السندباد البرحي
26/04/2006, 06:23 AM
الشعر بين اللغة والاصطلاح
يستعمل لفظ الشعر ويراد به الكلام الموزون المقفى ، ولاشك أن هذا هو المعنى المتسالم على صحته منذ عدة قرون من السنين 0
غير أن الأصل في ذلك هو أن هذا الكلام هو النظم ، حيث يقال : نظمت الشعر ونظمت الخرز أي جمعتها في المسلك ، ويراد به ترتيب الكلام طبقا للوزن والقافية ، والنظام والتنظيم هو التأليف والترتيب 0فان الف بين الكلمات ورتبها فقد نظمها 0 ومن هنا اطلق التاليف على كتابة الكتب وعلى كتابة الشعر ايضا في اللغة الحديثة0
اما الشعر فهو من الشعور وهو الاحساس 0 يقال: شعرت واستشعرت به اذا احسست به 0 وكل كلام يعبر عن الشعور والاحاسيس النفسية او يكون سببا لاثارتها ، فهو شعر 0 سواء كان منظوما او منثورا 0ومن هنا قالوا : الشعر المنثور 0 فانه شعر من زاوية كونه ممثلا للشعور والاحاسيس 0
ومن هنا نعلم اننا لماذا نقول : نظمت الشعر 0 أي اني أخذت الكلام المعبر عن الاحاسيس والشعور فعلته منظوما يعني موزونا ومقفى0
فأصبح الكلام متصفا بكلا الناحتين اعني الوزن والاحاسيس معا 0
ومن هنا يمكننا ان نلتفت ان بين مفهوم النظم ومفهوم الشعر نسبة العموم من وجه 0 من حيث ان المورد يمكن تقسيمه الى اربعة اقسام :
القسم الاول: ما يكون منظوما يعني موزونا ومقفى ، مع كونه معبرا عن الاحاسيس والشعور النفسي 0 فهو الشعر المنظم 0 ومن مثاله لاعذب الله امي انها شربت حب الوصي وارضعته لي في اللبن
وكان لي والدا يهوى ابا حسن فصرت من ذي وذا اهوى ابا حسن
القسم الثاني : ما يكون منظوما بالوزن والقافية ، الا انه لا يعبر عن الاحاسيس بل عن بعض الجهات العلمية ونحوها كالتاريخ او النحو او غيرهما 0 وهو النظم وليس هو شعر لفدانه جانب الشعور 0 وان سميناه شعرا 0 الا ان هذا الاستعمال مجازا في الاصل 0 وان اصبح حقيقة بعد ذلك 0 ومن مثاله قول ابن مالك
كلامنا لفظ مفيد كاستقم اسم وفعل ثم حرف الكلم
القسم الثالث: ما كان معبرا عن الاحاسيس من دون نظم وقافية 0 وهو الشعر المنثور او النص الادبي ونحوه 0 وهو ليس في مصطلح الناس بشعر الا انه في اللغة الاصلية كذلك 0 ومن مثاله ان قلب الحبيب ينبض في صدري سبحان الله كأنه قلبي لا قلب حبيبي 0
القسم الرابع : ما كان فاقدا لكلا الجهتين يعني الاحساس والوزن 0 وهو كل كلام اعتيادي بليغا كان ام اعتياديا 0 ومثاله هذه الكلمات التي تقرأها 0
ومن هنا نعرف ان الاستعمال الاعمق للشعر يتبع الشعور سواء كان منظوما ام لا 0 والاستعمال الاعمق للنظم يتبع الوزن والقافية سواء كان فيه شعورا ام لا 0 الا ان الاستعمال الغالب للشعر هو في النظم عموما 0 وان كان لا يخلو من تسامح على كل حال 0
قال ابن منظور: والشعر منظوم القول 0 غلب عليه لشرفه بالوزن والقافيه 0 وان كان كل علم شعراً 0 من حيث غلب الفقه على علم الشرع والعود على المندل 0 والنجم على الثريا 0 ومثل ذلك كثير 0 وربما سموا البيت الواحد شعرا 0 حكاه الاخفش 0 قال ابن سيدة : وهذا ليس بقوي الا ان يكون على تسميته الجزء باسم الكل كقولك الماء جزء من الهواء للظائفة من الهواء والارض للقطعة من الارض 0
