق حقي


تابعت معكَ كل البحث , وكم تمنيت قبل أن أنتهي منه أن أصل إلى أديبة أو كاتبة تعلم معنى الالتزام بالأدب !!؟؟؟..


وإننا لانرى أن انحدار الأدب الملتزم يعود إلى الأفكار الهدّامة التي جاء بها الغرب , ونشرها في الشرق الأوسط بحجة الحرية ونشر الديمقراطية ..


وهو يهدف من وراء هذا إلى البعد أولا عن المنهج الذي فطرنا الله عليه , ومحاربة لغتنا العربية الأم لغة القرآن , ولغة الفصاحة والبيان ..


بل يريد لنا أن ننتحل لباسا لا يستر عورةً ولا يخفي عيباً من أجل أن يسهل له السيطرة على مقومات الأمة ومبادئها وقيمها .. وللأسف


يا أستاذي فإننا نرى كثير ممن يحملون الأقلام قد انتحلوا هذا الثوب الغريب عليهم من أجل أن ينطلقوا إلى عالم التحرر من كل القيم والمبادئ و الأخلاق , وساروا وراء المستشرقين الحاقدين , بل صاروا أذناباً لهم ..


ونسأل الله أن يجعل لنا لسان صدق في الآخرين , وأن يسخّر أقلامنا لما فيه الخير والصلاح والرشد للأمة


إنه سميع مجيب




صدقت أختي الكريمة بنت الشهباء
ويجب أن لا تتخلى الكاتبة الملتزمة مع مكانها لغيرها فتعيث الفوضى

لك تحياتي

مصطفى البطران
12/07/2009, 11:48 PM
اشكرك
أخي الكـريــم
الأستــــاذ طارق
على ما نقلته إلينا من معلومات هامة جداً ويجب أن نطلع عليها
وهذا دليل حرصك الكبير على لغتنا الغراء
حيث حاولوا أن ينالوا منها ولم يستطيعوا ولن يستطيعوا ولكنهم
سيعيدون الكرة مرات لأن بعض ضعاف النفوس منا مما يريدون الظهور باي ثمن ودون أن يمتلكوا مقومات الظهور يهرولون وراءهم ولكن لا بد أن يفضح هؤلاء عاجلاً أم آجلاً 000
جزاك الله كل خير
على هذا المقال الهام جداً فعلاً 000 سلامي لشخصك الكريم وروحك الأبية
وكل التقدير وخالص الامتنان 000 مع عسل المحبة 56./,7