رمضان كريم

[طارق شفيق حقي]

باعتبار أن رمضان قد هل وبهذه المناسبة يحضرني الخطاب :
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على حبيبنا طب القلوب محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الغر الميامين.
قبل ثلاثين عاما كنت أحمل قالبين من ( بوظ ) لجارنا الذي لم يكن يملك برادا بعد حارتين جميلتين.
كان رمضان يمر وقتها في مثل هذه اﻷشهر الحارة ، كانت عائلتي تعد طاولة اﻹفطار في ( الحوش ) وكانوا يعدون التمر هندي وعصير البرتقال والعيران
لا زلت أتذكر جارتنا أم جوزيف وهي تصرخ من خلف الجدار المنخفض :'' يا دلي ما تنسوا التمر هندي''
كنا نرسل لجارتنا العزيزة وكان اسمها في الحي جارتنا
كنا نرسل لها إبريقا من عصير التمر هندي يتخبطه قطع الثلج.
في ذلك الزمان كنت أحس أن العالم كله بلدتي الصغيرة.
ما كنت أعرف كروية اﻷرض
وما كنت أعرف الانترنت
ما كنت أعرف أشياء كثيرة جدا كالتي تتزاحم في عقلي اﻷن
لكني على استعداد أن أتخلى عن معظم هذه المعارف ﻷحظى بدفق المشاعر النورانية التي كانت تغمرني قبيل اﻹفطار في رمضان.
كل منزل كان يضم بين جوانحه شجرة توت كبيرة ، حين تستيقظ في الصباح الباكر تسارع لتلتقط حبات التوت اللذيذة.
على مائدة رمضان ما كنت تعرف ماذا تأكل ، فكل جار في الحي ارسل لك صحنا ما.
ما إن ينال التعب والجوع من الصائمين حتى ترأف الشمس بهم فتقترب من المغيب ، لحظتها أي سحر يضم الكون ، سحابات برتقالية تغطي السماء ، لحظتها تحط كل عصافير الكون على شجر التوت وتثرثر ثرثرة قبل النوم.
تقول لي أمي خذ هذا الصحن لذلك المنزل .
أدق ذلك الباب الخشبي اﻷزرق فيخرج لي رجل كبير في السن راحل من حلب ، أنتظره ليعطيني صحن البارحة ، وأعود وأنا أرى الصحون تنتقل من منزل لمنزل .
رمضان شهر ليس بشهر
رمضان طيف أكثر من نور وأجمل من السعادة.
اﻷصدقاء واﻷخوة اﻷعزاء من سوريا والعراق واليمن ومصر ولبنان وتونس واليمن والجزائر وماليزيا والهند والمغترب والباقي الذي نسيته ......
كل عام أنتم سعداء
أتمنى لكم شهرا سعيدا حفيا بالطاعة
رمضان كريم
طارق شفيق حقي
6/6/2016