وقال الازهري : الشعر القريض المحدد بعلامات لا يجاوزها والجمع اشعار ، وقائله شاعر ، لانه يشعر ما لا يشعر غيره ، أي يعلم 0 ورجل شاعر والجمع شعراء0
وقال ايضا : والقريض الشعر، و هو الاسم كالقصيد 0 والتقريض صناعته 0 وقيل : في قول عبيد بن الابرص : حال الجريض دون القريض 0 الجريض الغصص والقريض الشعر 0 وهذا المثل لعبيد بن الابرص قاله للمنذ حين اراد قتله فقال له : انشدني من قولك 0 فقال له عند ذلك : حال الجريص دون القريض 0
ولم يبين ابن منظور سبب تسميته بالقريض فكأنه من المشترك اللفظي من حيث وضع المادة للقطع تارة ، ومنه المقراض وهو القمقص 0 وللدين تارة اخرى ومنه قوله تعالى ))ان تقرضوا الله قرضا حسنا ))0 وللتجارة اخرى وهوالقراض 0 وللشعر رابعا 0 وهو القرض 0
غير ان المظنون ان جميعها بنحو الاشتراك المعنوي ، واصلها من القرض بمهنى القطع 0 فان اقتطعت من اموالك شيئا واعطيته لغيرك ليعمل به فهو القراض وهو الدين 0 وان اقتطعت من كلامك قطعة فجعلتها موزونة مقفاة فهو القريض وهوالشعر 0 كما انه لو اقتطع الفار قطعة من الثوب او من الطعام فأكلها فقد قرضها 0 وهكذا 0
والشعر ايضا اصطلاحا في علم المنطق باعتباره احدى الصناعات الخمس هناك 0 وهي: صناعة البرهان وصناعة الخطابة وصناعة المغالطة وصناعة الجدل وصناعة الشعر ، وهي ليست شعرا بالمعنى المفهوم 0 وانما سميت بذلك لكونه مكونا من مقدمات وقضايا مثيرة للعاطفة والشعور0 كالحزن او الفرح او الغضب او الرضا او غيرهما 0 قف يا قلمي فقد اسرفت بالحديث0
والحد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين0
يستعمل لفظ الشعر ويراد به الكلام الموزون المقفى ، ولاشك أن هذا هو المعنى المتسالم على صحته منذ عدة قرون من السنين 0
غير أن الأصل في ذلك هو أن هذا الكلام هو النظم ، حيث يقال : نظمت الشعر ونظمت الخرز أي جمعتها في المسلك ، ويراد به ترتيب الكلام طبقا للوزن والقافية ، والنظام والتنظيم هو التأليف والترتيب 0فان الف بين الكلمات ورتبها فقد نظمها 0 ومن هنا اطلق التاليف على كتابة الكتب وعلى كتابة الشعر ايضا في اللغة الحديثة0
اما الشعر فهو من الشعور وهو الاحساس 0 يقال: شعرت واستشعرت به اذا احسست به 0 وكل كلام يعبر عن الشعور والاحاسيس النفسية او يكون سببا لاثارتها ، فهو شعر 0 سواء كان منظوما او منثورا 0ومن هنا قالوا : الشعر المنثور 0 فانه شعر من زاوية كونه ممثلا للشعور والاحاسيس 0
ومن هنا نعلم اننا لماذا نقول : نظمت الشعر 0 أي اني أخذت الكلام المعبر عن الاحاسيس والشعور فعلته منظوما يعني موزونا ومقفى0
فأصبح الكلام متصفا بكلا الناحتين اعني الوزن والاحاسيس معا 0
ومن هنا يمكننا ان نلتفت ان بين مفهوم النظم ومفهوم الشعر نسبة العموم من وجه 0 من حيث ان المورد يمكن تقسيمه الى اربعة اقسام :
القسم الاول: ما يكون منظوما يعني موزونا ومقفى ، مع كونه معبرا عن الاحاسيس والشعور النفسي 0 فهو الشعر المنظم 0 ومن مثاله لاعذب الله امي انها شربت حب الوصي وارضعته لي في اللبن
وكان لي والدا يهوى ابا حسن فصرت من ذي وذا اهوى ابا حسن
