المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل عدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعون؟



أبو شامة المغربي
26/04/2006, 05:06 PM
هل عدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعون؟



(1)





************

العلة في النص على تسعة وتسعين اسما



********



أسماء الله الحسنى توقيفية لا مجال للعقل فيها

يجب الوقوف على ما جاء نصا في الكتاب والسنة بذكر الاسم دون زيادة أو نقصان؛ لأن أسماء الله الحسنى توقيفية لا مجال للعقل فيها، فالعقل لا يمكنه بمفرده أن يتعرف على أسماء الله التي تليق بجلاله، ولا يمكنه إدراك ما يستحقه الرب من صفات الكمال والجمال، فتسمية رب العزة والجلال بما لم يسم به نفسه قول على الله بلا علم، قال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مسئولا) [الإسراء:36].

وقد اشتهرت في ذلك مناظرة بين أبي الحسن الأشعري وشيخه أبي على الجبائي عندما دخل عليهما رجل يسأل: هل يجوز أن يسمى الله تعالى عاقلا؟ فقال أبو علي الجبائي: لا يجوز، لأن العقل مشتق من العقال وهو المانع، والمنع في حق الله محال فامتنع الإطلاق، فقال له أبو الحسن الأشعري: فعلى قياسك لا يسمى الله سبحانه حكيما، لأن هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج، ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:



فنحكم بالقوافي من هجانا//

ونضربُ حين تختلط الدماء
وقول الآخر:



أبني حنيفة حكموا سفهاءكم//

إني أخاف عليكمُ أن أغضبا
والمعنى: نمنع بالقوافي من هجانا، وامنعوا سفهاءكم، فإذا كان اللفظ مشتقا من المنع والمنع على الله محال؛ لزمك أن تمنع إطلاق حكيم على الله تعالى، فلم يجب الجبائي إلا أنه قال للأشعري: فلم منعت أنت أن يسمى الله عاقلا وأجزت أن يسمى حكيما؟ قال الأشعري: لأن طريقي في مأخذ أسماء الله الإذن الشرعي دون القياس اللغوي، فأطلقت حكيما لأن الشرع أطلقه ومنعت عاقلا لأن الشرع منعه ولو أطلقه الشرع لأطلقته.

وقال ابن حزم: (لا يجوز أن يسمى الله تعالى ولا أن يخبر عنه إلا بما سمى به نفسه أو أخبر به عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أو صح به إجماع جميع أهل الإسلام المتيقن ولا مزيد، وحتى وإن كان المعنى صحيحا فلا يجوز أن يطلق عليه تعالى اللفظ وقد علمنا يقينا أن الله عز وجل بنى السماء، قال تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات:47]، ولا يجوز أن يسمى بناء، وأنه تعالى خلق أصباغ النبات والحيوان، وأنه تعالى قال: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [البقرة:138]، ولا يجوز أن يسمى صباغا وأنه تعالى سقانا الغيث ومياه الأرض ولا يسمى سقاء ولا ساقيا، وهكذا كل شيء لم يسم به نفسه).

وقد ثبت من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك)، وهذا دليل على أن معرفة ما أثنى الله به على نفسه لا بد فيها من طريق سمعي منقول إلينا بالخبر الثابت الصحيح.

أسماء الله الكلية وإحصاء الأسماء الحسنى
لكن هنا مسألة تطرح نفسها وينبغي تحرير جوابها وهي التمييز بين معتقد السلف في حصر أسماء الله الكلية في تسعة وتسعين اسما ومعنى الإحصاء الذي ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه والذي فيه النص والتأكيد على ذكر العدد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)، لأن بعض المتوسعين في إحصاء الأسماء تصور أن أسماء الله الحسنى التي وردت في الكتاب والسنة تزيد عن هذا العدد بكثير مما أدى إلى تضارب المعاني حول فهم حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فما الحكمة إذا من النص على هذا العدد بالذات؟ وهل من أحصى تسعة وتسعين اسما من جملة أسماء الله الواردة في الكتاب والسنة فقد تحقق فيه الوصف بدخول الجنة؟ وإن كان هذا هو المعنى المقصود فما عدد الأسماء الموجود لدينا بالنص الصريح؟ وما ميزة العدد الذي سيحصيه المسلم باختياره هو عن العدد المتبقي؟ وهل قضية إحصاء التسعة والتسعين متروكة لاختيار الشخص أم لحكم الدليل والنص؟ أسئلة كثيرة تتوجه إلى من جعل أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة أكثر من مائة إلا واحدا.

لكن ما نود التنبيه عليه في هذه القضية من خلال اعتقاد السلف المبني على النصوص القرآنية والنبوية أنه لا شك في أن جملة أسماء الله تعالى الكلية تعد من الأمور الغيبية التي استأثر الله بها، وأنها غير محصورة في عدد معين، ولا يفهم من الأحاديث التي وردت في ذكر التسعة والتسعين حصرها جميعها.

أما ما تعرف الله به إلى عباده من أسمائه الحسنى التي وردت في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهي الأسماء المذكورة في العدد النبوي المخصوص عند تمييزها عن الأوصاف، وإخراج ما قيد منها بالإضافة أو انقسام المعنى، وتحري ثبوتها بالنص وتتبعها بالدليل ، وهذه إحدى النتائج التي توصل إليها البحث.

فالشروط التي استخرجتها من القرآن والسنة أو الضوابط التي انتهجتها في إحصاء الأسماء لم تنطبق إلا على تسعة وتسعين اسما من جملة ما ذكره العلماء والذي تجاوز عدده المائتين والثمانين اسما، سواء اجتهدوا في جمعها أخذا من نص مطلق أو مقيد أو الاشتقاق من الصفات والأفعال، وهذا بحمد الله يتفق مع العدد المذكور في الحديث النبوي.

وليس في الأمر تكلف أو تعسف وافتعال؛ أو محاولة من الباحث لجعل العدد محصورا في تسعة وتسعين اسما بصورة أو بأخرى، بل يستطيع كل باحث من العامة أو الخاصة أن يطبق الشروط المذكورة في إحصاء الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة وسيصل إلى ذات النتيجة إن شاء الله، وسيتعرف على العدد الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

كما أن إحصاء الأسماء الحسنى في هذا العدد لا يعارض ما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دعاء الكرب: (أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ)، لأن هذا الحديث يدل على انفراد الله بعلم العدد الكلى لأسمائه الحسنى، فما استأثر به في علم الغيب عنده لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به.

أما حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه في ذكر التسعة والتسعين فالمقصود به الأسماء التي تعرف بها إلى عباده، ولا يدل على حصر أسماء الله الكلية بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لقال: إن أسماء الله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة أو نحو ذلك، فمعنى الحديث أن هذا العدد من جملة أسماء الله التي تعرف بها إلى عباده في الدنيا، ومن شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء الكلية.

وقد جزم ابن حزم بالحصر وقال: (فصح أنه لا يحل لأحد أن يسمي الله تعالى إلا بما سمى به نفسه، وصح أن أسماءه لا تزيد على تسعة وتسعين شيئا لقوله عليه السلام مائة إلا واحدا فنفى الزيادة وأبطلها ، لكن يخبر عنه بما يفعل تعالى، وجاءت أحاديث في إحصاء التسعة والتسعين أسماء مضطربة لا يصح منها شيء أصلا، فإنما تؤخذ من نص القرآن ومما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد بلغ إحصاؤنا منها إلى ما نذكر)، ثم سرد أربعة وثمانين اسما استخرجها من القرآن والسنة.

http://www.asmaullah.com/99name.htm



د. أبو شامة المغربي


kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)

أبو شامة المغربي
26/04/2006, 05:22 PM
هل عدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعون؟

(2)

************

قال ابن القيم: (الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد، فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل، كما في الحديث الصحيح أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام: قسم سمى به نفسه، فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه، فتعرف به إلى عباده، وقسم استأثر به في علم غيبه، فلم يطلع عليه أحد من خلقه، ولهذا قال استأثرت به أي انفردت بعلمه).

وقال النووي: (وأما قوله صلى الله عليه وسلم من أحصاها دخل الجنة فاختلفوا في المراد بإحصائها ، فقال البخاري وغيره من المحققين معناه حفظها، وهذا هو الأظهر لأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى من حفظها، وقيل أحصاها عدها في الدعاء بها، وقيل أطاقها أي أحسن المراعاة لها والمحافظة على ما تقتضيه وصدق بمعانيها، وقيل معناه العمل بها والطاعة بكل اسمها، والإيمان بها لا يقتضي عملا، وقال بعضهم المراد حفظ القرآن وتلاوته كله لأنه مستوف لها، وهو ضعيف والصحيح الأول).

هذا ما ذكره أغلب العلماء فكيف نوفق بين تلك الآراء في معنى الإحصاء وبعد أن ظهرت نتيجة البحث؟

ظهور الأسماء مرتبط بمقتضى الحكمة الإلهية

الإحصاء في اللغة معناه الحفظ والجمع والعد والإحاطة كما قال تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ) [المجادلة:6]، وقال: (وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ) [الجن:28]، قال ابن منظور: (الإِحْصَاءُ العَدُّ والحِفْظ وأَحْصَيْت الشيءَ عَدَدته، وأَحْصَى الشيءَ أَحاط به).

من الواضح اتفاق العلماء على أن أسماء الله الكلية لا تحصى ولا تعد فهو سبحانه الوحيد الذي يعلم عددها، أما تخصيص بعضها بتسعة وتسعين اسما وتأكيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله مائة إلا واحدا، فالعلة في ذلك والله أعلم أن كل مرحلة من مراحل الخلق يظهر فيها الحق سبحانه وتعالى من أسمائه وصفاته ما يناسب الغاية من وجودها ويحقق منتهى الحكمة وإبداع الصنعة ودلائل الكمال والجلال؛ ففي مرحلة الدنيا وما فيها من شهوات وأهواء وتقليب الأمور للإنسان على سبيل الابتلاء، وحكمة الله في تكليفه بالشرائع والأحكام وتمييز الحلال من الحرام، في هذه المرحلة تعرف الله عز وجل إلى عباده بجملة من أسمائه وصفاته تناسب حاجة الإنسان وضرورياته، ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في العدد المقصود فقال: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ).

ولمزيد من البيان يمكن القول: إن الحياة لما كانت دارا للابتلاء والامتحان ومحلا لاختيار الكفر أو الإيمان وكان الناس متفاوتين مختلفين آجالا وأرزاقا، وألوانا وأخلاقا، منهم الغني والفقير والأعمى البصير، منهم القوي والضعيف والظالم والمظلوم والحاكم والمحكوم والمالك والمعدوم، منهم الكاذب، والصادق، والمخلص، والمنافق إلى غير ذلك من أنواع الأخلاق وتنوع الأرزاق واختلاف السلوك وابتلاء ملك الملوك، لما كانت الدنيا كذلك ظهرت حكمة الله في تعريف الخلائق ما يناسبهم من أسمائه وصفاته.

فالمذنب من العباد إن أراد التوبة سيجد الله توابا رحيما وعفوا غفورا، والمظلوم سيجده حقا مبينا حكما عدلا وليا نصيرا، والضعيف المقهور سيجده قويا عزيزا جبارا قديرا، والفقير سيجد الله رزاقا حسيبا برا وكيلا، وهكذا سيجد العباد من الأسماء والصفات ما يناسب حاجتهم وبغيتهم، فالفطرة التي فطر الخلائق عليها اقتضت أن تلجأ النفوس إلى قوة عليا عند ضعفها ، وتطلب غنيا أعلى عند فقرها، وتوابا رحيما عند ذنبها، وسميعا قريبا بصيرا مجيبا عند سؤالها ومن هنا كانت لكل مرحلة من مراحل الخلق التي قدرها الله عز وجل ما يناسبها من أسمائه وصفاته وأفعاله.

ألا ترى أنه في البدء عندما أسكن الله آدم وحواء جنة الابتلاء فأكلا من الشجرة وانكشفت العورة وتطلبت الفطرة فرجا ومخرجا؛ كان الفرج والمخرج في أسماء الله التي تناسب حالهما وما يغفر به ذنبهما، فعلمهما كلمات هي في حقيقتها أسماء لله وصفات، علم آدم أن يدعو الله باسمه التواب الرحيم كما قال: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة:37]، تَعَلمها ودعا الله بها: (قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ ) [لأعراف:23].


وروي عن أنس، وابن عباس، وعبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف أنهم قالوا:(الكلمات التي تلقى آدم من ربه فتاب عليه لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم).
فطالما أن الدنيا خلقت للابتلاء فإن الله عز وجل قد عرفنا بما يناسبنا ويناسبها من الأسماء، وهذه الأسماء لا ينفع الدعاء بها أو ببعضها في مرحلة أخري كمرحلة القيامة والدار الآخرة، فلو دعا المشركون أو الكفار المخلدون ربهم يوم القيامة باسمه العظيم القريب الرفيق المجيب الواسع المنان الرحيم الرحمن المحسن السلام الجواد الفتاح الستير الرءوف الودود اللطيف الكريم الأكرم الغفور الغفار البر الطيب العفو التواب، لو دعا المخلدون في النار ربهم بأي اسم من هذه الأسماء أن يغفر ذنبهم وأن يعفو عنهم وأن يقبل التوبة منهم وأن يرحمهم من العذاب فإن ذلك لا يتحقق ولا يستجاب لمخالفته مقتضى الحكمة وما دون في أم الكتاب، ولذلك قال سبحانه وتعالى عن أهل النار ودعائهم: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ) [غافر:49/51].
وقال أيضا: (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) [المؤمنون:106/110]، ومن ثم فإن كل مرحلة من مراحل الخلق لها ما يناسبها من الحِكَم وإبداء الأسماء.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أنه عند مجيء الحق للفصل بين الخلق يوم القيامة يغضب غضبا شديدا لم يَغضَبْ قبلَه مثله ولن يَغضبَ بعدَهُ مثلَه، فيبلُغُ الناسَ من الغمِّ والكَرَبِ ما لا يُطيقون ولا يَحتمِلون، فيبحثون عن شفيع قريب لكن الأنبياء يتخلفون إلا صاحب المقام المحمود يقول عندها أنا لها، كما ورد عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: (فأنطِلقُ، فآتي تحتَ العرش فأقَعُ ساجداً لربي عزَّ وجل ثمَّ يَفتح اللهُ عليَّ من مَحامِدِه وحُسنِ الثناءِ عليهِ شيئاً لم يَفتحْهُ على أحدٍ قبلي، ثم يُقال: يا محمد ارفَعْ رأسك، سَل تُعطَهْ، واشفعْ تُشَفع)، وتلك المحامد أو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الثناء على ربه- كما ذكر كثير من أهل العلم -أسماء من أسماء الله لم يعلمها أحد من قبل، يتعلمها النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله بها فيستجيب له.

http://www.asmaullah.com/99name2.htm (http://www.asmaullah.com/99name2.htm)







د. أبو شامة المغربي


kalimates@maktoob.com

أبو شامة المغربي
26/04/2006, 05:39 PM
هل عدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعون؟

(3)

************

ومن ثم فإن أسماء الله التي تعرف بها إلى عباده والتي خصها النبي صلى الله عليه وسلم بالعدد المشار إليه في الأحاديث كلها حسنى وكلها عظمى على اعتبار ما يناسبها من أحوال العباد ودعائهم لله بها، وذلك كابتلاء لهم في الاستعانة بالله، والصدق معه والرغبة إليه، والخوف منه، والتوكل عليه، وغير ذلك من معاني العبودية وتحقيق العلة الغائية من خلقهم، ودعوتهم إلي الطاعة وفعل الخيرات، ومقاومة النفس واتباع الشهوات.

والنبي صلى الله عليه وسلم لم يبين التسعة والتسعين اسما على وجه العد والتفصيل ليجتهد الناس في البحث والتحصيل، وفي ذلك حكمة بالغة ومعان ساطعة؛ أن يطلبها الناس ويتحروها في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لترتفع الدرجات وتتفاوت المنازل في الجنات، لأنه يلزم لحفظها إحصاؤها واستيفاؤها أولا؛ وهذا يتطلب اجتهادا وبحثا طويلا، ثم الإحاطة بمعانيها والعمل بمقتضاها ثانيا؛ وهذا يتطلب مجاهدة وجهادا كبيرا، ثم دعاء الله بها وحسن المراعاة لأحكامها وهذا يتطلب علما وفقها وبصيرة وتلك مراتب الإحصاء على ما ترجح من أقوال العلماء.

قال ابن القيم: (مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة وهذا هو قطب السعادة ومدار النجاة والفلاح، المرتبة الأولى إحصاء ألفاظها وعددها، المرتبة الثانية فهم معانيها ومدلولها، المرتبة الثالثة دعاؤه بها كما قال تعالى: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف:180]، وهو مرتبتان إحداهما : دعاء ثناء وعبادة والثاني: دعاء طلب ومسألة، فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وكذلك لا يسأل إلا بها، فلا يقال: يا موجود، أو يا شيء، أو يا ذات اغفر لي وارحمني؛ بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيا لذلك المطلوب؛ فيكون السائل متوسلا إليه بذلك الاسم، ومن تأمل أدعية الرسل ولاسيما خاتمهم وإمامهم وجدها مطابقة لهذا).

رأي ابن القيم في مقتضى الأسماء

وقد ذكر ابن القيم في شأن الموحدين أصحاب الهمم العالية أن العبد إذا كانت همته أعلى ونفسه أشرف أقبل على ربه متدبرا لعهده ففهمه وحفظه وعلم أن لربه شأنا في عهده ليس كشأن غيره، فوجد ربه قد تعرف إليه وعرفه بنفسه ووصفه واسمه وفعله، وعرفه أيضا بأحكامه، فعرف العبد من ذلك العهد ربا قيوما بنفسه مقيما لغيره غنيا عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه، وأنه مستو على عرشه فوق جميع خلقه، يرى ويسمع ويرضي ويغضب ويحب ويبغض ويدبر أمر مملكته وهو فوق عرشه متكلم آمر ناه يرسل رسله إلى أقطار مملكته بكلامه الذي يسمعه من يشاء من خلقه، وأنه قائم بالقسط مجاز بالإحسان والإساءة، وأنه حليم غفور جواد محسن شكور موصوف بكل كمال، منزه عن كل عيب ونقص، وأنه لا مثيل له ولا نظير.

وشهد العبد أيضا حكمته في تدبير مملكته، وكيف يقدر المقادير بمشيئته من غير منازعة لعدله وحكمته، فتظاهر عنده العقل والشرع والفطرة ، اتفقوا وصدق كل منهما صاحبيه، وفهم عن الله سبحانه ما وصف به نفسه في كتابه من حقائق أسمائه وأشرقت أنوارها على قلبه فصارت له كالمعاينة، فرأى حينئذ تعلق الأسماء والصفات بالخلق والأمر وارتباطهما بهما، وسريان آثارهما في العالم الحسي والعالم الروحي، ورأى تصرف الأسماء ومقتضياتها في الخلائق، كيف عمت وخصت، وقربت وأبعدت، وأعطت ومنعت؟ فشاهد العبد بقلبه مواقع عدله وقسطه، وفضله ورحمته، واجتمع له الإيمان بلزوم حجته مع نفوذ أقضيته وكمال قدرته مع كمال عدله وحكمته، ونهاية علوه على جميع خلقه مع إحاطته ومعيته وجلاله وعظمته وكبريائه وبطشه وانتقامه مع رحمته وبره ولطفه وجوده وعفوه وحلمه، ورأى لزوم الحجة مع قهر المقادير التي لا خروج لمخلوق عنها، وكيف اصطحاب الصفات وتوافقها وشهادة بعضها لبعض، وانعطاف الحكمة التي هي نهاية وغاية على المقادير التي هي أول وبداية، ورجوع فروعها إلى أصولها ومبادئها إلى غاياتها، حتى كأنه يشاهد مباديء الحكمة وتأسيس القضايا على وفق الحكمة والعدل والمصلحة والرحمة والإحسان، لا تخرج قضية عن ذلك إلى انقضاء الأكوان وانفصال الأحكام يوم الفصل بين العباد، وظهور عدله وحكمته وصدق رسله وما أخبرت به عنه لجميع الخليقة، إنسها وجنها، مؤمنها وكافرها.

ثم يذكر ابن القيم أنه حينئذ يتبين للخلق من صفات جلاله ونعوت كماله ما لم يكونوا يعرفونه قبل ذلك، حتى إن أعرف خلقه به في الدنيا يثني عليه يومئذ من صفات كماله ونعوت جلاله ما لم يكن يحسنه في الدنيا، وكما يظهر ذلك لخلقه تظهر لهم الأسباب التي بها زاغ الزائغون وضل الضالون وانقطع المنقطعون، فيكون الفرق بين العلم يومئذ بحقائق الأسماء والصفات والعلم بها في الدنيا كالفرق بين العلم بالجنة والنار.

وكذلك يفهم العبد كيف اقتضت أسماؤه وصفاته لوجود النبوة والشرائع وأن لا يترك خلقه سدى؟ وكيف اقتضت ما تضمنته من الأوامر والنواهي؟ وكيف اقتضت وقوع الثواب والعقاب والمعاد؟ وأن ذلك من موجبات أسمائه وصفاته بحيث ينزه عما زعم أعداؤه من إنكار ذلك، ويرى شمول القدرة وإحاطتها بجميع الكائنات حتى لا يشذ عنها مثقال ذرة، ويرى أنه لو كان معه إله آخر لفسد هذا العالم وفسدت السماوات والأرض ومن فيهن، وأنه سبحانه لو جاز عليه النوم أو الموت لتدكدك هذا العالم بأسره ولم يثبت طرفة عين، ويرى ذلك الإسلام والإيمان اللذين تعبد الله بهما جميع عباده كيف انبعاثهما من الصفات المقدسة؟


http://www.asmaullah.com/99name3.htm





د. أبو شامة المغربي


kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)

السندباد البحري
26/04/2006, 06:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
حسب فهمي ان كل صفة كمال ننسبها الى الله عز وجل فهي تكون اسما له وكل صفة نقص ننزها منه فعلا سبيل المثال ان الصانع لم يذكر من الاسماء التسع والتسعين ولكنه اسم من اسماه بل صفة وهذا هو ديدن علماء الكلام