المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الضحــــك والبكــــاء في كتــــاب البخــــلاء



أبو شامة المغربي
29/04/2006, 10:40 PM
الضحــــك والبكــــاء

*****

يقول أبو عثمان بن بحر الجاحظ:

(...وإذا كان البكاء ما دام صاحبه فيه، فإنه في بلاء، وربما أعمى البصر، وأفسد الدماغ، ودل على السخف، وقضى على صاحبه بالهلع...فما ظنك بالضحك الذي لا يزال صاحبه في غاية السرور إلى أن ينقطع عنه سببه.

ولو كان الضحك قبيحا من الضاحك، وقبيحا من المضحك لما قيل للزهرة والحبرة، والحلى والقصر المبني: كأنه يضحك ضحكا، وقد قال الله جل ذكره:(وإنه هو أضحك وأبكى، وأنه هو أمات وأحيى)، فوضع الضحك بحذاء الحياة، ووضع البكاء بحذاء الموت، وإنه لا يضيف الله إلى نفسه القبيح، ولا يمن على خلقه بالنقص.

وكيف لا يكون موقعه من سرور النفس عظيما، ومن مصلحة الطباع كبيرا، وهو شيء في أصل الطباع، وفي أساس التركيب، لأن الضحك أول خير يظهر من الصبي، وقد تطيب نفسه، وعليه ينبت شحمه ويكثر دمه الذي هو علة سروره، ومادة قوته.

ولفضل خصال الضحك عند العرب تسمي أولادها بالضحاك، وببسام، وبطلق، وبطليق، وقد ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وفرح، وضحك الصالحون ومزحوا، وإذا مدحوا قالوا: هو ضحوك السن، وبسام العشيات، وهش إلى الضيف، وذو أريحية واهتزاز.

وإذا ذموا قالوا: هو عبوس، وهو كالح، وهو قطوب، وهو شتيم المحيا، وهو مكفر أبدا، وهو كريه ومقبض الوجه، وحامض الوجه...

وللضحك موضع، وله مقدار، وللمزح موضع وله مقدار، متى جازهما أحد، وقصر عنهما أحد، صار الفاضل خطلا، والتقصير نقصا، فالناس لم يعيبوا الضحك إلا بقدر، ولم يعيبوا المزح إلا بقدر، ومتى أريد بالمزح النفع، وبالمضحك الشيء الذي له جعل الضحك، صار المزح جدا، والضحك وقارا...).

(كتاب البخلاء)

دار الكتب الشعبية، بيروت-لبنان، الطبعة الثالثة، يناير 1977م، الصفحة:9-10.




د. أبو شامة المغربي


kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)

طارق شفيق حقي
30/04/2006, 07:21 PM
وللضحك موضع، وله مقدار، وللمزح موضع وله مقدار، متى جازهما أحد، وقصر عنهما أحد، صار الفاضل خطلا، والتقصير نقصا، فالناس لم يعيبوا الضحك إلا بقدر، ولم يعيبوا المزح إلا بقدر،



الكاتب الموسوعي الجاحظ رحمه الله عليه

من أروع المقالات

مرود المجذوب
18/05/2008, 08:37 PM
ما أروع ما قيل..
فأجاد من قال..
وأحسن من اختار..
فشكرا جزيلا..