القسم الثاني : ما يكون منظوما بالوزن والقافية ، الا انه لا يعبر عن الاحاسيس بل عن بعض الجهات العلمية ونحوها كالتاريخ او النحو او غيرهما 0 وهو النظم وليس هو شعر لفدانه جانب الشعور 0 وان سميناه شعرا 0 الا ان هذا الاستعمال مجازا في الاصل 0 وان اصبح حقيقة بعد ذلك 0 ومن مثاله قول ابن مالك
كلامنا لفظ مفيد كاستقم اسم وفعل ثم حرف الكلم
القسم الثالث: ما كان معبرا عن الاحاسيس من دون نظم وقافية 0 وهو الشعر المنثور او النص الادبي ونحوه 0 وهو ليس في مصطلح الناس بشعر الا انه في اللغة الاصلية كذلك 0 ومن مثاله ان قلب الحبيب ينبض في صدري سبحان الله كأنه قلبي لا قلب حبيبي 0
القسم الرابع : ما كان فاقدا لكلا الجهتين يعني الاحساس والوزن 0 وهو كل كلام اعتيادي بليغا كان ام اعتياديا 0 ومثاله هذه الكلمات التي تقرأها 0
ومن هنا نعرف ان الاستعمال الاعمق للشعر يتبع الشعور سواء كان منظوما ام لا 0 والاستعمال الاعمق للنظم يتبع الوزن والقافية سواء كان فيه شعورا ام لا 0 الا ان الاستعمال الغالب للشعر هو في النظم عموما 0 وان كان لا يخلو من تسامح على كل حال 0
قال ابن منظور: والشعر منظوم القول 0 غلب عليه لشرفه بالوزن والقافيه 0 وان كان كل علم شعراً 0 من حيث غلب الفقه على علم الشرع والعود على المندل 0 والنجم على الثريا 0 ومثل ذلك كثير 0 وربما سموا البيت الواحد شعرا 0 حكاه الاخفش 0 قال ابن سيدة : وهذا ليس بقوي الا ان يكون على تسميته الجزء باسم الكل كقولك الماء جزء من الهواء للظائفة من الهواء والارض للقطعة من الارض 0
وقال الازهري : الشعر القريض المحدد بعلامات لا يجاوزها والجمع اشعار ، وقائله شاعر ، لانه يشعر ما لا يشعر غيره ، أي يعلم 0 ورجل شاعر والجمع شعراء0
وقال ايضا : والقريض الشعر، و هو الاسم كالقصيد 0 والتقريض صناعته 0 وقيل : في قول عبيد بن الابرص : حال الجريض دون القريض 0 الجريض الغصص والقريض الشعر 0 وهذا المثل لعبيد بن الابرص قاله للمنذ حين اراد قتله فقال له : انشدني من قولك 0 فقال له عند ذلك : حال الجريص دون القريض 0
ولم يبين ابن منظور سبب تسميته بالقريض فكأنه من المشترك اللفظي من حيث وضع المادة للقطع تارة ، ومنه المقراض وهو القمقص 0 وللدين تارة اخرى ومنه قوله تعالى ))ان تقرضوا الله قرضا حسنا ))0 وللتجارة اخرى وهوالقراض 0 وللشعر رابعا 0 وهو القرض 0
غير ان المظنون ان جميعها بنحو الاشتراك المعنوي ، واصلها من القرض بمهنى القطع 0 فان اقتطعت من اموالك شيئا واعطيته لغيرك ليعمل به فهو القراض وهو الدين 0 وان اقتطعت من كلامك قطعة فجعلتها موزونة مقفاة فهو القريض وهوالشعر 0 كما انه لو اقتطع الفار قطعة من الثوب او من الطعام فأكلها فقد قرضها 0 وهكذا 0
والشعر ايضا اصطلاحا في علم المنطق باعتباره احدى الصناعات الخمس هناك 0 وهي: صناعة البرهان وصناعة الخطابة وصناعة المغالطة وصناعة الجدل وصناعة الشعر ، وهي ليست شعرا بالمعنى المفهوم 0 وانما سميت بذلك لكونه مكونا من مقدمات وقضايا مثيرة للعاطفة والشعور0 كالحزن او الفرح او الغضب او الرضا او غيرهما 0 قف يا قلمي فقد اسرفت بالحديث0
والحد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين0